متروبوليت حلب والاسكندرونة وتوابعهما الياس يوسف

متروبوليت حلب والاسكندرونة وتوابعهما المطران الياس يوسف

متروبوليت حلب والاسكندرونة وتوابعهما المطران الياس يوسف

متروبوليت حلب والاسكندرونة وتوابعهما المطران الياس يوسف

“رؤساء كهنتك يارب يلبسون البر وأبرارك يبتهجون”

توطئة

الكلمات تقف عاجزة عن التعبير عن الاحترام والتقدير الذي نشعر بأنه من واجبنا أن نقدمها لكل اكليريكي جليل خدم بيعة الله المقدسة ومنهم علمنا المتروبوليت الياس يوسف وهو الإكليريكي الجليل الذي قضى الجزء الأكبر والأهم من عمره في خدمة حقل الرب وكنيسته عامة والكرسي الانطاكي المقدس خاصة، وأبرشيته حلب بالأخص، بكل ما أعطاه سيد الكنيسة من مواهب روحية، فكان موجهاً ومرشداً،محباً عطوفاً، شاهداً بثبات لإيمانه وأرثوذكسيته، متعاطفاً مع قضايا الوطن، داعياً وعاملاً على توطين الوحدة الوطنية بين أبناء الوطن العزيز.

تأتي دراستي هذه عن هذا الحبر الانطاكي الكبير من باب الوفاء المتوجب عليَّ كباحث في تاريخ الكرسي الانطاكي وأعلامه… فعلمنا الشهير المطران الياس يوسف أثر في نفسي منذ أول مرة سمعت فيها ترتيله البديع في ذلك القداس الالهي الحافل في مريمية الشام في تنصيب غبطة مثلث الرحمات البطريرك أغناطيوس الرابع

متروبوليت حلب والاسكندرونة وتوابعهما الياس يوسف
متروبوليت حلب والاسكندرونة وتوابعهما الياس يوسف

صيف 1979 وكنت من بين آلاف غصت بهم جنبات المريمية مصلى وساحات وحرم الدار البطريركية الداخلي.

أتذكره وهو يرتل كالشحرور طروبارية القيامة باللحن الثالث:” لتفرح السماويات ولتبتهج الارضيات…” في الدورة الصغرى في القداس الالهي الاحتفالي لقد اطرب جميع المؤمنين وربما أنا كنت أولهم… وكنت أشرأب لأرى وجه المرتل…

في ذلك القداس الالهي البديع كان المرحومان علمنا والمتروبوليت الياس قربان يتناوبان الترتيل البديع، وكلاهما من شحارير الكرسي الانطاكي بالإضافة الى غبطة الموسيقار… والجوقة التي كانت تضم أعلام الموسيقى الرومية البلمنديين الآباء دامسكينوس منصور(مطران البرازيل) وجوزيف الزحلاوي (مطران اميركا الشمالية) والياس كفوري (مطران صور وصيدا) وجوقة البلمند…وشباب جوقة المريمية من حركة الشبيبة الأرثوذكسية الدمشقية. كان ذاك القداس دوحة موسيقية رومية رائعة… لاتزال ببالي…ومطبوعة في ذاكرتي بالصوت والصورة…

رافق غبطة ابينا البطريرك اغناطيوس الرابع في زيارته التاريخية الى انطاكية ولواء الاسكندرون وكيليكيا عام 1992 هذه الزيارة البطريركية التي اتت بعد 92 سنة على آخر زيارة بطريركية قام بها البطريرك ملاتيوس الدمشقي عام 1900 وكنا بمعية غبطته في الوفد البطريركي للاعلام وكتبنا كتابنا عن هذه الزيارة التاريخية عشنا مع علمنا خلال اكثر من عشرة ايام متنقلين في ارجاء هذه المنطقة التي كانت برعاية سيادته، عشنا معه لطفه وايناسه ومحبة الناس هناك له من كل الفئات والأعمار…وكان لنا نحن في الوفد الانطاكي البطريركي أباً حنوناً…

الحق يقال انني خرجت بعدها بانطباع عن علمنا أنه قامة أنطاكية متميزة لطفاً وإيناساً ومحبة ورعاية وقيادة روحية وطنية…

في مقالنا هنا نعود للايمان والرجاء الذي فينا، بأننا راحلون، ولكن من رحل قبلنا يشتركون معنا في صلواتنا وتضرعاتنا، وبأننا مع من سبقنا نشكل معاً جسد الكنيسة الواحد، وصلوات من سبقنا من هؤلاء الأبرار الذين نجهد لتوثيق ذكراهم، وماقدموه لأجل أنطاكية العظمى لتساعدنا في ماتبقى لنا من مسيرتنا الأرضية.

نبذة في السيرة الذاتية

هو الإبن الأكبر لوالديه ميخائيل وجميلة من مواليد بلدة السودا – محافظة طرطوس- عام 1931.

تلقى علومه الابتدائية في مدرسة بلدته، وأرسله مثلث الرحمات مطران اللاذقية تريفن نهرا الى مدرسة البلمند الاكليريكية، كما كل كل اقرانه، ثم تابع دراسته الثانوية في اللاذقية وكانت دراسته اللاهوتية في جامعة تسالونيك/ اليونان، حيث حصل على إجازة في اللاهوتن وإجازة في التربية من مركز التربية الدينية في أثينا.

حياته الاكليريكية

رُسم شماساً إنجيلياً في اللاذقية بتاريخ 16/10/1949 وكاهناً في 29/6/1950 بوضع يد المطران تريفن غريب، ورفَّعه الى رتبة إرشمندريت عام 1958.

نشط علمنا في حقل التعليم الروحي والإرشاد مع حركة الشبيبة الأرثوذكسية في اللاذقية والقرى التابعة لها، وعُرف بصوته الرخيم في ترتيله وتلاوته الانجيل المقدس في الكنيسة فسلب لب المؤمنين السامعين.

في عام 1971 استدعاه مثلث الرحمات البطريرك الياس الرابع من اليونان ليخدم في دار البطريركية بدمشق، وفي 18 أيار 1971 انتخبه المجمع الأنطاكي المقدس بالاجماع مطراناً على أبرشية حلب والاسكندرون وتوابعهما.

تمت رسامته بيد البطريرك الياس الرابع وحضور عدد من آباء المجمع الانطاكي المقدس في مريمية الشام يوم الاحد 20 ايار 1971 بقداس الهي حاشد وبحضور جمهور كبير من ابناء حركة الشبيبة الارثوذكسية في كل ابرشيات الوطن والمشرق وخاصة أبرشيات دمشق وحلب واللاذقية …

في 25 ايار 1971 استقبلته أبرشية حلب باحتفال رسمي وشعبي مهيب وقد اصطحبه اليها عدد من مطارنة الكرسي الأنطاكي المقدس، وشارك في استقباله رؤساء الكنائس في حلب ورجال الدين الاسلامي فهو خير خلف لخيرسلف على ابرشية حلب خاصة ومحافظة حلب عموماً وهو المطران (البطريرك) الياس معوض.,.

في كاتدرائية السيدة في الاستقبال وصلاة الشكر عند دخوله الابرشية قال في كلمته: “إن اتحادنا واجتماعنا الآن هو تعبير عن اعتمادنا على الله في أن نسير يداً واحدة من أجل العدل والخير والحق. لله الشكر ومنه استمدّ العون والقوّة لأستطيع أن أتابع الطريق التي رسمها قبلي صاحب الغبطة البطريرك الياس الرابع الجزيل الغبطة والاحترام. وإن كان لي أن أردّ على هذه التظاهرة والحفاوة البالغة التي أتمنى أن أكون في المستقبل أهلاً لها بما سأبذله من تفانٍ وعزم مملوء بالصبر لتحقيق وحدة وطنيّة شاملة، وحدة أخويّة تامّة فيما بين الطوائف كلّها… لن أوفّر لحظة من لحظات حياتي وإلاّ أضعها في خدمة بلدي وأبناء شعبي من مختلف الطوائف والمذاهب.”

وفاته

اصيب بمرض عضال وتفاقم مرضه بشكل خطير وغادر حلب للعلاج إلى أن استدعاه الله الى اخداره العلوية في 6 آب 2000 ونقل جثمانه إلى حلب في 7 آب 2000وصُلّي عليه ووري الثرى في كاتدرائية النبي الياس التي تعب وجاهد لبنائها ولم ينعم بتدشينها. ويوم الخميس 21 أيلول2000 أقيم له حفل تأبين وترأس غبطة البطريرك أغناطيوس جنّاز الأربعين   في كنيسة النبي الياس صباح الجمعة 22 أيلول2000.

أعماله وخدماته

الكنائس والاوقاف

دامت حبريته زهاء ثلاثة عقود زاهية، ولكنه ومنذ تسلمه رعاية الأبرشية جاهد المطران الياس الجهاد الحسن اللائق بخادم الرب والكلمة، وكانت من أولويات أعماله الاهتمام بجمال بيت الرب فرمم “كاتدرائية السيدة” التاريخية، وكذلك “دار المطرانية” الأثرية، وبنى منازل للكهنة ومنازل للآجار. وبنى النفوس وسعى بجدٍ لبناء كنائس جديدة باستنهاض جهود أبناء الأبرشية المؤمنين، وكانت دُرَّةْ هذا المجهود “كنيسة النبي الياس” الجديدة التي بذل لها الجهد الكبير في تأمين أيقونسطاس خشبي محفور حفراً بديعاً من اليونان، والذي وصل إلى حلب يوم وصول جثمانه إليها.

كاتدرائية النبي الياس في حلب
كاتدرائية النبي الياس في حلب

كما سعى للحصول على قطعة أرض في مدينة الثورة (الطبقة) أقام عليها بجهوده وبتعاون المؤمنين من أبناء المدينة، كنيسة جميلة، هي “كنيسة القديسين سرجيوس وباخوس” مع دار لسكن كاهن الرعية.

وبالتعاون مع أبناء الرعية المؤمنين تم شراء دار في منطقة السريان القديمة، حُوِلَتْ إلى كنيسة على إسم “القديسين بطرس وبولس”، وفي منطقة الحمدانية بحلب ساهم مع كنيسة الروم الكاثوليك الشقيقة لإقامة “كنيسة القديس يوسف” في حي الحمدانية وبدىء البناء فيها وكانت إلى حين رقاده قد شارفت أعمال تجهيزها على الانتهاء. بنى الكنائس لا سيما كنيسة سرجيوس وباخوس في مدينة الثورة وكنيسة النبي الياس الكبرى في حيّ الفيلات.

سعى لتنمية الأوقاف وتوسع في استثمارها، وأعاد بناء بعضها، خص منها منازل لكهنة الابرشية، وبرعايته تم بناء العقارين في منطقة الفيلات، وتم تأجيرها مما زاد في دخل أوقاف الأبرشية، كما تم بناء مبنى مدرسة النبي الياس الحالي المصمم كمدرسة بدل مدرسة الاقمار الثلاثة القديمة، وقد اكملت هذه المدرسة في عهد سلفه المطران بولس يازجي المأسور والمختطف بأيدي التنظيمات الارهابية منذ حوالي خمس سنوات وقام رئيس اساقفة اليونان بتدشينها عام 2010 مع المطران بولس.

واستخدمت مدرسة النبي الياس لاستيعاب كافة الأنشطة الرعائية للأبرشية.

كما بارك مساعي مدارس الأحد الأرثوذكسية بحلب لشراء قطعة أرض بمساحة 15000م2 في قرية الجدّيّدة في منطقة جسر الشغور، ودعم جهودها في إقامة مركز للأنشطة الرعائية لأبناء الأبرشية وأطفالها دعي ” دير النبي يوحنا المعمدان”.

الرعاية والادارة

منذ صدور النظام الاساسي لمجالس الرعايا في الكرسي الانطاكي عام 1973، سعى المطران الياس إلى تطبيقه على أبرشيته بالتعاون مع الآباء الكهنة، ومؤمني الأبرشية فتم تقسيم المدينة إلى خمس رعايا بالاضافة إلى رعية كنيسة ادلب، وشكلت لها “مجالس رعايا” وفق “النظام الأساسي” وعقد مؤتمر الأبرشية الأول عام 1975 وكان أول مؤتمر أبرشي يتم في كل الكرسي الأنطاكي.

كاتدرائية النبي الياس في حلب من الداخل
كاتدرائية النبي الياس في حلب من الداخل

بحث المؤتمر في مختلف المجالات المالية والثقافية والاجتماعية والتنظيمية، ووضع خطط لها، وانبثق عن هذا المؤتمر أول مجلس أبرشية منتخب بحسب النظام، وأُعيد بعد ذلك تشكيل عدد من مجالس الأبرشية، وعقد مؤتمر الأبرشية الثاني عام 1993 انتخبَ مجلسَ أبرشية جديدة.

رعى علمنا الدعوات الكهنوتية في الأبرشية وشجعها، وأوفد عدداً من الشباب لدراسة اللاهوت في معهد القديس يوحنا الدمشقي اللاهوتي في البلمند، وفي معاهد اللاهوت في اليونان، ورسم عدداً من الشباب اكليريكيين في حلب وادلب والاسكندرون خدموا البرشية بكل إخلاص وتفانٍ.

حركة الشبيبة الارثوذكسية

اهتم بالشبيبة عموماً، ولا سيما ب”حركة الشبيبة الأرثوذكسيّة” التي رعاها وسعى إلى زيادة عدد الكهنة العاملين في الأبرشيّة والارتقاء بمستواهم الروحي والثقافي.

وقام بدعمها بكل طاقته حيث هي الامل بتعليمها الارثوذكسي لكل الفئات العمرية وإرشادها للأجيال الناشئة بقناعته وقناعة الجميع بأن الشبيبة هي ربيع الكنيسة الارثوذكسية خاصة والانطاكية خاصة، وان للحركة الدور الرئيس في ذلك، لذا كان لتشجيعه ودعمه ابلغ الأثر في توسيع عملها الثقافي والروحي والاجتماعي حيث منها خرج العديد من الكهنة ولازالت تؤهل غيرهم لصالح الابرشية.

وجدير ذكر ان فرع حلب لحركة الشبيبة الارثوذكسية له حضور بيّن وكان يتصدى لاخراج وطباعة التقويم الكنسي الارثوذكسي في سورية أبرشياتها.

وبالرغم من ان الحضور الارثوذكسي عددياً ككنيسة بين الطوائف المسيحية في حلب هو اقل من غيره، لكن بهدي مطرانها السابق المطران الياس(البطريرك) معوض، وبهديه، وبهدي مطرانها اللاحق المطران المخطوف بولس صارت أبرشية حلب الارثوذكسية، الأقوى حضوراً ورعائياً ومدارسياً ويشار اليها بالبنان بالرغم من قلة العدد وخاصة مع ايجاد كنيسة النبي الياس الجميلة كمجمع روحي، وتأسيس مدرسة النبي الياس… اضافة الى دير راهبات البشارة…

مطران حلب السابق الياس معوض
مطران حلب السابق الياس معوض
واصبحت محترمة الحضور، إضافة الى إتجاه كل اوضاع الابرشية لجهة التنظيم المؤسساتي، فتميزت على صعيد أبرشيات الكرسي الانطاكي يدعمها هو بثقله وحضوره رحمه الله، وكان أميناً لتركة سلفه، كما كان خلفه المطران بولس اميناً له…

تشجيع الترتيل

شجع الترتيل الرومي وهو عشقه بالأساس، ويطرب للترتيل النقي والصوت الجميل، لذا ازدهرت جوقات الترتيل في الكنائس في عهده، وتأسست جوقة ترتيل للأطفال في مدارس الأحد الأرثوذكسية اسمها”جوقة القديس نكتاريوس” وقد دعمها معنوياً ومادياً فنمت وتطورت وصارت تنافس الغير من مثيلاتها.

كشاف النبي الياس

قام بتأسيس كشاف النبي الياس بعد توقف الحركة الكشفية السورية لأكثر من عقد ونصف، ودعمه مادياً معنوياً، وشجع الانتماء اليه، فكان لهذا الكشاف الوليد الحضور الواسع بنشاطه الذي تجلى مناسبات عدة وطنية كان السباق لرعايتها اضافة الى المناسبات الروحية في الاعياد الارثوذكسية، وصار لهذا الكشاف فرقة موسقية مراسمية ضاربة تثبت وجودها في تلك المناسبات وتضفي جو البهجة والحبور…

في مجال الاعلام

اوجد نشرة للمطرانية باسم “الرسالة الى الرعية” هي المنبر الذي تطل منه المطرانية على أبنائها ناقلة اليهم كلمة الرب مشروحة وموضحة مع تذكير بالأنشطة المختلفة للأبرشية.

البطريرك اغناطيوس الرابع يزور انطاكية والاسكندلاونة وكيليكيا 1991يرافقه المطران الياس يوسف استقبال غبطته في كنيسة الصورية
البطريرك اغناطيوس الرابع يزور انطاكية والاسكندلاونة وكيليكيا 1991يرافقه المطران الياس يوسف استقبال غبطته في كنيسة الصورية

العمل الاجتماعي

في مجال المساعدة الاجتماعية دعم المثلث الرحمات نشاطات “جمعية نور الاحسان الخيرية” وساعدها على إيجاد مستوصفها الذي يقدم الخدمات الطبية للمحتاجين من أبناء المدينة بغض النظر عن الدين والمذهب.

العلاقات مع الكنائس الشقيقة

سعى علمنا بإنفتاح جميل مشهود له مع إخوته رؤساء الكنائس في حلب لايجاد مجلس يجمعهم لتيسير الأمور بينهم، ويعمقون من خلاله ترابطهم وتعاونهمن وكان لحضوره ومشاركته الأثر الهام في تأمين جو المحبة والألفة بين مختلف الكنائس في المدينة.

ومدّ الجسور بين سائر الطوائف. فكان لـه دور مميّز في تنشيط الحركة المسكونيّة في حلب وشجّع مشاركة الكهنة من مختلف الطوائف في الاحتفالات الدينيّة. وترك موقفه أثناء الاحتفال بيوبيل مطران الروم الكاثوليك العلامة ناوفيطوس ادلبي أثراً عميقاً إذ خلع أيقونته الأسقفيّة وألبسه إياها بعد أن قبّله وقال: ” لا أدري ما أقول لأفصح عما يجيش في قلبي من مشاعر وإحساسات إنما عيوني تنمّ عنها… لهذا فليسمح لي أخي أن أقدم لـه هدية تحمل كلّ المعاني: معاني الحب، معاني الوفاء معاني التقدير! راجياً أن تكون صلة وصل دائماً بيننا، ليذكرني كلما تقلّدها على صدره في صلواته، أنا وأخوتي الكهنة وأبنائي، ولتكن رمزاً لمزيد من التعاون الأخوي، وتحقيق خطوات أوسع في سبيل وحدة الكنيسة جمعاء، والرغبة الصادقة في التقارب والتعاون والتآخي.”وتابع

مع قائمقام السويدية ورئيس بلديتها في زيارة غبطته الى انطاكية و... كتابنا
مع قائمقام السويدية ورئيس بلديتها في زيارة غبطته الى انطاكية و… كتابنا

تعاونه مع خلف المطران ادلبي المطران يوحنا جنبرت لا سيما في مجال البناء المشترك لكنيسة الحمدانيّة.

وعلى هذا الاساس الاخوي بين الطوائف الذي رعاه، تم وضع دليل لكنائس الطوائف المسيحية ومؤسساتها الخدمية والاجتماعية والاستشفائية في كراس واحد للجميع.

المجال الوطني

كان علمنا رجل حوار وقائد انفتاحي على جميع مكونات الشعب، تمتيناً للوحدة الوطنية أقام علاقات واسعة مع ابناء المدينة وفعالياتها المختلفة وبلأخص مع رجال الدين الاسلامي وفي مقدمهم مفتي حلب، وكان له من بينهم العديد من الأصدقاء، وكانت له المواقف الوطنية الواضحة والداعية لتمتين الوحدة الوطني بين أفراد الشعب، والوقوف الصامد مع قضايا الشعب الوطنية المحقة المؤيدة للقيادة الوطنية الحكيمة وذلك استمراراً لخط سلفه بطريرك العرب، وتابع خلفه المغيب الخط ذاته.

وكانت مداخلته الرائعة في “مهرجان الشهباء للاحتفال بالألفيّة الثالثة” في مطلع شباط 2000 حيث ركّز على الحياة الوطنيّة المشتركة كلمة وداع.

كان لمشاركة علمنا في ندوة”الإخاء الديني” التي أُقيمت في جامعة حلب في بداية عام 2000 الأثر الواضح، وهو خط انتهج في بطريركية انطاكية وسائر المشرق بعد تنامي ماسمي “صراع الأديان” و”صراع الحضارات”، فكان الموقف الأرثوذكسي هو البديل عبر حوار إخاء ديني حضاري مع الشريك في الوطن ” الاسلام بمكوناته المذهبية” ورعاه مثلث الرحمات البطريرك اغناطيوس الرابع في ندوات حوارية بهذا الشأن وآخرها رئاسته ل”ندوة نحيا معاً في وطن واحد” لمدة ثلاثة ايام في دمشق قاعة كنيسة الصليب المقدس عام 2003 بمشاركة فريق الحوار الاسلامي-المسيحي العربي.

مثلث الرحمات البطريرك اغناطيوس الرابع
مثلث الرحمات البطريرك اغناطيوس الرابع

تكريمه في حلب

أقيم قداس وجناز حافل في الاربعين من انتقاله الى الأخدار السماوية، برئاسة غبطة ابينا البطريرك المعلم الانطاكي، بطريرك العرب اغناطيوس الرابع حيث ابنه بكلمة رائعة جداً نقتطف بعضاً من روائعها

” باسم الآب والابن والروح القدس، الاله الواحد آمين.

أيها الأحباء، يجدر بنا اولاً أن نشكر الله على اننا التقينا في مناسبة صلاة لرجل صلاة للمطران الياس رحمه الله، أشكر الله وأشكر الإخوة الحاضرين ههنا الذين يشاركوننا الخدمة الالهية، وأشكر كل من شاء أن يجلس معنا لكي يرفع قلبه معنا، لكي يرفع قلبه معنا إلى الله تعالى لكي ينعم برحمته غفرانه لرئيس الكهنة المطران الياس الذي تركنا منذ أربعين يوماً.

كلما ذكرنا الذين عمروا هذه الكنيسة (يقصد كنيسة النبي الياس التي انتقل قبل ان يكرسها)نذكره، وأنا لم أقل الذين سبقت لهم الخدمة في هذه الكنيسةلأنه هو

المطران الياس مع غبطته ورعية السويدية 1991 كتابنا
المطران الياس مع غبطته ورعية السويدية 1991 كتابنا

الذي كان يهيىء معي الظرف، هذا الظرف لكي نكون معاً، ولكي نصلي معاً ونفتتح هذه الكنيسة المقدسة.

كان يهيىء ذلك وكنا نظن أن رحمة الله ستمتد كما نشاء نحن ونشتهي، ولكن رحمة الله أحبت أن تقتطف منا المطران الياس رحمه الله أسرع مما كان يتصور وأسرع بكثير مما كنا نتصور.

ايها الأحباء المطران الياس عزيز عليّ بصورة خاصة، عزيز على إخوته أيضاً وهم يحبونه لأنه قد أحبهم، كان يعطينا الصورة عن وضع الكنائس هنا وكنا دائماً في انعطافات خاصة في مجتمعنا المقدس، أذكر القليل منها:

المنعطف الأول

خلاف ماتعود الكثيرون من المسيحيين ومن الأديان الأخرى خلافاً لذلكن في المجمع المقدس كان المطران الياس من جملة المشاركين في التأكيد، إنه ليس من انسان خلقه الله يجب أن لانكون في حديثه معه، والحديث إشارة الانفتاح وإشارة المحبة.

المسيحي الحقيقي لاينغلق، لمن قال المسيح ابعد عني؟؟؟

عندما أتى المسيح كان المسيحي الوحيد على الأرض لكنه كلم هذذا وذاك، كلم الصدوقيين، كلم الفريسيين، كلم الزناة، كلم الناس المرذولين حتى هؤلاء كلمهم

مع غبطته في كاتدرائية الاسكندرونة كتابنا...
مع غبطته في كاتدرائية الاسكندرونة كتابنا…

وفي العالم جماعة ليست كلها زناة، وليست كلها لصوصاً، كلم الجميع هذه الجماعة موجودة عندنا الآن لماذا نحن ننقطع عنها؟

في مجمعنا المقدس نحن نشدد على أنه نحن خلقنا لكي نتكلم، أعطينا أن نتكلم، لكي نكلم سوانا ولايمكن أن تحل صعوبة، وأن يشارك فرح أو ان تشارك نعمة الا مع الآخر، إلا إذا كان حاضراً في قلبك أيضاً، هذا أحد المنعطفات عندنا في المجمع المقدس، من هنا أيها الأحباء برز أمران مخالفان لمئات السنين التي سبقتنا، المئات من السنين التي كان يعتقد فيها الواحد أنه لايمكن أن يعيش إلا على حساب الآخر، هو والآخر لا، إما هو أو الآخر، ولذلك كان لايعتبر كنيسته كنيسة، ولايعتبر كاهنه كاهناً ولايعتبر إنجيله إنجيلاً حقيقياً…” يتابع غبطته بالقول

“المنعطف الثاني
مطران حلب المخطوف والمغيب بولس يازجي
مطران حلب المخطوف والمغيب بولس يازجي

الكنيسة ماهي في النهاية؟؟؟ اعتقد أننا إذا اكتفينا بالنظر اليها من الخارج نظن أنها هي أيضاً مؤسسة كسائر المؤسسات، جماعة كسائر الجماعات…

…الكنيسة ليست جمعية فيها كل الناس موظفون المهم فيهم ماذا يفعلون، كيف يقومون بأعماله؟…

…بمقدار ماعندك عائلة، أسرة في البيت فيها الأب، فيها الأم، فيها الاخوة، فيها الأخوات أنت يمكنك أن تفهم الكنيسة، الكنيسة ليس فيها موظفون، الكنيسة فيها الأب أب، والأم أم…

…الاكليريكي يقدم قلبه كما أن اباك، كما أن أمك يقدمان لك من روحهما، ومن كيانههما دون حساب ودون أي شرط، دون أن يعرفا مَن ستكون عندما تكبر مجاناً مجاناً مجاناً…

ويتابع…

“… المنعطف الثالث

الذي كان المطران الياس رحمة الله عليه، كان يشارك فيه ويشاركني فيه بصورة خاصة ملء الشراكة، هي أن تكون أباً فلا يمكنك ان تكون أبَ نصف العائلة، او ربع العائلة، أو لفرد واحد في العائلة، ليس من فئة في نظر الكاهن، في نظر الأبن ليس من فئات في الرعيةن الرعية واحدة هي مختلفة كما شاء الله بين انسان وانسان، الكل بيننا ليس من واحد يشبه الآخر، ولكن في المحبة الأبوية في محبة الأم الكل هم اولاد، الكل هم متساوون في الاهتمام…كلما حصل اي انحراف …كان قساماً للوحدة التي هي مجتمعة بمجانية المحبة، المحب بشروط ليس محباً على الاطلاق، كان المطران الياس رحمه الله يشاركنا بهذا، وأنا اعرف انه من أجل بناء هذه الكنيسة ومن أجل كرامته لكي يكون رمزاً لكنيسته تحب ان تَحترم وتحب ان تُحترم كان يذهب إلى هنا وهناك…

رحمة الله على المطران الياس… ايها الأحباء، من كل قلبي مع اخوتي الخادمين معي الآنن مع مجمعنا المقدس، كما سمعتم البارحة نحن نصلي من أجل أن يعطينا الله كرامة الكهنوت التي كانت لديه لأنه ذهب بكرامة الكهنوت، وذهب إلى مكان هو يعرفه وقد تحدث عنه مرات، الى الأحضان السماوية سيدنا الياس الله يرحمه ويرحم أمواتكم جميعاً آمين.”

الندوة التكريمية

أقامت مطرانية حلب بعد سنة على انتقاله الى الأخدار السماوية ندوة تكريمية لمثلث الرحمات المطران الياس يوسف كانت تليق بهذا الراحل الكبير…وتمثل فيها كل الطيف الوطني والروحي والعلمي والاجتماعي على صعيد الكرسي الانطاكي وحلب وسورية، وقد قيلت فيها الكثير من الكلمات الرائعة منها كلمة كبيرة معبرة بإسم المجمع الانطاكي المقدس وغبطة البطريرك القاها راعي ابرشية حمص وتوابعها المتروبوليت جاورجيوس ابو زخم تحدث فيها عن بعض الخبرات الشخصية مع

مطران حمص جورج ابو زخم
مطران حمص جورج ابو زخم

المحتفى به وحاول ان يعطيه حقه…

مما قال فيها

“…إن سألتموني كيف تعرفت عليه؟ وكيف تعلمت منه أن أُحب، وأن أعمل بصدق وإخلاص كما عمل، وأن أسعى جاهداً لأن أرضي الله قبل أي كائن آخر على هذهالدنيا فأقول وشهادتي تبقى مجروحة وكلماتي تبقىمقصرة عن التعبير عما كان يؤمن به هذا الانسان الذي رأى في الانسان تلك الصورة الالهية التي يجدها في وجه كل شخص لذلك آمن بالله تعالى خالقاً مبدعاً للإنسان أعمل مخلوقاته وآمن بالوجود انساني ولذلك عمل على هذا الأساس…

تابع سيادته

…ما يمكن أن يقال، أن هذا الانسان عاش على رجاء كبير جداً، انه وجد لكي يكون خادماً أميناً في كنيسة الله تعالى، ولكي يكون أيضاً صادقاً في خدمته في هذه الكنيسة، لذلك خدم أيضاً الوطن والمجتمع والانسان…”

والقى مفتي حلب الشيخ د. أحمد بدر الدين حسون (مفتي سورية اليوم)

الشيخ د. بدر الدين حسون مفتي حلب ثم مفتي الجمهورية
الشيخ د. بدر الدين حسون مفتي حلب ثم مفتي الجمهورية

“…أيها الراحل العظيم من رياض الشعر قطفت لك باقة أضعها اليوم على قبرك… أنثرها زهور معاني

قبر العزيز تحية وسلاماً……………….الحلم والمعروف منك أقاما

قد كنت صومعة فصرت كنيسة………..في ظلها سعد المطيف وصاما

وختمها بالقول

“… ايها الراحل العظيم ذكراك ستبقى ألقاً، وهذه الكنيسة في ظلال بلاد الشام، بلاد المحبة والاخاء ستشع حباً ووئاماً. وقائد بالبشارة يمشي ليجمع القلوب ويوحد الصفوف…”

مطران حلب للروم الكاثوليك يوحنا جنبرت
مطران حلب للروم الكاثوليك يوحنا جنبرت

اما المطران يوحنا جنبرت مطران حلب للروم الكاثوليك فقال

” طوبى لفاعلي السلام، فإنهم بني العلي يُدعون”

“… لقد سعى المثلث الرحمة المطران الياس يوسف الى خلق علاقة ود وتعاون مع سائر الطوائف المسيحية وغير المسيحية، منذ السنوات الأولى لوجوده في الابرشية، وكانت له لقاءت وزيارات مع مختلف الفعاليات الدينية والمدنية في المدينة، مماجعله مقرباً ومحبوباً يكن له الجميع الد والاحترام…”

رثاه السيد عصام مرجانة بقصيدة شعرية كانت بعنوان ” الملاك الراحل”

يسألني الأحباب أي فجيعة……….وأي شجىً دامٍ أقَّضَّ المضاجعا؟!

أيا كوكباً ماكان أبهى ضياءه……..يغيب ويخبو بعدما كان لامعاً

ديار أحلاماً كان أصفى سريرة……وأنبل أخلاقاً وأٍنى وأرفعاً…”

كتب المهندس باسل قس نصر الله مدير مكتب مفتي الجمهورية احمد حسون:

مرض المطران “إلياس يوسف”وكان على رأس مطرانية الروم الأرثوذكس بحلب ولكنه لم يرُدّ له الزيارة.

بعد عام، وفي عيد الميلاد، أعاد الشيخ “حسون” زيارته للمطران “يوسف” مهنئًا، فرَحَّب بزيارته وشكره، لكنه أيضًا لم يردّ الزيارة.

وتدور الأيام حتى الميلاد حيث أصرّ الشيخ “حسون” بزيارة لمعايدة للمطران “يوسف” الذي كان يختلس نظرات احترام إلى الشيخ وهو يتكلّم.

إستقبل الشيخ بعدها بأشهر المهنئين الكُثر بعيد الفطر السعيد، وكانت خلال هذه السنوات تتوافد المطارنة والكهنة والأشخاص المسيحيين – كل عام أكثر من الذي سبقه – وفي هذا العيد حَضَرَ المطران “إلياس يوسف” وشقّ طريقه بين الناس وهو يَتَقدّم نحو الشيخ، وهنأه بحرارة وجلس.

شَعَرَ الشيخ بأن المطران “يوسف” يرغب بالكلام، فقدّمَه بكلمات وترك له الكلام أمام المهنئين.

وقف المطران مستنداُ على عصا الراعي وقال:
“جاءني الشيخ منذ ثلاث سنوات، مهنئًا بعيدِ الميلاد، ولم أرُدّ الزيارة لقناعتي أن زيارته هي من قبيل إظهار نفسه بمظهر الحريص على العلاقات الإسلامية المسيحية.

ثم بعد عام جاءني الشيخ مرة ثانية للتهنئة، وأيضًا لم أرد زيارته، لاعتقادي أنها نوع من المجاملة وجلب الأضواء التي كَثُرت هذه الأيام.

ومرة ثالثة جاءني مهنئًا بعيد الميلاد وتكلّم فأنصتُّ إليه وفكّرتُ بأن مجيئه للمرة الثالثة هي دليل صادق وليس حبًا بالظهور أو جلبًا للأضواء”.

وتكلّم بعدها مهنئًا الإخوة المسلمين بالعيد.

مَضت السنوات ونُسِجت علاقة صداقة بين الشيخ والمطران، حتى بلغَنا الخبر بأن المطران مريض جدًا، وقد اعتزل في قريته وهو يبتعد عن الناس ولا يتلقّى أي اتصال، منتظرًا قضاء الله.

في يوم من الأيام، رنّ هاتف منزلي وكان المتكلم أحد الكهنة وقال لي أن المطران يرغب بالحديث مع الشيخ، فأتفقت على موعد مُعيَّن يتصل به الشيخ.

بعد سويعات إتصل الشيخ وتكلم مع المطران وكانت مجاملة حقيقية من الشيخ، حيث دردش مع “سيّدنا” وشجّعه وقال له أنه ينتظره. ثم ران صمت رأيت أن الشيخ “حسون” يحارب كي لا تنزل الدمعة من عينيه، ثم ودّع المطران بكلماتٍ سيطرت عليها الغصّة.

أغلق السماعة وقال لي أن المطران قال أنه يشعر بدنو أجله وهو لذلك يطلب منه أن يقوم بتأبينه في جنازته.

بعد أسابيع قليلة وَرَدَ النبأ الحزين بوفاة المطران، وبدأت المطرانية بإجراء ترتيبات الجنازة، وغصّت الكنيسة بالحضورِ الكثيف، ومن كلمات التأبين، كانت كلمة الشيخ في صديقه المطران.

هل هي كلمات تخرج من فمِ الشيخ؟

لا .. إنها كلماتٌ تخرج من قلبه الحي إلى أسماعنا، ولكن الأهم أنها كلماتٌ تصل إلى قلب المطران المتوفى.

رحمك الله سيدنا “إلياس يوسف”.

اللهم اشهد اني بلّغت.

الخاتمة

مقالنا وما قيل بحق هذا العَلم الانطاكي من كلمات ات للتعبير عن جزء من الوفاء المتوجب على الأبناء الذين خدمهم هذا الراحل الكريم بكل الحب والعطف والإخلاص.

في هذه المناسبة التي سلطنا الضوء فيها على مثلث الرحمات المتروبوليت الياس يوسف، نعود للايمان والرجاء الذي فينا بأن الراحلون عنا يشتركون معنا في صلواتنا وتضرعاتنا، وبأننا نشكل معاً جسد الكنيسة الواحد.

نحن ياسيدنا الراحل لازلنا لا بل صرنا اكثر من اي وقت مضى بحاجة الى صلواتك وانت في الفردوس من اجل سلام وطن أحببته كثيراً، وطن سوري نشأت منه ورعيت خرافه… وطن يُذبح…ويغرق فيه الابرياء بدمائهم نتيجة غدر عدوان عالمي…

فيه تم ذبح كهنتك، وخطف خَلَفك المطران بولس ، وزميل دربك المطران يوحنا…

نحن نرجوك ياسيدنا وانت في حضن ربنا يسوع المسيح لتتشفع بنا، ومن أجل ان يعود السلام الى وطننا…

لقد دمر العدوان ما بنته يداك في ابرشية حلب…

ليكن ذكرك مؤبداً

من مراجع البحث

كتابنا زيتون. جوزيف زيارة غبطة البطريرك اغناطيوس الرابع الى انطاكية والاسكندرونة وكيليكيا 1992،  طباعة بطريركية انطاكية دمشق 1994

 

 

 

 

 

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *