الشتات والتبشيرالأرثوذكسيان في اوربة

الأرثوذكسية حالياً في أوربة الغربية

الشعار الرومي (لشعار الرومي (البيزنطي) الشعار الأرثوذكسي
الشعار الرومي (البيزنطي)
الشعار الأرثوذكسي

من الأفضل أن نسمي ذلك في وقتنا الحاضر بالشتات الأرثوذكسي، لذلك ينبغي لنا أن نعود حقبات إلى الوراء إلى الوراء إلى القرن 17 وبالتحديد الى عام 1677 حيث أنشئت في لندن أول كنيسة يونانية في حي سوهر الأنيق إذاك. لكن هذه التجربة لم تعمر طويلاً، فسرعان ما أغلقت الكنيسة أبوابها سنة 1682 لأسباب غير واضحة. ثم عاود اليونانيون فافتتحوا كنيسة جديدة في لندن عام 1838. لكن الشتات الأرثوذكسي لم يبلغ مداه إلا في غضون العقود الثمانية الماضية من القرن الحالي تقريباً، حيث أصبحت الأرثوذكسية عاملاً مهماً في الحياة الدينية في البلدان غير الأرثوذكسية وأخصها دول أوربة الغربية بنتيجة أهم حدث في تاريخ الشتات تجلى في الثورة الشيوعية التي حملت أكثر من مليون روسي الى المنفى من بينهم قسم كبير من النخبة الثقافية والفكرية في البلاد.

خارطة اوربة
خارطة اوربة

وقبيل سنة 1914 كانت الأغلبية الأرثوذكسيين المهاجرين من يونان وروس فقير وضعيفة الثقافة قوامها أناس كانوا يسافرون بقصد التجارة أو على أمل إيجاد عمل في الغرب. إلا أنه كان في عداد الموجة الكبرى للمنفيين الذين أبعدتهم الثورة، أشخاص مؤهلون لإقامة علاقات ثقافية بالغرب على مستوى عال من التعمق، وكذلك لتقديم الأرثوذكسية للعالم غير الأرثوذكسي على نحو لم يكن باستطاعة المغتربين السابقين أن يقدموها به. إن إنتاج أولئك المهاجرين خاصة في السنوات الأولى للنفي كانت مثاراً للدهشة. ويفيد أحد الإحصاءات أنه خلال عقدين مضيا نشروا 10000 كتاب و200 صحيفة فضلاً عن المجلات العلمية والأدبية. أما اليوم فقد أصبح المهاجرون اليونان أكثر عدداً من الروس وبدأوا يتولون جانباً حيوياً من الحياة الفكرية للبلدان التي تبنتهم. يخضع الشتات اليوناني ( الدياسبورا) لسلطة بطريرك القسطنطينية، ويخضع الشتات العربي الأرثوذكسي من كراسي أنطاكية والإسكندرية وأورشليم لسلطة بطريرك أنطاكية لكونه عربي ولكون أنطاكية تابعت أبناءها بالرعاية في انتشارهم وأحدثت لهم أبرشيات.

لبطريرك الروسي تيخون 1917 الذي اعاد البطريركية الى روسيا عند قيام الثورة الشيوعية في روسيا
البطريرك الروسي تيخون 1917 الذي اعاد البطريركية الى روسيا عند قيام الثورة الشيوعية في روسيا

أما الشتات الروسي فقد تبع بعد النفي الإدارات الكنسية الأربع التالية

1- سينودس ( مجمع ) الكنيسة الروسية في المنفي ( سينودس كارلوفيتشي ) أو السينودس ويضم أكثر من 20 أسقفاً و300 رعية.

2- بطريركية موسكو وتضم 12 رئيس أسقفاً وسبعين أسقفاً ورعية.

3- الأبرشية الروسية في أوربة الغربية وهي تابعة لإدارة البطريرك المسكوني وتعرف أيضاً باسم إدارة باريس وتضم 3 أساقفة وقرابة 40 رعية.

4 – الكنيسة الأرثوذكسية في أميركا وكانت تدعى قبل سنة 1970 الكنيسة الروسية الأرثوذكسية اليونانية الجامعة الأميركية وتضم عشرة أساقفة و450 رعية.

إن هذه الإدارات الكنسية كانت قد أُعلنت بعد عام 1920 حينما أصدر البطريرك الروسي تيخون في 20 تشرين الثاني 1920 مرسوماً يسمح بموجبه للأساقفة الروس وبصورة مؤقتة بإنشاء تنظيمات كنسية روسية مستقلة في الأحوال التي يتعذر عليهم فيها الاتصال بموسكو. وكان ذلك بعد هزيمة الجيش الأبيض على يد الشيوعيين، وتوقع البطريرك تيخون دخول السجن والحرمان من ممارسة صلاحياته بحرية. كان هذا التدبير يعكس بعد نظره إذ عرف مسبقاً استحالة توجيه الحياة الروحية للمنفيين والهاربين الذين زاد عددهم على المليون روسي بينهم أساقفة وكهنة من داخل أسوار البلشفية.

 قيام الثورة الشيوعية 1917 والنتائج على الكنيسة الروسية ومقتل اربعمائة الف روسي ارثوذكسي
قيام الثورة الشيوعية 1917 والنتائج على الكنيسة الروسية ومقتل اربعمائة الف روسي ارثوذكسي

 

 

وفي سنة 1921 عقد هؤلاء المطارنة مجمعاً في سرمسكي كارلوفيتشي بصربيا بناء على دعوة بطريركها وأنشأوا إدارة اكليريكية مؤقتة للأرثوذكسيين الروس في المنفى تطبيقاً لمرسوم تيخون، وأوكلت السلطة العليا إلى سينودس من الأساقفة يجتمعون كل سنة وألفوا مجلساً إدارياً ضم بين أعضائه ممثلين عن الكهنة والعلمانيين. وبضغوط سياسية من السلطة السوفيتية اتخذ البطريرك تيخون قراراً في 5أيار1922 يقضي بإلغاء المجلس الإداري ويأمر متروبوليت باريس الروسي إفلوغي المولج بشؤون أوربة الغربية باتخاذ تدابير أخرى بشأن الكنيسة الروسية في الخارج، لكن الأخير لم يقم بذلك.

انتقل مجمع كارلوفيتشي بعد الحرب العالمية الثانية، ودخول صربيا في يوغسلافيا إلى ميونيخ في ألمانيا، ثم وفي سنة 1949 انتقل إلى نيويورك. وآثر عدد صغير من المهاجرين الروس البقاء على اتصال مباشر مع بطريركية موسكو، مكونين إدارة الكنيسة الثانية المار ذكرها. وابتداء من عام 1945 أعرب عدد كبير من الأساقفة والرعايا في أوربة الغربية عن ولائهم لسلطة موسكو الكنسية.

– أما المجموعة الرابعة (في أميركا) فإنها تعود في جذورها إلى أوائل الهجرة الروسية إلى العالم الجديد، وكانت تدعى (الرسالة الروحية الأرثوذكسية الروسية)، وتّولت شؤون المهاجرين الأرثوذكس من كل الجنسيات.

– في أوربة الغربية أنشأ اليونانيون أسقفية اتخذت من لندن مقراً لها، وكان أول أسقف مفوض عليها المتروبوليت جرمانوس 1872 – 1900، وتوالى إنشاء الأبرشيات، على رأس كل أبرشية أسقف. وتبع ذلك تأليف أبرشية في اسكندنافيا وأخرى في بلجيكا بالإضافة إلى تسمية أسقفين في جنيف.

دار البطريركية المسكونية في القسطنطينية
دار البطريركية المسكونية في القسطنطينية

في أوربة الغربية حوالي 130رعية يونانية أرثوذكسية، لها كنائس دائمة وإكليروس مقيم فضلاً عن وجود عدد من الجماعات اليونانية الصغيرة التي ليس لها كنائس. وتعد باريس وميونيخ المركزين الرئيسين للأرثوذكسيين الروس في أوربة الغربية.

في باريس وضواحيها هناك أكثر من 400 كنيسة أرثوذكسية معظمها روسي وهناك في أنحاء فرنسية أخرى حوالي 80 مكاناً توجد فيها مجموعات من الرعايا الأرثوذكسيين، ولكن ليس لها جميعاً كهنة مقيمون كما في باريس، ومعظم هذه الأمكنة روسي.

وفي باريس أيضاً معهد القديس سرجيوس اللاهوتي الشهير وهو للكنيسة الروسية (الروس البيض) الذي تأسس عام 1925 وكان على الدوام نقطة التقاء هامة للأرثوذكسيين وغير الأرثوذكسيين، فيه درس مثلث الرحمات غبطة ابينا بطريرك أنطاكية اغناطيوس الرابع، ومن الذين شاركوا ويشاركون في إدارته والتعليم فيه عدد من الأعلام الأرثوذكس العالميين أمثال: بول أفدوكيموف المتوفي 1970، وجورج فلورنسكي والكسندر شميمان وجون مايندروف.

مثلث الرحمات ابينا البطريرك اغناطيوس الرابع وقد درس في معهد القديس سرجيوس اللاهوتي في باريس في خمسينيات القرن الماضي
مثلث الرحمات ابينا البطريرك اغناطيوس الرابع وقد درس في معهد القديس سرجيوس اللاهوتي في باريس في خمسينيات القرن الماضي

– كما ظهرت أيضاً في باريس مجموعة نشيطة من اللاهوتيين الأرثوذكسيين التابعين لبطريركية موسكو سنة 1923، ومطبعة لشبيبة ” الحركة المسيحية للطلاب الروس”. تأسست سنة 1923 وتقوم بنشاط كبير، ومطبعة روسية أصدرت عدداً كبيراً من الكتب الدينية. وتصدر عدة تجمعات أرثوذكسية منشورات دورية باللغة الفرنسية يسهم بعضها في تعميق الأبحاث اللاهوتية الرصينة. تصدر حركة الطلاب الروس نشرة فصلية تدعى: ” الرسول الأرثوذكسي”، كما تصدر بطريركية موسكو أيضاً مجلة فصلية تدعى أيضاً “رسول المعتمدية”. كذلك تصدر “الأخوية الأرثوذكسية” في أوربة الغربية، وهي مجموعة من خيرة الأرثوذكسيين تسعى لتوحيد الإدارات الأرثوذكسية المختلفة وإلى تعميق الحياة الأرثوذكسية إلى جانب عدد من الكتب والكراريس عظيمة الفائدة، كمجلة ” كونتاكت “، وهي فصلية لعلها أكثر النشرات رصانة وأهمية، وفيها يعبر الأرثوذكسيون من جميع الإدارات الروحية عن آرائهم، وكذلك مجلة “سوب”.

وفي فرنسا وألمانيا أديرة روسية أكبرها دير للراهبات في النورماندي تابع للكنيسة الروسية في المنفى. وفي بوسي آن أوت في الأيون يوجد دير آخر للراهبات أصغر حجماً تابع لإدارة البطريركية المسكونية يرأسه الإرشمندريت صفرونيوس تلميذ الأب سلوان الآثوسي راهب جبل آثوس ويسكنه رهبان من جنسيات مختلفة (روس ويونان ورومان وألمان وسويسري.)

تجدر الإشارة إلى الأرثوذكسية الغربية، إذ أن الكثيرين من الأرثوذكس في أوربة وأميركا، هم الآن مواطنون في بلدان اتخذوها محلاً لإقامتهم، إذ أنهم هم وأولادهم الذين ترعرعوا في الغرب لايعتبرون أنفسهم بعد الآن شرقيين بل غربيين. وهكذا نشأت أرثوذكسية غربية، تضم إلى جانب الأرثوذكسيين بالولادة جماعة صغيرة، يتزايد عددها من معتنقي الأرثوذكسية، إن ثلث الكهنة الأنطاكيين في أميركا الشمالية مؤلف من أميركيين اهتدوا إلى الأرثوذكسية، واستخدما الليتورجيا البيزنطية للقديس يوحنا الذهبي الفم.

– في عام 1937 اعتنقت الأرثوذكسية مجموعة من كنيسة “الكاثوليك القدماء” الفرنسيين برئاسة المطران لويس شارل فينارت سُمح لها بطقوسها الغربية، وانتمت أولاً الى بطريركية موسكو، وهي اليوم تابعة لبطريركية رومانيا.

– إن مايثلج الصدراليوم، هو تنامي حركات الشبيبة الأرثوذكسية في أوربة، ولاشك أن الروس يشكلون قوامها الرئيس بالإضافة الى اليونانيين. ففي فرنسا منظمة العمل المسيحي للطلاب الروس التي تحاول ربط الجيل الجديد بالجذور الروسية في المجتمع الفرنسي. كذلك في بلجيكا منظمة شبيبة بلجيكا الأرثوذكسية، والشبيبة الأرثوذكسية في ألمانيا ونظيرتها في سويسرا وبريطانيا.

تلعب الأرثوذكسية في أوربة الغربية دوراً فائق الأهمية في نشر الإيمان بالله بمواجهة دعوات الإلحاد ففي عام 2008 قامت جمعية بريطانية بتعليق يافطات على عشرات الباصات التي كانت تجوب مدينة لندن كتب عليها : “الأرجح أن الله غير موجود. لاتقلقوا، ابتهجوا، عيشوا كما تريدون” فرد المطران اليشع مطران الأبرشية الروسية في انكلترا، في مقابلة صحفية بأنه قلق جداً بسبب هذه الحملة الإلحادية، وقال:” نحن الروسيون لنا خبرة فريدة في هذا المجال، إذ عشنا عشرات السنين في بلاد ملحدة، ونعرف أن نكران الله والعيش بدونه ليس مصدر بهجة وفرح.”

وقد نظم هذا المطران ورعيته حملة معاكسة حيث علقوا يافطات على عشرات الباصات اللندنية تقول:” الله موجود. لاتقلقوا، ابتهجوا، عيشوا بفرح”.

في 25 ت2 2007 احتفلت كنيسة القديس نكتاريوس في مونس بلجيكا باليوبيل الذهبي لتأسيسها برئاسة راعي الأبرشية اليونانية في أوربة الغربية. يبلغ عدد الكنائس الأرثوذكسية في بلجيكا 51 كنيسة أكثرها يونانية تابعة للبطريركية المسكونية. والبقية روسية وصربية ورومانية وبلغارية.

الوجود الأنطاكي في أوربة الغربية

شعار الكرسي الأنطاكي المقدس
شعار الكرسي الأنطاكي المقدس

– إن أحداث الشرق الأوسط عامة ولبنان خاصة، وبالتحديد الحرب الأهلية اللبنانية القذرة، أدت الى هجرة العديد من أبناء الكنيسة الأنطاكية الأرثوذكسية إلى القارة الأوربية. وقد أكثر هؤلاء من الاتصال بالمقر البطريركي بدمشق راجين ترتيب أوضاعهم الروحية، والاهتمام برعايتهم وإدارة شؤونهم وخاصة فيما يتعلق بأحوالهم الشخصية.

وقد تأسست “معتمديه أوربة الغربية والوسطى” العام 1981 بقرار من المجمع الأنطاكي المقدس،وكانت قد صدرت إرادة البطريرك اغناطيوس الرابع بتسمية الأسقف غفرئيل الصليبي ( الذي كان يتولى تصريف أمور أبرشية بيروت بعد وفاة المتروبوليت إيليا الصليبي) معتمداً بطريركياً لأوربة الغربية اعتباراً من أوائل آب 1980. بعد اتصالات أجراها مع أبناء الكنيسة المقيمين في باريس ولندن وجنيف وقد تقرر أن يكون مقر المعتمدية باريس العاصمة الفرنسية وتمتد سلطتها على فرنسا وسويسرا وألمانيا والنمسا وبريطانيا. ومن باريس يتم الانطلاق لإنشاء الرعايا في مختلف الأماكن في أوربة وفقاً لما تقتضيه الحاجة. وتم استئجار مركز للمعتمدية في باريس وتأثيثه وتجهيزه ليكون لائقاً بأبناء الكنيسة الأنطاكية في أوربة، كما سعى لإيجاد الكنيسة المناسبة للخدم الدينية (وكانت تتم في كنائس اليونان في باريس وغيرها) على أن يتم تعيين الكهنة للمناطق التي يتواجد فيها الأنطاكيون.

الكاتدرائية المريمية بدمشق
الكاتدرائية المريمية بدمشق

ومن أجل تمكين المعتمدية من القيام بواجبها وتحمّل مسؤولياتها تمّت تهيئة السيولة النقدية لتأمين النفقات من اشتراكات يساهم بها أبناء الكنيسة الأرثوذكسية الأنطاكية المقيمين في أوربة، فضلاً عن تبرعات للمساهمة بنفقات تأسيس المركز وتجهيزه إلى غير ذلك من نفقات معجلة وطارئة. واتفق المعتمد مع رئيس مركز جنيف الأرثوذكسي المتروبوليت دامسكينوس والرعية الأنطاكية المقيمة على إقامة قداس دوري مرة كل شهر للإنطاكيين.

– وقبل ذلك زار المعتمد البطريركي المطران غفرئيل البطريرك المسكوني ديمتريوس الأول في القسطنطينية ، وأبلغه رغبة أخيه البطريرك الأنطاكي اغناطيوس الرابع، بتأسيس معتمديه أنطاكية. فبارك المسكوني هذه الخطوة. كما زار رئاسة أساقفة أثينا لهذه الغاية، وعّرّج في زيارة بروتوكولية على قداسة البابا يوحنا بولس الثاني وكلاهما أيضاً بارك هذه الخطوة الأنطاكية الرعوية.

الوجود الأنطاكي في بريطانيا

ثم زار لندن وباحث المقيمين الأنطاكيين فيها البالغ عددهم حوالي 400 عائلة أرثوذكسية، مؤلفة من جاليات لبنانية وسورية وأردنية وفلسطينية، لتأسيس كنيسة أنطاكية تقوم بخدمتهم، وتم استئجار كنيسة جميلة. ويُذكر بأن الاغتراب الأرثوذكسي العربي بدأ في لندن بعد نكبة فلسطين 1948، عندما لجأت عائلات فلسطينية تبعتها عائلات أردنية ثم كرت السبحة لتشمل عائلات سورية ولبنانية ووصلت الى الذروة في سنوات الحرب الأهلية اللبنانية ( 1975- 1977) تابع المسيحيون هجرتهم نتيجة لتنامي المد الأصولي عند إسلاميين متشددين بعيدين عن العروبة والإسلام الحق ضد المسيحيين العرب تارة مكفرين اياهم، وطوراً متهمينهم بأنهم من بقايا الحملات الصليبية، وهي متساوية عندهم مع إسرائيل الصهيونية.

وكان أول راعٍ لرعية لندن الأنطاكية هو الأب جوزيف الزحلاوي (1983 – 1984) ثم خلفه بعد عودته الى دمشق، الأب سمير غلام.

الوجود الأنطاكي في فرنسا

وكان المعتمد قد أحدث في فرنسا مجلساً لرعية باريس مؤلفاً من 12 عضواً، ثم أصدر قراراً برقم 5/ 82 بإ حداث مجلس إنماء الحياة الروحية في كل مدينة من المعتمدية برئاسة الكاهن. وقام بخدمة الرعية في باريس وعددها 250 عائلة، الأب غريغوريوس صليبي. وفي عام 1988 قررت 18راهبة كاثوليكية في دير القيامة في أوبازين ( كوريز/ جنوب فرنسا) عدم الخضوع لسلطة الفاتيكان، وقد وضعن أنفسهن تحت سلطة بطريركية أنطاكية الأرثوذكسية، وزاد عددهن راهبتين إضافيتين، وقد رفضن أمر السلطات الكاثوليكية بمغادرة الدير، وعلقن على مدخل الدير لوحة كتب عليها” دير القيامة للروم الأرثوذكس” وزارت راهبتان منهن المقر البطريركي بدمشق والأديار الرهبانية في سورية ولبنان واستقرت إحداهن، الى أمد قريب في مستشفى الحصن البطريركي في وادي النصارى.

الوجود الأنطاكي في المانيا

وكانت الهجرة الأنطاكية الأرثوذكسية إلى ألمانيا قد بدأت في 1922 عند سلخ كيليكيا عن سورية بفعل الفرنسيين المنتدبين عليها وتسليمها الى تركيا، ثم عند سلخ لواء الاسكندرون 1939 وأصبح عددهم كبيراً، وجميعهم حازوا الجنسية الألمانية، أما كهنة ألمانيا الأنطاكيين فكانوا وقتها الأب د. فايز منصور شقيق مطران البرازيل دامسكينوس منصور، والأبوان الطبيب غسان اسبر وشقيقه جورج اسبر مع الأب خليل شحادة ( الذي عاد مؤخراًالى دمشق) بالإضافة الى كاهنين المانيي الأصل اعتنقا الأرثوذكسية من البروتستانتية… وتنشط بصفوف الرعية هناك حركة وطنية قوية تسهم في ربط الجسور مع الوطن الأم سورية وأصبحوا خير سفراء لسورية في ألمانيا – وفي العام 2000 رُفعت المعتمدية الى أبرشية بقرار المجمع الأنطاكي ورقي الأسقف غفرئيل الى رتبة متروبوليت. وفي ت2 2000 نُصب في كنيسة القديس استفانوس اليونانية بباريس، برئاسة البطريرك اغناطيوس الرابع وبمشاركة عدد من مطارنة الأبرشيات.

في 20 ت1 2007 رقد المتروبوليت غفرئيل في الرب بعد معاناة طويلة مع مرض السرطان عن عمر 82 سنة. وأقيمت مراسم الجنازة في كاتدرائية القديس استفانوس اليونانية يوم الجمعة 26 ت1 2007.

ابرشية اوربة الأنطاكية في عهد المتروبوليت يوحنا يازجي

 

المجمع الأنطاكي المقدس منعقداً في قاعة المجمع بدار البطريركية في دمشق
المجمع الأنطاكي المقدس منعقداً في قاعة المجمع بدار البطريركية في دمشق

– انتخب المجمع الأنطاكي المنعقد في دير سيدة البلمند البطريركي بتاريخ 17 حزيران 2008 الأسقف يوحنا يازجي (أسقف الحصن من 1995، معاون متروبوليت عكار) مطراناً لأبرشية أوربة الغربية والوسطى. وهو لاذقي المولد والنشأة حائز الإجازة في الهندسة المدنية من جامعة تشرين والإجازة في اللاهوت من معهد القديس يوحنا الدمشقي في البلمند عام 1978 والدكتوراه في اللاهوت من جامعة سالونيك/ اليونان/ 1983 بدرجة شرف، نشرت أطروحة الدكتوراه المكتوبة بللغة اليونانية تحت عنوان:” خدمة المعمودية المقدسة (دراسة تاريخية ولاهوتية وليتورجية)”. وإجازة في الموسيقى البيزنطية الكنسية من المعهد الموسيقي العالي في سالونيك. وكان قد شغل منصب عميد معهد اللاهوت في جامعة البلمند، كما رئس دير القديس جاورجيوس البطريركي الحميراء من 1993 وحتى2005. له مؤلفات عدة لاهوتية وتربوية وليتورجية وموسيقية. وأنشأ رهبنة رجالية ضمت عدداً كبيراً من الشباب الأنطاكي من حملة الشهادات الجامعية كانت مجندة للتبشير وتحصين رعية أسقفية الحصن (وادي النصارى) أرثوذكسياً من 1993 وحتى انتقالها معه الى أبرشيته، كما كان قد أنشأ رهبنة ودير السيدة بلمانا للراهبات في بانياس.

وفي 20 أيلول 2008 وبحضور كثيف ديني أرثوذكسي وكاثوليكي وبروتستانتي

البطريرك اغناطيوس الرابع 2008 في كاتدرائية القديس استفانوس ينصب الأسقف يوحنا يازجي متروبوليتاً على اوربة
البطريرك اغناطيوس الرابع 2008 في كاتدرائية القديس استفانوس ينصب الأسقف يوحنا يازجي متروبوليتاً على اوربة

واسلامى وممثل عن الرئيس السوري د. بشار الأسد وعن الرئيس اللبناني ميشيل سليمان رئس مثلث الرحمات غبطة ابينا البطريرك اغناطيوس الرابع خدمة تنصيب المتروبوليت يوحنا في كاتدرائية القديس استفانوس اليونانية بباريس مع تمثيل رفيع المستوى للرئيس الفرنسي ساركوزي والحكومة الفرنسية. وكانت خدمة التنصيب عرساً أنطاكياً رائع الوصف. والكرسي الأنطاكي الذي كثيراً ماتعذب من غزوات التبشير اللاتينية والبروتستانتية، دخل يومها أوربة ليفرح بلا شك لحضوره عبر المتروبوليت يوحنا الأرثوذكسي التقليدي الحار في خدمة أنطاكية المكافحة في سبيل كنيسة أرثوذكسية جامعة مع شقيقاتها الكنائس الأرثوذكسية الأخرى في أوربة. وقد بدأ بجولة رعائية كبيرة شملت أرجاء أبرشيته كافة يلتقي فيها برعيته ويقيم لها الخدم الروحية. وقد اطلع بمهمة كبيرة وشاقة كانت تنتظر المتروبوليت يوحنا في أبرشيته الجديدة، ورعاية الرعايا الأنطاكية الجديدة الناشئة، وقد سدد خطاه في خدمة هذه الكنيسة العطشى الى كلمة الله.

انتخاب المتروبوليت يوحنا بطريركاً

غبطة ابينا البطريرك يوحنا العاشر
غبطة ابينا البطريرك يوحنا العاشر


وعند شغور السدة الأنطاكية بوفاة مثلث الرحمات ابينا البطريرك اغناطيوس الرابع انتخب المجمع الأنطاكي سيادة المتروبوليت يوحنا يازجي في الجلسة الأستثنائية للمجمع الأنطاكي المقدس في السابع عشر من شهر كانون الأول سنة 2012 في دير سيدة البلمندبطريركاً على السدة الأنطاكية باسم البطريرك يوحنا العاشر.

ثم انتخب المجمع الأنطاكي السقف اغناطيوس الحوشي اسقف باريس وهو من رهبنة

المتروبوليت اغناطيوس الحوشي في باريس على باريس 2013
البطريرك يوحنا ينصب المتروبوليت اغناطيوس الحوشي في باريس على باريس 2013

غبطته متروبوليتاً على اوربة الغربية والأسقف اسحق بركات متروبوليتاً على المانيا واوربة الوسطى والشمالية… لتواكب الرعايا الناشئة وخاصة التي تضم السوريين المهاجرين نتيجة الأحداث الدامية التي تشهدها سورية والنزوح المسيحي الكبير نتيجة استهداف المسيحيين والى اوربة وقد نشأت كنائس فس السويد والدول الاسكندنافية وزيادة في انكلترا وبلجيكا… وصار عليها رعاة كفوئين ومؤهلين بالشهادات العلمية واللاهوتية ومن الكهنة الذين كانوا في دمشق وكانوا ناجحين في الرعاية والمتابعة…

– تضم الأبرشية حالياً حوالي 50 رعية يخدمها عدد مماثل من الكهنة والشمامسة

لبطريرك يوحنا ينصب المتروبوليت اسحق بركات على لمانيا
البطريرك يوحنا ينصب المتروبوليت اسحق بركات على لمانيا

منهم الكثير ممن اعتنق الأرثوذكسية الأنطاكية بعد دراستها مطولاً بالإضافة الى دير القيامة للراهبات (اللواتي اعتنقن الأرثوذكسية الأنطاكية) في جنوب فرنسا.

خاتمة

مما لاشك فيه، ومن خلال كون هذه الأبرشية الجديدة ولا تزال وليدة كانت برعاية غبطته قبلاً(ولا تزال) وهو معروف عنه نهضويته الأنطاكية والانجازات التي حققها عبر كل المهام التي اسندت له، وكانت آخرها توليه تلك الأبرشية الجديدة ووضعه استراتيجية وخارطة طريق لنهضتها وبسرعة تلبية لاحتياجات الرعايا الجديدة الواقدة من سورية ولبنان، وقد تمت قسمتها الى أبرشيتين برعاية متروبوليتين مؤهلين، وبمساعدة أساقفة وكهنة ذوي خبرة لتواكب هذه التطورات المتسارعة، وبلا شك ستشهد تطوراً رعائياً ملفتاً ينقل الألق والايمان الأرثوذكسي عامة والانطاكي خاصة… وستكون ابرشية مبنية على اسس حديثة تماثل ابرشية اميركا الشمالية..

شدد الله انطاكية لتكون رائدة لعنصرة الاغتراب الأرثوذكسي والاغتراب الأنطاكي.


اترك تعليقاً