التركمان
في الأصل
يمثل التركمان مجموعة عرقية مميزة، منغولية الجذور، قدمت تركستان الحالية، ثم آسية الصغرى في القرن العاشر مع سلجوق ورفقته، ووصلت الأطراف الشمالية للمشرق العربي، حيث بقي البعض من ابنائها حتى ايامنا الحاضرة.
وهي قبيلة متميزة من قبائل الأتراك موطنهم الاصلي بقاع تركستان وفارس وافغانستان ويمتدون غرباً الى اناطولي غير ان الذين في اناطولي اقرب شبهاً من الجنس الأبيض واما اولئك فأقرب الى الجنس المغولي.

وهم مجموعة عرقية تعود في جذورها الى الأوغوز الذين أنشأوا في القرن السابع الميلادي اتحاداً في منغوليا يتألف من 24 عشيرة.
نبذة في تاريخهم
وقد انتقل هؤلاء في القرن العاشر الميلادي غرباً، وسكنوا بين الأورال وبحر قزوين، واعتنقوا الاسلام ثم لحق منهم قسم بالسلجوقيين ووصل معهم في القرن نفسه الى آسية الصغرى، وقد بقيت حتى أيامنا، أعداد من التركمان في بعض القرى الحدود الشمالية لسورية والعراق مع تركيا اضافة الى قرى في محافظة حمص وطرطوس… وغوطة دمشق… والجولان
وقد ظل التركمان في بلادهم حتى مطلع القرن التاسع عشر، في صراع دائم مع الأسياد الأوزبكيين في واحات خيف ومرف وبخارى، وفي صراع في مابينهم. وكانوا اسياد خيفا ومِرُف يعيشون من النهب وتجارة الرقيق، وتذكر المراجع أن آلاف العبيد تم بيعها في أسواق مِرُف وبُخارى.
الفتح الروسي
وما ان طال النهب وتجارة الرقيق المستوطنين الروس حتى تدخل القيصر الروسي في تركستان، فحرر عام 1839 م ألفي روسي كانوا قد خُطِفوا ومحجوزين في خيفا قبل ان تسقط قلعتها، بعد إخفاقات عديدة وكان ذلك في عام 1873م .
وباشر الروس عام 1880، بناء خط سكة حديدية عابر للمنطقة المحيطة ببحر قزوين بقصد قطع الطريق أمام الانكليز وطموحاتهم الاستعمارية في المنطقة، واحتلال تركستان قبلهم. وكان ان سقطت غول تيه قرب عشق آباد الحالية، وتعرضت قبيلة تِكة لمجازر، ثم سقطت مِرف بعد ثلاث سنوات، وراحت تتبع حاكمية تركستان العامة في عام 1898. أما امير بخارى فغدا استقلاله جزئياً عام 1885 بعدما وُضع تحت رقابة عميل سياسي روسي يتمتع بصلاحيات واسعة وهكذا تمت للروس السيطرة على تركستان.
وقد ساعد في تسهيل الاحتلال الروسي لتركستان أن التركمان وهم مسلمون سنة، ويتوزعون على مجموعات عديدة لم تعرف طريق الاتحاد يوماً ومنها: تِكه، أخال، تِكه، مِرف تِكه (معظم ابنائها في ايران الحالية)، يومود، سالور، سارِق، على شواطىء قزوين، ثم مجموعات تعود في اصولها المباشرة الى اُغوز خانمثل تشودور وغُكلن، على الحدود السوفيتية الايرانية، وإتخدير على شواطىء قزوين وخطاب ومُكري وإرسارين في منطقة كِركي وأقشه، وقرقين، على الأمو-دَريا.
زمن الاتحاد السوفييتي
وأُقيمت جمهورية تركستان ضمن الاتحاد السوفييتي السابق عام 1924، وهي تمتد على مساحة تقارب نصف مليون كم2 يقطنها اكثر من ثلاثة ملايين نسمة بقليل، 60% من التركمان، واما عاصمتها فهي مدينة عشق أباد.
وتطورت حال الجمهورية اقتصاديا، لاسيما مع زراعة القطن ذي التيلة الطويلة المستقدم اليها أواخر القرن التاسع عشر من مصر ومع ظهور النفطن والغاز الطبيعي في اراضيها. وكانت تركمانستان الثالثة بين الجمهوريات السوفييتية قبل تفكك الاتحاد السوفيتي انتاجاً لهاتين المادتين.
وتحسنت اوضاع النساء التركمانيات واصبحن شهيرات في الأعمال الحرفيةن ولاسيما في تطوير السجاد والحرير والقطنيات.
انتشار التركمان
ويربو عدد التركمان حالياً على اربعة ملايين نسمة منهم اكثر من ثلثهم يعيشون في تركمنستان، وحوالي مائتي الف في اوزبكستان وخمسين الفاً في داغستان واستراخان وعدة آلاف في طاجكستان وحوالي مليون تقريباً في افغانستان لجأ معظمهم اليها بين عامي 1920 و1930 اثر التأميمات التي اطلقتها سلطات الاتحاد السوفييتي وحوالي مليون في ايران وعدة مئات من الآلاف في وسط تركيا وبضعة آلاف في سورية وفي العراق ويتواجدون في سورية في مناطق غابات الساحل السوري كقسطل معاف …وفي تل ابيض وجرابلس وبعض قرى الحسكة.
ويذكر التاريخ ان المماليك حكام بلاد الشام ومصر في القرون 12 الى 16 كانوا قد اوعزوا الى بعض عشائر التركمان بالاغارة على منطقة الحدث في جبة بشري بلبنان والقضاء على البطريرك الماروني لوقا النهراني المتحصن فيها، فتم لهم ذلك في 22 آب 1283 وأخذوا البطريرك اسيراً.
كما عرف جبل لبنان خلال القرن 16 عائلات اقطاعية من اصول تركمانية كآل عساف الذين عاشوا في كسروانن وآل سيفا الذين التزموا في عكار…
صفات التركمان وسلوكهم
كما بينا اعلاه ان التركمان يتوزعون بين الجنسين الأبيض والمغولي، وهم أقوياء البنية مكتنزو العضل اولو بأس وقوة مستديرو الوجوه بارزو المناكب عراض الجبهة صغار حدقات العيون صغار الأنوف ضخام الشفاه خفاف الشوارب واللحى كبار الآذان، أما لباسهم فسراويل طويلة واقمص بلا اطواق مشقوقة من الجانب الأيمن الى الزنار وفوق ذلك جبة يشدونها في الوسط ممنطقة وأكامهم طويلة واسعة، قلنسوة على الرأس على شكل مخروط مقطوع الرأس تصنع من جلد الغنم وفي ارجلهم بابوش او نعل من جلد الجمال او الخيل يربط بأربطة من الصوف…
أما النساء فيختلف زيهن بعض الاختلاف، وهن يكثرن من التبرج والحلي فيسمع صوت حليهن الى مسافة بعيدة إذا كن مجتمعات، واما الرجال فلا حلي لهم..
ويقول السيد بلوكسفيلد احوالهم بعد ان اقام اسيراً عندهم 14 شهراًفقال ان من عادة التركمان ان يربطوا قرب الخيمة خروفاً او عنزة يقومون بتسمينها وذبحها بالمواسم الكبيرة فيقطعون الذبيحة قطعاً ويجردونها من العظام ويخففون بعض لحمها الى حين الحاجة ويغلون العظم في مرجل كبير فيعملون منه مرقاً وافراً يوزعونه على الجيران والأصحاب. وأما الأمعاء فيعطونها للأولاد فيشونها ثم يمتصونها.
وهم لايسيئون معاملة نساءهم انما يحملونهم الكثير من الأعمال مثل طحن القمح بالمطحنة اليدوية، وغزل الصوف والقطن وحيكة وخياطة الملابس وصناعة اللباد واحضار الماء من الينابيع والآبار وتقصير الصوف وصباغته، وكذل البسط والسجاد والحرير…
لايهم ان كانت النسوة حوامل او مرضعات او مريضات، ومع ذلك يقتصر طعامهن على الخبز وحده وتارة مرقة خفيفة…
اما في اوقات البطالة فلابد ان يكون معهن كتلة من صوف او وبر فيغزلن في الزيارات اي بمعنى ليس لديهن اية عطلة…
أما الرجال فيفلحون ويزرعون ويحصدون ويقومون بتربية المواشي والغزو والقتالويصنعون الحبال والسروج لأحصنتهم وكسوة الحيوانات وقد يتعاطون البيع والشراء ويرقصون على الحبال ويدخنون ويشربون الشاي ويحبون مطالعة الكتب.
اما الاولاد فيتعلمون في صغرهم في المدارس ويبدأون بالعمل بسن 11 سنة التركمان يدينون بالاسلام وعلى المذهب السني…
ويُذكر ان بين التركمان شعراء كثر، وكانت السلطات السوفيتية قد استبدلت عام 1940 الحروف العربية المستعملة في كتابة اللغة التركمانية بأحرف سلافية معدلة.