أراد حكيم القصر أن يعطي الأمير الصغير ولي العهد الجديد درسا في الحياة…
فسأله: مولاي ما هو المعدن الذي يستهويك، ويستميلك من مختلف المعادن؟
فأجاب الأمير الصغير بثقة: الذهب بالطبع.
فسأله مرة أخرى : ولِمَ الذهب؟
فأجاب بثقة أكثر من سابقتها: لأنه ثمين وغالٍ، وهو المعدن الذي يليق بالملوك.
صمت الحكيم لساعته، ولم يُجبْ…

ثم ذهب الى الخدم، و قال لهم: اصنعوا لي تمثالين بنفس الشكل، ولكن أحدهما من الذهب الخالص، والآخر من الطبشور، واطلوا الأخير بطلاء ذهبي ليبدو كأنه من الذهب الخالص.
بعد يومين، أتى الحكيم بالأمير أمام التمثالين، وقد غطاهما، فنزع الغطاء عن التمثالين، فانبهرالأمير لجمال صنعهما وإتقانهما.
فسأل الحكيم: ما رأي الأمير بما يرى؟
فأجاب الأمير: إنهما تمثالين رائعين من الذهب الخالص.
فقال الحكيم: دقق يا مولاي ألا ترى فرقا بينهما؟
فقال: كلا….
فكررالحكيم: أمتأكدٌ أنت يا مولاي؟.
احتد الأمير، وقال بغضب: قلت لك كلا، لم أرَ أي فرق بينهما، ألا تدرك أن كلام الملوك لا يُعادْ…!
فأشار الحكيم الى خادم كان يمسك بدلو ماء، فرشق الخادم الماء على التمثالين بقوة فصعق الأميرعندما رأى تمثال الطبشور يتلاشى… ولكن تمثال الذهب كان يزداد لمعانا.
فقال الحكيم: مولاي، هكذا حال الناس…
عند الشدائد من كان معدنه من ذهب يزداد لمعاناً، ومن كان من طبشور يتلاشى كأنه لا شيء!
وتابع: ليس هناك بشر تتغير، وإنما هي أقنعة تسقط، وحقيقة تظهر، وغشاوة تزول عن العيون.
انتهت الحكمة والدرس والعبرة…

ونحن نقول بكل ألم وحسرة بعد هذا الكلام
إن ما رأيناه في مناطق كثيرة من وطننا الحبيب سورية، من حقد وتشفٍ، واحتفالاتٍ و تباهٍ بالرؤوس المقطوعة للسوريين سواء أكانوا مدنيين أم عسكريين، ومشاهد حزها كما حصل في تدمر للنقيب الشهيد علي بيد حدث يسمونه ورفقته” اشبال الخلافة” وفي مناطق كثيرة جداً في ادلب وجسر الشغور والرقة بتعليق رؤوس ابناء جيشنا المدافعين عن الرقة على حراب سور الحديقة العامة فيها، مايندى له جبين البشرية خجلاً…
ما رأيناه في معلولا من إعدام فردي فوري لثلاثة مسيحيين من سكانها شيخ طاعن في السن وشابين صغيرين رفضوا اعتناق الاسلام، وكذلك عائلة مسيحية من الحسكة تم شنق الامرأة وطفليها للسبب ذاته وقطع رؤوس الكهنة

ووضعها على ظهورهم في ادلب وجسر الشغور…
ماعشناه من دمار معلولا ونبش قبور قديسيها، وسوق راهباتها مخطوفات، وتدمير اديرتها وكنائسها وبيوت المسيحيين فيها…
وخطف مطراني حلب بولس يازجي ويوحنا ابراهيم، و عدة كهنة وراهبة كانت توزع معونات انسانية على منكوبين ومنذ ثلاث سنوات… وتدمير كل القرى المسيحية والكنائس والأديرة وتهجير المسيحيين…

لهو تطهير عرقي ديني مذهبي… مدعوماً بالمال من اعراب النفط وممالكهم ومشيخاتهم، ومخطط له من الصهيونية لتدمير سورية، ومن تركيا الطامعة في كل الشمال السوري… وبغطاء دولي يهمه تفريغ سورية /كما المشرق/ من المسيحيين ونثرهم لاجئين في كل بقاع الكون…وقد بدأ المخطط في فلسطين المحتلة منذ 1948، وثنى في لبنان بالحرب اللبنانية منذ 1975 وحتى الآن مروراً بالعراق وسورية ومانعيشه فيها من كوارث والدور على مصر ولبنان مجدداً…
ما رأيناه من مشاهد لأطفال، وشباب يتراكضون لتصوير الحدث العظيم المتمثل بالصلب أوالجلد، وآخرها في تدمر، حيث احتشدوا في المسرح يحتفلون بالمجزرة وتم فيها قطع رؤوس 26 جندياً من الجيش السوري الباسل من حامية تدمر تم اسرهم، واعدموا في المسرح الذي كانت تقام فيه مسرحيات وعروض فنية من عهد زنوبيا … والى وقتنا الحاضر حيث كانت تقام فيه الفعاليات الغنائية في مهرجان البادية من قبل خمس سنوات فقط…

وبقليل من التفكير هي ليست فكرة طارئة، كما نحب أن نتوهم و نقول ان الحرب قد ولدتها، هو طذب على الذات، بل في الحقيقة، هي موروث مخيف من الحقد ينتقل جيلاً بعد جيل، يتشربه الصغار من الكبار، ويخفونه في صدورهم وأدمغتهم، حتى يجد فرصة للظهور كما حدث ويحدث الان في سورية، ومن كان يصدق ان يبرز كل هذا الحقد الطائفي والديني والمناطقي المهول والمرعب؟
كما هو حاصل مع شديد الأسف برزت الطائفية والخيانة وبيع الأوطان، وتهجير وذبح الشقيق في الوطن الذي من غير الدين والطائفة والمذهب، لا، ولم، ولن تأت بين ليلة وضحاها، هو موروث من الأحقاد كامن بين المذاهب في الاسلام وحده، وضد المسيحية وهو ليس بجديد عن تاريخنا وخاصة في عصر الانحطاط منذ اواخر الخلافة العباسية مروراً بالفطميين والمماليك والعثمانيين وجماعة الاتحاد والترقي الطورانية التركية…

هل بين ليلة و ضحاها،ظهر كل هذا الاحتراف بنحر الأعناق بكل متعة؟ اكيد ليس وليد الصدفة، الاستمتاع برؤية النحر، وقطع الرقاب وسحب القلوب والأكباد نيئة لم تفعله الضواري… هو حقد زلزالي وطوفاني مدمر، وقطع اثداء السبايا من مسيحييات وايزيديات، والبعض صنع مسابح الصلاة من حلم اولئك المذبوحات تماماً كما فعل الأتراك في آسية الصغرى بكل المسيحيين في مذبحة السوريين الأرثوذكس واليونان من ابناء انطاكية العظمى والأرمن والسريان والآشوريين قبيل الحرب العالمية الأولى وحتى 1923… وترتيب الدور في جهاد النكاح، وبيعهن في اسواق النخاسة كالعبيد بمبلغ يتراوح بين 500 الى الفي دولار اميركي، وتقديم سبية جائزة لمن كان الأول في حفظ القرآن الكريم في شهر رمضان المبارك…
صلب البشر، ومن كل الأعمار حتى لو كانوا أطفالاً، وقتل السيدات بتهمة الدعارة وكله يترافق بالتهليل، والتكبير، لا يأتي بين ليلة وضحاها، فهناك مخزون من الحقدوالكره لم نكن نعرفه نحن السوريون، لكنه قد انفجر في وجوهنا.
اين كان مستتراً كل هذا الحقد؟

ليس منطقياً ان نسنده على الأغراب فقط! البيئة الحاضنة في سورية، هي من اوجد هذا الغل والحقد الطائفي…
لن ينفع الدعاء في أن تعود سورية كما كانت، فنحن لا نريدها أن تعود كما كانت، و نعود لنصاحب وحوش مستترة تحت أقنعة بشرية، نحن نريد سورية خالية من وباء الطائفية، والشعوبية نحن سوريون فيجب ان تكون سوريتنا صحيحة ومعافاة، سورية هي وطن للسوريين، خالِ من منتحلي صفة السورية وهي منهم براء، لأنها لم تكن تُعرف الا بالمحبة، اما مامر من مآس مشابهة كما في مذبحة حلب والبقاع ومعلولا الطائفية العام 1850، وفي مذبحة 1860 الشهيرة في دمشق وجبل الشيخ وصيدنايا ومحيطها…فهي من صنع اولئك ومن صنع دولة باغية حكمتنا اربعة قرون استبدادية مظلمة هي عصور الانحطاط العثماني… وافرغت آسيا الصغرى من المسيحيين السوريين الأرثوذكس ابناء انطاكية مع اليونان من انطاكية اضافة الى

الأرمن والسريان والآشوريين بكل طوائفهم اعتباراً من الثلث الأخير من القرن 19 وحتى 1922 فماتت المسيحية في هذه المنطقة الجغرافية التي شهدت لكل التاريخ المسيحي، ومجامعه المقدسة وانتشاره الى عمق اقصى الشرق ارض انطاكية العظمى، وقد استشهد فيها اكثر من اربعة ملايين ومائة الف مسيحي مع تهجير لمن بقي حياً بعد سبي نسائهم وغلمانهم… وتدمير كنائسهم واديارهم، فهي نتاج لمخزون فكري وديني متعصب بغيض صنعه تجار الدين و ناشري الأوبئة الاجتماعية، في وطن يخاف الإنسان فيه على رأسه ان صادف في طريقه واحدا جاراً وابن بلده من المؤمنين بأن الله أعطاه توكيلا بقتله واغتصاب حريمه وسبيهم باسمه…
من اعطاك ايها القاتل باسم الدين ان تزهق ارواح وتقطع رؤوس وتسبي نساء ولمجرد انهم كانوا من غير طائفتك ومذهبك، اكيد الله الخالق للجميع لم يعطك هذا،وهو لو شاء لخلق الجميع واحداً، ولوشاء ربك لما ترك المسيحية تسير ستة قرون لياتي بعدها الاسلام، ويسيران جنباً الى جنب في خدمته تعالى، ولكان قد قضى على المسيحية لمصلحة الاسلام، بدل ان يبيح لك تكفيرها وابادة اتباعها، كما رددتُ بالأمس على احد الدعاة كان يكفرنا…!!!…

اتوق ويتوق الكل ان نعيش في وطن، يعيش فيه المؤمن إيمانه، ويحترم أديان الآخرين ومعتقداتهم الروحية وحتى السياسية، الا ماكان منها مخلاً بالآداب العامة، وهذا يترك أمره للدستور والقانون،
وتعود سورية وطناً للجميع، لا نسمع فيه باسم ثورة سورية…يقودها قائد هو العدو الأوحد المغتصب لفلسطين المحتلة اي الكيان الاسرائيلي… ويتلقى التمويل والتدريب، من الذين يهمهم دمار سورية من اتراك وعربان لايعرفون الا ثقافة السبي والقتل….
الدين لله والوطن للجميع …
احترموا وطناً ترابه تقدّس بدماء الشهداء ..
عاشت سورية بلد عشرة آلاف سن من الحضارة…