بيت نظام في دمشق القديمة
بيت نظام في دمشق القديمة
عندما كان العالم يتصارع بحروب عالمية كبرى..كان السوريون يتنافسون بالإبداع وبناء حضارة!
ففي وسط “دمشق القديمة” وبين أزقتها يتربع التاريخ بكل أجياله وأوراقه مقدماً لمحات عن حضارة سكنت هذه الأمكنة في يوم من الأيام.
ولعل أكثر ما تزهو به “دمشق” القديمة بيوتها العريقة التي ما تزال إلى الآن مقصداً للزوار والباحثين والمهتمين بالعمارة وفنونها.
ومن ذلك كان “ﺑﻴﺖ ﻧﻈﺎﻡ ” وﻫﻮ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺃﺑﻬﻰ ﺍﻟﻘﺼﻮﺭ ﺍﻟﺪﻣﺸﻘﻴﺔ ﺍﻟﻔﺎﺧﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺭﻣﻤﺖ ﻭﺑﻘﻴﺖ ﺷﺎﻫﺪﺍً ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﺸﺮ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﺸﺎﻏﻮﺭ ﻓﻲ ﺣﺎﺭﺓ ﻣﺌﺬﻧﺔ ﺍﻟﺸﺤﻢ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺩﻣﺸﻖ .
يقع في منطقة الشاغور – حارة مئذنة الشحم في مدينة دمشق.قريباً من نهاية شارع “مدحت باشا”، وتاريخ البيت ليس معروفاً بدقة إلا أن أقدم تاريخ موجود على جدرانه يعود إلى عام 1760م، كذلك لا يعرف من بنى البيت تحديداً ..
ويعود اسمه إلى آخر عائلة سكنت هذا البيت ورممته في النصف الأول من القرن العشرين،وهي عائلة “نظام”
وحسب المصادر التاريخية فقد عاصر هذا البيت عدداً من الشخصيات ومنهم “إبراهيم باشا”، وكان البيت في منتصف القرن التاسع عشر مقراً للقنصل الإنجليزي في سورية. وقد سكنه قبله آل القويضي حتى عام 1926، ثم عائلة القباني، ثم آل عباس، ثم آل نظام وجدده أبناء نظام.
استملكت محافظة دمشق المنزل عام 1974، وبدأت ترميمه عام 1987 إلى عام 1994 حيث دشن البيت وأصبح مفتوحاً للزوار
يعتبر “بيت نظام” واحداً من أبهى قصور “دمشق” القديمة التي اشتهرت بها خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر والتي غالباً ما نهجت جميعها منهجاً واحداً في تصميمها، ويعود الى عصر الروكوكو
يتميز البيت بفن عمارة رفيع ومساحة كبيرة. وهو يعتمد طراز البيت الدمشقي من الخارج حيث يجد الزائر حائطاً بسيطاً مع باب بسيط في إحدى الحارات. وعندما يدخل الإنسان ينكشف له عالماً آخر.
حيث تبدأ خلف الباب باحة البيت الواسعة والتي يحيط بها غرف البيت الكثيرة على طابقين والتي تتوسطها بحرة مع نافورة في وسطها يتدفق منها الماء بانسياب جميل يضفي على البيت جمالاً وصفاء ويعطي خرير الماء غطاءً صوتياً للجالسين في باحة البيت.
يعتقد بأن المنزل كان يتألف قديماً من دارين منفصلين تماماً (وقد أحدث باب في الجدار الفاصل)، وللبناء واجهتان رئيسيتان تطلان على الأزقة المجاورة وتحيط به المساكن من الجهتين.
• الواجهة الغربية تطل على زقاق ناصيف باشا وفيها الباب الرئيسي
• والشرقية تطل على زقاق نصري وفيها باب آخر.
وتشير الخريطة المساحية التي وضعت عام 1928 إلى أن المنزل يغطي ثلاثة صحون ويضم 35 غرفة وقاعة كبيرة وثلاثة إيوانات ضخمة فاخرة تشغل صدر الجانب الجنوبي من أقسامه وأجنحة لمختلف الاحتياجات.
وغرف البيت سواء ما كان منها للنساء أو للرجال وكل القاعات تتميز بزخرفة متنوعة فاخرة جداً تبهر الناظر.
تبلغ مساحة بيت نظام حوالي 2200 م2، وهذه المساحة الضخمة كانت مجالاً للكثير من الزخارف التي تعود لفترات زمنية مختلفة،
فالزخارف الداخلية الموجودة في المنزل ثرية جداً من حيث “الألوان – المواد – العناصر”، ومعظم الزخارف الموجودة هي للأشكال الهندسية والنباتية التي استخدم فيها أسلوب “الأبلق” أي تدرج الألوان بين “الأبيض والأسود والأحمر”،
وما يبهر زائر منزل “نظام” ليس ثراء الزخرفة فقط، وإنما هو ثراء متنوع ومختلف وهو بعيد عن النموذج المعتاد والسائد حتى منتصف القرن الثامن عشر، وهو يمثل منزلاً غير نموذجي وغير تقليدي ويعتبر من أجمل التحف المعمارية الدمشقية.
تعرف الجهة الغربية من بيت نظام ببيت “ناصيف باشا العظم”، ويؤدي باب الدخول إلى دهليز مسقوف فيه درجان، الأول يؤدي إلى القسم العلوي، والثاني يؤدي إلى القبو وينفتح هذا الدهليز بباب ذي مصراعين خشبيين على الصحن،
وتشير الجدران والفتحات والطلاء إلى أن الجناح الغربي من المنزل في حالته الحالية هو إضافة متأخرة وأن الصحن كان له شكل مختلف سابقاً.
يتالف بيت نظام” من أجزاء مختلفة منها
• الصحن وهو باحة سماوية تتوسطها بحرة مثمنة الشكل وفي منتصفها نوفرة رخامية.
• الإيوان وله سقف خشبي من نوع العجمي، وكامل جدرانه مزينة بالزخارف الملونة من نوع الأبلق،
• وفي صدر الإيوان غرفة لها باب من الخشب مؤلف من مصراعين مزين بخيط عربي
• أما الغرف الشرقية فإن أرضيتها من الرخام والبلاط، وعادة ما يكون في الغرفة ثلاث نوافذ مفتوحة على الإيوان وأربع نوافذ على الباحة.
تشير الدراسات التاريخية إلى أن سكان هذا البيت كانوا يسكنون الجهة الغربية من الطابق الأرضي في فصل الصيف، وفي فصل الشتاء يسكنون الجهة الشرقية من الطابق العلوي، وسبب ذلك يعود إلى أن الطابق الأرضي بني من الحجارة التي تتراوح سماكتها بين 60 إلى 100سم، أما الطابق العلوي فبني على الطريقة البغدادية من الأعمدة الخشبية مع اللبن وحجر الآجر.
وتصل فروق درجة الحرارة بين داخل الغرف وخارجها إلى 15 درجة مئوية
يمثل الثراء المعماري للبيت شاهداً على البذخ الذي كانت تعيش فيه الطبقة الحاكمة أو الارستقراطية المساندة لها مقابل عامة الشعب.
في عام 2008 استلمت مؤسسة الاغا خان بيت نظام و بيت السباعي و بيت القوتلي المتجاورين و بدأ العمل بهم لترميمهم و تأهيلهم ليكونوا فندق ذو طراز خاص ولكن الاعمال توقفت تقريبا خلال الحرب في سورية.
sham
Beta feature
اترك تعليقاً