المؤسس الزعيم انطون سعادة

الحزب السوري القومي الاجتماعي

الحزب السوري القومي الاجتماعي

تأسس الحزب في  بيروت في عام 1932 كحزب  معادٍللأمبريالية ومعاد لوجود الانتداب الفرنسي، لعب الحزب دوراً في السياسة اللبنانية، وشارك في محاولة الانقلابات في عامي 1949 و 1961 وبعد ذلك تم قمعه بشكلٍ كامل. أصبح الحزب في المقاومة ضد الغزو الصهيوني للبنان  عام 1982 وخلال احتلال جنوب لبنان حتى عام 2000 مع إستمرار دعمه للوجود السوري في  لبنان انطلاقاً من اعتقاده  بالقومية السورية. وفي  سورية، أصبح الحزب قوة سياسية يمينية رئيسية في أوائل الخمسينيات، ولكن تم قمعها بشكل كامل في 1955-1956، وبحلول أواخر الستينيات انضم الحزب إلى اليسار وتحالف مع  منظمة التحرير الفلسطينية والحزب الشيوعي اللبناني، على الرغم من التناقض الإيديولوجي الذي لا يزال قائماً فيما بينهم. وفي عام 2005، تم إضفاء الشرعية عليه في  سورية.

تدور تساؤلات عديدة حول إيدولوجية الحزب ورؤيته، حيث يقول منتقدوه بأنه حزب  يبطن الفاشية والنازية في إيديولوجيته كالحديث عن أن السوريين «أمة تامّة» و «سورية للسوريين» وهو مايشابه أحزاب  اليمين المتطرف كذلك بفكره وأسلوبه وحتى علمه الشبيه نوعاً ما بالعلم النازي والحامل لما يُشبه الصليب المعقوف النازي وهو مايرفضه إعلام الحزب جملةً ويرد على ذلك بأنه حزب يُعنى بالهوية السورية فقط وليس له صلة  بالفاشية او النازية ويعتبر أن القضية السورية هي قضية قومية ضرورية لنهضة السوريين في المنطقة.

شعار الحزب الزوبعة
شعار الحزب الزوبعة

مبادئ الحزب

غاية الحزب السوري القومي الاجتماعي بعث نهضة سورية قومية اجتماعية تكفل تحقيق مبادئه وتعيد إلى الأمة السورية حيويتها وقوتها، وتنظيم حركة تؤدي إلى استقلال الأمة السورية استقلالاً تاماً وتثبيت سيادتها وإقامة نظام جديد يؤمن مصالحها ويرفع مستوى حياتها والسعي لإنشاء جبهة عربية المبادئ الأساسية
المبدأ الأول: سورية للسوريين والسوريون أمة تامة.
المبدأ الثاني: القضية السورية هي قضية قومية قائمة بنفسها مستقلة كل الاستقلال عن أية قضية أخرى.
المبدأ الثالث: القضية السورية هي قضية الأمة السورية والوطن السوري.
المبدأ الرابع: الأمة السورية هي وحدة الشعب السوري المتولدة من تاريخ طويل يرجع إلى ما قبل الزمن التاريخي الجلي.
المبدأ الخامس: الوطن السوري هو البيئة الطبيعية التي نشأت فيها الأمة السورية. وهي ذات حدود جغرافية تميزها عن سواها تمتد من جبال طوروس في الشمال الغربي وجبال البختياري في الشمال الشرقي إلى قناة السويس والبحر الأحمر في الجنوب شاملة شبه جزيرة سيناء وخليج العقبة، ومن البحر السوري في الغرب شاملة جزيرة قبرص، إلى قوس الصحراء العربية وخليج العجم في الشرق. ويعبر عنها بلفظ عام: الهلال السوري الخصيب ونجمته جزيرة قبرص.
المبدأ السادس: الأمة السورية مجتمع واحد.
المبدأ السابع: تستمد النهضة السورية القومية الاجتماعية روحها من مواهب الأمة السورية.
المبدأ الثامن: مصلحة سورية فوق كل مصلحة.
المبادئ الإصلاحية
المبدأ الأول: فصل الدين عن الدولة.
المبدأ الثاني: منع رجال الدين من التدخل في شؤون السياسة والقضاء القوميين.
المبدأ الثالث: إزالة الحواجز بين مختلف الطوائف والمذاهب.
المبدأ الرابع: إلغاء الإقطاع وتنظيم الاقتصاد القومي على أساس الإنتاج وإنصاف العمل وصيانة مصلحة الأمة والدولة.
المبدأ الخامس: إعداد جيش قوي يكون ذا قيمة فعلية في تقرير مصير الأمة والوطن.المصدر:(انطون سعادة، «الاثار الكاملة»، المكتبة السورية، موقع الحرب السوري القومي الاجتماعي
يعتمد الحزب على مبدأ التنظيم المركزي، ويؤمن  بفصل الدين عن  الدولة، وبأهمية تحقيق العدالة الاجتماعية. سعادة مؤسس الحزب أعدمته الحكومة اللبنانية بعد محاكمة عاجلة إثر تسليمه من قبل  حسني الزعيم. خلال  الحرب الاهلية اللبنانية الأولى، للحزب فرقة عسكرية تدعى «نسور الزوبعة»، ونفّذت عددًا من العمليات ضد العدو الصهيوني أشهرها عملية  الاستشهادية سناء محيدلي. انقسم الحزب في السابق إلى مجموعة أجنحة، غير أنه توحد مجددًا في قيادة مشتركة مقرها  بيروت.

النشأة والتاريخ

أنطون سعادة مؤسس الحزب السوري القومي الاجتماعي ولد في 1-3-1904 . قام بتأسيس جمعية الشبيبة السورية الفدائية في البرازيل والرابطة الوطنية السورية..

سريعا بعد إنشاء الحزب السوري القومي الاجتماعي في 16 نوفمبر 1932 دخل في صراع مع السلطات الفرنسية في لبنان الذي كان ما يزال خاضعاً لسلطات الانتداب الفرنسي حيث اعتبرته السلطات الفرنسية حزباً غير شرعي. بعد اعتقال مؤسسه وأعضائه ثلاث مرات بين عامي 1936 و1938، سافر أنطون سعادة قسريًا إلى اميركا الجنوبية متنقلاً بين البرازيل والارجنتين لتسع سنوات نشر فيها عقيدته بين المغتربين السوريين هناك، وعاد إلى لبنان عام 1947 ليصطدم مع السلطات اللبنانية المستقلة حديثاً.

شاركت فصائل مسلحة للحزب تسمى فرقة الزوبعة الحمراء في  فلسطين في الثورات المتتالية حتى  نكبة 1948 ضد إنشاء الدولة العبرية.

اصطدم الحزب مع مجموعة من  ميليشيا حزب الكتائب في منطقة الجمّيزة أسفرت عن حرق مطبعته  الجيل الجديد واصدرت السلطات أمرا باعتقال أنطون سعادة مما اضطره اللجوء إلى سورية بعد وعد من حاكمها العسكري آنذاك  حسني الزعيم بعدم تسليمه ولكنه ما لبث أن نكث بوعده بعد أن اتخذ قرارا كل من الملك فاروق، رياض الصلح،وحسني الزعيم والاستخبارات البريطانية والموساد الاسرائيلي  بالتخلص منه فتم تسليمه للسلطات اللبنانية يوم 6 يوليو 1949 التي قامت يإعدامه رمياً بالرصاص فجر الثامن من تموز (يوليو) بعد  محاكمة صورية. قام أعضاء من الحزب في الأردن بالانتقام له من خلال قتل رئيس الحكومة اللبنانية آنذاك «رياض الصلح» حيث إعتبروه مسؤولا عن قتل زعيمهم.

موقف الحزب من فكرة الطبقات

تشكل هذا الموقف من اندماج المبدأ الأساسي الخامس الذي يعتبر الأمة هيئة اجتماعية موحدة مع المبدأ الإصلاحي الذي يعتبر الإنتاج أساساً للاقتصاد القومي. فالعمل برأي الحزب هو حق وواجب وبذل طاقة الفرد في الأمة هو مجرد إمكانية اجتماعية يجب استثمارها لمصلحة المجتمع، فإقامة العدل الاجتماعي الحقوقي والعدل الاقتصادي الحقوقي أمر ضروري لنجاح النهضة السورية القومية الاجتماعية. كما يجد الحزب أنه علينا أن نزيد من حجم المنتجين في المجتمع، كما لا يمكننا أن نعامل المنتج كمعاملة غير المنتج وهو بذلك لا يدعو إلى إلغاء رأس المال بل يمنع الاستبداد به ضد مصلحة الجموع، فلا ينكر الحزب إذن  النظام الراسمالي كله بل يجمع الرأسمال تحت حماية الدولة.

لا يقر الحزب نظام النقابات المكافحة عن حقوقها إذ انه يعتبر النظام الاقتصادي كفيلاً بحل المشاكل الاقتصادية ولكنه يقر نظام النقابات التي تهدف إلى إنماء الخبرة ولا يجيز  الاضراب لأنه مضر بالإنتاج.

تاريخ الحزب

عُقد الاجتماع الحزبي الثاني في 1 حزيران 1935 وفيه شرح  سعادة مبادئ حزبه، ما أدى إلى اعتقاله وأعضاء مجلس العمد من قبل السلطات الفرنسية. أودعوا في سجن الرمل في بيروت مدة ستة أشهر، تلاه مدة احتجاز ثانية سنة 1938 قبل صدور مرسوم بحظر نشاط الحزب في سورية ولبنان في آذار 1939. سوغت السلطات الفرنسية قرار منع الحزب بأنه أُلف بطريقة سريّة وغير قانونية ولغرض غير مباح يمس النظام والأمن العام. سافر سعادة الى اميركا اللاتينية وأمضى فيها قرابة تسع سنوات، ليعود إلى بيروت سنة 1947، بعد زوال الانتداب الفرنسي عن سورية ولبنان.

أزمة الحزب مع حكومة رياض الصلح

عارض أنطون سعادة الميثاق الوطني المبرم بين رئيس الجمهورية بشارة الخوري ورئيس الحكومة رياض الصلح سنة 1943، والذي وزع المناصب السياسية في لبنان على أسس طائفية فكانت رئاسة الجمهورية للموارنة ورئاسة الحكومة للمسلمين السنّة. أخذ يقارع الحكومة اللبنانية في الصحف والمهرجانات الشعبية، مطالباً بإبطال الميثاق الوطني وتوحيد سورية ولبنان في كيان سياسي واحد، رافضاً الاعتراف بشرعية الدولة اللبنانية. وقعت مواجهات متقطعة بين أعضاء حزبه وقوات الأمن اللبناني، تفاقمت في حزيران 1949 عندما حصل صدام دام في حيّ الجميزة ببيروت، بين أنصار سعادة وأعضاء حزب الكتائب اللبنانية المدافع عن الكيان اللبناني، بقيادة الشيخ بيار جميّل. تدخلت السلطة اللبنانية لصالح حزب الكتائب وطاردت السوريين القوميين بتهمة التآمر على النظام العام، وصدر قرار بسحب رخصة الحزب واعتقال قيادته وأعضاءه.  لجأ سعادة بعدها إلى دمشق في 12 حزيران 1949 وطلب اللجوء السياسي من حاكم سورية الجديد حسني الزعيم، الذي كان قد وصل إلى السطلة فبل أشهر إثر انقلابه على رئيس الجمهورية شكري القوتلي.

أنطون سعادة وحسني الزعيم

رحب الزعيم بأنطون سعادة وقدم له مسدسه الخاص، عربوناً للوفاء والصداقة. كانت علاقة الزعيم متوترة مع لبنان بسبب رفض قادته الاعتراف بشرعية انقلابه وتمسكهم بالرئيس الأسبق شكري القوتلي. قرر الاستفادة من وجود سعادة على الأراضي السورية وعرض عليه فكرة القيام بثورة شعبية في لبنان، تُطيح ببشارة الخوري ورياض الصلح معاً وبميثاقهم الوطني. سَخَّرَ كل من الزعيم وسعادة الآخر للعمل لمصلحته، فرأى الزعيم في سعادة أداة لتحطيم القيادة اللبنانية ورأى سعادة في الزعيم أداة ليحقق أيديولوجيته والإطاحة بالكيان اللبناني الذي طالما نادى بإزالته.

ولكنّ حسني الزعيم نكث بوعده وتفاهم سراً مع السطلات اللبنانية على تسليم سعادة مقابل الاعتراف بشرعية حكمه بدمشق. دُبّر الأمر بواسطة رئيس الحكومة السورية محسن البرازي، وهو قريب رياض الصلح وصديقه، بعد إعلان سعادة للثورة القومية الاجتماعية في لبنان، بمساعدة المخابرات السورية ودعم مباشر من حسني الزعيم. كان سعادة مطمئناً للزعيم لأنه وعده خيراً عند لجوئه إلى دمشق وأهداه مسدسه الشخصي عربون صداقة، لم يدرك أن الوضع قد تغير تماماً بعد اتصالات الزعيم السرية بالقيادة اللبنانية. ولكن سوء التخطيط والتنفيذ في ثورته أدى لاعتقال أو تصفية معظم كوادرها، فاتصل سعادة بالزعيم وطلب موعداً للاجتماع به في القصر الجمهوري في منطقة المهاجرين.

محاكمة أنطون سعادة في بيروت.
محاكمة أنطون سعادة في بيروت.

حُدد له موعداً للقائه ولكن بدلاً من نقله إلى القصر الرئاسي تم تسليمه إلى السلطات اللبنانية في 6 تموز عام 1949. أحضر سعادة مخفوراً إلى بيروت وأُعدم بمحاكمة صورية سريعة في 8 تموز 1949، بتهمة “الخيانة العظمى” والسعي لقلب النظام الحكم في لبنان. وعندما سأل كامل مروة صاحب جريدة الحياة الزعيم: “لماذا سلّمت انطون سعادة إلى لبنان؟ أجابه: “إن سورية لا تتحمل زعيمين.”

تلت حداثة تسليم سعادة تداعيات كثيرة، ففي سورية حيث كانت نسبة كبيرة من العسكريين والضباط أعضاء في الحزب القومي، وقع انقلاب ضد حسني الزعيم في 14 آب 1949. معظم القائمين على الانقلاب كانوا إما أعضاء في حزب سعادة، مثل أديب الشيشكلي وعلم الدين القواس، أو متعاطفين معه، مثل مهندس الانقلاب اللواء امي الحناوي. أعدم الزعيم ومعه محسن البرازي رمياً بالرصاص من قبل عسكريين منتمين إلى الحزب القومي، وقام الشيشكلي بأخذ قميصه الملطخ بالدم وقدمه لأرملة سعادة الموجودة في دير صيدنايا. وفي 16 تموز 1951، اغتيل رياض الصلح في أثناء زيارته إلى الأردن، انتقاماً لأنطون سعادة.

حسني الزعيم وبشارة الخوري بعد تسليم أنطون سعادة إلى لبنان.
حسني الزعيم وبشارة الخوري بعد تسليم أنطون سعادة إلى لبنان.

الحزب بعد أنطون سعادة

عمل الحزب في سورية مع سائر الأحزاب السياسية، وانتخب المحامي الشاب عصام المحايري رئيساً له، وهو من أصدقاء سعادة وأنصاره المقربين. كما أصبح المحايري عضواً في الجمعية التأسيسية التي وضعت دستور عام 1950 ونائباً عن دمشق في البرلمان السوري. وفي 12 أيلول 1950 أطلق صحيفة الجيل الجديد التي اعتُبرت بمثابة الجريدة الرسمية للحزب السوري القومي الاجتماعي في سورية. وفي سنة 1954 أطلق الحزب صحيفة البناء الجديد التي باتت ناطة بإسمه لغاية عام 1955. ساند الحزب أديب الشيشكلي في صعوده التدريجي إلى الحكم، ابتداء من انقلابه الأول في كانون الأول 1949 وصولاً إلى الانقلاب الثاني في تشرين الثاني 1951. أصدر الشيشكلي قراراً بمنع كل الأحزاب السياسية من العمل، واستثني منه الحزب القومي ورئيسه، الذي عُيّن مستشاراً سياسياً للشيشكلي. وخاض الحزب الانتخابات النيابي سنة 1953 إلى جانب حركة التحرير العربي التي أسسها الشيشكلي وتقاسما معه مقاعد المجلس النيابي.  تمتع الحزب بجذور شعبية قوية ساعدته على المحافظة على نفوذه في سورية خاصة بعد سقوط حكم الشيشكلي ونفيه خارج البلاد سنة 1954.

العقيد عدنان المالكي
العقيد عدنان المالكي

الحزب وحادثة اغتيال عدنان المالكي

وفي 22 نيسان 1954، صدر قرار بحظر الحزب واعتقال جميع كوادره، وذلك بعد تورط بعض أعضائه في جريمة اغتيال العقيد عدنان المالكي في الملعب البلدي بدمشق. جُنّد رئيس الشرطة العسكرية أكرم الديري لتدبير عملية الاغتيال عبر عناصر قومية في شرطته، وكانت الخطة أن يطلق القاتل يونس عبد الرحيم الرصاص على المالكي ويقوم شرطي آخر بقتل يونس عبد الرحيم دون علم مسبق منه، ولكن الأخير أطلق النار على نفسه وسقط قتيلاً في الملعب البلدي.

وجهت الحكومة والقوى السياسية الرئيسية أصابع الاتهام للحزب السوري القومي الاجتماعي، وأثبتت التحقيقات أن وراء خطة الاغتيال جورج عبد المسيح الذي أصبح زعيماً للحزب في لبنان بعد أنطون سعادة، واتهم أيضاَ الضابط غسان جديد، وهو من أبرز القوميين السوريين في الجيش السوري. وقيل إن خلافاً نشب بين المالكي وجديد حول النفوذ بين ضباط الجيش، وأن المالكي كان يُهدد جورج عبد المسيح بالترحيل إلى لبنان حيث كان مطلوباً أمام القضاء بسبب جريمة مقتل رياض الصلح.

أصدر رئيس الحكومة صبري العسلي قراراً بحظر الحزب وبعد ستة أشهر أصدرت المحكمة العسكرية بدمشق أحكاماً بإعدام عدد من عناصر الحزب شملت ثلاثة من قادته الموقوفين، ومنهم عصام المحايري، وأربعة حُكموا غيابياً وبينهم جورج عبد المسيح. وصدرت أحكام بحق مائة سوري قومي منهم جوليت المير التي سجنت لمدة 13 سنة، ولوحق غسان جديد إلى بيروت حيث اغتيل على يد المخابرات السورية سنة 1956. أما المحايري فقد خفف حكمه إلى السجن المؤبد وبقي قيد الاعتقال لغاية 31 آب 1965، عندما أطلق سراحه في عهد الرئيس أمين الحافظ.

وفي كتابه الشهير الصراع على سورية يقول الصحفي البريطاني باتريك سيل:

أن اغتيال المالكي كان حدثاً وحيداً شكل نقطة تحول كبرى في تاريخ سورية المعاصر، لأنه أقصى الحزب السوري القومي المنافس الأكبر والوحيد لحزب البعث من الساحة ومنذ إقصاء الحزب القومي أصبح حزب البعث أكبر حركة سياسية في سورية والأعظم نفوذا في صفوف القوات المسلحة، لكن تصفية القوميين كانت سيف ذو حدين لأنها فسحت المجال أيضاً ليصبح الإخوان المسلمون التنظيم الثاني في سورية في وجه البعث.

الحزب بعد اغتيال المالكي

أدت الأحكام المتشددة والملاحقات الأمنية إلى انحدار كبير بشعبية الحزب في سورية، والتهب الغضب الشعبي السوريين القوميين وتولدت مشاعر دعم للقوميين العرب والبعثيين من أنصار الرئيس المصري جمال عبد الناصر. فرَ ما تبقى من السوريين القوميين مع أفراد عائلاتهم خارج سورية ومن هؤلاء عائلات بارزة لا علاقة لها بالحزب، كعائلة الشاعر بدوي الجبل الذي هرب إلى لبنان خوفاً من الاعتقال، وكذلك الشاعر أدونيس الذي خرج من سورية بعد مدة اعتقال على خلفية قضية المالكي. واصلت السلطة السورية حملتها ضد السوريين القوميين وأنصارهم في صفوف القوات المسلحة والإدارة العامة ففصلت الكثيرين، ما فتح الباب أمام عناصر حزب البعث والحزب الشيوعي للسيطرة على الشارع السوري. وقاد رئيس المكتب الثاني (للمخابرات العسكرية) عبد الحميد السراج حملة الاعتقالات والقمع ضد الحزب السوري القومي، وبقي الحزب محظوراً لغاية عام 2005، عندما سمح بمعاودة نشاطه في سورية سنة 2005، وذلك بعد خمس سنوات من وصول الرئيس بشار الأسد إلى الحكم. وقد انتخب المحايري مجدداً رئيساً للحزب وبقي في منصبه لغاية العام 2016.

محاولات انقلابية فاشلة

وفي سنة 1956، شارك بعض عناصر الحزب في محاولة انقلاب فاشلة في سورية جاءت بتمويل من الحكومة العراقية، ومنهم المفكر اللبناني سعيد تقي الدين والضابطان صلاح الشيشكلي (شقيق أديب الشيشكلي) وغسان جديد. وكان الهدف من الانقلاب التخلص من رئيس الجمهورية شكري القوتلي وضرب التحالف القائم بينه وبين الرئيس عبد الناصر، مع تصفية كل من عبد الحميد السراج والزعيم البعثي أكرم الحوراني ورئيس الحزب الشيوعي خالد بكداش. ولكنّ الانقلاب أجهض من قبل أجهزة المخابرات السورية وتم اعتقال معظم المشاركين فيه وفرار البقية إلى لبنان. وفي لبنان حاول الحزب القيام بانقلاب عسكري مماثل ليلة رأس السنة لعام 1961/1962 ضد الرئيس اللبناني فؤاد شهاب، المتحالف مع جمال عبد الناصر. أطلق على الانقلاب الفاشل اسم “الثورة القومية الاجتماعية،” وخطط له ضابطان في الجيش اللبناني، هما فؤاد عوض وشوقي خير الله، بالتنسيق مع قائد الحزب في حينها عبد الله سعادة.

أعضاء الحزب السوري القومي الاجتماعي

من أشهر السوريين المنتمين إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي

انتقل ثقل الحزب بعدها إلى سورية ليشارك بقوة في الحياة السياسية والبرلمانية حتى اغتيال نائب رئيس أركان الجيش السوري العقيد  عدنان المالكي عام 1955 واتهام رقيب سوري قومي يدعى  يونس عبد الرحيم بتنفيذ الجريمة لكنه وفي نيسان 2010 وصدر قرار المحكمة العسكرية السورية ببراءة الحزب السوري القومي الاجتماعي منها، بعدما حاولوا إلصاقها به. حُظر الحزب على إثر هذا الاتهام من ممارسة نشاطه رسمياً في سورية حتى عام 2005. نتيجة هذا الاغتيال حصل انشقاق داخلي في الحزب، ولد على أثره فصيل ترأسه جورج عبد المسيح.استمر عبد المسيح بقيادة هذا الفصيل الذي حمل نفس اسم الحزب «جناح الانتفاضة» ويعتمد نفس  العقيدة والدستور وتختلف فيه  القيادة فقط، ولايزال هذا الجناح ناشطاً بشكل ضعيف حتى الآن.

انتقل نشاط الحزب تدريجياً إلى لبنان بعد حظره في سورية وقام بمحاولة انقلابية فاشلة ليلة رأس السنة 1961/1962 ضد إدارة فؤاد شهاب  لتعتقل قياداته وأعضاؤه حتى أواخر الستينات.

شارك الحزب ضد العدو الصهيوني بعمليات عسكرية وفدائية كثيرة منذ بدايات الثمانينات حتى نهايات التسعينات وتعتبر  الاستشهادية سناء محيدلي واحدة من أبرز فدائيات الحزب في الجنوب  وخالد علوان منفذ عملية مقهى الويمبي ضد جنود الاحتلال الإسرائيلي في وسط بيروت والتي كانت السبب في معاودة العمليات الفدائية ضد العدو الصهيوني وانسحابه من العاصمة.

عاد الحزب إلى نشاطه السياسي والاجتماعي في سورية بشكل تدريجي منذ أعوام قليلة في أواخر عهد  الرئيس حافظ الاسد، أصبح عضواً مراقباً في الجبهة الوطنية التقدمية منذ عام 2001، وله أعضاء في البرلمان ووزير في الحكومة.

للحزب نشاطات خارج سورية الطبيعية، حيث له فروع كثيرة في المهجر حيث الجاليات السورية-اللبنانية، وله فرع في الاردن وفلسطين وباقي أجزاء سورية الطبيعية في سورية ولبنان والعراق.

في عام 2012 عند صدور قانون التعددية الحزبية في سورية منع القانون ترخيص أي حزب قيادته خارج حدود الجمهورية العربية السورية ومنع أيضا ان يكون لاي حزب سياسي فصائل مقاتلة وذلك عنى بالنسبة للحزب التخلي عن فصائل (نسور الزوبعة)

انقسم الحزب عندها إلى جناحين جناح رفض الشروط ولم يقم ب الترخيص (المركز) وبقت قيادته في لبنان وجناح اخر انقسم عن الحزب الأساسي ورخص في سوريا تحت اسم الحزب السوري القومي الاجتماعي في الجمهورية العربية السورية

وعرف ب (الأمانة) بقيادة الأمين  عصام المحايري لم يكن ل (الأمانة) أي فصيل مقاتل

في عام 2017 اعطي الترخيص ل جناح (المركز) ورخص في سورية تحت اسم الحزب السوري القومي الاجتماعي – المركز بقت قيادة ((المركز)) في لبنان واحتفظ بفصائل نسور الزوبعة متجاوزين شروط قانون التعددية الحزبية

علما انه حتى قبل الترخيص كان يقوم (المركز) بكافة نشاطته وممارساته الحزبية بكل اريحية في الأراضي السورية قامت فصائل نسور الزوبعة التابعة ل (المركز) بمهمات قتالية كقوات رديفة للجيش السوري منذ بدء العمليات العسكرية للجيش السوري ضد التنظيمات الارهابية وسقط للحزب شهداء كثيرون في كل اراضي الجمهورية السورية دفاعاً عن الشرغية السورية.

نسور الزوبعة
نسور الزوبعة

العقيدة

يعتبر أن «السوريين أمة تامة» وأن «القضية السورية قضية قومية قائمة بنفسها ومستقلة عن أية قضية أخرى» أهداف الحزب الأساسية تتمثل في النهوض بسورية الطبيعية بكل المجالات وتوحيدها لأنها تشكل وحدة جغرافية واحدة «ذات حدود جغرافية تميزها عن سواها تمتد من جبال طوروس في الشمال الغربي وجبال البختياري في الشمال الشرقي إلى قناة السويس والبحر الأحمر في الجنوب شاملة شبه جزيرة سيناء وخليج العقبة، ومن البحر السوري في الغرب شاملة جزيرة قبرص، إلى قوس الصحراء العربية وخليج العجم في الشرق. ويعبر عنها بلفظ عام: الهلال السوري الخصيب  ونجمته جزيرة قبرص». أي انها تضم كل من العراق والكويت والاهواز والشام (سورية) ولبنان وفلسطين والاردن وأطراف جغرافية طبيعية سيناء وقبرص وكيليكية ولواء الاسكندرون. ويعتبر الحزب السوري القومي الاجتماعي ان الأمة السورية مجتمع واحد، وضرورة بعث نهضة سورية قومية اجتماعية من خلال فصل الدين عن الدولة ومنع رجال الدين من التدخل في شؤون السياسة والقضاء وإلغاء الإقطاع وتنظيم الاقتصاد القومي على أساس الإنتاج وإنصاف العمل وصيانة مصلحة الأمة والدولة وكذلك إعداد جيش قوي يكون ذا قيمة فعلية في تقرير مصير الأمة والوطن.

الحزب والعروبة

الأمة السورية كما يراها الحزب السوري القومي الاجتماعي

تعتبر عقيدة الحزب أن سورية الطبيعية جزء لا يتجزأ من  العالم العربي تقوم مقاماً مركزياً وقيادياً فيه، ويدعو الحزب لتفاعل سورية الطبيعية مع محيطها العربي وابراز مكانتها التاريخية وتمايزها بين باقي أمم العالم العربي الأخرى ( والمغرب العربي ووادي النيل الجزيرة العربية). ودعى مؤسس الحزب إلى التضامن العربي في وجه القوى  القوى الامبريالية والاستعمار والرجعية المحلية  المعادية للعروبة ونقض العروبة الوهمية داعياً إلى عروبة واقعية.

نشيد الحزب الرسمي

قام  الزعيم انطون سعادة بتأليف النشيد عندما كان مسجونا وقام بتلحينه الملحن زكي ناصيف الذي كان عضوا من الحزب ومسجونا معه:

سورية لك السلام
سورية أنت الهدى
سورية لك السلام
سورية نحن الفدى
نحن قوم لا نلين
للبغاة الطامعين
أرضنا فيها معين
للرجال الناهضين
كل ما فيها جميل
كل من فيها كريم
جوها صاف عليل
شعبها حي عظيم
يا جبالا قد تعالت
وتجلت كحصون
يا نفوساً قد تسامت
فوق آماد المنون
نهضة هزت قروناً
وجلت عنا الخمول
أمة نحن يقينا
وحياة لن تزول
ضياء سعادة الامينة الاولى للحزب
ضياء سعادة الامينة الاولى للحزب

موقع الحزب