يعقوب البرادعي مؤسس مذهب الطبيعة الواحدة …
حليف و صديق الحارث الغساني زعيم العرب ورئيس هذا المذهب …
أخذ الحارث الغساني، الرئيس على العشائر ، بعد اعتناقه للمونوفيزية على عاتقه تأييد المونوفيزية ودعمها بغيرة وحرارة .
وفي أيام الحارث ظهر يعقوب البرادعي وهو الذي صار مؤسس الكنيسة المونوفيزية المسماة كنيسة اليعاقبة ، بفضل دعم الحارث زعيم القبائل العربية له .
ولد يعقوب البرادعي عام 505 م في قسطنطينية “تل موزل” في بلاد مابين النهرين أي “العراق حالياً ” وقد اعجب الحارث الغساني به وكان يشتهي أن يراه شخصياً .
في عام 527 م انتقل يعقوب البرادعي إلى القسطنطينية عاصمة الامبراطورية الرومية بقصد التبشير بالمذهب الجديد “المونوفيزية” .
وذهب الحارث زعيم العرب لكي يتوسط لدى إمبراطور الروم جستنيان / يوستينيانوس من أجل أصحاب الطبيعة الواحدة . وقد طلب الحارث أن يرسم أسقفان من أجل المسيحيين العرب ، وذلك على يد بطريرك الأسكندرية ثيوذوسيس وكان من نفس المذهب ، وقد استجاب الأمبراطور لطلبه ورشح الحارث راهبين لهذا المنصب:
ثيوذرس أسقفاً على حدود بصرى ويعقوب البرادعي أسقفاً على الرها وتمت رسامتها في مستهل عام 543 م وقد كانت لرسامة هذين الأسقفين نتائج هامة .
ذهب ثيوذرس إلى رعاية العرب أهل الخيام من أصحاب الطبيعة الواحدة في مناطق على حدود بصرى.
أما يعقوب البرادعي فلم ينقل إلى أبرشيته في الرها حيث كان يوجد فيها أسقف أرثوذكسي اسمه مازونيس،
تمركز يعقوب البرادعي في الحير في بعض مراكز الغساسنة ، وانصرف ، بمساندة الحارث إلى توحيد وتنظيم صفوف شيعته المتفرقين في الداخل السوري و بلاد مابين النهرين و كان الزعيم العربي لقبائل صحراء سورية يتعاطى قضايا المونوفيزية ويتعهدها بنفسه كرئيس لهذا المذهب .
* نتائج تأسس يعقوب البرادعي و الحارث الغساني للمذهب المونوفيزي “السرياني” وانفصالهم عن الكنيسة الأم الجامعة كان له نتائج سياسية سلبية تنعكس على الإمبراطورية الرومية “البيزنطية” :
تحول السريان عوناً على الروم لكل عدو أو محتل وذلك من خلال تسهيل دخول العدو إلى المنطقة المأهولة بأغلبية سكانية من السريان .
وهذا لم يكن في حساب الدولة و الكنيسة خصوصاً بعد تعنت البرادعي واتباعه وإصرارهم على ترسيخ جذور المذهب و الانفصال عن الكنيسة الجامعة .
توفي الحارث ملك المونوفيزية عام 569 م و خلفه المنذر الغساني وكان ابن المنذر يذكر في الكنائس اليعقوبية وكان مسيحياً على مذهب الطبيعة الواحدة أي “سريانياً” ولكنه مثل والده ، يبيح تعدد الزوجات .
تدخل المنذر لإجراء مصالحة بين المونوفيزيت المتنازعين جديداً فيما بينهم ، حيث طلب يعقوب البرادعي تجريد بولس أسقف أنطاكية المونوفيزي وأثار حرباً عواناً . وتشكلت برئاسة الرجلين فرقتان متحاقدتان متعصبتان متنابذتان : ” فرقة البولسيين وفرقة اليعاقبة :
وكان بينهما اشتباكات معتادة دموية وكان بينهما قتل .
وكان مركز اليعاقبة دير مار حانيما في مدينة سيرا دومانورم “حمام” بأبرشية الفرات وأمر أتباعه ان لايكون لهم صلة إطلاقاً مع اتباع بولس .
توفي يعقوب البرادعي في طريقه إلى الأسكندرية في 30 تموز عام 578 م وقيل ان البوليسيين قتلوه .
-“ما كادت كنيسة أنطاكية تتخلص من أزمة الهرطقة النسطورية ، حتى دخلت في أزمة جديدة أصعب من تلك ، وهي أزمة مذهب الطبيعة الواحدة التي سببت انقساماً لم يكن له علاج .
من سوء الحظ ، جاءت بدعة مذهب الطبيعة الواحدة ، بعد المجمع المسكوني الرابع لتخمد ، في سوريا ومصر وفلسطين ، شعلة الأفكار وتطلق عاصفة الاضطراب في هذا البلد السعيد . وقد وجد التعليم بالطبيعة الواحدة “السريان اليعاقبة” مدخلا إلى الأوساط الشعبية عن طريق رهبان متعصبين .
وقد كان تأسيس و تنظيم هذه الكنيسة الحديثة فوزاً رئيسياً ليعقوب البرادعي الذي إليه يعود السبب مع الأسف في الإنقسام النهائي لكنيسة أنطاكية ، وتدعى هذه الكنيسة الجديدة بالكنيسة السريانية وقد سميت بهذا الاسم نسبة إلى الأرض سوريا اي ” أنهم أخذو الاسم من الأرض وليس العكس ” .
-اخذ الانشقاق الكنسي للسريان اصحاب الهرطقة اليعقوبية “الطبيعة الواحدة” منحى قومي وسياسي .
– ظهر في القرن السابع فاتحون مسلمون للمنطقة من ديانة أخرى استقبلهم بارتياح السكان – من المذهب المونوفيزي الطبيعة الواحدة “السريان” و تحولت البلاد المزدهرة إلى خرائب شوهاء واسودت هذه الصفحة الجميلة .
وعبثأ حاول أباطرة الروم أن يضبطوهم في الأرثوذكسية من أجل حفظ وحدة الدولة ووقايتها من الأعداء الخارجيين .
تاريخ كنيسة إنطاكية للعلامة المؤرخ خريسوستوموس باباذوبولوس، ص 313 ، ص 314
1) Ch. Diehl, Justinien, P. 586.
2) Vogüe, Syrie centrale. Architecture civile et religieuse du I au VII siecle, I, Paris 1865. P. 7-8. Ch. Diehl, Manuel de l’art Byzantin, I,27. 3) Ch. Diehl, I, 40-41.
4) Vogüe, P. 10.
5) Vogüe P. 10. 6) Ch. Diehl, Justinien, P. 562.