دير سيدة صيدنايا البطريركي

دير سيدة صيدنايا البطريركي

 

دير سيدة صيدنايا البطريركي

صيدنايا بلدة القداسة الصلبة كجبل البلدة الصخري الذي تختزن من الاوابد المقدسة المسيحية ماسجله السائح بوكوك وبلغ 45 معلما مسيحيا مابين دير وكنيسة ومزار وكهوف رهبانية وماهو موجود فيها حاليا يعطينا فطرة عن قداسة البلدة التي اختارتها امنا العذراء الطهور لتبني فيها اول دير لمتعبداتها خطت اساساته  بيدها المقدسة وتم بناؤه بيد اعظم ملوك الامبراطورية الرومية يوستنيانوس الاول وكانت  شقيقته ثيودورا اول رئيسة لرهبنة الدير النسائية…

تكثر في بلدة صيدنايا السوريّة الأديار والكنائس والمزارات، والتي قد يصل عددها إلى الأربعين، إلاّ أنّ الأشهر من بينها جميعًا هو دير السيّدة العذراء، ومنذ العصور الوسطى، كان الحجّاج في طريقهم إلى الأراضي المقدّسة، يتوقّفون في صيدنايا، للصلاة أمام إيقونة العذراء العجائبيّة وطلب بركتها. ويروي التقليد أنّ القدّيس لوقا، هو الذي رسم هذه الإيقونة، التي نُسب إليها العديد من المعجزات في مختلف المراحل الزمنيّة.

دير سيدة صيدنايا البطريركي
دير سيدة صيدنايا البطريركي

و يعتبر دير سيدة صيدنايا في سورية واحدا من أعرق مؤسسات الرهبنة الأرثوذوكسية في الشرق العربي بل وفي العالم المسيحي، ويعود  دير السيدة إلى القرن السادس بناه الإمبراطور يوستينانوس تنفيذاً لوصية السيدة العذراء ووفقاً لتصميمها الذي وضعته له على الأرض وقد تم إنجاز هذا الدير عام 547 وتواصلت فيها حياة الرهبنة منذ القرن الخامس المسيحي، وتعيش فيه نحو مائة راهبة ويأتيه الزوار من أنحاء العالم كما توجد مكتبة تضم مئات الكتب والمخطوطات كما ان في الدير مقام الشاغورة (المشهورة) وهو المكان الذي تولت فيه الغزالة إلى السيدة العذراء ، وطلبت من مطاردها الإمبراطور أن يبني لها الدير ، وفيه كنسية جددت بعد فتنة 1860.

 و قد تم  بناء دير سيدة صيدنايا عندما كان االامبراطور الرومي المذكور قد خرج بجيوشه لمهاجمة الفرس عبر سورية فعسكر في صحرائها. وخلال الاستراحة خرج الإمبراطور للصيد فوقع ناظراه على غزالة وبعد مطاردتها وقفت على رأس رابية بجوار ينبوع ماء متدفق رقراق

 

الامبراطور يوستنيانوس في صيد الغزالة ( العذراء)
الامبراطور يوستنيانوس في صيد الغزالة ( العذراء                                                           هناك لم تترك الظبية للصياد أي فرصة ليسدد سهامه نحوها إذ تحولت فجأة لأيقونة للسيدة العذراء يشع منها نور عظيم وخاطبت الملك داعية إياه لبناء كنيسة لها في الموقع وما لبث أن غاب شبح الغزالة. وبعد عودته أمر الملك ببناء الكنيسة.

رغم أنّ العديد من كنائس سورية دمّر في العام 1014 تنفيذًا لأوامر الخليفة الفاطميّ الحاكم بأمر الله، فإنّ دير صيدنايا غير مذكور في هذا السياق، وتاليًا من المرجّح أن يكون الدير قد نجا من هذا المصير. أوّل موضع يرد فيه ذكر الدير هو تقرير وجّهه في العام 1175 بوركهارد من ستراسبورغ، سفير الأمّبراطور فريديريك الأوّل بربروسا إلى بلاط صلاح الدين، إلى مولاه (أي الأمّبراطور بربروسا). يتضمّن هذا التقرير مقطعًا كاملاً حول دير صردناي ساردًا رواية تأسيسه.

ونظرا لاستشفاء شقيق صلاح الدين الايوبي وابلاله من مرضه العضال بعد اقامته في هذا الدير وقت الاستشفاء فقد نذرت شقيقته خاتون نذرا سنويا الى الدير عبارة عن مائة كيلة من زيت الزيتون النقي اضافة الى تقدمات اخرى شكرا لشافية اخيها، وبالرغم من حالة الحروب بين الفرنج  وخاصة زمن صلاح الدين الا ان الحجاج الافرنج الى بيت المقدس كانوا يحصلون على اذن خاص بزيارة دير سيدة صيدنايا والتبرك به فمنذ بدء القرن الثالث عشر، ساهم الشعراء والمطربون بإكساب قصّة هذا الدير الأرثوذكسيّ الموجود في الشرق مزيدًا من الشعبيّة، والحج الى دير السيدة له شعبية خاصة وتستمر من قبل عيد ميلاد السيدة بشهر والى مابعد العيد بشهر وتتوافد قوافل الحجاج على الجمال من كل الاصقاع ويضربون خيامهم في محيط الدير وفي كل ليلة سهرات وغناء وفي الصباح صلوات ودعاء في الدير والشاغورة مع التقدمات واستمر هذا النهج حتى صاروا يستأجرون غرف الدير لعدة ايام الى ان ابطلتها الرئيسة مارياحسون المعلوف ثم خليفتها كاترين ابي حيدر ولكن استمرت احتفالات الحجيج الى حين الازمة المؤلمة في سورية عام 2011

وبالعودة الى الحجاج الغربيين فقد بدأ الحجاج الغربيّون يتوافدون إليه بأعداد كبيرة في العهود الاسلامية .واقع الحال فأنّ المماليك، خلال حكمهم بلاد الشام بين 1250 و 1517، المدمر للوجود المسيحي في سورية الكبرى، وقد هدموا الكثير من الكنائس والأديار، ولكنّ دير صيدنايا نجا من هذا المصير، إذ يرد ذكره لدى كاتبين عربيّين عاشا في تلك الحقبة هما شهاب الدين العمري (القرن الرابع عشر)، وياقوت الحمويّ (القرن الخامس عشر). فالأوّل يشيد بالهدايا القيّمة التي قدّمها له سكّان صيدنايا، ويشير إلى أنّ رحلة الحجّ إلى الأراضي المقدّسة كانت تتضمّن في العادة زيارة إلى صيدنايا. أمّا الثاني فينوّه بكروم الدير وجودة نبيذه يقدّم الرحّالة الروس معلومات أكثر عن تاريخ صيدنايا. فيرد لديهم أنّ الرهبان في العهد العثمانيّ المبكّر تركوا الدير وسكنته الراهبات فقط بسبب الضرائب القاسية التي فرضتها السلطات. ففي العام 1506، وجّه البطريرك يواكيم ابن جمعة كتابًا إلى قيصر روسيّا إيفان الرابع الرهيب، طالبًا منه مساعدة دير صيدنايا. وبعد ثلاثين سنة أتى راهب إلى الدير وأحضر معه مائة وعشرين قطعة من الذهب، هديّة من القيصر إلى الراهبات الستّين في صيدنايا.وتذكر وثائق الوقف التي دُوّنت في بدء القرن السابع عشر اسم الأمّ الرئيسة مرتا، ابنة حاجي سعد. وفي العام 1636، رمّم صيدنايا من دون طلب الإذن من السلطات التركيّة، فسُجن رئيسه الأب موسى وعذّب وأُرغم على دفع غرامة كبيرة. في العام 1656، زار بطريرك أنطاكية مكاريوس الزعيم موسكو وتلقّى رسائل خاصّة من القيصر تنصّ على منح الحماية الروسيّة للأديار التالية: القدّيس جاورجيوس – الحميراء، البلمند، وصيدنايا. وفي العام 1708 بلغ عدد الراهبات في الدير أربعين راهبة مع رئيس وخمسة عشر راهبًا. وكان رئيس الدير والرهبان يمضون الليل في القرية

مدخل الدير المقنطر الى صحن الدير
مدخل الدير المقنطر الى صحن الدير

ويعملون في الدير ويصلّون فيه خلال النهار في العام 1762، بعد ثلاث سنوات على حدوث زلزال عنيف، أطاح بالكثير من الكنائس والجوامع في دمشق، أعيد بناء الدير بإذن خاصّ من المفتي العثمانيّ في دمشق الشيخ علي المرادي، بفضل تبرّعات قدّمها أعيان دمشق. وقد أعيد بناؤه وفق مخطّط ثلاثيّ بحيث يضمّ ثمانين صومعة. وكان للكنيسة أربعة مذابح، وفي العام 1768 عُيّن المؤرّخ ميخائيل بريك الدمشقي رئيسًا لدير صيدنايا. يخبّر أحد الرحّالة الذي زار دمشق، في العام 1825، أنّه قبل سنتين فقط نجا الدير بأعجوبة من الدمار الذي كاد يلحق به، إثر إعلان الاستقلال اليونانيّ في العام 1821. وفي العام 1840 يروي القنصل الروسيّ أوسبنسكي أنّه شاهد في الدير ثماني وثلاثين راهبة، ويشير إلى أنّ عائدات الدير تصبّ كلّها في صندوق البطريركيّة. وفي تلك الحقبة كان عدد من الأديار الصغيرة المجاورة تابعًا لدير سيّدة صيدنايا كدير القدّيسة بربارة والقدّيس جاورجيوس والقدّيس توما والقدّيس خريستوفورس.وفي بدء القرن التاسع عشر،  التي كانت محفوظة في الدير، والتي يخبر عنها الرحّالة أمثال براون، وريتر، وفولن، لطالما كرّست راهبات صيدنايا أنفسهن للعمل الشاقّ. ففي القرنين الثامن عشر والتاسع عشر كنّ يعملن في زراعة التوت وصناعة الحرير. فالرحّالة الأسقف بوكوك من القرن الثامن عشر يسجّل أنّ الأمّ الرئيسة أرته يديها الخشنتين والقاسيتين. وبشكل عامّ، من المعروف أنّ صيدنايا لطالما ضمّ عددًا كبيرًا من الرهبان. ففي العام 1384 سُجّل ثلاثة وعشرون راهبًا، وفي العام 1598 أربعة وعشرون. ويحصي الرحّالة في العام 1735 حوالى الأربعين راهبًا. أمّا بوكوك الذي زار الدير، في وقت قريب من تلك الفترة، فيذكر أنّ عدد الراهبات في الدير يبلغ العشرين ويرأسهنّ راهبان. ويشير الكاهن والرحّالة الإنكليزيّ ج. ل. بوتر، في العام 1852، إلى أنّ الدير يضمّ أربعين راهبًا ورئيسًا واحدًا، والعدد ذاته يرد في سجلات العام 1930، ويضم الدير حاليًّا ثماني وثلاثين راهبة.

غبطة ابينا البطريرك يوحنا العاشر في غروب عيد ميلاد السيدة يعظ المؤمنين المشاركين
غبطة ابينا البطريرك يوحنا العاشر في غروب عيد ميلاد السيدة يعظ المؤمنين المشاركين

   ويتربع الدير التاريخي في أعلى قمم قرية صيدنايا شمال دمشق في سلسلة أقبية وقاعات حجرية عتيقة تعلوها ثلاثة أبراج تزدان بأجراس الكنيسة أما أبواب الحجيرات والقاعات فهي الأخرى تبدو لوحات خشبية فنية تزدان بأعمال نثر ونحت أنجزت بدقة فائقة وببراعة لكن الأيقونة الأهم والتي كانت سببا في تشييد الدير محجوبة عن أنظار الراهبات والزائرين بعدما أودعت في صندوق خشبي مغلق يسمح بمشاهدته عن بعد والتبرك منه والصلاة بجواره وهذه هي، كما تؤكد التقاليد، أيقونة السيدة العذراء، واحدة من النسخ االثلاث الأصلية للأيقونات التي رسمت بيد الرسول لوقا البشير وتعرف في الارامية بـ”الشاهورة” أو “الشاغورة” ومعناها “ذائعة الصيت”. وفي جنبات الدير أودعت كؤوس حجرية وأجاجين فخارية كبيرة كانت تستخدم مخازن للزيت والمؤن اما الأيقونة المقدسة (الشاغورة) فقد أدخلت لاحقا ويعتقد أنها جلبت من القدس على يد راهب نجا خلال عودته من الوحوش وقطاع الطرق وتحظى منذ ذلك الوقت بتكريم وإجلال كبيرين و ان هذا  المكان بات محجا شهيرا يأتي بالمرتبة الثانية بعد القدس .

حضرة الام الرئيسة فيبرونيا نبهان
حضرة الام الرئيسة فيبرونيا نبهان

وتعيش في الدير الذي يقصده عشرات الآلاف من الحجاج والزائرين من جميع أنحاء العالم، نحو مائة راهبة وعشرات الطالبات اليتيمات اللواتي يدرسن في مدرسة تنفق عليهن وترعاهن من أموال التبرعات.

وما يزال الدير يملك أراضي كثيرة في سورية ولبنان، وتتكفّل الراهبات بزراعة جزء كبير من حاجاتهنّ الغذائيّة. فالخوابي السفليّة (الموجودة تحت الصوامع الرهبانيّة) تحوي مؤونة الدير السنويّة التي يأتي معظمها من حصاد أراضي الدير. وقد حُفظت في هذا المكان كمّيّات كبيرة من الحبوب والطحين والبقول وغيرها من المواد الغذائيّة، ووُضعت في خزّانات حجريّة كبيرة لتلبية حاجات الراهبات والأيتام والزوّار. وتوفّر للدير حاجته من المياه وما يفيض أربعة آبار حُفرت تحت مستوى الطابق السفليّ.

الزياح بأيقونة السيدة غروب عيد مولد السيدة في كل ارجاء الدير المقدس
الزياح بأيقونة السيدة غروب عيد مولد السيدة في كل ارجاء الدير المقدس                                                      

يحتل دير السيدة المركز الثاني في الأهمية بعد القدس الشريف من حيث عدد زائري الأماكن الدينية في الشرق.يتربع الدير على رابية عالية تشرف على منطقة صيدنايا، فيه مكتبة تضم العديد من الكتب المخطوطة الثمينة التي تبيّن أن عهد بناء هذا الدير يرجع إلى حوالي سنة 547م.

تاريخ الدير

تاريخ نشأة دير سيّدة صيدنايا غير محدّد. فقد وجدت فيه بعض الآثار من العصر الكلاسيكيّ ومنها بقايا معبد وكتابات يونانيّة. كما أنّ المسيحيّة بلغت منطقة القلمون في زمن القدّيس بولس، فاللغة الآراميّة التي نطق بها سكّان المنطقة حتّى القرن الثاني عشر مشتقّة من اللغة التي كانت محكيّة في زمن المسيح (الآرامية الفلسطينية)، وكانت  المخطوطات الملكيّة (أي الأرثوذكسيّة)، المدوّنة باللغة الارامية، تُنسخ في صيدنايا حتّى القرن الثامن عشر. بالإضافة إلى ذلك، فالأثر الآراميّ واضح جدًّا في اللهجة العربيّة المحلّيّة التي يستخدمها أهالي صيدنايا وأهالي قرية معلولا المسيحيّة المجاورة. وثمّة قريتان أخريان كانتا مسيحيّتين لكنّهما الآن مسلمتان، ما يزال أهلهما ينطقون باللغة الآراميّة. فسكّان القلمون المحافظون يتمسّكون بكل ثبات وتصميم بتقليدهم الأصيل ويشدّدون على صلتهم بالمسيحيّة الأولى.

دير السيدة اواخر القرن 19 صورة بالاسود والابيض من مكتبة الكونغرس
دير السيدة اواخر القرن 19 صورة بالاسود والابيض من مكتبة الكونغرس

يروي المؤرخون أن الأمبراطور  الرومي يوستنيانوس الأول لما خرج بجيوشه لمهاجمة الفرس، مرّ بطريقه عبر سورية فوصل إلى صحرائها حيث عسكر الجند مع خيولهم ومعداتهم، ولكن ما لبث أن فتك بهم العطش نظراً لقلة المياه في تلك البقاع وثمة نبع ماء  بسيط كان يقع على الطريق المتجه عبر القلمون فعسكر الجيش الرومي بجانبه للاستقاء. وفيما هم على هذه الحالة، إذ بأنظار الملك تقع من بعيد على غزالة شهية للصيد، فأخذ يطاردها بحماس شديد حتى أن التعب كاد أن ينهكها، فوقعت على رأس تل صخرية، وهناك لم تترك الغزالة للصياد أي فرصة ليطلق السهام عليها بل فجأةً تحولت هيئتها إلى أيقونة للسيدة العذراء يشع منها نور عظيم … وخرجت من الأيقونة يد بيضاء وامتدت عن بعد نحو الملك الصياد، وقالت له: لن تقتلني يا يوستنيانوس … ولكنك ستشيد لي كنيسة هنا على هذه الرابية … عادت العذراء “الغزالة ثانية” وظهرت ليوستنيانوس مرة ثانية في الحلم وأرشدته إلى تصميم فخم، ويقال أن هذا الرسم يمثل نفس الهندسة التي بني عليها هذا الدير الشريف الذي لا يزال لليوم محتفظاً بعظمته وجماله الرومي.

بلدة صيدنايا المقدسة
بلدة صيدنايا المقدسة

وقد جُسدت هذه الحادثة من خلال لوحة فنية غاية في الروعة، معلقة فوق مقام الشاغورة الحالي. وهي من رسم فنان يوناني، تتحدث عن الكيفية التي بُني فيها الدير، والرسم المشار إليه أكثر تعبير من النص.

الشاغورة

ينتهي الطريق المتعرّج المؤدّي إلى الدير عند قاعدة الجرف الصخريّ. وهناك درجان متساوقان يصعدان بشكل متعرّج في أعلاهما سور الدير الذي لا يزيد ارتفاع مدخله عن المتر. ويؤدّي هذا المدخل إلى ممرّ صخريّ تدعمه، في بعض المواضع، جدران حجريّة وفيه فسيفساء تمثّل الإمبراطور يوستينيانس وأخته ثيودورا يقدّمان إلى العذراء والطفل نموذج الدير.

يصعد الممرّ تدريجيًّا باتّجاه الساحة الداخليّة الصغيرة للدير، التي منها يقود باب مقوّس صغير إلى الشاغورة بعد اجتياز بهو يجب فيه على الزائر أن يخلع نعليه. مزار الشاغورة مظلم جزئيًّا؛ هو القسم الأهم في دير السيدة، وهو غرفة صغيرة مظلمة تُضاء بالشموع والزيت أبداً، ذات سقف معقود تتدلى منه مصابيح عديدة مملوءة بالزيت. في جدارها الشرقي كوة ذات شبك من الفضة فوقه قطع وسلاسل ذهبية وفضية وصلبان مختلفة الأشكال مما قدمه الزوار في مختلف الأزمان.

مدخل الدير وفيسفساء العذراء والامبراطور يوستنيانوس
مدخل الدير وفيسفساء العذراء والامبراطور يوستنيانوس

تُحفظ أيقونة السيدة العذراء، وراء هذا الشبك المسدود وفي داخل طاق محفور في الجدار، وهي إحدى النسخ الأصلية للأيقونات الثلاث التي رسمت بيد الرسول لوقا البشير،  يوجد في المقام أيقونات فنية للعذراء وغيرها، يرجع تاريخها إلى القرن الخامس والسادس والسابع المسيحي. وعن هذا المكان روت الكتب القديمة قصصاً وحكايات عن هذه الأيقونة العجائبية، فكم من سقيم شفته وكم من مصاب أبرأته. فهو غرفة صغيرة سقفها منخفض ومقبّب وجدرانها تغصّ بالإيقونات التي غلب على معظمها السواد الناتج من دخان الشمع. المصابيح الملبّسة بالذهب والفضّة تتدلّى من السقف. وقد وُضعت الإيقونات القديمة بمعظمها داخل صناديق من الفضّة وأطر من الخشب المحفور. مصدر النور الوحيد يتكوّن من عشرات من الشموع المضاءة على طاولة مخصّصة لها ومن الشمعدانات.

غبطته يشعل شمعة في الشاغورة تضرعا للطاهرة
غبطته يشعل شمعة في الشاغورة تضرعا للطاهرة

تتدلّى ستارة بيضاء أمام كوّة صغيرة أُقفلت بواسطة شبكة حديديّة علّقت عليها السلاسل الذهبيّة والفضّيّة والأساور والعقود والكثير من الصلبان، وكلّها هدايا قدّمت للدير منذ أقدم العصور. فخلف هذه الشبكة الحديديّة توجد إيقونة العذراء العجائبيّة الشهيرة التي يقال إنّ القدّيس لوقا رسمها بيده. فالشاغورة باللغة الآرامية تعني “المشهورة” أو “اللامعة”. وقد تعني أيضًا “الينبوع” وهذه صفة موافقة لوالدة الإله، بما أنّ المسيحيّة بلغت إلى البشريّة بواسطتها.

إيقونات مزار الشاغورة

إيقونة الشاغورة لا تكشف للزوّار أبدًا. ولكن وصلنا عدد من الكتابات الوصفيّة لها من الزوّار الذين رأوها في العصر الوسيط. الوصف الأوّل قدّمه حاجّ اسمه جيرو في العام 1175 ويأتي فيه: “رأيت في هذه الكنيسة لوحة مرسومة على الخشب طولها ذراع وعرضها نصف ذراع، وُضعت في إحدى نوافذ المزار خلف شبكة حديديّة، وهي إيقونة للعذراء المغبّطة. ولكن يا للروعة فالإيقونة والخشب يشكّلان الآن كيانًا واحدًا ويرشح منه بدون توقّف الزيت الذي رائحته أعطر من الطيب، والذي شفى العديد من المسيحيّين والعرب واليهود من أمراض متنوّعة. والجدير بالملاحظة أنّ هذا الزيت لا ينقص أيًّا كانت الكمّيّة التي أُخذت منه. لا أحد يجرؤ على لمس هذه اللوحة ولكن رؤيتها ممكنة للكلّ. الزيت يُحفظ بقداسة وعندما يأخذ المرء كمّيّة من هذا الزيت بتقوى وإيمان تكريمًا للعذراء وبكلّ احترام ووقار، يحصل  على كلّ ما يطلبه. خلال الأيّام التي يُعيَّد فيها لرقاد العذراء وميلادها المجيدين، يأتي العرب جميعًا من المناطق المحيطة إلى هذا المكان ليصلّوا مع المسيحيّين ويقدّموا هداياهم بكلّ إخلاص”.

الشاغورة وطاقة الايقونة المقدسة
الشاغورة وطاقة الايقونة المقدسة

ليس لدينا إلاّ القليل من التفاصيل الأخرى حول هذه الإيقونة. فالشهود العيان الغربيّون يتحدّثون عن مقاييس مختلفة لها (1×1،5 ذراع؛ 1×1،5 قدم؛ أو 3×4 أقدام) والرحّالة الألمانيّ ليمان (1472 – 1480) يقول إنّها إيقونة العذراء المرضعة. وثمّة حاجّ زار الدير في السنة 1336، وصف الإيقونة بأنّها ليست سوى صورة من اللون الأحمر الداكن تغمرها الرطوبة. وبحسب الزائر العربيّ ابن مسعود فالإيقونة لوح خشبيّ من اللون الأحمر الداكن تبلغ سماكتها إصبعين وعرضه أربع أيدٍ. أمّا الرسم فلم تعد رؤيته ممكنة.

الإيقونات الأخرى المعلّقة على جدران الشاغورة مغطّاة بطبقة سميكة من السخام بسبب الشموع المضاءة بدون انقطاع على مدى قرون. واحدة منها فقط ما تزال واضحة بعض الشيء وهي صورة للعذراء بجانبها، رجل جاثٍ على ركبتيه، لابسًا معطفًا من الفرو الأخضر وعمامة. ويقول التراث المحلّيّ إنّه السلطان المملوكيّ بيبرس أو السلطان الأيوبيّ العادل أخو صلاح الدين. لم يذكر هذه الصورة أيّ من الرحّالة في العصر الوسيط. ولكنّ أسلوبها الذي ينتمي إلى المرحلة ما بعد البيزنطيّة، يرجّح أنّها تخبر عن أسطورة من العصر الوسيط.

الشاغورة
الشاغورة

إيقونات أخرى

في الكنيسة والدير عدد كبير من الإيقونات والموجودات القيّمة التي قدّم الحجّاج معظمها. فالإيقونات تغطّي جدران الكنيسة الرئيسة أي كنيسة السيّدة. ومعظمها رُسم تبعًا لنمط المدرسة القدسيّة التي ازدهرت بعد العام 1860، وهي السنة التي شهدت فيها دمشق وجبل لبنان أحداثًا مأساويّة إذ قتل العديد من المسيحيّين وهدم عدد كبير من الكنائس. ولكن عندما عمّ السلام من جديد، شهدت المنطقة حركة إحياء مسيحيّ قويّة، وإعمارًا كثيفًا للكنائس الجديدة التي كانت كلّها بحاجة إلى الإيقونات. ومنذ ذلك الحين، نشط إنتاج الإيقونات على نطاق واسع، وظهر في القدس عدد من راسمي الإيقونات الأصيلين. ومنهم يوحنّا صليبيّ القدسيّ، ميخائيل مهنّا القدسيّ، نقولا تادروس القدسيّ، وإسحق نقولا القدسيّ الذين عملوا جميعًا بجهد في لبنان الحالي وسورية الحالية ( كانت الرقعة واحدة). في الواقع، لا يمكن وصف هؤلاء الرسّامين بأنّهم فنانون مرهفون، ولكن إيقوناتهم تشكّل مجموعة متماسكة، بحيث يمكن القول إنّ هؤلاء الفنانين قدّموا نمطًا فريدًا ومدرسة إيقونوغرافيّة مختلفة. أسلوبهم لا يشبه النمط الحلبيّ، بل هو أقرب إلى الرسوم الدينيّة الروسيّة، التي ازدهرت في أواخر القرن التاسع عشر. ففي تلك الحقبة كان الوجود الروسيّ في فلسطين بارزًا. إذ عمل الفنّانون الروس في الأراضي المقدّسة وخلّفوا لوحات عدّة؛ كما أنّ الحجّاج الروس حملوا معهم الإيقونات خلال زياراتهم الأراضي المقدّسة. خلال الجزء المتأخّر من القرن التاسع عشر، اختلفت الإيقونوغرافيا الروسيّة كثيرًا عن الفنّ الروسيّ الدينيّ التقليديّ، إذ اتّجهت أكثر نحو الرسوم الزيتيّة الدينيّة الغربيّة، التي تعتمد زوايا مختلفة جدًّا في الرسم، ومنها مثلاً استعمال البعد الثالث، ولعبة الضوء والظلّ، والرسم القصصيّ. ففي هذا النمط من الإيقونوغرافيا، نجد أنّ البعد الروحيّ الذي يجب أن تحمله الإيقونة يحتلّ الدرجة الثانية. وهكذا فإنّ إيقونات المدرسة القدسيّة تتميّز بطابع زخرفيّ مع ألوان طبيعيّة، تختفي فيها الخلفيّة المذهّبة التي تطبع الإيقونات الرومية والتي ترمز إلى النور الإلهيّ،

الام الرئيسة كاترين ابي حيدر بانية دير الشاروبيم
الام الرئيسة كاترين ابي حيدر بانية دير الشاروبيم

لتحلّ محلّها مناظر الأرياف مع السماء الزرقاء والغيوم. تأليف موضوع الإيقونة مليء بالتفاصيل وبالعناصر التي لم تكن موجودة من قبل. زد على ذلك، أنّ ثمّة مسحة وجدانيّة نقرأها على وجوه جميع الشخصيّات، وهذا يميّز جميع الإيقونات الروسيّة العائدة إلى تلك الحقبة الزمنيّة.

كنيسة الدير

، فهي كبيرة حسنة البناء. وروى الأب يسون اليسوعي 1660م إنها تماثل أعظم كنائس فرنسا وأجملها. يفصل الهيكل عن صحن الكنيسة حامل أيقونات “أيقونسطاس” من الخشب الملون والمحفور، يماثل في روعته أجمل ما تضم كنائس العالم، ويعود تاريخه إلى القرن الثامن عشر، ويقع أمام الهيكل ووراءه فرش من الفسيفساء الملونة تمثل بعض الحيوانات، وهو غاية في الجمال. تحوي الكنيسة كذلك العشرات من الأيقونات القديمة النادرة تعتبر كنز من الناحية الأثرية. للكنيسة ثلاث قباب بديعة أكبرها القبة الوسطى التي تتخللها الشمس من كل الجهات. في سنة 1728م، وجد السائح الروسي بارسكي أن الكنيسة تشبه كنيسة طور سيناء بل تفوقها جمالاً. جُددت الكنيسة سنة 1780م.

جوقة الكنيسة من راهبات الدير
جوقة الكنيسة من راهبات الدير

الكنيسة الحاليّة بناؤها معاصر، وقد رمّمت في عهد البطريرك إيروثيوس (1851 – 1885)، بعد أن دُمّرت  بالقنابل واحجار المنجنيق خلال مجازر العام 1860. إذ لم يبق شيء من الكنيسة القديمة التي عرفها الحجّاج الفرنجة وتحدّثوا عنها. فأولى الكتابات التي تصفها، والتي يتراوح تاريخها بين القرنين الرابع عشر والسادس عشر، تفيد بأنّ الكنيسة هي كاتدرائيّة تتألّف من ثلاثة أجنحة مع قناطر تضمّ ستّة أقواس في كلّ جهة وسقف مقبّب وأرضيّة من الفسيفساء؛ وأنّ الإيقونسطاس القائم في الطرف الشرقيّ من صحن الكنيسة كان يحمل إيقونات كثيرة؛ وجدران الهيكل مزيّنة بالرسوم الجميلة. ورغم أنّ القبب الحجريّة تعود إلى العصر الوسيط، إلاّ أنّ الفسيفساء الأرضيّة تدلّ على أنّ الكنيسة، بنيت في الأصل، خلال العصر الرومي بين القرنين الرابع والسادس، ما يعزّز مروية تأسيسه.

واجهة الكنيسة
واجهة الكنيسة

يتحدّث الرحّالة الروسيّ بارسكي، الذي زار صيدنايا في العام 1728، عن كاتدرائيّة من خمسة أروقة. سقفها مقبّب وأرضها رُصفت بالحجارة اللوحيّة: وحده الهيكل ما يزال يحافظ على الفسيفساء الرومية. ويصرّح بارسكي بأنّ كنيسة صيدنايا كانت أجمل كنيسة زارها في الشرق.

وحين حلَّت كارثة  الزلزال العام 1759، انهدم جزء كبير من الكنيسة والسقف بكامله. لكنّ إعادة بناء الأجزاء المتهدّمة حصلت في العام 1726، ثمّ خضعت الكنيسة لمزيد من التغييرات في العام 1810. أمّا الترميم الأخير والكامل فقد أُجري بعد التهديم الذي حصل في العام 1860.

من الخارج لا يمكن رؤية شيء من الكنيسة سوى الجدار الشماليّ المواجه لساحة الدير. هذا الجدار المبنيّ بالحجر الكلسيّ الأبيض، والذي تخترقه نوافذ صغيرة، بسيط المظهر ومتواضع. داخل الكنيسة مساحة واسعة مكعّبة تكلّلها قبّة مرتكزة على ثلاثة أروقة. والصحن الرئيس الذي تعلوه قبّة نصف اسطوانيّة هو أوسع وأعلى من الرواقين الجانبيّين. وثمّة نوافذ ضيّقة مقوّسة موجودة في الجدارين الشماليّ والجنوبيّ على مستويين، ولكنّ القبّة تحجب النور، فثريّات الكريستال الجميلة المتدلّية والشموع المشتعلة هي التي تنير الكنيسة.

كنيسة الدير
كنيسة الدير

داخل الكنيسة الفسيح والشاهق متساوق بشكل تامّ، والأرض مبلّطة بالرخام المطعّم بألوان متعدّدة. الجصّ الأزرق يغطّي الجدران العليا والقبب. وثمّة نموذج نحتيّ عند قاعدة القبب يلفّ الكنيسة بأسرها؛ وفي قبّة الهيكل رُسمت شمس مشعّة.

الكنيسة تغصّ بالشموع ومنابر الوعظ والمقاعد والإيقونات المحاطة بأطر من الرخام أو المعلّقة تحت مظلاّت. وثمّة سلّم يؤدّي إلى منبسَط مثمّن الأضلع حروفه مزدانة بالإيقونات التي تمثّل الإنجيليّين الأربعة والمسيح المتربّع على العرش. فوق إيقونة المسيح عُلّقت منحوتة النسر ذي الرأسين الذي يرمز إلى الإمبراطوريّة الرومية بشقيها الدينيّ والسياسيّ وقد تبنّته الكنيسة الأرثوذكسيّة. أمّا الإيقونسطاس الخشبيّ الكبير فيمتدّ عبر أروقة الكنيسة الثلاثة. والإيقونات التي عُلّقت على هذا الإيقونسطاس الرائع تعود بمعظمها إلى القرن التاسع عشر.

من الموجودات الأكثر إثارة للاهتمام، نعش المسيح الذي يستخدم مرّة واحدة في السنة، في يوم الجمعة العظيم المقدّس، وهو مزيّن بسخاء بالأزهار القماشيّة وعقود اللؤلؤ. وعلى غطائه الخشبيّ إيقونة تمثّل وجه المسيح في القبر مع والدته والقدّيس يوحنّا ينوحان كلّ من جهة.

يفصل إيقونسطاس فخم صحن الكنيسة عن الهيكل. مقاييسه كبيرة رُفعت عليه إيقونات من مصادر مختلفة، لكنّ معظمها ينتمي إلى أسلوب المدرسة الفلسطينيّة. غير أنّ إيقونتي المسيح والعذراء تنتميان إلى مرحلة سابقة. إلى يسار الباب الملوكيّ نجد إيقونة المسيح ملك الملوك ورئيس الكهنة الأعظم الرائعة. في هذه الإيقونة رُسم المسيح جالسًا على وسادة حمراء مطرّزة بأناقة وُضعت على عرش فخم؛ يكلّل رأس المسيح التاج الملوكيّ وهو يرتدي لباس رئيس الأساقفة. رداؤه الأبيض مزيّن بأزهار وخطوط من اللون الأخضر وبصلبان من اللون الأصفر. أمّا المعطف فيزيّنه نموذج مذهّب على خلفيّة زرقاء داكنة، والقفطان أحمر مزيّن بأزهار زرقاء اللون. إلى الجانبين نرى الملائكة ساجدين وعلى أطراف الإيقونة الرسل والأنبياء. وجه المسيح، بملامحه الدقيقة ولحيته القصيرة وشاربيه المسترسلين، يجعلنا نؤكّد أنّ الإيقونة من عمل ميخائيل بوليخرونيس الكريتيّ، الذي عمل في لبنان وسورية في بدء القرن التاسع عشر. فالأثر الزخرفيّ الغربيّ جليّ في أعماله وهو ظاهر بوجه خاصّ في الزخرفة الباروكيّة للثياب والعرش.

صلبوت ايقونسطاس الكنيسة
صلبوت ايقونسطاس الكنيسة

إلى يمين الباب الملوكيّ توجد إيقونة العذراء والطفل، ويعود تاريخها إلى العام 1812 ويدلّ أسلوبها، مع الوجوه البيضاويّة الشكل والملامح الدقيقة والصغيرة، على أنّها من عمل ميخائيل بوليخرونيس الكريتيّ. تدلّ على العذراء كتابة يونانيّة وهي ترتدي قفطانًا أزرق ومعطفًا أحمر تزيّنه ثلاثة نجوم. والهالة فوق رأسها تحمل ex-voto مذهّبة. الملائكة تسبح مع الغمام على جانبي العذراء الجالسة على العرش. الطفل يحمل الكتاب المقدّس مغلقًا في اليد اليسرى ويبارك بيمينه. الهالة تحمل كتابات نذريّة وعند حدود الإيقونة رُسم الرسل والأنبياء.

عند كلا جانبي الإيقونتين الملكيّتين نجد صورًا تمثّل مشاهد من حياة المسيح. إلى اليسار توجد إيقونة البشارة التي تتضمّن مشاهد من لقاء مريم بأليصابات والميلاد والهروب إلى مصر، وكلّها داخل مربّعات عند الطرف الأدنى من الإيقونة. وقّع هذه الإيقونة الرسّام يوحنّا صليبا الأورشليميّ وهي تحمل تاريخ السنة 1873. المشهد برمّته متأثّر بالتقليد الغربيّ: فالعذراء تتأمّل نبوءة أشعياء بينما يأتي إليها الملاك جبرائيل حاملاً الرسالة الإلهيّة. الملاك ذو الأجنحة يشير نحو السماء ليدلّ على أصل الرسالة. بيده اليمنى يحمل ثلاث زهرات من الزنبق وهي رمز العذريّة والطهر. والعذراء جالسة في الجهة المقابلة للملاك تحت مظلّة كثيرة الزخرفة يداها مثنيّتان ورأسها منحنٍ. في السماء من فوقها مجموعتان من الغيوم عبرهما ينزل الروح القدس بهيئة حمامة مع أشعّة تنبثق منه باتّجاه العذراء.

هذا الأسلوب التصويريّ المتميّز بالألوان النضرة والوجوه المستديرة خاصّ بيوحنّا الأورشليميّ المعروف أيضًا بيوحنّا القدسيّ. فثنايا الثياب واسعة وتغطّي حركات الجسد. والزخرفة تحترم أعراف النمط البيزنطيّ ذي البعدين. إلاّ أنّ الرسم بحدّ ذاته غنيّ بالزخارف التي يظهر عبرها الأثر الغربيّ، ومنها الخطوط الباروكيّة والانحناءات ومجموعة متنوّعة من النماذج الزخرفيّة.

في المستوى السفليّ من الإيقونة نجد ثلاثة مشاهد تلي حدث البشارة بالترتيب الزمنيّ. الأوّل يصوّر أليصابات تعانق العذراء؛ ثمّ مشهد الميلاد الذي يصوّر يوسف ومريم يسجدان للطفل يسوع وفق التقليد الغربيّ؛ فمشهد الهروب إلى مصر الذي يصوّر العذراء تحمل يسوع وهما راكبان على حمار يقودهما يوسف سيرًا على قدميه.

سقف الكنيسة
سقف الكنيسة

إلى يمين الباب الملوكيّ وإلى جانب إيقونة العذراء عُلّقت إيقونة ذات مستويين: العلويّ يمثّل دخول العذراء إلى الهيكل، والسفليّ ميلاد العذراء.

في مشهد الميلاد نرى حنّة مستلقية على سريرها ويدها اليمنى ممتدّة باتّجاه الخادمات الأربع ويواكيم. تعلو رأسها هالة وهي لابسة ثوبًا أزرق فوقه معطف من اللون الأحمر اللمّاع. الخدم يرتدون عمامات شرقيّة وقد وضع عدد من الأطباق على مائدة. وعوضًا عن مشهد اغتسال الطفلة التقليديّ نرى العذراء في مهد يحرسها واحد من الخدم.

أمّا دخول العذراء إلى الهيكل في المستوى العلويّ من الإيقونة فيتألّف من سلسلة من المشاهد المركّبة وهي تعكس الأسلوب الإيقونوغرافيّ البيزنطيّ. فمريم ابنة الثلاث سنوات يرافقها يواكيم وحنّة والعذارى المرتديات ألبسة فاخرة وعمامات. الكاهن الشيخ زكريّا يمدّ لها يده مرحّبًا وهي تردّ عليه التحيّة. وثمّة سلالم تقود إلى الطابق العلويّ حيث تجلس العذراء تحت قبّة قدس الأقداس وتتلقّى الطعام السماويّ الذي يحضره لها الملاك. ووفقًا للتقليد يأتي رسمها فوق غمامة. أمّا الخلفيّة فتتكوّن من أبنية الهيكل المصوّرة بشكل مسطّح، توافقًا مع متطلّبات مبدأ البعدين الذي ينصّ عليه فنّ رسم الإيقونات البيزنطيّ. الوجوه الصغيرة المتشابهة والعناصر الغربيّة أو البيزنطيّة البارزة في الهندسة، والأطباق المصفوفة على الطاولة، تجعلنا نردّ هذه الإيقونة إلى مدرسة ميخائيل بوليخرونس.

في الجهة اليسرى من الإيقونسطاس عُلّقت إيقونة تصوّر النبيّ إيليّا والغراب. فإيليّا، نبيّ العهد القديم، بشّر بمجيء المخلّص وبقيامته. وتستبق أعجوبة إطعام طيور الغراب له في الصحراء حدث الإفخارستيّا. ففي العهد الجديد تتمّ مماهاة إيليّا بالقدّيس يوحنّا المعمدان كسابق للمسيح ونبيّ التجسّد. أسلوب هذه الإيقونة التي تحمل إهداءً في أسفلها مشابه لأسلوب إيقونتي العذراء والمسيح المعلّقتين عند الباب الشماليّ للكنيسة.

على إيقونسطاس كنيسة السيّدة يوجد ثنائيّ آخر من الإيقونات الملوكيّة المنتمية إلى المدرسة القدسيّة. فإيقونة المسيح الضابط الكلّ تحمل إهداءً مُحي جزئيًّا وقّعه يوحنّا صليبا القدسيّ. ويدلّ على المسيح اسمه باللغة العربيّة وصفاته باللغة اليونانيّة. الوجه يكاد يكون دائريًّا وتصميم الإيقونة بسيط وخال من التعبير. هالة المسيح تحمل الأحرف اليونانيّة المعبّرة بإيجاز عن “الكائن” (أو: هو من هو). إنّه يبارك باليمنى ويحمل باليسرى كتابًا يُقرأ فيه مثل الراعي الصالح. وهو يرتدي جبّة برتقاليّة ورداءً أزرق يشوبه اخضرار، ثناياه رُسمت بواسطة لمسات كبيرة من اللون الأصفر المتدفّق. واللافت أنّ تنفيذ الوجه واليدين يعكس الأسلوب الخاصّ بمدرسة يوحنّا صليبا القدسيّ.

أمّا الإيقونة المقابلة لهذه، أي إيقونة العذراء المرشدة، فربّما تكون هي أيضًا من عمل يوحنّا صليبا القدسيّ. العذراء تحمل الطفل على ذراعها الأيسر وتشير إليه بيدها اليمنى. ومعطفها مزيّن بثلاثة نجوم تدلّ على عذريّتها قبل ولادة المسيح وخلالها وبعدها. الطفل يحمل بيده الكرة السماويّة التي تزيّنها الشمس والقمر والنجوم والتي ترمز إلى سيادة المسيح على الكون. والهالة فوق رأسه تحمل الكتابة اليونانيّة “الكائن” (أو: هو من هو). أمّا الثياب وملامح الوجه فرُسمت بأناقة، والوجوه المظلّلة جزئيًّا تعبّر عن فرح التأمّل.

الذخائر المقدسة الزائرة لدير سيدة صيدنايا من دير الميتيورا في جبل آثوس يد القديس يوحنا الذهبي الفم. جزء من هامة القديس بندلايمون.
الذخائر المقدسة الزائرة لدير سيدة صيدنايا من دير الميتيورا في جبل آثوس يد القديس يوحنا الذهبي الفم.
جزء من هامة القديس بندلايمون.

وثمّة عمل آخر من إنتاج المدرسة القدسيّة ألا وهي إيقونة الملاك ميخائيل، التي رسمها يوحنّا صليبا القدسيّ أو الأورشليميّ. ونرى فيها الملاك بجناحيه مرتديًا لباس الجنود وحاملاً حفنة من القضبان اللامعة؛ وتزيّن خوذتَه المجنّحة كتابةٌ نذوريّة. الألوان النضرة ووقفة الملاك الديناميّة تضفي عليه مزيدًا من الأهمّيّة، والأثر الغربيّ واضح في الزخرفة والثياب.

على جانبي الباب الجنوبيّ الجانبي عُلّقت إيقونتان: المسيح الضابط الكلّ والعذراء المرشدة. فوالدة الإله تدلّ عليها كتابة باليونانيّة والعربيّة، ونصّ الإهداء يحمل تاريخ السنة 1842. وهي ترتدي جبّة ومعطفًا أحمر مزيّنًا بثلاثة نجوم ومشبكًا عند عنقها على الطريقة الإيطاليّة. المسيح الطفل جالس على ذراع مريم اليسرى ويحمل الكتاب المقدّس مباركًا بيده اليمنى. وهو يرتدي جبّة من اللون الأحمر الداكن يزيّنها مشبك ورداءٌ أزرق. شعره مسترسل يصل إلى كتفيه، لحيته قصيرة وشارباه طويلان. بيده اليمنى يبارك وباليسرى يحمل كتابًا مفتوحًا دوّن فيه نصّ طويل باللغة العربيّة.

الإيقونتان من رسم يد واحدة. فملامح الوجوه ومميّزات اليدين الفائقة الدقّة وانحناءات الخطوط والتموّجات كلّها تضفي على الشخصيّات طابع التكلّف. أمّا الأجساد الضخمة والمكتنزة فتكاد تكون غير متناسقة مع الوجوه الصغيرة التي رُسمت ببساطة من دون أيّ ظلال.

في الجزء العلويّ من الإيقونسطاس نرى الرسل على جانبي إيقونة التضرّع. وهذه الإيقونة تشكّل محور الموضوع الرسميّ، إذ إنّها تؤسّس العلاقة الإفخارستيّة بين المسيح والإنسانيّة التي تعبّر عنها الإيقونات.

صورة للكنيسة من اولها الى الايقونسطاس
صورة للكنيسة من اولها الى الايقونسطاس

تحت ذلك توجد مظلّة خشبيّة أنيقة وُضعت فيها إيقونة ميلاد العذراء مع القدّيس مرقس المرسوم داخل كوّة في الأسفل. تعود هذه الإيقونة إلى العام 1866، وقد عنونها ووقّعها نقولا تيودورس القدسيّ. يصوّر المستوى العلويّ منها ميلاد العذراء والسفليّ مرقس الإنجيليّ مرتديًا ثيابًا مذهّبة وحاملاً الإنجيل.

وتعبّر هذه الإيقونة عن مشهد الميلاد بالطريقة التقليديّة: حنّة مستلقية على سريرها، ورأسها الذي تحوط به هالة يستند إلى وسادة. يواكيم جالس بقربها ينظر مشهد اغتسال الطفلة التقليديّ. ثمّة خادمة تخرج الطفلة العذراء من الحمام والثانية تصبّ ماءً والثالثة تفحص حرارة المياه. المشهد الذي يحصل داخل المنزل تحييه حركات الخدم؛ فالخادمة التي تسكب الماء مرسومة بوضعيّة جانبيّة وهذا غير معروف تقليديًّا في الإيقونوغرافيا البيزنطيّة. وكما يشير إلى ذلك اسم القدسيّ فإنّ راسم الإيقونة ينتمي إلى المدرسة القدسيّة التي اتّبعت التقليد البيزنطيّ، ولكنّها تأثّرت أيضًا بالفنّ الغربيّ. ورغم بساطة هذه الإيقونة  الفائقة، ففي خلفيتها ميل واضح إلى الزخرفة.

هناك إيقونة أخرى للميلاد معلّقة على الحائط الشماليّ تحمل تدوينًا باللغة العربيّة والإهداء في أسفلها يحمل تاريخ السنة 1884. في وسط الرسم نجد المغارة التي يقدّم فيها يوسف ومريم التكريم والسجود للطفل في المهد. خلفهما وفوقهما نرى الرعاة يتلقّون البشارة من الملاك، وفي الأعلى نرى الملائكة يسجدون للطفل المولود تحوط بهم الغيوم التي ترمز إلى القبّة السماويّة، ومنها ينحدر نجم باتّجاه مهد يسوع. في الجهة اليسرى من الإيقونة ستّة مشاهد منها المجوس في حضرة هيرودس، يوسف ومريم يهربان من اضطهاد هيرودس، سجود المجوس للطفل المولود، وذبح الأطفال الأبرياء القدّيسين.

رئيسة دير السيدة في حقبةالاربعينات والخمسينات... الام ماريا حسون المعلوف
رئيسة دير السيدة في حقبةالاربعينات والخمسينات… الام ماريا حسون المعلوف

يدلّ الموضوع بكامله، وبخاصّة الوجوه العريضة والمتّسمة بمسحة وجدانيّة، على أسلوب المدرسة القدسيّة. أمّا الأثر الغربيّ فيتجلّى عبر سجود مريم ويوسف على الرُكب. الوجوه مرسومة بدقّة وأناقة من دون ظلال والثياب تُقَولِب بخفّةٍ حركات الأجساد.

وثمّة إيقونة جميلة للعذراء المرشدة وقّعها بالعربيّة واليونانيّة الرسّامان ميخائيل ويوحنّا القدسيّان وهي تحمل تاريخ السنة 1856. العذراء تحمل الطفل على ذراعها الأيسر وتشير إليه بيدها اليمنى. وهي ترتدي جبّة زرقاء ومعطفًا أحمر أطرافه مذهّبة. لكنّ النجوم التي تزيّن المعطف تقليديًّا غائبة. ثنايا ثياب العذراء خطّطت باللون الذهبيّ. أمّا المسيح فيرتدي جبّة رماديّة وثوبًا ذهبيًّا، وهو يحمل الإنجيل بيده اليسرى ويبارك باليمنى. الوجوه مستديرة وأنيقة وتعابيرها هادئة، ما يدلّ على تفضيل العودة إلى التقليد البيزنطيّ. وفي كلّ من زوايا الإيقونة الأربع رُسم مشهد صغير: ميلاد العذراء، دخولها إلى الهيكل، البشارة، والرقاد؛ وهذه المشاهد مؤطّرة داخل دوائر باروكيّة النمط. الوجوه دقيقة والتعابير هادئة ما يدلّ على التمسّك بالتقليد الرومي.

كنيسة الدير
كنيسة الدير

ثمّة رسم على جدار الكنيسة يصوّر الدينونة الأخيرة. والحقّ أنّ موضوع المجيء الثاني للمسيح، الذي يتردّد كثيرًا في الإيقونات الأنطاكيّة إذ يبدو محبّبًا، أعلن عنه أنبياء العهد القديم والإنجيليّون الأربعة وبخاصّة سفر رؤيا القدّيس يوحنّا. وترافق هذه المشاهد تعليقاتٌ باللغة العربيّة.

انسجامًا مع التقليد الإيقونوغرافيّ، تحوي هذه الإيقونة الكثير من العناصر. ففي الوسط يبدو المسيح بلباسه المضيء جالسًا على عرش سماويّ رجلاه مستندتان إلى الغمام، ويحوط به جمع من الملائكة والرسل الجالسين على الجانبين حاملين كتبًا، وأدناهم إليه بطرس وبولس. أمّا العذراء ويوحنّا المعمدان فيرفعان طلبات المؤمنين سائلين السيّد الرحيم أن يصفح عن خطايا البشريّة.

تحت المسيح رُسم عرش وُضع عليه الكتاب المقدّس والصليب وأدوات الصلب. الملائكة على الجانبين ينفخون في الأبواق لدعوة المختارين. وفي الأسفل رجل وامرأة يسيران كلاهما على الغمام، ربّما كانا آدم وحواء رمز الإنسانيّة المفتداة.

يصوّر الجزء السفليّ من اللوحة عناصر الدينونة: ففي الوسط نرى رجلاً عاريًا تزان نفسه بالميزان. الأخيار يقفون عن يمين المسيح (يسار الناظر إلى الإيقونة) وهم يشكّلون حشدًا كبيرًا أمام باب الفردوس الذي يحرسه ملاك من الشاروبيم. الرسول بطرس يفتح الباب بينما يحثّهم الرسول بولس على الدخول. الفردوس سماء منيرة يحرسها سور ضخم تحدّه شجيرات منسّقة. الآباء إبراهيم وإسحاق ويعقوب جالسون، ووالدة الإله متربّعة على عرش تغبّطها الملائكة.

بعد عملية وزن النفوس يُلقى الأشرار الواقفون إلى يسار المسيح في بحيرة النار التي ترمز إلى الموت الثاني. وفي أسفل اللوحة نرى الملعونين يعانون العذاب الأبديّ، كلّ بحسب خطاياه.

الكنيسة والمؤمنين ليلة العيد
الكنيسة والمؤمنين ليلة العيد

المغزى التعليميّ والعناصر اللاهوتيّة للحدث بارزان بروعة فائقة. فالأسلوب القصصيّ ووفرة التفاصيل واحتشاد الشخصيّات والمشاهد تعكس كلّها خصائص المدرسة القدسيّة.

كما عُلّقت على أحد أعمدة الكنيسة إيقونة تصوّر عذراء الورديّة وشجرة يسّى، بالإضافة إلى مشاهد تمثّل مقاطع من نشيد مديح العذراء. تحمل هذه الإيقونة توقيعًا باللغة اليونانيّة وتاريخ السنة 1874. فراسم الإيقونة هو يوحنّا ثيودورس الأورشليميّ وأسلوبها متأثّر بالفن الغربيّ، ذلك بأنّ معطف العذراء مقفل بمشبك. في الوسط نرى العذراء حاملة الطفل على ذراعها الأيسر. ويكلّل رأس الطفل، الذي يحمل الكرة الأرضيّة بيمناه وعصا الرعاية بيسراه، تاج أسقفيّ. أمّا الملاكان ميخائيل وجبرائيل فيكلّلان والدة الإله، وفوقهم جميعهم الثالوث. عند حروف الإيقونة يقف أنبياء العهد القديم يعرض كلّ منهم نبوءته المتعلّقة بمجيء المسيح.

يحوط بهذه العناصر كلّها أربعة وعشرون مشهدًا صغيرًا تمثّل مقاطع من نشيد مديح العذراء. ينسب التقليد الرومي هذا النشيد إلى رومانوس المرنّم الحمصيّ الأصل الذي عاش في القرن الخامس. ويقال إنّ  ترانيمه في كاتدرائيّة آيا صوفيا أنقذت القسطنطينيّة بأعجوبة إبّان الحصار الفارسيّ في العام 626.

أمّا الشقّ الغربيّ المتعلّق بصعود العذراء إلى السماء فليس ذات أهمّيّة في التقليد الشرقيّ. عنوان المشهد مكتوب باليونانيّة، ويروي التقليد الرومي أنّ الحادثة وقعت في غرفة العشاء السرّيّ.

تصوّر هذه الإيقونة والدة الإله نائمة يداها مطويّتان، يحوط بها الرسل والأساقفة والعذارى والملائكة. القدّيس بطرس المصوّر بهيئة رجل عجوز عند أعلى السرير يؤرجح مبخرة، والقدّيس بولس الأصلع وذو اللحية الداكنة يقف عند آخر السرير. أمّا القدّيس يوحنّا المصوّر بهيئة رجل عجوز أبيض اللحية فيمدّ يديه نحو العذراء معبّرًا عن حزنه. تحت هذا المشهد نرى القدّيس جبرائيل يقطع يدي يفونياس اليهوديّ الذي كان ينوي خطف جسد العذراء في الطريق إلى القبر. وفيما يرنم القدّيس بطرس نشيدًا يستقبل المسيح روح والدته على هيئة نفس صغيرة محنّطة تحوط بها هالة وتلفّها جبّة. فوق ذلك، رُسم ملاكان يحملان العذراء إلى السموات وآخران يفتحان لها الباب. الأسلوب الإيقونوغرافيّ يتبع التقليد الأرثوذكسيّ: فالوجوه طويلة مع ملامح محدّدة وتعابير حزينة.

تلميذات الدير بلباسهن الرسمي
تلميذات الدير بلباسهن الرسمي

في كنيسة سيّدة صيدنايا إيقونة كبيرة جامعة. ظهر هذا النوع من الرسم، في القرن التاسع عشر، على شكل صورة كبيرة شبيهة بالبطاقات البريديّة تضمّ المواقع المقدّسة في القدس والأراضي المقدّسة. والإيقونة قطعة قماش رسمت عليها خريطة القدس تحوط بها مشاهد من الأمّ المسيح والقدّيسين الفلسطينيّين، مرتّبة بطريقة زخرفيّة.

مدينة القدس في الوسط، داخل أسوارها رسمت كنيسة القبر المقدّس، والجلجلة، والصلب، فالنوح، والقيامة، ومن ثمّ رفع الصليب المقدّس يرافقه القدّيس قسطنطين والقدّيسة هيلانة. خارج الأسوار نرى مشاهد مختلفة من حياة المسيح وحولها الرسل، وأخيرًا استشهاد النبيّ أشعياء.

تحت ذلك كلّه القدّيس جاورجيوس يقتل التنّين ومشاهد من استشهاده؛ والقدّيس ديمتريوس؛ ثمّ النبيّ إيليّا يتناول الطعام من الغراب. يصوّر الجزء السفليّ مرفأ يافا، وسليمان يشرف على بناء هيكل أورشليم.

يحتوي إيقونسطاس كنيسة القدّيس ديمتريوس التي تحوّلت إلى متحف للدير إيقونة الأربعين شهيداً. ففي العام 320 ألقي أربعون من حرس الأمّبراطور ليسينيوس حتّى الموت في بحيرة جليديّة لجهرهم بالإيمان المسيحيّ. الشهداء يقفون عراة في البحيرة وأحدهم، إذ لم يستطع احتمال الصقيع، هرب إلى حمّام دافئ وتروي الأسطورة أنّ جسده تعفّن للتوّ. لكنّ حارس هذا الحمّام الذي يُدعى أجلايوس اهتدى إلى المسيحيّة وأخذ مكان الجندي في البحيرة. في القبّة السماويّة يظهر المسيح مباركًا الشهداء كما نرى ملاكين يحلّقان فوق الغمام حاملين راية عليها كتابة يونانيّة.

صورة لواجهة وجرسية الكنيسة من سطح الدير
صورة لواجهة وجرسية الكنيسة من سطح الدير

الألوان حيّة، والوجوه والحركات معبّرة. ومن بين مجموعة الشهداء يرفع رجل شيخ رأسه باتّجاه المسيح. وهذه الإيقونة هي خير تعبير عن الأسلوب الذي اشتهر في بدء القرن التاسع عشر.

بالإضافة إلى الإيقونات الكثيرة التي رُفعت على جدران كنيسة السيّدة، ثمّة عدد من الإبيطافيونات التي تشكّل جزءًا من كنز الدير الليتورجيّ والإبيطافيون إيقونة جنّار السيّد المسيح، مرسومة على قطعة قماش، ويستعمل ليتورجيًّا في خدمة جنّاز المسيح. خلال السنة يعلّق فوق الباب الجنوبيّ في الكنيسة إشارة إلى قبر السيّد الذي يقع جنوب كنيسة القيامة.

ثمّة إبيطافيون وُضع داخل إطار يمثّل رقاد السيّدة، وهو مطرّز بخيط ذهبيّ على خلفيّة مخمليّة. موضوع الرسم تقليديّ بكامله: فمريم مستلقية ويداها مثنيّتان يحوط بها الأساقفة والرسل الذين تعلو رؤوسهم الهالات. القدّيس يوحنّا يبدو مائلاً باتّجاه العذراء، والمسيح في الوسط يحمل روح والدته بهيئة نفس صغيرة محنّطة. في الزوايا نجد الإنجيليين الأربعة، وأطراف الإيقونة تزيّنها زخارف حلزونيّة والكتابات اليونانيّة بادية في الأعلى والأسفل. الشخصيّات المطرّزة بخيط الذهب تبدو بارزة بالنسبة إلى ألوان الخلفيّة. العذراء ترتدي ثوبًا أبيض وسريرها أبيض وذهبيّ. وثمّة أبيطافيون آخر طُرّز عليه مشهد إضجاع المسيح في القبر. وقد خُطّت الكتابة المرافقة له باللغة الروسيّة، والأسلوب غنيّ ورمزيّ. الشخصيّات التي ترتدي ثيابًا مذهّبة تبدو خارجة من الخلفيّة المغرة اللون. في وسط المشهد نرى المسيح مستلقيًا على كفنه الأبيض، عيناه مغمضتان ويداه مثنيّتان وفوق رأسه هالة مضيئة، تحوط به النساء: مريم المجدليّة، مريم أم يعقوب ويوسف، أمّ أبني زبدى، والعذراء التي تدلّ عليها النجوم المزيّنة معطفها الذهبيّ الذي يغطي رأسها. من بين النساء الأربع وحدها العذراء مريم عيناها مفتوحتان. يقف في إحدى الزاويا ملاكان يرتديان لباسًا أبيض يراقبان المشهد، وثمّة على مقربة منهما رجلان عيناهما مغمضتان هما على الأرجح يوحنّا الإنجيليّ ويوسف الراميّ. وهذا الإبيطافيون هو أحد أهمّ الموجودات الليتورجيّة في الدير، وهو يستخدم بشكل خاصّ بعد خدمة الجمعة العظيم المقدّس.

واجهة الدير في الثلاثينيات من القرن 20
واجهة الدير في الثلاثينيات من القرن 20

حادثة جر المياه الى دير سيدة صيدنايا البطريركي

تخليداً لهذه الفعل المبارك الذي غير تاريخ الدير والبلدة تم توثيقه بلافتة حجرية وضعت في دير سيدة صيدنايا  على جدار جناح مريسة الدير مقابل  واجهة كنيسة  السيدة في الدير المبارك حيث ورد التالي
” في ظل الحكومتين الوطنية والمنتدبة، وفي عهد غبطة البطريرك غريغوريوس وبسعي الرئيسة الحاجة مريم السمرا والراهبات التقيات، وبهمة إقدام رئيس اللجنة نعمان بك ابو شعر واعضائها سرحان تامر شحفة، أمين يوسف ملوك، أمين بطرس قندلفت، اسكندر نقولا طرابلسي، جبران غطاس بدرا، جرجي جبران مسلم، اليان عبد الله خباز، عبده جرجي ابو شنب، سليم سليمان الأمير وباحسان الغيورين من الطائفة الأرثوذكسية في الوطن والمهجر، وبمهارة المهندسَّين رشدي بك سلهب الطرابلسي، سليمان بك ابو شعر الدمشقي.

استُنبط هذا الماء من الجبل على بعد الفين وست مئة متر من الجهة الشمالية الغربية بنفق وجُرَّ الى خزان منه الى الدير والقرية ودشن يوم الأحد في 22 ايلول شرقي سنة 1924.”

وقد استفادت القرية كلها من هذا المشروع الحيوي وكانت تضخ بأنابيب في الساحة المعروفة باسم ساحة العين ( ساحة البلدية حالياً)

ومن الواجب ذكره اهتمام البطاركة ملاتيوس الدوماني وغريغوريوس حداد والكسندروس طحان وثيوذوسيوس ابو رجيلي والياس معوض واغناطيوس هزيم المثلثي الرحمات وغبطة ابينا البطريرك يوحنا العاشر بهذا الدير المقدس ورهبنته وميتمه ومصالحه وكان ينبثق من المجلس الملي البطريركي الدمشقي لجنة خاصة لتسيير امور الدير ورعاية مصالحه وتدبير اموره المالية وتسفير راهباته الموفدات الى المغتربين في ديار الانتشار في اميركا ومصر و…لجمع التبرعات والنذور وقد اوجدت  هذه اللجنة في دمشق بيتا للراهبات ينزلن فيه حين القدوم الى دمشق للتبضع وشراء الاحتياجات وتتولى هذه اللجنة رعاية اوقاف الدير في دمشق والابرشية وهي من سعت لجر المياه ( انظر تدوينتنا هنا عن جر المياه)

وكان في بيروت اوقاف عديدة لدير السيدة لتعلق المؤمنين هناك بشفيعة الدير ومنها بيت لنزول الراهبات فيه وبه يتم جمع النذور والتبرعات كأمطوش للدير…

اقسام الدير واجنحته

يضم الدير بين جنباته العديد من الغرفة. يدخل الزائر إلى الدير عبر باب صغير مصنوع من الخشب السميك المصفح بالحديد.يعود إلى القرن السادس بناه الإمبراطور يوستينانوس تنفيذاً لوصية السيدة العذراء ووفقاً لتصميمها الذي وضعته له على الأرض .

المباني الأخرى

في الساحة الداخليّة سلّمٌ يؤدّي إلى القسم العلويّ الخاصّ بالراهبات، حيث ثمّة فسحة صغيرة مواجهة لغرف الاستقبال والمكاتب. وهناك أيضًا متحف يقوم مكان كنيسة القدّيس ديمتريوس، إلى يمين الكنيسة الرئيسة وخلف شبكة حديديّة سوداء. في السنوات الأخيرة جُهّز عدد من الغرف بحيث أصبح من الممكن عرض المجموعة القيّمة التي يملكها الدير، والتي تتألّف من الإيقونات وغيرها من الأدوات الدينيّة، التي تبرّع بمعظمها الحجّاج وسواهم من المؤمنين، وتعود كلّها إلى القرن السابع عشر

الحاجة مريم السمرا رئيسة الدير في بدايات القرن 20 ومعها وكيلتهااعلى درج مدخل الدير الداخلي من مكتبة الكونغرس
الحاجة مريم السمرا رئيسة الدير في بدايات القرن 20 ومعها وكيلتها
اعلى درج مدخل الدير الداخلي من مكتبة الكونغرس

متحف الدير

يقع إلى جوار مقام الشاغورة، ويحتوي على كمية كبيرة ومتنوعة من الأواني والبدلات والأيقونات والكتب المقدسة، حيث جُمع فيه كل ما يمكن اعتباره عناصر تحكي تاريخ الدير.

وفي المتحف حجرتان من الزجاج عُرضت فيهما الملابس الأسقفيّة الفاخرة المصنوعة من القماش الذهبيّ المطرز. كما ثمّة حجر أخرى تحوي أدوات دينيّة ذهبيّة أو فضّيّة، ومنها الصلبان والمباخر والكؤوس والشمعدانات والأوعية الخاصّة بحفظ الذخائر. وهناك غرفة أخرى تحتوي على مخطوطات قديمة قيّمة وأدوات ليتورجيّة نقلها البطاركة الأنطاكيّون إلى الدير خلال القرن العشرين.

دائرة الرئاسة

وتقع قبالة الباب الغربي للكنيسة، وتعتبر بمثابة مقر القيادة المباشر للدير. وتتألف من عدة غرف مع فسحة سماوية، فيها مكتب ومقر إقامة رئيسة الدير ومساعدتها مع غرفة استقبال الزوار.
الميتم: يقع الميتم في القسم الشمالي الغربي للدير، يضم حالياً 35 فتاة يتيمة، يتلقين فيه كل العطف والعناية الاجتماعية والتربوية والصحية، ويفسح المجال أمامهن لمتابعة الدراسة.

دير سيدة صيدنايا البطريركي مكلع القرن 20
دير سيدة صيدنايا البطريركي مكلع القرن 20

حارة الراهبات

تقع في جوار الكنيسة وتتألف من عشرات الغرف، ولكل راهبة غرفة خاصة بها. يضم  الدير حالياً 39 راهبة، يهتممن بخدمة الشاغورة والكنيسة والميتم والزوار … الخ.

دور الضيافة

تضم مجوعة كبيرة من الأجنحة والغرف المخصصة للضيوف من نزلاء الدير، موزعة في كل أرجائه. اضافة الى دار المدرسة التي انشأتها الجمعية الامبراطورية الفلسطينية الروسية الارثوذكسية اسفل الدي  وفي ساحته الغربية والمدعوة المسكوبية وقد جهزت لتكون دار ضيافة متميزة حديثة للرحلات والمجموعات السياحية في الحج الديني ولتأمين ريعية دائمة للدير.

 

مدرسة الدير

يتبع الدير  روضة  ومدرسة من الطفولة الى الثانوية وتعتبر من ارقى المدارس النموذجية في سورية  اضافة الى دار للطفلات اليتيمات ومنهن من يعتنقن الرهبنة في نشأتهن  ويتلقون العلم في مدرسة الدير التي تقع عند المدخل الثاني لبلدة صيدنايا مقابل بستان الدير.

غبطته يدشن مدرسة دير سيدة صيدنايا البطريركي
غبطته يدشن مدرسة دير سيدة صيدنايا البطريركي

افتتاح معهد للموسيقى في مدرسة دير سيدة صيدنايا  البطريركي

افتتح في مدرسة دير سيدة صيدنايا البطريركي أمس معهد موسيقى لتدريس الأطفال الراغبين بتعلم العزف على مختلف الآلات الموسيقية إضافة لرقص الباليه والإيقاع الحركي والتمثيل. في احتفالات عيد ميلاد السيدة العذراء ايلول 2018 برئاسة صاحب الغبطة البطريرك يوحنا العاش
وكانت وزارة الثقافة وقعت آب الماضي مذكرة تفاهم مع دير سيدة صيدنايا لتحويل المدرسة الموسيقية التابعة للدير لمعهد تشرف عليه الوزارة فنياً عبر وضع معايير اختيار الطلبة وتحديد سوية العملية التدريسية مع التقيد بالخطة والمناهج المعتمدة لدى الوزارة والإشراف على سير العملية الإمتحانية وتصديق الشهادات الممنوحة لدى المعاهد الموسيقية التابعة لوزارة الثقافة.

“المحبة هي الحرية وهي الوحيدة التي ترفع النفس إلى مقام السمو والذي لا تبلغه شرائع البشر وتقاليدهم، وأنتم يا أبتي الجليل وهبتمونا محبتكم وهذه سعادة لا تضاهى”.

انها عبارات الفرح التي زينت حفل تدشين مدرسة ميتم دير سيدة صيدنايا البطريركي الخاصة المختلطة والمعهد الموسيقي الجديد ليؤكد هذا الحدث التربوي الثقافي على أهمية إعادة إعمار المجتمع والسعي الجاد الى منع حرمان أي طفل أينما كان من التعليم.

البطريرك يوحنا العاشر يدشن مدرسة ميتم دير سيدة صيدنايا البطريركي والمعهد الموسيقي الجديد. ويؤكد من هناك “أننا لا نخاف، باقون ومستمرون”
البطريرك يوحنا العاشر يدشن مدرسة ميتم دير سيدة صيدنايا البطريركي والمعهد الموسيقي الجديد. ويؤكد من هناك “أننا لا نخاف، باقون ومستمرون”

البطريرك يوحنا العاشر دخل الى حفل الافتتاح محاطا بالأم الرئيسة الأخت فيفرونيا نبهان واساقفة وكهنة وفعاليات على وقع عزف مراسم الدير ونحر الخراف وأقواس النصر.
بداية، قص غبطته شريط الافتتاح، ثم جال في أرجاء المدرسة مطلعا على اقسامها واختصاصاتها الجديدة.
بعد ذلك، دشن غبطته المعهد الموسيقي الذي يؤكد أن سورية كانت وستبقى موئل الحضارات والثقافات.
هذه كانت نقطة البداية الى حين بدأ عرس صيدنايا الذي زينه طلاب مدرسة الميتم بالأناشيد والتراتيل التي فاح منها عبير السلام والعلم والايمان والصمود.
وبعد الوقوف دقيقة صمت على أرواح الشهداء والنشيد الوطني السوري وكلمة ترحيب، اعتلت مديرة المدرسة الأخت ثيودورا الياس المنصة لتؤكد أن” مدرسة ميتم دير سيدة صيدنايا لهي منارة العلم والثقافة والمحبة والتسامح والإخاء، هذه المدرسة بذلت جهدا كبيرا من أجل تحسين واقع المدرسة التي احتضنت كل طفل هجره الارهاب وكل يتيم فقد أحد والديه بحيث قدمت كل ما تملك مدعومة من دائرة العلاقات المسكونية والتنمية في بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس”.
والى البطريرك يوحنا العاشر توجهت بالقول:” فقد كنتم خير معين لنا في دعم الأقساط والمحتاجين والمهجرين وأبناء الشهداء. لقد كنتم معنا قلبا وقالبا. كما انكم تصبون لتكون مدرستنا من أهم المدارس في سورية”.
كما نوهت الأخت ثيودورا بدور الأم الرئيسة فيفرونيا التي أولت المدرسة اهتماما تاما وهي من سعت وعملت لتعيد تجديد رخصة المدرسة فكانت الراهبة الأم والقبطان الحكيم التي أدارت دفة السفينة وواجهت كل العوائق.
وعلى خط مواز، أشاد معاون وزير الثقافة السوري السيد علي مبيض بالمعهد الموسيقي الجديد للدير الذي يعكس الصورة الحقيقة لسورية الحضارة التي صدرت الأبجدية للعالم وعلمت ان الموسيقى هي المدماك الاساس في تهذيب النفوس وتوحيد أطياف المجتمع.
بعد ذلك، توالى على الكلام اساتذة المدرسة الذين أكدوا ان حدث تدشين المدرسة والمعهد لهو دليل على الإرادة الصلبة والتصميم للمضي قدما في حمل الأمانة تحت راية الايمان والثقافة والسلام بكنف العذراء مريم.

المعهد الموسيقي لمدرسة دير سيدة صيدنايا البطريركي
المعهد الموسيقي لمدرسة دير سيدة صيدنايا البطريركي

أما كلمة الطلاب فطغت عليها لغة التأثر والتي أكدت في مضامينها اذا” كانت الحروب قد استطاعت ان تمحو المدن والبيوت لكنها لم تستطع ان تمحو الانسان وحضارته”.
مقابل ذلك، بعث البطريرك يوحنا العاشر صرخة رجاء قال فيها: نحن لا نخاف، باقون ومستمرون، وهذه الفسيفساء التي تزدان بها صيدنايا لهي تأكيد أننا ورغم التحديات لا زلنا نزرع البسمة والسلام والعلم والنور، فالمدرسة يا احبة ليست لإعطاء المعلومات فقط إنما هي واحة للتربية ومساحة تلاق للانسانية والثقافة والأخوة وبالتالي ان مشهدية اليوم هي بمثابة رسالة نبعثها الى العالم اجمع ونقول: تعال وانظر”.
وأضاف غبطته، إن ما جرى ويجري اليوم في سورية هو أمر غريب عن قيمنا لأننا في سورية نعيش الأخوة الحقيقية والمحبة والتسامح. ومن هنا نطلب شفاعة العذراء مريم كي تحمي سورية وشعبها الطيب.
وفي السياق نفسه، تخلل الحفل تكريم طلاب الثالث ثانوي الناجحين في الامتحانات الرسمية، كما قدم غبطته دروعا تقديرية الى الأخوات الراهبات وأساتذة المدرسة تقديرا لجهودهم وتفانيهم واخلاصهم.
وبدورهم، قدم الأساتذة درعا تقديريا للبطريرك يوحنا وٱخر لدائرة العلاقات المسكونية عربون محبة وتقدير.
أما الحدث الأبرز فبرز بمعانقة اوركسترا معهد صرح الوادي بقيادة اندريه معلولي واصوات طلاب مدرسة ميتم دير سيدة صيدنايا حيث بات هذا الحدث بمثابة العنصرة الجديدة تعانقت خلالها السماء والأرض.
باختصار، ها هي صيدنايا تساوي الجذور والثبات والمستقبل”.

بستان الدير
يملك الدير بستان الدير الجميل وهو موقوف منذ عهد يوستنيانوس وفيه  اراضي زراعية كبيرة (حوالي 300دنم)  وقد ادخلت اليها المكننة وفي ارضه تخرج النبعة التي استقى منها يوستنيانوس وجيشه وتؤمن ارض البستان  للدير القمح والزيتون وكمية كبيرة من الخضراوات والفواكه، كما تؤمن للحيوانات العلف المناسب، إذ يهتم الدير أيضاً بتربية الأبقار والغنم والماعز. وبذلك يكتفي الدير من موارد المزارع في تأمين الطعام.
يعتمد الدير مادياً بشكل رئيس على تقدمات المؤمنين وتبرعاتهم (المادية والعينية) كما يستفيد من موارد الخدم الكنسية التي تتم في الدير.
يساهم الدير في إعانة الكثير من العائلات المريضة، في مساعدة نساء مهجرات من مختلف الأقطار.ترأس الدير حالياً الام الحاجة فيبرونيا نبهان.

عيد الدير

ليلة عيد الدير
ليلة عيد الدير

هو عيد بلدة سيدة صيدنايا على الاطلاق في 8 ايلول على الاطلاق

٧ أيلول تطواف القداسة في مدينة صيدنايا حيث تجوب شوارعها الأيقونة المقدسة لسيدة صيدنايا والمؤمنين وتملأ المكان الصلوات وعبق البخور ونجتمع كلنا بالإيمان والرجاء ونختم حجنا المقدس بصلاة الغروب في دير سيدة صيدنايا
يبدأ من غروب عيد ميلاد السيدة العذراء الطاهرة شفيعة صيدنايا في 7 ايلول
كالعادة يقام غروب العيد اي 7 ايلول من كل عام بزياح هذه الايقونة والقداس الالهي يوم العيد في 8ايلول برئاسة غبطة البطريرك الانطاكي وسائر المشرق منذ عهد البطريرك العظيم ملاتيوس الدوماني عام 1899
الزياح الشريف
الزياح الشريف
باحتفال مشهود تخرج فيه البلدة عن بكرة ابيها في تمام الساعة السادسة مساءً من طلعة رأس العمود في اول البلدة بعيد ميلاد شفيعتهاتتقدم الزياح الشريف رئيسة دير دير سيدة صيدنايا البطريركي وهي تحمل الايقونة المقدسة وبمشاركة نزيلات الدير الشريف من الراهبات وبنات ميتم الدير ومدرسته  ورهبان ديري القديس جاورجيوس والشيروبيم البطريركيين وسائر الفعاليات والكنائس الشقيقة ويتم زياح الايقونة المقدسة من راس العامود في صيدنايا الى الدير الشريف والتطواف على سطح الدير وقراءة فصول انجيلية وقراءات مقدسة…وسط جو روحي خشوعي من الجماهير المؤمنة الغفيرة ثم تبدأ العراضات الشعبية بهذه المناسبة المقدسة التي تنضح بعبق التاريخ المجيد تاريخ بلدة صيدنايا المقدسة…
زياح الايقونة
زياح الايقونة

يعيد الدير لعيد ميلاد السيدة 8 أيلول.

العراضات الشعبية في عيد مولد العذراء وهو عيد بلدة صيدنايا على الاطلاق
العراضات الشعبية في عيد مولد العذراء وهو عيد بلدة صيدنايا على الاطلاق

وقف دير راهبات سيّدة صيدنايا البطريركيّ في حاصبيا

غبطة البطريرك يوحنا العاشر يدشن الدير  في حاصبيا 14 تشرين الثاني 2022 من إبن حاصبيا البار المحسن غسان شحادة قنتيس.

قام البطريرك يوحنّا العاشر بتدشين بناء وقف دير راهبات سيّدة صيدنايا البطريركيّ في حاصبيا وذلك بحضور عدد كبير من الشّخصيّات الرّسميّة والدّينيّة والاجتماعيّة والأمنيّة، بالإضافة إلى حشد شعبيّ كبير من أبناء المنطقة والجوار.

تخلّلت الاحتفال كلمات لكلّ من رئيس بلديّة حاصيبا ومتروبوليت صور وصيدا وتوابعهما المطران الياس كفوري الّذي قال: “”هذا هو اليوم الّذي صنعه الرّبّ . فلنفرح ولنتهلّل به ” ( مز 117: 24).

اليوم تفرح حاصبيا بقدومكم وتتهلّل. تفرح لأنَّ إمام أحبار أنطاكية يباركها بحضوره بعد طول غياب، آتيًا ليزرع فيها مقام السّيّدة العذراء (سيّدة صيدنايا) المحجّ الثّاني للمسيحيّين بعد القُدس.

حاصبيا “أم السّبع كنائس” تلبس اليوم حلّتها الجديدة بتكريس مقام السّيّدة، بقرب كنيسة القدّيس العظيم في الشُّهداء جاورجيوس اللّابس الظَّفَر

نجتمع هنا في سفح جبل الشّيخ (جبل حرمون) كما يسمّيه الكتاب المقدّس حيث تجلّى السّيّد المسيح على قمّته مع النّبيَّيْن موسى وإيليّا، والرّسل الثّلاثة بطرس ويعقوب ويوحنّا. كما تطلّ علينا خلوات البيّاضة ببركاتها فتزيد المشهد جمالاً ورونقًا وقداسة .

وقال لغبطته  إنّ قدومكم إلى عاصمة وادي التّيم يذكِّرنا بتاريخ هذه المنطقة المجيد. تاريخ النّضال المشترك في سبيل المحافظة على السّلم الأهليّ وترسيخ الوحدة الوطنيّة (هذه الوحدة هي سلاحنا الأمضى في الدّفاع عن وطننا والحفاظ على كرامة شعبنا).

منطقة جنوب لبنان أعطت رجالاً عظماء نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر: فارس بك الخوري من الكفير. نسيب أفندي غبريل. والمحافظ إسكندر غبريل. الأمير خالد شهاب. الدّكتور أسعد قطيط من حاصبيا. سلام الرّاسي “شيخ الأدب الشّعبيّ” من إبل السّقي. الدّكتور مايكل دبغي “أعظم طبيب قلب في أميركا” من مرجعيون. الوليد غلمية “مدير المعهد الوطنيّ للموسيقى” من مرجعيون أيضًا. والشّاعرين جورج وفؤاد جرداق والدّكتور منذر الحوراني من مرجعيون أيضًا وأيضًا..

غبطة البطريرك يوحنا العاشر يدشن دير سيدة صيدنايا البطريركي في حاصبيا
غبطة البطريرك يوحنا العاشر يدشن دير سيدة صيدنايا البطريركي في حاصبيا

فمن النّاحية الرّوحيّة: هنا يتعانق النّبيّ إيليّا (مار الياس الحيّ) مع الشّيخ الفاضل (في عين عطا). برعاية خلوات البيّاضة حيث ينصرف المؤمنون للتّأمّل والعبادة والتّخشّع أمام الله عزّ وجلّ على وقع أجراس الكنائس الّتي تُرَجِّعُ صداها جبال ووديان المنطقة.

أمّا من النّاحية الثّقافيّة: فإنّ المكتبات ملأى بالمؤلّفات الّتي هي عصارة فكر أبنائها الّذين خاضوا كلّ المجالات فأبدعوا أيّما إبداع.

أمّا بعد: فإنّ وجود مقرّ دائم لدير سيّدة صيدنايا في حاصبيا بركة مضافة. لا بلّ هو نعمة من الله. لأنّ شفاعة سيّدتنا مريم العذراء وبركتها تشمل المنطقة بأسرها . كم نحن بحاجة، في هذه الظّروف الصّعبة إلى معونتها من أجل خير وسلام وازدهار لبنان.

شكرًا يا صاحب الغبطة على هذه المكرمة الّتي ليست الأولى ولن تكون الأخيرة بإذن الله. هذا العمل يذكّرنا بشعار بطريركيّتكم الّذي رفعتموه عند جلوسكم على عرش أنطاكية: “بالنّعمة ننمو، وبالخدمة نسمو، وبالمحبة يتناسق البنيان” لقد بدأتم تطبيق هذا الشّعار من خلال ما قمتم به من أعمال مجيدة ولا زلتم. والشّكر أيضًا موصول إلى مَن سعى وساهم وتبرّع. وعلى رأسهم رجل الخير والعطاء المحسن الكبير الأستاذ غسّان شحاده قنتيس. نشكر أيضًا الجنديّ المجهول حارس الكنيسة وخادم أوقافها، الوكيل الأمين، الابن الرّوحيّ فارس اللّحّام على جهوده المتواصلة وتضحياته. وأخيرًا وليس آخرًأ الشّكر كلّ الشّكر، بعد الله سبحانه وتعالى لأهالي حاصبيا الكرام وخاصّة المجلس البلديّ برئاسة الأستاذ لبيب الحمرا على احتضانهم هذا المشروع الحيويّ .

عاشت الشّراكة الوطنيّة بين أهل الجنوب. عشتم وعاش لبنان”.

ديرسيدة صيدنايا في حاصبيا
ديرسيدة صيدنايا في حاصبيا

ثمّ كانت كلمة للبطريرك يوحنّا عبّر فيها عن أهمّيّة هذا التّدشين وعن عراقة روابط الأخوّة بين جميع مكوّنات هذا الوطن، فقال: “على إسم العذراء مريم أردنا أن يكون اجتماعنا اليوم. وعلى عبق بخور شاغورة صيدنايا جئنا نلاقي وجوهكم الطّيّبة. من مجد أنطاكية المسيحيّة، جئنا حاملين في صلواتنا حاصبيا بأهلها الطّيّبين وبجوارها الرّحب. ومن شاغورة صيدنايا الّتي تبخّر ثرى حرمون، الجبل الكتابيّ الأشمّ، جئنا نحيّي جنوب العزّ وبقاع الشّهامة ولبنانَ الغالي الّذي يستمدّ اسمه من بياض الثّلج المكلّلِ قممه الشّامخة والمستمدِّ سطوعَه من شموخ وصلابة الأرز.

أتوجّه بالشّكر بادئ ذي بدء لله العليّ القدّوس الّذي جمعنا اليوم وارتضانا مذيعين بهاء مجده ببهاء لقيانا. وأشكر أيضًا الإبن الرّوحيّ غسّان شحاده قنتيس الّذي جادت أريحيته وترجم محبّته لكنيسته فشيّد هذ البناء وأعطى بتهليلٍ فكان مصداقًا لقول الرّسول بولس “إنّ الله يحبّ المعطي المتهلّل”.

ومن وجه غريغوريوس الرّابع حدّاد بطريرك أنطاكية وابن عبيه بتاريخها وأعلامها يحلو لي ويطيب أن أحيّي إخوتنا في طائفة الموحّدين الدّروز بني معروف. أحيّيكم اليوم إخوتي الحاضرين وأؤكّد أنّنا وإيّاكم أبناء الجبل الأشمّ وأبناء البقاع الرّحب وأبناء كلّ ذرّةٍ من تراب هذا الوطن الّذي يجمعنا لا بل يضمّنا دومًا إلى ترابه الّذي نعشق. أستذكر اليوم وإيّاكم بعض ما قاله هذا البطريرك الحكيم ابن جبل لبنان ومطران طرابلس لاحقًا وبطريرك أنطاكية 1906-1928: “إنّني أحبّ أبناء وطني من جميع المذاهب على السّواء. ولا فرق بينهم عندي. ألستُ وإيّاهم أبناء أب واحد وأمّ واحدة. أوَلسنا جميعًا صنعة خالق واحد. أوَ لسنا نسكنُ أرضًا واحدة ونستنير بضوء شمس واحدة ونستظلُّ بسماء واحدة وترفرف فوقنا رايةٌ واحدة هي راية الوطن العزيز؟ أوَ لسنا نحن والمسلمون توحّدنا جامعة الانتساب إلى أرض واحدة ووطن واحد؟”.

هذا لسان حال بطريرك العرب كما لقّبه معاصروه. هذا لسان حاله ولسان حال بطاركة أنطاكية دومًا وأبدًا. هذا لسان حال كنيسة أنطاكية الأرثوذكسيّة الّتي جمعت الكلّ دومًا. وليس غريبًا ولا مستغربًا أن يكون أربعةٌ من بطاركتها في القرن العشرين من أبناء جبل لبنان وهم غريغوريوس الرّابع حدّاد ابن عبيه الّذي لم يعرف رغيفه التّمييز بين مسيحيّ وغيره أيّام مجاعة الحرب الأولى وأرسانيوس حدّاد ابن عبيه أيضًا وثيودوسيوس السّادس بو رجيلي ابن بحمدون والياس الرّابع معوّض ابن جورة أرصون الّذي وعلى غرار أسلافه إنجبل بالعيش الواحد وترجمه في محطّاتٍ ومحطّات كان أبرزها مشاركته في مؤتمر لاهور- القمّة الإسلاميّة من أجل القدس سنة 1974 فكان صوتًا مسيحيًّا أرعد حقًّا في لاهور فأكّد أنّ قضيّته الأولى والأخيرة كمسيحيّ هي القدس بما تحمل من رمزيّةٍ. لم يعرف إلى القوقعة سبيلاً وكان لسان حال كنيسة أنطاكية الّتي ترى في وجه الآخر بعضًا من رحمانيّة الله.

نجتمع اليوم لنؤكّد أنّنا كمشرقيّين، مسيحيّين ومسلمين من كلّ الأطياف، مجبولون من رحم هذه الأرض ومن كنف هذا الجبل ومن أريحيّة هذا السّهل. نجتمع لنؤكّد أنّنا أبناء هذه الدّيار. من ترابها عُجِنَّا وإلى ثراها سنعود إلى جوار أجدادنا مهما قسى عليها وعلينا وجه التّاريخ. نحن معكم ومنكم يا إخوة ونبقى وسنبقى كما تبقون أنتم من رحم هذه الأرض المشرقيّة. معًا بنينا أديارنا ومعًا بنينا خلواتنا وصوامعنا. معًا بنينا كنائسَ ومعًا بنينا جوامع. معًا عشنا ومعًا سنعيش رغم وعورة التّاريخ ورغم صواعده ونوازله. نحتنا من صخر هذه الأرض معابدنا عربون عرفانٍ لساكن السّماء الّذي عبّرنا عنه بالنّور. والنّور وجدناه في النّفس ومن النّفس مشرقًا أوّلاً وأخيرًا…

…نفتتح اليوم هذا الدّير الصّامت وسط عالمٍ يعجّ بضجيج الحروب. نفتتح هذا الدّير على اسم العذراء، تلك الفتاة الصّامتة وسط ضوضاء هذا العالم، تلك النّقيّة السّاهرة على كلّ مريضٍ، تلك الخفرة الّتي ترقّب هذا العالم المترنّح تحت أمواج الصّلف. نفتتح هذا المكان لنقول إنّ جبروت صمتها أقوى من بليغ الكلام. نفتتح هذا المكان لنقول إنّ جبروت صمت الصّلاة أقوى من أزيز الحروب ومن قعقعة النّزاعات.

“إن لم يبن الرّبّ البيت باطلاً يتعب البنّاؤون” هكذا يقول الكتاب المقدّس. والرّبّ بنى فينا وفيكم إخوتي صورة مجده فانجلت صورة مجده في البشر عمرانًا في الحجر. تبارك إلهنا أبو الأنوار وبوركت تلك الجهود النّيّرة الّتي زرعت صيدنايا بما تحمل في قلب حاصبيا. بوركت وجوهكم الطّيّبة إخوتي الحاضرين الّتي ينعكس بتجلّي أخوّتها ووئامها وتآلفها ومحبّتها شيءٌ من جلال العليّ القدّوس، له المجد والرّفعة إلى الأبد آمين”.

 

في الختام، قلّد البطريرك يوحنّا العاشر السّيّد غسّان قنتيس وسام القدّيسين بطرس وبولس من رتبة كومندور تقديرًا لتقديماته.

 

بعد ذلك انتقل الجميع إلى مبنى الدّير حيث ترأّس البطريرك صلاة التّدشين ونضح المكان بالماء المقدّس. هذا وقد خدمت الصّلاة جوقة معهد القدّيس يوحنّا الدّمشقيّ اللّاهوتيّ في البلمند.

تجدر الإشارة إلى أنّ البطريرك يوحنّا العاشر كان قد زار قبل وصوله إلى حاصبيا دار المطرانيّة في مرجيون كما وقام بزيارة خلوات البيّاضة بعد انتهاء احتفال التّدشين.

ملاحظة

ويحلو لي في ختام تدوينتي هنا  ان اورد هذه المعلومة الهامة جدا التي زودني بها الصديق الدكتور عادل مطر طبيب العيون الذائع الصيت بماقام به لمصلحة دير سيدة صيدنايا البطريركي في عهد وبتكليف من هذه الام المتقدسة وها انا ادرج كلامه المكتوب لي بالحرف بدون زيادة او نقصان وللحق والحقيقة والتاريخ، واوردته في تدوينتي عن الام الرئيسة كاترينابي حيدر ايضا…

الأخ الصديق د. جوزيف زيتون المحترم

بما أنّك توثّق كلّ شيء
أرى أنّه من واجبي ذكر واقعة قامت بها رئيسة دير صيدنايا البطريركي
الأم أبي حيدر
إذ طلبت منّي أن أحاول إرجاع عدد من الهيكتارات حول مزار بطرس وبولص في بلدة الجديدة التابعة لقطنا
فقد كان هذا المزار يستخدم كتواليت بعد أن هُجر لفترة طويلة من الزمن وتدخّل كثيرون دون جدوى
وطرقت باب العماد علي أصلان الذي كان رئيس هيئة الأركان للجيش في ذلك الوقت ( بعد أن ذهب كلُ من المطارنة موسى خوري وجوزيف زحلاوي و لوقا الخوري) ولم ينتج من تداخلاتهم أيّ شيء إيجابي
(وكان لي لقاء طويل مع السيّد الرئيس حافظ الأسد عند إفتتاح مشفى تشرين)
وطلب الى السيّد العماد ترجيع الخط الأحمر وتسليم هذه الأراضي – على ما أعتقد ١٨٠ هيكتار – إلى بطريركية الروم الأورثوذكس التي كان غبطة البطريرك هزيم على سدّة الرئاسة فيها ،
وبعد عشرة أيام عادني بالزيارة العماد علي أصلان ( أبو أوس ) وفي يده الأمر بإرجاع الأراضي وسوف أعمل لإثبات التواريخ
وجرى الإستلام والتسليم بإحتفالٍ رسمي حضره كبار الضّباط في الجيش العربي السوري ومثّل الكنيسة الكاهن لقرية الجديدة والداعي لكم بطول البقاء .
والذين هم على إطّلاع على هذا الوضوع عن كثب الأرشمندريت رئيس دير مار تقلا متّى رزق
وراهبات دير السيّدة العذراء في صيدنايا
وقد رفضت أنا أن تسجّل الواقعة في الكتاب الذي طبع في ذكرى الرئيسة أبي حيدر رحمها الله
والآن بما أنّك في موسوعتك تثبّت الوقائع كما جرت
أحببت أن أضعك بصورة هذا الحدث
توخيًا للحقيقة
لك كلّ المودّة.

صديقك الدكتور عادل مطر.

دير السيدة رمز شموخ كرسينا الانطاكي المقدس وعزة ابنائه وبطاركته الارثوذكسيين العظام من زمن تأسيسه بهدي الطاهرة وتنفيذ الامبراطور الارثوذكسي الرومي العظيم يوستنيانوس وشقيقته اول رئيسة له.

 

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *