الظهور الإلهي للثالوث في معمودية الرب يسوع في نهر الأردن
استُعلِن الثالوث في العهد الجديد في بشارة الملاك للقديسة مريم عندما جاءت البشارة من الله (لو 1: 26):
– الروح القدس يحل عليك
– القدوس المولود منك يدعى ابن الله (لو1: 34 – 35).
وهكذا أعلن تجسد الابن:
1- تمايز الأقانيم.
2- قدَّم لنا اسم الأقنوم الثاني “ابن الله”.
وجاء تمايز الأقانيم واضحاً في معمودية الرب في نهر الأردن:
– الآب ينادي من السماء.
– الابن في مياه الأردن.
– الروح القدس يحل على الابن المتجسد بهيئة حمامة.
وكما بدأ العهد الجديد بالحبل البتولي، وبدأ العهد القديم بالحَبَل المعجزي بإسحق (تك 18)، هكذا بدأت خدمة المتجسد بالمعمودية التي نالها هو:
أولاً: لكي يمنحها هو نفسه لنا، فما أخذه يعطينا هو إياه، ولذلك قال رسوله: “أنتم الذين قد اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح” (غلا 3: 27)، وأكمل رسول الرب يسوع رسم أيقونة الخلاص بتأكيد أن ما استُعلِن في الأردن، وهو بنوة الابن هو ما يعطى لنا نحن بنفس الروح الذي حلَّ على يسوع “بما أنكم أبناء أرسل الله روح ابنه إلى قلوبكم صارخاً أبَّا أيها الآب” (غلا 4: 6).
ثانياً: وخدمة المتجسد هي استعلان الثالوث، ولذلك جاءت شهادة يوحنا المعمدان عن الآتي الذي سوف “يعمدكم بالروح القدس” (مر 1: 8)، وهو تعبير لم يكن له وجود بالمرة في العهد القديم برمته، ولذلك جاء “البِكر” يسوع لكي تنشق السموات (مر 1: 10)، فلم تعد السموات مغلقة، وتأكيد انفتاح السموات على الأرض هو نزول الروح مثل حمامةٍ، لا لكي يطير مثلما يظهر في أحد الأفلام، بل لكي يستقر عليه، على يسوع. وتسمع الإنسانية صوت الآب:
“أنت ابني الحبيب الذي به سررت” (مر 1: 11).
استعلان ابن محبة الآب الذي جاء لكي ينقذنا من سلطان الظلمة وينقلنا إلى ملكوت ابن محبته (كولوسي 1: 13).
خدمة الثالوث بدأت بمعمودية الرب يسوع
هل سيأتي جيلٌ يفهم أن الأكبر هو الخادم، وهو تعليم الرب يسوع الذي نطق به هو؛ لأنه يحياه “وأكبركم يكون خادماً لكم” (مت 23: 11)؟ وفي مناسبة أخرى أعاد ذات التعليم عندما كان الحوار، بل الجدل حول من هو الأعظم، فقال: “إذا أراد أحد أن يكون أولاً فليكن آخر الكل وخادماً للكل” (مر 9: 35). ألم يكن هو الذي “أخلى ذاته وأخذ صورة عبدٍ”؛ لأنه جاء لكي يخدِم (مت 20: 28) خدمة بذل الحياة؟ والخدمة هي دياكونية، هي خدمة الملائكة لنا (عب 1: 11)، وخدمة الرب نفسه، وهي خدمة الروح القدس لنا، وهنا كلمات الرسول واضحة:
“وأعمال خِدَم”، ثم أضاف أن الذي يخدم هو “الله الواحد الذي يعمل الكل في الكل” (1 كور 12: 5)؛ لأن وحدانية الله وتعدد عمل الله لا يسمح لنا بتقسيم الله نفسه؛ لأن الله بالروح القدس يعمل كل هذه بالروح الواحد (1 كور 12: 11).
وقد دخل هذا المبدأ اللاهوتي الهام في صلواتنا: “أنت الذي خدمت لي الخلاص لمَّا خالفت ناموسك”. والحديث عن “مبدأ لاهوتي” هنا لا ينصرف إلى معنى مجرد، لأننا نقصد الكلام عن أحد أساسات العهد الجديد، العهد الذي قرر الله فيه أن يخدم الإنسان لأنه، أي الله، هو الأعظم والأكبر، وبذلك يكون قد قَلَبَ موازين العظمة بحسب قول الرب: “إن المستعلي عند الناس هو رجسٌ قدام الله” (لو 16: 15). ولا يوجد تعبير أفظع من رجس = نجاسة، فتواضع المتجسد جعل كل شيء آخر عظيماً عند الناس بلا قيمة، بل نجاسة أمام طُهر ونقاء تواضع المحبة.
لقد دخلت ثقافة الاستعلاء والاستكبار في كل مجتمعات البشر، فهي ليست قاصرة على شعبٍ دون باقي الشعوب. وجاء التركيب الطبقي لكل مجتمع يرفع البعض حسب الثروة أو القوة …. إلخ ويؤسس بذلك الصراعات التي عرفها التاريخ، والتي لن تنتهي حتى يصبح “كل البشر ملوكاً”!!!
وطبعاً، مع شدة الإصرار على التركيب الطبقي، يجيء الله – وربما لا زال – على رأس الهرم الاجتماعي والسياسي … لكننا هنا أمام استعلان خدمة الأعظم والأكبر لكي تكون قيمة العمل محسوبة بما يحققه – هذا الأعظم والأكبر – لا بما يبذل فيه فقط من جهد. ولكي ينال كل عمل مكافأة بل مكانة فيما حققه من شركة وتقدُّم في العلاقات بين الله والبشر.
ما يُستعلَن ليس للتباهي أو إظهار القوة، وأمام مَن؟ هل أمام البشر الضعفاء الذين يحاولون أن يدخلوا في سباقٍ مع الله، ببناء برج بابل من جديد؟ لكن اللغة الإنسانية، لغة أصحاب المشروع، لم تكن لغة الكبار الذين يخدمون الأصاغر، بل ربما كانت هناك خدمة “سخرة”، خدمة الأصغر للأكبر الذي لا يريد إلَّا الراحة على حساب الضعيف. لقد كانت النازية الألمانية هي آخر صور الاستبداد العرقي وسيادة قوة البطش والقتل التي أبادها صراع العقل والذكاء، وقتال الجماعة ضد القوة الغاشمة. فقد جاءت النظرية الألمانية بالتفوق العرقي وحشدت كل القوى الممكنة، ولكنها فشلت لأنها كانت بلا سلام وبلا توافق، وزرعت العداوة، فحصدت الموت، أي نهايتها.
لم نجد في التاريخ الإنساني كله أيقونة الأكبر الذي يخدم بحياته سوى أيقونة الثالوث المستعلَنة في لحم ودم يسوع وحياته وخدمته وموته وصلبه وقيامته.
استعلان وظهور الأقانيم ليس بالكلام، بل بالعمل والعطاء
هل صحيح أن عقيدة الثالوث عقيدة غامضة؟ أم أننا نحن الذين حوَّلنا هذا الاستعلان الإلهي إلى خطاب فلسفي عقلي أجوف مثل “طبل أو صنج يرن”، كما قال الرسول عن هؤلاء الذين جعلوا من المحبة خطاباً بلا عمل؟
الأقنوم هو استعلانٌ خاص من أجل عطاءٍ خاص. هو وعيٌ بما استُعلِن وظهر بشكل خاص لكي يكون لهذا الظهور خصوصية تعطي ما لا وجود له، أي عطاء لأول مرة، عطاءٌ خاص.
محور الاستعلان هو الابن، وهو استعلانٌ خاصٌ بالبنوة. فقد انتهى عهد العبودية باستعلان من الآب: “هذا هو ابني الحبيب”، بنوة محبة تعطي. وهي محبة مستعلَنة لمن هو إنسانٌ منظور قائم بين البشر، أي يسوع؛ لكي يُمسح بالروح القدس وينال خدمة “المسيح”، وبذلك تتم النبوات القديمة لا سيما نبوة أشعياء (راجع لو 4: 16 – 18).
وعندما قال الآب: “هذا هو ابني الحبيب”، فقد كان في ناسوت البشر، وهكذا شملت هذه المحبة الأبوية إنسانية كل إنسان. استعلان عام للمحبة لكي يصل القبول الخاص بهذه المحبة في المعمودية.
وعندما نعمِّد باسم الآب والابن والروح القدس، ونَصِفُ جرن المعمودية باسم “الأردن”، ويعبِّر عنه في الصلوات كالآتي:
“لأن ابنك الوحيد ربنا يسوع المسيح الذي نزل إلى الأردن وطهَّره، شَهِدَ قائلاً: إن لم يولد أحد من الماء والروح فلا يستطيع أن يدخل ملكوت السموت. وأيضاً أمر تلاميذه القديسين … اذهبوا … وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس”.
هذا الوعي الكنسي يدرك أن ما قيل لنيقوديموس هو ما حدث للرب نفسه في الأردن لأن الميلاد الجديد هو تحول ناسوت الرب، ولأن اتحاد اللاهوت بالناسوت هو اتحادٌ فائق لا بُد من إعلانه، لكن الإعلان ليس لفظاً ولا خطاباً، لكنه إعلان دخول هذا الناسوت “علانيةً” في شركة علنية مع الآب والروح القدس، لأن التعليم يجب أن يكون علانيةً ومعلَناً ليس بلفظ، بل بإظهار العلاقة الجديدة الخاصة.
التحول بالاتحاد الأقنومي فقط لا يؤسس الخلاص، ليس لأنه بلا قيمة، بل لأنه سرٌّ لا يُفهم ولا يُدرَك، ولا يمكن لأي بشرٍ مهما كان، أن يدخل “أقداس” الاتحاد الأقنومي، لكن مسح يسوع بالروح القدس هو عملٌ ظاهرٌ في المسحة نفسها وفي الخدمة التي استُعلِنَت فيها هذه الخدمة: التعليم – المعجزات – الصلب – الموت – القيامة – الصعود. تلك أعمالٌ ظاهرة لا تقبل التخمين، وليست هي – كما يقولون – رجمٌ بالغيب – بل هي ضرب من الاستعلانات تؤسِّس لنا:
1- الشركة في الاستعلان.
2- نوال النعمة الخاصة المستعلَنة.
3- تغيير جوهر وغاية الصلاة لأن استعلان أقانيم الثالوث غيَّر جوهر وغاية الصلاة.
أقنوم الابن وعطية التبني
رغم أن بنوة الابن أُعلِنت في العهد القديم، وفي بشارة الملاك للقديسة مريم، ولكنها الآن تأتي بشهادة الآب نفسه: “هذا هو ابني الحبيب”. وشهادة المحبة هي شهادة خاصة، لا يمكن أن تقال إلَّا من الذي يحب، ولا يمكن أن تقال في غيبة المحبوب. هذه الشهادة مكونة من كلمتين: ابن – المحبوب، وكلتا الكلمتين تحملان معاً ما هو خاصٌ بالمحبة، وهو ما هو خاص بجوهر الحياة الإلهية. لم يسبق أن شهد الآب عن أي آخر في كل أحداث الحياة، ولا شهدت الأسفار عن آخر قيل إنه ابني، مع إضافة “الحبيب”. لقد قيل: “من مصر دعوت ابني”، ولكن الآن تجيء كلمة “الحبيب”. وهي تعبير عن خصوصية المحبة في العلاقة الحميمة التي لا يمكن أن تكون علاقة عامة: هذا هو ابني … وفي المزمور: “أنت ابني أنا اليوم ولدتك”، وهي الولادة التي ينبغي أن تحدث مستعلَنة في الاغتسال بالماء، وفي فصل المولود عن الافتخار العرقي لجنس إسرائيل، رغم أن الأم والأنساب يجيئون من إسرائيل، ولكن هذا هو العصر الجديد، عصر إعلان البنوة التي تُعلن في الابن، والتي تعطى بالروح القدس في المسحة، ليس لأن الابن لم يكن ابناً، وهي سقطة الهراطقة، ولكنه كان الابن الأزلي الذي أُعلِنت بنوته في الزمان من أجل الزمانيين. والإعلان من أجل الزمانيين هو إعلانٌ بلا قيمة إن لم يكن الابن أزلياً، فمن أجل الزمانيين أخذ الابن المولود من الآب قبل كل الدهور جسداً زمانياً لم يكن له قبل أن يولد في الزمان.
الحساب بالزمن يفسد كل استعلان، ويجعل علاقة الله بالإنسان مسرحية هزلية بلا قيمة؛ لأن ما هو زماني هو في النهاية زائل، وذاهب مع زمان البشرية الذي ينكسر دائماً عند القبر، وعندها يصبح كلمة تغوص في دياجير الماضي.
“اليوم ولدتك”، هو اليوم الباقي، وقد سجَّل سفر الخليقة تلك الملاحظة الرائعة، فقد خُلِقت السماء والأرض في ستة أيام، ولكن هذه الأيام الستة هي “مبادئ السموات والأرض، حيث خُلِقَت يوم عمل الرب الإله الأرض والسموات” (تك 2: 4 – 5).
فاليوم هو زمان الخلق، لا يُحسب بالأيام “هذا هو اليوم الذي صنعه الرب” (مز 118: 24). وماذا عن الأمس؟ وماذا عن الغد؟
“اليوم إن سمعتم صوته لا تقسُّوا قلوبكم” (عب 3: 7)، فهل يجوز لنا أن ندخل القساوة بعد نهاية اليوم؟ هذا تشويش العقل الخاضع لأحكام الزمان، وهو عقل يفقد رؤية ما هو أبدي لأنه مقيَّدٌ برؤية ما هو زماني، أي الحس والإدراك الواقع تحت الحواس الخمس بدون حتى “الحدس” الذي يفتح البصيرة على ما هو أعلى من الحواس الخمس.
معمودية الرب بالصليب وبالقيامة
بعد أن سبق الرب وأخبر تلاميذه “عما سيحدث له … ابن الإنسان يُسلَّم إلى أيدي رؤساء الكهنة … ويقتلونه وفي اليوم الثالث يقوم” (مر 10: 32 – 34)، عند ذلك سأل ابنا زبدي “أن نجلس واحد عن يمينك والآخر عن يسارك في مجدك” (مر 10: 37)، وهو طلبُ مُلكٍ، ولذلك قال لهما يسوع: “لستما تعلمان ماذا تطلبان”، وهنا يجيء السؤال الحاسم: “أتستطيعان أن تشربا من الكأس التي أشربها أنا؟ وأن تعتمد (تصطبغا) بالمعمودية (بالصبغة) التي أعتمد بها أنا؟”.
ويجيء الرد: “فقالا له: نستطيع” (مر 10: 39 . لو 10: 50).
الصبغة أو المعمودية آتية، ولكن السؤال: ما هي علاقة هذا بمعمودية الرب في الأردن؟ والجواب هو أن تتم هذه المعمودية بإرادة الرب نفسه؛ لأن الأولى هي استعلان الثالوث، والثانية هي الموت، وهي الصلب، ثم القيامة، هي الصبغة التي سوف تصبغ حياة الرب، هي صبغة الثالوث في الصلب لأن المصلوب هو “ابني الحبيب الذي به سررت”، وهي صبغة يقدَّم فيها يسوع الذي مُسِحَ بالروح القدس، وبه يقدِّم جسده قربان للآب حسب شهادة العبرانيين (عب 9: 14).
لقد مُسِحَ يسوع بمحبة الله الآب، وسكب الآب عليه الروح القدس، وجاءت المسحة في شكل حمامة، وهو ما تستوحيه التسبحة السنوية فتقول:
“الحمامة النقية التي نادت في أرضنا
وأينعت لنا ثمرة الروح
الروح المعزِّي الذي حلَّ على ابنك في مياه الأردن
كمثال نوح
لأن تلك الحمامة هي التي بشرتنا بالسلام
الله الذي صار للبشر”.
الحمامة الحسنة هي بشارة السلام، وهي تعبير متواتر عند الآباء، لكن أي سلام هذا الذي يندمج فيه استعلان الثالوث بصبغة الجلجلة؟ إن استعلان بنوة الابن هو تأكيد على شركة الأقانيم في وضع أساسات الخلاص، ولكن هذه الأساسات لا تعمل فينا إلاَّ إذا أزال الرب بنفسه الموت والدينونة وأباد سلطان الخطية.
الثالوث هو استعلان العمل الإلهي الواحد المتعدد المراحل حسب التدبير
من الأردن إلى الجلجلة والقبر والقيامة هناك خطٌ واحد يجمع كل الأحداث، وهو شركة الثالوث في خلاصنا. وعلينا أن ننتبه إلى ما هو عام يشترك فيه الآب والابن والروح القدس، وما هو خاص بكل أقنوم على حدة.
* ما هو عام، هو الظهور الواحد في البشارة – المعمودية – التجلي على جبل طابور.
* ما هو خاص، هو استعلان بنوة الابن في البشارة – استعلان المسحة في الأردن في المعمودية، أي عطية الروح القدس لنا – ثم هو استعلان قوة الدهر الآتي في سحابة المجد “الشاكيناه” في تجلي الرب معلنا “جسد مجده” الذي سوف يظهر به بعد القيامة والذي سبق وأعلَن السر الكامن فيه قبل الصليب لأنه جسد حياة من قال: “أنا هو القياة والحياة”.
* ما هو عام يعطي التعليم بوحدانية عمل الثالوث.
* ما هو خاص يؤكد العطية والهبة المستعلَنة في كل أقنوم، ويؤكد بنوتنا للآب في البشارة والمعمودية، ومسحتنا بالروح القدس بسبب مسحة يسوع([2]) المجد الآتي الذي سوف نناله في القيامة في استعلان التجلي لأننا سوف نقوم بذات المجد الذي قام به يسوع.
لكن يجب أن ننتبه إلى أن تعدد مراحل التدبير من البشارة إلى القيامة، لا يعني أنها مراحل تغطيها فواصل زمنية، بل هي مراحل يتم فيها بناء الناسوت نفسه في تحول داخلي؛ لأن الخلاص هو من داخل حياة الرب المتجسد الذي يحول في كيانه الطبع الإنساني مؤهِّلاً إياه للحياة السمائية، تحولاً تدريجياً قال عنه القديس أثناسيوس، وهو يشرح كلمات الإنجيلي لوقا: “وأمَّا يسوع فكان يتقدم في الحكمة والقامة عند الله والناس” (لو 2: 51):
“لقد أنقص نفسه لأجلنا؛ لكي بتواضعه نستطيع نحن أن نتقدم وننمو … فالتقدم هو للجسد، لهذا ففي تقدمه، كان يزداد أيضاً ظهور اللاهوت فيه لأولئ الذين رأوه. وكلما كان اللاهوت يُستعلَن أكثر فأكثر كلما ازدادت نعمته كإنسان أمام كل الناس … وهكذا بازدياد الجسد في القامة، كان يزداد فيه ظهور اللاهوت أيضاً، ويظهر للكل أن الجسد هو هيكل الله” (فقرات مختارة من المقالة الثالثة ضد الأريوسيين، فقرة 51 – 52 – راجع ترجمة مركز دراسات الآباء ص 92 : 95).
هكذا علينا أن ننتقل من سكون الفكر ومبيت العقل في ثالوثٍ لا يتحرك ولا يعطي، إلى الثالوث الحقيقي الذي استُعلِن في حياة يسوع، الذي جاء معلِنا لنا الآب، وأظهر في ذاته إلوهيته، ثم أرسل لنا عطية الآب الروح القدس.
ليكن هذا العيد، عيد الثالوث، عيد العطاء، عيد استعلان محبة الآب في الابن الحبيب، ولنأخذ هذا في قلوبنا بكل حرص وانتباه، لكي ننمو إلى ذات المحبة الظهور الإلهي للثالوث في معمودية الرب يسوع في نهر الأردن.
اترك تعليقاً