February 24, 2019, 2:51 am
تفسير مَثل ”الابن الشاطر” – 1
لابن المكين ـ الجزء الأول – الحلقة الاولى ـ [1]
(من التراث العربى المسيحى للاقباط)
عن الكاتب [2]
الكاتب هو جرجس ابن العميد، ويعرف بابن المكين، عاش في القرن 13م [3].
عن النص
يَردْ هذا التفسير في كتابه “مختصر البيان في تحقيق الإيمان، المعروف بالحاوي والذى تَّم نشره تحت عنوان “الموسوعة اللاهوتية الشهيرة بالحاوي لابن المكين” في أربعة أجزاء [4] .
ونص هذا التفسير جاء في الجزء الرابع والباب الخامس والفصل الأول ويقع ما بين صفحتى 93ـ121.
ونص هذا التفسير جاء في الجزء الرابع والباب الخامس والفصل الأول ويقع ما بين صفحتى 93ـ121.
عن المَثََلْ
جاء هذا المَثَلْ من ضمن أمثال المسيح له المجد والتى سجلَّها لنا القديس لوقا في الأصحاح الخامس عشر(لو11:15ـ31).
ولقد اهتم آباء الكنيسة بتفسير هذا المثل نذكر منهم [5] :
1ـ القديس كيرلس الأسكندري (ق4). 2ـ القديس خريسولوغوس (ق5).
3ـ القديس أمبروسيوس أسقف ميلانو. 4ـ القديس فيلوكسينوس منبج.
5ـ مار افرام السرياني. 6ـ القديس أثناسيوس الرسولي.
7ـ القديس أوغسطينوس. 8ـ ذهبي الفم (عظة منحولة).
اهتمام بن المكين بالمثل
يذكر الكاتب في بداية هذا النص أن سبب انشغاله بتفسير هذا المثل إنه قصد “ استكمال البحث والتحري في الغوص على معاني هذا الفصل (المثل) دون غيره من النصوص الأنجيلية” [6] وذلك لأن المثل يحتوى ” علي معان جليلية وفوائد جزيلة” لذا ” كان مستحق التعمق في بواطنه واستخراج جواهر من كنوز معانيه” وهذا ليس معناه أن باقي نصوص الإنجيل تقل عظمة عن هذا النص لأن ” الأقوال الإنجيلية كلها عظيمة الفوائد، شريفة المناهل والموارد”. ولكنه هو ينظر إلى هذه النصوص من حيث إن “بعضها يتميز على بعض في قرب مفهومة وسهولة معلومة”.
وأخيرًا يوجز ما يهدف إليه من هذا التفسير بقوله ” لذلك أردت أن اذكر في هذا الفصل ما هو المراد باطنًا من ظاهر نصه”.
لقد كان ابن المكين ـ فيما أَقَدم عليه من تفسير لهذا المثل، واعيًا بأنه لم يكن بالتأكيد هو أول من قام بهذا العمل، إن هناك ” بعض الأراء التى قيلت فيه” وأن هذه الاراء لم تكن متفقة ” فالتفاسير والشروح تختلف فيما يقدمه وتتروي فيه” وأن هذه التفاسير تتطلَّب جهدًا ومقدرة بحتة لذا ” فالناس فيها كل واحد يأتي بجهد ويُظهر ما عنده”.
ومن الملاحظ إنه لم يِكتف بقراءة ما كان قد كتبه من سبقوه من تفاسير وممن ينتمون إلى كتَّاب التراث العربي المسيحي مثل “الشيخ أبي القرح بن الطيب” [7] بل وأيضًا كان قد بحث في تراث الكنيسة القديم وقرأ شروح “الأب القديس ذهبي الفم”: الذى يلقبه “بمعلم المسكونة”.
والجدير بالذكر هنا أن ابن المكين لم يقف عند القراءة السطحَّية لتفاسير الشيخ ابن الطيب ومعلّم المسكونة ذهبي الفم، بل أنه سجَّل لنا أراؤه فيها فيقول: ” لأني لم اقف من كلام الشيخ ابي الفرج بن الطيب على ما يروق الناظر فيه ويبلج الصدور، ولم يستكمل النظر في بواطن معانيه” ويتابع فيقول: ” والمعلوم من شروح الأب القديس ذهبي الفم المعلم المسكوني ميله فيها إلي مواعظ الكثيرة” والواضح هنا اختلاف رؤية ابن المكين لمعان هذا النص.
أما تعليمه الخاص لهذا المثل فهو كالأتي: ” وهذا الفصل إذ كان محتويًا على معانٍ جليلة وفوائد جزيلة كان مستحق التعمق في بواطنه واستخراج جواهر من كنوز معانيه”.
مفهومه عن الأمثال
يبدأ ابن المكين تفسير بهذا المثل بإيضاح مفهومه عن الأمثال التى علّم بها الرب يسوع والتى أسماها ابن المكين “الأمثال السيَّدية ” نسبه للسيد المسيح، فيقول ” نريد أن تعلم أولاً أن الأمثال السيدية كلها ليست كلامًا فقط ليُعلّم” وهو يرى أنه بجانب ما فيها من تعليم إلاَّ أنها تمثل أيضًا واقعًا معاشًا لهذا يستكمل توصيفه لها بقوله ” لكن مع أن الغرض العلم والتعليم بها، فمنه ما وقع فعلاً ومنه أقرب ممكن إلي الوقوع” وهذه الأمثال لا تتعارض مع الواقع المعاش إذ ” تراها في جملة معجزها مطابقتها علي ممثلولها لا تنافيه بوجه البته”
وُيرجع ابن المكين السبب في هذا إلي النصوص الكتابية التى وردت بها هذه الأمثال هى موحي بها الله أوبحسب تعبيره ” هذه دلائل الأنفاس الألهية” [8]
شرح المثل
إنسان كان له ابنان فقال أصغرهما لأبيه يا أبي أعطني القسم الذى يصيبي من المال، فقسّم لهما معشته” [9].
يستهل ابن المكين شرحه لهذا المثل بفرضيه [10] أن هناك مَنْ يتسآل لمعرفة المقصود بعبارة “إنسان” التى بدأ بها السيد المسيح كلامه. فيقول “وقد يُسأل مَنْ هو الإنسان الذى أشار إليه الرب”.
وجواب ابن المكين على هذا السؤال الأفتراضي أعطته فرصة لمزيد من الشرح والإيضاح فيقول ” فأما الإنسان الذى أشار إليه فهو الإله الكلمة” ولذلك يستطرد فيقول ” ” وسُمى إنسانًا لتجسَّده وظهوره بشبه البشر، ولذلك سمى نفسه بعد ظهوره ابن الإنسان وابن البشر”.
وبدون أن يتابع أسئلته الأفتراضية عن باقي الأشخاص الوارد ذكرهم في المثل، نجده يستطرد قائلاً: ” والابنان اللذان أشار إليهما” هما نوعين من البشر.
ويوضَّح كلامه بقوله ” إعلم أن الإله الأزلي لما خلق العوالم ومن جملتها الإنسان، أفاض عليه قسطًا من النور لينير به عن سائر المخلوقات السفلية بوجه واشترك به مع العالم الأعلى والعالم الأسفل بوجه آخر وهو النفس العاقلة”.
ويري ابن المكين إن الله قد شرّف الإنسان بأن منحه موهبة العقل وخصه بأحد أسماؤه فيقول: ” ومن شرف هذا الجوهر نسبه إلي العقل وهو من أسماء الباري تعالى ولما خصص هذا النوع الإنساني بهذه الموهبة”.
ولقد كان للبشر موقفًا تجاه هذه الموهبة جعل منهم فريقين، الأمر الذى رصده ابن المكين بقوله ” فمن الناس مَنْ استعمل هذه الموهبة قبل ظهور الشرائع النقلية في واجبها، وإستضاء بأبنوارها واهتدي بها فأتى بأنواع الفضائل وأكثرها كل واحد على ما نهض له تصوره وفكرته” وهذا يمثل الفريق الأول أو الإبن الأكبر كما سنرى.
” ومن الناس من شاب مع شهوات الطبيعه البدنية الأرضيّة وأطفأ ضوء الموهبة التى أنعم عليه بها وأضاع فوائدها وخالف قوانينها”، وهذا يمثل الفريق الثاني أو الإبن الأصغر حسب المثل إذًا ” فالابنين المشار إليهما هما هذان الفريقان”.
ويلفت ابن المكين انتباهنا إلي أنه بالرغم من اختلاف رد الفعل لهذين الفريقين تجاه هذه الموهبة والتى جعلت من الأول حكيمًا والثاني جاهلاً إلاَّ أن السيد له المجد قد دعاهما ابنين ” وإنما سماها ابنين أعني الحكيم والجاهل لأن نسبتهما في الخلق إلي آب واحد فهما من حيث النسبة الأبوية في الخلقة لا يختلفان في الأبوة والبنوّة الوضعية، ومن حيث الأعمال ظاهرين في الأختلاف”.
الإبن الأصغر والإبن الكبير
يفسر ابن المكين وصف المسيح للإبنين بأن أحدهما هو الصغير والآخر الكبير، أن هذا الوصف له معنى يتعدى حاجز السن فيقول ” سمىَّ الواحد صغيرًا لأنه على الحقيقة في مرتبته كذلك إذ كان ضيَّع رأس ماله وانحط إلي الأسافل”.
وفَقْد وإضاعة رأس المال ليس المقصود بها إضاعة الأموال والنقود كما سيأتي الشرح، بل فقدانه لحياة الفضيلة والتعقل والدليل على ذلك قوله ” فهو لانحطاطه عن مرتبة الفضل سُمىّ صغيرًا وعلى عكس ذلك سمى الآخر كبيرًا”.
أعطيني نصيب من مالك
يشير ابن المكين إلى أن طلب الإبن الأصغر لنصيبه من مال أبيه يمثل في حد ذاته إدانة له، ولقد حرص الكتاب على ذكر ذلك ” وأراد به قيام الحجة عليه لأنه طلب رأس مال” وكان الأجدر به أن يتاجر حسنًا برأس المال هذا وإن لم يفعل لن يكون له “عذر عن تحصيل الفائدة إذا سعى فيه واجتهد على ما ينبغى، فإن تهاون ونام وتكاسل وضيعه في غير وجه فهو لا يأتي بفائدة”.
فقسَّم لهما معيشته
يري ابن المكين أن ما فعله الآب هنا يرفع عنه كل لوم أو تقصير فيقول : ” ومما يدل على أن إباه لم يبق عليه لوم ولا حجة قوله فقسم بينهما”، وليس هذا فقط بل أن الأب كان عادلاً وغير مميّز لأحدهما عن الآخر فيما يخص هذا المال ” وهو يدل بهذه القسمة أنه لم يخص الأكبر بالتمييز عن الأصغر في المال”.
ما المقصود بالمال؟
هنا نأتي أن النقطة الرئيسية في تفسير ابن المكين لهذا المثل فهو يرى أن المال الذى أعطاه الآب لابنه لم يكن هو النقود أو الأملاك المتعارف عليها بل ” هذا المال الذى كان للأب وأعطاه لابنيه إنما هو المواهب العقلية المشار إليها بالنفس الناطق العاقلة”.
ولقد تجلى عدل الله في أنه وهب للبشر هذه النفس العاقلة بدون تمييز بينهم ” لأنه تعالى جاد على النوع الآدمي بالنفس العاقلة من حيث هى نفس عاقلة في حقيقة جوهرها على نسبة واحدة لأن الكثرة والقِلة لا تصح في الجواهر الروحانية”.
وإن كان الله قد أعطى البشر هذه الموهبة أو كما يسيمها هنا “المال” بالتساوي فأين يكمن الفرق بينهم؟
يقول ابن المكين إن “هذا المال يوجد في الناس مَنْ يتاجر فيه متاجرة حسنة ومنهم من يفعل ضد ذلك”.
الكورة البعيدة
“الكورة البعيدة هي بعده عن طريق الحق، وسكنه في كورة الشهوات الحيوانية والأستغراق في بلدتها والتهافت على لذاتها”. ويرى ابن المكين أنها سميت “بعيدة كبعد الظلمة من النور” وأيضًا بعد السمائيات من الأرضيات” إذا أنه لا شركة للنور مع الظلمة [11]
غير أن ابن المكين يأتي بمعاني أخري لكلمة “شاطر” فيذكر أنها ” تقال في العرف على مَنْ ظهر عنه سفك الدماء والعشرة لاصحاب المحارم والدخول في المناهى العقلية والشرعية فيقال شاطرًا”.
ويدرك ابن المكين تمامًا أن كلمة “شاطر” لم ترد في النص الإنجيلي، ومع هذا لم يجزم بحقيقة مصدرها، ويورد ما اتفق عليه علماء البيعة بشأنها فيقول:
” وأعلم أن الرسول (لوقا) لم يسم الإبن الأصغر الإبن الشاطر لكن يحتمل أن يكون هذا الأسم صار من قبل علماء البيعة لما ظهر عنه في نهاية أَمره من الشجاعة وصواب الفكر في عودته لابيه واعترافه بجهله وحصوله على الظفر بخلاص نفسه وحياتها بعد موتها”.
حدث جوع في تلك الكورة
يري ابن المكين أن ” هذا الجوع يرمز إلى فقر الابن الضال من جميع الفضائل” ويرصد النتائج الوخيمة لهذه الحالة فيقول:
” وحينما تنفذ الفضائل يذهب لرئيس الكورة ليخدم عنده متذللاً، فلما ظهرلرئيس الكورة (الشيطان رئيس كورة الظلمة) خضوعه وضرورته وتذلله وفقرة استعمله عند ذلك استعمال عبد رق وكان يظن في نفسه أنه أجير فلم يدرى إلاَّ وقد صار له أسيرًا، حينئذ بالغ في نكايته وإهانته حتى استعمله في أفسد الأعمال وهي رعى الجنازير”.
لماذا رعاية الخنازير؟
يقول ابن المكين: ” إن صاحب الأرض أرسله لرعاية الخنازير دون غيرها من الأشغال لأن في طباعها ما يناسب طباعه وملكاته” غير أن هذه الطباع وتلك الملكات لم تكن أصيلة فيه بل ” صارت له بالتكسب الرديء” أي بالإستثمار السيء لماله أي بسوء استخدام موهبة العقل التى منحها الله له كما سبق القول، ويؤكد ابن المكين أن هذه الطباع قد تمكنَّت منه حتى أنها “ملكته فاسكنته تلك الكورة”.
وفي تعليقه على قول لوقا البشير في هذا المثل ” كان يشتهى أن يملأ بطنه من الخرنوب الذي كانت الخنازير تأكله فلم يعطه أحد”. (لو16:15)
يقول: ” إن صاحب الرذيلة لا يقف عند حد ولا ينتهي إلي رتبة منها ، بل كل ما بلغ عُرضًا من أعراض الرذيلة فتحت له شياطين الطبيعة بابًا آخر وأعمته به وخليت له لذاته، فهو لا يزال أخذًا في الأنحطاط إلي رتبة وبعد رتبة ولو عمَّر من العمر الآف السنين”.
وهنا يستشهد بما جاء فى رسالة بولس الرسول إلي أهل رومية (26:1ـ28) ليدَّلل على ما يمكن أن يصل إليه المرء حين تتملكه الشهوة مريدًا أن يملأ بطنه منها تاركًا عنه إعمال العقل، حيث يصف بولس الرسول ما كان يفعله أهل رومية من رذائل الأعمال الشاذة بخلاف ما هو طبيعي.
وهنا يُميَّز ابن المكين بين أهل الفضيلة منهم “مترقبين دائمًا ناظرين إلي الأعالي” إذ هم “الناظرين دائمًا إلى عالم العقل والذين ” لا يقفون عند غاية إذ لا غاية لمطلوبهم”، نعم يميَّز بين هؤلاء وبين أهل الرذيلة الذين ” لا يقفون عند حد في الأنحطاط” والذين يمثلهم “ساكن تلك الكورة البعيدة الذي استخدمه عظميها في رعاية الخنازير حتى بلغ إلي أن صار يشتهي أن يملأ بطنه من غذاء الخنازير فلا يعطى ذلك”.
بين الخطيَّة والخنزير البري
يقول ابن المكين ” شبهت الخطية بالخنزير لا سيما البري لأنه كثير ما يموت بالخنق وهو يري أن هذا ما يحدث بالنفس عندما تتملكها الخطية” ” وإذا استولى الخنق على الطبيعة أظلم عينها وكذلك فعل الخطايا مع النفس”.
معنى قول الكتاب: فلا يعطي ذلك
تتجلي هنا براعة ابن المكين في معرفته بدروب النفس البشرية وما تتعرَّض له من تجارب. وفي حكمة وفهم يصف لنا ما يحدث عندما تدمن النفس علي فعل الخطية فتطلبها بشدة فلا تعطي، فيكون عدم اتمامها لشهواتها ليس فضلاً وجهادًا منها بل لأنها لم تعطى الفرصة لذلك فيقول:
” وقوله فلا يعطي ذلك معناه إنه لم يبقَ عنده مانع يمنع ما يرد عليه من قبول أفكار شياطين تلك الكورة البعيدة، ولم يبق له مانع في بلوغ شهواته إلاّ عجزه عنها إذ لم يجد مادة يبلغ بها غرضه، لأنه لم يَصيرْ إلى رعية الخنازير إلاّ لما صار إليه من ضروب الفقر والفاقة”، أى انعدام الفضيلة، وهذا هو معنى” فلا يعطي ذلك”.
وكطبيب ماهر يصف الحالة التى أمامه بقوله ” المانع من حصوله على رذيلة ليس منه” ويضع أمامنا خبرة روحية عميقة:” هذا هو الألم الأليم أن الشهوة تضطر صاحب الرذيلة وهو يجاهد على بلوغها فلا يجد إلي بلوغها سبيلاً”.
ويُرجع السبب في ذلك إلي أن ” نار الشهوة تضطرم دائمًا في باطنه وهو يُرْيد نارها دائمًا مادة فهي دائمًا لا تخمد ثورتها”. وبئس هذا الإنسان فهو كما يصفه ابن المكين “في الاحتراق الباطن قبل الأحتراق الظاهر”، بل ويرى أن هذه نتيجة طبيعية لكِّل من بَعُد عن طريق الحق وعاش في تلك الكورة البعيدة مفتقرًا إلي حياة الفضيلة مستسلمًا لرئيس هذا العالم “فهذا حال مَنْ قطن في تلك الكورة البعيدة وافتقر إلي أن استخدمه عظيمها في أغراضه كلها”.
فكرَّ في نفسه (رجع إلي نفسه)
يعود ابن المكين إلي ما سبق أن أوضحه بأن المال الذي منحه الأب لابنه يرمز إلي “النفس العاقلة” وأن هذه المنحة لا تُفقد حتى وإن تعطلّت إلي حين، ويستدل على صحه ما قد ذهب إليه بما جاء في النص من أن الإبن الأصغر قد رجع إلي نفسه فيقول ” في هذا المكان (الآية) يظهر تحقيق ما ذكرتُه أولاً وهو أن رأس المال الذى أنعم به أبوه عليه لا يُعدم أصلاً البته وإن عَدمت فائدته في وقت من الأوقات لغرض من الأغراض وهو موهبة النفس العاقلة، إلاَّ أنه لا يضمحل ولا ينفذ”.
ويرى ابن المكين أن احتياج الإبن لهذه الموهبة قد اتضح بشكل كبير عندما قرر العودة إلي أبيه وما كان أن يتحقق له هذا لو أن هذه الموهبة كانت قد تلاشت بالمرَّة ” لأنه لو اضمحل لامتنع عليه وجوده وقت الاحتياج إليه وهو وقت الإنعطاف إلي أبيه. لأن قوله ففكر في نفسه وتتممته، يُعلَم منه أن هذه القوَّة المفكرّة لا تُعدم”.
الإنسان يدان حسب فكره
يُعلّم ابن المكين أن هذه القوَّة المفكّرة التى وُهبت للإنسان ستكون هى الأساس التى سيدان على أساسها وذلك لأن الإنسان، إذ له نفسًا عاقلة، فإنه الوحيد الذى يتمتع بهذه القوَّة المفكَّره، بينما يشترك الحيوان البسيط مع الإنسان في قوتين، آخرتين هما الخيال والذاكرة ” هذه القوة المفكرة…. بها يدان الإنسان وهى التى تبين الحق من الباطل، وهو أى الله أخص القوة بالنفس العاقلة الناطقة، لأن القوتين الآخرتين وهى المتخيَّلة والذاكرة يشترك الحيوان البسيط مع الإنسان فيهما”.
كما يرى أنه طالما أن هذه القوَّة المفكَّرة هى التى سيدان بها الإنسان، فهى التى تفحص تصرفات الإنسان وتجعله يقف على حقيقة أعماله ” فما دام الفكر يؤنب ويبكت على فعل ما فيعلم أنه خلاف الصواب وعكس ذلك” بل أنه يعتقد أنها هى “التى أشار إليها الرسول بقوله: ” لأنه أن لامتنا قلوبنا فالله أعظم من قلوبنا ويعلم كل شيء” (1يو20:3).
الله يشتاق إلي رجوع الخاطيء ويعضَّده في توتبه.
ويتابع ابن المكين ما ذهب إليه في أن للفكر دور في توبة الإنسان وتأنبيه على أفعاله بقوله إن ” هذا جعله الله عناية بالإنسان لأنه يشتاق إلي خلاص سائر الطبيعة الآدمية” ويشدَّد على أن هذا يعكس ” جوده ورحمته”
ويذكر أن كل ما يريده الله منَّا ” سببًا يسيرًا وفكرًا قليلاُ في الأبتداء بالشوق إلي الرجوع، وقد عضد بعنايته وساعد بملائكته”.
وبعد أن أرسى ابن المكين رأيه في دور “الفكر” في تأنيب الإنسان ثم توبته ورجوعه، يعود مرَّة آخرى ليوصف حالة الإبن الأصغر ورجوعه إلي أبيه فيقول ” ففكر في نفسه لما اضطره الألم، نخسه الفكر فأدركته العناية الإلهية للوقت عندما علمت منه الشوق لأبيه، فميزّ له الفكر أن حاله قد آلت إلي أشر الحالات، حتى إلي بلوغ شهوة من أخس شهواته، التى تغرّب عن موطن أبيه ليبلغها قد عجز عن بلوغها، ومع ذلك تغرَّب عن ديار أبيه وقاطعة وهجرة وهو غير راضٍ عنه مما يلزمه من الطاعة له لأنه ولده وتربيته ثم بعد ذلك وصل من الفقر إلي أبعد غاية فلا حصل على عمل صالح ولا على رضى أبيه، ثم أنه صار أجير وهو على التحقيق أسير في أخس الأشغال عند مَنْ لا يرحمه ولا يشفق عليه ولا يعتني بمصلحته بل قد طرحه طرحًا”.
ويوضَّح ابن المكين النتيجة التى وصل إليها الإبن الأصغر والتى دفعته إلي الرجوع إلى أبيه فيقول: ” فعلى كل تقدير ظهر له سوء طريقه من سائر الوجوه فلم يبق له وجه يلتجيء إليه ولا سبب يرجوه غير التوجه إلي أبيه والخضوع بين يديه، إذ كان قد خضع لمن كان غريبًا منه، فالأولى به أن يخضع بين يدي من أنشأه وأعطاه مالاً جزيلاً لمتجره وليتصرف فيه ويجتلب به فوائد كثيرة ومنافع عظيمة يحيا بها دائمًا”.
وإذ كان الإبن قد وصل إلي هذه النتيجة ” فعند ذلك أخذ في المسير إلي أبيه بعد أن قرر في نفسه الأخلاص والرجعة والعودة، وكان لما ظهر له فساد رأيه في بُعده عن أبيه قال عندما فكر كم من أجراء عند أبي يفضل عنهم الخبز وأنا ههنا أهلك جوعًا، وكان هذا الكلام منه زيادة في الآمه وليحقق ما وقع من فساد رأيه الأول”.
مَنْ هم الأُجراء؟
يقول ابن المكين إن الكتاب المقدس ” أراد بإجراء أبيه. الذين كانوا عاملين بناموس العقل وأظهروا الفضائل المأمور بها عقلاً قبل ظهور الشريعة المسيحية منهاج الكمال” ويعضد رأيه بما جاء في رسالة رومية فيقول إن ” الرسول قد أشار إلي هؤلاء الذين عملوا بالناموس العقلي وبكت بهم الشعب اليهودي”.
ويدرك ابن المكين أن قبل تجسَّد الإبن الوحيد، لم يستطيع ” ناموس العقل” أن يبرر الإنسان أو أن يخلّصه، ” لأن نهايات الكمال الممكن للبشر كان متوقفًا على ظهور مَنْ له الكمال كما قال له المجد وأما أنا فقد اتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل”. (يو10:10).
خبز الأًجراء هل يُشبع؟
يشرح ابن المكين معني قول الإبن الأصغر إنه يوجد أجراء يَفْضل عنهم الخبز، ويعقد مقارنة بين هؤلاء الأجراء الذين كانوا ـ قبل مجيء المسيح ـ يستخدمون الناموس العقلي، وبين رسل المسيح الذين شبعوا العالم بما فَضُلَ عنهم من تعاليم فيقول: ” فقوله كم من أجراء لأبي بفضل عنهم الخبز، فهم أعني العاملين بالناموس العقلي وإن كانوا اقتاتوا بالناموس العقلي زمانًا لكن الفضلة التى فضلت عنهم ليست فضلة كافية في أشباع العوالم كما أشبعها خبز الرسل القديسين الذى أشبع وأمتع وأوسع فكان منه الفضلات ما عمت أهل الفاقات والحاجات في سائر الأرض”.
الحاجة إلي خبز لا ينفذ
يشدد ابن المكين على البعد الخلاصي في هذا المثل وهى حاجة النفس البشرية إلي الفداء الروحي فيقول: ” كان الناس محتاجين إلي ظهور مَن له الغنى الأكبر الذى لا ينفذ”.
فضلة خبز الأُجراء خير من الهلاك في الغربة
يرى ابن المكين في هذا المثل أن قرار الإبن الضال في العودة إلي أبيه وتفكيره في مجرد مشاركة أجراء أبيه فيما يفضلُ عنهم من الخبز هو أفضل من هلاكه في الغربة فيقول ” الفضلة التى فضلت عن أُجراء أبيه كانت تقوت قوتًا قليلاً إلى زمن ما، فلم تستطعْ هذه الفضلة إشباع الكثير، ولهذا كان المتخلصون بتعاليم الحكماء والأفاضل الموجودين يومئذ قليلاً، ولكن على كل حال إذا شارك أُجراء أبيه في قوت من الأقوات وتتماسك به قواه كان ذلك خيرًا له من أن يهلك جوعًا في بلاد الغرباء”.
ذِلة العبودية ودالة البنوة
يرى ابن المكين فيما فكر فيه الإبن عندما قرر أن يعود لأبيه، وأنه سيقول له ” يا أبت أخطأت إلي السماء، وقدامك ولست مستحقًا أن أدعى لك أبنًا لكن اجعلني كأحد أجرائك”، أن هذا القول يعكس ظن الإبن” أنه بقوله هذا يرقق قلب أبيه عليه لعلمه بعظم ذنبه وهَمَّا منه أن أباه مُصرَّ على طرده عنه ونفيه منه لعظيم الجريره”.
ويُرجع ابن المكين قول الإبن هذا، إلي طول فترة غربته عن أبيه ووقوعه في عبودية مرَّة لآخر، الأمر الذى أنساه علاقة البنوة ورسّخ في نفسه مذَّلة العبودية فيقول عن الإبن: ” إنه تعبد لغير أبيه زمانًا طويلاً فصار في نفسه ذِله العبودية ونسى دالة البنَّوة ثم ارتضى أن يكون أجيرًا لأبيه وليس ولدًا”.
الآب الحنون
إتضح حنو قلب الآب تجاه ” الولد العاق الشارد” فيما فعله عندما نظره من بعيد إذ ” تحنن عليه وأسرع واعتنقه وقبَّله” ولقد فعل الأب الحنون هذا ” قبل أن يبدوا له الولد العاق الشارد عنه، لفظة من ألفاظ الترفق وإظهاره لخطاياه الذى بدأ منه” وهكذا ” لم يحوجه إلي ظهور شيء منه”.
والملاحظ هنا أن ابن المكين يعود ليؤكد أن شخص الأب في هذا المثل يرمز للمسيح الإله المتجسد والذى عبرّ عنه نص الإنجيل بقوله ” كان لإنسان ابنان” وهو قد أشار إلي هذا في بداية تفسيره للمثل عندما قال” فأما الإنسان الذى أشار إليه فهو الإله الكلمة وسمى إنسانًا لتجسده وظهوره يشبه ابن الإنسان وابن البشر”.
وهنا يُعبَّر عن ما ذهب إليه في أن الشخص المراد الإشارة إليه في المثل هو الإبن المتجسد، مشددًا على موقف الإبن تجاه كل مَنْ يخطيء فيذكر أن هذا الأب المتعطف للراجع إليه ” قد قال قبل ظهوره لخليقته بتجسده وبعد ظهوره إنه وملائكته يُسر بخاطيء واحد يتوب”
ويستشهد ابن المكين بما قاله المسيح له المجد في سياق حديثه عن مَثْل الدرهم المفقود وهو المثل الذى يسبق مباشرة مَثْل الإبن الضال وتأكيد الإبن على أن أنه “يكون فرح قدام ملائكة الله بخاطيء واحد يتوب” (لو10:15).
الإبن ”كان لم يزل بعيدًا”
جاء في المثل إنه عندما كان الإبن “لم يزل بعيدًا رآه أبوة فتحنن عليه وركض ووقع على عنقه وقبله” (لو30:15).
ويدعونا ابن المكين أن ” نميَّز ما ذكره الكتاب عن أبيه قبل اجتماع الإبن به” وهو يرى أن ما ذكر عن الإبن أنه ” لم يزل بعيدًا” لا تحمل فقط بعيدًا مكانيًا بل أيضًا تعبرّ عن عدم وعى الإبن بطبيعة الأب الرحوم فيقول ” الإبن كان بعيدًا عما يجب اعتقاده في مراحم أبيه، لأنه كان في نفسه أن أباه يقسو عليه لما ظهر عنه من فساد التدبير”. وعدم الوعى هذا أو البعد عن فهم حقيقة قلب الأب وما فيه من حنو وعطف جعل الإبن يأخذ موقفًا آخرًا فيقول بن المكين “فلذلك أضمر في نفسه أنه سيقول له عند اجتماعه لست مستحقًا أن ادعى لك أبنًا لكن اجعلني كأحد اجرائك”.
وما ورد في خاطر الأبن عن أبيه وما أضمر أن يقوله في لقاءه معه، كل هذا يعكس الفجوة بين طبيعة الأثنين ” وهذا الذى كان في نفس الإبن بعيدًا مما كان عند الآب وفي ذخائره مما يليق به غزير جوده ومراحمه، فكان بين وهم الإبن وفعل الآب بعدًا كثيرًا”
والجدير بالملاحظة هنا وصف ابن المكين لتصوَّر الإبن تجاه أبيه، وكيف أنه تَصوَّر خاطيء لا يعكس حقيقة الآب لذا هو ” وهَمْ” على حد تعبيره.
ولقد رأى الأب ابنه وهو بعيد ، ليس فقط مكانياً بل في بعده عن ادراكه لمراحمه، لذا كان تصرَّف الأب منه سببًا ليتخَّطي الإبن هذه الفجوة وهذا ما عبرّ عنه ابن المكين بقوله: ” رآه من بعيد فتداركه بسرعة القبول ليزيل ما كان عنده من بعد التحقيق فيما يليق باعتقاده في أبيه”، وكانت نتيجة هذا الفعل إيجابية، لأنه لم يكتف بهذا ” بل أعاده إلى مرتبة الإبن وخاطبه باسم البنَّوة ولم يذكر له مما جرى حرفًا واحدًا”.
ولمرَّة أخرى يشدد ابن المكين على أن شخصية الأب في هذا المثل ترمز إلي شخص الإبن المتجسَّد، إذ يعلَّق على موقف الأب هذا بقوله: ” وهذا الذي ذكره على لسان نبيه قبل ظهوره متجسدًا قال: عند رجوع الشرير عن شره وعند عمله بالعدل والحق فأنه يحيا بهما” (حز19:23).
الأب يُغدق عطاياه على الإبن
يرى ابن المكين في موقف الأب تجاه إبنه، أمرًا مثيرًا للتعجب الشديد ويرصد السبب في هذا عندما يقارن بين أقصى طموحات الإبن في مقابل ما فعله الأب الرحوم فيقول: ” ومما يكثر التعجب من هذا الأب جدًا جدًا كونه لم يقتصر على صفحة عن شر الإبن الذى كان عاقًا له فقط، بالرغم إن الإبن كان راضيًا بالصفح عنه فقط، وأن ينزل منزلة اُلأجراء ليجد ما يتقوت به، فلم تقتصر به مراحم أبيه على ذلك، بل استقبله بإحضان أوسع القبول ونزله في منزلة بنوته وليس هذا فقط بل وأعظم منه أضعافًا كثيرة وهو أنه أفرغ عليه من ذخائر خزائنه أشرف العطايا، فظفر بما يفوق ويعلو على ما كان في نفسه من أمل “.
ويصل كرم وجود الأب الحنون إلي أنه قال لعبيده ” قدموا الحلة وألبسوه وأعطوه خاتمًا في يده وحذاء في رجليه، واتوا بالعجل المثمن واذبحوه لنأكل ونفرح، لأن ابني هذا كان ميتًا فعاش وضالاً فبدأوا يفرحون”.
حُلَل الأنوار
يتدرج ابن المكين في شرحه لهذا المثل فيبدأ في تفسيره معني الأحداث متتبعًا ترتبها الذى ورد في الإنجيل. وقبل أن يشرح المعنى الروحي المقصود بإعطاء الإبن الحلة الأولى، فإنه يبين أولاُ السبب في عدم التحاف نفس هذا الإبن العاق، مع غيره من البشر، بمثل هذه الحلل والتى يدعوها “حلل الأنوار” فيقول:
” أعلم أن سائر النوع الإنساني كان قد تعرى من حلل الأنوار التى كانت معطاة من الله على نفوسهم قبل معصية الأب الأول”.
ويتابع ما حدث منذ بداية خلقه الإنسان وما صار إليه الحال عندما خالف الوصية أو حسب تعبيره عندما ” وقع الخلاف” ولم يعد ذهنه مستنيرًا بل إستولت عليه “سلاطين طبيعة الظلام” فيقول ابن المكين: ” لأنه تعالى خلق الأب الأول وهو على أحسن الصفات كاملاً في الطهارة خلقه وخلقته، فلما وقع الخلاف تغيرت أحواله عما كانت عليه قبل معصيته واستولت عليه عليه سلاطين طبيعة الظلام”. ويرصد لنا ابن المكين ما أتمه الله عندما ” رحم خليقته” إذ أنه ” بظهوره متجسدًا جدَّد ما كان أفسده خلاف الوصية” وهكذا ” أعاد الخليقة كلها إلي ما كانت عليه في مبدأ الخلق وطهرها وعتقها من استيلاء سلاطين الظلمة عليها وجددها مرة أخرى”.
وهنا تجدر الملاحظة أن ابن المكين قد دعى عطيَّة الله للإنسان قبل السقوط بــ”حلل الأنوار” وفي المقابل وصف حالة الإنسان الساقط بأنها صارت تحت سيطرة “سلاطين الظلمة”.
وعندنا يفسر معنى حلة الأولي التى أمر بها الأب كي يلبسها الإبن الذى عاد إلي حضنه على أنها هي المعمودية المقدسة، يقول ” إن هذه العطية الروحانية هي التي تولد النفس المؤمنة مرَّة ثانية من تلك الظلمة الأولي” ومن المعروف أن أحد أسماء المعمودية هو “الإستنارة”.
معنى الحلَّة الأولى
يورد القديس لوقا ما ذكره المسيح في هذا المثل عن ما حدث للإبن الضال بعد عودته لمنزل أبيه الحنون وأن الأب أمر العبيد قائلاً: ” اخرجوا الحلة الأولي وألبسوه واجعلوا خاتمًا في يده وحذاء في رجليه واتوا بالعجل المثمن واذبحوه لنأكل ونفرح”.
ويذهب ابن المكين إلي أن ” الحلة الأولي” ترمز إلي المعمودية والتى عن طريقها ” يلبس المؤمن بيسوع المسيح الحلة الأولي” ويؤكد على ذلك بما جاء في رسالة ق. بولس إلي تيطس وقول الرسول ” لا بأعمال في برَّ عملناها نحن بل بمقتضي رحمته خلصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس” (2تي5:3).
ويُكمل ابن المكين كلامه معلقًا على هذه الآية بقوله ” يعني أن هذه العطية الروحانية هى التى تولد النفس المؤمنة مرّة ثانية من تلك الظلمة الأولي وتعتقها من سلاطينها وتعديها وتهيئها لقبول الحالة الأولي، وهذه الحلة الأولي بواسطتها يحل الروح القدس على النفس المؤمنة، وهذه الحلة هى التى قدمت للإبن العائد من سبيه”.
(يتبع)
د/ جوزيف موريس فلتس
دكتوراة فى العلوم اللاهوتية
باحث بالمركز الارثوذوكسى للدراسات الآبائية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] يقع هذا البحث في جزأين: الجزء الأول ـ والذى ننشر الحلقة الأولى منه في هذا العدد ـ ونستعرض فيه تفسير ابن المكين لهذا المثل كما جاء في موسوعته المشار إليها ثم يليه الجزء الثاني وسوف نستعرض فيه ما ذهب إليه ابن المكين في تفسيره لهذا المثل وعلاقته بما سبق أن علّم به آباء الكنيسة عن خلق وسقوط وفداء الإنسان.
[2] انظر الموسوعة اللاهوتية الشهيرة بالحاوي لابن المكين: اعداد راهب من دير المحرق. الطبعة الأولى1999. الجزء الأول صـ13 ـ صـ24.
[3] يــــري الأخ وديـــــع الفرنسيكانــــــي أنـــه شخـــص آخــــــر عــــاش في أواخــــر قــ14. انظـــــر Studia Orientalia Collectanea 99-30, cairo,1998.P: 458.(68).
[4] الموسوعة اللاهوتية: المرجع السابق.
[5] التفسير المسيحي القديم للكتاب المقدس، إنجيل لوقا، منشورات جامعة البلمند. صـ388ـ 398.
[6] وضعنا نص ابن المكين بخط مائل بين قوسين.
[7] توفى عام 1043م
[8] والجدير أن هذا التعبير هو الترجمة الدقيقة للتعبير اليوناني θεοπνεὐστά.
[9] (لو11:15ـ12).
[10] افتراضي أن هناك من يتساءل هو أسلوب قديم استخدم في الكتابة لاعطاء الفرصة للكاتب أن يضع أفكاره في شكل سؤال، وجواب يعطيه الحرَّية في التعبير عن فكره وتعاليمه.
[11] (2كو14:6).
اترك تعليقاً