بيت بطرس الرسول في كفرناحوم، حيث عاش يسوع

بيت بطرس الرسول في كفرناحوم، حيث عاش يسوع

بيت بطرس الرسول في كفرناحوم، حيث عاش يسوع

لقد شهدت كفرناحوم بدايات خدمة يسوع وكرازته، بحسب إنجيل مرقس، مبتدئاً رسالته في الجليل من مجمع المدينة، الذي تحدثنا عنه في منشور سابق. وفي كفرناحوم تحديداً دعا المخلّصُ تلاميذه الأوائل، ومن بينهم لاوي بن حلفى الذي سيكتب إنجيل متى، وفيها أجرى الربُّ أولى معجزاته: شفاء رجل به روح نجس، وشفاء الأبرص، وتسكين العاصفة. وفي كفرناحوم أُجريت أيضًا المزيد من المعجزات، حيث أتمّ يسوع شفاء رجل بيد يابسة، وإقامة ابنة يائيرس من الموت، وشفاء المرأة من النزيف، وكانت هناك جموعٌ كثيرة تتبعه.
شفاء حماة سمعان بطرس كان الأعجوبة الثانية بحسب مرقس، تتلوها معجزة شفاء المخلّع، محمولاً من أربعة، وكلاهما أجراهما المخلّص في بيت سمعان بطرس. ونعلم أن يسوع أثناء وجوده في الجليل عاش في كفرناحوم. لكن أين عاش يسوع في المدينة؟ وهل سكن في بيت بطرس؟
على بعد تسعين قدماً جنوبي مجمع كفرناحوم، تم الكشف عن بقايا أثارية لكتل أبنية تعود لثلاث فترات زمنية. توجد اليوم فوق المكان، الذي يُعتقد أنه كان منزل سمعان بطرس، كنيسة فرنسيسكانية حديثة ذات أرضية زجاجية، حتى يتمكن الحجاج إليها من رؤية الكنيسة المثمنة القديمة بالأسفل. تحت أساسات الكنيسة الأصلية الرومية، توصل علماء الآثار إلى واحدة من أكثر اكتشافات الآثار الكتابية إثارة: منزل بسيط من القرن الأول المسيحي.
بيت بطرس الرسول في كفرناحوم، حيث عاش يسوع
بيت بطرس الرسول في كفرناحوم، حيث عاش يسوع

هل كان هذا منزل الرسول بطرس، حيث سكن يسوع في كفرناحوم؟

لقد اكتشف علماء الآثار في المنزل المسيحي المبكر بكفرناحوم ما يُعتقد على أنه كان منزل بطرس، الذي عاش فيه يسوع أثناء وجوده في كفرناحوم، وأن هذا هو الموقع حيث شفى فيه يسوع حماة بطرس (مرقس 1: 29-34؛ متى 8: 14-16؛ لوقا 4: 38-41) وشفى مشلولاً تم إنزاله من خلال السقف (مرقس 2 :1-12؛ متى 8: 1-4؛ لوقا 5: 12-16).
الحفريات، على يد البعثة الإيطالية، كشفت عن بقايا بيت بطرس المتواضع، حيث أقام يسوع في أكبر غرفه (23 × 21 قدمًا). بعد موت يسوع وقيامته، أصبح البيت مكاناً للعبادة. ذلك أن بقايا هذا المسكن من القرن الأول الميلادي تشير إلى أنه كان بمثابة Domus Ecclesia (بيت-كنيسة) للجماعة المسيحية هناك، تماماً كما حدده التقليد المسيحي على أنه بيت القديس بطرس.
خلال هذه الفترة المبكرة، وهي ذات أهمية دينية، بالفعل نُسبت إلى المبنى غرفٌ، وأضيفت غرفٌ أخرى، وكُسيت جدرانه وأرضياته بالجصّ ذي الألوان الفاتحة. وفي القرن الرابع، كان المبنى بمنطقة مربّعة (89 × 89 قدمًا) ذات أسوار عالية، وتمّ إضافة ردهة عند المدخل. التغييرات المعمارية التي طرأت عليه تميزه عن بقية المنازل المجاورة، وفي القرن الخامس، تمّ هناك بناء كنيسة رومية مثمنة الأضلاع (قطرها 54 و 26 قدمًا).
هذه الكنيسة المثمنة الأضلاع بنيت مباشرة على جدران ما يُعتقد أنه منزل بطرس، حيث كان داخلها مرصوفًا بالفسيفساء الملونة، وكان في وسطه نقش طاووس، وهو رمز مسيحي قديم للحياة الأبدية. وعلى ثلاثة جوانب للمثمن الخارجي كانت هنالك أروقةٌ ذات تصميمات هندسية بديعة، مرصوفة أيضاً بالفسيفساء. أما المدخل فقد كان على الجانب الغربي من المبنى، في حين أن على الجانب الشرقي كانت هناك حنية صغيرة، بداخلها جرن معمودية. توجد على الحجارة القديمة نحو مئة من النقوش باليونانية والسريانية واللاتينية، مثل كلمات: يسوع، الرب، المسيح. ولا تزال باقيةً الرموز المسيحية، مثل الصليب والقارب والسمكة.
كان بيت بطرس هذا أحد أهم الاكتشافات الأثرية الكتابية التي تم الإبلاغ عنها. على الرغم من أنه ثبت لاحقًا أنه أحد أكثر اكتشافات الآثارية إثارة، إلا أن المنزل بدا عاديًا تمامًا. ورغم أنه كان أكبر قليلًا من معظم المنازل، إلا أنه كان بسيطاً، بجدران وسقف من التراب والقش. مثل معظم المنازل التي تعود إلى الفترة الرومانية المبكرة، يتألف من غرف صغيرة حول فنائين.
بيت بطرس الرسول في كفرناحوم، حيث عاش يسوع
بيت بطرس الرسول في كفرناحوم، حيث عاش يسوع
وفقا للحفريات، ما حدث للبيت بعد منتصف القرن الأول المسيحي جعله استثنائياً كونه على الأرجح بيت بطرس، مسكن يسوع، في كفرناحوم. وفي السنوات التي تلت مباشرة موت وقيامة الرب، تغيرت وظيفة البيت بشكل جذري. تشير مثل هذه التعديلات الجذرية إلى أن المنزل لم يعد يُستخدم كمسكن، بل أصبح مكانًا للعبادة المسيحية الجماعية للكنيسة الأولى. فكان هذا الاكتشاف أساسياً لفهم كيفية انطلاق المسيحية.

 

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *