رسل الرب يسوع واعمالهم التبشيرية

رسل الرب يسوع واعمالهم التبشيرية

رسل الرب يسوع واعمالهم التبشيرية

بعد حلول الروح القدس على التلاميذ بقي الرسل في اورشليم حتى سنة 45 مسيحية، رغم كل الاضطهادات من قبل اليهود، ينظمون هنا الكنيسة، وينشرون أحياناً الكنيسة في البلاد المجاورة حتى حان وقت ذهابهم الى الكًرازة في جهات أخرى. بيد أننا لانعرف بالتدقيق والتحديد شيئاً من الأخبار عن اماكن تبشيرهم واعمالهم عدا ماورد في الكتاب المقدس.

1- القديس الرسول اندراوس

ولد في بيت صيدا، وهي مدينة في الجليل على شاطيء بحيرة جنيسارات، ومهنته صيد السمك وهو احد تلاميذ المسيحيين الاثني عشر الاولين، وتبع المسيح باشارة يوحنا المعمدان، وقاد اليه أخاه سمعان (بطرس).

وتوجد أخبار ولكن متأخرة عن حياة وأعمال هذا الرسول المدعو اولاً، وهي تفيد انه بشر في كبادوكيا وغلاطيا وبيثينية وبالاجمال على شواطىء البحر الأسود الشرقية الشمالية وفي اسكيثيا. واحتمل موت الشهادة في مدينة باترا في أخائيا.

2- القديس الرسول بطرس

هو شقيق اندراوس، ومهنته صيد السمك ايضا، كان واحداً من تلاميذ المخلص الأشد غيرة. وضع على ذاته الاهتمام بنشر المسيحية بين اليهود.

وبعد حلول الروح القدس بدأ الرسول بطرس فعلا بنشر تعاليم المخلص بين يهود فلسطين. لكن بوحي إلهي خاص قاد الى المسيح عائلة واحدة وثنية. وفي سنة 44مسيحية، عندما كان في خطر الموت من قبل هيرودس اغريبا وقد اخرجه الملاك من السجن، غادر اورشليم لمدة طويلة.

وفي هذا الوقت بشر الرسول بطرس في الولايات المجاورة لأورشليم لاسيما في انطاكية. وفي سنة 51مسيحية يظهر الرسول ايضا في المجمع الرسولي.

وبعد المجمع عندما تنظمت الجمعيات المسيحية تنظيماً ثابتاً وخصوصا عندما بقي في اورشليم أحد الرسل (يعقوب اخا الرب) فالرسول بطرس الغيور الشجاع تلميذ الرب لم يستطع ان يبقى في فلسطين، وكان يجب عليه ان يبحث عن أمكنة اخرى لأجل تبشيره.

لكن لم تصل الينا معلومات ثابتة ومحدودة بشأن رحلاته الرسولية.

والانباء المعتبرة أكثر صدقاً، هي ان الرسول بطرس بعد المجع الرسولي زار انطاكية، ثم بشر يهود الشتات في بنطس وغلاطية وكبادوكيا وآسية وبيثينية الذين بعث اليهم برسالته الأولى.

ثم بشر بصحبة الانجيلي مرقس في بابل التي في مصر، حيث اسس مرقس كنيسة في الاسكندرية. وزار الرسول بطرس كورنثوس، بعد ان اسس فيها الرسول بولس كنيسة.

واخيرا في زمن تملك نيرون زار رومية حيث احتمل موت الشهادة صلباً مقلوباً في سنة 66 او 67مسيحية، ويفيد التقليد الشريف انه التقى ببولس واسسا كرسي رومية السنة 65 وكان اول اساقفته واستشهدا معا فيهاالسنة 67مسيحية.

اما اخبار الكنيسة الرومانية بان الرسول بطرس كان اسقفا على رومية في مدة عشرين سنة من سنة 42 حتى 67 مسيحية، فتخالف ماورد في اعمال الرسل ولاتثبت امام النقد.

ولقد ترك الرسول بطرس رسالتين جامعتين دخلتا في قانون الكتب المقدس. ويوجد ايضاً رسائل اخرى معلومة تحمل اسم الرسول بطرس، ولكن لم تدخل في قانون الكتب المقدسة. مثلا: الانجيل والرسالة الى كليمنت في رومية وخدمتا القداس(ليتورجيا).

3- القديسان الرسولان يعقوب ويوحنا ابنا زبدى

3- يعقوب الابن الاكبر لزبدى، صياد السمك والارجح من بيت صيدا واخ الانجيلي يوحنا. نظم كنيسة أورشليم بمساعدة رسل آخرين. ومن المرجح انه لم يبرح اورشليم مطلقا واحتمل فيها موت الشهادة سنة 44مسيحية على عهد هيرودس اغريباس.

ولهذا فان تقليد الكنيسة الاسبانية  القائل بأن الرسول يعقوب بشر بالانجيل في اسبانيا مشكوك بصحته.

اما اخوه 4-الرسول التلميذ الحبيب يوحنا 

بعد حلول الروح القدس يظهر عاملاً في اورشليم ومحيطها برفقة بطرس. وتنفيذاً لوصية معلمه الالهي حافظ على والدة الاله كما اوصاه الرب حتى وفاتها سنة 48مسيحية، لهذا لم يغادر اورشليم للتبشير مع بقية الرسل.

وفي زمن المجمع الرسولي سنة 51مسيحية كان القديس يوحنا لايزال في اورشليم. وغير معلوم بالتأكيد زمن خروجه منها، وسكنه في آسيا الصغرى. وفي كل الأحوال جاء الرسول يوحنا الى آسية الصغرى عدما خسرت تلك الكنائس مرشدها الرسول بولس الذي سجن السنة 60 مسيحية، فجعل محل اقامته في أفسس، واهتم بتنظيم كنيسة الله في المدن الأخرى من آسية الصغرى. وعلى الأرجح تلك المدن المذكورة في رؤياه.

ولقد تألمت كنائس آسية الصغرى كثيراً في حياته بنوع خاص، بسبب معلمين وهراطقة مختلفين، فحفظها الرسول يوحنا من الهرطقات بعناية أبوية.

وحوالي سنة 96مسيحية على عهد الامبراطور دومتسيان احتمل عذابات شديدة لأجل المسيح ونفي الى جزيرة بطمس. وفي زمن تملك نرفا (سنة 96-98م) رجع الى افسس وعاش فيها حتى شيخوخة متناهية، ومات في زمن تراجان في بدء العصر الثاني، ودفن في افسس. وفي سني حياته الأخيرة اذ لم يكن يستطيع أن يتكلم كثيراً بسبب ضعف الشيخوخة كان يكرر لتلاميذه هذه العبارة فقط” يا اولادي أحبوا بعضكم بعضا”. وقد ترك هذا الرسول للكنيسة الانجيل الذي كتبه، وثلاث رسائل ورؤياه والمعروفة ب”رؤيا يوحنا اللاهوتي”.

5- القديس الرسول فيليبس

مولود بيت صيدا، وطن بطرس واندراوس. وبموجب الأخبار المتأخرة بشر بالانجيل في اسكيثيا. والمرجح انه نظم الكنيسة في فريجيا، وجعل محل اقامته ايرا بوليس وعاش حتى نهاية حياته.

6- القديس الرسول برثولماوس

مولود في قانا الجليل، وغير معلوم نوع مهنته. وبموجب الشهادة المحققة بشر في الهند  او في العربية السعيدة، وغير معلوم وقت وفاته.

7- القديس الرسول توما- المدعو ايضا توأم

غير معلوم منشؤه، ولم يؤمن الا بعد قيامة المسيح، عندما تحقق بعينيه ويديه الجراحات على جسده الطاهر. وقد أخذ على عاتقه وظيفة التبشير بالانجيل بين الشعوب البربرية، اعني في برثيا والهند والجزر القريبة. واحتمل في الهند موت الشهادة بدسائس البراهمة، ولم يترك بعده شيئاً مكتوباً وان كان ينسب اليه انجيل ورؤيا وغيرهما، وكان رفيقه تداوس احد التلاميذ السبعين حسب التقليد وأسس كنيسة مسيحية في أديسا.

8- القديس الرسول متى

يعد شخصاً واحداً مع العشار لباوس. وكان يجمع الجباية قرب بحيرة الجليل. وبموجب شهادة المؤرخ الكنسي اوسابيوس” الكتاب 3 فصل 24″ بشر اولاً اليهود، ثم لما قرر السفر الى شعوب أخرى للكرازة كتب باللغة الوطنية ماعلمهم اياه، اعني الانجيل. وبموجب الاخبار المتأخرة ظهر مبشراً احياناً في مكدونيا واخرى في سورية وبرثيا واثيوبيا وجهات اخرى.

ومما لاشك فيه هو انه بشر خارج حدود المملكة الرومانية، وغير معلوم اذا كان قد انهى حياته بميتة طبيعية او بموت الشهادة.

9- القديس الرسول يعقوب الاصغر

كان ابن حلفا “كلاوبا” ومريم اخت والدة الاله”يوحنا25:19″ . وكان محترماً عند المسيحيين من اليهود. واخذ على عاتقه مساهمة فعالة في اعمال الكنيسة مثلا: في المجمع الرسولي. وقد اهتم القديس يعقوب بنوع خاص بتنظيم الكنيسة في اورشليم. لذلك يُظن انه لم يغادر اورشليم مطلقاً، واحتمل موت الشهادة في سنة 62 مسيحية  على عهد رئيس الكهنة حنان الذي حكم عليه بالموت رجماً بالحجارة في غياب الوالي الروماني، لأن كثيرين من اليهود اعتنقوا المسيحية غالباً بسبب احترامهم يعقوب فقط. وقد ترك للكنيسة رسالة جامعة واحدة.

10- اخوه القديس الرسول يهوذا

المدعو كذلك لباوس وتداوس”لوقا16:6″ و”أع13:1 …”  وبموجب بعض الأخبار بشر قي ليبيا وبموجب غيرها في سورية وارمينية، وقد ترك للكنيسة رسالة جامعة واحدة.

11- القديس الرسول سمعان- ولقب بالغيور

يظن انه كان أخا ليعقوب ويهوذا” متى55:13 ومرقس3:6 ” والمعلوم عن اعماله الرسولية انه بشر في الشرق.

12- القديس الرسول متيا او متياس – المنتخب بدل الاسخريوطي

غير معلوم عنه سوى انه مع بقية الرسل كان بقرب الرب دائما في زمن حياته على الارض

ولهذا انتخب لاجل الخدمة الرسولية. ويمكن القول عن خدمته انه بشر خارج نطاق الامبراطورية الرومانية.

نظرة عامة في انتشار الكنيسة المسيحية في عصر الرسل واسباب سرعة انتشارها

ان الرسل حسب وصية المخلص حملوا بشارة الانجيل الى جميع الشعوب المعروفة في ذاك الوقت. وكانت الامبراطورية الرومانية محور عمل بعض الرسل.

لكن بعضهم كما جاء قبلاً، خصصوا نفوسهم للتبشير بين الشعوب البربرية خارج حدود السلطة الرومانية. وجميعهم أكملوا عمل خدمتهم بغيرة خارقة العادة. وكأن المشقات والحواجز لم يكن لها وجود في نظرهم: فالجوع والبرد والاضطهاد والسجون والموت لم تستطع أن توقفهم.

وقد طاف الرسلُ ببشارة الانجيل ماعدا بعضهم، ولم يتوقفوا في مكان واحد. وعندما كانوا يؤسسون كنيسة في مكان ما، ينتقلون الى سواه وهلم جرا. وكانت نتيجة اتعابهم تأسيس كنائس عديدة في جميع المدن الكبيرة والممتازة بشيء ما في المملكة الرومانية مثلا: أُورشليم، أنطاكية، دمشق، أفسس، سالونيك، أثينا، كورنثوس، بيروت، الاسكندرية، رومية وسواها.حتى انه في كثير من المدن الصغيرة، كانت ثمة جماعات مسيحية كما يظهر من سياحة الرسول بولس.

وتلاميذ الرسل ولاسيما تلاميذ بولس ويوحنا، قد أنشأوا جيلاً كاملاً من المعلمين الغيورين والمبشرين بالانجيل. وكانوا هم رؤساء الكنائس التي أسسوها. هؤلاء كانوا اقرب مساعدي الرسل في نشر المسيحية.

وتظهر سرعة انتشار المسيحية في عصر الرسل من انه في بدء العصر الثاني، وبعد موت يوحنا اللاهوتي بقليل وشى حاكم بيثينية بليني الأصغر الى الامبراطور تراجان  بأن المسيحية انتشرت  في منطقته (حسب تعبيره) كشبه مرض سارٍ، ليس في المدن فقط، بل في القرى والمزارع ايضاً، حتى فرغت هياكل الاصنام وأُهملت الاعياد الوثنية. أجل ان ظهور المسيحيين في بيثينية بهذه الكثرة، لم يحدث فجأة بعد موت الرسل، بل تكاثر بالتدريج في مدة حياتهم.

وبالاجمال فان عدد المسيحيين في عهد الرسل يجب ان يكون قد صار عدة آلاف في الامبراطورية الرومانية.

اماسبب سرعة انتشار المسيحية في عصر الرسل

فهو كما يلاحظ الكتاب المسيحيون في العصور التالية ان “هذا الانتشار بحد ذاته عجيبة، يصعب تفسيرها بالأسباب الطبيعية”.

وبالحقيقة يصعب تفسير كيف ان الرسل الخارجين من محيط يهودي، الشعب المحتقر، وهم فقراء ومغمورون وبدون وسائل خارجية ومساعدات، نشروا الانجيل في مساحة هائلة وبين ألوفٍ كثيرةٍ بين البشر.

 يمكن أن نفسر نوعا ما بأسباب طبيعية فقط حقيقة سرعة انتشار المسيحية في زمان الرسل. من الجهة الواحدة كثرة العجائب في عصر الرسل، وحياة المسيحيين الأدبية السامية والارتباط الأخوي، بين اعضاء الجماعة المسيحية، واحسانهم ومساعدتهم لاخوانهم وللوثنيين ايضاً وللتعليم الالهي الذي يتمسكون به، هذه كلها اسباب جذبت الكثيرين الى كنيسة المسيح. ومن الجهة الأخرى شعر اليهود والوثنيون انفسهم بحاجة الى الدخول في الكنيسة.

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *