القديسان كيرلس ومتوديوس المعادلي الرسل مبشرا السلاف

المسيحية في اوربه

المسيحية في أوربه

السيد المسيح له المجد
السيد المسيح له المجد
المسيحية في أوربه
حسب النسب المئويّة؛ وفقًا لمعطيات مركز بيو للدراسات سنة 2010

  < 1%
  2–4%
  5–10%
  10–20%
  20–30%
  30–40%
  50–60%
  60–70%
  70–80%
  80–90%
  90–95%
  95–100%

المسيحية في أوربه تعد الديانة المهيمنة والرئيسية. وُلِدَت المسيحية في فلسطين  ونمت في دمشق وانطاكية والعربية وآسيا الصغرى لكنها نمت في أوربه فأصبحت أكبر الديانات من حيث عدد معتنقيها وأكثرها أثرًا ونفوذًا. استناداً إلى إحصائية مركز الأبحاث الأميركي لعام 2011 يُشكّل  المسيحيون 76.2% من سكان أوربه ويتواجد فيها أكبر تجمع مسيحي في العالم.

تمتلك  اوربه ثقافة مسيحية غنية بوجود العديد من القديسين والشهداء فضلاً عن كون الغالبيّة العظمى من باباوات الكنيسة الغربية من الأوربيين. ازدهر  الفن المسيحي في أوربه في العصور الوسطىوعصر النهضة والباروك مع فنانين مثل مايكل انجيلو وليوناردو دافنشي ورافائيل وغيرهم. تعتبر الهندسة المعمارية المسيحية في أوربه غنية أيضاً ومثيرة للإعجاب، فهناك كنائس وكاتدرائيات مثل  كاتدرائية القديس بطرس وساغرادا فاميليا ونوتردام دي باريس وكنيسة وستمنسر وكاتدرائية كولونيا وكاتدرائية القديس باسيليوس.

كاتدرائية آجيا صوفيا في القسطنطينية
كاتدرائية آجيا صوفيا في القسطنطينية

ضمت أوربه العديد من المواقع المسيحية المقدسة والتراثيّة ومراكز المسيحية على أصنافها، ففي روما مركز الكرسي البابوي وقيادة الكنيسة الرومانية الكاثوليكية العالمي في الفاتيكان و قيادة الكنيسة الارثوذكسية في القسطنطينية مركز البطريرك المسكوني وقيادة الكنيسة الارثوذكسية وفق ترتيب الكراسي الارثوذكسية مسكونيا ويتبع لها في اثينا  رئاسة اساقفة اثينا وكل اليونان وفي قبرص رئاسة اساقفة قبرص اضافة الى البطريركيات الارثوذكسية كمراكز الكنيسة الأرثوذكسية في كل من موسكو وصربيا وبلغاريا ورئاسات اساقفة الكنائس الارثوذكسية  في كل عواصم الدول الاوربية تقريبا ومعظمها يرتبط ببكريركية موسكو وهي في الترتيب الخامسة في البطريركيات الارثوذكسية  بالإضافة  لفتنبرغ منبع الاصلاح البروتستانتي والإنجيلي. ووفقًا  للتقاليد المسيحية يعتبر كل من القديس بندكتب، وكيرلس وميثوديوس،  وبريجيت من السويد،  وكاترين السينائية،  واديث شتاين رعاة القارة الاوربية.

كاتدرائية رئاسة اساقفة اثينا وسائر اليونان
كاتدرائية رئاسة اساقفة اثينا وسائر اليونان

يعتنق أغلب الأوربيين المسيحية ديناً، إذ يُعرِّف 76.2% من الأوروبيين أنفسهم كمسيحيين وتصل أعدادهم إلى 565,560,000، تأتي الكاثوليكية في مقدمة الطوائف المسيحية وهي السائدة في غرب وجنوب القارة ويُشّكل أتباعها 46.3% من مجمل مسيحيّي أوروبا، فيما تشكّل الكنيسة  الأرثوذكسية  35.4% وتهيمن على شرق وجنوب القارة، أمّا  البروتستانت فعلى الرغم من كون أوروبا منشأ  البروتستانتية فنسبة البروتستانت من مسيحيي أوروبا هي 17.8% وهم الغالبيّة في شمال القارة. وتعد روسيا أكبر التجمعات المسيحية في اوربه من حيث عدد السكان، تليها في ذلك  المانيا  وايطاليا.

تاريخ

الكنيسة الأولى والمجامع المسكونية

كابيلا القديسة ليديا، فيليبي في اليونان
ايقونة السيد المسيح، في كنيسة شورا في القسطنطينية

وُلِدَت المسيحية كطائفة يهودية في بلاد الشام في الشرق الاوسط في القرن الأول الميلاديوكان الرب يسوع قد دعا 12 تلميذا وفق اسباط  بني اسرائيل ومن معهم، وشكلّوا نواة الكنيسة الأولى.

ساهم  القديس بولس وهو الهامة الاولى للرسل بتأسيس الكرسي الانطاكي مع بطرس الرسول الهامة الثانية عام 43م واستوى عليه بطرس كأول بطاركته، القديس بولس قام بنشر المسيحية خصوصًا بين غير اليهود، إلى جانب الرسل السبعين، عبر 14 رحلة تبشيرية وقد غدت انطاكية قاعدة بولس الأساسية في رحلاته التبشيرية نحو  اليونان وآسيا الصغرى (واخيرا روما العاصمة عام 64م حيث التقى ببطرس واسسا معا كرسيها الرسولي) حيث أسس الجماعات المسيحية الأوروبيّة الأولى فكان قد ذهب بولس إلى مدينة فيلبي فقد كانت أول مدن مقاطعة مكدونية، وكان برفقته لوقا وتيموثاوس وسيلا، وهناك اعتنق عدد من سكان فيلبي المسيحية على أيديهم مثل ليديا بائعة الإرجوان فأصبحت فيلبي أول مدينة تقبل المسيحية في اوربه. كما أسس كل من بطرس وبولس كرسي روما كما اسلفنا.

هامتا الرسل القديسان بطرس وبولس
هامتا الرسل القديسان بطرس وبولس

إن المشكلة الأساسية التي عانت منها كنيسة القرنين الثاني والثالث تمثلت في الاضطهادات الرومانية؛ فمنذ صدور مرسوم طرد المسيحيين من روما حوالي العام 58م وحتى العام 312م عانى مسيحيو الدولة الرومانية من شتى أنواع الاضطهاد كان أقساها اضطهاد نيرون الذي شمل حريق روما، دومتيانوس الذي استمر سبعة وثلاثين عامًا، تراجان، ماركوس، اوريلنوسسبتسموس سفيروس، ماكسيمينوس،ديكينوس، جالينوس، اوريلينانوس، دقليديانوس وهي ما تعرف عمومًا في التاريخ المسيحي باسم الاضطهادات العشر الكبرى؛ أخذت الأمور بالتحسن مع منشور  غاليريوس التسامحي عام 312م وخطوات الإمبراطور قسطنطين  التي توجت ببراءة ميلان سنة 313م حيث اعترف بالمسيحية دينًا من أديان الإمبراطورية، رغم جميع الاضطهادات، كانت قوة المسيحية  الديموغرافية في نمو.

كانت ارمينيا أول الممالك الأوروبية التي تحولت بالكامل إلى المسيحية سميا وذلك في في عام 301م، تبعتها جورجيا عام 319م،  والامبراطورية الرومنية برمتها بقرار الامبراطور ثيوذوسيوس تاريخ 380م . في عام320م دشن الامبراطور قسطنطين القسطنطينية عاصمة امبراطوريته معلنا  (بدون اعلان)قيام الامبراطورية الرومانية الشرقية  بنقل العاصمة من روما إلى  القسطنطينية، والتي أصبحت مركز المسيحية الارثوذكسية ومركز حضاري عالمي، فأضحت أعظم  مدن العالم في ذلك العصر. شهدت فترة ما بعد الاضطهاد انتشار وتطور الفنون المسيحية لاسيّما العمارة في النمط المعروف باسم «بازيليك» أو «كنيسة كبرى»، وتكاثرت الكنائس والرهبانيات، وكانت كاتدرائية الحكمة الالهية (آجيا صوفيا) في العاصمة يخدمها 525 رجل من رجال الاكليروس بمختلف الدرجات  والرتب بينهم 60 كاهنًا وحدها،قدمت الكنيسة عددًا من المدارس الفلسفية والأدبية، كما يبدو في مجمل الأدب اليوناني.

شهد تنصّر قبائل الفرنك (الفرنجة) مرحلة تاريخية هامة إذ كانت فرنسا أول دولة حديثة تعترف بها الكنيسة، وأطلقت عليها لقب «الابنة الكبرى للكنيسة»؛ تم الاعتراف بملكهم كلوفيس الاول  “ملك الفرنجة”، من قبل  البابوية باعتباره حامي مصالح روما الفاتيكانية. وبقيت البابوية مع سقوط الإمبراطورية الرومانية الغربية القوّة الموحدة في العالم الغربي، وبفضل الرهبان وصلت المسيحية إلى سائر أنحاء  المانيا والمجر وبولندا وشمال أوربه.

العصور الوسطى المبكرة

البابا يتوج شارلمان، لوحة لرافائيل تعود للقرن 16
دير المسيح في طومار في البرتغال، بني على يد  فرسان الهيكل

مع انحدار وسقوط  الامبراطورية الرومانية في الغرب، أصبحت البابوية لاعبًا سياسيًا رئيسيا، على سبيل المثال قام البابا  لاوون بمحادثات دبلوماسية مع الهون والواندال ودخلت الكنيسة في فترة طويلة من النشاط  التبشيري والتوسعي بين مختلف القبائل الاوربية. اتنتشرت الكاثوليكية أيضًا بين كافة  الشعوب الجرمانية،  السلتيك،السلاف،الهنغار، وشعوب البلطيق.

في عام في530م  كتب بندكتس كتاب “الحكمة الرهبانية”، والذي أصبح نموذجًا لتنظيم الأديرة في جميع أنحاء اوربه. هذه  الأديرة الجديدة حافظت على الحِرف التقليدية والمهارات الفنيّة وحافظت أيضًا على الثقافة الفكرية والمخطوطات القديمة داخل مدارسها ومكتباتها. فضلًا عن توفير حياة روحية لرهبانها، كانت الأديرة أيضًا مركز إنتاج زراعي واقتصادي، لا سيما في المناطق النائية، وأصبحت الأديرة إحدى القنوات الرئيسية للحضارة. ومعظمها اشتهر في ايرلندا  واسكتلندا  وبلاد الغال وساهمت في  النهضة الكارولنجية في القرن التاسع.

في القرن السابع غزا المسلمون بلاد الشام توسعوا  الى شمال افريقيا الجزيرة الايبيرية . يرجع جزء من نجاح المسلمين إلى استنفاد  الأمبراطورية الرومية  في الصراع منذ عقود طويلة مع الامبراطورية الفارسية مما أدى إلى تجاذب كبير بين كل من القسطنطينية وروما لترؤس المسيحية وخاصة مع صعود  البابوية في بداية القرن الثامن مع دخول ثلاث بطريركيات ارثوذكسية تحت التبعية الاسلامية هي انطاكية  والاسكندرية واورشليم، وصعود قادة الكارولنجية، أكبر الداعمين السياسيين للكنيسة البابوية.

أصبح شارلمان إمبراطور الامبراطورية الرومانية المقدسة، وقد غزا البلدان المنخفضة، وشمال ووسط ايطاليا، وفي عام 800م  توّج البابا ليون الثالث شارلمان إمبراطورًا للإمبراطورية الرومانية المقدسة.

بابا رومية القديس غريغوريوس الاول ( الثاولوغوس)
بابا رومية القديس غريغوريوس الاول ( الثاولوغوس)

جلبت العصور الوسطى تغييرات كبيرة داخل الكنيسة. قام البابا غريغوريوس الكبير بعملية إصلاح هيكليّة وإدارة الكنسية بشكل كبير. في حين كان نظام الحكم في  القسطنطينية قاعدة الأرثوذكسية، يقوم  في قيادة الكنيسة بين الأباطرة الروم  وبين البطاركة المسكونيين، فوظيفة الإمبراطور الرومي كانت حماية  الكنيسة الارثوذكسية وإدارة إدارتها وترؤس المجامع المسكونية المقدسة وتنصيب البطاركة المسكونيين وتحديد الحدود الإقليمية للأبرشيات. ولم يستطع بطريرك القسطنطينية أن يتولى منصبه إذا لم يقم الامبراطور بتنصيبه باحتفال روحي بهي في كاتدرائية آجيا صوفيا وقد عارض بشدة عدد من اباء الكنيسة وقديسيها مثل القديس يوحنا ذهبي الفم بطريرك القسطنطينية وأثناسيوس بطريرك  الاسكندرية، سيطرة الأباطرة القسطنطينيين على الكنيسة الشرقية.

خلال القرون الوسطى كانت القوى المؤثرة على الصعيد السياسي في المجتمع الأوروبي  الغربي هي:  النبلاء وآباء الكنيسة والملوك، وقد نتج عن ذلك صراع في بعض الأحيان بينهم. وكانت سلطة الباباوت قوية بما يكفي لتحدي سلطة الملوك. ولعلّ نزاع التنصيب  أهم صراع بينالكنيسة والدولة في اوربه خلال  القرون الوسطى. إذ تحدت مجموعة من الباباوات سلطة الملكيات في السيطرة على التعيينات لمسؤولين عن الكنائس مثل الأساقفة ورؤساء الأديرة. سيّما بلاط الأمبراطور فريدريك الثاني، ومقره في جزيرة صقلية، إذ واجه توتر وخصومة ومنافسة مع البابوية من أجل السيطرة على شمال ايطاليا. وكانت أحد أسباب فترة بابوية  أفونيين خلال الأعوام 1305م حتى1378م الصراع بين البابوية والتاج الفرنسي.

العصور الوسطى المتأخرة

دير كلوني، كانت الأديرة معقل للعلوم والفكر والبحث العلمي خلال  القرون الوسطى، وفيها تم حفظ مخطوطات الفكر والعلوم القديمة.

منذ القرن 11م فصاعدًا تأسست  مدارس الكاتدرائية لتكون مقدمة الجامعة ومؤسسة  للتعليم العالي ويشير الباحثين إلى كون  الجامعة ذات جذور مسيحية، حيث تطورت  الجامعات التقليدية في العصور الوسطى من المدارس الكاثوليكية والبروتستانتية. كانت هذه المداراس مراكز للتعليم المتقدم، وبعض من هذه المدارس أصبحت في نهاية المطاف الجامعات الأولى في الغرب. فقبل قيامها رسميًا، عملت العديد من الجامعات في العصور الوسطى لمئات السنين كمدارس المسيحية ومدارس رهبانية، وعلّم فيها الرهبان والراهبات، كذلك تعتبر منح  الشهادة الجامعية  بعد إنهاء  التعليم  وفقًا لوالتير رويج «نتاج مسيحي». ويرى المؤرخ جيفري بلايني أن الجامعة أصبحت سمة مميزة  للحضارة المسيحية. وقامت هذه المدارس بتدريس اللاهوت،  الطب،  الفلسفة والقانون.

لقد بدأت أوائل الجامعات التي أرتبطت بالكنيسة الكاثوليكية كمدارس اكليريكية ورهبانية لتخريج الاكليروس ثم سرعان  ما انفصلت مع زيادة عدد الطلاب ومن هذه الجامعات كانت جامعات بولونيا وباريس واكسفورد…وغيرها. ما يؤكّد أن المدارس الاكليريكية كانت مهد الجامعات الحديثة وقد تأسست منذ القرن السادس المسيحي.

رافق ظهور «المدن الجديدة» في جميع أنحاء أوربه الغربية تأسيس رهبانيات جديدة منها  الفرنسيسكانية والدومينيكانية  التي أسسها القديس فرنسيس الأسيزي والقديس دومينيك على التوالي؛ وبذلك تحولت الحياة المكرسة الدينية من الدير إلى المجال العام. ساهمت هذه الرهبانيات مساهمة كبيرة في تطوير وتأسيس الجامعات الكبرى في أوربه. في ذلك العصر طورّت الكنيسة آفاق عمرانية جديدة، بلغت ذروتها في العمارة الرومية والقوطية وتتوجت في بناء  الكاتدرائيات  الأوروبية الكبرى.

لم تكن سلطة كنيسة القرون الوسطى دينية فقط بل دنيوية أيضًا، تمثلت بالكرسي البابوي الذي ثبت أركانه في القرن 11م؛ وتمثلت أيضًا بالدور القيادي في السياسة الذي لعبهبابا رومية كوسيط بين مختلف ملوك اوربه وحتى قائد.

لقد دعا البابا اوربانوس الثاني سنة 1094م خلال مجمع كليرمونت جنوب فرنسا إلى استرجاع  الاراضي المقدسة، والتي كانت فاتحة لسلسلة من الحملات الفرنجية العسكرية في فلسطين وسائر المشرق وأماكن أخرى، والتي بدأت في الاستجابة لنداءات من الإمبراطورالرومي الكسيوس الاول للحصول على مساعدات من العالم المسيحي ضد التوسع  التركي. وبعد 14 حملة فشلت هذه الحروب في تحقيق أهدافها وساهمت حتى في العداء الداخلي بين المسيحيين وادت الى بغضاء شديدة من شعوب الامبراطورية الرومية بعد احتلال حملة الفرنجة الصليبية الرابعة للقسطنطينية وما نتج من كوارث بحق هذه المدينة المقدسة وشعبها وقد دامت 70 سنة.

كيرلس ومتوديوس، بفضل تأثيرهما الكبير في التطور الديني والثقافي للشعوب السلافية عامة دعيا بلقب رسل السلافيين.

على مدى فترة امتدت من  القرن 7 إلى13 المسيحيين كانت العلاقات بين الكنيستين الغربية والشرقية متوترة وادت في عام 1054م الى الانشقاق الكبير  فالكنيسة الغربية كانت لاتينية الحضارة ومحكومة من القوط والجرمان والفرنك والساكسون  في حين أن الكنائس الرومية الارثوذكسية كانت يونانية الثقافة.  لقد اختلفت الكنيستان أيضًا على قضية انبثاق الروح القدس وهو الخلاف الاهم في الخلافات الليتورجية والإدارة ومسائل فقهية، ولا سيّما اولوية البابوية. في عام 1054 كما اسلفنا وبعد قرون من العلاقات المتوترة، وقع  الانشقاق الكبير وانقسم  العالم المسيحي بين  الكنيسة الكاثوليكية والتي تركزت في  روما وسادت في  الغرب،  والكنيسة الارثوذكسية، والتي تركزت في القسطنطينية، عاصمة  الامبراطورية الرومية. وكان نظام الحكم في  القسطنطينية مركز الأرثوذكسية، نظام ثنائي في قيادة الكنيسة بين الاباطرة الروم وبين البطاركة، وأضحت  اوربة الشرقية معقل الأرثوذكسية في القارة الأوروبيّة. في القرون اللاحقة كان تنصير الشعوب السلافية مثل البلغار والصرب والروس  إلى المسيحية الأرثوذكسية بصفة دائمة قد غير الخريطة الدينية لأوروبا ولا يزال صداه حتى يومنا هذا. كان تأثير الكنيسة على الثقافة المحليّة ذو أثر هام مع وضع القديسين  كيرلس وميثودوسيوس الابجدية الكيريلية فضلًا عن دورالاكليروس الارثوذكسي واسرهم في محو الأمية في اوربة الشرقية. حيث نشروا أيضًا  علم النحو وعملوا على ترجمة الكتب والمؤلفات إلى  اللغات السلافية، يُذكر أن رجال دين من الكنائس الارثوذكسية  شكلّوا طبقة وراثية متماسكة واعتبروا على رأس الطبقات الاجتماعية في أوربه الشرقية وقاد ذلك إلى إقامة «سلالات كهنوتية».

شهد تنصّر  ستيفن الاول ملك المجر مرحلة تاريخيَّة هامة لدول  اوربه الوسطى، حيث يعتبر أول ملك للمجر  (1000-1038). وقدعمل على نشر وترسيخ المسيحية بشكل كبير في المجر، كما يُعد بوجه عام مؤسس الإمبراطورية المجرية. في عام988م اعتنقت كييف المسيحية الارثوذكسية وجرت المعمودية العامة للروس في انهار الدولة، حيث أعتنق الأمير فلاديميير الاول امير كييف المسيحية. وقد جعل فلاديمير المسيحية الدين الرسمي للدولة، ومن ثم إعتنقها الكثير من أهل دولته. وقد أصبح فلاديمير فيما بعد قديسًا  للكنيسة الارثوذكسية الروسية، وأصبحت الأخيرة والدولة مرتبطة دائمًا ارتباطًا وثيقًا.

وبعد انتقال العاصمة من كييف الى موسكو  اعتبر الروس الأرثوذكس موسكو بأنها رومه الثالثة بعد  القسطنطينية روما الثانية وبأنها آخر حصن للعقيدة الارثوذكسية الحقة بعد احتلالها من الاتراك، وهكذا في عام 1595م نال رئيس الكنيسة الروسية بتوسط من البطريرك الانطاكي الزائر وبناء لطلب القيصر الروسي وبموافقة البطريرك القسطنطيني لقب بطريرك موسكو وترتيبه الخامس بعد القسطنطيني والاسكندري والانطاكي والاورشليمي والروسي….

منذ حوالي عام1184، في أعقاب الحملةالصليبية ضد بدعة الكاثارأنشئت مؤسسات مختلفة ويشار على نطاق واسع على أنها محاكم التفتيش، وذلك بهدف قمع البدع وحماية العقيدة الكاثوليكية.

عصر النهضة والإصلاح البروتستانتي

كنيسة تعود  لعصر النهضة في  البندقية؛ كانت الكنيسة الكاثوليكية من أبرز رعاة وداعمين  عصر النهضة.

جددت النهضة في القرن 15م الاهتمام في المعارف القديمة والكلاسيكية. وتحولت بالتالي  روما وفلورنسا وجنوا والبندقية إلى عواصم النهضة الأولى، التي سرعان ما عمّت أوروبا، وأخذت بشكل خاص طابع الجامعات والمدارس والمستشفيات والنوادي الثقافية؛ وتطورت تحت قيادة الكنيسة مختلف أنواع العلوم خصوصًا،  الفلك والرياضيات،وعلم التأثيل،  والفلسفة،  والبلاغة، والطب،  والتشريح،  والفيزياء خصوصًا الأرسطوية (أي المنسوبة إلى  ارسطو)، والفيزياء المكيانيكية خصوصًا أدوات الحرب،  والكيمياء،  والجغرافيا،  والفلسفة، وعلوم النبات والحيوان، إلى جانب فن العمارة الذي بلغ شأوًا في عصر النهضة وتبدو كاتدرائيات تلك الحقبة وعلى رأسها  كاتدرائية القديس بطرس وسائر ابنية الفاتيكان خير مثال على ذلك، وقد بدىء ببناء الفاتيكان سنة  1513م، أيضًا نشط فنالرسم والنحت  واحتكر الفاتيكان  أغلب الفنانين: ليورندو دافينشي،مايكل انجلو ، رافائيل وغيرهم.

نسخة من القضايا الخمس والتسعين الخاصة بمارتن لوثر.

شهد هذا العصر أحد الانشقاقات الكبرى فيالعالم المسيحي الغربي، وهو ماسمي الاصلاح البروتستانتي الذي قسّم أوربه إلى قسم كاثوليكيّ وبروتستانتيّ. في عام 1517 قام مارتن لوثر  بوضع قائمة بالاعتراضات على ممارسات الكنيسة الكاثوليكية إذ انتقد  مارتن لوثر الفساد في الكنيسة الكاثوليكية وانتقد بشكل خاص قضية صكوك الغفران، وشراء بعض المناصب العليا في الكنيسة  والمحسوبية إضافة إلى ظهور ما يشبه «عوائل مالكة» تحتفظ  بالكرسي البابوي مثل آل بورجيا وعائلةميديتشي، وقد شرحها في 95 مادة، فكانت تلك نقطة انطلاق البروتستانتية في  اوربه رافقه ظهور مصلحين آخرين مثل هولدريج زوينكلي وجان كالفن ممن انتقدوا طريقة العبادة في الكنيسة الكاثوليكية.

تنكرت البروتستانتية لسلطة البابا،والكهنوت واسرار الكنيسة، وأعتبرت أن الإيمان بأن الكتاب المقدس فقط مصدر المسيحية. اما في انكلترا فقد بدأ  التحول  عام 1534م، مع هنري الثامن عندما قام في فسخ زواجه من كاترين اراغون وذلك بعدما رفض البابا ترخيص طلاقه، ما أدى إلى تأسيس الكنيسة الانكليكانية  التي تعتمد النظام الأسقفي. أصبح الإصلاح الإنجليزي قضية سياسية أكثر منه نزاع لاهوتي، فقد سمح واقع الخلافات السياسية بين روما وانكلترا، لبروز الخلافات اللاهوتية على السطح.

دير وقصر  الاسكوريال، ويعكس تشابك الدين مع السياسة.

استجابة لحركة الإصلاح البروتستانتي قامت  الكنيسة الكاثوليكية في عملية كبيرة للإصلاح والتجديد، والمعروفة باسم  الاصلاح المضاد أو الإصلاح الكاثوليكي. وقدمجمع ترنت لتأكيد تعاليم الكنيسة العقائدي. تأسست في  القرن16 سائر الرهبنات الكبرى، الدومنيكانية،  واليسوعية إضافة إلى   رهبنة فرسان مالطة والقديس يوحنا الاورشليمي؛ لقد سيطرت هذه الرهبنات على عملية التقدم والتطوير في الكنيسة كذلك سيطرت على النخبة في ذلك العصر. خلال القرون التالية، أصبحت المنافسة بين الكاثوليكية والبروتستانتية متشابكة بعمق مغ الصراعات السياسية بين الدول الأوروبية.

وفي الوقت نفسه مع اكتشاف  العالم الجديد سنة 1492 من قبل  كريستوف كولومبوس شهد  تاريخ المسيحية موجة جديدة من النشاط التبشيري. ومع نشاط المبشريّن والمرسليّن الأوروبييّن والتوسع الاستعماري من قبل القوى الأوروبية، انتشرت المسيحية في الاميركيتين،  اوقيانوسيا،  شرق آسيا وافريقيا جنوب الصحراء.

كان نشوء  البروتستانتية السبب الرئيس لاندلاع عدة حروب اهلية في اوربه : اللوثرية في  أجزاء من  المانيا والدول الاسكندنافية والانكليانية في انكلترا في عام 1534م. في نهاية المطاف، أدت هذه الخلافات إلى نشوب نزاعات التي لعب الدين فيها عاملاً رئيسيًا.  حرب الثلاثين عاما، والحرب الأهلية الإنجليزية  وحروب فرنسا الدينية  أمثلة بارزة على ذلك؛ في  فرنسا وبصرف النظر عن العامل الديني، كانت هذه الحروب أيضًا صراع على السلطة بين بيت جيز الكاثوليكي  وآل بوربون الداعمين للبروتستانت. كثفت هذه الأحداث نقاش مسيحي حول الاضطهاد والتسامح.

بعد التنوير

كنيسة القديس نيقولا  الكالفينية في امستردام، كان للبروتستانتية دور تأثير عميق على المسيحية الأوروبية وتغيير الخارطة الدينية في القارة.

أحدث عصر التنوير والثورة العلمية تغييرات كبيرة في المجتمع، يُذكر أن ظهور البروتستانتية كان لها أثر كبير في نشوء الثورة العلمية، وكأحد الأسباب التي أدت إلى الثورة العلمية خاصًة في  انكلترا والمانيا فقد وجدوا علاقة إيجابية بين ظهور حركة التقوى البروتستانتية والعلم التجريبي. فضلًا عن اعتبار  اخلاق العمل البروتستانتية  كقيم الموثوقية، والإدخار، والتواضع، والصدق، والمثابرة والتسامح، أحد أسباب نشأة  الثورة الصناعية.

واجهت المسيحية مختلف أشكال التشكيك ومع أيديولوجيات سياسية حديثة معينة مثل الاشتراكية والليبرالية. أدّى ذلك إلى نشوء المدارس والأفكار الإلحادية واكتسابها شعبية وتأييدًا بين الجمهور، وتصاعدت حالات التهجم على الدين والكنيسة، ومعاداة الإكليروس، وقد أعلن نيتشه على سبيل المثال «موت الله»، غير أن القرن العشرين قد شهد تراجعًا لهذه الفلسفات المسيئة والمنفرة، كما أن حركة التحديث المسيحية قد طفقت تنمو، وبرزت المسيحية الليبرالية  في مقابل  المسيحية الاصولية، والدراسات الكتابية الحديثة، وتطور العقيدة الاجتماعية ودور المجتمع في الحالات الخاصة، وتكاثرت المنظمات العلمانية الكنسيّة وتقلص دور وحجم الإكليروس، إلى جانب حركة تحديث طقسي ومجمعي أيضًا عبر المجمع الفاتيكاني الاول.

يعود لهذه المرحلة، على الصعيد السياسي حدثان كان لهما عميق التأثير في المسيحية الأوروبية كانت  الثورة الفرنسية التي على العكس من الأولى برزت شديدة الهجومية على الدين والكنيسة لاسيّما خلال عهد  الجمهورية الفرنسية الثالثة، وكان من تجليات الأمر مصادرة أملاك الكنيسة والتدخل بتعيين الأساقفة حتى قطعت العلاقة بين فرنسا والكرسي الرسولي عام 1904، ولم تصلح إلا بعد الحرب العالمية الثانية.  والثورة الشيوعية في روسيا  عام 1917 والتي كان لها تأثيرًا سلبيًا على روسيا كنيسة وشعبا وعلى المسيحيين اجمالا في اوربة الشرقية  وكانت الكنيسة محرومة من حقوقها القانونية وتعرضت لعملية قمع واضطهاد وتدمير كنائسها وقتل حتى بطاركتها وكم شهدت المعتقلات الشيوعية في سبيريا وسواها قتل الاكليروس واولهم البطاركة والمطارنة وانتجت مرحة الشيوعية قوافل من الشهداء بعشرات الالوف،  لقد خسرت الكنيسة الروسية الكثير من أتباعها في  الاتحاد السوفييتي لكنها شهدت نهضة روحية كبيرة عقب انهيار الاتحاد السوفيتي عام  1991 حيث عاد إليها الملايين من الروس، ونشأت الكثير من الجمعيات الارثوذكسية الخيرية اضافة الى اعادة بعث الجمعيات التي كانت في مرحلة السبات كالجمعية الامبراطورية الفلسطينية الاثوذكسية الروسية، وجمعية اعادة احياء تراث القديس بولس الروسية الارثوذكسية وتنامى عدد الكنائس ببعث التي كانت بحكم الميتة بالاغلاق وبناء كنائس جديدة واعادة احياء دور روسيا التبشيري في سيبيريا وجنوب شرق آسيا وفي مجاهل افريقيا واليوم نجزم حقا بالقول ان الكنيسة الروسية هي روما الثالثة.

وعلى التوازي شهدت عدد من دول اوربة الشرقية الارثوذكسية الأصل  صحوة مسيحية ارثوذكسية مماثلة وازدهرت الكنائس والجامعات والمدارس اللاهوتية والمقبلين على الكهنوت والرهبنة.

كنيسة مخلص الدم الأرثوذكسية،  سانت بطرسبرج.
في ايطالياوخلال فترةعصر القوميات تنامت فكرة القومية الإيطالية منذ عام 1814، ومع تفاقم عقيدة القومية الإيطالية أدت في النهاية إلى سيطرة  المملكة الايطالية على الفاتيكان العام 1870 مع تخلي فرنسا عن مواقعها في  روما  مما سمح للمملكة الإيطالية بملء الفراغ وانتزاع  الدولة البابوية من السيادة الفرنسية. رغم ذلك فإن الفاتيكان والمباني المحيطة به ظلت ذات حكم خاص في ظل هذا الوضع الذي دعي به البابوات بشكل مجازي «سجناء روما»؛ واستمرت العلاقة بشكل غير منظم قانونيًا حتى عام 1929 حين أبرمت اتفاقيات لاتران الثلاثة، التي أوجدت الفاتيكان بالشكل المتعارف عليه اليوم، ونظمت التعاون السياسي، الاقتصادي والأمني بين إيطاليا والفاتيكان. يُذكر أنّ الكنيسة عانت خلال جمهورية جمهورية الرايخ الثالثة الالمانية ومن قبل  الفاشية الايطالية.  فلقد أدان البابا  بيوس الحادي عشر الفاشية الصاعدة في إيطاليا، وحين زار هتلر روما في 8 ايار 1938 رفض البابا استقباله، معلنًا موقفه المشهور: «نحن، [المسيحيون] ساميّون بالروح.» في حين اعتبر خليفته  بيوس الثاني عشر مثيرًا للجدل بسبب موقفه من  الهولوكوست  مقابل من اتهمه «بالصمت أمام إبادة اليهود في العالم». بعد الحرب العالمية الثانية، دعا البابا إلى السلام والمصالحة، بما في ذلك سياسات متساهلة تجاه دول المحور السابقة. شهدت الكنيسة في عهده، اضطهادًا شديداً وترحيلاً جماعيًا لرجال الدين الكاثوليك المتواجدين في  الكتلة الشيوعية.

شهدت الحرب الأهلية الاسبانية حربًا بين الانقلابيين بالإضافة إلى الفلانخي  والريكيتيس بقيادة الجنرال فرنكو حيث تلقى الدعم من الكنيسة والكاثوليك و «جمهورية» بقيادة الجبهة الشعبية التي كانت تضم قوات معادية للكنيسة الكاثوليكية وهي الفوضويين والاشتراكيين والجمهوريين والشيوعيين.

البابا يوحنا بولس الثاني في زيارة إلى بولونيا عام 1987، وقد لعب هذا البابا دورًا هامًا في اسقاط  النظام الشيوعي.

كما اندلعت أعمال عنف بين الكاثوليك والبروتستانت في ايرلنده التي استمرت إلى أكثر من 25 سنة، حتى وضعت اتفاقية الجمعة الحزينة لإحلال السلام حدًا لها  سنة 1998. لتكون آخر فصول الحروب الطائفية في اوربه.

في مطلع القرن العشرين بدأت حركة تقارب بين الكنائس المسيحية، حيث دعيت هذه الحركة باسم الحركة المسكونية، في سنة 1948 تأسس مجلس الكنائس العالميّ، كما وأسس السويسري  روجيه شوتز جماعة تيزيه في عام1942 وهي جماعة رهبانية مسكونية تجمع بين البروتستانت والكاثوليك والارثوذكس.

اليوم تلعب الأحزاب الديمقراطية المسيحية وهي أحزاب ذات خلفية كاثوليكية، دورًا فعال في السياسة الأوروبية وكانت قد نشأت أولًا في  بلجيكا وسرعان ما انتشرت في كافة أرجاء أوربه ولعّل أبرز الأحزاب المسيحية هو الاتحاد الديمقراطي المسيحي في المانيا الذي يشترك في الائتلاف الحاكم مع الحزب الديمقراطي الحر  منذ عام2009. ومن جماعات الضغط السياسي المسيحية في الاتحاد الاوربي اونوس داي  وسانت إيجيديو. في حين ترأس قبرص المطران مكاريوس الثالث رئيس أساقفة  الكنيسة القبرصية  كأول رئيس لقبرص المستقلة من عام  1955 وحتى وفاته عام 1977.

ومنذ القرن الواحد والعشرين لم تعد أوروبا حاملة لواء المسيحية؛ خاصًة مع انتشار المسيحية في أمريكا الجنوبية وأفريقيا وآسيا. ففي العام 1910، كان ثلثي (66%) المسيحيين يعيشون في أوروبا التي ظلّ يقطنها القسم الأكبر من مسيحيي العالم طوال الـ1000 سنة السابقة، وذلك وفقًا لتقديرات مركز دراسات المسيحية الكونية. اليوم، فقط حوالي ربع المسيحيين يعيشون في أوروبا (26%).

الدور الحضاري

كاتدرائية القديس بطرس في روما الفاتيكان.

تركت المسيحية بصمة واضحة على الفلسفة الغربية. تعاليم  يسوع، مِثل مَثل السامري الصالح، تعد اليوم مصدرًا مهمًا لمفاهيم  حقوق الانسان. وكان أيضًا لتعاليم المسيحية ولاهوتها أثر على العائلة والاخلاق في المجتمع الغربي.

وقد لعبت المسيحية دورًا رئيسيًا في تشكيل أسس وسمات الثقافة والحضارة الغربية حيث ترادفتالحضارة المسيحية مع الحضارة الاوربية خلال ألف سنة وظهر هذا التشابك في مصطلح العالم المسيحي والذي عنى أيضًا أوربه المسيحيّة الموحدّة، وهيمنت الكنيسة والبابوية على الحياة في أوربه وكانت الكنيسة الكاثوليكية القوة الوحيدة المهيمنة على اوربة حتى عصر التنوير والقوميات. واخذت الثقافة المسيحية حيّز هام باعتبارها القوة المهيمنة في الحضارة الغربية، والموجهة لمسار  الفلسفة،  الفن والمعلومات لسنوات عديدة.

كما كانت الكنيسة مصدرًا رئيسا  للتعليم فكبريات  الجامعات الأوروبيّة العريقة اليوم أنشئت بجهود الكنيسة  كجماعة اوكسفورد وباريس وجامعة بولونيا  تأسست من قِبل  الكنيسة كان للكنيسة دور رائد في رعاية وتطوير  العلوم قبل وخلال الثورة العلمية؛ يُذكر أن العديد من الاكليروس الكاثوليكي خاصًة من اليسوعيين عملوا كعلماء منهم على سبيل المثال  غريغور، يوهان، مندل،  جورج لومتر وكوبرنيكوس.

اقتصاديًا ظهر أثر المسيحية مع مفهوم اخلاق العمل البروتستانتية والتي كانت إحدى أسباب نشأة  الثورة الصناعية. كما وأنتجت المسيحيّة الأوروبيّة  الكاتدرائيات التي لا تزال قائمة بين مآثر وروائع  الهندسة المعمارية الأكثر شهرةً في الحضارة الغربية.

التأثير المسيحي يشتمل على  الادب واللسانيات الأوروبيّة إضافة لكون أغلب الأعمال الفنية الكبرى من مختلف الأصعدة أيضًا كانت مرتبطة بالمسيحية، فالقسم الأكبر منها مأخوذ من الكتاب المقدس أو يمثل مقاطعًا وأحداثًا منه؛ لقد كان دور المسيحية في الحضارة متشابكًا بشكل معقد في تاريخ وتشكيل أسس المجتمع الغربي بحيث كان جزء كبير من  تاريخ الكنيسة مرتبط بأوربه.

الثقافة المسيحية في أوربه

المسيحية في الثقافة الأوروبية

أغلب الباحثين يتفقون على أن الثقافة الأوروبية أو  الحضارة الغربية بمعنى أوسع تقوم على أساسين ومصدرين هما الحضارة  اليونانية -الرومانية  والديانةالمسيحية حدد رئيس المفوضية الاوربية الأسبق جاك ديلو هوية أوربه بأبعاد ثلاثة: المسيحية، القانون الروماني، والنزعة الإنسانية في الفلسفة اليونانية.

كانت المسيحية ركن القاعدة الثقافية الأوروبية وفي مناسبات محددة الركن الوحيد للهوية الأوروبية، خاصة عندما سعت الكنيسة الرومانية الكاثوليكية   لبسط نفوذها الثقافي ومن ثم السياسي على الغرب الاوربي، فالأممية المسيحية أو مفهوم العالم المسيحي ظلت قوة سياسية ودافعًا فكريًا وعقائديًا وسياسيًا أثر مباشرة على مسيرة السياسية الأوروبية، بل إنه أصبح لب فكرة «المفهوم الغربي»، وقام باستبدال المفهوم الجغرافي الأوروبي الضيق أو الروماني المحدود وأصبح يمثل شرعية جديدة بدأت تترسخ داخل الشعوب الأوروبية والوجدان السياسي فيها، وأصبح هذا المفهوم يمثل الشرعية السياسية والدينية على حد سواء.

يقول الشاعروالمسرحي والناقد الادبي والحائزٌ على جائزة نوبل في الاداب  توماس ستيرنز اليوت  في علاقة المسيحية مع الثقافة الأوروبية:

المسيحية في أوروبا

المسيحية هي التي جعلت أوروبا على ما هي عليه، وهي التي جلبت لأوربه العناصر الثقافية المشتركة. وفي المسيحية نمتالفنون، وتأصلت القوانين. وليس لتفكيرنا عن أوروبا معنى أو دلالة خارج الإطار المسيحي. ويتمم إليوت كلامه في هذا الشأن بقوله: قد لا يؤمن فرد أوروبي بأن الإيمان المسيحي حق، ولكن ما يقوله ويصنعه ويأتيه كله من تراثه في  الثقافة المسيحية حية إذا اختفى الإيمان المسيحي اختفاءً تاماً، وإذا ذهبت المسيحية فستذهب كل الثقافة الأوروبية، ولو بددنا أو طرحنا تراث أجدادنا من الثقافة المشتركة فلن يغنينا، ولن يقرب بيننا كل ما عند أبرع العقول من تنظيم وتخطيط.

المسيحية في أوروبا

الثقافة والحياة الدينية

أماكن ذات أهمية دينية

مزار عذراء بولندا السوداء فيتشيستوكافا، أحد أهم المزارات المريمية في أوربه والعالم.

فيما يخصّ الأماكن ذات الأهميّة الدينيّة لدى المسيحيين، فإنها تكاد لا تحصى، إذ إنّ عدد الكنائس والكاتدرائيات وأضرحة  القديسين والشهداء، المبجلة من قبل مختلف الكنائس، تنتشر حول العالم، بعضها ذو أهمية محلية أو إقليمية، والبعض الآخر ذو شهرة عالمية، يضاف إلى ذلك مقرّات البطاركة ورؤساء الأساقفة لمختلف الكنائس.

إلى جانب ما يؤمن بعض المسيحيين بأنه مواقع لظهورات العذراء، لذلك تحولت مع الموقت إلى أماكن مقدسة. ملايين المسيحيين عامًة والكاثوليك خاصًة يحجون إلى هذه الأماكن سنويًا.

كاتدرائية  القديس يعقوب في اسبانيا، من أبرز المعالم المسيحية في العالم.

يمثل الفاتيكان الكنيسة الكاثوليكية عالميًا، وبالتالي أضحى مركز القيادة الروحية للكنيسة الكاثوليكية في العالم والتي يربو عدد أتباعها على 1.147 مليار نسمة، وتحول إلى موقع كاثوليكي مقدس. إن مدينة الفاتيكان بحد ذاتها تعتبر قيمة ثقافية ودينية كبرى،  فمتحف الفاتيكان، إلى جانب  كاتدرائية القديس بطرس   والكنيسة السيستينية، هي موطن أكثر قطع الفن شهرة في العالم؛ ومباني الفاتيكان مثل  مكتبة الفاتيكان والقصر البابوي والقطع الداخلية التي تحويها أنتجت بالكامل من قبل كبار فناني  عصر النهضة؛ وبإدراجها عام 1984 على لائحة اليونسكو لمواقع التراث العالمي تكون الفاتيكان الدولة الوحيدة المدرجة بالكامل على هذه اللائحة. تعتبر الفاتيكان أيضًا المعقل الأكثر أهمية للغة اللاتينية، وتقوم بذلك من خلال مؤسسات اللاتينية التعليمية، فضلاً عن قيامها بإصدار  معاجم تحوي على عبارات حديثة يطلق عليها عمومًا اسم اللاتينية الجديدة، ومن هذه المعاجم «ريسبنت لاتينتاتيس» ( بالايطالية: Lexicon Recentis Latinitatis)‏ وبالتالي أضحت محج لطالبي علم اللغة اللاتينية.

روما هي مقر الكنيسة الكاثوليكية الرسولية تأسست فيها رسميًا والتي بدأها القديس بطرس، الذي يعتبرونه «هامة الرسل»، وشكلت قضية أوليّة بطرس والسلطة الممنوحة له من قبل يسوع وتقدّمه على سائر التلاميذ الاثني عشر بناءً أساسيًا في الكنيسة الكاثوليكية والصرح البابوي. وهكذا في حين كنيسة القيامة في  القدس لا تزال أكثر هو الأماكن قدسية لدى كل المسيحيين فهي المحجة الاساس، فالفاتيكان هو مكان مقدس للغاية في المعتقد الكاثوليكي كونه مقر  البابوية. تتواجد في مدينة روما الأربعة كنائس بابوية ذات أهمية دينية وتاريخيّة، وهي كنيسة القديس بولس خارج الاسوار والتي تحوي رفات  القديس بولس،كاتدرائية القديس يوحنا اللاتراني مقر البابا سابقًا  وكنيسة سانتا ماريا دي ماجيوري.

تتواجد أماكن مقدسة في أوربه أماكن والتي بحسب ما يؤمن بعض المسيحيين بأنه مواقع لظهورات العذراء، لذلك تحولت مع الموقت إلى أماكن مقدسة. ملايين المسيحيين عامًة والكاثوليك خاصًة يحجون إلى هذه الأماكن سنويًا. أبرز هذه المواقع مزار مدينة  فاطمة البرتغالية ولورد الفرنسية ؛ إلى جانب مزار عذراء بولندا السوداء ويقع المزار في تشيستوكوفا في وسط  بولونيا ومديوغوريه في البوسنة والهرسك.

فضلًا عن مواقع اضرحة قديسين ومبجلين مسيحيين تتواجد في كافة انحاء أوروبا أكثرها شهرة كنيسة القديس أنطون في بادوفا ومدينة اسيزي الإيطالية، كاثدرائية سان جيوفاني باتيست التي تحوي  كفن تورينو،  وكاتدرائية سانتياغو دي كومبوستيلا الإسبانية،  كاتدرائية كنتربري في لندن كذلك يعتبر البروتستانت في يتيبرغ مهد  الاصلاح البروتستانتي.

أمّا في الكنيسة الارثوذكسية هناك مواقع مقدسة وذات أهمية تاريخية مثل المنطقة النسكية في  جبل آثوس المقدس في اليونان، مدينة القسطنطينية عاصمةالارثوذكسية والعاصمة الشهيدة للأمبراطورية الرومية سابقًا ومركز بطريركية القسطنطينية المسكونية، دير بيشيرسك ادير وكهوف اللافرا في كييف وستاري راس في صربيا وغيرها من المواقع.

مواقع مقدسة في أوربه

الأعياد والاحتفالات

جانب من ديكور عيد الفصح في اوكرانيا

تمتلك أوربه ثقافة مسيحية غنية، تتمثل بالأعياد المسيحية والتي تكتسب طابعًا اجتماعيًا مميزًا. اليوم أغلب العطل الرسمية في أوروبا هي أعياد وعطل مسيحية أو ذات أصول مسيحية. وبسبب هيمنة المسيحية في اوربه كيلة القرون الوسطى، أصبحت العديد من الأعياد المسيحية جزء من الثقافة العلمانية. مثل عيد جميع القديسين (الهالويين)،  والفالنتاين دي، ويوم القديس باتريك. وعلى العموم فإن عيدي الميلاد والفصح المجيدين يعتبران من أهم الأعياد المسيحية في الرزنامة الأوروبيّة.

عيد الفصح وهو أهم الأعيادالمسيحية، يسبقه الصوم الكبير المقدس ويبدأ بالكرنفال كما في العطلة قبل بدء الصوم  الكبير المقدس (كما الكرنفال يوم الاحد قبل الصوم في الوسط المسيحي الدمشقي بالامس)  وهو  ومن أشهر كرنفالات أوربه كرنفال باتراس في اليونان فينيسيا في إيطاليا بأساسه اليوناني وكرنفال نيس في فرنسا وكرنفال كولونيا، وتعتبر الكرنفالات تقليد عام في التجمعات الارثوذكسية والكاثوليكية، لكن الكنائس البروتستانتية، وخصوصًا المتشددة منها، كانت ترفض القيام بهذه الإستعراضات، وتعوض عنها الدول المجتمعات البروتستانتية في بريطانيا وإسكندنافيا احتفالات ثلاثاء  البان كيك (في دمشق احتفال كرنفال اثنين الراهب اول ايام الصوم في الاسبوع الاول ويومي اثنين وثلاثاء الباعوث).

شوارع مزينة بأضواء ميلادية لمناسبة عيد الميلاد في لشبونة- البرتغال.

في اسبوع الآلام وهو آخر أسبوع في زمن الصيام تستذكر محاكمة المسيح وآلامه وصلبه ومن ثم موته، وتتنوع العادات في هذا الزمن مع تنوع الثقافات ففي جمعة الآلام  تقام في الدول ذات التقاليد الكاثوليكية مثل إيطاليا والبرتغال وبافاريا تمثيلاً حيًا لدرب الآلام، في اسبانيا تُقام تطوافات ومواكب الجمعة العظيمة في كافة أنحاء المملكة وأبرزها المسيرات التي تقام في مدينة اشبيلية وغرناطة والتي تحولت إلى مركز جذب للحج  والسياحة المسيحية، المواكب تكون مكونة غالبًا من محفات يحمل كل منها العشرات من الرجال، تمثل المحفات حلقات من درب الالام وقصة الصلب والقيامة وتماثيل للعذراء ويتبع المحفات فرق موسيقية يصاحبها أحيانًا صوت أوبرالي ينطلق من إحدي الشرفات المطلة على الطريق. وتعرض برامج تلفازية حول حياة وآلام السيد المسيح  في كل الدول الاوربية فضلًا عن ترانيم تتعلق بالمناسبة.

في عيد القيامة في دول اوربة الشرقية الارثوذكسية ووسط اوربه يُعتبر بيض الفصح هو المزيّن برموز القيامة الذي يتم عمله ضمن تقاليد الاحتفال بالفصح.

في عيد ميلاد السيد والذي يُعتبر ثاني أهم الأعياد المسيحية على الإطلاق بعد عيد الفصح ويحتفل فيه بذكرى ميلاد يسوع وتُعتبر عطلة رسمية في جميع دول أوربه يترافق عيد الميلاد باحتفالات دينية وصلوات خاصة للمناسبة، واحتفالات اجتماعية من إهداء الهدايا ووضع شجرة الميلاد ووجود شخصية  بابا نويل والإجتماعات العائليّة حول مائدة الميلاد وتقليد المجوس الثلاثة في إسبانيا والطفل يسوع في اوربه الوسطى وقد أضحت هذه التقاليد جزء من الفلكلور والثقافة الأوروبية. ويعتبر موسم عيد الميلاد أكثر المواسم التي ينفق عليها البشر مالاً عليها في مختلف أنحاء العالم، يٌذكر أن الرموز الثقافية لعيد الميلاد نشأت في أوربه مثل شجرة ومغارة الميلاد وبابا نويل وهدايا الميلاد. يرتبط بعيد الميلاد عيد الظهور الالهي او الغطاس الذي يحل في 6 كانون الثاني ومن أبرز مظاهر العيد في الدول الأوروبية ذات الطابع الأرثوذكسي مثل اليونان وصربيا وروسيا وبلغاريا وكذلك في المشرق العربي وآسيا الصغرى أن يُلقي البطريرك او رئيس الاساقفة او الاسقف صليب الغار في البحر ويتبارى الشباب بالسباحة  والغوص لاسترجاعه وفي روسيا بالغطس في بِرك المياه المتجمدة.

ومن التقاليد المسيحية الأسرية الاحتفال في يوم الاسم Onomastico  عيد اسم القديس وهو تقليد مُنتشر في كثير من البلدان في اوربه الكاثوليكية والارثوذكسية ( وحتى في بلاد الشام) بحيث يٌحتفل في يوم من أيام السنة المرتبطة باللاسم الشخصي للفرد  يوم عيد القديس.

نشأت  هذه العادة مع تقويم القديسين في الكنيستين الارثوذكسية والكاثوليكية، حيث يحمل المؤمنين، اسم قديس او قديسة وفق الليتورجيا الكنسية، وبطبيعة الحال مع مناطق شرق البحر الابيض المتوسط وذلك بخلاف المناطق التي تسودها البروتستانتية في الشمال اوربه. في حين يعتبر تقليد سلافا (بالصربية: Слава) الأرثوذكسي لبتجيل قديس معين والذي يعتبر شفيع الأسرة وينتشر التقليد بين الصرب وسكان مونتينيغرو والمقدونيين وهو من المناسبات المهمة في البلقان الارثوذكسي. حيث تحتفل الأسر المسيحية سنويًا بعيد السلافا وذلك في يوم عيد شفيعها.

وإلى جانب الأعياد الشهيرة هناك العديد من الأعياد والتذكارات المسيحية التي تكتسب طابعًا محليًا مميزًا مرتبطًا ببلد معين أو كنيسة محددة كعيد القديسة جان دارك في فرنسا، القديس فرنسيس الاسيزي في ايطاليا ، القديس باتريك  في ايرلندا، القديس اندراوس في اسكتلندا،  القديس جاورجيوس في انكلترا واليونان،  والقديس نيقولاوس في النمسا وتشيكيا؛ ولا تقتصر الأعياد المسيحية على الاحتفالات الدينية إذ ترافق عادة بممارسات مهرجانات وكرنفالات اجتماعية مميزة.

مظاهر مختلفة من الاحتفالات المسيحية في أوروبا

رموز

أوربه الملكة، ترمز إلى العالم المسيحي المتحد خلال العصور الوسطى.

تجسدت المسيحية في الرموز الأوروبية بشكل واضح باعتبارها جزء من الموروث الحضاري والثقافي للقارة الأوروبية. يتجسد ذلك في تصميم  علم الاتحاد الاوربي من أرضية مستطيلة زرقاء اللون، يتوسطها 12 نجمة صفراء ذهبية، وقد استوحى مصمم العلم بول ليفي وهو يهودي اعتنق المسيحية من هالة الإثني عشر نجمة التي تحيط بالقديسة مريم العذراء والمعروفة في الفن المقدس للكنيسة الكاثوليكية. وكان قد ذكر المصصم ان فكرة العلم استوحاها من سفر رؤيا يوحنا في الكتاب المقدس من الآية: «بانها ثيابًا مع الشمس، والقمر تحت قدميها، وعلى رأسها تاج من اثني عشر نجوم». وقد تزامن اعتماد العلم في 8 كانون الاول 1955، وتزامن مع العيد الكاثوليكي عيد الحبل بلا دنس.

تعتمد عدد من الدول الأوروبية رموز مسيحية في أعلامها أو نشيدها الوطني كذلك الأمر بالنسبة للمدن والأقاليم الأوروبية، فمثلًا إعتُمد  صليب القديس جاورجيوس في شعار النبالة وأعلام العديد من الدول والمدن التي لديها القديس جرجس بمثابة قديس  شفيع، ولا سيما في جيورجياوانكلترا واراغون وجنوة وبرشلونة. في حين أنّ علم اسكوتلندا المكون من صليب أبيض قطري على شكل إشارة X على خلفية زرقاء فاتحة، يُمثّل صليب القديس اندرو شفيع البلاد. ويُمَثّل الصليب الإسكندنافي على أعلام الدول الإسكندنافية. أما علم المملكة المتحدة فهو مكون من صليب أحمر للقديس جورج (شفيع انكلترا) محاطاً بإطار أبيض الذي يشكل صليب القديس باتريك (شفيع ايرلندا الشمالية). بالإضافة إلى صليب قطري بشكل إشارة أكس X الذي يكّون صليب القديس اندرو   (شفيع اسكتلندا). كما ويرمز صليب علم اليونان للمسيحية الأورثوذوكسية اليونانية.

ومن الرموز الشعبية للقارة أوربه ريجينا أو الملكة أوربه (باللاتينية: Europa regina) وهي تصوير رسمي لخرائط للقارة الأوروبية كملكة. ترمز إلى العالم المسيحي المتحد كما في القرون الوسطى.

في عام 1997 أعلن البابا يوحنا بولس الثاني  الملكة البولندية والقديسة  جادونغا ملكة بولندا شفيعة ملكات أوربه والوحدة الأوروبية والاتحاد الاوربي. وبعتبر كل من القديس بندكت النيرسي،  والقديسين كيرلس ومتوديوس،والقديسة بريجيت من السويد،  والقديسة كاترين السينائيّة والقديسة إديث شتاين رعاة القارة الأوروبية.

تتواجد الرموز المسيحية بشكل واضح في عدد من الدول الأوروبية في الاعلام والمؤسسات الحكومية والمستشفيات والجامعات مما أثار جدلاً في الآونة الأخيرة منها قضية تعليق الصليب في المدارس الإيطالية، حيث قد طرحت القضية حين اعترضت إحدى الأمهات الإيطاليات على وجود الصلبان في غرف الدراسة وقالت إنها تريد تنشئة أطفالها في جو علماني. وقالت المحكمة الأوروبية في حيثيات قرارها ان من حق الأم تنشئة أطفالها في الجو الذي تختاره. وقد أثار كسب المرأة للقضية احتجاجًا في المجتمع الإيطالي إذ أظهرت استطلاعات الرأي أن 84% ممن شملهم الاستطلاع أجابوا بـ«نعم» على سؤال «هل ينبغي تعليق الصلبان في حجرات الدرس؟»، بينما جاءت إجابة 14% بـ«لا» ولم تبد نسبة 2% رأيا حيال ذلك. وأعتبر عدد من السياسيين الصليب هو رمز لتقاليد أوربه قبل ان يكون رمزًا للكاثوليكية وكانت قد تقدمت إيطاليا استئنافها إلى المحكمة الأوروبية الأربعاء ضد القرار الذي اعتبرته تدخلا في ثقافة البلد وتاريخه وديانته. وقد أعربت عشرة بلدان أخرى بما في ذلك  رومانيا وبلغاريا وليتوانيا وقبرص وموناكو، رسميًا دعمها لايطاليا.

رعاة أوربه

القديسون رعاة القارة الاوربية، باتجاه عقارب الساعة من الأعلى واليسار:ميتوديوس وكاترين السينائية كيرلس ؛ واديت شتاين وبنديكت النيرسي وبريجيت من السويد.

أعلن البابابولس السادس عام1964 بندكت النيرسي راعي القارة الأوروبيَّة. وأضاف البابا يوحنا بولس الثاني في عام 1980 كل من كيرلس ومتوديوس، وبريجيت السويدية، وكاترين السينائية، واديث شتاين رعاةالقارة الأوروبية.

هؤلاء القديسين الست يمثلون الأسس الثقافيَّة المختلفة لأوروبا، والتنوع القومي والروحي والجغرافي لها، وهم يمثلون اوربه الغربية (بندكت النيرسي وكاترين السينائيّة)، اوربه الشرقية (كيرلس ومتوديوس)، الشمالية بريجيت السويدية والوسطى (اديت شتاين ).

في التقويم الليتورجي في اوربه، يتم الاحتفال بأعياد هؤلاء القديسين:

  • بنديكت النريسي : (حوالي 480–543) هو قديس مسيحي قامت الكنيسة الرومانية الكاثوليكية  باعلانه قديساً اوربياً وللطلاب. قام بينديكت بتأسيس اثنتي عشرة طائفة للرهبان في سوبياكو، إيطاليا (حوالي 40 ميل (64 كـم) إلى الشرق من روما)، وذلك قبل انتقاله إلى مونتي كاسينو  في جبال جنوب ايطاليا. ولا يوجد دليل واضح على اعتزامه تأسيس رهبانية دينية كاثوليكية رومانية. إن نظام القديس بنديكت نظام ذو أصول لاحقة وهو، علاوة على ذلك، ليس «نظامًا» كما يُفهم عادةً ولكنه مجرد اتحاد للأبرشيات المستقلة.
  • كيرلس ومتوديوس (باليونانية: Κύριλλος και Μεθόδιος): هما شقيقان يونانيان  كانا كلاهما أكاديميين ولاهوتيين ولغويين من الطراز الرفيع لعبا دوراً رائداً ورئيساً في نشر المسيحية بين الشعوب السلافية، وبفضل تأثيرهما الكبير في التطور الديني والثقافي للشعوب السلافية عامة دعيا بلقب «رسل السلافيين».
  • بريجيت السويدية وتعرف أيضاً بالقديسة بريجيتا، ولدت بتاريخ 1302 او 1303م في السويد  – وتوفيت بتاريخ تموز 1373م في روما، كانت بريجيتا ابنة أمير سويدي وأصبحت لاحقا مؤسسة للرهبنة البريجيتية (رهبنة بريجيت). وهي منحدرة من سلالة الملوك القوطيين. تزوجت بأمر من والدها من أولفو أمير نيريسيا في السويد، وأنجبت منه ثمانية أطفال بما فيهم ابنتها كاترين التي أصبحت لاحقا القديسة  كاترين من فاديستينا.
  • كاترينا السينائية : (1347- 1380) كانت راهبة دومينيكية. ردّت السلام والوفاق إلى المدن الإيطالية. ودافعت عن حقوق البابوية؛ واعادت البابا من أفنيون إلى رومة. سعت إلى توطيد الحياة المسيحية في نفوس المؤمنين. وكتبت، كتب حول التعليم المسيحي. اقامها البابا بولس السادس معلّمة للكنيسة.
  • اديث شتاين : (باالالمانية: Edith Stein)، تعرف كذلك باسم القديسة بنديكتا تيريزا للصليب (ولدت 12 تشرين الأول 1891 – 9 آب 1942)، كانت  فيلسوفة وراهبة كاثوليكية يهودية الأصل، تعتبرها الكنيسة الكاثوليكية قديسة وشهيدة

الملكية

الملكان الكاثوليكيان، فرناندو الثانيوالملكة ايزابيلا الاولى. 

خلال العصور الوسطى منح  البابا بصفته رئيس الكنيسة الكاثوليكية الملوك الذين كانوا في نظر البابوية مجسدين لمبادئ المسيحية في حياتهم الشخصية وسياسات الدولة لقبالملوك الكاثوليك ( باللاتينية: Rex Catholicismus). وقد توارث أبناء سلالة هؤلاء الملوك لقب الملوك الكاثوليك، ومن السلالات الملكية التي اتخذت لقب الملوك الكاثوليك آل هابسبورغ في النمسا  وآل سافوي في ايطاليا وآل  بوربون في  اسبانيا، الذين أعتبروا حماة الكنيسة الكاثوليكية، عقب الاصلاح البروتستانتي.

يعتبر أفضل مثال للملوك الكاثوليك الزوجان الملكان فرناندو الثاني من آراغون، وايزابيلا الثانية من قشتالة. وكان قد منح البابا اسكندر السادس هذا اللقب لهما، بعد أن منح لقب ملك المسيحية، لملك فرنسا زمنها. اليوم لا تزال تحتفظ العائلات الملكية في أوروبا بلقب الملوك الكاثوليك في  بلجيكا ، لوكسمبورغ، واسبانيا.

حمل ملوك فرنسا لقب ملك المسيحية (باللاتينية: Rex Christianissimus)، ويرجع أصول اللقب إلى فترة طويلة ومميزة من العلاقة بين الكنيسة الكاثوليكية والفرنجة. إذ كانت فرنسا أول دولة حديثة تعترف بها الكنيسة، وأطلقت عليها لقب «الابنة الكبرى للكنيسة»؛ قد تم الاعتراف  بكلوفيس الأول  ملك الفرنجة، من قبل البابوية باعتباره حامي مصالح  روما . وفقًا لذلك، تم منح هذا اللقب في كثير من الأحيان إلى ملوك فرنسا، وفي عهد  شارل السادس؛ أصبح اللقب متوراث وحصري لملوك فرنسا.

مع نشوء البروتستانتية شهدت أوروبا ميلاد الكنائس القومية المستقلة كما هو الحال في السويد والنرويج وهولندا وانكلترا  حيث يكون الملك رأس الكنيسة، وتسمى هذه الكنائس بالكنائس البروتستانتية الأسقفية: إذ إنها تقر  بالقداس الالهي والاسرار السبعة المقدسة  وسائر عقائد الكنيسة الكاثوليكية بوجه الخصوص، بيد أنها تجعل من الملك رئيسًا لهذه الكنيسة بدلاً من البابا، وغالبًا ما تكون سلطة الملك فخرية في حين يتولى رئيس أساقفة معين من قبل الملك شؤون الإدارة الفعلية.

إتخذت الملكية في المملكة المتحدة  لقب «حامي الإيمان» ( باللاتينية: Rex Christianissimus)، ملك بريطانيا  يحمل لقب «حامي الإيمان» و«حامي العقيدة» والمقصود بها الإيمان المسيحي، والرأس الأعلى  للكنيسة الانكليكانية. في حين أنّ الملك هارالد السادس هو رئيس  كنيسة النروج اللوثرية ويملك السلطة العليا في الكنيسة النرويجية، كذلك الأمر بالنسبة للملك  كارل السادس عشر غوستاف رئيس  كنيسة السويد اللوثرية ومارغريت الثانية ملكة الدنمارك  رئيسة  كنيسة الدانمارك اللوثرية الوطنية.

ارتبطت الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية قديمًا أيضًا بالملكية، ففي  الامبراطورية الروسية كانت سلطة الإمبراطور الروسي، قبل إعلان بيان تشرين اول 1917، لا يحدها إلا شيء واحد: انتمائه وزوجته إلى الكنيسة الارثوذكسية الروسية والانصياع لقوانين الخلافة، التي أنشأها القيصر بولس الاول سنة 1797. وأعتبر الحكام الروس أنفسهم حماة الأرثوذكسية.

التوزيع

الأديان الرئيسية في أوربه

المسيحية وهي الديانة الرئيسة والسائدة في أوربه، العديد من المسيحين من  الكاثوليك، اما  البقية فنصفهم  تقريبًا من الارثوذكس، والنصف الآخر من البروتستانت  وفي  روسيا أكبر التجمعات المسيحية في اوربه من حيث عدد السكان، تليها في ذلك  ايطاليا والمانيا والمملكة المتحدة وفرنسا واوكرانيا واسبانيا وبولندا ورومانيا واليونان. وتعتبر هذه مجتمعة موطنًا لحوالي 20% من مسيحيين العالم. المسيحية هي الديانة السائدة في 50 بلدًا وإقليمًا أوروبيّاً، بإستثناء الشعب الألباني والبوشناق والاتراك حيث أنّ المسيحيون بينهم أقليّة؛ بالمقابل فإنّ غالبيّة شعوب وعرقيّات أوربه تعتنق المسيحيّة دينًا. ويُعتبر مسيحيو أوربه وفقًا لدراسة معهد بيو المجموعة المسيحيّة الأكبر سنًّا إذ أنّ متوسط العمر العمر هو 42.

الإنتشار الجغرافي والثقافي

كانت الدول الكاثوليكية تاريخيًا محافظة وأبوية مقارنًة مع الدول البروتستانتية في شمال القارة، فضلًا عن تشديد المجتمعات الكاثوليكية على القيم والروابط الأسريّة وقيم الضيافة والاحتفالات، حيث ما زالت الروابط الأسرية قوية حتى يومنا هذا في الأقطار الرومانية  الكاثوليكية، والاورثوذكسية كاليونان وايطاليا واسبانيا، وفي دول شرقي أوربه.

تاريخيًا عرفت أوروبا فجوة اقتصادية-اجتماعية بين الكاثوليك والبروتستانت فاستنادًا إلى ماكس فيبر كان  لأخلاق العمل البروتستانتية، خاصًة المذهب الكالفيني، من انضباط وعمل شاق وإخلاص، وراء ظهور العقلية  الرأسمالية في اوربه، مما جعل من الدول والمجتمعات البروتستانتية في أوروبا أن تصبح الدول والمجتمعات الأكثر ثراء ورفاهية في القارة وذلك لقولها بأن النجاح على الصعيد المادي هو دلالة على نعمة إلهية واختيار مسبق للخلاص. لم تعد اليوم الفجوة موجودة على أرض الواقع وإن كانت الدول ذات الخلفية البروتستانتية (الدول الاسكندنافية) لا تزال الأكثر ثراء. تحتل دول كاثوليكية مثل فرنسا وايطاليا مكانة مميزة بين الدول الصناعية في العالم؛ كما وتتربع كل من لوكسمبورغ، ليخنتشاين، موناكو،  بلجيكا، ايرلندا والنمسا  وجميعها  دول ذات اغلبية كاثوليكية  قائمة أغنى دول العالم. وتعد ولاية بافاريا في المانيا ذات الغالبية الكاثوليكية، شبه متكاملة اقتصادياً، فاقتصاد يايرين هو الثاني من حيث الحجم في ألمانيا ومن ضمن العشرة الأوائل في أوربه.

الكاثوليكية

الكاثوليكية هي أكبر المذاهب المسيحية في أوربه ويشكلون حوالي 46.3% من مجمل مسيحيي أوربه، ويبلغ عددهم حوالي 261,660,000 نسمة. تحتضن أوربهالفاتيكان عاصمة الكثلثكة ومقر الكرسي البابوي وهو القوة الروحية الأساسية في تاريخ  الحضارة الغربية، إلى جانب الارثوذكسية والبروتستانتية. على مر القرون طورت الكنيسة الكاثوليكية منظومة لاهوتية معقدة وثبتت بنية إدارية فريدة تحكمها البابوية أقدم ملكية مطلقة مستمرة في العالم.

يُشّكل الكاثوليك الأغلبية في الدول التالية: ايطاليا والبرتغال واسبانيا وفرنسا وبلجيكا وجمهورية ايرلندا والنمسا وهنغاريا وكرواتيا وسلوفينيا وسلوفاكيا وبولندا وليتوانيا وموناكو واندورا  ومالطا وليختنشتاين ولوكمسبورغ والفاتيكان. كما وتتواجد أقليات كاثوليكية كبيرة في انطلترا وويلز وبعض مناطق ايرلندا الشمالية وجنوب هولندا وجنوب المانيا وجنوب سويسرا وغرب اوكرانيا ورومانيا والتشيك وبعض مناطق لاتفيا وروسيا البيضاء.

الأرثوذكسية

كاتدرائية القديس ألكسندر نيفسكي الأرثوذكسيّة في مدينة  صوفيا بلغاريا.

الكنائس الارثوذكسية  هي الكنائس الرومية، والسلافية، وقد تم  انشقاق الكنيسة بين الغرب (الفاتيكان والمسماة اليوم الرومانية الكاثوليكية) وبين الشرق (الرومية، والمسماة أيضاً اليوم الرومية الأرثوذكسية. وقد استفحل هذا الانشقاق عام1054م، لأسباب سياسية أكثر منها عقائدية. أعتبرت الامبراطورية الرومية مركز ثقل الكنيسة الأرثوذكسية، وكانت عاصمتها  القسطنطينية، مركزالارثوذكسية ومركز حضاري عالمي، وأضحت أعظم مدن العالم في ذلك العصر.انتقل مركز ثقل الأرثوذكسية عقب غزو القسطنطينية إلى  روسيا حيث أعاد الأباطرة الروس من أسرة  رومانوف، حماة المذهب الأرثوذكسي، الثنائية التقليدية في قيادة الكنيسة بينهم وبين البطاركة.

الارثوذكس  هم تاني أكبر كنيسة مسيحية في أوربه وتبلغ نسبتهم 35.4% من مجمل المسيحيين أي 200,160,000، والدول والمناطق ذات الأغلبيّة من أتباع الارثوذكسية في القارة هي: ارمينيا (الارثوذكس المشرقيون)  روسيا البيضاء  بلغاريا  جورجيا، اليونان،  مقدونيا،  قبرص،  مولدوفيا،  رومانيا،  روسيا، صربيا،  الجبل الاسود واوكرانيا. كما وتوجد أقليات أرثوذكسية كبيرة في  البانيا  وفنلندا وهنغاريا وتشيكيا وسلوفاكيا والبوسنة والهرسك والمانيا  وفرنسا وبريطانيا وسوبيرا واوسيتيا الشمالية والجنوبية وابخازيا . كما وتسود الأرثوذكسية  الرومية والمشرقية  بين  المسيحيين الارثوذكس والارمن والسريان في تركيا واذربيجان وجورجيا.

البروتستانتية

كنيسةالقديس يوحنا اللوثرية في السويد

يعيش في اوربة حوالي 100,640,000  بروتستانتي ويُشكّل البروتستانت 17.8% من مجمل مسيحيين أوربه.

أوروبا هي مهد ومنشأ  البروتستانتية اللوثرية والكالفينية والانكليكانية…، فالانقلاب البروتستانتي على الكنيسة الكاثوليكية الذي قاده لوثر في المانيا  سنة 1517م ونظيره كالفن، قام لوثر  بوضع قائمة بالاعتراضات على ممارسات الكنيسة  الكاثوليكية وقد شرحها في 95 بند، فكانت تلك نقطة انطلاق الاصلاح البروتستانتي فانتشرت البروتستانتية في اوربه الشمالية ما أدى إلى ظهور عدد من المصلحين كان أبرزهم جان كالفن كما اسلفنا  وهو زعيم ومؤسس المذهب الكالفيني، الذي  يعتمد النظام المشيخي،  بان هوس وتوماس مونزر مؤسس حركة ا المعمدانية التي ظهرت بتأثير حركة  تجديدية العماد،  في عام 1534م أعلن  هنري الثامن ملك بريطانيا نفسه رئيس كنيسة انكلترا الرسمي وذلك بعدما رفض البابا ترخيص طلاقه من  كاترين اراغون، ما أدى إلى تأسيس الكنيسة الانكليكانية التي تعتمد النظام الأسقفي وحافظت على ثلاثة من اسرار الكنيسة وكانت النية بعدم ارسال اموال الاوقاف الانكليزية الكاثوليكية الى بابا رومة.وتبقى للكنيسة الانكليزية الانكليكانية.

الدول والمناطق ذات النسبة الكبيرة من أتباع  البروتستانتية في القارة هي:

  • اللوثرية:  النرويج، ايسلندا، السويد، فنلندا الدانمارك  استونيا  لاتفيا   والمانية.
  • الكالفينية:  هولندا   وسويسرا  واسكوتلندا
  • الانكليكانية:  المملكة المتحدة

توجد أقليات بروتستانتية في  فرنسا  والتشيك  وهنغارا  وايرلندا.

المسيحية في الاتحاد الأوروبي

 

تُعد المسيحية أكبر ديانة في الاتحاد الاوربي، فاستنادًا إلى احصائية  نوروبارومنتير لعام  2015 يُشكّل  المسيحيون حوالي 71.6% من سكان الاتحاد الأوروبي، ويضم الاتحاد الأوروبي أكبر تجمع مسيحي في العالم.  الكاثوليك هم أكبر جماعة مسيحية في الاتحاد الأوروبي ويشكلون نسبة 45.3% من مجمل السكان، أما البروتستانت يشكّلون 11.1%، بينما  الارثوذكس 9.6%، ويشكل المسيحيون من الكنائس الاخرى  5.6% من سكان الاتحاد الأوروبي. وبمثل المسلمون حوالي 1.8%، في حين أنّ الملحدين واللادينين يمثلون نسبة 24% من سكان الاتحاد الأوروبي. وتصل أعداد اليهود إلى مليون نسمة.

دين الدولة

مالطا تعتبر المسيحية الكاثوليكية الدين الرسمي للدولة.

غالِبيّة الدول الأوروبية تَتَّبَنّى  النظام العلماني حيث يتم دعم الفكرة من تعاليم  الكتاب المقدس:« اعطوا مالقيصر لقيصر وما لله لله» (لوقا 20-25:26). وعلى الرغم من ذلك ذلك فالديانة المسيحية هيدين الدولة في عدة بلدان أوربية حيث أنّ المسيحية هو {المعتقد الديني الرسمي الذي تتخذه هذه الدول عادةً في دساتيرها بشكل رسميّ وهذه الدول:  اليونان ( ارثوذكسية )،  دانمارك (لوثرية)، ايسلندا ( لوثرية) ليختنشتاين (كاثوليكية)،  مالطا (كاثوليكية)، موناكو (كاثوليكية) النرويج ( لوثرية) انكلترا ( انكليكانية) والفاتيكان (كاثوليكية).

هناك عدد من بلدان آخرى منها  فنلندا  (لوثرية وارثوذكسية)،  اسكتلندا ( المشيخية)، جورجيا ( ارثوذكسية)، قبرص والالزاس واللورين  في  فرنسا تعطي اعترافًا رسميًا إلى مذاهب مسيحية مُحَددّة وذلك على من عدم الرغم اعتبارها الكنيسة الرسميّة أو دين الدولة.

وعلى الرغم من كون  سويسرا بلد علماني بطبيعته ولايوجد  دين رسمي للدولة ولكن دستورها الفدرالي ما زال مُستهلا بعبارة «باسم الرب». وفي حين أن معظم الكانتونات (باستثناء جنيف ونوشاتيل) لديها كنائس رسمية، والتي إما أن تكونكاثوليكية أو (البروتستانتية) ممثلة في كنيسة الاصلاح السويسري . بعض الكانتونات تمول الكنيسة الكاثوليكية  والكاثوليك القدماء والبروتستانتية عن طريق فرض الضرائب الرسمية للمنتسبين لها.

كما وتعطي دول أوروبيّة كاثوليكية تقديرًا ومكانة مميزة للمذهب  الكاثوليكي في دساتيرها وذلك على الرغم من عدم جعلها المذهب كدين الدولة منها على سبيل المثال اندورا،  ايطاليا،  بولندا، ايرلندا،  البرتغال واسبانيا .

الأعلام ذات الرموز المسيحية

الوضع الحالي

مسيحيين أوروبييّن مجتمعين خلال يوم الشبيبة الكاثوليكية العالمي: تعد المسيحية في أوربه الديانة الرئيسية، حيث ينتمي معظم الأوروبيين إلى  المسيحية،

بحسب موسوعة بريتانيكا تعد المسيحية في أوربه الديانة الرئيسية، حيث ينتمي معظم الأوروبيين إلى الديانة المسيحية، واستناداً إلى تقرير مركز الأبحاث الأميركي المنشور 2011 يُشكّل المسيحيون 76.2% من سكان أوربه بينما بلغت نسبتهم سنة 2010 نحو 74.5% بحسب تقرير المركز المنشور 2015، وبحسب دراسة مركز بيو للأبحاث فإن  الكاثوليك هم أكبر جماعة مسيحية في أوروبا ويشكلون حوالي 46.3% من مجمل مسيحيين أوربه، بينما يشكل  الارثوذكس حوالي 35.4%، أما نسبة البروتستانت من مسيحيي أوربه فهي 17.8%. كما تُعد المسيحية أكبر ديانة في  الاتحاد الاوربي، فاستنادًا إلى احصائيةبوروبوتامير لعام 2015 يُشكّل المسيحيون  حوالي 71.6% من سكان الاتحاد الأوروبي، ويضم الاتحاد الأوروبي أكبر تجمع مسيحي في  العالم.

وفقاً لتقرير قام به مركز بيو للابحاث كانت المسيحية هي الديانة السائدة في أوربه، وتبقى الأكثرية الدينية في معظم الدول الأوروبية التي شملها الإستطلاع، وتسود الأرثوذكسية في أوروبا الشرقية، في حين تنتشر البلدان ذات الغالبية الكاثوليكية في الأجزاء الوسطى والجنوبية الغربية من أوروبا، أما البروتستانتية فهي التقليد المسيحي السائد في معظم دول  شمال اوربه، ولا سيما الدول الإسكندنافية. وبينما تقول أغلبية كبيرة في جميع أنحاء القارة أنها حصلت على  المعمودية، ومعظم البلدان الأوروبية لا تزال لديها أغلبية مسيحية صلبة، تشير استجابات المسح إلى حدوث انخفاض معتبر في الانتماء المسيحي في جميع أنحاء أوروبا الغربية. وعلى النقيض من ذلك، لم يشهد هذا الإتجاه في وسط وشرق أوروبا، حيث كانت نسبة السكان المسيحيين مستقرة أو حتى متزايدة. وفي جزء من المنطقة التي عمدت فيها الأنظمة الشيوعية إلى قمع العبادة الدينية، أظهر الانتماء المسيحي انبعاثًا في بعض البلدان منذ سقوط  الاتحاد السوفييتي في عام 1991. وفقاً لتقرير قام به  مركز بيو للابحاث المسيحية في الديانة السائدة في اوربه الغربية، حيث قال 71% من الأشخاص في 15 دولة أوروبية، أنهم يعتبرون أنفسهم مسيحيين في عام 2017. لكن نسبة المسيحيين انخفضت، خاصةً في بعض الدول، والمسيحية هي الديانة السائدة في 14 دولة من أصل 15 دولة أوروبية غربية. وبالمجمل أعتبر حوالي 46% أنفسهم  مسيحيين بالاسم وقال حوالي 18% أنه يُداوم  على حضور القداس. وبحسب الدراسة أغلبية كبيرة من أولئك الذي نشأوا كمسيحيين بقيوا يعرفون عن أنفسهم كمسيحيين عند وصولهم سن البلوغ، حيث أن حوالي 83% ممن تربوا على المسيحية في صغرهم في 15 دولة أوروبية، يعرفون عن أنفسهم كمسيحيين اليوم. والنسبة المتبقية يعرفون عن أنفسهم غير منسبين لأي دين.

أشارت بعض المصادر على أنه بالرغم من تراجع المسيحية فإن التقارير التي تدَّعي «موت المسيحية في أوربه» مبالغ فيها بشكل كبير، وأنه هناك علامات متزايدة على حدوث انتعاش مسيحي في أوربه، لكن بالكاد تم الإضاءة عنها في الصحافة، وبحسب تقرير لمجلة  ذي ايكونوميتس اعتمادا على مركز بيو، لا تزال المسيحية مهمة في اوربه الغربية، كمؤشر للهوية وشكل من المواقف، على الرغم من أن الملتزمين دينياً والمداومين على الذهاب للكنائس (18%) هم أقلية صغيرة. بحسب فيليب مازورجاك من جامعة جورج واشنطن وفقاً لمركز البحوث السوسيولوجية الإسبانية تنمو  الكنيسة الكاثوليكية في اسبانيا، والتي تتعافى بعد سنوات من التراجع في الالتزام الديني، ويشير أيضاً أن في  المجر وكرواتيا وأماكن أخرى في أوروبا الشرقية، تحدث ثورة مؤيدة للعائلة وإعادة اكتشاف الجذور المسيحية. وبحسب دراسة قامت بها مركز بيو للأبحاث عام  2017 المسيحية تنمو وتزدهر في اوربه الشرقية، ووفقا لفوكس نيوز، يقول الخبراء في الإسلام والزعماء الدينيين أن «المسيحية عادت إلى الظهور في أوربه، ويعود الفضل في معظمها إلى أن عددًا كبيرًا من المسلمين، والعديد منهم لاجئون من  سورية والعراق وافغانستان، يتحولون إلى المسيحية، وينتجون حياة جديدة في الكنائس المسيحية الأوروبية.» ويقول الخبراء أن المسلمين يتدفقون على الطوائف المسيحية المختلفة، بما في ذلك البروتستانتية أو الأنجليكانية أو الكاثوليكية، وأشارت مصادر أخرى أن الآلاف من اللاجئين المسلمين يبتعدون عن دينهم ويعتنقون المسيحية في أوربه وسط العنف المستمر في الشرق الأوسط. ووفقا لمصادر، فإن العديد من اللاجئين المسلمين ممن يتحولون للمسيحية يهدفون لتحسين فرصهم في قبول طلبات اللجوء خصوصا في ألمانيا وبريطانيا، على الرغم من تصريح معظمهم بأن الاعتقاد الصحيح بالمسيحية  هو الذي دفعهم لاعتناقها. ويشير  مركز بيو للابحاث أنه بينما من المتوقع أن يكون لدى أوربه عدد أقل من المسيحيين، من المتوقع أن تبقى أوربه ذات أغلبية مسيحية في عام 2050، ومن المتوقع أن يكون حوالي 65% من الأوروبيين من المسيحيين.

التدين

قداس في كنيسة كاثوليكية

شهدت بعض الدول الأوروبية انخفاضًا في عضوية الكنيسة وحضور الكنيسة. وهناك مثال ذو صلة على ذلك وهو السويد حيث كنيسة السويد اللوثرية يشكل معتنقيها حوالي 82.9% وذلك عام 2000. أظهرت المسوحات الاخيرة أن النسبة قد انخفضت إلى 72.9% بحلول عام 2008. أفضى ذلك إلى ظهور شريحة المسيحية الثقافية وهو مصطلح واسع يستخدم لوصف أشخاص مسيحيين اسميًا ذوي خلفية تراثية  وحضارية مسيحية وينتمون إلى المسيحية من ناحية عرقية أو ثقافية أو دينية أو تعليمية أو بسبب الروابط العائليّة.

شهدت في الآونة الأخيرة البلدان البروتستانتية تقليديًا انخفاضًا عاًما في حضور الكنيسة والمداومة على الصلاة والطقوس الكنسية منذ  1970. منها المانيا وانكلترا  وهولندا والدول الاسكندنافية، وذلك على الرغم من احتفاظ الكنائس البروتستانية بنسب عالية من الأعضاء المنتمين لها. بالمقابل فإن الإتجاهات نحو  العلمانية في الدول  الكاثوليكية التقليدية والأرثوذكسية أقل وضوحًا. فمثلًا اليونان بصفتها الدولة الوحيدة الأرثوذكسية الشرقية تقليديًا في أوربه والتي لم تكن جزءًا من الكتلة الشيوعية تحتفظ أيضًا بنسب تدين عالية جدًا، مع ما يزيد على 95% من  اليونانيين ينتمون إلى الكنيسة الارثوذكسية. دول كاثوليكية مثل مالطة، بولندا، ايرلندا،  النمسا،  البرتغال واسبانيا فضلًا عن  ايطاليا لا تزال نسب المداومين على حضور القداس والمنخرطين في سلك الكهنوت مرتفعة.، كذلك الأمر بالنسبة لدول أرثوذكسية مثل  اليونان وقبرص ورومانيا ومقدونيا وصربيا وجورجيا والجبل الاسود؛ من جانب آخر شهدت دول كاثوليكية تقليديًا مثل فرنسا تراجع في عدد المنخرطين في سلك الكهنوت ونسبة المداومين على حضور القداس.

تشير عدد من التقارير إلى ارتفاع التدين والتعميد وحضور الطقوس الدينية في عدد من دول اوربه الشرقية الشيوعية سابقًا مثل  روسيا وبلغاريا ورومانيا وبولندا وجورجيا وحتى البانيا، وعلى جانب آخر أشارت تقارير أخرى حول دول شيوعية سابقة حيث تصل نسبة المداومين والمؤمنين فيها إلى أدنى مستواياتها مثل  تشيكيا (19%، تقليديًا كاثوليكية)  واستونيا (16%، تقليديًا دولة لوثرية). وفي دراسة لمركز بيو للابحاث سنة 1996 وجدت أن المداومين على حضور القداس في الدول الأوروبية أعلى بين النساء، والمتقدمين في العمر، ومع اولئك الذين من خلفية أو تلقوا تربية صارمة، والمتزوجون وأولئك الذين لديهم أعلى مستويات من التعليم العالي ويحملون  شهادات جامعية، ومن يميلون نحو اليمين السياسي.

دراسة غالوب

خلال الفترة بين الأعوام 2007 و2008 طلب استطلاع أجرتهمؤسسة غالوب في العديد من الدول الأوروبية الإجابة على السؤال «هل الدين يحتل مكانة هامة في حياتك؟»، في استونيا كانت أعلى نسبة لمن أجاب بلا إذ بلغت النسبة 84%، جمهورية التشيك بلغت النسبة فيها 74%، الدول الإسكندنافية أيضًا نسبة عالية أجابوا بلا. كذلك الأمر في هولندا 66%، بالمقابل كانت النسب المنخفضة في الإجابة بكلا لأهمية الدين في رومانيا 18% وبولندا 23%  وقبرص 24% وايطاليا 26%  والبرتغال  وارمينيا أقل من 29%.

وفي دراسة أخرى قامت بها مؤسسة غالوب سنة 2004 حول نسب حضور الكنيسة والصلوات والمناسبات الدينية بشكل أسبوعي:

دولة الحضور (%) دولة الحضور (%) دولة الحضور (%) دولة الحضور (%)
 النمسا 18%  بلجيكا 7%  المملكة المتحدة 14%  الدنمارك 3%
 قبرص 25%  التشيك 11%  إستونيا 4%  فنلندا 5%
 فرنسا 12%  اليونان 27%  المجر 12%  أيسلندا 10%
 جمهورية أيرلندا 46%  إيطاليا 31%  لاتفيا 7%  ليتوانيا 14%
 مالطا 75%  النرويج 3%  بولندا 63%  البرتغال 29%
 سلوفاكيا 33%  سلوفينيا 18%  إسبانيا 21%  السويد 5%

وول ستريت جورنال يوروب

كشف الاستطلاع، الذي أجري للطبعة الأوروبية من صحيفة وول ستريت جورنال يوروب، أن 72% من البريطانيين يؤمنون بوجود الخالق. أظهر الاستطلاغ أيضًا أن نسبة الذين يمارسون معتقداتهم من هؤلاء، مثل الذهاب إلى  الكنيسة أو مسجد مرة أو مرتين في الأسبوع، لم تتعدَ 24%، بالمقارنة مع 61% في بولندا و72% في تركيا.

وحين سئلت العينة الاستطلاعية، إن كانوا يمارسون شعائر معتقدهم الديني، أجاب 20% من الذين يؤمنون بأحد الأديان تقريبًا لا. واجاب 22% فقط بين مرة وأربع مرات في السنة.

بالنسبة للممارسة الدينية، في  ايطاليا تصل نسبة الممارسين إلى 85% وتصل في رومانيا إلى 97%.

وأظهر المسح حول نسبة الملحدين في الدول الأوروبية ان  جمهورية التشيك تأتي في المقدمة بنسبة 49%، ثم هولندا41%،  والدانمارك 37%  والمانيا 37%،  وبلجيكا 36%، والسويد 30%.

أمّا أكثر البلدان الأوروبية إيمانًا فتأتي  رومانيا في المقدمة 96% ثم  اليونان 92%،  وبولندا 90%، ثم ايطاليا 86%،  والنمسا 73%، ثم  سويسرا 73%.

وحول ممارسة الشعائر الدينية مرة في الأسبوع على الأقل كشف المسح أن النسبة 61% في بولندا، مقارنة بـ 39% في إيطاليا، و24% في بريطانيا و24% في سلوفاكيا. ويأتي السويديون كأعلى نسبة في عدم ممارسة الشعائر الدينية 50% والدنماركيون 49% والاسبان 44% والبلجيكيون 42%.

بين الشباب

شبيبة جامعيَّة تؤدي الصلوات فيكاتدرائية نوتر دام باريس.

وفقاً لدراسة معهد بيو في عام 2010 كان هناك حوالي 103.9 مليون مسيحي من عمر 15 حتى 29 سنة في أوروبا أي حوالي 70% من مجمل الأوروبيين من عمر 15 حتى 29 سنة، ومن المتوقع أن تنخفض أعداد المسيحيين من عمر 15 حتى 29 سنة إلى 66.6 مليون في عام 2050 أي حوالي 62% من مجمل الأوروبيين من نفس الفئة العمرية، وهي حالة موازية لمجمل السكان حيث من المتوقع أن تنخفض أعداد الأوروبيين من عمر 15 حتى 29 سنة من 148.1 مليون في عام 2010 إلى 107.8 مليون في عام 2050 وفقاً لمسح رابطة مسح القيم العالمية 2012 فإن نسبة المسيحيين بين عينة تبلغ 1,817 شخص لشباب من دول أوربية غربية (من ضمنها فنلندا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وهولندا، والنرويج، وإسبانيا والسويد) بين عمر 15 إلى 29 سنة هي 58.6%، وعلى الرغم من أن الشباب كان أكثر احتمالاً من كبار السن أن يقولوا إنهم «لا دينيين»، لا تزال المسيحية الديانة السائدة بين فئة الشباب. وبحسب بيانات من دراسة القيم الأوروبية بين عام 2008 حتى 2010 يُعرَّف غالبية المستجيبين الشباب من عمر 16 وسن 24 أنهم ينتمون إلى طائفة مسيحية، والمعتقد المسيحي لا يزال يمثل الدين السائد في جميع أنحاء أوروبا. وبحسب البيانات شهد الانتماء الديني تراجعاً سريعا بمرور الوقت في جميع أنحاء أوروبا، مع إستثناءات في  لاتفيا والدول ذات الأغلبية الأرثوذكسية في اوربة الشرقية، والتي شهدت نمواً في الانتماء أو الهوية الدينيَّة. وعلى الرغم من التراجع في الانتماء والالتزام الديني، فإن غالبية الشباب في معظم الدول الأوروبية يؤمنون بالله.

بحسب بيانات من دراسة القيم الأوروبية بين عام 2010 حتى 2012 يُعرَّف حوالي 68% من المستجيبين الشباب الأوروبيين من عمر 16 وسن 29 في تسعة دول أوروبية غربية أنهم ينتمون إلى طائفة مسيحية، وأشارت الدراسة أن الإحياء المسيحي بين الشباب واضح في إيطاليا والبرتغال والدنمارك. ومعتدل في النمسا وألمانيا والسويد. وخفيف في بلجيكا وفرنسا وهولندا؛ بالمقابل فإنه يغيب في أيرلندا وإسبانيا وبريطانيا. ويبرز الإحياء الديني أكثر بين الشباب الكاثوليكي بالمقارنة مع الشباب البروتستانتي. وكان تراجع التدين أكثر حدة بين النساء المتعلمات تعليماً عالياً وبين العمال اليدويين والعاطلين عن العمل، في حين أن التجديد المسيحي أقوى قليلاً بين الرجال المتعلمين، وكبار المديرين وأصحاب المهن الحرة. وبينت الدراسة أن الانتماء الديني بين الشباب في إسبانيا وأيرلندا وفرنسا وهولندا والسويد وبريطانيا آخذ في الانخفاض. في حين شهدت البلدان الأخرى استقرار نسبي (بلجيكا) أو ارتفاع (إيطاليا وألمانيا والنمسا وسويسرا). كما شهدت البرتغال وفنلندا ازدياد في الانتماء الديني من عام 2010 إلى عام 2012.

في عام 2017، في تقرير صادر عن جامعة سانت ماري في لندن فإن المسيحية تتراجع بين الشباب في أوروبا. في ما لا يقل عن عشرة من أصل 29 دولة أوروبية تم مسحها من قبل الباحثين من القيم الأوروبية على متوسط عينة بلغ حوالي 629 شخص، أفاد غالبية الشباب من عمر 16 إلى 29 سنة أنهم غير منتسبين لديانة.وتم الحصول على البيانات من خلال سؤالين، الأول «هل تعتبر نفسك تنتمي إلى أي دين معين أو طائفة معينة؟» إلى العينة الكاملة والسؤال الآخر «أيهما؟» إلى العينة التي أجابت بـ «نعم»، حيث يؤدي استخدام صياغة ومنهجية الأسئلة الخاصة ببيانات دراسة القيم الأوروبية من خطوتين إلى الحصول على نسبة أقل للمستجيبين المنتمين دينياً (بما في ذلك المسيحيون) في أوروبا، وذلك على خلاف الإستطلاعات الأخرى التي حصلت على البيانات من خلال إتباع منهجية سؤال شامل وهو، «ما هو دينك الحالي إن وجد؟ هل أنت مسيحي أو مسلم أو يهودي أو بوذي أو هندوسي أو ملحد أو لا أدري أو شيء آخر أو لا شيء على وجه الخصوص؟». وبحسب الدراسة تربى معظم (80%) الشباب غير المنتسبين لديانة من دون ديانة أو معتقد في دولتي فرنسا والمملكة المتحدة، في حين تربى نحو سبعة أثمان الباقي على المسيحية وثمن من أتباع ديانات غير مسيحية، وبحسب الدراسة كانت الدول الست الأكثر «مسيحية» هي بلدان ذات أغلبية كاثوليكية، وتضم كل من ايرلندا والبرتغال وانمساوبولندا وليتوانيا وسلوفينيا.

ديموغرافيا

حسب المناطق

كاتدرائية نوتردام، ريمس: مركز الحياة الدينية في المدينة.
المسيحية في أوربه
منطقة عدد السكان عدد المسيحيين % نسبة المسيحيين % النسبة من مسيحيي العالم
أوروبا الشرقية 292,082,000 231,014,000 79.09% 10.74%
أوروبا الشمالية 97,547,000 73,684,000 75.53% 3.42%
أوروبا الجنوبية 147,348,000 130,717,000 88.71% 6.08%
أوروبا الغربية 190,106,000 115,496,000 71.0%[208] 5.37%
المجموع 727,083,000 565,560,000[2] 76.2%[2] 25.9%[2]

حسب البلد

القائمة تستعرض أكبر الدول ذات التجمعات المسيحية من حيث عدد السكان؛ القائمة أُخذت من دراسة قام بها مركز بيو عام 2010:

الترتيب الدولة عدد السكان المسيحيين % المسيحيين المذهب السائد
1  روسيا 105,220,000 73.6% أرثوذكسية شرقية
2  ألمانيا 58,240,000 70.8% كاثوليكية وبروتستانتية
3  إيطاليا 51,550,000 85.1% كاثوليكية
4  المملكة المتحدة 45,030,000 72.6% بروتستانتية
5  فرنسا 39,560,000 63.0% كاثوليكية
6  أوكرانيا 38,080,000 83.8% أرثوذكسية شرقية
7  إسبانيا 36,240,000 78.6% كاثوليكية
8  بولندا 36,090,000 94.3% كاثوليكية
 إنجلترا 35,251,244 71.7% بروتستانتية أنجليكانية
9  رومانيا 21,380,000 99.0% أرثوذكسية شرقية
10  اليونان 10,160,000 89.5% أرثوذكسية شرقية
11  البرتغال 10,110,000 94.7% كاثوليكية
12  هولندا 8,500,000 51.2% كاثوليكية وكالفينية
13  المجر 8,260,000 82.7% كاثوليكية
14  صربيا 7,260,000 93.5% أرثوذكسية شرقية
15  النمسا 6,970,000 83.0% كاثوليكية
16  بلجيكا 6,860,000 64.1% كاثوليكية
17  بيلاروس 6,830,000 71.2% أرثوذكسية شرقية
18  سويسرا 6,350,000 82.9% كاثوليكية وكالفينية
19  السويد 6,310,000 67.2% بروتستانتية لوثرية
20  بلغاريا 6,300,000 84.1% أرثوذكسية شرقية
21  سلوفاكيا 4,730,000 86.5% كاثوليكية
22  الدنمارك 4,610,000 83.1% بروتستانتية لوثرية
23  فنلندا 4,380,000 81.6% بروتستانتية لوثرية
24  أيرلندا 4,210,000 94.1% كاثوليكية
25  النرويج 4,380,000 86.2% بروتستانتية لوثرية
26  كازاخستان 4,150,000 26.2% أرثوذكسية مشرقية
27  جمهورية التشيك 4,140,000 39.4% كاثوليكية
28  كرواتيا 4,110,000 93.4% كاثوليكية
29  جورجيا 3,890,000 89.3% أرثوذكسية شرقية
30  مولدوفا 3,480,000 97.5% أرثوذكسية شرقية
 إسكتلندا 3,294,545 65.1% مشيخية وكاثوليكية
31  أرمينيا 3,040,000 98.5% أرثوذكسية مشرقية
32  ليتوانيا 2,980,000 89.8% كاثوليكية
 ويلز 2,087,242 71.9% أنجليكانية وكاثوليكية
33  البوسنة والهرسك 1,980,000 52.7% أرثوذكسية شرقية وكاثوليكية
34  لاتفيا 1,631,000 80.0% لوثرية وكاثوليكية
35  سلوفينيا 1,610,000 79.2% كاثوليكية
 أيرلندا الشمالية 1,490,588 82.3% بروتستانتية وكاثوليكية
36  مقدونيا 1,340,000 65.2% أرثوذكسية شرقية
37  قبرص 810,000 73.2% أرثوذكسية شرقية
38  ألبانيا 580,000 18.0% أرثوذكسية شرقية وكاثوليكية
39  إستونيا 540,000 39.9% بروتستانتية لوثرية وأرثوذكسية شرقية
40  الجبل الأسود 500,000 78.8% أرثوذكسية شرقية
 ترانسنيستريا 451,000 95.0% أرثوذكسية شرقية
41  مالطا 400,000 97.0% كاثوليكية
42  لوكسمبورغ 360,000 70.4% كاثوليكية
43  تركيا 320,000 0.4% أرثوذكسية مشرقية
44  آيسلندا 300,000 95.0% بروتستانتية لوثرية
45  أذربيجان 280,000 3.0% أرثوذكسية شرقية
 كوسوفو 240,000 11.4% بروتستانتية لوثرية
 جيرزي و غيرنزي 130,000 85.2% بروتستانتية أنجليكانية
46  أندورا 80,000 89.5% كاثوليكية
 جزيرة مان 70,000 84.1% بروتستانتية أنجليكانية
 جزر فارو 50,000 98.0% بروتستانتية لوثرية
47  سان مارينو 30,000 91.6% كاثوليكية
48  ليختنشتاين 30,000 91.9% كاثوليكية
49  موناكو 30,000 86.0% كاثوليكية
 جبل طارق 30,000 88.8% كاثوليكية
 جزر أولاند 23,110 78.4% بروتستانتية (لوثرية)
 سفالبارد 2,640 99.0% بروتستانتية (لوثريّة)
50   الفاتيكان 800 100.0% كاثوليكية

أعلام مسيحيون أوروبيون

على مر العصور ساهم كل من رجال الدين والعلمانيين المسيحيين الأوروبيين على حد سواء مساهمات كبيرة في تطوير  الحضارة الإنسانيّة، القائمة تستعرض بعض أبرز أعلام مسيحيون أوروبا على مختلف طوائفهم؛ كما ويُذكر أن هناك المئات من المسيحيون الأوروبيون البارزين الذين ساهموا في الحضارة الإنسانية والمجتمع الغربي من خلال تعزيز وتطوير العلوم والمعارف كلها مع المسرح والاقتصاد والسياسة والفلسفة،

صور آثار ومعالم مسيحية في أوربه

ويكيبيديا

زيتون د. جوزيف ناريخ الكنيسة

زيتون د. جوزيف تاريخ الكرسي الانطاكي

زيتون د. تاريخ الانشقاق

سميرنوف تاريخ الكنيسة

رستم د. اسد تاريخ الكنيسة ونحن ورومة والفاتيكان

خريسوستموس تاريخ الكنيسة