مطران القدس في المنفي هيلاريون كبوجي…مشعل سوري مسيحي لأجل فلسطين حرة عربية
مطران القدس في المنفي هيلاريون كبوجي…مشعل سوري مسيحي لأجل فلسطين حرة عربية
أن تؤمن بقضيّةٍ، معناه أن تبذل كل جهد متاح، وتسخّر كل ما لديك لخدمتها، فكيف إن كانت قضية القضايا “فلسطين”؟ هنا يختلف الأمر قليلاً؛ فهي قضية قد تكلّف مناصرها -بالقول والفعل- مستقبله، وربما حياته، فأي إيمانٍ يلزم من يصمّم على مناصرتها وهو يعلم العواقب؟
إنه ابن “حلب”، السوري الذي خلع ثوب الطوائف، ولبس ثوب الإيمان، خلع ثوب التعصب، ولبس ثوب العروبة، ولقبّه الكثيرون بـ”أيقونة القدس”.. إنه المطران المناضل “هيلاريون كبوجي”
السيرة الذاتية
المطران كبوجي من مواليد مدينة حلب عام 1922 وأصبح مطراناً لكنيسة الروم الكاثوليك في القدس عام 1965. واعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي المطران كبوجي في العام 1974 وتم اعتقاله من قبل سلطات الاحتلال الصهيوني في آب 1974 أثناء محاولته تهريب أسلحة للمقاومة الفلسطينية، وحكمت عليه محكمة عسكرية بالسجن 12 عاماً. أفرج عنه بعد أربع سنوات بوساطة من الفاتيكان، وأبعد عن “فلسطين” في تشرين الثاني 1978، وأمضى حياته بعد ذلك في المنفى في “روما” حتى وفاته في اليوم الأول من عام 2017، ورفضت سلطات الاحتلال الصهيوني تنفيذ وصيته بدفنه في “القدس” المحتلة، فدفن بجوار والدته في بلدة “صربا” اللبنانية
ورغم النفي والإبعاد واصل المطران كبوجي نضاله من أجل الشعب الفلسطيني وشارك في العام 2009 في أسطول الحرية لإغاثة أهالي غزة المحاصرين التي أوقفتها سلطات الاحتلال وصادرت كل ما فيها وطردت الناشطين إلى لبنان كما شارك في أسطول الحرية على متن سفينة مافي مرمرة عام 2010. وشارك المطران كبوجي في العديد من الوقفات التضامنية التي جرت في المدن الإيطالية بهدف التأكيد على دعم الشعب السوري في مواجهة الإرهاب والمطالبة بوقف العدوان الخارجي على سورية وكرّمته العديد من الدول العربية.
قال فيه المفتي عكام
«مقاوم وطني، هو بحقّ سوريٌّ وفيّ، وعربيٌّ غيور، رأيته وحادثته وراسلته، فكان كما ذكرت ووصفت، إن تحدث عن “سورية”، فحديث عشقٍ وانتماء واعٍ، وإن كلّمك عن “فلسطين”، فأنت أمام فدائيّ نبيل، ولأنه كذلك؛ صودرت حريته أربعة أعوام في سجون مغتصبي “فلسطين”، الصهاينة المجرمين»؛
وأضاف المفتي “عكام”: «المطران “كبوجي” أقام في “إيطاليا” جسماً، لكنّ قلبه كان متجذراً في تربة “سورية” الطاهرة، وكانت “سورية” الغالية ساكنة ذراته
له مني كل التقدير والإكبار، بل من كل شريف في العالم عامة، وفي “سورية” الحبيبة خاصة، مدينته “حلب” حزينة على فراقه».
أما الكاتب والإعلامي اللبناني “روبير بشعلاني”، فوصف الراحل الكبير بأنه كان عربياً لم يلتفت إلى أصوله وعنصريته أو قرابته، وقال: «كان خصماً للظلم والنهب والاحتلال من دون تمييز عنصري، وكان مقاوماً بالممارسة وليس فقط بالموقف، بل ربط القناعة بالممارسة، وكان شجاعاً في ذلك ومنطقياً مع أفكاره وقناعاته، على الرغم من مخاطر ذلك عليه شخصياً وعلى مرتبته الكنسية».
واستفاض ابن البلد الذي عشقه الراحل الكبير، الكاتب الفلسطيني “سعادة النابلسي” في الحديث عنه، فقال: «إن جانبتُ الحزن كشعور إنساني على رحيل المطران “كبوجي”، الذي له ما يكبحه من عوامل تعود إلى القدر أو تقدم سنّ الراحل الكبير، فإنني سألتفت بلا شك إلى ما كان يمثله الرجل من رمزية لمرحلة مغايرة تماماً لما نعيشه كعرب، ولما تعيشه القضية الفلسطينية ككل؛ فـ”كبوجي” ينتمي إلى مرحلة النضال القومي والوطني، وهو ابن مرحلة التحرر من الاستعمار ومرحلة بناء دولة ما بعد الاستقلال، وهو الشاهد على ضياع “فلسطين” وتشريد شعبها كباقي جيله.
فلسطين تنعي المطران كبوجيولعل تميّز الرجل لا ينبع من جنوحه للخيار المقاوم في شكله العسكري -الذي أصبح لصيقاً لذكره وذكراه- بل في صبغة المعركة في حياته ونضالاتها».
وأضاف “النابلسي”: “”كبوجي” ابن جيل اختار القومية والوطنية واليسارية خطوطاً لتحرير “فلسطين”، وجعل من النهضة والتحرر العربي بأكمله، معطى لا يمرّ إلا من بوابتها، ومن جيل لم يكن فيه الدين إلا الإضافة إلى الهوية التحررية. كان “كبوجي” وربما غيره من رجال دين مسيحيين ومسلمين على اختلاف طوائفهم، ورثة أنبياء حقيقيين في المقاومة والنضال والدور الذي قلّ نظيره.
يغادرنا “كبوجي” وقد خلع الإسلام السياسي عن “فلسطين” وتحريرها وعروبتها ووطنيتها وحتى إنسانيتها، لتصبح القضية المركزية خلافاً بين مؤمنين وكفّار.”
الرئيس الفلسطيني محمود عباس: المطران كبوجي مناضل كبير
هذا ونعى الرئيس الفلسطيني محمود عباس المطران كابوجي واصفاً إياه بالمناضل الكبير.
كما نعت الحكومة الفلسطينية برئاسة رامي الحمد الله المطران كبوجي، وقال المتحدث الرسمي باسم الحكومة يوسف المحمود “إنّ رحيل المطران كبوجي ترك حزناً عميقاً في قلب كل فلسطيني نظراً للمسيرة النضالية الحافلة والمواقف الوطنية التي تمسك بها المطران ودفاعه عن الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية إلى جانب مكانته وسمو منزلته الدينية”.
المفتي حسون: المطران كبوجي رجل حياة ونموذج لقائد ديني
من جهته قال مفتي سورية الشيخ أحمد بدر الدين حسون إن “المطران كبوجي ولد في حلب وعشقها لكنها اختار القدس ليسقر فيها، وفي حلب شارع باسمه، وهو رجل حفظ الكنيسة والقدس وافتدا القدس بروحه ودمه وكان رجل الحياة..ونموذج لقائد ديني”.
وفي حديث للميادين قال مفتي سوريا “اليوم يغيب رجل بجسده لكنه سيبقى ذكرى لكل القادة الدينيين في العالم.. ستذكرك القدس وحلب وسوريا وكل إنسان حر شريف”.
وأكّد المفتي حسون أن المطران كبوجي عرّض نفسه للموت ليكون داعماً للمقاومة.
وذكّر مفتي سورية باتصال حصل بينه وبين المطران كبوجي قبل أسبوع فقط من وفاته وقال “كان همّه الوحيد أن يرى مدينته حلب وقد حُرّرت وقال إن لديه شعور بأنه سيرحل قريباً”.
أما الرئيس الفلسطيني عباس زكي فقد رأى في رحيل المطران كبوجي خسارة لفلسطين والقدس.
عباس زكي: المطران كبوجي تشرّب ثقافة المقاومة وناضل لإبراز القضية الفلسطينية…
وقال زكي في حديث لقناة الميادين “لقد خسرنا قامة هامّة من أبناء السيد المسيح الأوفياء للمبادئ والقيم، وخسرنا مطران القدس الذي كان سوري المولد وفلسطيني الانتماء وكرّس حياته عطاءً وقيماً وكفاحاً ضدّ أعداء فلسطين والأمة العربية”.
وأشار زكي أن المطران كبوجي هو “ممن تشرّب ثقافة المقاومة وناضل على كل المستويات لإبراز القضية الفلسطينية…وكان محباً لكلّ المناضلين الأوفياء وكان يعتبر نفسه في استنفار دائم رغم تقدّمه في العمر”.
المطران حنا: الصوت المسيحي العربي لن يصمت
المطران عطالله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس في الكرسي الاورشليمي الارثوذكسي قال عنه وفي حديث للميادين:”إنّ القدس بأقصاه وبكنيسة القيامة وبأبنائها لن تنسى المطران كبوجي الذي ضحى من أجلها، واصفاً الراحل كبوجي بالمدرسة العربية الإسلامية والمسيحية من أجل الحق.”
وأشار المطران حنا إلى أنّه في لقائه الأخير مع الراحل كبوجي في روما تمنّى الأخير أن يصلّي وأن يدفن في القدس، وأنه كان يقول إنّ مَن يحب سورية يحب فلسطين ويدافع عن القدس.
وأضاف المطران حنا إنّ المتآمر على فلسطين هو المتآمر على سورية وإنّ الراحل كبوجي كان حزينا جداً على ما يجري في سورية..
المطران حنا أكّد أن الصوت المسيحي العربي لن يصمت ولن تتمكن إسرائيل ومن ينفذ أجنداتها من إسكات هذا الصوت، وأنّ الصوت المسيحي سيبقى عالياً في الدفاع عن فلسطين والقدس وهذه وديعة الراحل كبوجي.
وأوضح المطران حنا أنّ الاحتلال الإسرائيلي يرفض أن يكون هناك صوت مسيحي عروبي يدافع عن فلسطين كالراحل كبوجي، قائلاً “الراحل كبوجي بقي ثابتاً في تأدية رسالته تجاه فلسطين رغم الضغوط عليه في روما وغيرها لإسكاته…”
البطريرك لحام: الراحل كبوجي انتقل من القدس الأرضية إلى القدس السماويةالبطريرك غريغوريوس الثالث لحام بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الكاثوليك (سابقاً) قال من جهته إنّ الراحل كبوجي كان مثالاً في التضحية من أجل فلسطين، وانتقل من القدس الأرضية إلى القدس السماوية وكان نبراساً ونوراً إلى اكتشاف معنى فلسطين والقدس.
وفي اتصال له مع الميادين قال البطريرك لحام إنّ الراحل كبوجي هو بطل من أبطال القضية الفلسطينية وهو قمة المقاومة في الدفاع عن القضية الفلسطينية وأبنائها جميعاً. وأضاف البطريرك لحام أنّ الراحل كبوجي أشعل القضية كلها بكلمته عندما قال “إنّ الأرض لنا فلسطين هي أرضنا وأُمّنا” خلال محاكمته من قبل سلطات الاحتلال”. “المطران كبوجي كان سلاحه الصلاة ومعنويات عالية ويمثل الصدق والإخلاص للقضية الفلسطينية وهو شخصية فلسطينية سورية عربية شاملة” يقول البطريرك لحام، مضيفاً “نحتاج الى كبوجي الصادق والمدافع عن القضية الفلسطينية”. وختم البطريرط لحام بالقول “بعد أن يكون هناك سلام في سوريا سيكون للقدس ولفلسطين سلام آتٍ آتٍ، وسنكون كلنا مسيحيون ومسلمون في خدمة قضية فلسطين الإنسانية والعالمية”.
Beta feature
Beta feature
اترك تعليقاً