جرائم الاعتداء على العرض
جرائم الاعتداء على العرض
تعدّ الجرائم الواقعة على العرض من الجرائم الخطيرة لكونها تقع على الأشخاص، وتمس أعراضهم، وتؤذيهم في كرامتهم، وتلحق العار بهم لوقوعها في مواضع العفة والتي يحرص كثيراً الإنسان على الحفاظ عليها، لأن ذلك يتعلق بكرامة الإنسان، صانته جميع الشرائع السماوية والقوانين على مر العصور، لذلك أفرد المشرّع السوري نصوصاً قانونية رادعة لمرتكبي مثل هذه الجرائم تماشياً مع المبدأ القانوني “لا جريمة ولا عقوبة بدون نص قانوني”.
ويمكن تقسيم الجرائم الواقعة على العرض وفق ما هو منصوص عليه بقانون العقوبات السوري إلى أربعة أنواع هي
1- الاغتصاب.
2- الفحشاء (الفعل المنافي للحشمة).
3- الخطف.
4- الإغواء والتهتك وخرق حرمة الأماكن الخاصة بالنساء
اولاً الاغتصاب
عالج المشرع السوري جرم الاغتصاب في المواد 489-492 من قانون العقوبات.
نص المادة (489)
“1- من أكره غير زوجه بالعنف أو بالتهديد على الجماع عوقب بالأشغال الشاقة خمس عشرة سنة على الأقل.
2- ولا تنقص العقوبة عن إحدى وعشرين سنة إذا كان المعتدى عليه لم يتم الخامسة عشر من عمره”.
ونصت المادة (490) على أنه
“يعاقب بالأشغال الشاقة تسع سنوات من جامع شخصاً غير زوجه لا يستطيع المقاومة بسبب نقص جسدي أو نفسي أو بسبب ما استعمل نحوه من ضروب الخداع”.
وجاء في المادة (491) أنه
“1- من جامع قاصراً (لم يتم الخامسة عشرة من عمره) عوقب بالأشغال الشاقة تسع سنوات.
2- ولا تنقص العقوبة عن خمس عشرة سنة إذا كان الولد لم يتم الثانية عشرة من عمره”.
نصت المادة (492) على أنه: “1- إذا جامع قاصراً متماً الخامسة عشرة وغير متم الثامنة عشرة من عمره أحد أصوله شرعياً كان أو كان غير شرعي أو أحد أصهاره لجهة الأصول وكل شخص مارس عليه سلطة شرعية أو فعلية أو أحد خدم أولئك الأشخاص عوقب بالأشغال الشاقة تسع سنوات.
2- ويقضى بالعقوبة نفسها إذا كان المجرم موظفاً أو رجل دين أو كان مدير مكتب استخدام أو عاملاً فيه، فارتكب الفعل مسيئاً استعمال السلطة أو التسهيلات التي يستمدها من وظيفته”.
تعريف الاغتصاب
هو الاتصال الجنسي مع امرأة دون رضاها، وهو لا يمكن وقوعه إلا من رجل على أنثى، ولا بد من وقوع الإيلاج في فرجها، ولا يمكن أن يعد الإيلاج في الخلف اغتصاباً وإنما يدخل ضمن جرائم الفحشاء وهو الفعل المنافي للحشمة.
1- أركان جريمة الاغتصاب
يشترط لقيام جريمة الاغتصاب توافر ثلاثة أركان
أ- الركن المادي وهو فعل الوقاع أو الوطء، وفيه لا بد من مواقعة الأنثى ويتم ذلك بالإيلاج بالعضو الذكري في قُبل المجني عليها “من الأمام”، قسماً منه أو كلياً، أي إن هذه الجريمة لا تتوافر الا بحدوث الوطء الطبيعي. ولا يعد الإيلاج من الخلف اغتصاباً، إنما هو فعل منافٍ للحشمة حتى لو وقع بغير رضا المجني عليها. ولا يعد وضع الإصبع في فرج المجني عليها اغتصاباً، ويجب أن يقع الاعتداء من قِبَل رجل قادر على الإيلاج، فإن كان الجاني غير قادر على الإيلاج بسبب صغر سنه، أو بسبب حالة مرضية فلا تتوافر هنا جريمة الاغتصاب.
وهناك حالات يكون الجاني قادراً على الإيلاج ولكن تحول دون ذلك أسباب خارجة عن إرادته كمقاومة المجني عليها ومنع الجاني من إتمام غرضه أو قدوم أحد الناس لنجدتها، ففي هذه الحالة يكون الجاني قد بدأ بأفعال تنفيذية وهذا ما يسمى بالشروع والذي عاقب عليه القانون كالفعل التام إذ لا يمكن تخفيف العقوبة إلى النصف ووفق ما تم ذكره بأحكام المادتين (199) و(200) من قانون العقوبات.
ب- عدم الرضا هو عدم رضا المجني عليها بالمواقعة على أن تكون المواقعة غير شرعية، أي لا بد من توافر عنصر الإكراه وعدم الرضا والقبول بالفعل، فالزوج الذي يواقع زوجته كرهاً في حال قيام الزوجية لا يمكن اعتباره مرتكباً جرم الاغتصاب، لأنه يملك حق مواقعتها بموجب عقد الزواج ولو كان بغير رضاها. أما إذا حدثت المواقعة برضى المجني عليها وإرادتها فلا جريمة إذا كانت بالغة راشدة، فاستعمال القوة هنا يعد من الأركان الأساسية للجريمة، كذلك لا يجوز افتراض استعمال القوة افتراضاً بل يجب وقوعه فعلاً، وإن عدم صراخ الفتاة أو بكائها أو اشتكائها او استغاثتها في أثناء فض بكارتها أو بعده، وسكوتها فترة طويلة عن الأمر الذي أفشاه الفاعل نفسه، ينفي وقوع الاغتصاب بالعنف أو الإكراه أو التهديد (نقض سوري جناية /1061/ قرار/1381/ تاريخ 30/12/1975). وقد يكون الإكراه مادياً أساسه العنف والتهديد فيلجأ الجاني إلى استعمال القوة المادية كقيامه بكسر الأبواب أو النوافذ للوصول إلى المجني عليها، ومن ثم يمارس عليها عنفاً أو تهديداً لمواقعتها. أما إن سلّمت نفسها له برضاها فلا وجود هنا للإكراه المادي، ويشترط بهذه القوة التي يستعملها الجاني أن تكون كافية لمنع مقاومة المجني عليها، وقد تترك استعمال هذه القوة آثارها، وهي مسألة موضوعية متروك أمر تقديرها لمحاكم الموضوع ضمن سلطتها التقديرية.
وقد يكون الإكراه معنوياً أساسه الاستغراق بالنوم أو فقدان الشعور والاختيار كالجنون والعته أو استعمال السلطة في حال القصر، ويكفي أن يكون الإكراه المعنوي أو ما يسمى بالإكراه الأدبي كافياً لإزالة حرية الاختيار لدى المجني عليها. ومن صور الإكراه الأدبي الخداع الذي كان سبباً للرضا والقبول، أو تهديدها بالقتل أو قتل شخص عزيز عليها إذا لم تمكنه من نفسها، أي إن إذعان المجني عليها ورضوخها لرغبة الجاني كان تحت تأثير الخوف الجدي، أو تعرِّضها أو تعرض ذويها أو عزيز عليها للخطر أو لضرر فادح بصورة لم يعد بالإمكان اعتبار اختيارها بمطلق إرادتها.
ومن صور الإكراه الأدبي استعمال الجاني المخدرات أو المسكرات وإعطائها للمجني عليها بقصد التغلب على إرادتها، أما إذا كان الخمر لم يستعمل من أجل التغلب على إرادتها أو من أجل التغلب على مقاومة المجني عليها، وإذا كانت هي التي رافقت الجاني بعد أن تزينت له وجالسته على مائدة الاجتماع بينهما بالوقاع، فهذا ينفي الاغتصاب (نقض سوري، الهيئة العامة، أساس/335/، قرار/435/ تاريخ 5/7/1954).
ومن صور الإكراه الأدبي حصول الإيلاج نتيجة مباغتة الجاني للمجني عليها، لأن المباغتة تعدم الرضا لدى المجني عليها وتفقدها المقاومة، فالطبيب الذي يواقع أنثى على حين غفلة منها في أثناء الكشف عليها يعدّ غاصباً لها، إذ إن المشرع قرر المعاقبة في جرم الاغتصاب انطلاقاً من مبدأ أساسي هو عدم وجود الرضا والقبول بالفعل، وإذا كانا متوافرين فلا عقاب لعدم وجود جرم أصلاً. فالإكراه المادي أساسه العنف والتهديد، والإكراه المعنوي أساسه النوم وفقدان الوعي وحالة القصر واستغلال السلطة… إلخ (نقض سوري جناية /328/ قرار /368/ تاريخ 31/3/1982).
ج- القصد الجرمي هو القصد الجنائي لدى الفاعل ويتمثل بإقدام الفاعل على مواقعة الأنثى وهو عالم أنها غير راضية، أي علمه بانعدام الرضا لديها مع وجود النية الجرمية لديه، ولمجرد توافر القصد الجرمي لدى الجاني فإنه يعاقب على جريمة المواقعة للأنثى ومن دون رضاها “الاغتصاب” مهما كان الباعث أو الدافع لاقتراف الجرم، وبذلك يستوي أن يكون غرض الجاني قضاء شهوته، أو غرضه الانتقام من المجني عليها، أو غرضه فض البكارة، فلا عبرة للبواعث مطلقاً، غير أنه قد يتصور عقلاً انعدام القصد الجنائي حتى مع استعمال القوة في حال – مثلاً – اعتقد الجاني أن الأنثى ليست جادة في تمنعها الذي تبديه نحوه، أو اعتقاده أنها أرادت من الرفض أن تؤجج الرغبة لديه، فإن استطاع الجاني إثبات انعدام القصد الجرمي أمكن الحكم بالبراءة، وهذا يعود إلى تقدير قاضي الموضوع.
2- العقوبات عاقب المشرع على جريمة الاغتصاب بالأشغال الشاقة خمس عشرة سنة على الأقل، ولا تنقص عن إحدى وعشرين سنة إذا كان المعتدى عليه لم يتم الخامسة عشرة من العمر (المادة /489/ من قانون العقوبات).
فهنا يتبين أن المشرع في المادة (490) قانون العقوبات قد عاقب مَن جامع شخصاً غير زوجه، لا يستطيع المقاومة بسبب نقص جسدي أو نفسي أو بسبب ما استعمل نحوه من ضروب الخداع، وهنا لا يشترط الإكراه لأن الجاني بهذه الحالة قد استغل وجود النقص الجسدي أو النفسي للمجني عليها، فالرضا في مثل هذه الظروف لا يمكن التسليم بصحته وهذا يدخل ضمن الإكراه الأدبي، وقد جاء في اجتهاد محكمة النقض السورية: “أن الإكراه الأدبي يشمل كل نقص نفسي يجعل المجني عليها في حالة عجز عن مقاومة الاعتداء” (نقض سوري جنحة/1531/ قرار /3097/ تاريخ 30/12/1965).
وكذلك المرأة النائمة تعدّ فاقدة الإرادة وإجراء الفعل معها يجعله مقروناً بالإكراه وتنطبق عليه أحكام المادة (490) من قانون العقوبات (نقض سوري جناية /683/ قــــــــــــرار /549/ تاريخ 22/5/1967).
وأما المادة (491) من قانون العقوبات الفقرة الأولى منها فقد عاقبت من جامع قاصراً لم يتم الخامسة عشرة من عمره بالأشغال الشاقة تسع سنوات، وشددت العقوبة بالفقرة الثانية منها لتصبح الأشغال الشاقة لا تنقص عن خمس عشرة سنة إذا كانت لم تتم الثانية عشرة من عمرها، فكلما كان سن المجني عليها صغيراً كلما كانت العقوبة أشد.
ووفق أحكام هذه المادة لا يعتدّ بالرضا، إلا أن زواج القاصرة واعتيادها على الجماع من قِبَل زوجها غير مانع من فرض العقوبة على مَن يعتدي عليها من الأشخاص الآخرين، لأن واضع القانون أراد حماية القاصرين من التغرير بهم والاعتداء عليهم، وإن إرادتهم لم تصل إلى درجة النضج، إذ إن زواج القاصر لا يؤدي إلى تكامل عقلها لكونها لا تزال بدور المراهقة، وقد سعى المشرع إلى حمايتها من اعتداء المجرمين حتى تدخل في طور النضوج والإدراك، وإن نص المادة (491) عقوبات جاء مطلقاً غير مقيد أن تكون عازبة أو متزوجة، ولا بد من معاقبة الفاعل ولو كانت المجني عليها متزوجة وقبلت الجماع برضاها (نقض سوري رقم /149/ قرار/35/ تاريــــــــــــــــــــــــخ 27/1/1960).
وإذا جامع قاصراً متماً الخامسة عشرة وغير متم الثامنة عشرة من عمره أحد أصوله شرعياً كان أم غير شرعي أم أحد أصهاره لجهة الأصول، وكل شخص مارس عليه سلطة شرعية أو فعلية، أو خدم أولئك الأشخاص، عوقب بالأشغال الشاقة تسع سنوات.
ويقضى بالعقوبة نفسها إذا كان الفاعل موظفاً أو رجل دين أو مدير مكتب استخدام أو عاملاً فيه وارتكب الفعل مسيئاً استعمال السلطة التي يستمدها من وظيفته.
ولا بد في جميع الأحوال من ثبوت السلطة سواء كانت شرعية أم فعلية، ولا يشترط توافر الإكراه لانعدام الرضا بمثل هذه الظروف.
بعض الصور: فزوج الأم يمارس سلطة فعلية على ابنتها القاصر المقيمة معهما من حيث الإشراف والإنفاق والرقابة والتربية، وإن مجامعته لها يحكمها نص المادة (492) عقوبات من دون شرط اقتران الفعل بالضغط أو الإكراه أو العنف أو التهديد (نقض سوري جنحة /399/ قرار /447/ تاريخ 2/3/1976).
إضافة الى ما سبق فقد نص الشارع على رفع العقوبات المنصوص عنها في المواد (489) إلى (491) و(493) إلى (495) على النحو الذي ذكرته المادة (247) من قانون العقوبات إذا كان المجرم أحد الأشخاص المشار إليهم في المادة (492)، فقد قضت المادة (247) على أنه
“إذا لم يعين القانون مفعول سبب مشدد أوجب السبب المذكور تشديد العقوبة على الوجه التالي
يبدل الإعدام من الأشغال الشاقة المؤبدة، وتزداد كل عقوبة مؤقتة من الثلث إلى النصف، وتضاعف الغرامة”.
كذلك شُددت العقوبة في حال التكرار وفي حال اعتياد الإجرام، وتجدر الإشارة إلى أن القانون عدّ تكرار المجامعة يعدّ جرائم متعددة لا جريمة واحدة.
ونصت المادة (498) على أنه
“1- تشدد بمقتضى أحكام المادة (247) عقوبات الجنايات المنصوص عليها في هذا الفصل إذا اقترفها شخصان أو أكثر اشتركوا في التغلب على مقاومة المعتدى عليه أو تعاقبوا على إجراء الفحش به.
– إذا أصيب المعتدى عليه بمرض زهري أو بأي مرض آخر أو أذى تسبب عنهما تعطيل تزيد مدته عن عشرة أيام، أو كان المعتدى عليها بكراً فأزيلت بكارتها.
2- اذا أدت إحدى الجنايات السابق ذكرها الى موت المعتدى عليها ولم يكن الفاعل قد أراد هذه النتيجه فلا تنقص العقوبة عن خمس عشرة سنة”.
ونصت المادة (499) على أنه
“1- كل موظف راود عن نفسها زوجة سجين أو موقوف أو شخص خاضع لمراقبة سلطته، أو راود إحدى قريبات ذلك الشخص؛ عوقب بالحبس من تسعة أشهر الى ثلاث سنوات.
2- وتنزل العقوبة نفسها بالموظف الذي يراود عن نفسها زوجة أو قريبة شخص له قضية منوط فصلها به أو برؤسائه.
3- تضاعف العقوبة إذا نال المجرم أربه من احدى النساء المذكورات آنفاً”.
ثانياً- الفحشاء او الفعل المنافي للحشمة
هو كل فعل منافٍ للحشمة يرتكبه شخص ضد شخصٍ آخر بصورة تُلحق به العار أو تؤذيه في عفته وكرامته، وهو فعل لا يمكن حصره، ولا يمكن حصره فقط بأفعال اللواطة أو الإيلاج، وإنما يشمل كل فعل مقصود يقع على شخص في موضع يؤذيه في عفته ويلحق العار به.
الفرق بين الفحشاء والاغتصاب ان جرم الاغتصاب لا يمكن أن يقع إلا من رجلٍ على أنثى، أما الفحشاء أو ما يسمى الفعل المنافي للحشمة فهو يقع من شخصٍ ضد شخصٍ آخر ذكراً كان أم أنثى، وجرم الاغتصاب لا بد أن يكون الإيلاج في فرج المرأة وليس في دبرها، أما الفحشاء فهو كل فعل آخر كما ذكر.
1- أركان جريمة الفحشاء
- الركن المادي يتألف من كل فعلٍ مخلّ بالحياء يعدّ هتكاً للعرض، أو من كل فعل يقع على جسم الإنسان المجني عليه، فكل فعل مخل بالحياء يمس جسم الإنسان وعورته مباشرة ويخدش حياءَه وعرضه / بغض النظر عن بساطته أو جسامته/ حتى ولو لم يحصل إيلاج، لأن هذا الجرم يتم بمجرد الاتصال أو الملامسة شريطة أن يؤذيه في عفته ويلحق العار به،
- بعض صور الأفعال
-إن كشف العورة ووضع القضيب بين فخذي المجني عليه يشكل الفعل المنافي للحشمة. (نقض سوري بالقرار رقم /737 /لعام 1978).
لا ينحصر جرم الفعل المنافي للحشمة بأفعال المجامعة على خلاف الطبيعة أو الإيلاج، وإنما يدخل في دلالته كل فعل يقع على شخص في موضع يؤذيه في عفته ويلحق العار به كملامسة العورة بالآلة التناسلية، وما شابه ذلك من الأفعال التي تعدّ في نظر المجتمع منافية للحشمة (نقض سوري رقــــــــــــــم /465/ تاريــــــــــــــــــخ 11/7/1956 نقض سوري جناية رقم /1037/ قرار/956/ تاريخ 14/11/1982).
وقد يكون الفعل المادي غير مكتمل وإنما يقوم الفاعل بأفعال تنفيذية ترمي مباشرة لاقترافه، إلا أن هناك ظروفاً خارجة عن إرادة الفاعل حالت دون إتمامها، فإن إغلاق الجاني باب متجره من الداخل وقيامه بوضع المجني عليها في حضنه وتقبيلها ومحاولته نزع بنطالها وسروالها الداخلي، واضطراره إلى عدم الاستمرار والتمادي في جريمته بسبب مداهمته من قِبَل رجال الأمن أو الأهل، يشكل جرم الشروع التام بالفعل المنافي للحشمة (نقض سوري جناية /253/ قرار/207/ تاريخ 21/2/1976).
صور من الحالات التي تشكل جرم إجراء الفعل المنافي للحشمة وهي على سبيل المثال لا الحصر.
-وضع الإصبع في فرج القاصر وإزالة بكارتها إزالة تامة انتقاماً من ذويها يؤلف جرم إجراء الفعل المنافي للحشمة وفق نص المادة (495) بدلالة المادة (498) من قانون العقوبات (نقض سوري جناية /2251/ تاريخ 4/2/1984).
-ملامسة العورة بالآلة التناسلية وما شابه ذلك من الأفعال المنافية للحشمة (نقض سوري جناية /121/ قرار /119/ تاريخ 19/2/1983).
-كشف العورة ووضع القضيب بين فخذي المجنى عليه يشكل جرم الفعل المنافي للحشمة (نقض سوري جناية /690/ قرار /737/ تاريخ 21/4/1987).
-إنزال سروال المرأة والاطلاع على عورتها، هو فعل منافٍ للحشمة (نقض سوري جناية/682/ قرار/689/ تاريخ 19/5/1981).
-اللمس بالأيدي أو المداعبة وهي غير الكشف عن العورات لا تشكل جرم الفعل المنافي للحشمة، وإنما يشكل ذلك جرم المنافي للحياء (505) عقوبات عام لأن الأفعال التي عنتها المادة (505) عقوبات عام لا تعدو إلا اللمس بالأيدي أو المداعبة، وهي غير الكشف عن العورات التي تقتضي على المرء صونها والمحافظة عليها (نقض سوري جناية /682/ قرار /689/ تاريخ 19/5/1981).
وإن ما يميز بين الفعل المنافي للحياء وبين الفعل المنافي للحشمة هو مقدار جسامة للفعل وطبيعة الناحية التي كانت هدفاً للاعتداء من الجسم، فإذا وصل إلى موضع يعد من العورات ويرغب الناس في ستره ولا يدخرون وسعاً في صونه، فإنه يخرج عن درجة الفعل المنافي للحياء المادة (505) من قانون العقوبات، وهو جنحة، ويدخل في زمرة الفعل المنافي للحشمة والذي يتمثل بكل فعل يرتكبه شخص ضد آخر بصورة تلحق به عاراً أو تؤذيه في عفته وكرامته وذلك إرضاءً لشهوته (نقض سوري جناية /1341/ قرار /1374/ تاريخ 14/12/1981).
ب- محل الجريمة وقوع الفعل على ذكر أو أنثى، لأن هذا الجرم يمكن أن يقع على الأنثى ويمكن أن يقع على الذكر، وإن فعل اللواطة هو ضرب من ضروب الفحشاء “الفعل المنافي للحشمة” (نقض سوري جناية /851/ قرار /916/ تاريخ 24/12/1961).
ج ــــ القصد الجرمي هذه الجريمة من الجرائم المقصودة التي تتطلب قصداً جرمياً عاماً. أي أن يكون الجاني عالماً بما يرتكبه من فعل وراغباً في نتائجه.
2- العقوبة من خلال استعراض النصوص القانونية لجرم الفحشاء يتبين أنَّ من أكره آخر بالعنف أو بالتهديد على إجراء فعل منافٍ للحشمة فإن العقوبة لا تنقص عن الأشغال الشاقة اثنتي عشرة سنة، ثم شدد المشرع العقوبة للفعل نفسه إذا كان المعتدى عليه لم يتم الخامسة عشرة من عمره إلى الأشغال الشاقة على ألا تنقص عن ثماني عشرة سنة.
النصوص القانونية التي عالجت الفعل المنافي للحشمة “الفحشاء”
هي أربع مواد نصَّ عليها قانون العقوبات السوري هي(493-494-495-496)
نص المادة (493)
“1- من أكره آخر بالعنف أو بالتهديد على تحمل أو إجراء فعل مناف للحشمة عوقب بالأشغال الشاقة مدة لا تنقص عن اثنتي عشرة سنة.
2- ويكون الحد الأدنى للعقوبة ثماني عشرة سنة إذا كان المعتدى عليه لم يتم الخامسة عشرة من عمره”.
نص المادة (494)
“يعاقب بالأشغال الشاقة حتى خمس عشرة سنة على الأكثر من لجأ إلى ضروب الحيلة، أو استفاد من علة امرئ في جسده أو نفسه فارتكب به فعلاً منافياً للحشمة أو حمله على ارتكابه”.
نص المادة (495)
«1- من ارتكب بقاصر لم يتم الخامسة عشرة من عمره فعلاً منافياً للحشمة أو حمله على ارتكابه عوقب بالأشغال الشاقة تسع سنوات.
2- ولا تنقص العقوبة عن اثنتي عشرة سنة إذا لم يتم الولد الثانية عشرة من عمره”.
نص المادة (496)
«كل شخص من الأشخاص الموصوفين في المادة (492) يرتكب بقاصر بين الخامسة عشرة والثامنة عشرة من عمره فعلاً منافياً للحشمة أو يحمله على ارتكابه يعاقب بالأشغال الشاقة مدة لا تزيد على خمس عشرة سنة».
إن المادة (493) من قانون العقوبات تشترط استعمال العنف أو التهديد، ويقصد بالعنف جميع أنواع الشدة والإيذاء والتعذيب، أما التهديد فإنه يشمل كل ما من شأنه أن يُدخل الخوف على المجني عليه حتى يخشى الأذى على نفسه، أما الإكراه فيتم بكل فعل أو قول يقع على المجني عليه أو يوجه إليه فيشل إرادته ويعدم الرضا لديه ويفقده المقاومة، وإذا لم يصل إلى هذه الدرجة فلا يعد إكراهاً.
إن العنف والتهديد هما عنصران من عناصر التجريم بالمادة (493) من قانون العقوبات، ويجب التحدث عن ذلك بصورة مستقلة وواضحة وإثباته بأدلة قوية ومستقلة (نقض سوري جناية رقم /633/ قرار/571/ تاريخ 7/9/1964).
أما نص المادة (494) من قانون العقوبات التي عاقبت من يلجأ إلى ضروب الحيلة، أو الفاعل الذي يستفيد من علة امرئ في جسده أو في نفسه فيرتكب به الفعل أو يحمله على ارتكابه – وبهذه الحالة يستعمل الجاني الإكراه الأدبي من دون عنف – فالعقوبة هي الأشغال الشاقة المؤقتة حتى خمس عشرة سنة، ولم تنص المادة على العنف أو التهديد أو الإكراه ولم تحدد سن المجني عليه وجاء النص مطلقاً، والمطلق يجري على إطلاقه.
أما فيما يتعلق بنص المادة (495) من قانون العقوبات فقد نصت على حالة من يرتكب بقاصر لم يتم الخامسة عشرة من عمره فعلاً منافياً للحشمة؛ وبغض النظر أن الفعل برضا؛ لأنه لا يعتد برضا المجني عليه فالعقوبة هنا الأشغال الشاقة تسع سنوات.
وشددت الفقرة الثانية من المادة نفسها العقوبة على ألا تنقص عن الأشغال الشاقة المؤقتة مدة اثنتي عشرة سنة إذا لم يتم الولد الثانية عشرة من عمره، لذلك فإن تحديد سن المجني عليه له أهمية قصوى في تحديد النص القانوني، فإذا كان سن المجني عليه دون الخامسة عشرة شددت العقوبة، ولا عبرة لرضاه.
ولا بد من الإشارة أيضاً إلى أن إسقاط الحق الشخصي في مثل هذه الجرائم لا يسقط دعوى الحق العام (نقض سوري أحداث /158/ قرار /1004/ تاريخ 27/12/1981).
أما ما ورد بنص المادة (496) من قانون العقوبات فإنه يشمل كل شخص من الأشخاص الذين ورد ذكرهم بنص المادة (492) عقوبات عام، وهم أحد أصوله شرعياً كان أو غير شرعي، أو أحد خدم أولئك الأشخاص، فإذا ارتكب أحد هؤلاء فعلاً منافياً للحشمة بقاصر بين الخامسة عشرة والثامنة عشرة من عمره أو حمله على ارتكابه يعاقب بالأشغال الشاقة مدة لا تزيد على خمس عشرة سنة.
ولا بد من الإشارة إلى الظروف المشددة لهذا الجرم، وقد وردت بنصوص المواد (497)، (498)، (499) من قانون العقوبات الأسباب والظروف والتي منها ما يتعلق بسن المجني عليه والظروف الخاصة بشخص الجاني «من الأصول أو خاضع لإشرافه… إلخ»، وهم الأشخاص الذين نصت عليهم المادة (492) من قانون العقوبات، فقد ورد في نص المادة (497) من قانون العقوبات أن العقوبات تشدد في مثل هذه الجرائم إذا كان المجرم هو أحد الأشخاص المشار إليهم بنص المادة (492) عقوبات، وتم التشديد وفق نص المادة (247) عقوبات عام. أما نص المادة (498) من قانون العقوبات فقد شددت العقوبة لمرتكبي مثل هذه الجرائم إذا اقترف الجرم شخصان أو أكثر؛ اشتركوا في التغلب على مقاومة المعتدى عليه أو تعاقبوا على إجراء الفعل المنافي للحشمة معه، أو إذا أصيب المجني عليه بمرض زهري أو بأي مرض آخر أو أذى نجم عنه تعطيل عن العمل يزيد على عشرة أيام، أو كانت المعتدى عليها بكراً فأزيلت بكارتها، أو إذا أدت إحدى الجنايات السابق ذكرها إلى موت المعتدى عليه ولم يكن الفاعل قد أراد هذه النتيجة، وهنا لا تنقص العقوبة عن خمس عشرة سنة.
أما ما ورد في نص المادة (499) من قانون العقوبات فقد عاقبت كل موظف راود زوجة سجين أو موقوف أو شخص خاضع لمراقبة سلطته أو راود إحدى قريبات ذلك الشخص، فالعقوبة هي الحبس من تسعة أشهر حتى ثلاث سنوات «وهي عقوبة جنحية الوصف».
وتنزل العقوبة نفسها بالموظف الذي يراود عن نفسها زوجة أو قريبة شخص له قضية منوط فصلها به أو برؤسائه.
وتضاعف العقوبة إذا نال المجرم أربه من إحدى النساء المذكورات آنفاً، وإن أسباب التشديد تعود إما إلى سن المجني عليه وإما إلى صفة الشخص الجاني، وإما إلى الأسلوب الذي قام به الجاني والذي اقترن بالإكراه المادي أو المعنوي «الأدبي».
ثالثاً- الخطف
عالج المشرع السوري جريمة الخطف في المواد (500-503) من قانون العقوبات.
نص (المادة 500)
“1- من خطف بالخداع أو بالعنف فتاة أو امرأة بقصد الزواج عوقب بالحبس من ثلاث سنوات إلى تسع سنوات.
2- يتناول العقاب الشروع في ارتكاب هذه الجريمة”.
نص (المادة 501)
“من خطف بالخداع أو العنف أحد الأشخاص، ذكراً كان أو أنثى بقصد ارتكاب الفجور به عوقب بالأشغال الشاقة تسع سنوات، وإذا ارتكب الفعل المذكور فلا تنقص العقوبة عن إحدى وعشرين سنة”.
نص المادة (502)
“تفرض العقوبات السابقة إذا ارتكب الفعل دون خداع أو عنف على قاصر لم يتم الخامسة عشرة من عمره”.
نص المادة (503)
“يستفيد من الأسباب المخفضة المنصوص عليها في المادة (241) المجرم الذي يرجع المخطوف من تلقاء نفسه في خلال ثماني وأربعين ساعة إلى مكان أمين، ويعيد إليه حريته دون أن يقع عليه فعل مناف للحياء أو جريمة أخرى، جنحة كانت أو جناية”.
تعريف الخطف
الخطف هو انتزاع المخطوف ممن لهم حق الولاية عليه وإبعاده إلى مكان لا سلطان لهم عليه، بمعنى انتزاعه من مكان وجوده ونقله إلى مكان آخر، ولا يمكن أن يتحقق جرم الخطف إذا انتفى الركن الأول له وهو انتزاع المخطوف وإبعاده عمن لهم حق الولاية عليه.
-الخداع هو كل أسلوب من شأنه التأثير في إرادة المعتدى عليه ويسلبه الرضا.
1- أركان الجريمة
يشرط لقيام جريمة الخطف توافر ركنيها: المادي والقصد الجرمي.
1- الركن المادي هو انتزاع المخطوف ممن لهم حق الولاية عليه وإبعاده إلى مكان لا سلطان لهم عليه، فلا يعد خاطفاً من اصطحب فتاة وأبقاها عنده بعيدة عن أهلها إذا كانت هي التي هربت من منزل ذويها، أو إذا كان المخطوف هائماً على وجهه في الطريق وقد هرب من بيت ذويه فهنا انتفى الركن الاول وهو انتزاع المخطوف، وبالتالي جريمة الخطف تكون غير متوافرة (نقض سوري جنحة /3735/ قرار /131/ تاريخ 15/2/1982)، إذ يقتضي هذا الانتزاع اللجوء إلى الخداع أو العنف. ولا يعتد برضا القاصر الذي لم يتم الخامسة عشرة من عمره. ويقصد بالخداع كل أسلوب من شأنه التأثير في إرادة المعتدى عليه ويسلبه الرضا. ويقصد بالعنف اللجوء إلى القوة أو الإكراه.
2- القصد الجرمي حيث يتعين إقامة الدليل على توافره بقصد ارتكاب الفجور ويكفي لذلك مجرد تقبيل المخطوفة في أثناء خطفها من الخاطف، ولا تعد إعادتها الى ذويها إعادة طوعية ما لم تكن الإعادة جرت من دون أن يقع فعل مناف للحياء على المخطوفة، ويبقى الجرم جنائياً وتكون محكمة الجنايات هي المرجع المختص للنظر في هذه الجريمة (نقض سوري – جناية /479/ قرار/413/ تاريخ 20/5/1969).
من خلال عرض النصوص القانونية يتبين أن المشرع عاقب بالحبس من ثلاث سنوات إلى تسع من أقدم على الخطف بالخداع أو بالعنف فتاة أو امرأة بقصد الزواج، في حين يعاقب من ارتكب الفعل نفسه وهو الخطف بالخداع أو العنف ولكن ليس لفتاة أو امرأة إنما أي شخص كان ذكر أم أنثى وبقصد ارتكاب الفجور بالأشغال الشاقة تسع سنوات. وإذا تم ارتكاب الفعل فلا تنقص العقوبة عن إحدى وعشرين سنة. ويتناول العقاب الشروع في جريمة خطف الفتاة أو الإكراه بقصد الزواج.
ويعاقب من يرتكب فعل الخطف ولكن من دون خداع أو عنف بالعقوبة نفسها إذا وقع الفعل على قاصر لم يتم الخامسة عشرة من عمره، وذلك حماية للقاصر الذي لا يعتد برضاه ولو لم يكن خداعاً أو عنفاً…إلخ.
وقد منح المشرع المجرم الذي يقوم بإرجاع المخطوف من تلقاء نفسه خلال ثماني وأربعين ساعة إلى مكان أمين ويعيد إليه حريته من دون أن يقع عليه فعل منافٍ للحياء أو جريمة أخرى، الأسباب المخففة القانونية وفقاً لأحكام المادة (241) من قانون العقوبات (المادة /503/من قانون العقوبات).
رابعاً- الاغواء والتهتك وخرق حرمة الاماكن الخاصة بالنساء
تعريف التهتك (الفعل المنافي للحياء) وهو كل فعل يورّث الخجل ويحرص الفاعل على ستره.
الفرق بين الفعل المنافي للحشمة والفعل المنافي للحياء
الأول هو كل فعلٍ يرتكبه شخص ضد آخر ذكراً كان أم أنثى بصورة تلحق به العار أو تؤذيه في عفته وكرامته سواء كان ذلك إرضاءً لشهوته أم في سبيل الانتقام أم لحب الاستطلاع أم لفساد الأخلاق.
الثاني فهو كل فعل يورّث الخجل ويحرص الفاعل على ستره.
والفرق بينهما هو 1-مقدار جسامة الفعل 2-وصفة المعتدى عليه 3-وطبيعة الناحية التي كانت هدف الاعتداء من الجسم 4-ووقت الاعتداء ومكانه، فإذا وصل الاعتداء إلى العورات التي يرغب ويحرص الناس على سترها ولا يدخرون وسعاً في صونها، فإنه يصل إلى درجة الفعل المنافي للحشمة، وإلا بقي في درجة الفعل المنافي للحياء المادة (505) من قانون العقوبات، أما إذا وصل الفعل إلى الكشف عن العورات فهو منافٍ للحشمة.
وقد نصت المادة (505) من قانون العقوبات على هذا الجرم “المنافي للحياء”
بقولها
“من لمس أو داعب بصورة منافية للحياء قاصراً لم يتم الخامسة عشرة من عمره، ذكراً كان أو أنثى، أو فتاة أو امرأة لهما من العمر أكثر من خمس عشرة سنة دون رضاهما عوقب بالحبس مدة لا تتجاوز السنة ونصف”.
ومن خلال استعراض نص المادة يتبين أن الجرم جنحوي الوصف وقد ساوت هذه المادة بين فعلين، الأول: من لمس أو داعب بصورة منافية للحياء القاصر الذي لم يتم الخامسة عشرة من عمره سواء كان ذكراً أم أنثى وبغض النظر عن توافر الرضا الذي لا يعتد به في مثل هذا العمر، والفعل الثاني: هو اللمس أو المداعبة بالصورة نفسها لفتاة أو امرأة لهما من العمر أكثر من خمس عشرة سنة، ولكن بهذه الحالة يجب أن يكون الفعل المذكور من دون رضاهما. أما إذا كان بالرضا فلا يمكن تطبيق هذه المادة لعدم توافر أركان الجرم؛ لأن عدم الرضا هو عنصر من عناصر التجريم ولا بد من التحدث عنه.
ولا يعتد برضا المجني عليه القاصر دون الخامسة عشرة من عمره؛ إذ إن المشرع هدف من معاقبة الفاعل في هذه الحالة إلى حماية القاصرين وعدم التغرير بهم والاعتداء عليهم، لأن إرادتهم لم تصل إلى درجة النضوج والتكامل.
وإن الأفعال التي عنتها المادة (505) من قانون العقوبات لا تعدو أكثر من اللمس بالأيدي أو المداعبة، وهي غير الكشف عن العورات التي تقتضي من المرء صونها والمحافظة عليها، في حين عدّ المشرع في المادة (493) من قانون العقوبات أن كلَ كشف عن عورة يتوجـــــــــــــــــب على المرء صونها – وذلك بطريقة العنف المادي أو المعنوي – هو فعل منافٍ للحشمة (نقض سوري، جناية قرار/689/ أساس/682/ تاريخ 19/5/1981).
وأما جرم الإغواء – الذي يدخل ضمن النوع الرابع للجرائم الواقعة على العرض – فقد نصت عليه المادة (504) من قانون العقوبات على أنه
“1- من أغوى فتاة بوعد الزواج، ففض بكارتها، عوقب – إذا كان الفعل لا يستوجب عقاباً أشد- بالحبس حتى خمس سنوات وبغرامة أقصاها ثلاثمائة ليرة، أو بإحدى العقوبتين.
2- في ما خلا الإقرار لا يقبل من أدلة الثبوت على المجرم إلا ما نشأ منها عن الرسائل والوثائق الأخرى التي كتبها”.
فجرم الإغواء هو قيام الفاعل بتصرفات من شأنها التأثير في نفس المجني عليها، وذلك بوعدها بالزواج وقيامه بفض بكارتها، يعاقب فاعلها بالحبس حتى خمس سنوات، وبغرامة أقصاها ثلاثمئة ليرة سورية، أو بإحدى هاتين العقوبتين شريطة ألا يكون للفعل عقوبة أشد.
فالقانون عاقب من أغوى فتاة بوعد الزواج، ففض بكارتها، والمقصود هنا هو الفتاة العذراء ولو أتمت الثامنة عشرة من عمرها، وفي هذه الحالة يفترض توافر الرضا لدى الفتاة أمام الوعد بالزواج. فالجرم وفق نص المادة (504) من قانون العقوبات هو جنحوي الوصف، وإن المقصود بعبارة: “إذا كان الفعل لا يستوجب عقاباً أشد” هو إذا وقع الفعل على فتاة لم تتم الخامسة عشرة من عمرها، هنا يكون الفعل جنائي الوصف لكونه لا يعتد برضاها إذا لم تتم الخامسة عشرة من العمر.
وباعتبار جريمة إزالة البكارة بوعد الزواج هي من الجرائم المؤثرة في شرف العائلة وسمعتها، فقد رأى المشرع أن يقيد قناعة القاضي بنوع من الأدلة، فلا يجوز سماع البينة الشخصية “شهادة الشهود” ولا يجوز الإثبات بجميع الطرق، إنما قيد المشرع الإثبات بنوعين من الأدلة هما: الإقرار والوثائق الخطية، وهذا ما جاء بالفقرة الثانية من المادة (504) من قانون العقوبات وما استقر عليه الاجتهاد أيضاً (نقض سوري جناية /983/ قرار /17/ تاريخ 17/1/1983).
وإن المقصود بالوثائق الخطية هو الرسائل والوثائق التي كتبها، وأما المقصود بالإقرار فهو الإقرار القضائي وغير القضائي لأن نص المادة (504) جاء مطلقاً، والمطلق يجري على إطلاقه، وعليه إذا تم الإقرار أمام الشرطة ودوّن ذلك في محضر رسمي موقع من قبله فهو إقرار غير قضائي وملزم بإقراره ويكفي لإثبات جريمة فض بكارة بوعد الزواج، أما الإقرار غير القضائي الشفوي فإنه لا يجوز إثباته بالشهادة، وهذا لم يقبل به المشرع في المادة المذكورة (نقض سوري جناية /1030/ قرار /1163/ تاريخ 30/11/1982).
إضافة إلى ذلك فإن المشرع جعل العقوبة بالمادة المذكورة الحبس حتى خمس سنوات والغرامة ثلاثمئة ليرة سورية أو بإحدى العقوبتين، أي إما الحبس وإما الغرامة، وهي عقوبة شاسعة أو كما يقال: «فضفاضة»، ويعود أمر تقدير تحديدها إلى القاضي وذلك تبعاً للظروف الاجتماعية والعادات التي تختلف بين منطقة وأخرى، ومدى تأثير ذلك في شرف العائلة أو العشيرة والتي تتحكم بها العادات السائدة وكيفية معالجتها.
وإنه من القواعد المقررة أنه لا يجوز التوسع في تفسير النصوص الجزائية، وعليه فإن مجرد تمكين المرأة التي لها من العمر أكثر من خمسة عشرة سنة الرجل من ضمها وعناقها من دون لمس العورة أو الجماع ولو خارجياً لا يعدّ فحشاً ولا دعارة وليس فيه إرضاء كامل للشهوة عند الرجل؛ لأن إرضاء الشهوة لا يكون إلا بالجماع والفعل الجنسي (نقض سوري جنحة /1867/ قرار /274/ تاريخ 28/2/1982).
أما المادة (506) من قانون العقوبات فقد نصت
“من عرض على قاصر لم يتم الخامسة عشرة من عمره أو على فتاة أو امرأة لهما من العمر أكثر من خمس عشرة سنة عملاً منافياً للحياء أو وجه إلى أحدهم كلاماً مخلاً بالحشمة عوقب بالحبس التكديري ثلاثة أيام أو بغرامة لا تزيد على خمسة (خمس) وسبعين ليرة أو بالعقوبتين معاً”.
وأما جريمة خرق حرمة الأماكن الخاصة بالنساء والتي تعدّ أيضاً من نوع الجرائم الواقعة على العرض فقد تم النص على هذا الجرم بالمادة (507) من قانون العقوبات “كل رجل تنكر بزي امرأة فدخل مكاناً خاصاً بالنساء أو محظوراً دخوله وقت الفعل لغير النساء عوقب بالحبس لا أكثر من سنة ونصف”.
وإن المقصود من المادة (507) واضح وصريح وهو قيام الرجل بالتنكر بزي امرأة ودخوله الأماكن الخاصة بالنساء أو مكان محظور الدخول إليه إلا للنساء؛ كدخول الصالات الخاصة بالنساء أو أي مكان عام خاص بالنساء، وذلك حرصاً من المشرع على حماية المشاعر العامة وزرع الطمأنينة في مثل تلك الأماكن وعدم العبث بها لكونها تخص النساء.
وأخيراً نصت المادة (508) من قانون العقوبات
“1- إذا عقد زواج صحيح بين مرتكبي إحدى الجرائم الواردة بهذا الفصل وبين المعتدى عليها أوقفت الملاحقة، وإذا صدر حكم بالقضية علق تنفيذ العقاب الذي فرض عليه.
2- يعاد إلى الملاحقة أو إلى تنفيذ العقوبة قبل انقضاء ثلاث سنوات على الجنحة وانقضاء خمس سنوات على الجناية؛ إذا انتهى الزواج إما بطلاق المرأة دون سبب مشروع أو بالطلاق المحكوم به لمصلحة المعتدى عليها”.
إذن: جاءت المادة (508) من قانون العقوبات لتشمل الجرائم الواقعة على العرض، فإذا جرى عقد زواج صحيح بين الفاعل في مثل هذه الجرائم وبين المجنى عليها أوقفت الملاحقة القضائية. وإذا كان قد صدر حكم بالقضية ثم جرى عقد زواج يتم تعليق تنفيذ الحكم الذي صدر، لكن وقف الملاحقة، ووقف تنفيذ الحكم لهما شروط جاءت على ذكرها الفقرة الثانية من المادة المذكورة أعلاه، على أن الملاحقة تعود إلى الفاعل أو يتم تنفيذ المحكومية، وذلك إذا انتهى الزواج إما بطلاق المرأة من دون سبب مشروع، وإما بالطلاق المحكوم به لمصلحة المعتدى عليها مثل انقضاء ثلاث سنوات على الجنحة وانقضاء خمس سنوات على الجناية.
إذاً: لا بد للقاضي أن يبحث عن وجود عقد زواج صحيح، وهو شرط من شروط وقف الملاحقة أو وقف تنفيذ العقاب، وهو عنصر من عناصر التجريم (نقض سورية جناية /226/ قرار /120/ تاريخ 28/2/1984).
وإن المخالعة الرضائية بين الطرفين الجاني والمعتدى عليها تتضمن معنى التنازل عن هذا الحق المقرر بالمادة (508/2) من قانون العقوبات، مما لا يؤدي إلى إعادة الملاحقة إذا ما انفصمت عرى الزوجية نتيجة للمخالعة الرضائية، ولو تمت خلال المدة المشار إليها وهو ما أكدته محكمة النقض بقرارها رقم (543) تاريخ 8/5/1975.
وإن وقف الملاحقة هو شخصي لا يشمل إلا الفاعل الأصلي ذاته من دون الشركاء والمتدخلين، وهذا ما جاء باجتهاد محكمة النقض بقرارها رقم (1984) لعام 1968 والاجتهاد رقم (956) قرار (934) تاريخ 19/10/1982.
إذن: المادة (508) من قانون العقوبات ذات أهمية كبيرة، يستفيد منها مرتكبو الجرائم الواقعة على العرض إذا جرى عقد الزواج بين الفاعل والمعتدى عليها.
انما برأينا يجب تعديل هذه المادة لأن هذا الجرم يجب ان يترافق بعقوبة رادعة حتى ولوتم عقد الزواج بين المرتكب والمعتدى عليها لما ترك فعل الاعتداء من اضرار نفسية على المعتدى عليها(ان لم يتم الفعل برضاها)، اضافة الى وجوب رفع العقوبات المالية لتتناسب مع عصرنا اذ لايجوز بقاء العمل بقيمة الغرامة بزمن الخمسينات 300 ل.س وهو تاريخ سن هذا القانون.
من المصادر الموسوعة القانونية
Beta feature
اترك تعليقاً