يبرود ومنطقتها
يبرود ومنطقتها
مدينة سورية قديمة قدم التاريخ ما تزال مأهولة وجدت فيها أقدم كهوف عصور ما قبل التاريخ (كمغارة وادي اسكفتا)
الموقع
تقع مدينة “يبرود” شمال العاصمة ” دمشق” بـ80 كم بين أحضان ” جبال القلمون” المتاخمة لجبال لبنان الشرقية ضمن وادي يفصل التقاء الهضبة الثالثة بالهضبة الثانية من سلسلة جبال القلمون والمحاطة من أغلب جهاتها بجبال شاهقة تعلو رؤوسها تيجان صخرية تكاد تنفرد بها جبال “يبرود” وضواحيها،من أبرز جبالها جبل مارمارون وجبال الجرد الشرقي لسلسلة جبال لبنان الشرقية . تتميز المدينة ببردها القارس في الشتاء وجوها المعتدل صيفا، وأثبتت الدراسات أن الملكة “زنوبيا” كانت تصطاف في المدينة أيام حكمها لمملكة “تدمر”.
التاريخ
تعتبر “يبرود” من أهم مناطق سكن الإنسان ما قبل التاريخ حيث اكتشفت مغاور طبيعية محفورة في الجبال وفي الأودية المحيطة بالمدينة، وذكر الباحث “ألفرد روست” مكتشف هذه المغاور أن وادي “اسكفتا” أشهر وديان الشرق الأدنى في عصور ما قبل التاريخ .
الأستاذ والباحث السوري ” نور الدين عقيل” قال في تعريفه للمدينة : «يبرود كلمة آرامية ورد ذكرها في كتابات الرقم الفخارية في بلاد ما بين النهرين، وذكر اسم “يبرود” في كتاب البلدان الذي وضعه الجغرافي اليوناني “بطليموس القلوذي” الذي عاش في القرن الثاني للميلاد. أصبحت “يبرود” في العهد الروماني مركزا عسكريا ويستدل على ذلك من بقايا أحد الحصون الرومانية الذي ما تزال بقاياه ظاهرة، في العهد الآرامي بني معبد ضخم لعبادة الشمس، ولا تزال الحجارة الباقية تحمل كتابات ونقوشاً تدل على حالته التاريخية السابقة.
جرت أولى عمليات التنقيب في مدينة “يبرود” مع بداية عام /1930/ على يد العالم الألماني “ألفرد روست” واستمرت ثلاث سنوات اكتشف من خلالها أبرز معالم الحضارة اليبرودية، ليصدر بعدها كتابه باللغة الألمانية “مغاور يبرود” في عام /1950/.
و على ضوء تلك الاكتشافات قدمت بعثة أمريكية في عام /1965/ تضم باحثين من جامعة كولومبيا في “نيويورك” برئاسة البروفسور “رالف سوليكي ” Solecki, Ralph S الذي عاد مجددا في عام /1987/ ليكتشف بقايا للإنسان اليبرودي الذي اعتبر أقدم من سكن الأرض وأقام الحضارة فيها،
ومع مطلع التسعينيات زارت بعثة يابانية مدينة “يبرود” لمتابعة عمليات التنقيب والدراسة، هذه الاكتشافات لعبت دورا بارزا في تقديم صورة ومادة علمية استفاد منها الباحثون في حقل دراسات العصور الحجرية في العالم .
اهم المعالم
كنيسة القديسين قسطنطين وهيلانة
تعتبر كنيسة “يبرود” من أقدم المعالم الأثرية في سورية ففي بداية الألف الأولى قبل الميلاد أصبحت “يبرود” مركزا لإحدى الممالك الآرامية في بلاد الشام وازدهرت هذه المملكة سياسيا واقتصاديا وعسكريا ، تم في ذلك العهد بناء أكبر وأفخم معابد الشمس في البلاد في وسط المدينة بسعة كبيرة قياسا إلى معابد تلك الأزمنة الغابرة، بحجارة ضخمة منحوتة من الصخر محاطاً برواق محمول على أعمدة طويلة رشيقة اسطوانية غاية في الجمال والإبداع، لا تزال بعض قواعدها ظاهرة للعيان حتى وقتنا هذا كذلك حجارته القاعدية الضخمة التي يبلغ أحجامها بحدود المتر المكعب ,تحول هذا المعبد زمن الرومان إلى معبد لعبادة جوبيتير كبير آلهة الرومان آنذاك، في سنة /331/م تحول هذا المعبد الوثني إلى كاتدرائية مسيحية باسم القديسين “قسطنطين وهيلانة” تيمنا بالإمبراطور الروماني “قسطنطين” الذي سمح بالحرية الدينية بالبلاد، وأمه القديسة هيلانة التي أقنعته بالتسامح الديني بحق المسيحيين ومساواتهم بكل رعايا واديان الامبراطورية فأصدر من ميلانو مرسوما باسم براءة ميلان اوقف به الاضطهادات العنيقة بحق المسيحيين، وتحولت الدولة الرومانية فيما بعد بعهد الامبراطور ثيوذوسيوس الكبيرإلى المسيحية وتم حظر الديانات الوثنية. وفيما بعد قام ابراهيم باشا (ابن والي مصر محمد علي باشا أثناء حملته على الدولة العثمانية لتحرير بلاد الشام من طغيان العثمانيين واقامة اول دولة عربية تجمع سورية الطبيعية بمصر وامتدت من 1831-1840 وانتصر فيها ولولا تكالب الدول الاوربية ضده لكان قد تحققت هذه الوحدة) باعادة هذه الكنيسة للمسيحيين والتعهد بصيانت والحفاظ عليها وبقي على ماهو عليه ككنيسة، حيث كان في يبرود خمس كنائس تحولت جميعها الى مساجد بمافيها كنيسة القديسين قسطنطين وهيلانة اثناء العهود الاسلامية، وخاصة في نكبة قرى وبلدات القلمون المسيحية على يد المملوكي الظاهر بيبرس الذي اعمل التطهير الديني برقاب المسيحيين وحول كنائسهم الى مساجد، لذا لم يبق من مسيحيين في تلك المنطقة بعدما قتلهم وهجر الباقين واحل محلهم جاليات اسلامية كما في قارة وديرعطية وجيرود…الخ وكما فعل في مدينة انطاكية لأنهم جعلهم جميعا وفق رؤيته المتزمتة صليبيين… بينما هم عانوا من هذا الغزو الامرين اكثر بكثير من المسلمين.
وفي يبرود مسجد وجامع الخضر الذي لم يتبق منه سوى مئذنته القديمة والتي انتهت ورشات الترميم من إعادة الحياة إليها وأعادت إليها أيام مجدها فهذه المئذنة تشبه مئذنة الجامع الاموي بدمشق إلى حد كبير كما يقال أنها بنيت في فترة زمنية قريبة جداً من العهد الأموي في بلاد الشام.
وحتى الآن لا تزال الدراسات حول مسألة تحديد عمر الإنسان الحجري في “يبرود” هل هو قبل إنسان ” النيناندرنال ” أم بعده؟ مسألة غير قابلة للتحديد نتيجة توقف الحملات الاستكشافية وورشات التنقيب عن البحث أكثر في تاريخ يبرود وماضيها.
غير أن للباحث السوري الاستاذ “نور الدين عقيل ” مستنداً إلى معلومات معينة ونتائج متحققة رأي أخر فهو يقول أن سكان مغاور وملاجئ “وادي إسكفتا في يبرود”، وخاصة الملجأ الأول استوطنوا المكان على امتداد زمن يزيد على /150/ ألف سنة، إضافة إلى /25/ مجموعة بشرية لكل منها حضارتها الخاصة، وأكثرها أصالة كانت الجماعات اليبرودية التي دلت عليها أدواتها الصوانية.
اثار يبرود في عصور ما قبل التاريخ
مغارات يبرود
وقد جمعت مكتشفات مغاور يبرود في قاعة خاصة ضمن متحف دمشق التنقيبات لم تتوصل بعد لكثير من أسرار الحضارة اليبرودية، التي مايزال الكثير منها جاثماً ينتظر من يكشف عنه عباءة التراب.
السكان
يشكل المسلمون أغلبية السكان (والسبب كما ذكرنا اعلاه في التطهير الديني بحق المسيحيين بفعل المملوكي الظاهر بيبرس في نهاية الوجود الفرنجي ببلاد الشام حيث اعتبر المسيحيين الوطنيين كالغزاة الفرنجة صليبيون)أما البقية فتدين بالمسيحية ويبلغ تعداد السكان التقريبي حوالي 80,000 نسمة. ملأ شبابها المهاجر أصقاع الأرض من أمريكا إلى آسية، فضلاً عن دول الخليج العربي.
الاقتصاد كانت يبرود ولغاية الثمانينات من القرن الماضي تعتبر مدينة زراعية يعتمد أهلها على الزراعة المروية بعلياً( المطر) ومن أشهر منتجاتها الزراعية : البطاطا اليبرودية والكرز والقمح اليبرودي الذي يجاري في جودته القمح الحوراني .
شهدت يبرود نهضة صناعية وعمرانية وسياحية وتجارية ضخمة منذ نهاية الثمانينيات في القرن الماضي وحتى عامنا الحالي حولتها من بلدة صغيرة إلى مدينة تعتبر ثاني أكبر المدن الصناعية في سورية حسب إحصاءات وزارة الصناعة السورية وإتحاد غرف التجارة السورية وتضم حالياً مقر غرفتي التجارة والصناعة لمحافظة ريف دمشق كما تعد من أوائل المدن السورية التي تملك أكبر نسبة من عدد سكانها من ذوي الدراسات العليا أو الدراسات الجامعية وبجميع الاختصاصات. واصبحت مقصداً للهجرة الداخلية كونها تؤمن فرص عمل مميزة نظراً لمكانة المدينة الصناعية.
ولمدينة يبرود عدد كبير من مواطنيها المغتربين يتوزعون بين الخليج العربي وأوربة وأميركا الجنوبية كان أبرزهم الرئيس الأرجنتيني السابق كارلوس منعم
ومن ناحية الحركة الثقافية والفكرية فمن أشهر رواد هذه الحركة المرحوم الشاعر الدكتورخالد محي الدين البرادعي والمرحوم الشاعرزكي قنصل أخر شعراء العرب في المهجر.
مصادر البحث
- كتاب البلدان -بطليموس القلوذي
- كتاب معجم البلدان2 ياقوت الحموي
- كتاب مكتشفات مغاور يبرود اسم المؤلف: الفريد روست – الطبعة العربية
- كتاب ودراسات مكتشفات مغاور يبرود للدكتور نور الدين عقيل
- موقع أرض الحضارات الإلكتروني
- موقع يبرود أون لاين الإلكتروني
- المعرفة
مراجع وهوامش مكتشفات مغاور يبرود – الدكتور نور الدين عقيل
Beta feature
Beta feature
Beta feature
Beta feature
Beta feature
Beta feature
Beta feature
اترك تعليقاً