أيقونة والدة الإله ”المحبة الحاضنة“ أو الأرحب من السماوات .

أيقونة والدة الإله ”المحبة الحاضنة“ أو الأرحب من السماوات .

أيقونة والدة الإله ”المحبة الحاضنة“

أو الأرحب من السماوات .

.
توجد أيقونة جميلة تُسمَّى باليونانية: platytera ton ouranon. وهذه الأيقونة منتشرة في الكنائس الرومية في كل أنحاء العالم، وهي توضع في أعلى مكان داخل الكنيسة وفي القبة الرئيسة .
وقبة الكنيسة تمثِّل السماء، حيث المسيح جالس عن يمين الآب.
ولكن المُلفت للنظر أن تُصوَّر العذراء القديسة مريم في الأيقونة وهي تُحيط بالمسيح. وصورة المسيح تظهر في مقدمة الأيقونة، بينما صورة العذراء في الخلفية، وهذا يتناسب مع كَوْن المسيح هو الأول في كل شيء. فالمسيح يظهر في الأيقونة وهو في مركز مُقلة عين الناظر للأيقونة، جالساً في حِجْر العذراء القديسة.
وهنا تظهر دقة التعبير في اللحن الكنسي ”افرحي يا مريم“: ”لأن الذي في حِجرِكِ الملائكة تُسبِّحه“. فهو مركز تسبيح الملائكة وكل السماويين.
هنا يظهر التوازن في نظرة الكنيسة الأرثوذكسية لمكانة ودور القديسة العذراء مريم. فللقديسة العذراء مريم دورها الأساسي والحيوي من جهة علاقتها بالمسيح.
فالمسيح ما كان ليُولد بـدون طاعتها الحُرَّة لله: «ليكن لي كقولك» (لو 1: 38). فمقام القديسة العذراء مُستَمَدٌّ من شخص المسيح الذي وَلَدَتْه، فهي تأخذ مكان العرش الذي من عليه يملك المسيح. فالعذراء في الخلفية، والمسيح في المقدِّمة. هذا الوضع يُعلِن عن اتضاع العذراء، ولهذا تُظهِر الأيقونة كرامة العذراء، التي عبَّرت عنها كلمات العذراء في التعظمة: «رَفَعَ المتضعين» (لو 1: 52).
والموضع الهندسي للعذراء في أيقونة ”المحبة الحاضنة“ تُعلِّمنا بشدة بأنَّ العذراء هي الشخص البشري الذي بواسطتها قد اتَّحدت السماء والأرض في المسيح الذي وَلَدَتْه، لأن وضع الأيقونة في قبة الكنيسة (التي تُمثِّل السماء) يتلاقَى مع أرضية الكنيسة على الأرض.

وصف الأيقونة +

في هذه الأيقونة تظهر يدا العذراء مفتوحتين وممدودتين. وهذا يُعبِّر عن وقوفها وهي في وضع الصلاة. فنحن نعرف وبوضوح أنَّ العذراء القديسة هي قائمة في السماء في وضع الصلاة الدائمة من أجلنا، كمثل الأُم الصالحة التي تطلب من أجل أبنائها (ونحن أخذنا هذا اللقب من كلمة المسيح للعذراء عن يوحنا الحبيب: «هوذا ابنُكِ»؛ و«هوذا أُمُّكَ» – يو 19: 27،26، إشارة إلى يوحنا الحبيب وكل المؤمنين من بعده.
وفي نفس الوقت فإنَّ ذراعيها المفتوحتيَن يمكن أن نراهما وكأنهما في وضع عناق الأُم لأبنائها. ومن وجهة نظر روحية، ليس أحدٌ غيرها يمكنه أن يكون في وضع العناق لأبنائها المؤمنين.
وأيضاً كمثل أيِّ أُم صالحة، فإنَّ أُمَّنا الكنيسة تعتني بكل احتياجاتنا. ففي الكنيسة، نجد كل احتياجاتنا. فهي تُطعمنا بـ «خبز الحياة» (يو 6: 35)، وتُلبسنا ”ثوب عدم الفساد“ و”رداء البر“ (إش 61: 10)، وتُطهِّرنا من خطايانا (أع 22: 16)، وتغسلنا ”بغسل التجديد والميلاد الثاني“، وتروينا من ”ينبوع الحياة“، و”تُظلِّل علينا“ بجناحيها (مز 17: 8)، وتُوفِّر لنا المكان حيث نجد ”راحة لنفوسنا“. وهذه الأُم الممتلئة بالرحمة والمحبة غير المشروطة هي دائماً متهيِّئة ومنتظرة رجوعنا؛ بل هي بالأكثر جاهزة كل وقت لتُعانقنا (مثل الأب لابنه الراجع من كورة الخطية – لو 15: 20).
العذراء في أيقونتنا بلباسها الأحمر التقليدي الذي كما أسلفنا يدل على انسكاب النعمة الإلهية عليها فاتحة ذراعيها تدعو أبنائها إلى المعرفة الحقيقية للكلمة يسوع المسيح المتجسد منها. النجوم الثلاث على الأكتاف والرأس ترمز إلى بتولية العذراء قبل وأثناء وبعد الولادة.
في مركز الأيقونة نجد دائرة سماوية كبيرة “فالأم العذراء أرحب من السماوات” تحوي السيد له المجد طفلاً مباركاً المؤمنين بكلتا يديه أو بيده اليمنى ويحمل درجاً ورقياً باليد اليسرى دلالة على كمال الحكمة الإلهية لديه.
في الكنائس الأرثوذكسية نرسم أيقونة الأرحب من السماوات في حنية الهيكل أي مباشرة في صدر الكنيسة أمام المائدة المقدسة فهي الوسيطة والشفيعة الحارة الني تفتح ذراعيها مستقبلة كل الداخلين إلى الكنيسة الملتجئين إلى ابنها الرب يسوع المسيح.

 

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *