الثورة العربية الكبرى

الحلفاء والمؤامرة…

الحلفاء والمؤامرة…

الحلفاء والمؤامرة…

 بريطانيا سبب بلاء كل الكون واساساً منطقة الشرق الأوسط وبالذات الواقع في مشرقنا  كما قي الشرق الاقصى…كون مشرقنا بموقعه الفريد عقدة المواصلات الاهم والزاخر بكل شيء من مواقع سياحية ودينية  والنفط والغاز…الخ  وقد سبق للصحفي المخضرم المرحوم محمد حسنين هيكل العارف بملامح السياسة والإستراتيجية البريطانية في “الشرق الأوسط” والمشرق العربي منذ الحرب العالمية الاولى واتفاقية سايكس بيكو ومنح اليهود وعد بلفور…

هذه الاستراتيجية تتلخص في أربع نقاط نعيشها الآن وهي 
1– تحتفظ بريطانيا بسيطرة فاعلة على الساحل السوري من فلسطين وحتى الإسكندرون إلى جانب السواحل المصرية، لاستكمال سيطرتها على سواحل شرق المتوسط. ويمكن تفهم نفوذ فرنسي في بعض من هذا الشريط، ولكن ضمن إشتراطات وتفاهمات معينة. ومن المهم أن لا يسكن هذه السواحل “لون” إثني-ديني أو عرقي واحد، بل يجب أن يتوزع سكانها على خليط من الأديان والمذاهب: (مسلمون سنة في سيناء، يهود على سواحل فلسطين، مسيحيون في وسط الساحل السوري، طوائف إسلامية علوية في شمال الساحل السوري…) وهكذا سيكون هذا “الموزاييك”، متنافراً فيما بينه، مُهدداً من الداخل –العمق العربي- ومحتاج دائماً لحماية بريطانيا ورعايتها، ومستعد أبداً للإندماج في مشاريعها ومخططاتها.
2- يجب أن تسيطر بريطانيا على جميع الأماكن المقدسة لكل أديان المشرق، سواء بشكل مباشر أوغير مباشرفي الحجاز (مكة والمدينة)، في العراق (النجف وكربلاء)، وفلسطين (القدس كنيسة القيامة والمسجد الأقصى، قبة الصخرة وحائط المبكى، وبيت لحم) بهذه السيطرة، ستدعي الإمبراطورية البريطانية لنقسها ميزة “حامية الأديان” والمقدسات والمؤمنين على اختلاف أديانهم وطوائفهم، كما ستكون صاحبة اليد العليا في “إنتاج” وحماية التدين الذي تريد، والضامن الوحيد لعدم جنوح أي من هذه الأديان والطوائف إلى التطرف “بمعنى إخماد وقمع دعوات المقاومة والتمرد” على نحو يلحق الضرر بمصالح بريطانيا والغرب عموما.ً
3– إقامة خلافة إسلامية في الداخل (المقصود هنا الأراضي العربية الممتدة خلف سواحل المتوسط وصولاً إلى مشارف سواحل الجزيرة العربية على المحيط الهندي) مع ضمان تأييدها المطلق للإمبراطورية، لحسم السيطرة على المنطقة من الخليج العربي وحتى البحر الأحمر والممرات المائية المحيطة بها: مضيق هرمز، باب المندب، قناة السويس…وهكذا نفهم سبب قضاء بريطانيا على حلم الشريف حسين بن علي قائد الثورة العربية الكبرى 1916 بالرغم من موافقتها له في البداية ليقود معركة التحرير ضد المستعمر العثماني، وتجلى ذلك بمباحثات الشريف مع السير هنري  مكماهون المندوب السامي البريطاني في مصر في مباحثات ماراتونية معروفة ( مباحثات حسين- مكماهون) ولورانس العرب الثعلب البريطاني كان يلعب على الشريف واولاده…

لقد اخمدت بريطانيا فكرة مملكة العرب وملكها الشريف حسين الهاشمي وفق مباحثات حسين مكماهون  التي تشتمل على كل المنطقة العربية في آسية وصولاً الى منتصف آسيا الصغرى لأن قيامها يعني توحيد العرب بقيادة الهاشمي الشريف حسين ذي المكانة المحترمة كونه من نسب الرسول وهو المؤهل لاقامة الخلافة في الداخل السوري…لذلك اخمدت بريطانيا خطة مملكة العرب بقيادته لدولة قوية، ونصروا آل سعود الوهابيين و دعموهم في اقامة مملكة ال سعود الوهابية، وإطلاق يدها في مكة والمدينة وعموم شبه الجزيرة العربية ولكنهم محكومون انكليزياً، لأن المخطط البريطاني يهدف منذ ذاك اي  من قبل مائة سنة خلت مع تحقيق وعد بلفور واقامة الكيان  الصهيوني الدخيل في فلسطين بعدما شقوا سورية الطبيعية مع الفرنسيين بسايكس بيكو الى اربعة كيانات انفصالية ضعيفة تحكها بانتدابها وفرنسا عليها بعروش ورئاسات خلبية لاقوة لها  احدها فلسطين  لتقوم عليها دولة العدوان الصهيوني لتكون رأس حربة ضد العرب فشردت الشعب الفلسطيني واقامت الدولة اليهودية، واستعمروا العراق، كما سلخوا كيليكيا وارض روم وماردين وسلموها لكمال اتاتورك وقد طبق الاتراك المجرمون خطة الابادة الجماعية بحق سكانها المسيحيين من سوريين ويونان يتبعون للكرسي الانطاكي… وارمن وسريان وآشوريين وكلدان… وكذلك مع العلويين واتبعوا فيها خطة الارض المحروقة من تدمير وذبح وافراغ… واتبعوها بلواء الاسكندرون السليب ومنحوهم الى تركيا الطامعة بحلب وادلب والموصل وكل الشمال السوري الغني بالنفط والغلال والمياه…

لقد اقام الحلفاء دولة العدوان التركي مهددة العراق وسورية بكل رعايتهم جميعاً للارهاب كما هو حاصل…

أما مملكة آل سعود التي قامت على اساس اسرة عشائرية فرضت اسم كبيرها على المملكة، وتوازع افرادها حكم الاقاليم وبفضل الديار المقدسة اسلامياً التي تحت حوزتها اطلقوا على الملك لقب حامي الحرمين ولكنها رهينة المستعمر البريطاني الذي اوجدها، واليوم للأميركي، وقد تحولت الى رأس حربة ضد العرب وضلعت في مايسمى ثورة الربيع العربي الى تغذية الارهاب في تدمير العراق وليبيا وسورية وشكلت حلفاً اسلامياً في حربها المدمرة على اليمن، وشرائها مؤخراً لجزيرتي تيران وصنافير من مصر…!
4– لا بد من ضمان السيطرة على بلاد ما بين النهرين –العراق- لمحاصرة الإمبراطورية العثمانية في الوقت ذاته، ومنع الإمبراطورية الروسية من بلوغ المياه الدافئة في الخليج العربي والمحيط الهندي.
هذه بعض مبادئ الإستراتيجية البريطانية التي حكمت حياة مشرقنا العربي، كما تشكل العامود الفقري لأي إستراتيجية غربية في المنطقة وخاصة الولايات المتحدة وريثة بريطانيا، ويمكن من خلالها تفسير الكثير من السياسات والحروب، وعبرها يمكن الحصول على صورة واضحة عن سبب عدائية الغرب تجاه بلد ما أو زعيم ما في هذا الإقليم…