القديس العظيم في الشهداء إيليا الجديد (+779م)‏

القديس العظيم في الشهداء إيليا الجديد (+779م)‏

القديس العظيم في الشهداء إيليا الجديد (+779م)‏

تعيد كنيستنا الارثوذكسية في أول شباط تذكار القديس العظيم في الشهداء إيليا الجديد (+779م)‏

سيرته الذاتية

استشهاده

كان استشهاد القديس ايليا في زمن الخليفة المهدي (775-789)، وحاكم الشام وقائد شرطتها، محمد، ابن اخي الخليفة، في الاول من شباط من السنة 779م.
أصله من بعلبك.كان حِرَفياً، ترك مسقط رأسه مع أمِّهِ الأرملة الفقيرة وأخويه وقصد الشام.
عَمِلَ إيليا أجيراً لدى شخص سرياني، إعتنق الإسلام طمعاً بالسلطة والمال. حاول هذا السرياني المسلم أن يقنع إيليا بدخول الدين الإسلامي، لكي يبقيه معه لِما شهد فيه من الإخلاص والتضحية في العمل، ووعده بأن يعتقه ويجعله كابنٍ لهُ. لكنَّ إيليا رفض أن يكفر بمسيحِهِ.
لما فشِلَ السرياني بإقناع إيليا باعتناق الإسلام، حاول أصحاب هذا الأخير، أن يجعلوهُ مسلماً بالحيلةِ.
ففي إحدى الامسيات كان إيليا يتناول العشاء عند السرياني، وكان حاضراً أصحاب هذا الأخير فشرعوا يمرحون ويرقصون، وإذ بهم يمسكون بيدي إيليا للرقص ويدورون، فحلَّ أحدهم زنَّارهُ وألقاه على ظهره فيما حلَّ إيليا الطرف الآخر من الزنار لكي لا يتعثر به من أجل الرقص.
وانقضى الليل وأطلَّ الصباح فنهض إيليا باكراً وتزنَّر كعادتِه، ثمَّ غسل وجهه وهمَّ بالخروج إلى الصلاة. ولما سأله أحد المتآمرين عليه: إلى أين أنت ذاهب؟ أجابَ: للصلاة!
إلاَّ أن إيليا سمع من محدِّثه كلاماً غريباً فَهِمَ منهُ أن حادث الزنَّار أثناء الليل كان معناه أنهُ أنكر المسيح، فلم يُعرْ الموضوع اهتماماً جدياً، لأنَّهُ ظنَّ أن محدِّثه كان يمازحُهُ.
فخرج إيليا من المنزل، فصلَّى ثمَّ توجه إلى عمله كعادتِهِ، وإذ به يفاجأ بالسرياني يقول لهُ بأنَّهُ منع أصحابَهُ من أذيَّتِهِ لأنهُ – أي إيليا – بعد أن رفض المسيح استمرَّ على مسيحيَّتِهِ. إذ ذاك أدرك إيليا خطورة الحادث.
فاستشار أمَّه وأخويه فارتأوا أن يخرج على الأثر إلى السرياني ليأخذ ما لَهُ من أجرة عنده ثمَّ يعود إلى بعلبك. لكن السرياني أبى أن يسدِدَ ما عليه وأنذر إيليا، في المقابل، بأنه لن يسمح لهُ بمغادرة دمشق لأنهُ لم يعد مسيَّحياً. واحتدم الجدال بين الاثنين. وإذ كان السرياني جشعاً وكان همَّه الأول أن يبخس إيليا حقَّهُ تركهُ يذهب بعد أن تنازل هذا الأخير عمَّا له في ذمَّتِهِ.
وعاد إيليا إلى مسقط رأسه، بعلبك، فعمل في صناعة المحاريث وسواها. بقي فيها ثماني سنوات. عنَّ بعدها على بالِهِ أن يعود إلى دمشق من جديد لأن فرص العمل والترقي فيها كانت خيراً من بعلبك. فانتقل إلى الشام لا يلوي على شيء واستأجر دكاناً وبدأ يعمل لحسابِهِ الخاص.
حادثة الزنَّار بدت لناظِرَيه كأنما سقطت بمرور الزمان. وزاده يقيناً أن الأمر مضى وانقضى أن صاحبه السرياني الجاحد صادف أخويه بضع مرات ولم يأتِ على ذكرها البتَّة. على هذا باشر إيليا عملَهُ مطمئِن البال وأخذ يصنع الرحال للجمال والبرادع للدواب.
ولم يمضِ وقتٌ طويل حتَّى شعر السرياني بإيليا مزاحماً له في صناعته، لاسيَّما وأنَّ دكانَهُ غير بعيد عن دكان إيليا كثيراً. فجاءهُ عارضاً عليه العودة إلى العمل عنده من جديد لقاء أجر، فلم يوافقه.
فذهب السرياني إلى ابن أحد المتآمرين على إيليا في حادثة الزنار، وكان عارفاً بما جرى، فأخذ شهادته لدى رجل من المتنفذين يُدعى “الليثي”، مدعياً أن إيليا سبق لهُ أن أنكر المسيح وقَبِلَ الإسلام، ثمَّ عاد إلى نصرانيَّتِهِ. فأمر الليثي بإلقاء القبض على المتَّهم وإحضاره إليه.
فلما وقف إيليا أمام الرجل سأله هذا الأخير إن كان قد سبق له أن جَحَدَ مسيحيَّتِهِ فأنكر. فقال لهُ: لنفرض أنك لم تكفر بدينك ولا جحدت مسيحَكَ، وأنا أدعوك إلى ذلك أفلا تفعل وتأتي إلى ديننا لتنعم بالكرامات والشرف الكثير؟
فأجاب إيليا: “لا سمح الله أن أفعل هذا ما حييت لأني أنا مسيحي ابن أبوين مسيحيين، وأنا مستعد أن أموت في سبيل إيماني”. إذ ذاك أعلن الوالي أنه يقبل الشكاية عليه بناء لشهود الحال. فشهد من شهد أن إيليا فعل ذلك حقاً، فأمر به الليثي فعرّي وأعمل الجلاَّد فيه جلداً لا هوادة فيه حتَّى سال دمه.
كان الفتى يومذاك في العشرين من العمر. وكان الليثي يقول لهُ: “لا يخطرن ببالك أني سأطلقك قبل أن ترفض المسيح!”. فأجاب إيليا بعزمٍ ثابتٍ أكيد: “إذن عليك بالضرب وعليَّ بالصبر والاحتمال!”. وبعدما أشبع الليثي إيليا جلداً أمر بإلقائِهِ في السجن فسُحِبَ برجليه مضرجاً بدمائِه. وقد تمكَّن أخواه من الوصول إليه فناشداه باكيين ألاَّ يكفر بمسيحِه مهما كلَّف الأمر، فزادهُ ذلك عزماً وتصميماً.
عرض الليثي أمر إيليا على محمد، رئيس الشرط، فتولىَّ هذا الأخير محاولة إقناع إيليا بالحسنى والمواعيد إن رفض المسيح. ولما فعل وجد إيليا صامداً لا يلين. وإذ أخبره أن الخليفة المهدي أمر بإنزال عقوبة الموت بكل من صار مسلماً فارتد، لم يلقَ لديه إذعاناً ولا ترداد، بل عزماً وثباتاً على الإيمان.
واستمر الأمر على هذا الحال ردحاً، وكان جلاّدو إيليا يأخذونه إلى غوطة دمشق ويعذبونه عارياً في البرد والصقيع. وقد عرضوا عليه أن يقول ولو كلمة واحدة في الكفر بالمسيح فيُخلى سبيله فلم يذعن.
أخيراً حلَّ أول أيام شهر شباط من عام 779م، وهو اليوم السابق لدخول السيِّد إلى الهيكل، فأمر الليثي جنديَّاً بالتظاهر بأنه سيقطع رأسَهُ. فركع إيليا منتظراً تنفيذ الحكم. فأثار الأمر غيظ الليثي، فأمر بقطع رأسه بالفعل. فأبى الجنود، فأحضر رجل فارسي أُعطي مالاً، عشرين من الفضَّة فقطع رأسَهُ. “هكذا سقط الشاب القديس ذبيحاً كالخروف”.
وبقي وجهُهُ محتفظاً بحيويَّةٍ مذهلة، فهِمَ سِرَّها أحد الشيوخ الواقفين هناك، وكان جاهلاً ما هو من أمر استشهاده، فأخذ ينتف شعر رأسِه.
وأمر الليثي بأن يعلَّق جسد إيليا على صليب في البستان خارج “أبواب المدينة”، وأقام عليه حراساً لئلا يأتي المسيحيون فيسرقونه. وقد بقي الجسد معلقاً أربعة عشر يوماً كان المسيحيون والمسلمون يشتمّون رائحة طيب عجيبة تفوح من الجسد المعلق، المفترض أن يكون قد أنتن.
ولما علم الليثي بذلك أمر بإحراقِهِ حتى لا يأخذه المسيحيون ويبنوا على اسمه كنائس ويحتفلون بأعياد. ولكن إذ لم يكن الجسد ليُحرق، قطَّعوه تقطيعاً وطرحوه في النهر.
أما الشهيد فظهر لبعض المسيحيين ودلَّهم على مكان القطع فالتقطوا بعضها واحتفظوا بها، وكانت تصير بواسطتها عجائب جمَّة.
قد تكون صورة ‏‏شخص واحد‏ و‏نص‏‏

 

  • Beta

Beta feature

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *