المسيحية في بعلبك

ليس الوجود المسيحي بطارىء على مدينة الشمس إذ مع انتشار الرسل الأوائل في أصقاع المعمورة دخلت المسيحية مدينة الشمس على يد الأسقف تيودوطوس في القرن الأول الميلادي وتحديدا في العام ٩٧ ميلادي والذي تمكن من تنصير عدد كبير من أبناء المدينة من بينهم أفدوكيا أو أفدوكية وتسمى أيضا رضى والتي قامت بتوزيع كل ما تملك على الفقراء ونتيجة الإضطهادات الممارسة من الوثنيين سقطت كأول شهيدة للإيمان في العام ١١٤ ميلادية

بعلبك “ايليوبوليس العظيمة” Ἡλιούπολις …… التي سميت فيها بعد هليوبولس “مدينة الشمس” بسبب عبادة الشمس فيها والاسم من اللغة اليونانية …

1- قلعة بعلبك الشهيرة كانت كنيسة للروم …
“إن الامبراطور ثيوذوسيوس الكبير (347-395)… دمر الهياكل الوثنية وانتقم لروم بعلبك فحول هيكلها المخصص لعبادة إله الشمس إلى كنيسة”. ( تاريخ بعلبك، د.حسن نصرالله ص.67 )

2- “النار اليونانية” ، أو “نار الروم” …
هي سلاح الروم الفتاك الذي استعمله الروم في حروبهم البحرية منذ العام 674 م وأنقذ عاصمة الروم من الغزوات العديدة ل7 قرون …. مخترع هذا السلاح ، الذي بقي سراً من أسرار دولة الروم ، والذي أخاف العرب لقرون ، هو “كالينيكوس البعلبكي” المشرقي ، لاجئ من روم بعلبك ، لجأ مع عائلته إلى “القسطنطينية” مع الآلاف من أبناء مدينته “بعلبك” بعدما احتلها العرب المسلمون عام 633 م . وقد اخترع هذا السلاح ليقف بوجه “تمدد البرابرة” و”احتلالهم المزيد من مدن الروم” آنذاك، خاصة بعدما أسقط العرب أجمل مدن الروم المشرقية (بعلبك ، وصور ، وانطاكية ودمشق وحلب والقدس وغيرها).

3- جسد القديسة “برباره” …من بعلبك إلى القسطنطينية عاصمة الروم إلى روسيا …و كما هو منذ العام 235 م حتى العام 1654… حيثُ “يذكر البطريرك مكاريوس ابن الزعيم أن جسدها نقله ملوك الروم من بعلبك ( أيليوبوليس ) إلى القسطنطينية .

ولما اعتنق الروس الأرثوذكسية في زمن الامبراطور البيزنطي باسيليوس الثاني (976-1025) ، قام هذا الملك بتزويج أخته لفلاديمير أمير كييف…و أعطى باسيليوس أخته رفات القديسة برباره هدية ، فأخذتها معها من القسطنطينية إلى كييف … ويخبرنا البطريرك مكاريوس أن جسدها بقي على حاله ناقص منه بعض الأعضاء وهو شاهدها وتبرك بها سنة 1654 … بعد مرور أكثر من 1400 عام على استشهادها …. ويخبرنا أنه كان موضوعاً في دير القديس ميخائيل خارج مدينة كييف …

4- روى المؤرخ الذي كتب ترجمة القديس غريغوريوس اسقف طور إن السوريين كانوا يتكلمون اللغة الرومية “اليونانية” والمؤرخ العربي الواقدي في كتابه “فتح الشام” روى مع كثير من مؤرخي العرب في أماكن كثيرة ان اهل الشام لايتكلمون الا الرومية وسوى بعض الافراد منهم كانوا يتكلمون العربية كما كان بعض الافراد من العرب يعرف اللغة الرومية ، بل ان قرى بعلبك وغيرها من البلاد الداخلية لم يعرفوا سوى اللغة الرومية “اليونانية” …

5- بقيت الأرياف الشامية حتى العهد العباسي بيد أهلها الروم متصلة بارياف البقاع الشمالي ومنها بعلبك وحتى الثغور الساحلية اللبنانية وذلك حتى ثورة المنيطرة عام 759 م ، وهي بلدة في جرود كسروان وجبيل .
قاد الثورة πηνδαρ بندار ابن المنيطرة الرومي ، ( المعروف بقائد الثورة المسيحية في جبل لبنان ضد العباسيين ، (وهو رومي كما يشهد اسمه ) وقد قمعها العباسيون بقسوة شديدة .

6- قُبّة الصَّخرة بين القدس وبعلبك : أن قبّة مسجد الصخرة التي في القدس، هي نفسها قبّة كنيسة رومية كانت في مدينة بعلبك في فينيقيا اللبنانية، وقد إنتزعها الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان من هناك وأحضرها إلى القدس وجعلها قبة لمسجد “قبة الصخرة” الذي بناه!

زخرت المدينة بعدها بسلسة من شهداء الإيمان كان من بينهم

القديسة بربارة التي سقطت شهيدة في العام ٢٣٥ ميلادي ومنهم من يقول ٢٣٧ م

ثم القديس جيلاسينوس وهو ممثل هزلي معروف تعمد في حوض من الماء الساخن على المسرح أثناء تأديته أحد الأدوار الهزلية متهكما على سر العماد لدى المسيحيين فكان فعل الروح القدس في نفسه حتى إذا ما جاهر بذلك أمام الجمهور الوثني قام برجمه حتى الموت فسقط شهيدا للإيمان المسيحي في العام ٢٩٧ م في عهد الامبراطور ليسينوس على المسرح التاريخي الذي يشكل واجهة أوتيل بالميرا في بعلبك في يومنا . دفن في بلدة مريمين التي تقع بين محافظتي حمص وحلب السوريتين وتم بناء بازيليك بعدها تعلو قبره

لم تستطع تعاليم السماح التي أتى بها إعلان ميلانو الذي أعلنه الامبراطور قسطنطين في العام ٣١٣ ميلادي متناولا حرية الإيمان الديني الصمود طويلا إذ في العام ٣٦١

ومع الإمبراطور يوليانوس عاد الإضطهاد الوثني ليطال المسيحية من جديد فسمي بيوليانوس الجاحد نتيجة ما مارسه تجاه المسيحيين متنكرا لإعلان ميلانو وعادت القرابين المسيحية لتضاء على مذابح الكنيسة والإيمان المسيحي

فكان الشماس كيرلس البعلبكي والذي يذكر المؤرح تيودوريطس أنه عين بأمر من الأمبراطور قسطنطين شماسا على كنيسة بعلبك أحد ضحايا هذه الردة الوثنية إذ سرت موجة من السخط والإضطهاد ضد الكنيسة وأتباعها وشهوة عند الوثنيين للإنتقام ممن دحض ديانتهم وأقفل معابدهم . في هذا العام أي ٣٦١ م قامت جماعة من البعلبكيين بمهاجمة الشماس كيرللس وجروه في الأوحال وضربوه حتى الموت ثم فتحوا صدره ونزعوا كبده وأكلوه . كما هجموا على دير في المدينة للراهبات المتبتلات وجاؤوا بهن إلى ساحة معبد الإلهة الزهرة المعروفة ب aphrodite لدى اليونانيين و Venus لدى الرومان والذي كان قد هدم أيام الأمبراطور قسطنطين واسأؤوا إليهن على مرأى ومسمع من العامة والحكام

شهيد آخر للإيمان سقط في الفترة الزمنية ذاتها ويدعي القديس لوقا أو لوقيانوس البعلبكي وقد نقلت رفاته كما قيل إلى مدينة صيدا وشيدت على قبره بازيليك

ولا ننسى القديسة يولياني والقديس الياس الجديد البعلبكي

وتكر سبحة الشهداء القديسون وليس آخرهم ناسك جبولة راسمين مسيرة من الشهادة الحقة التي لا تنضب

بعلبك في ٢٠ آب ٢٠٢٣

مصادر البحث

بعلبك : نسور الروم

المحامي انطوان غسان ألوف