المشرق الهليني

المشرق الهليني

المشرق الهليني

إنها حقيقة تاريخية أن الهيلينية حكمت هذه الأراضي “المشرق” لمدة ألف عام جزئيًا سياسياً وكلياً من حيث الثقافة والعادات إما في شكلها اليوناني الخالص أو في شكلها الروماني أو الشكل اليوناني-الروماني والقسطنطيني”الرومي” …
وكانت القوة الثقافية الهيلينية ذو تأثير كبيرة لدرجة أنها نجحت في البقاء حتى من الحكم العربي الإسلامي الذي بدأ في القرن السابع وتبعه الحكم التركي “العثماني” …
ولكن هناك أربعة أسئلة يجب الإجابة عليها باستخدام
المنهج التحليلي التاريخي 
1-متى كانت البداية وما هي السمة السياسية لهذا الحكم؟
2-كم كان حجم القوة الهيلينية في هذه الأراضي من منظور اثني و من ناحية الواقع الملموس و الناحية السكانية ؟
3-ما هو واقع العادات و التقاليد و الثقافة الهيلينية؟
4-ما هو المسار التاريخي للهيلينية بعد نهاية حالتها ككيان سياسي من القرن السابع الميلادي حتى يومنا هذا ؟ …

بدايةً بطبيعة الدولة اليونانية في سورية سياسيا

كانت الدولة اليونانية السلوقية التي تأسست في نهاية القرن الرابع قبل الميلاد في سورية و فلسطين وبلاد ما بين النهرين تتخذ من هذه البلدان مركزًا لها، ثم توسعت في بعض الأحيان في بلدان آسيوية أخرى “لم تكن دولة استعمارية يونانية” مثل الدولة الحالية للإنكليز في الهند والفرنسيين في الجزائر و لم يكن السكان الرئيسيين يتكونون من السكان المحليين الذين كانوا من جنسيات و إثنيات مختلفة ..
وكانت في سورية دولة يونانية تحت حكم سلالة يونانية، وكان مركزها وقوتها الحقيقية في البلاد نفسها أي “سورية” وليس فقط في الجيش و الطبقة الأرستقراطية و العسكرية، بل وفي الشعب اليوناني الذي شكل عدد السكان الأكبر متفوقين ثقافياً و الذي خلق هناك عدة منارات للتنوير الثقافي تألقاً من خلال الهيلينية خلال فترة انفجارها الثقافي العظيم والعالمي.

المشرق الهليني

لقد تأسست الدولة اليونانية في سورية في وقت كانت فيه الهيلينية تنشر أنوارها في الأراضي اليونانية في المقام الأول حيث تطورت الثقافة اليونانية الأصلية ، وفي غرب آسيا ومصر حيث تم فتح طرق جديدة بقيادة الملك المقدوني  البطل والسياسي البارع ولم يحدث هذا التنوير بشكل مباشر ولكن من خلال الهجرة اليونانية التي بدأت في عام” 1300 قبل الميلاد ” … أي قبل مجيء الإسكندر المقدوني ب 900 عام تقريباً …

انطاكية الهلينية

تأسست المدن اليونانية من أعظم مراكز البر الرئيس لليونان ، مثل أثينا و مدن أخرى في سورية. وتم تأسيس العديد من المراكز العظيمة للحياة والثقافة والتعليم اليوناني. وكان المهاجرون من الكريتيون، والمقدونيون، والقبارصة، ولكن معظمهم من الأثينيين يشكلون سكان المدينة اليونانية العظيمة التي بنيت على نهر العاصي…
هذه المدينة هي ” أنطاكية” و التي أصبحت أعظم مركز للهيلينية و الوثنية و المسيحية وواحدة من ألمع منارات
التعليم الهليني اليوناني ومهد المسيحية اليونانية “الرومية” … و إلى جانب أنطاكية تم تأسيس عدد كبير من المدن اليونانية ذات الأسماء المختلفة على طول ساحل سورية كما في الداخل أيضاً في سورية الجوفاء “فينيقيا المجوفة”…
و سرعان ما أصبحت مدينة دمشق القديمة العظيمة “عين الشرق” والتي لعبت دوراً بارزاً في تاريخ سورية وفلسطين و الدول الكبرى التي كانت على ضفتي نهري دجلة والفرات وحتى تحت حكم الأخمينيين … والتي خضعت للحكم اليوناني بعد انتصار الإسكندر على الفرس في إسوس ..
تحولت دمشق إلى مدينة يونانية ليس فقط سياسياً كمدينة يحكمها اليونانيون ولكن أيضاً من الناحية الاثنية… استقبلت المهاجرين اليونانيين وشاركت في كل جانب من جوانب الحياة الثقافية اليونانية المنتشرة في الشرق و خلال العصور المسيحية أصبحت واحدة من المراكز الرئيسة للمسيحية اليونانية “الرومية” في سورية و سائر المشرق …
وفي وقت قصير أصبحت منطقة سورية الجنوبية بأكملها والساحل الفينيقي مراكزً هاماً للثقافة اليونانية و المسيحية. وإلى الجنوب، في فلسطين، فقد قطعت الهيلينية خطوات كبيرة حتى قبل بدأ البشارة المسيحية …
The Ethnic Ancestry of the Orthodox Christians of Syria & Palestine … BY Pavlos Karolidis
نسور الروم

 

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *