المطربة ماري جبران

المطربة ماري جبران

المطربة ماري جبران

المطربة ماري جبران

المطربة ماري جبران

كلمة لابد منها

 ماري جبران مطربة منسية  لعلها  الاهم في سورية الكبرى وحتى في مصر…
هيابنة سورية الكبرى، مواليد وطفولة بيروتية مؤلمة…نشأة دمشقية مؤلمة… حضور مقدسي… تألق مصري…  نبوغ وزهو حياة دمشقي وخاتمة حزينة واشد ايلاماً…رائدة عملاقة تأثرت وأثرت في كل هذه الاوطان…
ماري جبران الجميلة والمتألقة اثبتت وجودها  في كل مكان فغارت منها حتى خالتها ماري جبران في القدس، والمطربة الكبيرة بديعة مصابني في القاهرة خوفا من منافستها لهما… بالرغم من افتتانهما في البداية بفنها وحضورها  المتميز، كما  افتتن بها كل الكبار من شيوخ  الكار الفني ان كان في الشعر واللغة وأساساً التلحين…
بإجماع عارفيها ومعاصريها من اكبر السميعة الكبار الى أصغر السميعة العاديين… انه لولا ظروفها كلها  ومحاربة الغير لها وعودتها الى الشام حيث وجدت فيها المحبة والاحتضان وتأسيس العائلة والنهاية المأساوية لها  لكانت ربما نافست ام كلثوم…
المطربة الكبيرة ماري جبران يمكن اعتبارها سيدة مطربات بلاد الشام.
هكذا هي المرأة السورية  فهي المتميزة باباء بالرغم من كل الضيقات…
ماري جبران كنظيراتها السوريات اللواتي وفي كل المجالات  تبوّأن  مكانة هامّة في الحركة الثّقافيّة الحديثة، وإن لم تكن تلك المكانة على نفس قدم المساواة في الأقطار العربيّة إلاّ أنّها وفي المشرق العربي تركّزت ما بين قطبين هامّين هما مصر والشّام نظرا لعدّة عوامل سياسيّة واقتصاديّة وخاصّة اجتماعية انعكست على الحركة الفكريّة ومدى مساهمة العنصر النّسائي فيه.         
في الميدان الفنّي كثيرا ما تحدّثت الدّراسات الأكاديميّة عن المدرسة المصريّة الشّاميّة في الغناء العربي الحديث ودورها في استمرار الطّابع الطّربي التّقليدي وكذلك دورها في إثراء ذلك الطّابع وإضفاء لمسات تجديديّة انطلقت به نحو عالم التّميّز والزّعامة في الغناء الحديث. وفي هذا السّياق تذكر غالب الأحيان أسماء لأعلام التّلحين والأداء الصّوتي من رجال المدرسة الغنائيّة المصريّة الشّاميّة على غرار أبي خليل القبّاني وعمر البطش وعبده الحامولي وسيّد درويش وسلامة حجازي وعبد الحيّ حلمي وغيرهم … في حين تضع الفنّانات في مرتبة ثانية أو أحيانا تهمل ذكرهن حتّى كأن لا دور لهن في تلك الحركة الموسيقيّة والفنّيّة الهامّة في مسار الموسيقى العربيّة، والحال وأنّه بالرّجوع إلى أصول الغناء العربي يستطيع كلّ مطّلع أن يكتشف الدّور الذي لعبته النّساء العربيّات في ترسيخ الفنّ الموسيقي والغنائي وتثبيت قواعده النّظريّة أداء وتطبيقا.         
تكتنف المدرسة الغنائيّة المصريّة الشّاميّة في الغناء عدّة نقاط غامضة لاسيّما في طرفها الشّامي وفي أعلامها من المطربات.
المطربة  الرائدة ماري جبران منهن، وهي مطربة سايرت الحركة الغنائيّة العربيّة الحديثة في النّصف الأوّل من القرن العشرين، وهي بل نكاد نسمع عنها  اليوم أو نقرأ في مجمل الكتابات والمؤلّفات المؤرّخة خاصّة للمدرسة الغنائيّة الشّاميّة بعدما انتهى جيل الكبار من عارفيها او ورثتهم فواجبنا دوماً ان نعود لتسليط الضوءعليها وعلى من نسيهم الناس والمؤلم في موطنهم وسمة الناس هي النسيان.

السيرة الذاتية

 

 المطربة "ماري جبران" سيدة مطربات بلاد الشام،
المطربة “ماري جبران” سيدة مطربات بلاد الشام،

ولدت المطربة “ماري جبران”، سنة 1911 في بيروت، واستناداً الى مذكّرات الملحّن المصري الشّيخ زكريّا أحمد(1) فإن تاريخ ولادتها على الأرجح هو عام 1907إن لم يكن في عام 1905، وكلا التّاريخين أتاحا لها الفرصة لاحتراف الفن في ظل القوانين النافذة.

وماري جبران هي ابنة “يوسف جبّور” الذي نزح بأسرته إلى سورية واستوطن في دمشق بسبب قسوة الحياة وهرباً من المجاعة التي اجتاحت لبنان في زمن الحرب العالميّة الأولى المعروفة بمجاعة سفر برلك(1914-1918) كالكثير من بقاع لبنان وبالذات من بيروت التي ضربتها المجاعة بقوة، ولم يكن واقع دمشق افضل فالمجاعة حصدت ارواح الالوف من الجائعين. إلاّ أنّ الموت ادرك يوسف جبور في دمشق تاركا أسرته تواجه ظروفا صعبة جدّا وتعيش على مساعدات الجمعيات الخيرية (نور الاحسان والقديس جاورجيوس الارثوذكسيتين الدمشقيتين) والبطريركية الارثوذكسية بدمشق بقيادة البطريرك غريغوريوس الرابع شخصياً، لكن استمرار هذه المجاعة دفع بوالدة ماري إلى السفر الى القدس حيث تقيم اختها الممثّلة المشهورة حينها الخالة “ماري جبران”وتعيش وعائلتها معها.

وهكذا قُدّر للصّغيرة “ماري جبّور” ذات العشر سنوات (اما 1905 او 1907) النّشوء في وسط فنّي مع فنّانات زمانها، حيث بدأت حياتها الفنيّة بمرافقة خالتها “ماري جبران” لتعمل معها في الغناء والتّمثيل في القدس بفلسطين (التي لم تضربها المجاعة التي ضربت بقية الارجاء السورية) التي كانت مقصد معظم الفنّانين العرب في تلك الأيّام لما تمثّله من زخم كبير في حركتها الفنّية والاجتماعية، وهناك اكتشفت موهبتها باكرا، فأخذت تغنّي على المسرح وترقص برشاقة وتضرب بالصنوج، وتعلّمت العزف على العود فبرعت فيه.

وعندما قدم “سلامة حجازي” إلى بلاد الشّام في إحدى جولاته الفنّيّة، كان من عادته اكتشاف المواهب من الممثّلين والممثّلات لاستخدامهم في فرقته، فوجد ضالته في الفنّانة “ماري جبران” خالة “ماري جبّور” التي وافقت على العمل في فرقته وانتقلت معه إلى مصر.

 مع بقاء الاسرة في القدس، قرّرت الابنة “ماري جبّور” احتراف الغناء، فعملت في فرقة الممثّل المصري “عليّ الكسّار” التي كانت تتجوّل في يافا وحيفا وبعض مدن شرقي الأردن، بعد انتهاء الموسم الفنّي في القاهرة. كما عملت في فرقة الممثّل المصري “حسين البربري” مدّة تسع سنوات. ذاع صيت ماري في القدس، وأقبل عليها المعجبون ولُقّبت بماري الصغيرة، تمييزا لها عن خالتها ماري الكبيرة.

مع بدء احترافها للغناء، حملت اسم خالتها لسببين: الأوّل، كي لا تسيء لاسم عائلة “جبّور” التي لم توافق على احترافها الغناء في الملاهي، والثّاني لاكتساب شهرة خالتهاالممثّلة المعروفة، حتّى أنّ بعض معاصري أوّل عهدها بالظّهور على المسارح، كان يظن أنّ “ماري جبران” الممثّلة، هي “ماري جبران” المطربة، إلاّ أنّ الخالة غارت من النّجاح الذي حقّقته ماري الصّغيرة، فأساءت معاملة ابنة أختها ودفعتها للعودة إلى دمشق بعد غياب تسع سنوات مكّنت ماري من سلك طريق الاحتراف.

في دمشق

 في دمشق، وكانت قد قاربت العشرين سنة، عملت بملهى قصر البلّور الشهير في “القصاع”

متنزه قصر البلور على السكة في القصاع وهنا صار مركز عسكري افرنسي مؤقت عام 1925
متنزه قصر البلور على السكة في القصاع وهنا صار مركز عسكري افرنسي مؤقت عام 1925

والمتوضع على ضفة بردى بباب توما عدّة شهور، حيث استقلّت بالعمل لوحدها بعد أن بلغت الشّهرة. ثمّ بسبب الظّروف المضطربة في سورية أثناء الانتداب الفرنسي منذ 1920 والثّورة السّورية الكبرى 1925-1927، انتقلت إلى بيروت وعملت في ملهى “كوكب الشّرق” الذي ذكره زكريّا أحمد في مذكراته حيث يقول أنّه التقى في عام 1927 في ذلك الملهى في بيروت بالملحّن المصري رياض السنباطي، وأنّهما استمعا مع غيرهما من الأصدقاء إلى المطربة النّاشئة “ماري جبران” وأبديا إعجابهما بها.

عندما هدأت الأوضاع عام 1927، واستتب الأمن لصالح الاستعمارالفرنسي بتوقف الثورة الكبرى، عادت ماري جبران إلى دمشق لتعمل بعض الوقت في ملهى “بسمار” في منطقة المرجة، ثمّ غادرت إلى حلب فاشتغلت في ملهى  “الشّهبندر”. بعد سنة عادت مرّة أخرى إلى دمشق، للعمل مجدداً في ملهى “بسمار”، وكان يعجّ بالمعجبين بفنّها. وهكذا بلغت “ماري” الشّهرة وحقّقت نجاحا ملفتاً للنّظر لما تتمتّع به من صوت رخيم وإحساس رائع وضعها في مقدّمة مطربات جيلها وبلغ أجرها الشّهري أكثر من خمسين ليرة ذهبيّة.

في القاهرة

الفنانة بديعة مصابني

الفنانة بديعة مصابني

يقول النّاقد الموسيقي السّوري صميم الشّريف في كتابه الموسيقى في سوريا(2)أنّه في أوائل الاربعينات، وفي فترة الاضطرابات التي غمرت القطر العربي السّوري ضدّ الاستعمار الفرنسي، وفدت إلى دمشق الرّاقصة المشهورة  “بديعة مصابني” بين عامي 1930 و1931 التي كانت تملك صالة بديعة الشهيرة في القاهرة، وتسيطر بوسائلها الخاصّة على دور اللّهو هناك. عندما استمعت إلى “ماري جبران” في سهرة خاصّة أذهلها صوتها وأداؤها وجمالها، فقرّرت أن تأخذها معها إلى مصر، بعد أن وقّعت عقداً معها للعمل في صالتها لمدّة سنة قابلة للتّجديد، وهناك افتتن النّاس بجمالها قبل أن يفتنهم صوتها وغدت بين عشيّة وضحاها قبلة الأنظار، فأحاط بها المعجبون والفنّانون وأطلقوا عليها اسم  ماري الجميلة وماري الفاتنة وما إلى ذلك. وكان شيوخ التّلحين من الذين أعجبوا بصوتها السبّاقين إلى خطب ودّها، فتعرّفت على محمّد القصبجي وداوود حسني والشّيخ زكريّا أحمد، وانفرد الأخيران بالتّلحين لها، فحفظت على يدي داوود حسني دور “الحبيب للهجر مايل” ودور “أصل الغرام نظرة” واهتمت بتدريبات الشّيخ زكريّا أحمد وتعلّمت منه كيف تغنّي القصائد والأدوار والطقاطيق حتّى أبدعت فيما غنّت، مثل دور “يا مانت واحشني” ودور “دع العزول”  ودور “في البعد يا ما كنت أنوح”.  وفجأة دبّ الخلاف بينها وبين “بديعة مصابني” فتركت مسرحها آملة في العمل بمسارح أخرى، ولكنّها لم تستطع في البداية بسبب سيطرة “بديعة مصابني” القويّةعلى ملاهي القاهرة. ويبدو أنّ “بديعة مصابني” اختلفت معها بسبب الأجر، وقيل بسبب رفضها مجالسة روّاد الملهى، وقيل أيضاً أنّ بديعة مصابني اعتقدت بأنّ ماري جبران” التي أدارت العقول بجمالها وسحرها وغنائها، أخذت تزاحمها في أمر لا تحبّ أن يزاحمها فيه أحد، فأنهت عقدها متعللة بأوهى الأسباب.

تمكّنت “ماري جبران” عن طريق أصدقائها الكثيرين وبفضل ما تملكه من خصائص فنّية من العمل في العديد من الصّالات في القاهرة، وظلّت تعمل على الرّغم من القطيعة بينها وبين”بديعة مصابني” مدّة سبع سنوات، ثمّ ولأسباب مجهولة قرّرت العودة إلى دمشق.

العودة الى دمشق

بعد عودتها مباشرة من مصر وقّعت عقداً مع ملهى العبّاسيّة في ساحة المرجة  بمبلغ مائة وخمسين ليرة ذهبيّة في الشّهر، وكان ذلك في أواخر الثلاثينيات وشبح الحرب العالمية الثّانية المنذرة بالاندلاع يخيم على العالم. ومنذ ذلك التاريخ أخذت ترسخ قدمها في الفن الذي أتقنته وكرسته لروّاد مسارح وملاهي لبنان وسورية وفلسطين، حتّى غدت بحق مطربة ديار الشّام الأولى(3).

الملحنون الشوام

غنّت المطربة “ماري جبران” أعمال مشاهير الملحّنين المصريين الكبار كأدوار الشّيخ سيد درويش وداوود حسني وزكريا أحمد من التي كانت تؤديها سيدات الطرب آنذاك كفايزة أحمد وأمّ كلثوم ومنيرة المهديّة ونادرة الشّاميّة، ثمّ أخذت تغرف من ألحان أبو العلاء محمّد ومحمّد القصبجي ورياض السّنباطي ومحمّد عبد الوهاب في المونولوغ والقصائد والطقاطيق، وبعض الأعمال التّراثيّة الشّاميّة في الموشّحات والأدوار والأغاني الخفيفة، لتكتشف شيئاً فشيئاً بأن عليها أن تغني أغاني خاصة بها يقوم بتلحينها ملحّنون مختصّون يعرفون خصائص صوتها وقوّته، فاتصلت بمشاهير الملحّنين السّوريين من أمثال صابر الصّفح ومحمّد محسن ورفيق شكري وزكي محمّد ونجيب السرّاج ورياض البندك وراشد عزو لتبدأ معهم رحلتها.

المطربة ماري جبران
المطربة ماري جبران

يمكن القول على ضوء ما قدمه هؤلاء الملحّنون، أنّها ارتاحت لألحان الفنانزكي محمّد” فغنّت من ألحانه عدداً كبيراً من القصائد والمونولوغ والأغاني العاطفية الدّارجة، وأوّل لحن غنته له مفتتحة بها حفلاتها الشّهريّة في عام 1937، مونولوغ شعري رومانسي ناعم بعنوان “الشّباب” من نظم أحمد مأمون، ثمّ تتالت بعد ذلك أعماله لها، وبخاصّة في القصائد التي حلقت بها كما في قصائد دمشق” من شعر د.عزّت الطّباع، “خمرة الرّبيع” من شعر أحمد خميس، “زنّوبيا” من شعر زهير ميرزا. وفي المونولوغ مثل مونولوغ “البلبل” والطقطوقة مثل طقطوقة أماني”.

والجدير بالذكر أن قصيدة “دمشق” التي غنتها من الإذاعة السورية في العام 1948، كانت أوّل قصيدة قوميّة نظمت احتفالاً بضيوف سورية الذين اجتمعوا في دمشق بعد كارثة فلسطين، وقد أحدثت آنذاك ضجّة كبيرة بألحانها وأداء ماري جبران الرائع لها. 

كما غنّت من ألحان نجيب السرّاج أغنيتين ناجحتين هما قصيدة “الغريب” ومونولوغ “يا زمان” ومن ألحان محمّد محسن، قصيدة “زهر الرياض انثنى” وطقطوقةحبايبي نسيوني”، وتدين بنجاحها للفنّان الكبير “جميل عويس” الذي قاد فرقتها الموسيقية، وعمل معها كثيرا، وقد لازمها عدداً من السّنوات قبل أن يدفعه الحنين من جديد للهجرة إلى مصر(4).

المطربة ماري جبران في مصر
المطربة ماري جبران في مصر

لم يُسجّل من أعمالها سوى مجموعة من الأدوار والأغاني في إذاعة دمشق. وسنورد قائمة بهذه الأعمال في آخر هذا المقال مع ذكر مؤلّفيها وملحّنيها. كما غنّت ماري جبران أيضا عدّة أعمال مجهولة الشّاعر والملحّن وتتمثّل في:

ثلاثة أدوار: دور “حياة القلب إخلاص الحبيب” لحّن في مقام النّواثر، ودور “لمّا كواني الحبّ يا ناس” لحّن في مقام البياتي ودور “شربت الشّهد”.

موشّحان: موشّح “أذكر الحبيب فيبكيني الغرام” لحّن في مقام النّواثر، وموشّح “بلبل الأفراح” لحّن في مقام البياتي.

موالان: موال “يلّي القمر طلعلك” لحّن في مقام النّهاوند، وموال “ما فيش دقيقة”.

ابتهال: “يا ربّي هيّئ لنا من أمرنا رشدا”.

عدّة أغاني تراثيّة قديمة: “أحمامة الوادي” لحّنت في مقام الحجاز، و”باين عليك إنّك عاشق” و”تعالى يا خيال” و”الحبّ سرّ الحياة” و”الحقّ عليّ اللّي عرفتك” و”حمّل العود وغنّي” و”حرام يا ليل” و”طاف بي” و”كتبت دمعي” و”النّوم جافيني” و”ما حيلتي” و”يا ابنة المجد” و”يا ليل بتحتار أفكاري فيك” و”يا ناس غرامي” …

وقد قامت الهيئة العامة لدار الأسد للثقافة والفنون في دمشق بإصدار اسطوانة لها مؤخّرا ضمن سلسلة أعلام الموسيقى والغناء في سورية وذلك تكريما لها وتحتوي الاسطوانة على معظم أغانيها الهامّة.

نقيبة الموسيقيين

وبلغت المطربة “ماري جبران” قمّة مجدها الفنّي في سورية، وتقديراً لإسهاماتها الفنّيّة ولعطائها الذي أثرتْ به ساحة ومكتبة الغناء العربي الأصيل، والّذي سيظل زاداً لإسعاد الأجيال القادمة من عشّاق الفنّ الرّاقي، ومرجعاً للمشتغلين بالموسيقى والغناء، كُرّمت بانتخابها نقيبة للموسيقيين سنة 1950، حيث قدّمت خلالها خدمات جليلة للنّقابة وأعضائها.

تألقها

أطلقت على المطربة “ماري جبران” ألقاب خلال مسيرتها الفنّيّة الرّائدة، من مثل لقبي”ماري الجميلة” و”ماري الفاتنة” في الثلاثينات عندما أحاط بها المعجبون والفنّانون للاستماع إلى غنائها خلال حفل بصالة الرّاقصة المشهورة “بديعة مصابني” بالقاهرة حيث أطلقوا عليها لقبي”ماري الجميلة” و”ماري الفاتنة”.

الراقصة بديعة مصابني
الراقصة بديعة مصابني

يتميّز فنّ “ماري جبران” من ناحية بالتّشبّع بكلّ أصول الطّرب القديم ومن ناحية أخرى بقدرة فائقة على الإبداع والتّجديد تخوّل لها التّصرّف في التّراث الغنائي العربي وإثراءه بأسلوب خاصّ دون تجريده من روحه الأصليّة. استهواها الغناء القديم، واختصّت بغناء النّوع الذي لا يستطيع غيرها من الفنّانات تأديته كأمّ كلثوم وغيرها. عُدّت من أكثر المطربات تميّزا لغنائها على أصول الوصلات التي تخصّص فيها الرّجال أمثال الشّيخ يوسف المنيلاوي وعبد الحيّ حلمي وعبّاس البليدي وصالح عبد الحيّ. كما غنّت ماري الموشّح واللّيالي والموّال والدّور بشكل سلسلة منتظمة وهو نظام الفصول الغنائي الذي كان سائدا قبل مائة عام.

ويصنّف النقّاد صوت ماري جبران بأنّه من الأصوات القويّة “سوبرانو” القادرة المتمكّنة الصّادحة، مع اتّصافه بخصائص جماليّة عالية، توازي أمّ كلثوم، صوتا وأداء، وفي مرتبتها، ولو امتدّ بها العمر لكان لها شأن آخر. هذا كلّه جعلها تتربّع على عرش مطربات عصرها، واعتبرت بحقّ سيّدة مطربات بلاد الشام بلا منازع خلال النّصف الأوّل من القرن العشرين (5) وبالتّالي فقد أكّدت موقعها في الغناء في زمن الحروب وانحطاط الفنّ.

يتميّز فنّ “ماري جبران” من ناحية بالتّشبّع بكلّ أصول الطّرب القديم، ومن ناحية أخرى بقدرة فائقة على الإبداع والتّجديد وعُدّت من أكثر المطربات تميّزاً لغنائها على أصول الوصلات التي تخصّص فيها الرّجال أمثال الشّيخ يوسف المنيلاوي وعبد الحيّ حلمي وعبّاس البليدي وصالح عبد الحيّ. كما غنّت ماري الموشّح واللّيالي والموّال والدّور بشكل سلسلة منتظمة وهو نظام الفصول الغنائي الذي كان سائدا قبل مائة عام.

حياتها الشخصية ووفاتها

عانت ماري جبران في حياتها الشّيء الكثير من وضع والدتها الصّحّي، وقد انعكس هذا على علاقاتها العاطفيّة التي توّجتها بالزّواج من الرّجل الذي تفانى في حبّها “نقولا الترك”، ورزق منها بولد واحد، لم ينعم طويلاً بحنانها وحبّها إذ توفّي، ثمّ أصيبت بالسّرطان الذي عانت منه الأمرّين لتقضي به في عام 1956، فقيرة معدمة مهملة من النّاس الذين كانوا يلتفّون حولها في أوج مجدها، وكانت جنازتها متواضعة،جنزت في الكاتدرائية المريمية وبالرغم من ان البطريرك الكسندروس الثالث هو من رئس صلاة الجنازة مع افراد الاكليروس البطريركي تقديرا لها ولأسرة زوجها الا انه لم يشارك في جنازتها سوى بضعة أفراد من الذين أحبّوها ومشوا وراء النعش الى مثواها الأخير في مقبرة القديس جاورجيوس الارثوذكسية.

المطربة ماري جبران المريضة بالسرطان
المطربة ماري جبران المريضة بالسرطان

هذه هي الحياة والناس بكل اسف ممن ينطبق عليهم المثل الشعبي الشامي:”ما اكتر صحابي لماكان كرمي دبس، واقل صحابي لما صار كرمي يبسْ.” حتى ان الناس أحجموا عنها في مرضها وفقرها لولا قلة من اهل الخير والجمعيات الخيرية.

وجوب التقدير

وعلى الرّغم من عطائها الثّري، فإنّ التّسجيلات التي تحتفظ بها إذاعة دمشق لعشرات من أغانيها التّراثية والمعاصرة الخالدة، قلّما تذاع. ورغم ذلك تعتبر بحقّ سيّدة مطربات بلاد الشام بلا منازع خلال النّصف الأوّل من القرن العشرين.

هي دعوة لوزارة الثقافة ولوزارة الاعلام والهيئة العامة للاذاعة والتلفزيون للنظر في تكريمها وامثالها من الرواد المنسيين واخراج نتاجها العظيم من تحت تراب الادراج لتتعرف الاجبال المعاصرة على فن كثيرا ما اعتزت به سورية، والدعوة الى نقابة الفنانين التي تبؤات سدنها منتصف القرن الماضي وحققت لها وللفنانين مكاسب ان تبادر الى تكريمها فالتكريم  في مابعد الحياة حق لمن قدم في حياته او قدم حياته للفن في سورية كماري جبران ولم ينله…

هل تجد دعواتنا اذناً صاغية.؟ نرجو ذلك ونأمل…

حواشي البحث

1- أبو المجد (صبري)، زكريّا أحمد، القاهرة، المؤسّسة المصريّة العامّة للتّأليف والتّرجمة والطّباعة والنّشر، من غير تاريخ، ص 47 وما بعد.

2- الشّريف (صميم)، الموسيقى في سورية أعلام وتاريخ، دمشق، منشورات وزارة الثّقافة السّوريّة، 1991، ص 160.

3- جبران (أسعد)، الموسيقى السّورية عبر التّاريخ، دمشق، دار العلم للملايين، 1990، ص 50.

4- بن ذريل )عدنان(، الموسيقى في سورية البحث الموسيقي والفنون الموسيقية منذ مئة عام إلى اليوم،  دمشق، دار طلاس،2/ 1988، ص 122.

5- البوّاب، (سليمان سليم)،موسوعة أعلام سورية في القرن العشرين، دمشق، دار المنارة، 2000، ص 38.

مصادر البحث

– إلياس بودن، طالب بالدّكتوراة في الموسيقى والعلوم الموسيقيّة بالمعهد العالي للموسيقى بتونس.

– وجيه ندى دنيا الوطن

–  المعرفة

– ويكيبيديا

جدول الأغاني التي أدّتها المطربة ماري جبران

المطربة ماري جبران سيدة المطربات في زمن الحرب

 

 


Posted

in

,

by

Tags:

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *