حدثت تطورات كبيرة خلال الألف الرابع قبل الميلاد وأهمها اختراع الكتابة حوالي (3200ق.م) الذي يعد الحد الفاصل بين عصور ما قبل التاريخ والعصور التاريخية التي تتميز بوجود نصوص كتابية تساعد على فهم ومعرفة نواحي الحياة المختلفة عند الحضارات القديمة.
.
كشفت التنقيبات الاثرية في معظم الممالك السورية القديمة عن رقم مسمارية تتضمن نصوص كتابية مختلفة المواضيع،
.
◘ ففي مملكة إبلا (تل مرديخ) تم الكشف عن العديد من المكتشفات الهامة، ومنها الأرشيف الملكي أو دار المحفوظات،
ويقع ضمن الجناح الإداري في القصر الملكي
.
والمثير للاهتمام أن الأرشيف الملكي لم يكن محفوظ في مكان واحد، بل كان موزع على أكثر من مكان ضمن القصر، وأهمها غرفة الأرشيف الرئيسي الذي تم الكشف عنها عام (1975م)،
وهو عبارة عن حجرة واحدة تبلغ مساحتها (5،10×3،55م)، وزّعت الرقم المسمارية فيها على ثلاثة رفوف خشبية، ونتيجة الحريق الذي تعرض له القصر الملكي عندما قام الملك الأكادي (نارام سين) بتدمير المملكة عام (2250 ق.م)، تحولت الرفوف إلى رماد، وأدت الحرارة المرتفعة إلى شي الرقم المسمارية الطينية مما أدى إلى اكتسابها صلابة ساعدت على حفظها من ذلك الوقت وحتى الآن.
.
ويصل عدد الرقم المكتشفة إلى حوالي (16500) رقيم تتوزع بين رقم كاملة ومكسرة، بعضها صغير لا يتجاوز طوله بضعة سنتيمترات، والبعض الآخر كبير نسبياً يصل إلى حوالي 40 سم،
ويختلف شكل الرقيم باختلاف موضع النص الذي يتضمنه،
.
وكانت الكتابة على هذه الرقم تنفذ على وجهي الرقيم، بالخط المسماري واللغة الإبلائية، وتعد لغة هذه الألواح محلية الصنع تتميز عن جميع اللغات القديمة وسميت (باللغة الإبلائية).
.
◘ كما وجد في مملكة ماري (تل الحريري)، أرشيف ملكي أيضاً، تعرفنا من خلاله على معلومات موسعة عن فترة السيطرة “الأمورية” على ماري خلال الألف الثاني قبل الميلاد.
ويتألف هذا الأرشيف من نحو خمسة وعشرين ألف رقيم، كتبت بالخط المسماري وباللغة الأكادية، ويشمل وثائق متنوعة من حيث المضمون (اقتصادية وإدارية ودينية وسياسية واجتماعية وأدبية…الخ).
.
◘ وفي مملكة اوغاريت (رأس شمرة)، كشفت التنقيبات الاثرية عن آلاف الرقم المسمارية، وهي مدونة بسبع لغات (الأكادية – والاوغاريتية المحلية – والسومرية – والحثية – والحورية – واللوفية- والقبرصية المصرية)،
وتتميز الأبجدية الاوغاريتية بأنها الأبجدية الوحيدة التي تكتب برموز مسمارية.
.
◘ كما كشفت التنقيبات الاثرية أيضاً عن مكتشفات مشابهة في عدة مواقع ومدن أخرى كـ نابادا (تل بيدر) وتل براك، وآلالاخ (تل عطشانة)، وقطنا (تل المشرفة) وإيمار (مسكنة) وغيرهم.
.
وللرقم الطينية أهمية كبيرة، إذ تعتبر الوسيلة التي حفظت لنا الآداب والعلوم بمختلف أنواعها، وأتاحت لنا إمكانية فهم طبيعة الحياة التي كانت سائدة في تلك العصور الغابرة.
اترك تعليقاً