من بساتين الغوطة الدمشقية

بستان الجرن

غوطة دمشق

– بستان الجرن

– بستان الجرن

*رداً على سؤال من صديق عن سؤال ان كان ثمة رابط بين جرن الكبة وفق بوست كنت نشرته على صفحتي على الفيسبوك وبين منطقة الجرن في محلة العدوي…

اقول مصححا في البداية، ان بستان الجرن ليس من منطقة العدوي، بل من بساتين القابون التي كانت تمتد الى ساحة العباسيين، واقول جواباً على السؤال
– منذ وعي عندما كنا اولاداً صغار وكانت دمشق محاطة بغوطتها كان الناس يخرجون يوم اثنين الراهب اول يوم في الصوم الكبير المقدس والمسمى مسيحياً (اثنين الراهب) الى البراري المحيطة… وحكماً  كان يخرج الشوام المسيحيون الى البراري المجاورة، وكان آخر حد للعمران بحارة القصاع هو شرقاً الطريق المار حاليا بجانب سوق الهال ( كان غير موجود وكانت البساتين متصلة بجوبر وبلدات الغوطة الشرقية) وكان يتصل مع طريق القصاع وسكة الترامواي يتصلان بقرية جوبر ( حالياً ما بعد ملعب العباسيين) ثم زملكا فعربين فحرستا فدوما وهو خط الترامواي الذي الغي عام 1968، وكانت ساحة العباسيين حالياً شمالا هي آخر حد لعمران حي القصاع، لم تكن الساحة هكذا اطلاقاً هكذا بل كان مجرد شارع ضيق يصل المحافظات الداخلية والساحلية في سورية وكأنه الشارع الحالي شارع فارس خوري وكانت الخضرة متصلة شمال المنطقة، والى الغرب تتصل الخضرة ببساتين العدوي المدعوة (بساتين ابو جرش)، ولم تكن حارة القصور موجودة انما موجود بضعة

مشهد من حفلات مساخر القصاع يوم اثنين الراهب والصورة لعمي المرحوم جوزيف متنكرا كزعيم الهنود الحمر
مشهد من حفلات مساخر القصاع يوم اثنين الراهب والصورة لعمي المرحوم جوزيف متنكرا كزعيم الهنود الحمر

قصور لاتزال الى الآن بعد كنيسة سيدة دمشق، والكنيسة هذه كانت فيلا آل الكزبري وسط (بساتين الكزبري) والكزبري عائلة من اقطاعيي دمشق وكان يتصل بستانها اليانع ببستان يدعى (بستان الجرن) استطيع ان احدد مكان الاتصال بين بساتين الكزبري وبستان الجرن بنقطة كنيسة القديس ميخائيل في كورنيش التجارة،وهذا لم يكن موجوداً في بستان الجرن، وعلى وعيِّ كان معظم مسيحيي القصاع يخرجون يوم اثنين الراهب ويجلسون مفترشين الارض تحت اشجار الجوز والتوت والمشمش والتفاح السكري والاجاص الصغير وكانت تفصل بين قطع الارض الزراعية دكوك سميكة من الطين المجفف ويربط بينها جميعا طريق عريض ترابي ويصل الى جسر تورا  المقام منذ القديم على نهر تورا، وهو احد فروع بردى السبعة وهو اليوم النهر المار من الحديقة المتاخمة لكنيسة القديس جاورجيوس في شرقي التجارة… وهناك كان موجود معمل لتصنيع مسحوق”العرق سوس” وفيه يتم فرم عرق السوس المنتج في بساتين المنطقة، في هذا المعمل البدائي كان يتم فرم هذه النبتة المستخدمة بكثافة من قبل الشوام وخاصة في صوم رمضان كبقية المناطق في بلاد الشام ومصر… وفق مشاهداتي
– وفي يوم اثنين الراهب كان يوم عطلة عند المسيحيين وكلهم يستقبلون اول يوم من الصوم الكبير المقدس طيلة اليوم بفرح واغاني ورقص ودق الدربكة وطبخ المجدرة والسلطات ثم يعودون مساء ومباشرة الى الكنائس واذكر كنيسة الصليب المقدس كعادة اهلي، حيث بعد حضورهم اول صلاة في الصوم المسماة شعبياً (يارب القوات…)  كانوا يخرجون مع المساخر/ التي كانت جزءاً من تراث عائلتنا/ ومعظم العائلات القصاعية الاصل، وكانت هناك جمعية من اهل الحي للمساخر  (كرنفالية) يرأسها المرحوم الحلاق سليم حروق وعضوية عدد من شباب الحي القبضايات وكان جدي فارس رحمه الله منهم، ويتنكر بزي زعيم الهنود الحمر  ويعتمر برأسه تاج الريش الكبير،  ثم حل محله عمي المرحوم جوزيف، وكان كل من المرحومين ابي جورج وعمي الكبير نقولا وعمي الصغير حنين رحمهم الله جميعاً يتنكرون بلباس العفاريت الأسود واقنعتها الحمراء واذيالهم، وبيد كل منهم شوكة الحصادين..  ( لحصد الارواح وفق الشائع) وغيرهم…وكان يترافق هذا الاحتفال الذي يجعل قاعدته وعروضه وسط القصاع امام باب المستشفى الافرنسي ويمتد حتى العاشرة ليلاً مع عزف فرقة موسيقية طربية مع لعب السيف والترس من نخبة من قبضايات القصاع منهم الأبركسيا ويوسف جبور وابو ميشيل سعيد…الخ رحمهم الله، وفي بعض السنوات المتأخرة كان فوجنا الكشفي فوج القديس جاورجيوس يشارك بعرض واستعراض وبالموسيقا في هذا الاحتفال…

مشهد لكرنفال المساخر يوم اثنين الراهب بالقصاع الصورة عنتر وعبلة في الهودج على الجمل
مشهد لكرنفال المساخر يوم اثنين الراهب بالقصاع الصورة عنتر وعبلة في الهودج على الجمل

وقد الغيت هذه الاحتفالات مع مطلع الوحدة 1958 اسوة بالغاء احتفالات الشيعة بيوم عاشوراء التي كانت تتم في الجورة وباب توما وحي اليهود والست رقية… وكان الغاء احتفالات الشيعة هو الاساس وقياساً عليها الغوا بعدها احتفالات الكرنفال في اثنين الراهب لأن الاحتفالات ذات طابع ديني.!!!! بكل اسف مع الفارق بين الاحتفالين فالأول كان يمتزج بالدماء والالم والبكاء… بينما احتفال المساخر في القصاع كان يبعث البهجة والفرح والسعادة وكأنك في كرنفال من الكرنفالات الشهيرة في العالم…
–ونعود الى بستان الجرن لنوضح  السبب في تسمية المنطقة ب(بستان الجرن)  وهو انه كان  في وسط  هذا البستان الكبير اليانع، وفي جانب  الطريق المار بوسط البستان كان ثمة جرن كبير  من اللّْبْنْ موضوع منذ القدم ولايُعرف تاريخ وضعه، ويضع فيه الفلاحون وهم ينزلون ثمار بساتينهم من كل شيء من جوبر والقابون وبرزة وحرستا الى سوق الهال.. ويضعون فيه ماتجود به اريحيتهم في رمضان ليأكل منها الفقراء وهذه كانت زكاة للفقراء عن صومهم برمضان…

عائلة تحتفل بيوم اثنين الراهب في بستان الجرن
عائلة تحتفل بيوم اثنين الراهب في بستان الجرن

الصورة: عائلة محتفلة باثنين الراهب+ صورة للغوطة وهي من مدونتي بعنوان “غوطة دمشق” في موقعي…
– صور من الكرنفال عمي المرحوم جوزيف بلباس الهندي الاحمر وبيده القوس والنشاب ويبدو العفاريت بلباسهم الاسود والموقع في باب توما بجانب النادي العائلي (من ارشيف ابن العم رياض زيتون…)
– من الكرنفال عبلة في الهودج على الجمل وبجانبها على الفرس عنتر يحرسها لاحظوا الجماهير المحتشدة وكلها من اهل القصاع لا غريب يبنهم… ومظاهر السعادة والابتهاج على وجوههم…
– هذه من مشاهداتي وحتى عام 1959… بعمر سبع سنوات….
آمل ان اكون قدمت فائدة.
سقى الله ذلك الزمن الجميل وكم كانت الشام جميلة وحي القصاع حينا العريق حيث ولدنا وقبلنا الاهل…بكل اسف تحول من حي وادع بأهله الودعاء مضرب المثل بنظافته ورقيه ورقي ابنائه وورعهم وروحانيتهم الى سوق مكتظ “شي بروس شي بلا روس”

 

 


Posted

in

,

by

Tags:

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *