بولس رسول الأمم…رسول الجهاد الامين…المشرع الاول للمسيحية… أو بولس الطرسوسي أو شاؤول

بولس رسول الأمم…رسول الجهاد الامين…المشرع الاول للمسيحية… أو بولس الطرسوسي أو شاؤول

بولس رسول الأمم…رسول الجهاد الامين…المشرع الاول للمسيحية… أو بولس الطرسوسي أو شاؤول

بولس رسول الأمم…رسول الجهاد الامين…المشرع الاول للمسيحية…

أو بولس الطرسوسي أو شاؤول

مقدمة

أسماء وألقاب متعددة كلها تعود إلى أحد أعمدة الكنيسة، إنه القديس بولس الرسول الذي ولد في حوالي السنة الخامسة ميلادية في مدينة طرسوس (آسية الصغرى وتقع في ابرشية كيليكيا احدى ابرشيات الكرسي الانطاكي الشهيدة)، ويقال أن ولادته كانت بين الخامسة والعاشرة ميلادية، وكان اسمه العبري( شاؤل) على أسم أول ملك في أسرائيل، والروماني (بولس): “أَمَّا شَاوُلُ، وَقَدْ صَارَ اسْمُهُ بُولُسَ…” (أع 9:13) لأن اليهود اعتادوا أن يأخذوا اسما رومانيا من أجل علاقاتهم مع اليونانيين والرومانيين، وكان مواطنا رومانيا منذ مولده، “فَلَمَّا رَبَطَهُ الْجُنُودُ لِيَجْلِدُوهُ قَالَ لِقَائِدِ الْمِئَةِ الَّذِي كَانَ وَاقِفاً بِقُرْبِهِ: «أَيَسْمَحُ لَكُمُ الْقَانُونُ بِجَلْدِ مُوَاطِنٍ رُومَانِيٍّ قَبْلَ مُحَاكَمَتِهِ؟» فَمَا إِنْ سَمِعَ الضَّابِطُ ذَلِكَ حَتَّى ذَهَبَ إِلَى الْقَائِدِ وَأَخْبَرَهُ بِالأَمْرِ، وَقَالَ: «أَتَعْلَمُ أَيَّةَ مُخَالَفَةٍ كُنَّا سَنَرْتَكِبُ لَوْ جَلَدْنَا هَذَا الرَّجُلَ؟ إِنَّهُ رُومَانِيُّ الْجِنْسِيَّةِ !» فَذَهَبَ الْقَائِدُ بِنَفْسِهِ إِلَى بُولُسَ وَسَأَلَهُ: «أَأَنْتَ حَقّاً رُومَانِيٌّ؟» فَأَجَابَ: «نَعَمْ!» فَقَالَ الْقَائِدُ: «أَنَا دَفَعْتُ مَبْلَغاً كَبِيراً مِنَ الْمَالِ لأَحْصُلَ عَلَى الْجِنْسِيَّةِ الرُّومَانِيَّةِ». فَقَالَ بُولُسُ: «وَأَنَا حَاصِلٌ عَلَيْهَا بِالْوِلاَدَةِ!» وَفِي الْحَالِ ابْتَعَدَ عَنْهُ الْجُنُودُ الْمُكَلَّفُونَ بِاسْتِجْوَابِهِ تَحْتَ جَلْدِ السِّيَاطِ، وَوَقَعَ الْخَوْفُ فِي نَفْسِ الْقَائِدِ مِنْ عَاقِبَةِ تَقْيِيدِهِ بِالسَّلاَسِلِ، بَعْدَمَا تَحَقَّقَ أَنَّهُ رُومَانِيٌّ.” (أع 25:22-29) أهتم بدراسة الشريعة اليهودية منذ سنته العاشرة، وفي الرابعة عشرة ذهب إلى أورشليم ليكمل تعليمه، “، وتتلمذ على يد غاملائيل الفريسي أحد أشهر معلمي اليهود في ذلك الزمان ويحترمه الشعب كله، وهو المختون في اليوم الثامن، من نسل أسرائيل، من سبط بنيامين .. وفي الشريعة فريسي (فل 5:3)، وكانت وفاته بين سنتي 64 و 67 في مدينة روما. وتعلم صناعة الخيم، “وَإِذْ كَانَ مِنْ أَهْلِ مِهْنَتِهِمَا، وَهِيَ صِنَاعَةُ الْخِيَامِ، أَقَامَ عِنْدَهُمَا وَكَانَ يَشْتَغِلُ مَعَهُمَا.“(أع 3:18)، وإنه قديس تبجله جميع كنائس المسيح، ويعتبر أحد قادة الجيل المسيحي الأول وقد يمكن أن نعتبره أهم شخصية بعد المسيح في تاريخ المسيحية، بالرغم من عدم التقائه بالمسيح في حياته، عرف برسول الأمم لأنه بشر آسيا الصغرى وأوربا كما لقب مع بطرس الرسول بعمودي الكنيسة.

بولس الرسول

كان في حياته متحمساً ذو ميول متطرفة، حارب الكنيسة الناشئة لأنه كان يعتبرها فرقة يهودية ضالة تهدد الديانة اليهودية الرسمية، وأظهر غيرة شديدة على الشريعة وحفظ التقليد وكان أول ظهور له وهو يراقب شهيد الكنيسة الأول (أسطيفانوس) عندما تم رجمه حتى الموت وهو يحرس ثياب الراجمين!!! ويقدم لهم الماء، ” وَخَلَعَ الشُّهُودُ ثِيَابَهُمْ عِنْدَ قَدَمَيْ شَابٍّ اسْمُهُ شَاوُلُ لِكَيْ يَحْرُسَهَا.” (أعمال 58:7) الأمر الذي حدث بين سنتي (33-37م)، وكان بكل تأكيد راضياً بما يقومون به، رغم كونه صغير السن وقتها، وبعد ذلك عمل للحصول على موافقة الكهنة اليهود بتتبع المسيحيين حتى مدينة دمشق كي يسوقهم موثقين إلى أورشليم. لأنه أحسّ بأن المسيحية الفتية تعتبر خطرا كبيرا خاصة بالنسبة له كيهودي متدين الذي كان يعتقد أن عليه مقاومة اسم يسوع الناصري بكل جهده، “وَكُنْتُ أَعْتَقِدُ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ أَبْذُلَ غَايَةَ جَهْدِي لأُقَاوِمَ اسْمَ يَسُوعَ النَّاصِرِيِّ.”(أع 9:26)، لكن المسيح حوله من مضهد له إلى رسول وإناء مختار.

ظهور الرب يسوع عليه في الطريق الى دمشق او طريق دمشق

بعد ميلاد كنيسة العهد الجديد رجم استفانوس رئيس الشمامسة وأول شهداء المسيحة بعد ميلاد كنيسة العهد الجديد ، وإزداد الإضطهاد والخوف فتشتت التلاميذ وبعض المؤمنين ، والذين تشتتوا جالوا مبشرين بالكلمة. لقد كان استشهاد استفانوس انتصارا ” للقطيع الصغير”. لأن تدبير الله يعلو على تدبير البشر مهما كانوا. وتأمل شاول نتيجة عمله فازداد غيظه اشتعالًا لأن الكارزين في هروبهم من بطشه حملوا البشرى إلى البلاد التي لجأوا إليها ، كقول الكتاب ” وأما الذين تشتتوا من جراء الضيق الذي حصل بسبب إستفانوس فاجتازوا إلي فينيقية وقبرص وأنطاكية وهم لا يكلمون أحدا بالكلمة إلا اليهود فقط . ولكن كان منهم قوم وهم رجال قبرصيون وقيروانيون الذين لما دخلوا انطاكية كانوا يخاطبون اليونانيين مبشرين بالرب يسوع . وكانت يد الرب معهم فآمن عدد كثير ورجعوا إلي الرب “( أع 19:11-21) .
وبعد بضعة شهور من استشهاد القديس استفانوس ، خرج شاول مع جماعته قاصدًا دمشق. كان عليه السفر مدة أسبوعين من اورشليم الى دمشق عبر الجولان… على هذا الطريق الذي يحمل الكثير من الذكريات. فقد سار عليه أليعازر وكيل أبونا إبراهيم (تك 1:24-10) الذي كلفه أبونا ابراهيم واستحلفه بالرب أن يذهب إلي عشيرته في أرام النهرين إلي مدينة ناحور ويأخذ لأبنه إسحق زوجة ، كما سار علي نفس الطريق نعمان السرياني (2مل 1:5-14) الذي شفاه الله من البرص بواسطة أليشع رجل الله . ولكن شاول لم يكن في حالة نفسية تمكنه من استعادة الذكريات ولا من الاستمتاع بجمال الطبيعة الذي خلقها الله ، فهو ذاهب لاصطياد “أتباع الطريق” ، وكان قلبه مفحما بالغيظ والكراهية والإنتقام .
أخيرا وصل شاول مع جماعته إلى قمة  تل كوكب الذي يبعد عن دمشق حوالي 18 كم على طريق القنيطرة او القنطرة الموصلة الى الجولان ففلسطين، من كوكب  كان يستطيع منها أن يرى دمشق. وفجأة وفي وقت الظهيرة والشمس ساطعة ” أبرق حوله نور من السماء . فسقط علي الأرض  وسمع صوتًا قائلا له شاول شاول ، لماذا تضطهدني فقال: “من أنت يا سيد”. فقال الرب:” أنا يسوع الذي أنت تضطهده، صعب عليك أن ترفس مناخس”. فقال وهو مرتعد ومتحير “يا رب ماذا تريد أن أفعل”. فقال له الرب:” قم وادخل المدينة فيقال لك ماذا ينبغي أن تفعل. ” (أع3:9-6).
لقد اهتزّ كيان شاوول القاسي والمضطهد كله لأنه رأى ربنا يسوع المسيح بالجسد الروحاني الممجد وهو في بهاء مجده ، كلمه وشاهده بالعين المجردة وهو في كامل يقظته ووعيه. ”  فنهض شاول عن الأرض، كان وهو مفتوح العينين لا يبصر أحداً. فإقتادوه بيده وأدخلوه إلي دمشق. وكان ثلاثة أيام لا يبصر فلم يأكل ولم يشرب ” (أع8:9-9). يبدوا أن شعاعاً من النور اخترق ندمه وألمه. شعاع المحبة الحانية الغافرة التي أظهرها ربنا يسوع المسيح في مجيئه إليه، ولم ينسى شاول هذه المحبة الغامرة مدى حياته. فسلام الله قد تسرب إلى قلبه، وانتهت الأزمة به إلي رجل راكع يبكي حين أبلغه القديس حنانيا الرسول ماذا يجب عليه أن يفعل.

وكان الطريق إلى دمشق هو الفيصل الذي غير مجرى حياته من خلال تلك المقابلة الرهيبة الوجاهية مع الرب يسوع… والرؤيا فائقة الضياء التي جعلته يفقد البصر وغيرت لاحقاً كل مجريات حياته (أعمال الرسل فص9)

وصرخة الرب يسوع:” شاول شاول لماذا تضطهدني . فقال له من أنت يا سيد . فقال الرب أنا يسوع الذي أنت تضطهده . صعب عليك أن ترفس مناخس . ” (أع 3:9-5). وكلمة مناخس هي المنخاس الحديد الذي يلبسه الفارس في مؤخرة حذائه ، والذي بواسطته يستطيع الفارس السيطرة علي الفرس الذي يمتطيه للجري بأقصي سرعة، والفرس لا يستطيع ان يرفس المنخاس لأنه سوف يؤلمه ويؤذي نفسه، وفي هذا إشارة إلي قلب شاول الطرسوسي الذي كان ينخسه لمحاربة أهل الطريق ومحاولة القضاء عليهم بشتي الطرق، داخل وخارج أورشليم، ولذلك ظهر له الرب لأن الرب هو الذي يقودنا في موكب نصرته.

كان لقاء الرب يسوع المسيح شخصياً مع شاول في الطريق إلي دمشق سبباً في انقلاب حياته، وتغير من مضطهد لأهل الطريقة الجديدة إلى مؤمن بهذه الطريقة وكارز ومبشر بالمسيح في كل الإمبراطورية الرومانية  لأن الرب عينه رسولا للأمم وقد قام بثلاث رحلات تبشيرية. تقابل شاول مع القديس حنانيا الرسول في دمشق في الزقاق المستقيم، وكان الرب قد قال للقديس حنانيا قبل أن تتم هذه المقابلة أن شاول هذا أناء مختار ليحمل أسمي أمام أمم وملوك بني إسرائيل لأنني سأريه كم ينبغي أن يتألم من أجل أسمي (أع1:9- 17) وبالفعل جاز القديس بولس الرسول آلاماً كثيرة وضيقات وشدائد من أجل المسيح، وكان يتقبل هذه الآلام بفرح حتى استشهد بقطع رأسه في روما سنة 67 م.  بأمر من نيرون الملك الطاغية من أجل شهادته للمسيح. وقد سار على هذا المنوال رسل المسيح له المجد، وأيضا خلفاؤهم .

كيف لا وأن نور من السماء أشرق عليه وحاوره يسوع وأقنعه بأنه اضعف من ان يرفس مناخس وانه الرب يسوع المسيح الموعود، القائم من بين الأموات، وكانت دمشق هذه المدينة السورية مكان الوعد بأعادة نظره من قبل اول اسقف على دمشق لأول جماعة مسيحية بعد اورشليم وهو  الرسول حنانيا الذي عمده في بيت يهوذا الدمشقي في الشارع المستقيم ومن حينها عرف باسمه (بولس) واقترنت دمشق باسم بولس الرسول ففي طريقها شاهد وحاور الرب يسوع، وفيها نال الخلاص بمعمودية الماء والروح، ومنها انطلق للتبشير في كل المسكونة.

عندما سأل شاول الرب يسوع  يارب ماذا تريد أن أفعل فقال له الرب قم وادخل المدينة فيقال لك ماذا ينبغي أن تفعل . ثم قال الرب في رؤيا لتلميذ اسمه حنانيا كان موجودا بدمشق ” يا حنانيا . فقال هاأنذا يارب . فقال له الرب قم واذهب إلي الزقاق الذي يقال له المستقيم واطلب في بيت يهوذا رجلا طرسوسياً اسمه شاول . لأنه هوذا يصلي وقد رأي رؤيا رجلا اسمه حنانيا داخلا وواضعا يده عليه لكي يبصر. … . فقال له الرب اذهب . لأن هذا لي إناء مختار ليحمل اسمي أمام أمم وملوك وبني إسرائيل . لأني سأريه كم ينبغي أن يتألم من أجل إسمي .” (أع10:9-16) .
 لم يقول الرب لشاول ماذا يفعل بل أرسل القديس حنانيا الرسول لأن ربنا يسوع المسيح يحترم ” سلطان الحل والربط ” الذي منحه لتلاميذه وكذلك أراد هنا أن يعلمنا احترام السلطان الذي أعطاه للتلاميذ ولخلفائهم من بعدهم وهو” سلطان الحل والربط “. كان ارسال حنانيا إلي شاول لكي يصلي عليه ويشفيه ويجعله يبصر مرة أخري ويعطيه الحل ويعمده ويمتلئ من الروح القدس ويرشده للكرازة بإسم الرب (أع16:22)، (أع17:9)، وكان ذلك عام ( 35م). كما ان الرب عندما أرسل القديس حنانيا الرسول قال له ” قم واذهب إلي الزقاق الذي يقال له المستقيم واطلب في بيت يهوذا رجلا طرسوسيا اسمه شاول . لأنه يصلي.” (أع 11:9) . وهذا يوضح لنا أن المسيح يسوع ربنا هو الله العالم بكل شئ في حياتنا ، يعلم أين نوجد وماذا نعمل وكيف نفكر ولا ‘يخفي عليه شئ ولذلك فهو الوحيد ولا أحد سواه الذي يستطيع أن يدين العالم لأنه هو الوحيد الذي يعلم بخفايا الأمور ، كذلك ، لأن” الآب قد أعطي كل الدينونة للإبن ” (يو22:5). والمعني الذي ‘يفهم من أن الاثنين عشر تلميذا سيجلسون علي الكراسي يدينون اسباط اسراييل الاثني عشر في اليوم الأخير هو أنهم سوف يجلسون علي الكراسي يخجلون و‘يحرجون أسباط إسرائيل ونسلهم لأنهم لم يؤمنوا بالرب عند مجيئه الأول ، لأنه ” إلي خاصته جاء وخاصته لم تقبله “(يو 11:1)

“وأما شاول فكان يزداد قوة ويحير اليهود الساكنين في دمشق محققا أن هذا هو المسيح. ولما تمت أيام كثيرة فتشاور اليهود ليقتلوه . فعلم شاول بمكيدتهم . وكانوا يراقبون الأبواب نهارا وليلا ليقتلوه . فأخذه التلاميذ ليلا وأنزلوه من السور مدلين إياه في سل” (أع22:9 – 25 )

انطلق الى العربية هارباً من اليهود الدمشقيين الذين كانوا يودون اغتياله، فهربه جاورجيوس بواب الباب الواقع على يمين “الباب الشرقي” في سور دمشق والمعروف حالياً باسم “باب بولس” بأن دلاه بزنبيل ( سل كبير) بمعونة التلاميذ الى خارج السور فهرب الى منطقة العربية (حوران وشرق الاردن…) فكان مصير البواب جاورجيوس الاستشهاد رجماً  ودفن فيه وتحول مكان دفنه  الى المقبرة المسيحية في دمشق منذ تاريخه حيث صار المسيحيون يدفنون موتاهم حول ضريحه واليوم معروف باسم مقبرة القديس جاورجيوس.

في العربية

اختلي القديس بولس الرسول بالرب يسوع المسيح في دمشق والصحراء العربية التي تقع جنوب شرقي دمشق لمدة ثلاث سنوات ( 35- 37 م ) فيها تتلمذ علي الرب يسوع . يوضح ذلك القديس بولس الرسول بقوله ” وأعرفكم أيها الإخوة الإنجيل الذي ‘بشرت به إنه ليس بحسب إنسان لأني لم أقبله من عند إنسان ولا ‘علمته . بل بإعلان يسوع المسيح . … . ولكن لما سر الله الذي أفرزني من بطن أمي ودعاني بنعمته أن يعلن ابنه فيّ لأبشر به بين الأمم للوقت لم أستشر لحما ودما ولا صعدت إلي أورشليم إلي الرسل الذين قبلي بل انطلقت إلي العربية ثم رجعت إلي دمشق .”(غل 11:1-17) .

بشر في العربية لمدة ثلاث سنوات عاد بعدها الى دمشقوعند رجوعه الى دمشق كان ملتهبا بالروح وبنفس الحماس والغيرة التي كان يحارب بها اهل اول جماعة مسيحية خارج اورشليم ولكن حماسته هذه تحولت إلي الشهادة بإسم الرب يسوع. “وأما شاول فكان يزداد قوة ويحير اليهود الساكنين في دمشق محققا أن هذا هو المسيح. ولما تمت أيام كثيرة فتشاور اليهود ليقتلوه . فعلم شاول بمكيدتهم . وكانوا يراقبون الأبواب نهارا وليلا ليقتلوه . فأخذه التلاميذ ليلا وأنزلوه من السور مدلين إياه في سل” (أع22:9 – 25 ) فهرب إلي أورشليم ( عام 37م). ومنها انطلق الى انطاكية  مرورا بالمدن السورية مبشراً والتقى في انطاكية  ببطرس الرسول مع كوكبة من مختاري الرب الذين حل عليهم روح الرب في العنصرة، فأنشأ هو وبطرس الكرسي الانطاكي المنقدس السنة 42 مسيحية وجلس عليه بطرس كأول الاساقفة عام 45 مسيحية وهو اول البطاركة على الكرسي الانطاكي المقدس

بولس كإنسان

إنه يتمتع بغنى بشري وروحي عظيم، مفكر وعبقري، صاحب عاطفة إنسانية ورقة في التعامل: “سَلِّمُوا عَلَى رُوفُسَ الْمُخْتَارِ فِي الرَّبِّ، وَعَلَى أُمِّهِ الَّتِي هِيَ أُمٌّ لِي.” (رو 13:16)، محب ويعرف معنى الصداقة (غل 15:4، 19) لا يعرف الكذب.. حازم .. شجاع .. متوازن يعرف كيف يعطي ذاته كلها، أعطى نفسه للمسيح، حمل هم كل الكنائس (2كور 28:11) كان خاضعا لنداءات المسح (أع 9:16)، أهتم بالمشاركة في الايمان (غل 2:2) والأمانة للتقليد الآتي من الرب (1كو 23:11-24، 1:15-12)، وعرف أن المسيح قد جاء من أجل الجميع فطلب أن يكون كلا للكل (1كور 22:9)، بمعنى آخر أنه حمل إنجيل المسيح لكل الناس.

رحلاته التبشيرية

قام بعدد من الرحلات الرسولية ثلاثة أو أربع رحلات، لأن بعضهم يدمج بين الرحلات ليختصرها إلى ثلاث،

رحلة بولس الرسول التبشيرية الاولى بين سنتي (45-49) مسيحية

مكث بولس لفترة من الزمن في مدينته طرسوس ومن ثم انضم إلى برنابا وذهبا معاً إلى أنطاكية حيث وعظا فيها سنة كاملة، ومن هناك انحدرا إلى منطقة اليهودية حاملين معهما مساعدات من كنيسة أنطاكية. وبعد أن أكملا مهمتهما غادرا أورشليم يرافقهما مرقس. من أنطاكية بدأ بولس رحلته التبشيرية الأولى رافقه فيها برنابا وفي قسم منها ابن أخت هذا الأخير مرقس. فعبروا البحر إلى قبرص وبعد ذلك إلى جنوب الأناضول (بيرجة، بيسيدية، ايقونية، لسترة، دربة). كان بولس ورفاقه يتبعون أسلوبا معيناً في الدعوة، فقد كانوا يتنقلون من مدينة إلى أخرى ينادون بالخلاص بيسوع المسيح في مجامع اليهود وفي الأسواق والساحات العامة حيث أوجدوا جماعات مسيحية جديدة وأقاموا لها رعاة وقساوسة.

انقسم اليهود من سامعيهم بين مؤيد ومعارض، وأما بولس فقد حول وجهه صوب الوثنيين ليتلمذهم هم أيضاً على ما يؤمن به.

مجمع أورشليم

حوالي عام 48 م وقعت أزمة بين مسيحيي أنطاكية حول مسألة الختان عندما وصل إلى المدينة مسيحيون ذوو خلفية يهودية يطالبون بضرورة تطبيق شريعة الختان على المسيحيين القادمين من “الامم” ( الوثنيون) لكي ينالوا الخلاص، أما بولس وبرنابا فقد خالفا ذلك بشكل كبير، ولما لم يتمكنا من حل المسألة أرسلت كنيسة أنطاكية بهما مع أناس آخرين إلى الرسل والمشايخ في أورشليم للنظر في الأمر. وتم عقد ما يعتبره مؤرخوا الكنيسة أول مجمع كنسي وهو مجمع أورشليم رئسه يعقوب  الرسول اخو الرب، وافقت فيه الكنيسة على مقترحات بولس وبرنابا بأن لا يُلزم الوثنيون المؤمنون بالمسيح بالختان فهي الشريعة الموسوية التي ابطلها الرب يسوع بسر العماد، كذلك يُكتفى بمنعهم عن “نجاسات الأصنام والزنى والمخنوق والدم” بحسب وصف كاتب سفر أعمال الرسل. وتم بعد ذلك المجمع تحديد المهام التبشيرية في الكنيسة، حيث أصبح بطرس – مع يعقوب ويوحنا بن زبدي – مسؤولون عن تبشير اليهود الذين يختتون لنيل الطهارة وفق الشريعة الموسوية، وبولس – مع برنابا – رسول للأمم (أي الوثنيين). وبفضل ذلك المجمع أيضاً تحدد وجه المسيحية كديانة مستقلة وليس كفرع من فروع اليهودية.

رحلة بولس الرسول التبشيرية الثانية بين (49-52)مسيحية

في الرحلة الثانية أراد برنابا اصطحاب مرقس معهما، ولكن بولس لم يوافق على ذلك، فوقع خلاف فيما بينهما افترقا على أثره والسبب لأنه فارقهما في بمفيلية ، ومضى بولس في طريقه مع سيلا أحد الوعاظ المسيحيين. كان هدف بولس الرئيس من تلك الرحلة هو المرور على الجماعات المسيحية التي أقامها في جنوب الأناضول خلال رحلته الأولى لتفقد أحوالها، وفي لسترة التقى بتيموثاوس الذي انضم إليه هو الآخر، ثم تابع طريقه باتجاه الشمال حتى وصل إلى الدردنيل ومن هناك عبر إلى اليونان. وفي تلك البلاد أسس بولس كنائس جديدة في

رحلة بولس الرسول التبشيرية الثانية
رحلة بولس الرسول التبشيرية الثانية

فيلبي وتسالونيكي وبيرية وأثينا وكورنثوس. وخلال إقامته الطويلة نوعاً ما في كورنثوس قام بولس بكتابة رسالتيه الأولى والثانية إلى أهل تسالونيكي (حوالي عام 52 م)، ومن المحتمل أنه كتب في تلك الفترة أيضا رسالته إلى الغلاطيين، مع أن بعض الباحثين يرجحون احتمال أن تكون هذه الرسالة – المكتوبة في أنطاكية – هي باكورة أعماله، بينما يذهب آخرون إلى أنها كتبت في فترة لاحقة في مدينة أفسس.

أبحر بولس بعد ذلك إلى قيصرية في فلسطين ومنها قام بزيارة لأورشليم ومن ثم عاد إلى أنطاكية.

رحلة بولس الرسول التبشيرية الثالثة بين (53-58)مسيحية

أخذت الرحلة الثالثة بولس إلى غلاطية ثم إلى فريجية ومنها إلى أفسس، وكانت فترة العامين والنصف التي قضاها في أفسس هي أكثر فترات حياته إثماراً، كتب فيها رسالتيه الأولى والثانية إلى أهل كورنثوس (حوالي عام 56 م). بعدها ذهب بنفسه إلى كورنثوس حيث يعتقد أنه كتب فيها رسالته إلى أهل روما، ثم عاد إلى أفسس وبعدها إلى أورشليم حيث اعتقل فيها، وكانت تلك هي زيارته الأخيرة للمدينة المقدسة (بين عامي 57 و 59 م).

رحلة بولس الرسول الثالثة
رحلة بولس الرسول الثالثة

رحلة بولس الرسول التبشيرية الرابعة بين (63-67)مسيحية

جاءت هذه الرحلة بعد أسره في أورشليم مدة سنتين حيث أبحر إلى روما ولمدة سنتين هناك كتب رسالته إلى كولسي وأفسس وفيلبي وإلى تلميذه فيلمون، وقام برحلته شرق المتوسط (1طيم 3:1 و 5:1) وفي ذلك الوقت كتب رسالته إلى تيطس وتيموثاوس وفي أسره بروما كتب رساته الثانية إلى تيموثاوس وكان استشهاده في روما أبان اضطهاد نيرون للمسيحيين (أع 28:27).

اعتقاله واستشهاده في روما

في فترة الخمسينات زار بولس أورشليم مع بعض مسيحيي الأمم الذين آمنوا على يديه، وهناك تم اعتقاله لأنه قام بإدخالهم (وهم يونانيون) إلى حرم الهيكل، وبعد سلسلة من المحاكمات أُرسل إلى روما حيث قضى فيها آخر سنين حياته. بحسب التقليد المسيحي فأن بولس أعدم بقطع رأسه بأمر من نيرون على أثر حريق روما العظيم الذي اتهم المسيحيون بإشعاله عام 64م.

سجن القديس بولس  في روما للمرة الأولي في الفترة بين عام 61م وعام 63م  . وكان الحراس بالسجن يتناوبون على حراسته مرتين يوميا ، وكان هؤلاء الحراس والمسجونين معجبين بهذا الأسير الممتلئ فرحا وتسبيحا رغم قيوده وسلاسله . وعندما كانوا يسألونه عن سبب فرحه كان يحدثهم ويشرح لهم أن سبب فرحه هو الرب يسوع المسيح الذي ظهر له في الطريق إلي دمشق  ودعاه للكرازة بإسمه المبارك ، وكان ينتهزها فرصة لتبشيرهم بديانته الجديدة ، وكانوا يتحدثون عنه مع بعضهم البعض في معسكرهم . ومن كثرة تعلقهم به  بدأت مجموعات صغيرة تتوافد إليه لزيارته والإستماع لكرازته  بالمسيح ربا وفاديا ومخلصا ، كقوله ” ثم أريد أن تعلموا أيها الإخوة أن أموري قد آلت أكثر إلي تقدم الإنجيل . حتي أن وثقي صارت ظاهرة في المسيح في كل دار الولاية وفي باقي الأماكن أجمع” (في 12:1-13)  ، مما كان له أثرا كبيرا في نفوس فرقة الحراسة  خلال هذين العامين . ومع كونه مقيدا ومسجونا إلا أنه كان يدرك مقدار المسئولية الموضوعة عليه وهي الاهتمام بجميع الكنائس التي أسسها والتي زارها كارزا فيها . فكان يرسل إليهم من وقت لآخر رفقاءه المحيطين به كما كان ‘يحملهم برسائله   للاطمئنان عليهم ولكي يثبتهم في الإيمان  . وأخيرا بعد عامين كاملين بالسجن وقف القديس بولس أمام محكمة نيرون الاستئنافية ، وشاءت العناية الالهية أن يصدر الحكم لصالحه .  لأن اليهود المتعصبين سئموا وملوا من مطاردته فسكتوا  ويبدوا أن التقارير الواردة من فستوس الوالي وقائد المئة يوليوس الذي كان مكلفا بحراسته حتي أوصله إلي رومية وأيضا شهادة الضباط الذين تناوبوا علي حراسته أثناء سجنه كان لها أثرا كبيرا في براءته ، وفوق كل ذلك كان القضاة الرومانيون لا يهتمون بالشكليات اليهودية ، لذلك جاء الحكم ببراءته ففكوه من قيوده وأطلقوا سراحه .  فذهب علي الفور ليستكمل رسالته العظمي التي كلفه بها ربنا يسوع المسيح عندما ظهر له وهو في الطريق إلي دمشق .
بعد خروجه من السجن الأول في روما لم يهدأ القديس بولس بل زاد من نشاطه في الكرازة، فترك روما وذهب إلي كولوسي وأقام في بيت فليمون ، وهناك التقي للمرة الثانية مع أنسيمس. ومن كولوسي قام ببعض الزيارات الرعوية لجميع الكنائس التي أسسها في هذه البلاد المحيطة لكي يثبتهم في الإيمان ويعضدهم لكي تستمر خدمتهم الكرازية والرعوية . بعد ذلك سافر عن طريق البحر حتي وصل إلي أسيا الصغري والبلقان وايطاليا وأسبانيا حيث  قام بالكرازة وبتأسيس كنائس في هذه البلاد . ثم عاد إلي ترواس حيث تم القبض عليه بأمر من الطاغية نيرون و‘رحل إلي سجن مأمرتايم بمدينة روما حسب التقليد عام 67م . ووقف القديس بولس أمام نيرون الامبراطور الطاغية للمرة الثانية وكانت التهمة هذه المرة أنه زعيم لجماعة المسيحين الذين ، اتهموا كذبا أنهم ، قاموا بإحراق مدينة روما العريقة ، ولم تستمرالمحاكمة طويلا وصدر الحكم بالاعدام ، ولم يكن مع القديس بولس محام ليدافع عنه ولم يكن معه هناك أحدا من المسيحين  أو الأصدقاء ، حتي القديس تيموثاوس الذي كان يلقبه بإبنه لم يكن هناك . ونظرا لأن القديس بولس مواطن روماني لم يعدم شنقا أو مصلوبا أو رميا بالحجارة ، ويقول التقليد الروماني وكذلك كتاب السنكسارالمستعمل في كنائس الكرازة المرقسية أنه في عام 67 م استشهد كل من القديسين العظيمين بطرس وبولس هامتا الرسل ، وقد استشهد القديس بطرس مصلوبا منكس الرأس ، والقديس بولس بحد السيف خارج مدينه روما حيث كانت ساحة الاستشهاد علي طريق أوستيا . ولم يكن هناك أحد يحمل جسديهما في إعزاز ويبكي عليهما أو يواريهما التراب بكرامة واعزاز.
باستشهاد القديسان العظيمان بطرس وبولس ارتفعت روحهما الطاهره وانطلقت إلي أرض الأحياء إلي راحتهما الأبدية وسط جوقة من الملائكة والقديسين المسبحين والفرحين والمهللين إلي فردوس النعيم وقد نال القديس بولس اشتياقه كقوله ” لي اشتهاء أن انطلق وأكون مع المسيح . ذاك أفضل جدا “(في23:1) .
كما يروي السنكسار الروماني والتقليد القبطي عن قصة أميرة كان القديس بولس قد اجتذبها للسيد المسيح فآمنت، وكانت هذه الأميرة واقفة تبكي في طريق أوستيا لتلقي نظرة الوداع الأخيرة علي من بشرها وخلصها وأنقذها من ظلام وبراثن الأممية إلي عبادة الاله الحقيقي ربنا يسوع المسيح مخلص البشرية، فعزاها القديس بولس وقال لها لا تبكي بل يجب أن تفرحي لأجلي وتهنئينني لأنني سألاقي ربي وإلهي ومخلصي، وطلب منها أن تعيره قناعها (طرحتها) لكي يغطي بها وجهه، فأعطته إياها. بعد انتهاء السياف من مهمته ، ترك السياف ساحة الاعدام في طريقه لقصر الامبراطور نيرون فسألته الأميرة أين  القديس بولس فأخبرها السياف إنه ملقي حيث تركته ورأسه ملفوف بقناعك بجوار جسده بساحة الاعدام فقالت له كذبت. لقد عبر عليّ هو والقديس بطرس وعليهما ثياب ملكية، وعلي رأسيهما تاجين مرصعين باللآلئ، وناولني القناع ، وها هو. وأرته وكل من معه القناع. فتعجبوا من ذلك  وآمنوا بالسيد المسيح. 
إن كان القديس العظيم بولس الرسول لم يستطع الذهاب بالجسد إلي أقاصي الأرض ليكرز ويبشر بالإنجيل ” البشارة المفرحة ” ولكن شكرا لله فإن رسائله قد نابت عنه وأوصلت الكرازة بالإنجيل للخليقة كلها . فهي تقرأ في كل المسكونة من مشارقها إلي مغاربها ومن شمالها إلي جنوبها ، مؤكدة حق الأمم في الإيمان بالرب يسوع المسيح بدون تهود، وأن الخلاص متاح لكل إنسان وذلك بالإيمان بالرب يسوع المسيح فاديا ومخلصا.

رسائل العهد الجديد التي كتبها بولس الرسول

 

· الرسالة إلى أهل رومية 

· الرسالة الاولى إلى أهل كورنثوس

· الرسالة الثانية إلى أهل كورنثوس

· الرسالة إلى أهل غلاطية

· الرسالة إلى أهل أفسس

· الرسالة إلى أهل فيلبي

· الرسالة إلى أهل كولوسي

  • الرسالةالاولى إلى أهل تسالونيكي
  • الرسالة الثانية إلى أهل تسالونيكي
  • الرسالة الاولى إلى تيموثاوس
  • الرسالةالثانية إلى تيموثاوس
  • الرسالة إلى تيطس
  • الرسالة إلى فليمون
  • الرسالة إلى العبرانيين

مميزات القديس الرسول بولس

الميزة الأولى

هي كونه رأى الرب (1كور9:1)، أي كونه التقى الرب في لحظة معينة من حياته، (غل 15:1-16) حيث يقول: أنه دُعي، وأختير إلى حد ما، بنعمة الله عبر وحي ابنه لاجل اعلان البشرى السارة للوثنيين. ويقول أيضا :”أنه مدعو ليكون رسولا”(رو 1:1)، أي “لا مِنْ قِبَل الناس ولا بمشيئة إنسان، بل بمشيئة يسوع المسيح والله الآب الذي أقامه من بين الأموات” (غل 1:1)، فهذه هي خاصيته الاولى كونه قد رأى الرب وتلقى دعوة منه.

الميزة الثانية

هي أن يكون قد أُرسِلَ وذلك يستوجب عليه أن يتصرف كوكيل وكممثل للذي أرسله، ولذلك نجده يعرّف نفسه “رسول يسوع المسيح” (1كور 1:1، 2كور 1:1)، أي وكيله القائم على خدمته بالكامل، لدرجة أنه يسمي ذاته أيضا “خادم يسوع المسيح” (رو 1:1).

الميزة الثالثة

وهي عيش “التبشير بالإنجيل”، عبر تأسيسه للكنائس، ولُقبَ بالرسول لم يأتي بصورة فخرية بل من خلال العمل حيث يقول: “ألستُ رسولا؟” أو ما رأيت يسوع ربنا؟ ألستم صنيعتي في الرب” (1كور 1:9) وأيضا في موضع آخر يقول: “أنتم رسالتنا .. رسالة من المسيح، أُنشئت عن يدنا، ولم تكتب بالحبر، بل بروح الله الحي” (2كور 2:3-3).

ويلتصق بمحبة المسيح بشكل صميمي بقوله: “فَمَنْ سَيَفْصِلُنَا عَنْ مَحَبَّةِ الْمَسِيحِ لَنَا؟ هَلِ الشِّدَّةُ أَمِ الضِّيقُ أَمِ الاِضْطِهَادُ أَمِ الْجُوعُ أَمِ الْعُرْيُ أَمِ الْخَطَرُ أَمِ السَّيْفُ؟ بَلْ كَمَا قَدْ كُتِبَ: «إِنَّنَا مِنْ أَجْلِكَ نُعَانِي الْمَوْتَ طُولَ النَّهَارِ. قَدْ حُسِبْنَا كَأَنَّنَا غَنَمٌ لِلذَّبْحِ!» وَلكِنَّنَا، فِي جَمِيعِ هَذِهِ الأُمُورِ، نُحْرِزُ مَا يَفُوقُ الانْتِصَارَ عَلَى يَدِ مَنْ أَحَبَّنَا. فَإِنِّي لَعَلَى يَقِينٍ بِأَنَّهُ لاَ الْمَوْتُ وَلاَ الْحَيَاةُ، وَلاَ الْمَلاَئِكَةُ وَلاَ الرِّيَاسَاتُ، وَلاَ الأُمُورُ الْحَاضِرَةُ وَلاَ الآتِيَةُ، وَلاَ الْقُوَّاتُ، وَلاَ الأَعَالِي وَلاَ الأَعْمَاقُ، وَلاَ خَلِيقَةٌ أُخْرَى، تَقْدِرُ أَنْ تَفْصِلَنَا عَنْ مَحَبَّةِ اللهِ الَّتِي لَنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا” (روم35:8-39).

وتصرف وتحدث الرسول بولس عن خدمته التي تميزت كما جاء في الرسالة إلى (2كور 3:6-10) “وَلَسْنَا نَتَصَرَّفُ أَيَّ تَصَرُّفٍ يَكُونُ عَثْرَةً لأَحَدٍ، حَتَّى لاَ يَلْحَقَ الْخِدْمَةَ أَيُّ لَوْمٍ. وَإِنَّمَا نَتَصَرَّفُ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِمَا يُبَيِّنُ أَنَّنَا فِعْلاً خُدَّامُ اللهِ: فِي تَحَمُّلِ الْكَثِيرِ؛ فِي الشَّدَائِدِ وَالْحَاجَاتِ وَالضِّيقَاتِ وَالْجَلْدَاتِ وَالسُّجُونِ وَالاضْطِرَابَاتِ وَالأَتْعَابِ وَالسَّهَرِ وَالصَّوْمِ؛ فِي الطَّهَارَةِ وَالْمَعْرِفَةِ وَطُولِ الْبَالِ وَاللُّطْفِ؛ فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ وَالْمَحَبَّةِ الْخَالِصَةِ مِنَ الرِّيَاءِ؛ فِي كَلِمَةِ الْحَقِّ وَقُدْرَةِ اللهِ؛ بِأَسْلِحَةِ الْبِرِّ فِي الْهُجُومِ وَالدِّفَاعِ؛ بِالْكَرَامَةِ وَالْهَوَانِ؛ بِالصِّيتِ السَّيِّيءِ وَالصِّيتِ الْحَسَنِ. نُعَامَلُ كَمُضَلِّلِينَ وَنَحْنُ صَادِقُونَ، كَمَجْهُولِينَ وَنَحْنُ مَعْرُوفُونَ، كَمَائِتِينَ وَهَا نَحْنُ نَحْيَا ، كَمُعَاقَبِينَ وَلاَ نُقْتَلُ، كَمَحْزُونِينَ وَنَحْنُ دَائِماً فَرِحُونَ، كَفُقَرَاءَ وَنَحْنُ نُغْنِي كَثِيرِينَ، كَمَنْ لاَ شَيْءَ عِنْدَهُمْ وَنَحْنُ نَمْلِكُ كُلَّ شَيْءٍ”. وهكذا فعلا كانت خدمته ولم يكن بإمكان أحد اتهامه بما ينافي الأخلاق والآداب وكان ذا علمٍ موهب به من الله وكانت محبته بلا رياء، ويمارس بشارته بقوة الله، وكان يحارب بنشر رسالته بأسلحة البر في الهجوم والدفاع وهذا ينم عن تفكيره بأن الأخلاق المسيحية الجيدة هي أحسن سلاح في كلتا الحالتين.

ويمكننا أن نقول أن الآية الرئيسة في حياته كانت: ” فَالْحَيَاةُ عِنْدِي هِيَ الْمَسِيحُ، وَالْمَوْتُ رِبْحٌ لِي. وَلَكِنْ، إِنْ كَانَ لِي أَنْ أَحْيَا فِي الْجَسَدِ، فَحَيَاتِي تُهَيِّيءُ لِي عَمَلاً مُثْمِراً. وَلَسْتُ أَدْرِي أَيَّ الاثْنَيْنِ أَخْتَارُ!” (فيلبي 21:1-22). فيا ليتنا لو اقتدينا بهذا الرسول العظيم وتكون حياتنا جزءا مما عمل أو وصل إليه ونربح نفوسنا ونوفوس أخوتنا البشر، فالمجد للرب يسوع بإعطائه مثل هكذا رسول لنا لكي بواسطة تعاليمه نرث المُلك المعد لنا منذ إنشاء العالم.

عظمة القديس بولس الرسول تكمن في أنه

1 – ‘دعي للإيمان المسيحي وللخدمة الرسولية من الله الآب الاقنوم الأول كقوله ” ولكن لما سر الله الذي أفرزني من بطن أمي ودعاني بنعمته أن يعلن ابنه فيّ لأبشر بين الأمم للوقت لم أستشر لحما ودما ولا صعدت إلي أورشليم إلي الرسل الذين قبلي بل انطلقت إلي العربية ثم رجعت أيضا إلي دمشق ” (غل 15:1- 17) .
2 – دعي للخدمة الرسولية أيضا من الله الأبن الاقنوم الثاني ، فقد قال الرب عنه للقديس حنانيا ” لأن هذا لي إناءا مختارا ليحمل اسمي أمام أمم وملوك وبني إسرائيل ” (أع15:9).
3 – تم اختيارة من الروح القدس الاقنوم الثالث كما هو مكتوب ” وبينما هم يخدمون الرب ويصومون قال الروح القدس أفرزوا لي برنابا  وشاول للعمل الذي دعوتهما إليه “(أع 2:13) .
بذلك يكون القديس بولس الرسول قد ‘اختير ودعي للخدمة الرسولية من الأقانيم الثلاثة ، كل اقنوم علي حدة .
4 – ‘وضعت أيادي الأباء الرسل علي برنابا  وشاول  ليأخذا  نصيبا  في  الخدمة الرسولية كقول الكتاب ” فصاموا وصلوا ووضعوا عليهما الأيادي ثم أطلقوهما ” ( أع3:13) .
5 – ظهر الرب لشاول في الطريق إلي دمشق وقال له ” شاول شاول لماذا تضطهدني . فقال له من أنت يا سيد . فقال الرب أنا يسوع الذي أنت تضطهده . صعب عليك أن ترفس مناخس . ” (أع 3:9-5). وكلمة مناخس هي المنخاس الحديد الذي يلبسه الفارس في مؤخرة حذاءه ، والذي بواسطته يستطيع الفارس السيطرة علي الفرس الذي يمتطيه للجري بأقصي سرعة ، والفرس لا يستطيع ان يرفس المنخاس لأنه سوف يؤلمه ويؤذي نفسه ، وفي هذا إشارة إلي قلب شاول الطرسوسي الذي كان ينخسه لمحاربة أهل الطريق ومحاولة القضاء عليهم بشتي الطرق ، داخل وخارج أورشليم ، ولذلك ظهر له الرب لأن الرب هو الذي يقودنا في موكب نصرته. كان لقاء الرب يسوع المسيح شخصيا مع شاول في الطريق إلي دمشق سببا في تغيير حياته ، وتغير من مضطهد لأهل الطريق إلي كارز ومبشر بالمسيح في كل الإمبراطورية الرومانية  لأن الرب عينه رسولا للأمم وقد قام بثلاث رحلات تبشيرية . تقابل شاول مع القديس حنانيا الرسول في زقاق المستقيم، وكان الرب قد قال للقديس حنانيا قبل أن تتم هذه المقابلة أن شاول هذا أناء مختار ليحمل أسمي أمام أمم وملوك بني إسرائيل لأنني سأريه كم ينبغي أن يتألم من أجل أسمي (أع1:9- 17) وبالفعل جاز القديس بولس الرسول آلامًا كثيرة وضيقات وشدائد من أجل المسيح، وكان يتقبل هذه الآلام بفرح حتى استشهد بقطع رأسه في روما سنة 67 م.  بأمر من نيرون الملك الطاغية من أجل شهادته للمسيح . وقد سار على هذا المنوال رسل المسيح له المجد، وأيضا خلفاؤهم .
6 – ظهر الرب لشاول مرة اخري في الليل وهو في كورنثوس وقال له ” لا تخف بل تكلم ولا تسكت. لأني أنا معك ولا يقع بك أحد ليؤذيك . لأن لي شعبا كثيرا في هذه المدينة ” (أع 9:18-10) .
7 – ظهر الرب لبولس وهو يصلي بالهيكل في أورشليم وأرسله قائلا ” اذهب فإني سأرسلك إلي الأمم بعيدا ” (أع 21:22) . ولذلك كان ‘يطلق عليه رسول الأمم .
8 – القديس بولس الرسول كلمه الرب وقال له ” ثق يا بولس لأنك كما شهدت بما لي في أورشليم هكذا ينبغي أن تشهد في رومية أيضا “(أع 11:23)
9– القديس بولس الرسول خدمتة وكرازته كانت أكثر بكثير من باقي الرسل فقد كرز في بلاد كثيرة بدأت أولا في أورشليم ، ثانيا في أنطاكية واسس وبطرس وبقية الرسل كرسيها الانطاكي المقدس السنة 42 وكان بطرس اول بطاركته السنة 45، ثالثا في قبرص ، ورابعا في آسيا الصغري ، وخامسا في اليونان وسادسا في روما . وكانت كرازته ناجحة جدا فقد اجتذب للإيمان بالمسيح أناس من جنسيات مختلفة  .
10– القديس بولس الرسول كان يكرز في كل مكان يتواجد فيه حتي في السجن الذي كان مسجونا فيه مع القديس سيلا الرسول ، فقد بشرا سجان فيلبي ولما سألهما سجان فيلبي قائلا ” يا سيديّ ماذا ينبغي أن أفعل لكي أخلص . فقالا آمن بالرب يسوع فتخلص أنت وأهل بيتك . وكلماه وجميع من في بيته بكلمة الرب . فآخذهما في تلك الساعة من الليل وغسلهما من الجراحات واعتمد في الحال هو والذين له أجمعون” (أع30:16-33) .
11 – القديس بولس الرسول لم يكن هو الذي أسس  كرسي كنيسة روما بالتعاون مع بطرس الرسول وجلس عليه الاخير العام ذاته كأول اسقف عليه كما في انطاكية قبل 22 عاماً ،ولكنه زارها بدعوة من ربنا يسوع المسيح  الذي قال له ” ثق يا بولس لأنك كما شهدت بما لي في أورشليم هكذا ينبغي أن تشهد في رومية أيضا ” (أع 11:23) ، وكان دائما يفتقدهم لذلك كتب رسالة إلي أهل روميه قال فيها أنه مرارا كثيرة قصد أن يأتي إليهم ليمنحهم نعمة ولكنه ‘منع ” لأني مشتاق أن أراكم لكي أمنحكم هبة روحية لثباتكم ” (رو11:1) . وذلك لأنه عندما ذهب إلي رومية وجد أنهم لا يعرفون شيئا عن المسيحية ، وقالوا له ” لأنه معلوم عندنا من جهة هذا المذهب أنه يقاوم في كل مكان ” (أع 22:28 ) ، وكان نتيجة ذلك أن ” أقام بولس سنتين كاملتين في بيت استأجره لنفسه . وكان يقبل جميع الذين يدخلون إليه كارزا بملكوت الله ومعلما بأمر الرب يسوع المسيح بكل مجاهرة بلا مانع ” (أع 30:28-31) .
12 – القديس بولس الرسول كان يبشر ويكرز ويتحرك بإرشاد من الروح القدس ، فقد أراد مرتين أن يذهب إلي آسيا ليكرز ويبشر فيها ولكن الروح القدس منعه من ذلك    (أع6:16-7) .
13 – ” في ترواس ظهرت لبولس رؤيا في الليل رجل مقدوني قائم يطلب إليه ويقول اعبر إلي مقدونية وأعنا ” (أع 9:16) . فسافر عن طريق البحر حتي وصل إلي كولونيا وهي أول مدينة من مقاطعة مقدونية ، وهناك قبلت ليديا بائعة الأرجوان الإيمان المسيحي وعمداها هي وأهل بيتها (أع14:16) . كانت هذه السيدة هي باكورة المؤمنين بالسيد المسيح في أوربة ، وقد رحبت بالرسولين بولس وسيلا في بيتها بقولها لهما ” إن كنتم قد حكمتما أني مؤمنة بالرب ، فادخلا بيتي وامكثا . فألزمتنا “(أع 15:16) . فقد أثبتت إيمانها الراسخ المتين عملاً بقول الرب يسوع ” تعالوا يا مباركي أبي رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم. لأني حعت فأطعمتموني. عطشت فسقيتموني. كنت غريبا فآويتموني .  … . ” (مت34:25-35) .
14 – بولس الرسول تعب في الكرازة أكثر من جميع الرسل، كقوله ” أنا تعبت أكثر من جميعهم. ولكن لا أنا بل نعمة الله التي معي. ” (1كو10:15) .
15 – القديس بولس الرسول لاقي اضطهادات وعذابات كثيرة من اليهود الذين كانوا يهيجون عليه الشعب في كل مكان  كان يذهب اليه. كذلك أتت إليه المتاعب في أفسس من الوثنيين حتي أنه قال ” إن كنت كإنسان قد حاربت وحوشا في أفسس ” (1كو32:15). وقد سجل لنا متاعبه وعذاباته في (2كو23:11-28).
16 – القديس بولس الرسول الشجاع وقف أمام ملوك وحكام وولاة في بلاد كثيرة كان يكرز بها. فقد وقف أمام أغريباس الملك.”(أع27:26-28) ، كما وقف أمام فستوس الوالي (أع 10:25-12)، كذلك وقف أمام فيلكس الوالي (أع 25:24).
17 – القديس بولس الرسول منحه الله العديد من مواهب الروح القدس ” وكان الله يصنع علي يدي بولس القوات غير المعتادة. حتي كان يؤتى عن جسده بمناديل أو مآزر إلي المرضى فتزول عنهم الامراض وتخرج الأرواح الشريرة منهم.”(أع 11:19-12). القديس بولس أقام أفتيخوس من الموت (أع9:20-12).
18 – القديس بولس الرسول كان يتكلم بألسنة أكثر من الجميع ، كما أنه عمد باسم الرب يسوع كثيرين وبوضع يديه علي المعمدين حل عليهم الروح القدس كما حدث في أفسس إذ ” وجد تلاميذ قال لهم هل قبلتم الروح القدس لما آمنتم. قالوا له ولا سمعنا أنه يوجد الروح القدس. فقال لهم فبماذا اعتمدتم . قالوا بمعمودية يوحنا. فقال بولس إن يوحنا عمد بمعمودية التوبة قائلا للشعب أن يؤمنوا بالذي يأتي بعده اي بالمسيح يسوع . فلما سمعوا اعتمدوا باسم الرب يسوع. ولما وضع بولس يديه عليهم حل الروح القدس عليهم فطفقوا يتكلمون بلغات ويتنبأون.” (أع1:19-6) .
19 – القديس بولس الرسول الوحيد من الرسل الذي  اختطف إلي السماء الثالثة، ” أنه اختطف إلي الفردوس وسمع كلمات لا ينطق بها ولا يسوغ لإنسان أن يتكلم بها .” (2كو4:12). وهو الذي قال “ولئلا أرتفع من فرط الإعلانات أعطيت شوكة في الجسد ملاك الشيطان ليلطمني لئلا أرتفع. من جهة هذا تضرعت إلي الرب ثلاث مرات أن يفارقني. فقال لي تكفيك نعمتي لأن قوتي في الضعف تكمل.” (2كو7:12-9) .
20 – كان القديس بولس الرسول ذو شخصية قيادية قوية فأحيانا نراه يتكلم بسلطان وبقوة كما حدث مع سفاح القربي {الزاني مع زوجة أبيه} ( 1كو1:5-5)، وأيضا ضرب عليم الساحر الذي يسمونه باريشوع بالعمي (أع7:13-12)، كما قام بمواجهة القديس بطرس الرسول لأنه كان ملوماً (غل11:2-14)، كذلك قوله لأهل غلاطية ” أيها الغلاطيون الأغبياء من رقاكم حتى لا تذعنوا للحق أنتم الذين أمام عيونكم قد رسم يسوع المسيح بينكم مصلوباً. أريد أن أتعلم منكم هذا فقط  ابأعمال الناموس أخذتم الروح أم بخبر الإيمان. أهكذا أنتم أغبياء. أبعدما ابتدأتم بالروح تكملون الآن بالجسد.” (غل1:3-4) .
21 –  كان القديس بولس الرسول قويا جريئا جسورا في المطالبة بحقه أمام الملوك والولاة والأمراء والحكام وسوف أعطي ثلاث مواقف تدل علي ذلك:
أولا – عندما كان الرسولان القديسان بولس وسيلا  في أفسس قبضوا عليهما ووضعوهما في السجن، وعندما علم الولاة  أنهما رجلان رومانيان أرسل الولاة الجلادين إلي حافظ السجن ليطلقهما سراً ” فقال لهم القديس بولس الرسول ضربونا جهراً غير مقضي علينا ونحن رجلان رومانيان وألقونا في السجن. أفالآن يطردوننا سراً. كلا. بل ليأتوا بأنفسهم ويخرجونا. فأخبر الجلادون الولاة بهذا الكلام فاختشوا لما سمعوا أنهما رومانيان . فجاءوا وتضرعوا إليهما وأخرجوهما وسألوهما أن يخرجا من المدينة” (أع37:16-39)
ثانيا – في أحد المرات قبضوا عليه وربطوه ليجلدوه بالسياط بأمر من الوالي الروماني، فقال القديس بولس الرسول لقائد المائة ” الواقف أيجوز لكم أن تجلدوا إنسانا رومانيا غير مقضي عليه “(أع 25:22)  . ” فلما علم الأمير أنه روماني اختشى الأمير أن يفسخوا بولس فأمر العسكرأن ينزلوا ويختطفوه من وسطهم ويأتوا به إلي المعسكر .”(أع10:23).
ثالثا –  مرة أخري في أورشليم أراد الحاكم فستوس أن يسلمه لليهود ليتخلصوا منه، فنظر إليه القديس بولس الرسول وقال له ” أنا واقف لدي كرسي ولاية قيصر حيث ينبغي أن أحاكم . … . الى قيصر أنا رافع دعواي. حينئذ تكلم فستوس مع أرباب المشورة فأجاب إلى قيصر رفعت دعواك إلي قيصر تذهب” (أع10:25-12).
22 – في نفس الوقت كان القديس بولس الرسول في قمة الوداعة والتواضع، فنراه يقول: ” ثم أطلب إليكم بوداعة المسيح وحلمه أنا نفسي بولس الذي في الحضرة ذليل بينكم وأما في الغيبة فمتجاسر عليكم.” (2كو10: 1) . وعندما كان في ميليتس ارسل إلى أفسس واستدعي قسوس الكنيسة وقال لهم “ لذلك اسهروا متذكرين اني ثلاث سنين ليلا ونهارا لم افتر عن ان انذر بدموع كل واحد” (أع31:20).
23 – كرازة القديس بولس الرسول كانت ناجحة جدا في بلاد كثيرة، فقد قبِلوا الإيمان بالمسيح له المجد ربا وفاديا ومخلصا أناس كثيرين من خلفيات كثيرة. فقد كان يجاهر بكرازته محاجاً ومقنعاً بملكوت الله، لايخشي شيئا كقوله: “ولكنني لست أحتسب لشئ ولا نفسي ثمينة عندي حتي أتمم بفرح سعي والخدمة التي أخذتها من الرب يسوع لأشهد ببشارة نعمة الله.”(أع24:20)،  كما شهد الكتاب المقدس عن ذلك أنه:” كانت كلمة الرب تنمو وتتقوي بشدة”(أع20:19).  وأحيانا كانت كلمات القديس بولس الرسول تبث الرعب في نفوس المستمعين كما حدث مع فيلكس الوالي عندما سمع من القديس بولس الرسول عن الإيمان المسيحي: ” وبينما كان يتكلم عن البر والتعفف والدينونة العتيدة أن تكون ارتعب فيلكس …”(أع 25:24) .
وعندما وقف أمام أغريباس الملك ، نظر إلي أغريباس الملك وقال له” أتؤمن أيها الملك أغريباس بالأنبياء. أنا أعلم أنك تؤمن. فقال أغريباس لبولس بقليل تقنعني أن أصير مسيحياً.”(أع27:26-28) .
24– هرب القديس بولس الرسول من دمشق إلي العربية ليلاً وهي الصحراء الواقعة جنوب شرقي دمشق، حيث كان قد أقام فيهما ثلاث سنوات وقد قضي ذلك الوقت منفردا مع الرب، كقوله ” وأعرفكم أيها الإخوة الإنجيل الذي بشرت به إنه ليس بحسب إنسان. لأني لم أقبله من عند إنسان ولاعلمته. بل بإعلان يسوع المسيح ….  ولكن لما سر الله الذي أفرزني من بطن أمي ودعاني بنعمته. أن يعلن إبنه فيّ لأبشر به بين الأمم للوقت لم أستشر لحماً ولا دماً ولا صعدت إلي أورشليم إلي الرسل الذين قبلي بل إنطلقت إلي العربية ثم رجعت إلي دمشق ثم بعد ثلاث سنين صعدت إلي أورشليم لأتعرف ببطرس فمكثت عنده خمسة عشر يوما. ولكني لم أر غيره من الرسل إلا يعقوب أخا الرب “(غل 11:1-19) حدث ذلك خلال إقامته الأولي في دمشق بعد دخوله الإيمان المسيحي وتحوله من اليهودية إلي المسيحية، وقد كان ذلك بسبب غضب اليهود عليه وخصوصاً الفريسيين الذين كانوا يريدون قتله بسبب خروجه عنهم وكرازته ومجاهرته ودفاعه عن المسيحية.
25 –  القديس بولس الرسول تكلم عن خطية آدم وحواء: “من أجل ذلك كأنما بإنسان واحد دخلت الخطيئة إلى العالم، وبالخطيئة الموت، وهكذا اجتاز الموت إلي جميع الناس، إذ أخطأ الجميع” (رو 12:5).
26 – القديس بولس الرسول أكثر الرسل الذين تكلموا عن الفداء والخلاص، وكان واضحا أن الصليب والقيامة يشكلان جوهر رسائل القديس بولس الرسول، وأنه يمكن تبرير الخطاة بالإيمان وحده بدون أعمال كما أكد على ذلك ربنا يسوع المسيح في مثل الفريسي والعشار(لو9:18-14).
27 – تكلم ايضا القديس بولس الرسول عن المجئ الثاني لربنا يسوع المسيح وأوضح أنه: “لا يأتي إن لم يأتي الارتداد أولا ويستعلن إنسان الخطية ابن الهلاك المقاوم والمرتفع علي كل ما يدعي إلهاً أو معبوداً حتى إنه يجلس في هيكل الله كإله مظهراً نفسه أنه إله ” (2تس1:2-4).
28 – تكلم القديس بولس الرسول عن سر الافخارستيا بقوله: ” تسلمت من الرب ما سلمتكم أيضاً” (1كو23:11)، وهذا يوضح ان القديس بولس تسلم هذا السر العظيم أثناء تلمذته للرب يسوع وهو في العربية ودمشق حيث مكث هناك ثلاث سنوات.
كما تكلم عن التناول بدون استحقاق ” إذا أي من أكل هذا الخبز أو شرب كأس الرب بدون استحقاق يكون مجرما في جسد الرب ودمه. ولكن ليمتحن الإنسان نفسه وهكذا يأكل من الخبز ويشرب من الكأس. لأن الذي يأكل ويشرب بدون استحقاق يأكل ويشرب دينونة لنفسه غير مميزجسد الرب.” (1كو27:11-29) .
29 – تكلم القديس بولس الرسول عن مواهب الروح القدس:” فأنواع مواهب موجودة ولكن الروح واحد. وانواع خدم موجوده ولكن الرب واحد وأنواع أعمال موجودة ولكن الله واحد الذي يعمل الكل في الكل. ولكنه لكل واحد يعطي إظهار الروح للمنفعة. فإنه لواحد يعطي بالروح كلام حكمة. ولآخر كلام علم بحسب الروح الواحد . ولآخر إيمان بالروح الواحد.  ولآخر مواهب شفاء بالروح الواحد. ولآخر عمل قوات ولآخر كلام نبوة ولآخر تمييز الأرواح. ولآخر أنواع ألسنة. ولآخر ترجمة ألسنة. ولكن هذه كلها يعملها الروح الواحد بعينه قاسما لكل واحد بمفرده كما يشاء.” (1كو4:12-11)، (رو6:12-8 ). ثم يقدم لنا النصح والإرشاد بقوله:” ولكن جدوا للمواهب الحسني. وأريكم طريقاً أفضل ” (1كو31:12)، وهذا الطريق الأفضل كان إصحاحاً كاملاً عن المحبة وهو(1كو13)، وأيضا (رو9:12-21).
30-  تكلم القديس بولس الرسول عن قدسية الزواج: ” ليكن لكل واحد امرأته وليكن لكل واحدة رجلها.” (1كو2:7)، كما تكلم عن البتولية ” ولكن أقول لغير المتزوجين وللأرامل إنه حسن لهم إذا لبسوا كما أنا. ولكن إن لم يضبطوا أنفسهم فليتزوجوا. لأن التزوج أصلح من التحرق.” (1كو8:7-9).” إذا من تزوج فحسنا يفعل ومن لا يتزوج يفعل أحسن. المرأة مرتبطة بالناموس مادام رجلها حيا. ولكن إن مات رجلها فهي حرة لكي تتزوج بمن تريد في الرب فقط. “(1كو38:7-38) ، وفي حالة إذا كان أحد الزوجين غير مسيحي قال: ” لأن الرجل غير المؤمن مقدس في المرأة والمرأة الغير مؤمنة مقدسة في الرجل” (1كو14:7) .
31– تكلم القديس بولس الرسول عن العثرة من المتشككين في أكل اللحوم خوفا من أن تكون قد ذبحت للأوثان فقال ” إن كان طعام يعثر أخي فلن  آكل لحما إلي الأبد لئلا أعثر أخي” (1كو13:8).
32 –  رسائل القديس بولس الرسول كانت تشمل جميع نواحي متطلبات الحياة المسيحية، وكيف يستطيع الإنسان أن يعيش حياة روحية ترضي المسيح وتؤهله لدخول ملكوت السماوات. فقد تكلم عن علاقة الإنسان بأبديته وبالزوج والزوجة والأولاد والأقارب والرؤساء والأسياد والعبيد والأقوياء والضعفاء والزنا والشذوذ الجنسي في (أف 3:5-5)، (رو25:1-27) وأيضا في رسالته الأولي لأهل كورنثوس (1كو9:6-10)  ذاكرا بكل وضوح الممنوعين من دخول ملكوت السماوات.
33 – إن عظمة القديس بولس الرسول تكمن في أنه كتب 14 رسالة  مجموع إصحاحاتها 100 إصحاح في حين أن مجموع رسائل بقية الرسل كان 21 إصحاح. وسوف نقوم بدراسة رسائله ال14 بإختصار في الباب  الخامس لأن كل رسالة تستحق كتابا بمفردها.
هو بولس رسول الامم ورسول الجهاد الامين فلتنفعنا شفاعة هذا القديس الرسول الذي لم يتتلمذ للرب كبقية الاثني عشر بل كانت هذه المقابلة كافية لتجعله كالذهب الذي يضيء اكثر بالنار.
(انتهى الجزء الاول)

من مصادر البحث

كتاب تاريخ انطاكية للدكتور اسد رستم
كتاب بولس الرسول للبطريرك الياس الرابع
كتاب تاريخ انطاكية  لخريستموس بابا دوبولس
تاريخ الكرسي الانطاكي د.جوزيف زيتون-موقعه هنا
مختصر تاريخ الكرسي الانطاكي د.جوزيف زيتون- موقعه هنا
كتاب تاريخ الكنيسة المسيحية تعريب المطران الكسندروس جحا
كتاب بولس الرسول للدكتور جميل زكي فلتاؤوس

 

  • Beta

Beta feature

  • Beta

Beta feature

  • Beta

Beta feature


Posted

in

,

by

Tags:

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *