حبيب جورج كحالة 1898 — 1965
توطئة
– أعجبني رأي الأستاذ حسين العودات في وصفه لعلمنا عندما قال عنه في مستهل مقاله: “رواية اسمها سورية ” “مئة شخصية أسهمت في تشكيل وعي السوريين في القرن العشرين.”
وقال مايلي:”يحار المرء عندما يرصد حياة حبيب كحالة، هل يكتب عن الصحافة السورية منذ ماقبل الاستقلال حتى عام 1965 سنة وفاته، أم عن الصحف السورية الساخرة، أم عن (المضحك المبكي) تلك المجلة التي تماهت مع حياة حبيب كحالة
ونشاطه وفكره وهمومه واهتماماته، وتماهى معها حتى كاد الشعب السوري لايذكر حبيب كحالة، رغم نشاطه المتعدد الجوانب، إلا ويتذكرمجلة (المضحك المبكي)،التي كانت وسيلته الرئيس، لنشر أفكاره في الدفاع عن المجتمع والحرية والديموقراطية، وقبل ذلك عن استقلال سورية، ورحيل الانتداب الفرنسي، والتي أضحك من خلالها السوريين وأبكاهم، و”تحمل في هذا السبيل من الشدائد والأهوال ما يُضحك ويُبكي فعلا، ولم يلقِ السلاح بل ظل صخرة في الميدان، ولكنه دفع ثمن هذا من قلبه ودمه وكبده.” كما قال عنه المرحوم صبحي أبو غنيمة”. (انتهى رأي الأستاذ العودات).
– في الحقيقة ان ماجرأني أنا، ودفعني الى تحقيق رغبتي في الكتابة عنه، هو جرعة الثقة التي أعطانيها ولده الأستاذ سمير، زائر الوطن بعد اغتراب في باريس، في لقائنا الذي رتبه الصديق المشترك الأستاذ بشارة ندروس، وقدم لي ما ساعدني في الكتابة عن والده العلامة حبيب لأكتبه في النشرة البطريركية لسان حال بطريركية انطاكية وسائر المشرق، بصفته من الأعلام الدمشقيين الأنطاكيين الأرثوذكسيين، وكنت، ولا زلت، ساعياً الى تدوين سيَّرهم للذكرى والتاريخ، ولتكون في متناول أوسع الشرائح. وكان ذلك في العقد الأول من القرن الحالي…
ولابد لي من الاعتراف في الوقت ذاته بأن معرفتي به كانت متفقة مع ماوصفه به الاستاذ العودات أعلاه، لا سيما وأنني كنت حدثاً حين وفاته. وأن جدي فارس رحمه الله الذي شارك وقتئذ في مأتمه، كان يتحدث عن”المضحك المبكي” بإعجاب، لأنها على قوله: “كانت مجلة تفش القلب”.
السيرة الذاتية
ولد علمنا في دمشق القديمة، في الشارع المستقيم ،محلة الخراب، في حي البطريركية الأرثوذكسية العام 1898، وكان والده يعمل صائغاً، ويعيل أسرته من دخل عمله.
تلقى تعليمه في المدرسة الآسية الأرثوذكسية بدمشق زمن مدرائها الأعلام:
– فارس الخوري، عيسى اسكندر المعلوف، والشماس باسيليوس صيداوي، والأب اثناسيوس كليلة… الخ، و في هذا مايدل على قوة مناهجها العلمية والتي أثرتْ الفكر عند الفتى حبيب، اضافة الى دورها في تعميق ايمانه الأرثوذكسي الذي نهله اولاً منذ طفوليته وحداثته من أسرته.
– بعد إكماله تعليمه الثانوي في “المدرسة التجهيزية الأرثوذكسية” (الآسية)، كما كانت تسمى، التحق “بالجامعة الأميركية” في بيروت من أجل إكمال تعليمه الجامعي، حيث درس فيها الاقتصاد والتجارة، وتخرج منها عام 1918 حاملاً دبلوم التجارة. بعد زوال الحكم التركي وقيام الحكم العربي في سورية. ولكونه عروبي الانتماء فقد درس في الجامعة الأميركية دون اليسوعية، لأن الأخيرة كانت متهمة بعلاقتها بفرنسا. (1) انخرط حبيب في العمل الوطني دفاعا”عن استقلال سورية بقيادة الأمير فيصل، فتشارك وتوفيق اليازجي في اصدارجريدة يومية باسم “سورية الجديدة “في 23تشرين الأول 1918،ومالبث ان استقل بملكيتها وادارتها، وبدا أن حبيب ومن خلال جريدته مؤيداً الاستقلال، ووحدة بلاد الشام تحت راية الملك فيصل، ورافضاً ومهاجماً “إتفاقية سايكس–بيكو” 1916 والاستعمار الفرنسي- الانكليزي الناشيء عنها. كما وشاجباً “وعد بلفور” 1917 واقامة وطن قومي لليهود في فلسطين وفق الوعد، وأكد في جريدته “سورية الجديدة”على ثوابته هذه وعلى أهمية الحرية للعرب، ولبلاد الشام وإخلاصه للدولة العربية المستقلة بقيادة الحسين بن علي شريف مكة، وابنه الأمير فيصل.
استمرت جريدته “سورية الجديدة” تصدر حتى منتصف عام 1926. بعد قيام الثورة السورية الكبرى (1925-1927) ضد الانتداب الفرنسي. ولأنها “تجاوزت حدود الاعتدال، وراحت تهَّيج الرأي العام، وتعرقل سير أعمال الحكومة” فقد أُغلقت حسبما جاء في قرار تعطيلها.(2) ثم سمح له بإصدارها مجدداً في 28 كانون الثاني 1928. أي بعد انتهاء الثورة السورية الكبرى.
جريدة المضحك المبكي
تقدم حبيب كحالة في11 آب1929 بطلب الى وزارة الداخلية، قال فيه: “المعروض أنني عزمت على اعادة جريدتي “سورية الجديدة” بعد أن كنت أوقفتُها لأسباب اضطرارية، وسأصدرها تحت اسم “المضحك المبكي”، ولكي تكونوا على علم بذلك حررت لكم هذه العريضة.”
توجه حبيب كحالة الى الصحافة منذ تخرجه، ولم يبحث عن مهنة أخرى. كان بإمكانه أن يختار عملاً مريحاً ومربحاً، يؤمن له الراحة والسعادة، كونه خريج جامعة عريقة في زمن ندر فيه الخريجون الجامعيون، لكنه اختار بدلاً من ذلك أصعب المهن، وهي مهنة الصحافة، وأكثرها تعباً وشقاءً، وأقلها مردوداً. ويبدو أنه اختارها بتصور مسبق وتصميم نادر، سواء لأنها كانت سبيلا لنشر أفكاره ومساهمته في حياة المجتمع، أم لأنه يهواها رغم مصاعبها. ولم يترك هذه المهنة، أويغادرها حتى وفاته، بعد سبعة وأربعين عاماً من العمل الصحفي.
لقد كانت جريدة (سورية الجديدة) ثالث جريدة، تؤسس في سورية مع قدوم الحكم العربي إليها، وقبل مجيء كارثة الانتداب الفرنسي عليها.
نضاله الصحفي الوطني والقومي
لقد أثرت تربيته البيتية الايمانية، وماتلقاه من تربية إيمانية أرثوذكسية أنطاكية أيضاً، وتربية وطنية دمشقية، سورية في مناهج المدرسة الآسية التي أعطتها لتلامذتها منذ اعادة احداثها عام 1840 على يد رائدها ومحدثها الشهيد في الكهنة القديس يوسف الدمشقي(3) أثرت في توجه علمنا وفق هذه النفحة الوطنية والقومية التي جعلته دوماً في مواجهة مستمرة لاهوادة فيها مع الاحتلال الفرنسي، وسواه من الفاسدين سواء في الحكم السوري الخاضع للانتداب الفرنسي، أو مع الانتداب ذاته، والحكومات المتعاقبة بعد الاستقلال الى حين انتقاله الى الأخدار السماوية…
حبيب كحالة وجريدته المضحك المبكي
لم يأت فكر وتوجه علمنا من فراغ كما اسلفت، ولم ينشأ من فراغ، فهو عروبي صميم وسوري صميم، وهو من أوائل النهضويين الذين حملوا شعلة استمرار التيار العربي النهضوي، الذي كان قد بلغ ذروته في النصف الثاني من القرن19، برجالاته المعروفين ب”المتنورين الشوام” والذي أسس لحركة النهضة العربية التي نادت بالقومية العربية وبالحرية والاستقلال عن الدولة العثمانية، وباللامركزية في الحد المطلبي العروبي المتعاظم، لقد حملت هذه الحركة على عاتقها مهمة التعريب وكان معظم روادها من المسيحيين “الشوام”. وكأني بعلمنا احد هؤلاء المتنورين الشوام، ولو بعد انقضاء الزمن…
“كان حبيب كحالة نبتاً، ثم شجرة وارفة في تاريخ الصحافة والصحفيين العرب، خلال خمسين عاماًونيف، منذ تأسيسه جريدته الأولى. لقد ورث تقاليد الصحافة وتابع نضالها ودعوتها للحرية والتحرر ومواجهة الاستبداد. فكان استمراراً لتلك الصحف ولأولئك الصحفيين الرواد، الذين أفادوا من مجيء الاتحاديين”جمعية الاتحاد والترقي العثمانية”
وخلع السلطان عبد الحميد الثاني، واعتماد دستور1908 الذي تضمن مبادىء (الحرية والاخاء والمساواة) وتفهم مطالب النهضة العربية. أفاد النهضويون من هذا كله، وحققوا نهضة صحفية، اعتمدت على هامش واسع من الحريات أيام الاتحاديين، وصارت نبراساً ثقافياً ونهضوياً وملاذاً للفكر القومي، واحياء تراث الأمة العربية، وتجديد هويتها تجاه السلطة العثمانية المستبدة. وعندما انقلب الاتحاديون على مبادئهم، وفرضوا الأحكام العرفية، وضيقوا على الحريات، وأعادواالرقابة على الصحف ،هب الصحفيون والصحف لمقاومة أفكار وممارسات الاتحاديين، فتعرضوا للسجن والاعتقال. أسسوا صحفاً ساخرة، يمكنها النفاذ من السد المنيع، مستخدمة النكتة اللاذعة والسخرية والاسقاط وغيرها، فصدرت صحف (حط بالخرج) و(تكمل) و(الحمارة) التي تحولت الى (البغلة) بعد اغلاقها، ثم تحول اسمها الى(حمارة الجبل) بعد الاغلاق الثاني، وأخيراً أسمت نفسها (جراب الكردي) بعد الاغلاق الثالث. وعلى الخطى نفسها سارت جريدة (أبو النواس)، فصارت (عكاز أبو النواس)، ثم (أبو فراس)، ثم (أبو فراس الجديد).(4)
لقد شهدت مرحلة ماقبل الحرب العالمية الاولى، ظهور عدد من الصحف الساخرة
فأغرت حبيب كحالة لتبني هذا الاسلوب الصحفي عند انتسابه لمهنة الصحافة، ربما
لللافادة من فعالية هذا النوع من الصحف، أومن امكانيات التفافه على الرقابة، أولأنه يناسب طبعه الساخر، وأسلوبه السهل الممتنع، والشفاف. لذانجده مبادراً الى تأسيس مجلته الشهيرة “المضحك المبكي” بمجرد اغلاق جريدته “سورية الحديثة” لقد اضحت “المضحك المبكي” أثيرةعلى حياته وحياة السوريين، ومرآة النضال من أجل الحرية والتحرروالاستقلال والديوقراطية.
خاض كحالة في”المضحك المبكي” نضالاً مجيداً ضد سلطات الانتداب والمتعاونين معها، من أجل الاستقلال والحرية والدستور والانتخابات النزيهة. كما لم يوفر في نقده لا رئيس الجمهورية، ولا رئيس الوزراء، أو الوزراء. وهاجم الفساد، فتعرض للقمع وأُغلقت جريدته مرات عدة. وكان إغلاقها الأول بعد سنة من تأسيسها في 26تموز1930، ثم مرتين عام 1932، فاحتال على إغلاقها، وتابع إصدارها بإسم “ماشي الحال” ثم عُطلت ثانية عام 1939، ثم ثلاث مرات أعوام1940 و1947 و1950 و1953 ثم توقفت نهائياعام 1966 ،وقد بلغت مدة تعطيلها (الاختياري أو الاجباري) أحد عشر عاما”من أصل سبعة وثلاثين عاما”هي مدة صدورها.
لقد “بُنيت سياسة “المضحك المبكي”على النقد اللاذع، والسخرية المرة، والدعابة الطريفة، والاسلوب الفني المبتكر، والرسوم الكاريكاتورية التي تلخص الأحداث، وتبرز المواقف وتجسم الأخطاء.” وما كان لهذه المجلة ان تنفرد في السبق” لولا قلم صاحبها الفنان المبدع، وريشته الساخرة الضاحكة، التي تنم عن موهبته الأصيلة وذكائه الوقاد.”
ميوله السياسية
كان علمنا ابناً للطبقة الوسطى السورية، الناشئة في ذلك الوقت بالمعنى السياسي. وابناً لحركة النهضة العربية التي تأثرت بشعارات حركة التنوير الاوربية، (حق المواطنة، الحرية، التعددية، الديموقراطية، المساواة، حقوق الانسان…والاستقلال) لذا اختار ان يكون مناصراً(للكتلة الوطنية)،التي ساهمت في قيادة حركة استقلال سورية ردحاً من الزمن، وتبلورت في نهاية العشرينات، وأوائل الثلاثينات من القرن20، وواكبها بجريدته المضحك المبكي التي أسسها عام1929 حيث سجلت، طوال ثلاثة
عقود ونصف، تاريخ النضال السوري من أجل الاستقلال والحرية، وضمت بين صفحاتها مواقفه ممايجري في سوريةخلال هذه العقود. وقد أكدت المجلة هذا التوجه منذ العهد الأول الاول، حيث قال: “اننا نعاهد القراء على ان تكون المجلة صريحة وصادقة، ولو أغضبت البعض…” وبالفعل فقد لخص حبيب كحالة موقفه الثابت هذا منذ العدد الاول: الصدق …الصراحة…البحث عن الحقيقة، حتى لوأغضبت الآخرين. وبقي محافظا”على هذه المعايير ،حتى اليوم الأخير من حياته.
ان جرأة حبيب كحالة وقلمه الساخر ودفاعه عن الاستقلال والحرية والديموقراطية، جعل له ولمجلته “المضحك المبكي” رصيداً شعبياً هاماً، لأن الاسلوب الذي سار عليه كان سبباً في انتشارها وبث روح الوطنية والقومية بين جميع طبقات الشعب. وقد وَّلَّدَّ ثقة في نفوس ابنائه، ولعبت دوراً رئيساً في محاربة الاستعمار، وأذنابه، الأمر الذي أدى لانتخابه نائباًعن دمشق العام 1922، وكان عضواً في مجلس الاتحاد السوري المؤلف آنذاك من 15 عضواً يمثلون جميع (الدويلات السورية) مما حدا بالحزب الوطني أن يرشحه مجدداً للانتخابات، فأُعيد انتخابُه عام 1947 نائباًعن دمشق، وكان رئيساً للجنة الملاكات، وأمين سر الهيئة النيابية للحزب الوطني، فازدادت قوته وارتفع موقعه،مما ساهم في تطوير المجلة نفسها.
ارثوذكسيته
كان حبيب كحالة ابناً حقيقياً للكنيسة الأرثوذكسية، أعطاها من جهاده ما خلد ذكره. فقد قال مثلث الرحمات البطريرك ثيوذوسيوس السادس (أبو رجيلي)في تأبينه بعد الانتهاء من مراسم الجنازفي 21-12-1965 في الكاتدرائية المريمية بدمشق:”أما ارثوذكسيته الطيِّعة الخيِّرة، فلا أدل عليها من أن هذه الكاتدرائية التاريخية، حاشا لها أن تنسى ما قد نفحها به المرة تلو المرة بمسعاه لدى رجال الحكومة الجليلة التي أمدتها برفد عمل على تجديد شبابها وازدهاء جلبابها بعد أن كاد يخني على بنائها تقادم العهد وهزات الزلازل.”
أما تفصيل ذلك فهو التالي
في عام 1947 وكان حبيب نائباً عن دمشق في المجلس النيابي/كما مر /(5) لوحظ تصدع شديد في سقف الكاتدرائية المريمية، فتحركت حميته المسيحية وبادر بالاتصال بالنائب محمد المبارك ممثل حزب الاخوان المسلمين في البرلمان السوري، وبالدكتور مصطفى السباعي مرشد الأخوان المسلمين في سورية من أجل مساعدته باشراك الحكومة في نفقات تدعيم سقف الكاتدرائية المريمية، وقد تقدم حبيب كحالة باقتراح بهذا الشأن الى المجلس النيابي هو التالي:
“دولة رئيس مجلس النواب الموقر(6)
في دمشق كنيسة عربية أثرية كبرى للروم الأرثوذكس تدعى الكنيسة المريمية، يرجع تاريخها الى عدة قرون خلت، وتعد أكبر كنيسة في جزيرة العرب.
هذه الكنيسة قد طال عليها القدم فتداعت أركانُها، وأصبحت على وشك السقوط حتى ان المهندسين قد أنذروا الطائفة الأرثوذكسية بعدم جواز الصلاة فيها، لأنه ينتظر أن تسقط بين حين وآخر.
ولما كان ليس هناك من مرجع لهذه الكنيسة، ترجع اليه في الملمات غير هذا المجلس الكريم، وهذه الجمهورية الفتية، فاني بإسم هذه الطائفة الأرثوذكسية في دمشق، أرجو تخصيص مبلغ مائة الف ليرة سورية، لتساهم الحكومة في ترميمها وتمكينها لتعيدها الى ماكانت عليه مكان عبادة وصلاة.
وتفضلوا بقبول جزيل الاحترام .
دمشق في 18/12/1947 نائب دمشق
حبيب كحالة
وقد حظي هذا الاقتراح بتأييد ودعم حزب الأخوان المسلمين، وتبناه البرلمان السوري وقرر(7)مايلي:”المادة 99 – اعانة لبناء الكنيسة المريمية الكتدرائية الأرثوذكسية بدمشق 67500 ليرة سورية.”
كما قررتخصيص 100 الف ليرة لاصلاح الجامع الأموي.
لم يتوقف حبيب عند هذه المنحة، بل تابع عند رئيس الجمهورية السورية الزعيم حسني الزعيم عام 1949 عندما تولى بأول انقلاب عسكري، الحكم في سورية. فقدم الأخير مبلغ50 الف ليرة سورية كمنحة رئاسية اعانة لبناء الكاتدرائية المريمية .
واعترافاً بجميله هذا أقامت له الرعية الأرثوذكسية الدمشقية في 15 /شباط 1948 حفلة تكريمية في النادي الأدبي وقدمت له كأساً فضية كتب عليها:
” تقدير وشكر
من لجنة تجديد بناء الكاتدرائية المريمية الأرثوذكسية الى النائب حبيب بك كحالة”
– كلفه البطريرك ثيوذوسيوس عند توليه السدة البطريركية الانطاكية عام 1958 بإعادة اصدار مجلة “النعمة” البطريركية(8)المتوقفة منذ1914 وقت بداية الحرب العالمية الأولى في عهد مثلث الرحمات البطريرك غريغوريوس الرابع. وقد طلب من السيد ين محمد المبارك ود.مصطفى السباعي الكتابة فيها مع غيرهم من أعضاء حزب الاخوان المسلمين، الأمر الذي جعل منها مجلة وطنية جامعة ناطقة باسم البطريركية، وقام هو بالمقابل بكتابة مقالات في مجلة الحزب المذكور.(9)
وفاته
في21/12/1965 انتقل علمنا الى الأخدار السماوية عن عمر يناهز السبعين عاماً،قضاها في النضال من أجل الحرية والديموقراطية. ترأس الصلاة على جثمانه في الكاتدرائية المريمية بدمشق، البطريرك ثيوذوسيوس السادس، وعاونه معظم مطارنة
الكرسي الأنطاكي المقدس، وسائر أفراد الاكليروس البطريركي. حضر الصلاة ممثلون عن رؤساء الكنائس الشقيقة مع جمع غفير جداً من الرعية المسيحية كلها، اضافة الى ممثل عن رئيس مجلس الرئاسة، والوزراء وعدد من الأدباء والمفكرين ورجال الصحافة، وقد غصت الكاتدرائية وساحاتها على رحبها بالمشيعين. وقد أبنه غبطته بكلمة رثاء بليغة، عدد فيها مناقبيته الوطنية والقومية والمسيحية، مستذكراً ما قام به في سبيل ترميم الكاتدرائية (كما سلف) . وُري الثرى في مدفن العائلة باحتفال مهيب.
كما أقيم في31/12/1965 في الكاتدرائية المريمية قداس الهي بمناسبة مرور اليوم التاسع برئاسة غبطته وبمعاونة عدد من المطارنة والاكليروس البطريركي، وقامت بخدمة الترتيل جوقة المدرسة اللاهوتية في البلمند.
صفاته
اتصف علمنا بالاخلاص في كل مواقفه، وكان مبدئياً بالتحديد في الوطنية والقومية
وشجاعاً في مقاومة الاستعمار وعملائه، وفي فضح الفساد، وكان خطيباً مفوهاٍ وصاحب نكتة أدبية رفيعة.
آثاره
أصدر حبيب كحالة خمس صحف ومجلات وملاحق مجلات، هي:(سورية الجديدة) و(المضحك المبكي) و(ماشي الحال) و(المصور) و(دمشق) كذلك فقد ألف
أربعة كتب، هي :(ذكريات نائب) و(قصة خاطئة) و(الناس وكشكول) و(المضحك
المبكي).
ان خير مايقال عن علمنا، أنه أثَّرَّ تأثيراً بنيوياً في تاريخ الصحافة السورية، ولا سيما الساخرة منها، وساهمت صحفه مساهمة جدية في تشكيل وعي السوريين، خلال مايقارب نصف القرن .
حواشي البحث
(1)- حسين العودات، نقلا”عن الأديبة السيدة كوليت خوري ابنة أخته.
(2)-صادرعن الحاكم الفرنسي.
(3)- اسسها البطريرك أفتيموس كرمة عام1635 في المقر البطريركي بدمشق، وأعادالخوري يوسف الحداد(الشهيد يوسف الدمشقي) تنظيمها عام1840.
(4)- حسين العودات-“رواية اسمها سورية”
(5)- أ. سمير كحالة ،حديث وشهادات شفهية.
(6)- الدور الاشتراعي الرابع /الدورةالعادية الاولى للمجلس النيابي /الجلسة 11/
الخميس 18/12/1947 .
(7)- الدورذاته/الدورة الاستثنائية الثانية للمجلس النيابي /الجلسة 8/في13/1/1948 .
(8)-” النعمة” مجلة بطريركية أحدثها البطريرك غريغوريوس الرابع مع المطبعة البطريركية بترخيص من الحكومة العثمانية عام 1908 واستمرت في الصدور حتى1914 بدء الحرب العالمية الاولى، ثم صدرت مجدداً في الفترة من 1958 وحتى1967 حيث توقفت ولا تزال.
(9)- العدد 7 ك2 /1961 .”النصارى في حياة محمد ص”
Beta feature
اترك تعليقاً