خاطرة في يوم العنصرة
خاطرة في يوم العنصرة…
وفي اليوم العاشر لصعود المخلص الى السماء، كان الرسل مع امه مريم والنساء القديسات يصلون في العلية، وإذا بصوت كصوت الرعد ينفجر في الفضاء، وهدير كهدير عاصفة شديدة فوق العلية رياح شديدة تعصف، “وكان هو الروح القدس” ينزل على جميع الذين كانوا في العلية، ويحل على رأس كل منهم على شكل لسان ناري، ويسَّيل في الجميع مجاري التكلم باللغات والمعرفة والحكمة والثبات في عشق المخلص حتى بذل الذات من أجله…
وكانت اورشليم غاصة بالحجاج الذين وفدوها بعيد الفصح الناموسي من فلسطين والشتات من سائر المسكونة، وشهد هذا الحجيج الأحداث المرتبطة بالسيد من حيث المؤامرة الدنيئة على يسوع وعذاباته وجلده وصلبه وموته على الصليب ومن ثم دفنه في قبر يوسف الرامي وقيامته من بين الأموات بعد ايام ثلاثة في القبر…
وقد اقبل الجميع الى العلية، ليستطلعوا ماهذا الصوت ويروا مالذي حصل!
فخرج بطرس الى تلك الجموع المتراصة، وخطب فيهم تلك الموعظة التي كانت على الأمانة، من صياد سمك، صار صياداً للناس على اسم ربنا يسوع المسيح عندما دعاهم ليتبعوه، سأجعلكم صيادي الناس لمجد اسم الله القدوس.
” اذهبوا وتلمذوا كل الأمم معمدين اياهم باسم الآب والابن والروح القدس، وها انا معكم الى انقضاء الدهر آمين.”
بتأثير تلك الموعظة الأولى بعد صعود السيد، اهتدى من الناس في ذاك اليوم نحو ثلاثة آلاف، عمَّدَّهم الرسل في اليوم نفسه، وكانوا باكورة المؤمنين وبداية تأسيس كنيسة المسيح، وغادروا اورشليم بعد العيد يحملون الى بلادهم هذه الخميرة اليسيرة لتخمر العجين كله… وفعلوا مافعل المجوس حين عادوا الى بلادهم، بعدما عاينوا الطفل الالهي في عرشه المذودي في بيت لحم.
بَّشَّر هؤلاء اليوم ببشرى الخلاص بموت ابن الله يسوع المسيح، وقيامته المجيدة،
اعتمد الرسل بالروح القدس والنار وتدرعوا بقوة علوية، ومضوا يبشرون بيسوع المسيح في اورشليم، ومضى رؤساء الكهنة يقاومونهم في عنف غير مسبوق… ويضطهدونهم ليلاشوا معهم ذكر يسوع الناصري. وبقيت الحال على مثل ذلك الى ان تمت الأزمنة التي انذر الرب يسوع اليهود بها وورشليم يوم الشعانين:
“اورشليم ياورشليم ياقاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين اليك”
سقوط اورشليم
ثار اليهود على الحكم الروماني ثورة عارمة للتحرر… فكان لهم بالمرصاد القائد الروماني تيطس الشديد البأس، وكانت السنة 70 للمسيح حينما حاصرها حصاراً طال لمدة اربعة أشهر بقسوة شديدة حتى زهقت النفوس وبلغ اليأس مداه من الناس… وضربت المجاعة بشكل مخيف، فأكلت نساءٌ اولادهن من الجوع، وضربت المجانيق المدينة اورشليم وبالرغم من متانة اسوارها وعرضها بحيث كانت تتسع لثلاث عربات متراصة، وضُرب هيكل سليمان بضراوة… وحتى قدس الأقداس في هذا الهيكل… حيث تجمع آخر من بقي حياً من غلاة المؤمنين فيه، وهم مقتنعين بأن يهوة سيتدخل أخيراً لينقذ شعبه…
سالت الدماء انهاراً في اورشليم، وتهدمت الأسوار، وأضرم الرومان النار في الهيكل، فانهارت أبنية اورشليم، ولم يبق منها حجرعلى حجر، وذاب الهيكل في اللهيب حتى لم يبق له أثر. وجلا الرومان الى الشتات مئات الألوف من سكان اورشليم وساقوهم في موكب النصر، كعادتهم بعد القضاء على الثورات…. سيق خيرة من بقي من الرجال والفتيان مفتولي العضلات، والبنات الحسناوات الى روما لعرضهم كثمرة نصر روما على اعدائها… وبعدها بيعوا في أسواق النخاسة.
وحرث تيطس ارض اورشليم بالمحراث بحالة رمزية للدلالة على انتهاء دولة اليهود وكي لاتقوم لهم قائمة بعد ذلك.
وبذا تم انتصار السيد له المجد على قاتليه وصالبيه… بتهمة نقض الهيكل وبنائه في ثلاثة ايام(وكان يقصد ذاته قتلاً على الصليب ودفناً وقيامة بعد ثلاثة ايام) وخيانة يهوذا، والشعب اليهودي له، ورد لهذا الشعب المخالف مافعله به من بصاق وجلدات مع ركلات، واكليل الشوك على جبينه، وصليبه الثقيل على ظهره، رد لهم باتمام ماقيل بالنبي القائل:” ياشعبي ماذافعلت بك لعميانك ابصرت ولبرصك طهرت ولأمواتك اقمت…أهكذا تميتني على الصليب كفاعل إثم…”
انتصر السيد في عنصرته على تلك الأمة الحاقدة الأثيمة التي أغمست يدها في دمائه الإلهية الزكية ، وتحمل عقابها الى آخر الدهر “اصلبه اصلبه دمه علينا وعلى أولادنا الى الأبد…”
باللحن الثامن وهو اللحن الملوكي)) طروبارية العيد
” مبارك انت ايها المسيح الهنا يا أمن أظهرت الصيادين غزيري الحكمة اذ سكبت عليهم الروح القدس وبهم المسكونة اقتنصت يامحب البشر المجد لك.”
وطروبارية الروح القدس: (باللحن السادس)
“أيها الملك السماوي المعزي روح الحق الحاضر في كل مكان
والمالىء الكل ، كنز الصالحات ورازق الحياة هلم واسكن فينا
وخلصنا من كل دنس وخلص ايها الصالح نفوسنا.”
اترك تعليقاً