انتصار حلب على الارهاب

خربشات سياسية…حين تذهب سورية الى الهاوية يذهب الكل الى الهاوية…

خربشات سياسية حين تذهب سورية الى الهاوية يذهب الكل الى الهاوية…

لا ريب ان هناك المليارات التي دفعت من اجل اجتثاث الدولة في سورية واقامة نظام تابع لهذا البلاط أو ذاك…

كيف تم ذلك؟

لا ريب ان اجهزة الاستخبارات التي باتتت معروفة جداً بذلت جهوداً هائلة لاستقطاب المرتزقة، والمجانين، والمهمشين، والشتات لغايات جيوسياسية او لاستعادة امبراطوريات لم يعد لها موطئ قدم في القرن21..

اكيد هي ليست مخلوقات فضائية نزلت بمركبات الفضاء، كما قال يوماً انيس منصور عن قدماء المصريين في كتابيه:” الذين نزلوا من السماء”، و”الذين عادوا الى السماء”، وكتابه:” لعنة الفراعنة “، اوتسللت من وراءالتاريخ، اومن قعر التاريخ ، بغفلة من الله، من مكان ما في الغيب؟؟؟ وأكيد انها ليست هي قبائل يا جوج وماجوج وقد تسللت بدورها من مكان ما في الزمن او حتى من مكان ما في الخرافة؟

هل يعقل قول وزير الدفاع الاميركي “ان قواته قتلت 50 الفاً من داعش” وقول وزير الدفاع الروسي “ان قواته قتلت 35 الف داعشي”؟. ويستمر داعش بكل تلك القوة فيسترجع تدمر وحقول النفط والغاز في بادية حمص الشرقية وهو يقاتل في كل مكان في العراق وسورية حتى الجنوب عند محافظة السويداء.

باحثون دوليون في التاريخ، وفي الاستراتيجيا، يسألون كيف لذلك الرجل الغامض (ابو بكر البغدادي)، وبتلك الايديولوجيا الملتبسة بل المجنونة، ان يستقطب مئات الاف المقاتلين من اصقاع الدنيا ويذروهم في سورية والعراق؟ ومن اين بكل ذلك التسليح ومن موله وبكم؟؟؟
هذا كله لا يفسر سبب ذلك الزلزال البشري الذي شاهدناه في سوريةعلى امتداد السنوات الست المنصرمة، وكيف لهذه الدولة الصغيرة وجيشها المتناسب مع امكانياتها البشرية والمادية ان يصمد، في حين ان الاعلام المعادي لسورية الاقليمي والعالمي المرئي والمكتوب والمسموع، مازال يراوح عند تلك النقطة في الحديث عن وحشية “النظام السوري الذي يقتل شعبه” ورئيسه الاسد “الديكتاتور” و”القصف بالبراميل” (متناسين ماقامت به عصابة الحرفي نيسان 2011 من ذبح العسكريين في ادلب وفي درعا…وكانت فورتهم بدأت في 13 آذار 2011.)

من دون ان تنظر في المشهد برمته، وحيث عشرات الالاف الذين تم استجلابهم من كل بقاع العالم حتى من جزرالماو ماو، ومن ثم توزيعهم من ريف درعا الى ريف دير الزور، ومن ريف حمص الى ريف دمشق، ومن ريف حلب الى ريف اللاذقية… وعلى امتداد الجغرافيا السورية، مستغلين تلك الحدود المترامية مع الاردن وفلسطين المحتلة من الجنوب ولبنان من الغرب والعراق من الشرق والطامة الكبرى اي تركيا من الشمال، وتركيا معروف غدرها بشواهد التاريخ البعيد والقريب…وكان التسليح بكل شيء الا الطائرات القاذفة والمقاتلة في حين تبين ان في تسليحهم طائرات الاستطلاع التي تتولى اصطياد الكوادر…ومتعوا داعش بشبكة مخيفة من الاتصالات تربطه مع فلسطين المحتلة وغرفة عمليات الموك في الاردن ومثلها في الاسكندرون وغازي عينتاب…في تركيا…!والمخفي أعظم…
الخطة كانت هائلة، تفجير عشرات بل مئات الجبهات امام الجيش السوري الذي كان يعاني من ثغرات بنيوية كثيرة، وبالرغم من ذلك كانت حالات الانشقاق محدودة، والاكثر اثارة هو ان اجهزة الاستخبارات التي قدمت اغراءات مذهلة لم تتمكن من تحقيق انشقاقات في السلك الديبلوماسي السوري فأكملت تلك المنظومة المعادية بالقيام  بقطع العلاقات الدبلوماسية مع سورية، بما في ذلك معظم الاعراب، عندها لم يعد ثمة فاعلية لكل الخط الدبلوماسي السوري وفق تدبيرهم.
في البداية لم يكن هناك من يقاوم سوى الجيش السوري ثم انضم اليه حزب الله كموقف وفيّ منه وامينه العام السيد حسن نصر الله والقوميين السوريين عاشقي سورية الكبرى الواحدة…اغتيل وزير الدفاع ونائب رئيس الاركان وعدد من القادة الأمنيين ومطور سلاح الصواريخ السوري اللواء نبيل زغيب وعائلته، وتم تدمير الطائرات في مطاراتها وانظمة الصواريخ، وشاركت اسرائيل بقصف المراكز العسكرية بقنبلة نووية صغيرة ليلة الفصح عام 2014 في منطقة الديماس الأمر الذي لايمكن نسيانه…

وصمدت سورية،  حين كان الخليفة الانكشاري، وبلهجة الباب العالي، وبمعطيات وضعها امامه رئيس جهاز استخباراته حقان، يعطي بشار الاسد اسبوعاً او اسبوعين للرحيل…
حتماً ليست عبقرية هذا الخليفة الانكشاري والعثماني الاخونجي، بل هي اموال اسطورية انفقت من بلاط ملوك وامراء ومشايخ عربان تستحم بالذهب الأسود، تصيخ السمع وتخضع بالطاعة للصهيونية ولأميركا الضامنة لهم (للعربان) بالبقاء على عروشهم والتنعم بالذهب الاسود، وببلاين الدولارات وقمار وجنس لاس فيغاس وموناكو الأبيض، والسيارات واليخوت… وهي ايضاً جهود اسطورية بذلت، من اجل ازاحة رأس الدولة السورية حتى تدمير الهيكلية البنوية للدولة وللجيش وللقوى الأمنية… ودون ان يتنبه هؤلاء العربان الذين غلب عليهم كالعادة المتأصلة منطق القبيلة والغزو… ومعهم  الشيشان والداغستان والايغور الصينيين والتركمان والتركستان بقيادة قرد الزمان الخليفة  الانكشاري صاحب منطق  استرجاع السلطنة البائدة ليدخل دمشق على فرسه ويصلي في الجامع الأموي… وبنو صهيون المخططون لامتلاك الكون وفق نبؤات التلمود وتفتيت سورية ليبتلعوها فكفاهم لاءاتها وانبطاح جميع العربان إلاها…دون ان ينتبهوا جميعهم الى مدى الحساسية الجيوستراتيجية لسورية في المعادلات او في التوازنات الاقليمية  (والآن وقبل الآن) الدولية، ناهيك عن قواعد الاشتباك وامساكها بخيوط اللعبة الاستراتيجية على مستوى الشرق الأوسط.
الان، يحكى عن التراجيديا البشرية وذرف دموع التماسيح في الدول الاستعمارية القديمة  ومجلس الأمن وهيئة الامم المتحدة والمنظمات التابعة وجامعة العربان، الوسخة كوساختهم، والمحافل التي تضم كل الدول المشاركة في ذبح سورية، وهي قرابة المائة دولة، وهم يلهثون وراء اميركا لتنجدهم… في حلب، حتماً التباكي ليس على الناس، وهناك ست سنوات من المآسي على انواعها التي لاتوصف  وكل مالا يخطر ببال الشياطين (ومنها الجهاد بالأطفال كما حصل في قسم شرطة الميدان بدمشق الاسبوع الماضي) والآن تلويث مياه الفيجة بدمشق لتعطيش سبعة ملايين ثم تفجير كيان النبع بمرافقه الثلاثة، وضرب الاسلحة الكيميائية في كل الارجاء السورية، وليس التباكي على الموقع الاستراتيجي، وانما لأن تحرير حلب احدث تغييرات دراماتيكيا في قواعد اللعبة.

ها هم الاتراك يلتقون مع الروس والايرانيين، والتهيئة في لقاء الاستانة المرتقب والممهد للقاء الفصل بين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب بعد 20 كانون الثاني المقبل حول الخارطة (الجيوستراتيجية)، او حول المعمارية الاستراتيجية الجديدة للشرق الاوسط ،وترامب الطامح لتشليح الخليج امواله… (وحتى العراق)مقابل حماية اميركا للحكام، كما يصرح دوماً في تجمعات انصاره…
الحديث عن تحولات مثيرة في المشهد الدولي والاقليمي، لا مجال للتكهن بالتفاصيل، وان كان الكلام عن الصفقات التي يغيب عنها العرب (بعد كل تلك الرهانات والمليارات…)

اين هم العرب في لقاء موسكو؟ اين هم في لقاء كازخستان المنشود؟ لا عرب…حتى ونحن السوريون لا وجود لنا ونحن المذبوحين وأصحاب الشأن وإن كان الروس والايرانيون يقومون بما يجب علينا القيام ان نقوم به لمصلحتنا، ولكن “انا قبل أخي واخي قبل ابن عمي…” اليس هذا هو منطق الامور…؟
لذا متى لم نكن الحطب البشري في لعبة الامم؟
اولئك الذين يصرخون، ويستصرخون، من اجل حلب. الكتبة، الكذبة، الذين ينفخون في الابواق، وينفخون في الجمر، وينفخون في الرماد. كما كان كتبة بني اسرائيل ضد يسوع…اولئك هم قهرمانات الانظمة التي وضعتنا في قاع الزمن، في قاع الجحيم…

ان جثثنا لم تعد تعني شيئاً لا للاميركيين، ولا لغير الاميركيين، ولو أُبدنا جميعاً وتم رصف جثث الملايين منا المذبوحين في الشوارع كلها، كما فعل داعش وسواه من آكلي قلوب الجنود نيئة ورؤوس الضباط الطيارين مشوية على المناقل…لم تتحرك لهم عين ولا رمش…لا أحد يعيرنا التفاتاً والا لكانت لربما تحركت بعض انسانيتهم لأجل اطفال فلسطين الشهداء واصحاب الأمعاء الخاوية من المناضلين الفلسطينيين…

من نحن في ديموغرافيا العالم… نحن مجرد حطب للتشعيل في افران مصالحهم…

لا احد منا ومن الاشراف من امثالنا من بقية الشعوب وحكوماتها، الا واهتزت عظامه من اجل ما ذكرت من المنكرات،…الجنود المذبوحين في مستشفى الكندي والمطارات العسكرية التي تم اجتياحها وفي ذبح الجنود كالماشية ونحرهم على معبد بل في تدمر…وفي غرب  حلب وبأهل حلبوفي مدارس وجامعات العاصمة وحمص واللاذقية ودير الزور والحسكة…

كان الدخول الى السوق القديم في حلب يعني الدخول الى الزمن الجميل…اينه الآن بعدما صار كله ركاماً وتلالاًمن الركام تنعق فيها الغربان، ومن تبقى من اصحابها المقرفصين على تلالها يبكونها، وينتظرون ساعة الفرج وبدء الاعمار للعودة…
هكذا كان يفترض بالدولة السورية وجيشها والحلفاء ان يتركوا عصابات الحر ومايسمى جيش الفتح، وجبهة النصرة، واحرار الشام، والسلطان مراد، وجماعة الزنكي، والاسلامي التركستاني… وكل المرتزقة الآتين من اربع جهات الدنيا، يرتعون في الاحياء الشرقية من المدينة، ويفرضون ثقافة تورا بورا بين الناس، ويزرعون في عيون الاطفال صور اللحى والاسنان، التي تقشعر لها الابدان والارواح…
شاهدنا وجوههم على الشاشات التي تهلل لهم. هل هذه وجوه بشرية حقا؟ ومتى كانت وجوه الذئاب والضباع (والتماسيح) وجوه بشرية؟
نعلم تماماً كيف كانت حلب قبل ان يدخل اليها، تسللاً، المغول الجدد. لكأنها الفردوس الاقتصادي والصناعي السوري والمشرقي. لا وجود لحرفي عاطل عن العمل. وكان المستثمرون الاوروبيون يتهافتون على المدينة التي كانت مصانعها من اكثر المصانع تطوراً في العالم. هناك نمور سورية ( كما اسماهم الغرب الاقتصادي وصحيفة الفايننشال تايمز كمثال) الذين لا يقلون ابداعاً (وانتاجا) عن نمور آسية بمدنهم الصناعية الاولى في الشرق الاوسط. طبعاً كلها وضعها هؤلاء الهمج في تصرف القرد اوغان لص حلب وسارقها، كما سارق كل شيء من خيرات سورية الشمالية والوسطى…لأنه لايريد ان تتفوق سورية عليه بمعاملها ونتذكر ماحملته الشاحنات العملاقة منقبل  هذه العصابات التي يتباكون عليها بوصفها معارضة معتدلة، من معامل حلب ومحطات التوليد فيها حتى أصغر برغي فيها… وزيت محركاتها وماء مبرداتها…هذا المأفون الذي يتحدث عن حقوق الانسان في حلب وكأنه المخلص المنتظر، لأنه فشل في ادعائه بأنها والموصل له…ومن املاك دولته الباغية المتخلفة… التي جردته منها الاتفاقيات المبنية مع الحلفاء الأعداء لنا كسايكس بيكو وسيفر، وهو كان يريدها ككيليكيا وديار بكر ولواء الاسكندرون…
يتحدثون عن العدالة…!!! اية عدالة؟

من هي الدولة العربية والاقليمية التي تؤازر هؤلاء المواطنين، وفيها الحد الادنى من العدالة قبل كرامة مواطنيها، الحد الادنى من الهواء، الحد الادنى من الانسان. اكيد السعودية… وتركيا
جثثنا نحن… جثث السوريين الفقراء /التي لا تعني احداً/ هي التي تسقط، وهي التي تذروها الرياح.
بحثاً عن تلك اللحظة الميتولوجية، اللحظة الفلسفية، اللحظة الالهية فينا…

ونقول ان الحرب في سورية يجب ان تتوقف لأنها محرقة سورية والسوريين،  واذا كان لابد من البكاء فيجب البكاء على سورية الحضارة والتاريخ، وعشرة آلاف سنة من التاريخ العظيم واسمها لمن لايعرف اي سورية في الفينيقية ومشتقاتها تعني الشمس…

سورية ابحرت على مراكب الفينيقيين فأقامت قرطاج ومدن اسبانيا… ووصلت قبل كريستوف كولومبوس الى مصب الأمازون (البرازيل اليوم) بألف سنة ووثقت بأبجدية اوغاريت وصولها على حجرمسطح هناك…

ان كان لابد من البكاء فيجب علينا جميعاً البكاء على كل الشهداء المظلومين، وعلى كل اطفال المدارس وشبان الجامعات، وحتى عمال النظافة والطوارىء والكهرباء والنقل وخطوط النفط والدفاع المدني والاسعاف… والاطفاء الشهداء، على اطفال وشبان باتوا معوقين جسدساً ونفسياً،نبكي على اجيال ستبقى تستذكرما حصل لها من مآسي… وتبكي قلوبنا وأعيننا كل المدن والأرياف الجميلة الوادعة التي لم تحمل غلاً ولا زيفاً، ونبكي كل الاشجار، وكل المنازل، وكل جمالية سورية من بحرها الى باديتها ومن شمالها الى جنوبها…

نبكي سورية يوم كنا كشافة فتية وشباب نسوح على اقدامنا فيها ونخيم فيها فنكتشف في كل ثنية من ترابها واكماتها  وتحت كل حجر فيهاعزاً وعزة سورية…الآن جعلونا كلنا عراة. وكلنا ضحايا…حتى من باع نفسه وخان هو ضحية العبودية للمال وللدولار والذهب الاسود والعمالة المرذولة حتى عند الاعداء المستفيدين منها ومن العملاء الخونة…

انظروا الضحايا من المدنيين والعسكريين الذين اعدموهم منذ ايام قبل خروجهم من حلب، وكانوا رهائن عندهم، وانكروا ان عندهم رهائن…! لقد تم اعدامهم وفيهم نساء واطفال ومائة عسكري من ابناء الوطن الفقراء ونكلوا بهم وباعوا اعضاء بعضهم الى اكبر عصابات الاتجار بقطع الغيار البشرية والقاعدة تركيا، وخرجوا الى مكان آخر لينضموا مجدداً الى قبائلهم في قتال الوطن في ادلب وسواها…
ولكن قطعاً ما بعد حلب ليس كما قبلها، ولكن يجب ان نقتنع كلنا بان لعبة الامم ينبغي ان تتوقف هنا.

في كل الاحوال ثمة لحظة استراتيجية تكرست بنصرنا في حلب. سورية هي التي انتصرت لتبقى سورية، لان سقوط حلب في يد قهرمانات السلطان الانكشاري، كان يعني سقوط الدولة في سورية. هذا هو منطق الاشياء، هو منطق التاريخ، مثلما هو منطق الجغرافيا، وان كان يسعى لضم عصابة الحر الى عزمه على تحرير الرقة ليجعل لمطيته هذه موطئاً لقدم تساوم او يساوم من خلالها الدولة السورية، ويسعى لحزام عازل في الشمال بعد اسقاطه الباب ومنبج… وحظر الطيران في المنطقةبالتعاون مع ترامب، مع قيام اميركا اوباما  بتزويد عصابات المعارضة (التي اسمتها معتدلة والتي يتباكون عليها واكيد ستتحرك بعض  ضمائرهم الميتة لما يرون مجازرها المرتكبة حين خروجها من حلب بين الابرياء من مدنيين وعسكريين، لربما)، ستزودهم بسلاح مضاد للطائرات بقصد اضرار روسيا وطيرانه في الاجواء السورية…
ولكن الان بات لدينا امل، واستمراررهاننا على الدولة وجيشها الحبيب وحلفائه… وسننتصر، فقط لان قناعتنا حين تذهب سورية الى الهاوية يذهب الكل  معهاالى الهاوية…

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *