مؤتمر سوتشي
تعكف وزارة الخارجية الروسية حاليا على إعداد قائمة المشاركين في مؤتمر الحوار الوطني السوري الذي من المقرر أن يعقد أواخر الشهر المقبل في منتجع سوتشي، ومن المتوقع أن يشارك فيه 1500 شخصية سورية تمثل مختلف ألوان الطيف السياسي والعشائري والجغرافي والمذهبي في البلاد.
بات معلناً ومنذ جنيف الذي افشلته المعارضة وتحديداً منصة الرياض باشتراطها رحيل الاسد، بات معلناً انها اي ماتسمى “الهيئة العليا للمفاوضات” ستواجه خيارات صعبة أبرزها التخلي عن مطالبتها برحيله فالخارجية الروسية التي ستكون صاحبة الكلمة العليا في توجيه الدعوات للمشاركة اشترطت التخلي كليا عن الحديث عن بقاء الرئيس الأسد من عدمه ، و” لن تسمح بتحويل المؤتمر إلى ميدان للشعارات في هذا المضمار، لأن المطالبة برحيل الأسد تعني الرغبة في استمرار الصراع المسلح.”
– هذا الشرط الروسي يضع “الهيئة العليا للمفاوضات” برئاسة نصر الحريري والناطق الاعلامي يحي العريضي (الذي كان قبل التحاقه بالدولار ناطقاً بكل شيء باسم الدولة السورية في الهيئة العامة للاذاعة والتلفزيون، لكنه انشق لأنه لم ينل المنصب الاعلامي الذي يرغب به)، هذا الشرط الروسي يضع هذه المجموعة التي لاسند لها على الارض السورية أمام خيارين:
– إما المشاركة والتخلي عن المطالبة برحيل الأسد، وهي التي نص عليها بيانها الذي أصدرته من الرياض قبل الذهاب إلى جولة المفاوضات الأخيرة الفاشلة في جنيف.
– أو التمسك بهذه الفقرة، أي رحيل الأسد، واستبعادها من مؤتمر الحوار الوطني في سوتشي، وخروجها من ترتيبات تتعلق بمستقبل سورية.
– مؤتمر سوتشي سيكون “أم المؤتمرات” ومن المتوقع أن تكون قراراته حاسمة، لأنها ستتضمن تعديلات دستوريةعبر صياغة دستور جديد، وإجراء انتحابات رئاسية وتشريعية، وقد لا يكون هناك أي دور لأي فصيل معارض في هذه الانتخابات إذا أستبعد، أو أبعد نفسه من المشاركة في المؤتمر المذكور.
وسيكون نجاح مؤتمر الحوار في سوتشي مدوياً، وتتم اقرار صيغة دستورية تفسح المجال لخوض الانتخابات كافة، بغض النظر عن ماضي المرشحين، باستثناء من كان له اتصال مع الكيان الصهيوني.
– ستيفان دي ميستورا طالب المعارضة في جولة جنيف الأخيرة بالتخلي عن مطالبها برحيل الأسد، والتعاطي مع المتغيرات على الأرض السورية في إشارة إلى سيطرة الجيش العربي السوري على أكثر من 95 بالمئة من الأراضي بدعم روسي إيراني وحزب الله، وفقاً لموقف وفد الحكومة السورية برئاسة د. الجعفري الذي علق مشاركة وفد سورية، بداية، ثم في المرحلة الثانية من جنيف، وها هي الخارجية الروسية المضيفة لمؤتمر الحوار تطالب بالشيء نفسه،مما يعني أن هناك تفاهماً دولياً في هذا الصدد.
الرئيس الروسي بوتين يعرف ما يريد، ويملك خريطة طريق واضحة المعالم في الوضع السوري منذ اليوم الأول لاتخاذه قراره بالتدخل عسكريا عام 2015, ووضع كل ثقله لصالح بقاء الدولة السورية، وعندما يعلن عن سحب قواته بعد اكتمال إنجاز مهمتها، كما اعلن من حميميم امام الرئيس الأسد، فهذا يعني أن الحرب في سورية قد انتهت، وأن مرحلة السلام والاستقرار وإعادة الإعمار في سورية قد بدأت.
– بالغوص في الذاكرة التاريخية، نستذكر، عندما فكر كسينجر ثعلب الخارجية الاميركية، بإلغاء نتائج الانتصار السوري-المصري في الايام الاولى من حرب تشرين التحريرية عام 1973 بعبور الجيش المصري خط بارليف واجزاء واسعة من سيناء والجيش السوري خط الون الحصين وتحرير مرصد جبل الشيخ والقنيطرة والوصول الى مشارف الحولة وطبريا، اتبع كيسنجر “سياسة الامر الواقع” ، وسميت وقتها دبلوماسياً “سياسة الخطوة خطوة” وبدأ بحياكة اتفاقية سيناء التي اخرج بموجبها، بالتعاون مع السادات المقبور، الجيش المصري من المعركة وصرح المقبور وقتها:”انه لايستطيع محاربة اميركا”، وبقي الجيش السوري وحده في المعركة، ونقل العدو قواته الضاربة من جبهة سيناء الى جبهة الجولان اضافة الى اسراب الطيران ما ادى بعد حوالي 20 يوم من القتال السوري البطولي الى القبول بوقف اطلاق النار بعد اختراق معادٍ كبير في المناطق التي كان قد حررها الجيش السوري مع بدء الحرب… ثم عقد كيسنجر بين مصر والكيان الصهيوني “اتفاقية كامب ديفيد” وبها خرجت مصر نهائياً من النضال ضد الكيان العبري. وبدأ الحرب الأهلية في لبنان، كما تنبأ السادات المقبور في تهديده للرئيس المغفور له حافظ الاسد الذي لم يقبل للسادات ليس بمرافقته بل بزيارة الكيان العبري وبعد توقيعه اتفاقية كامب ديفيد، وشغل الجيش السوري هناك في الحرب الأهلية اللبنانية وماتلاه وقدم الجيش السوري خيرة ضباطه وجنوده (20000 شهيد غير الجرحى والمخطوفين) ومعدات وطائرات كثيرة ،والبقية معروفة.
– الآن سياسة الخطوة خطوة اصبحت عرفاً دولياً وهاهي روسيا (بوتين ولافروف…) تجيد اللعب فيها:
* بوتين يناقش مع مجلس الامن القومي الروسي مؤتمر سوتشي …
* لافروف يقول ان التواجد الامريكي في سورية يعيق عملية السلام…
* الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية يقول ان سورية لن تقبل بوجود قوات احتلال اميركي…
* مايعني انه يتزايد يوما وراء يوم تصريح القادة الروس، وابرزهم وزير الدفاع الروسي عن احتلال امريكا للشمال الشرقي السوري ومدى تأثير ذلك على الحل السياسي، وانه ينذر باصطدام قريب، وان الحكومة السورية لن تقف مكتوفة الايدي امام تواجد مناطق لتهريب الدواعش.
* روسيا وعلى لسان وزير دفاعها كانت قد صرحت بان الجيش الروسي سيدعم اي عمل يقوم به الجيش السوري للقضاء على الارهابيين واستعادة كامل اراضي سورية..ووفق سياسة الخطوة خطوة
* ستتم مصالحات بالجملة ويعود ريف دمشق بالكامل الى سيطرة الحكومة، وهذه بدأت الآن في بيت جن ومغر المير في ريف دمشق الغربي، وسفوح جبل الشيخ، وخروج من يرغب من مسلحي النصرة الى ادلب ودرعا.
* وسيتم تحرير مدينة ادلب في الاشهر الاولى من العام القادم .
* وستعود محافظة درعا بالكامل الى سيطرة االدولة، وخاصة بعد تحول المناخ السياسي في الاردن من دعم غرفة الموك و الارهابيين…الى الاشادة بانتصارات الجيش السوري على الارهابيين…
* قائد قسد العسكري يلقنه الروس درسا في العمل السياسي محذرينه بان لاتتكرر تجربة اقليم كردستان. وسيسطر الجيش السوري على منطقة عفرين وكامل ريف حلب الشمالي وستبدأ القوات التركية بالانسحاب.
*ستقع مناوشات عسكرية عنيفة بين اللجان الشعبية وقوات العشائر العربية وبقية الاطياف والقوى الرديفة للجيش وبين قسد في المنطقة الشرقية ويبسط الجيش سيطرته على حقول النفط وكامل المنطقة ، وبالتالي يتم التوصل الى حل بانسحاب كافة القوات الاجنبية المرافقة لقسد، وقبول التحاق بعض عناصر قسد بالامن الداخلي السوري.
– نحن الآن امام سياسة روسية مدعومة بالحلف المقاوم، هي سياسة يرسمها الميدان وهي سياسة الخطوة خطوة.
– الرئيس بوتين والمحور السوري- المقاوم الذي يتزعمه استطاع بسياسة الامر الواقع تجيير تركيا لصالح مخططه، وقد انتصر في الحرب الكونية والتكفيرية على سورية، وحان الوقت لفرض شروطه وتصوراته في مرحلة السلم وإعادة الإعمار، ومن يركب قطار مؤتمر سوتشي من محطة البداية سيجد له مقعدا في العملية السياسية المقبلة بلا شك، بعكس من يستنكف ويتلكأ في الصعود سيظل وحقائبه في المحطة، ويواجه صقيع الانتظار الذي سيطول حتما، بل سيكون مفتوح النهايات.
– الجيش السوري البطل مدعوماً من جماهير شعبنا الحر هو الضامن الاول والأخير لسورية الغد المنتصرة على ارهاب الكون وفي مقدمهم الصهيونية واميركا والخونة الداخليين الذين باعوا ذواتهم بحفنة من الدولارات…
وستعود سورية محجة لكل احرار العالم.
اترك تعليقاً