دمشق أول مدينة في العالم بتوزيع المياه
مقدمة
دمشق أقدم مدينة في العالم” عبارة نقرأها في مقدمة كل بحث يدور حول مدينة دمشق، ”
رغم ان هذه المدينة متاخمة لصحراء جافة ممتدة العمق ويحتضنها جبل ( قاسيون)
الجاف الذي ليس فيه حياة، إن السر في ذلك هو الترابط العضوي والحضاري بين مدينة
دمشق وذلك النهر العظيم بردى الممتد من نبعه في سهل الزبداني، ماراً بوادي بردى وصولاً
الى سهل دمشق، حيث يخترق المدينة وسهولها بفروعه السبعة ذات الشكل المروحي لتغطي
.أكبر مساحة من المدينة وغوطتها المحيطة بها
عرفت دمشق بأنها أول مدينة قامت بتمديد المياه الى منازلها منذ خمسة آلاف سنة، وفي عهد
الآراميين عرفت الطالع الذي كان يوزع المياه على البيوت وهو اول ابتكار لتمديد الماء، ولقد
برع الدمشقيون بتوزيع المياه الى الدور والقصور والمساجد والحمامات والمرافق العامة
الخرى في قنوات ومسارب عديدةن وكان في دمشق وظواهرها مايزيد على اربعين قناة،
وهذا ماجعل دمشق جنة الرض بلا منازع لكثرة مياهها فقلما تمر بحائط إلا والماء يخرج منه
في انبوب الى حوض يشرب منه ويستقي المارة منه، ولا ترى مسجداً وكنيسة قديمة
ومدرسة الا والماء يجري في بركة في صحنها.تطور مدينة دمشق
لقد استخدم أبناء دمشق كل ما اوتوا من حرص وذكاء واندفاع فطري من أجل توزيع المياه
فحفروا الصخور ومرروا الأقنية وجروا المياه الى مبتغاهم، حتى لكأن تحت المدينة مدينة
أخرى تحت الأرض لتصريف المياه في جداول ومسارب وقنوات، فالإنسان الدمشقي اينما
.حفر في دمشق القديمة ثم امتداداتها خارج الأسوار وجد مجاري المياه تحته مشتبكة
تطورت دمشق وتوسعت داخل السور وخارجه، مع تطور استخدام المياه وتوفرها للبيوت
والحمامات والمساجد والسبلان والطوالع داخل البيوت وخارجها، وكان لهذا التطور التقني
في تمديد المياه وتوزيعها ميزة خاصة بمدينة دمشق وحدها لما وصل اليه من تقدم، فقد قال
ابن عساكر:” وقد برع الدمشقيون بتوزيع مياه تلك الفروع الى الدور والقصور والمساجد
والحمامات والمرافق العامة الأخرى، في قنوات ومسارب عديدة، فقد كان في دمشق قني لها
أوقاف معينة وهي عند متولي الأوقاف معلومات مبينة، حتى انه كان في دمشق وظاهرها ما
.“يزيد على مائة واربعين قناة، وهذا ماجعل دمشق جنة الأرض بلا خلاف لكثرة مياهها
وقد أضاف ابن عساكر:” فهذه الأنهار التي ينتفع بها الداني والقاصي، وينقسم الماء الى
الأرضين في الجداول من المواصي ويدخل من بعدها الى البلد في القني فينتفع به الناس
الإنتفاع العام على الوجه الهني، ويتفرق إلى البرك والحمامات ويجري في الشوارع
والسقايات(1)، وذلك من المرافق الهنية، والمواهب الجزيلة السنية،
والفضيلة العظيمة التي عدت من فضائل هذه المدينة إذ الماء في اكثر البلاد لاينال الا بالثمن
.“وهو الذي تحصل به حياة النفوس بإزالة الدرن
ولما كانت السبلان في المدينة القديمة اندثرت تقريباً فكان لابد ان تنصب الدراسات عليها
.لتوثيقها، ومنها مقالنا هذا
يوماً قال ياقوت الحموي في مياه دمشق وسبلانها: “من خصائص دمشق التي لم أر في بلد
آخر مثلها كثرة الأنهار، وجريان الماء في قنواتها، قل أن تمر بحائط إلا والماء يخرج من
انبوب الى حوض(2) يُشرب منه ويستقي الوارد والصادر، ولا رأيت بها مسجداً ولا مدرسة
ولا خانقاقاهاً إلا والماء يجري في بركة في صحن هذا المكان، كان الماء محكماً عليها من
“.جميع نواحيها
:اما ابن جبير فقال حين زار دمشق عام 1178م580/ه
دمشق جنة المشرق، ومطلع حسنه المشرق، وهي خاتمة بلاد الاسلام التي استقر يناها، “
وعروس المدن التي اجتليناها، وقد تحلت بأزهار الرياحين، وتجلت في حلل سندسية من
البساتين، وحلت من موضوع الحسن بالمكان المكين، وتزينت في منصتها أجمل
تزيين…منها ربوة ذات قرار ومعين، ظل ظليل، وماء سلسبيل، تنساب مذانبه انسياب الأراقم
بكل سبيل، فقد سئمت ارضها كثرة الماء حتى اشتاقت الى الظمأ، فتكاد تناديك بها الصم
الصلاب ارفض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب”.كما ذكر وجود أربعين داراً للوضوء، أما
السبلان فقال عنها:” والبلد كلها سقايات قلما تخلو سكة من سككه أو سوق من اسواقه من
.“سقاية
وهكذا فإن سبلان المياه كانت منتشرة في مدينة دمشق قبل عام 1178م وفق ماذكره ابن
جبير، مما يؤكد على عتاقة هذه الظاهرة، إضافة الى ذلك فإن مدينة دمشق هي من أوائل
المدن التي عرفت تمديد المياه حيث بنيت فوق شبكة كثيفة ممتدة تحت منازلها وحاراتها حيث
قال ابن فضل الله العمري الدمشقي في “مسالك الأبصار”: “ويجري الماء في قني مدفونة في
الأرض الى أن يصل الى مستحقاتها وتتسع في منافعها، ثم تنصب فضلات الماء والبُرك
ومجاري الميضاوات والمرتفعات الى قني وسخ معقودة تحت أزجات الماء المشروب. ثم
“.تتجمع وتنتهر وتخرج الى ظاهر المدينة لسقي الغيطان
سبيل من السبلان الكثيرة في دمشق القديمة بريشة مستشرق في القرن 19
مصادر المياه في دمشق وغوطتها وطرق توزيعها
أولاً نهرالفيجة
هو نبع يقع عند قرية عين الفيجة في سهل الزبداني، ويُعتقد انه كان مكاناً للعبادة لوجود معبد
قديم فوق النبع ولوجود حجرة توزيع قديمة يُعتقد أنها كانت تصب المياه في قناة رومانية
قديمة لتنقل المياه الى مدينة دمشق وربما الى سهول الضمير، وقيل ان أساس الكلمة (بجة)
اي فار الماء وهدر. وفي عهد الرومان تم حفر نفق في الصخور بين نبع الفيجة الذي يغذي
دمشق، ويعد نبع الفيجة من انقى ينابيع الشرب ولماء الفيجة أفضل المواصفات العالمية،
.فهي عذبة خالية من جميع العناصر التي تسبب تلوث المياه
ثانياً نهر بردى
هو ذلك النهر العظيم الذي ارتبط اسمه باسم هذه المدينة الخالدة عبر التاريخ والذي يهب
الحياة لمدينة متاخمة لصحراء ومبنية على سفوح جبل لاحياة فيه، فمنذ آلاف السنين وبردى
.بفروعه السبعة يغذي المدينة وغوطتها ويصب في بحيرة العتيبة شرق دمشق في البادية.
يقع على سفوح سلسلة جبال لبنان الشرقية على بعد 40 كم من مدينة دمشق قرب الزبداني،
وعلى ارتفاع (1102) م عن سطح البحر، وينساب عبر سهل الزبداني إلى وادي بردى حيث
تتفرع عنه في هذا الوادي قنوات صغيرة (رواضع) (3) اعتباراً من قرية سوق بردى لإرواء
أراضي الوادي وعددها بحدود خمسة وأربعون قناة، ويستمر النهر الى الفيجة حيث العين
المعروفة باسم (عين الفيجة) المحكي عنها، والتي تبعد 20 كم عن مدينة دمشق، إذ تصب
.مياهها في مجرى نهر بردى ليشكل نهراً كبيراً من اسمائه البريص…
.يبلغ طول هذا النهر 65 كم من منبعه في سهل الزبداني الى مصبه في بحيرة العتيبة
ننهر بردى صورة من القرن 19 للتكية السليمانية حيث كانت ترتاح القوافل
فروع بردى
عند قرية الهامة التي تبعد عن دمشق 12 كم يبدأ بردى بتفرعه وينتهي بفروع سبعة عند
خانق الربوة أو (ربوة المنشار) حيث تبدأ فروعه هذه بالتباعد بشكلها المروحي.
نهر يزيد
يتفرع شمالاً على يسار بردى بعد 400 م جنوب قرية الهامة عند نقطة ترتفع 749,5م عن
.سطح البحر، ويتم هذا التفرع بمعدل 24/18قيراط(5) من مياه نهر بردى
يجري نهر يزيد في أراضي الصالحية حيث تمر أجزاء منه عبر قنوات تحت الأرض، ويتفرع
عنه فروع كثيرة لسقاية أراضي الصالحية، ويصب الفائض من هذه المياه ثانية في نهر تورا
باعتباره أخفض منسوبا،ً ثم يدخل يزيد في أراضي القابون، ويتابع الى حرستا ودوما،
ويخرج من النهر كثير من المواصي(6) مثل (ماصية الزغبي) تمر من شارع عدنان المالكي،
و(ماصية أبي العلاء)، و(ماصية الرشيد) التي توزع مياهها على البيوت القديمة في جادة
((عطا الأيوبي
نهر المزاوي ويتفرع جنوباُ على يمين نهر بردى قبل دمر ب(350) م عند نقطة ترتفع 2-
.(725)م عن سطح البحر، ويتم هذا التفرع بمعدل 6/24 قيراط من مياه نهر بردى الأم
تجري مياه نهر المزاوي في قناة مكشوفة وتخرج منه بعض الجداول حيث تشكل مجرى
محفور تحت الأرض هي (القناية) تطل عليها كل مسافة فتحات تسمى (ضوايات)(9) تطل
.على القناية، ونتهي مياه هذا النهر في أراضي المزة وكفرسوسة
نهر داراني يتفرع جنوباً على يمين نهر بردى بعد قرية دمر قبل الشادروان(11) 3-
وقبل تقاطع الطريق العام مع السكة الحديدية، (300) عند نقطة ترتفع 723 م عن سطح
.البحر وبمعدل 24/14 قيراط من مياه مهر بردى
تجري مياه هذا النهر في قناة عميقة محفورة بالصخر تختفي في أنفاق بعدة مواقع وتقترب
كثيراً من مياه المزة، ثم تنعطف نحو الجنوب الى داريا، وذهب جزء منها لتغذية خزائن مياه
.الميدان
نهر تورا(12) يتفرع شمالاً على يسار بردى جنوب دمر عند نقطة ترتفع (715)م فوق 4-
سطح البحر، وبنسبة مياه 24/14 قيراط من مياه نهر بردى المتبقية، وهو يوازي نهر يزيد
ويبعد عنه بين 300 و400 م وبفرق منسوب بين 15 الى 20 م وهو يوازي نهر يزيد ويبعد
عنه بين 300 و400 م وبفرق منسوب بين 15 الى 20م وكثيراً مايصب فيه فائض سقايات
يزيد، تجري مياهه باتجاه الصالحية حيث عليه بعض المواصي، أهمها (ماصية النصاري أو
العمري) عند ساحة أبي العلاء المعري التي تمر بشارع الجلاء، و(ماصية الشباك) تمر
بطريق الأكراد، و (ماصية السبع قاعات) و (ماصية الكزبري) التي تنتهي في بردى. كما
وتجري مياهه في البساتين الممتدة شمالي سور المدينة القديمة، ثم يجتاز طريق دمشق
حمص القديم حتى جسر تورا حيث يتابع الى الغوطة ودوما، ويتفرع عنه حصة ماء لسبيلين
.خاصة وقف الجامع الأموي، ونهر تورا من أهم الفروع لسقاية الغوطة
نهر القنوات(13) يتفرع جنوباً على يمين بردى عند متنزه الشادروان على بعد 200 م 5-
شمالي شرق الخط الحديدي، وعند نقطة ترتفع 710 م عن سطح البحر ويتم التفرع بمعدل
24/20 قيراط من نهر بردى، ونهر القنوات هو الفرع الرئيس الذي يزود أحياء دمشق
القديمة بالمياه، ويتفرع النهر قرب جامعة دمشق الى فرعين فرع يتجه الى الجنوب ماراً
بطريق دمشق المزة عند مقسم الخلخال وينقسم هذا الفرع بدوره الى خمسة فروع تروي:
كفر سوسة والقدم والأحياء الجنوبية من دمشق قبل باب السريجة وقبر عاتكة وباب مصلى
والميدان، والقسم الآخر يجري شرقاً ويدخل في قناة جوفية تمر من الحلبوني عند (بستان
الأحجام) وتوزع المياه الى الطوالع، وتوزع منها المياه الى البيوت والحدائق والمساجد
والكنائس والحمامات والسبلان، كما يتفرع نهر القنوات عند محطة الحجاز حيث يتجه فرع
منه نحو جامع تنكز والتكية المولوية، ويتابع النهر الى حي القنوات حيث يتوزع بالطوالع الى
.الشارع المستقيم وأحياء الخراب ومئذنة الشحم وطاحونة السجن
نهر بانياس ويتفرع جنوباً على يمين بردى عند خانق الربوة، وعند نقطة ترتفع 6-
702 م عن سطح البحر وبمعدل 24/23 قيراط من مياه بردى المتبقية فيه يغذي هذا النهر
بفروعه منطقة كبيرة من دمشق القديمة، ويسير موازياً لجبل المزة، وينحدر الى أسفل
الجامعة ثم يواصل سيره شرقاً حيث يغذي تكية السلطان سليمان، ويتفرع عنه قسم يجري
لسقاية جامع التكية المولوية وجامع تنكز ثم الى السنجقدار حيث ينقسم الى فرعين
آ- فرع الطريق ويجري نحو الحميدية فالعصرونية وينتهي في باب توما ومجراه مرتفع
.ومعلق على الجدران
ب- فرع بانياس ويغذي منطقة سيدي خليل ويتابع سيره الى القلعة، حيث ينقسم الى
قسمين، قسم يسير نحو العصرونية ثم باب البريد والسبع طوالع والنقاشات والنوفرة
والقيمرية وينتهي عند باب توما، وقسم يتجه نحو الشاغور، حيث يتفرع في الحريقة الى
فرعين الأول يتجه نحو باب الصغير، والثاني الى بساتين الشاغور والباب الشرقي حيث
.يخرج بالمياه المالحة من المدينة
فرع بردى يستمر نهر بردى الأصلي بعد ان يتفرع الى فروعه السابقة ويبقى أقلهم 7-
مياها،ً ثم يسترد جزءاً من مائه بعد مسافة من تفرعه إذ تصب فيه كل المياه الفائضة من
.باقي الفروع بإعتباره أكثرها انخفاضاً
:ويغذي نهر بردى منطقة وسط المدينة إذ يتفرع الى
آ- فرع العقرباني(15)ويتفرع عند جسر المرجة بنسبة 24/18 قيراط ويمتد بموازاة بردى
شمالاً ويستمر شمالي القلعة حتى باب الفرج (المناخلية) والعمارة وباب السلام ملاصقاً
.السور الى أن يصل مقبرة الشيخ رسلان
ب- فرع الداعياني(16) ويتفرع قرب باب السلام بنسبة 24/6 قيراط، وياخذ بردى نصف
.مياهه عند خروجه في الصوفانية
.ج- فرع المليحي(17) وينفصل عن بردى قرب باب توما متجهاً نحو الجنوب الشرقي
أهمية نهر بانياس ونهر القنوات
لهما أهمية خاصة باعتبارها يسقيان مدينة دمشق القديمة، وقد كان موقع دخولهما الى
المدينة جيد التحصين، ونجد أن بانياس يدخل المدينة من جانب القلعة ونهر القنوات يدخلها
.عند سور المدينة الغربي
شبكة توزيع المياه وشبكة التصريف في المدينة القديمة
:حدد كارل ولتسينجير شبكة توزيع المياه وتصريفها في مدينة دمشق القديمة
آ- القناة (1) تعود الى الفترة الرومانية وهي فرع القنوات بحيث تغذي مساحة كبيرة من
المدينة تتكاثر حولها الحمامات قبل دخول السور، تتوزع بوجود (تقسيم) في صحن
السنانية حيث تمتد منه فروع الى الميدان التحتاني، وقناة باتجاه الشارع المستقيم وامتداده
واستغل ارتفاع منسوب هذا الطريق للتوزيع على طرفي هذا الفرع، ويوجد نقط تقسيم
رئيسة أخرى عند (طالع الفضة) وتقسيم يبعد 280 م يمين باب شرقي يتفرع عنده الى
.ثلاث قنوات تغذي ثلاثة أحياء
ب- القناة (11) وهي فروع بانياس حيث يغذي منطقة أقل من المنطقة التي يغذيها فرع
القنوات، يخترق محطة الحجاز ويظهر في جامع تنكز ثم تصل الى القلعة محاذياً برجها
الشمالي الغربي ويمر داخل القلعة، ويخرج منه فرعان يلتفان حول الجامع الأموي وفرع
ثالث يدخل صحن الجامع الأموي من نقطة تقسيم عند باب البريد، وتعود هذه الفروع الثلاثة
.للالتقاء شرقي الجامع حيث حمام ومقهى النوفرة
ج- قنوات تصريف المياه المالحة
غالباً مايكون منسوبها اخفض من منسوب قنوات مياه الشرب ولا تصب هذه القنوات في
مياه فرعي بردى، ووجود قناة بين السورين ساهمت في إبعاد التلوث عن بردى حيث تكثر
.المقاهي والمراحيض
عيون مياه الشرب في دمشق القديمة
:تشرب أحياء شمال نهر بردى من سبعةعيون هي
.اولى هي العين التي تصب في بركة جامع الطاووسية
..وثانية هي عين الكرش
…وثالثة هي عين علي
…ورابعة هي عين جامع النوفرة
…وخامسة وسادسة وهما قناتان تغذيان بئرين غزيرين بالماء
.وسابعة هي عين الزينبية.. وهي في ممنطقة القصاع خارج باب توما
باب توما
:الآبار داخل دمشق القديمة
هناك عدد قليل من آبار الشرب يوجد منها داخل الجامع الأموي، وي مطابخ الدور وباحات
.البيوت والبساتين المحيطة وتستخدم في حال انقطاع الماء عن القنوات في فصل الصيف
الطوالع
الطالع(ج طوالع) وهو الموزع الذي يقيس الماء ويوزعه بحصص مقاسة بدقة وتقدر هذه
الحصص بأجزاء من 24 قيراط، إذ توزع الى اصحاب الحق فيها وهذا دليل على القيمة العالية
للمياه عند الدمشقيين وعلى مبادىء العدالة والمساواة في الحقوق، وقد كان الماء يباع
للعائلات الغنية إذ تزداد الكمية للعائلات المترفة وكلها مقابل ثمن حسب الحصة، أما السبلان
فقد كان يتبرع بها لتكون مياهها ملكاً عاماً بدون ثمن. وقد عرفت دمشق توزيع المياه
…بواسطة الطوالع منذ زمن الآراميين…اي منذ الفي سنة قبل الميلاد
والطالع هو عبارة عن قطعة حجرية مستطيلة الشكل منحوتة بشكل احواض متصلة بعمق 10
سم يتوسط هذه الأحواض ثقوب لأخذ المياه وتوزيعها، أبعاده بين 250-50 سم اشكاله
مستطيلة او مربعة، وقد يرتفع الطالع عن منسوب الطريق وذلك حسب منسوب القناة المغذية
تغذيه بالماء ماصات توصل المياه اليه بواسطة أنابيب من الفخار وتوزع المياه من الطالع الى
الدور والمساجد والكنائس والكنس اليهودية في محلة اليهود، والحمامات والسبلان والطوالع
الأخرى وهناك عدد من الطوالع الرئيسة الهامة في دمشق القديمة تتفرع عنها الماصات التي
تغذي الجزء الأكبر من المدينة القديمة حسب المناطق التالية: القيمرية والشاغور الجواني
.والخراب وباب شرقي
وهذه الطوالع هي
طالع الفضة، طالع الجواني، شارع الجواني،طالع القلقاسية، طالع القبة، طالع التلاج، –
وهذه كلها في الشارع المستقيم ومتفرعاته في محيط المريمية، وطالع سوق الجمعة، طالع
.الجامع
ويمثل طالع الفضة أنموذجا وكانت مياهه توصف بالفضة لشدة نقائها، وهو بجانب
بطريركية الروم الأرثوذكس والكاتدرائية المريمية بمنطقة الخراب، هو من الطوالع الرئيسة
والهامة، تصل اليه المياه بواسطة ماصيتان تصبان المياه فيه من فتحتين بقطر 28
و37مم، وتنقلان الماء اليه من نهر القنوات، كما يوجد طالع ثانوي بين طالع الفضة
والموزع الرئيس في سوق القطن يساعد بمراقبة المياه وأعطال القساطل والطوالع الفرعية
الكاتدرائية المريمية في منطقة طالع الفضة…الأخرى
وتتوزع مياه طالع الفضة المتكون من طالعين حيث تستقبل المياه وتوزعها وتغذي طالع
آخر هو الطالع الجواني في محلة الجوانية الغنية بقصورها وكأنها مدينة داخل مدينة وكان
المسيحيون الأغنياء يسكنون فيها مطبقين مقولة:”حطوا المية فوق المية واسكنوا
بالجوانية” لسعر البيوت المرتفع، والطالع الثاني يوزع الماء بدوره للحي كله وعلى 20
…طالع وهكذا
وهكذا نجد ان نظام توزيع المياه بواسطة الطوالع هو نظام متقدم تكنولوجياً في زمن
…استعماله وهو دليل على تقدم علمي واجتماعي في وقت يعود الى الآراميين وماتلاه
تصل المياه الى مقاسمها في الطوالع بواسطة القسطل والقسطل هو ماصنع من التراب
الأحمر، وهو أنواع منها مايعرف بالزمر وهو أصغرها قياساً غير ان توزيع المياه في بعد
الفتح الاسلامي لدمشق، تغير عن شكله أيام الآراميين لجر المياه الى المساجد من اجل
الوضوء ما ادى الى تطوير في الشبكة القديمة، كما ان تطور المدينة العمراني وخروجها
عن الأسوار واتساعها الفقي أدى الى تحويل شبكات قساطل المياه، ومن جهة أخرى أدى
الاتساع العمودي للدور في دمشق الى استغناء تلك الدور عن حقوقها في الطوالع،
واعتمادها على مياه الفيجة بعد جر المياه بقساطل معدنية زمن الوالي العثماني ناظم باشا
اواخر القرن 19 وقد سميت “قساطل ناظم باشا”.فقل الاعتماد على الطوالع فأهملت وانسد
.معظمها
البيوت الدمشقية
ان البيوت في دمشق وترتيب بنائها على اجمل طرز وتخطيط لم يمكن لها نظير في جميع
البلدان، وهو أن كل بيت لايخلو من وجود إيوان قبلي وفيه بركة ماء في منتصف دياره
ويأتي اليها الماء ضمن قساطل فخار محكمة من مقاسم الأنهار، وتحيط ارض الديار
حجرات وقاعات تعلوها غرف جميلة، ولابد للقاعات من وجود برك الماء فيها لأجل التبرد
أيام الصيف، ومافاض عن البرك من الماء يجري ضمن قساطل أيضاً الى محل قضاء
.الحاجة داخل هذه الدور
الحمامات الدمشقية
في العصرين الروماني والرومي كثرت الحمامات العامة وقام بعض الأباطرة
ببناء الكثير منها في دمشق وفي المدن السورية، وهي تتألف من عدة غرف وتشاهد قرب
أقنية مايدل على وجود وصلة للأقنية المائية بالحمامات، وكانت مزدهرة بشكل رائع كما في
بصرى،وشهبا، المدن المنسية وريف حماه وحلب… وفي العصور الاسلامية أصبحت
الحمامات ذات أهمية كبيرة، وقد عرفت دمشق بحماماتها العامة والخاصة في الدور
والقصور، وكان أهل دمشق دوماً يفخرون بحماماتهم منذ العهد الآرامي وماتلاه، وخاصة
في العهد الأموي، وقد ورثوا حمامات رومانية بديعة. ويُذكر ان الخليفة الوليد حين قام
بتحويل كاتدرائية دمشق اي كاتدرائية القديس يوحناالمعمدان الى الجامع الأموي تخليداً
للسلالة الأموية تحدث الى أهل دمشق بقوله:” تفخرون على الناس بأربع خصال، تفخرون
.بمائكم وهوائكم وفاكهتكم وحماماتكم فأحببت ان يكون مسجدكم الخامسة
وكانت هذه المياه تصل الى الحمامات في عدانات(حصص) موقوتة معلومة، ويجري
توزيعها بنظام الطالع المحكي عنه
واشتهرت الحمامات هذه في المشرق كله، وتفنن الدمشقيون بالحمامات منذ العهد الآرامي،
كما أسلفنا مع تطوير لها في كل العصور كما في العهدين الروماني والرومي ثم الأموي،
وجعلوها آية فنية معمارية وذات فائدة جمة صيفاً وشتاء، وأقاموا البحرات التي تتشامخ
فيها نواعير الماء على أشكال بديعة، وكان الناس يرتادون هذه الحمامات ليمضوا وقتاً هنياً
في الاغتسال وتناول الطعام والاستشفاء من بعض الأمراض، فالحمامات لم تكن في العصر
الرومي فقط للاغتسال، وإنما كانت ايضاً بمثابة نواد رياضية ومجتمعات يتبادل فيها الناس
.مختلف الأحاديث
وكان من هذه الحمامات في العصر الرومي ماهو ملحق بالكنائس وخاصة في الكنائس
الكبرى في دمشق (كان عدد الكنائس الكلي فيها 37 كنيسة) ككاتدرائية دمشق، كاتدرائية
القديس يوحنا المعمدان قبل تحويلها الى الجامع الأموي يوجد حمام للرهبان وسدنة (خدم)
الكاتدرائية كما في الحمام الذي كان في محلة النوفرة تغذيه عين صارت اليوم في جامع
.النوفرة، وهي خاص بهؤلاء وفي موقعه جامع ومقهى النوفرة حالياً
جرن المعمودية والبئر في كاتدرائية دمشق( يوحنا المعمدان) التي حولت الى الجامع
الأموي
:سبل او سبيل الماء
تعتبر سبل المياه في دمشق واحدة من أهم المعالم التاريخية والحضارية التي سمحت
لسكان دمشق وعابريها على مر الزمن التزود بالماء، وان كان الدمشقيون قد برعوا منذ
القدم بايصال المياه الى الحمامات والقصور والدور والمساجد والكنائس وغيرها من
المرافق الخاصة والعامة فليس ذلك الا دليلاً على تطور تقني معرفي في استثمار هذه السبل
المائية واستخدامها في الأغراض المختلفة، وهذا ماجعل دمشق واحدة من أجمل الحواضر
العربية والعالمية، واقدم عاصمة ومدينة مأهولة، وأكثرها رقيا،ً وجعل شعبها من أكثر
شعوب الأرض نظافة ونظرة واحدة الى الحمامات العامة الموجودة في دمشق القديمة
…وحدها دليل على حب النظافة عند الدمشقيين
اخيراً وللتذكير
عندما كان ينساب بردى وفروعه في مدينة دمشق يتفرع منه عدد كبير من القنوات الصغيرة وهذه بدورها تتصل بشبكات المياه التي كانت تغذي الدور والمباني العامة .
لقد تم تمديد شبكات المياه في مدينة دمشق في عهود لم تكن تتوافر فيها الأنابيب المقاومة للضغط وأدوات المياه، ولذا فقد تغلب الفنيون في ذلك الحين على مشكلة ضغط المياه بواضع كواسر للضغط تسمى (الطوالع) ولها دور آخر فهي عبارة عن موزعات للمياه تأخذ المياه من الشبكات وتوزعها بدورها على مختلف المنشآت بمقادير محددة .
|
عندما كانت السيول تقذف الأتربة الحمراء في الأنهر خلال فترة الشتاء كانت المياه تحمل معها الرسوبات إلى القساطل فتسدها كما أن المياه تصبح غير صالحة للشرب بسبب عكارتها ..
وكان الناس يلجأون إلى ملء أوانيهم من بعض العيون الموجودة حول المدينة (عين الشرش – الزينبية – عين الكرش – عين الفيجة – عين علي ..) أو من الآبار المحفورة بالمنازل التي كانوا يستخرجون منها المياه السطحية الملوثة ، عدا ذلك فإن مياه الأنهر كانت مرتعاً خصباً لكثير من الجراثيم .
إلى أن استقر الرأي على إسالة جزء من مياه الفيجة إلى دمشق بأنابيب محكمة وتوزيعه على مناهل منتشرة في أنحاء المدينة ، تم جر المياه عام 1908 بواسطة أنبوب من الفونت قطره /250/ ملم كان يصب في خزانين كلاهما في المنطقة الشمالية المرتفعة من المدينة : خزان العفيف وسعته /2000/م3 ، وخزان ظبيان وسعته /500/ م3 يوزعان المياه على /400/ سبيل منتشرة في أنحاء المدينة كان يجري الماء فيها بمعدل ساعتين في الصباح والمساء وتكاد تكفي لسد حاجة السكان من مياه الشرب .
كيف تم إنشاء شبكة مياه الفيجة؟
سنة 1921 فكر الفرنسيون في جر مياه الشرب من نبع الفيجة إلى أحياء مدينة دمشق على أن يعطوا امتياز هذا المشروع إلى شركة فرنسية.
كان رئيس البلدية يومها يحيى الصواف، فعرض عليه مستشار البلدية الفرنسي مشروع الامتياز وشروطه. عندها طلب رئيس البلدية من فارس الخوري -الذي كان آنذاك مشاوراً حقوقياً للبلدية- دراسة هذا المشروع.
عندما درس فارس الخوري المشروع تبين له أن شروطه تضر بمصلحة السكان فسجل اعتراضاته على ظهر الأوراق المقدمة إليه وذلك لتعطيل المشروع الأجنبي. اقترح الخوري تأسيس مشروع وطني تكون فيه مياه نبع الفيجة ملكاً للأمة السورية وأنهى دراسته بوجوب الاعتذار عن قبول الطلب لما يحمل بين طياته من الحيف على البلد وبقاء ري ظمأها في أيدي الأجانب.وتمت إعادة الأوراق إلى مستشار البلدية الفرنسي الذي غضب جداً من رد المشروع خصوصاً بعد أن قام الخوري بتدوين كل مطالعته على الأوراق المقدمة.
بعد حوالي السنة قامت مجموعة من التجار الدمشقيين بالاجتماع لبحث موضوع تأسيس شركة تجارية لتوزيع المياه من نبع الفيجة، ولكن فارس الخوري عارض هذا المشروع بشدة لأنه أراد أن تكون هذه الشركة عمومية أهلية لا استثمارية. ولذلك قدم الخوري في اليوم التالي مشروعاً وطنياً مفصلاً من أجل جر المياه من نبع الفيجة، وهذه الدراسة هي التي اعتمدت ونفذت وما زالت قائمة إلى اليوم .
واختير من أثرياء دمشق أن يدفعوا كلفة المشروع واشترط أن يكون مالاً حلالاً لا يعرف عن أصحابه ربا ولا سرقة ولا غيرها مما جعل من يرفض اشتراكه وصمة عار في حقه ,فكان من شارك ودفع أشد فرحا من الذي لم يشارك .وتم المشروع ووصل الماء الى بيوت دمشق مجانا واصبح الدمشقي يدفع اشتراك رمزي . واحتفل في حديقة المنشية بمناسبة ضخ المياه .
حواشي البحث
.السقايات تعني في عرف ابن جبير مانسميه بسبيل الماء 1-
.يعني السبلان 2-
الرواضع: السواقي التي تفرع عن النهر ثم يعود الفائض منها الى النهر في مناسيب 3-
.أخفض
يزيد كان هذا النهر موجوداً منذ عهد الرومان وحين ولي يزيد بن معاوية الخلافة في 4-
.العهد الأموي، أمر بحفره وتوسيعه، ولذا تسمى باسمه
.القيراط: هو جزء من اربعة وعشرين بحيث توزع المياه بمقادير هذه الأجزاء 5-
المواصي: ج ماصية وهي قناة تخرج عن النهر لتوزع الى الأحياء والطوالع، وهي 6-
قساطل من الفخار، كما أنها تصل الطوالع بعضها ببعض، وعلى العموم فإن فتحة تأخذ
.الماء من النهر دون انقطاع هي ماصية
المزاوي: نسبة الى المزة، وهي المنطقة التي يرويها وتاريخه مرتبط بتوسع مدينة 7-
.دمشق خارج السور
قناية: (قناة) (جقنوات أو قني) وهي كل مجرى ماء يسيل تحت الرض وله ضوايات كل 8-
.مسافة
ضوايات: هي الفتحات الممتدة في الأرض شاقولياً حتى تصل الى مجرى القناة تحت 9-
.الأرض، وهي بشكل بئر محفور
.الداراني: سمي بالداراني نسبة الى قرية داريا التي تشرب من هذا النهر 10-
.الشادروان: اوالشاذروان: وهو متنزه قديم قرب قرية دمر 11-
.نهر تورا، الاسم الآرامي (ثورا) وهو من فروع بردى القديمة 12-
القنوات: يعود تاريخ هذا النهر الى العهد الروماني ويعتقد أنه نهر قينية وقد طرأت 13-
عليه تبدلات في عهدي المماليك والعثمانيين، وقد كان مكشوفاً ومرفوعاً على قناطر زمن
.الرومان
بانياس : هو أول الأقنية المتفرعة عن بردى، وكانت هذه القناة تغذي المعبد والمدينة 14-
.واسمه القديم أبانة
.العقرباني نسبة الى قرية عقربا 15-
.الداعياني: نسبة الى قرية داعية 16-
.المليحي: نسبة الى قرية المليحة 17-
مراجع البحث
.النعسان، عبد الرحمن/سبل المياه في مدينة دمشق القديمة
كرد علي، محمد/ خطط الشام، ج5 وج . 6
…الصواف، حسن/ دمشق اول مدينة في العالم عرفت بتوزيع المياه
.محفل، د.محمد/ دمشق الأسطورة والتاريخ
Beta feature
Beta feature
Beta feature
Beta feature
اترك تعليقاً