دمعة مريم

دمعة مريم

دمعة مريم

​- I –
يَلومُك قلبي يا ربي…!
كلّما ذبتُ بك أكثر
تعاظم لومي أكبر!
ألومك يا رب،
لَوْمَ المظلوم للعدالة
لَوْمَ المألوم للرأفة
والمعذَّب للرحمة..
ألومُك لومَ الخائف للفزَع
ولومَ الدمعةِ للوجع
ولوم العتمة للفجر
متى النورُ طَلَّ
و القلبُ هَلَّ
و الصبحُ إنقشع!
ألومُكَ، لأن دمعةَ أُمِّكَ،
أدمَعَتْ أميّ..!
فصارتِ الدمعتانِ
شُغلي و هَمّي ..!!
​****
​- II –
قلْ لي، يا ربّاً تَجسَّد
أخبرني، أفصِحْ
عن لُغزٍ عندي تَعَقَّد
كيف تجرأتَ وأبكيتَ أمَّك
عصر ذاك الجمعة؟!
كيف سمحتَ
أن تتدحرج على خدّها دمعة؟!
قلْ لي:
لماذا جرّحْتَ قلبها، تحتَ الصليب؟
أتأنسّتَ لتعذّبها بآلامكَ؟
ألَبِسْتَ الترابَ، لتُثكِلَها؟
وتحقّقَ بدمعها كلَّ أحلامك؟!!!
… قُلْ لي يا ربيِّ، قلْ:
كيف تركتَها تلتفُّ بالحزنِ
غارقةً بالنحيب؟
تَرثيك صَمتاً، تندبك دمعاً،
وأنت تصفنُ، تصفنُ
تُرخي البسمة، لا تجيب!؟
​- III –
أما تعرفُ يا رب
أن دمع الأم أغلى من الأغلى؟
بل أغلى من السماء!
أما تعرفُ أن آهاتها، تخدّش الكون،
تُحزِن النجوم،
تُدمِعُ الغيوم،
تكدّر مزاج الدنيا
تعكِّر صفوَ الفضاء…!
​****
​- IV –
صدِّق يا سيّد، صدِّق!
إني آمنتُ بدمك
بمثل ما آمنتُ بدمع أمك!
رجوتك
بدِّد همّي وغمّي
رجوتك
إفهم معنى دمع أُميّ!
أمي تصلّي بالدموع
مُنذ جرَّحَ الثكلُ قلبها
وانطفأتْ عيناها حسرةً
و تَغَوَّرَ خَدّاها
و لَمْ يبقَ فيها ضلوع
لكثرة ما فتّشت عن أخي
في نور الشموع..!!
​****
​- V –
رجوتك يا ربّي، هيّا
بدِّل منطق الدنيا
عدّل قانون الحياة،
يا ربّ
لا تسمح ان يموتَ إبنٌ قبلَ والدَيْه
لا تسمحْ أن يدمعا
أن يتقطّعا حُرقًة علَيه..!
بدِّل عدالتك يا سيّد،
بدِّلها، أعِدِ النظر بمشيئتك
عدّلها….
أو إقلَع القلوب من الصدور
وإجعلها تُدفنُ قَبلنا، تَسْبقُنا الى القبور
فلا نبكي ولا نحزن، لا نفكر ولا نثورُ….
قـل لـي:
أما ندمتَ على الموت، قبل مريم؟
أو أن قلبك، أقسى من اليهود
وأجَرَم؟؟؟
​****
​ -VI –
خبّرني يا ربي، خبِّر
كيف تجاسرت أن تجعل (الممتلئة نعمة)
ممتلئةً حزناً؟؟!!
هل كانت آخر مهمة لك عندنا
ان يجرّح صَلبُكَ طهرَ عينيها؟
وأن تزداد جراحك، بدمعها، جرحين؟
جرح في كل عين!؟
هل إدماع أمّك، هو المرحلة الخامسَة
عشرةَ على درب الجلجلة؟
أم هو حَلقة في سلسلة؟!!
قُـلْ لـي…
مَنْ أوجعكَ أكثر، مَنْ جعلكَ تتألّمْ…؟
جَلدُ اليهود، وغِيَّهُمُ،
أم دمعُ أمك مريمْ؟؟؟!
​****
​- VII –
أدْمَعَني دَمعُها يا ربّي
وما إنفطمتْ مقلتاي عن النداء!
لا، ولا عن البكاء برجاء
قُلْ لي، قلْ ولا تهمِسْ
قُلْ وأرفَع صوتك فييَّ
قلْ، تجرّأ
أيّهُما أحنُّ اليك:
أبوك السماوي؟
أمْ أمّك الترابية؟
​****
قلْ، لا تهمِسْ
قلّي، أيّهُما أوجَع:
دقُّ المسامير طَرقاً، وطعنُ الخصرِ بالرماحْ؟
أو أن ترى رأسها يسقط على رُكبتيها،
والكلُّ نِياح ؟؟!
​****
​- VIII -​
قُلها يا ربُ
قلْ وارفَع صوتك فييَّ
أيّهما أقسى؟
انطقْ، تطلّع اليَّ
أيهما أصعب عليك وعليها؟
أن تموت على الصليب؟
أو أن تذوب في دمع عيْنَيها؟!
حرِّك شفَتيْك، قلْ
علِّ صوتك، إرفَعه أَرفعْ
أُصرُخْ ولا تجزَعْ
أُصرُخْ واجعلني أسمَعْ
“لماذا تركتَ أمكَ تدمع؟؟؟!!!”
من ( مزامير الصباح )

Posted

in

,

by

Tags:

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *