كرجية حداد وزوجها وساعة كرجية يحمص

ساعات حمص …حمص العدية ام الحجارة السود

ساعات حمص …حمص العدية ام الحجارة السود

حمص العدية ام الحجارة السود

ساعات حمص

تشتهر حمص بالجمال بكل شيء فيها وجمال اهلها ودماثتهم وطيبتهم وخفة دمائهم وجمال سيداتها المشهور…
ولكن الاهم من كل ذلك هو وفاء شعبها المغترب عنها بداعي الرزق لها وهم الذين اجادوا في التبرع لها كالسيدة كرجية حداد وزوجها
وماشاء الله كل المغتربين عنها كانوا من الشعراء… وفي ذلك رفعة الثقافة والادب وبالاضافة الى حب الموسيقا والموشحات… والحمصيون جماعة طرب وموسيقى…

تشتهر حمص بثلاث ساعات تاريخية هي

1-الساعة القديمة وبناها الفرنسيون 1923 بواسطة اشهر ساعاتي في حمص السيد عبد الله كيشي، واسمه محفور عليها حتى الآن وهي مصنوعة من النحاس وكانت مركز المدينة القديمة حيث توسطت منطقة الأسواق الأثرية وأنشىء عليها كراج حماه لأنها كانت على طريق حماه، ثم سينما الفردوس الى الشمال منها اي مكان بناء الستي سنتر حالياً.

ساعة كرجية حداد

ساعة كرجية حداد

2-الساعة الجديدة، أو ساعة كرجية حداد وشيدت عام 1958 وعلى نفقة المغتربة الشهيرة السيدة كرجية حداد، ونالت شهرة واسعة في المدينة وخارجها حتى اصبحت من رموز حمص ودخلت في النسيج الاجتماعي للسكان في النصف الثاني من القرن العشرين المنصرم.
3-الساعة العمومية او ماتعرف بساعة الاربعين الواقعة في كاتدرائية الاربعين شهيداً الارثوذكسية في حي بستان الديوان الملاصقة لدار مطرانية حمص الارثوذكسية
يعود تاريخ بناء هذه الساعة الى عام 1921 حيث ورد ذكر الساعة العمومية في كتاب “زفرات القلوب …” للخوري عيسى اسعد وهو احد أهم المؤرخين الحمصيين وقد اجادوا في تأريخهم لحمص فجاء في مقدمة الموضوع مايلي:
“عُرف الحمصيون بغيرتهم على حمص ووضعهم المساعدة في موضعها اللائق وكان اولوا المرؤة يسألون عن النقص الموجود في حمص ليسعوا الى تلافيه وفق استطاعتهم.”

وحسب المصدر ماجاء في المصدر نفسه، ان المتبرع السيد سليم نسطة ابتاع الساعة من فرنسا واهداها الى المطرانية لتضعها في الكاتدرائية لترشد اهالي الحارة والمحلات المجاورة برؤيتها وسماع صوتها من بعيد الى الوقت. وكان ذلك قبيل بدء الحرب العالمية الاولى…

مطران حمص المتقدس اثناسيوس عطا الله
مطران حمص المتقدس اثناسيوس عطا الله

وفي عهد المطران المتقدس اثناسيوس عطا الله متروبوليت حمص وتوابعها للروم الارثوذكس وتحديداً في 12 تشرين الثاني من عام 1921 وصلت الساعة المذكورة الى ميناء بيروت واودعت الحرم الجمركي وكانت ادارة الجمارك في سورية ولبنان بيد الفرنسيين، فطلب المطران اثناسيوس من مستشار لواء حمص الافرنسي (حاكم حمص العسكري الفرنسي) آنذاك اعفاء الساعة من الرسوم الجمركية المقررة والسماح بادخالها الى سورية – حمص معفاة من الضرائب والرسوم الجمركية كونها عائدة لدار عبادة. وبعد أخذ ورد وافقت السلطات الفرنسية ممثلة بالمندوب السامي الفرنسي في سورية ولبنان وكيليكيا بادخالها معفاة من الضرائب والرسوم الجمركية…
وكان قد تأخر وصول هذه الساعة الى سورية بعد شحنها من بلد المصدر اي من فرنسا ( سورية كانت تضم لبنان قبل انشاء…) اثناء الحرب العالمية الاولى بسبب ضياعها في احدى السفن، وحين وصلت الى حمص اي بعد اكثر من ست سنوات من التيه في البحر، حصلت بعض المنافسات بين الوجهاء بسببها، وادى ذلك الى تأجيل بناء القبة لها حتى عام 1922 في شهر تموز تحديداً حيث اخذت الوضع الذي هي عليه حالياً.
واخذ المطران اثناسيوس على عاتقه امر الانفاق عليها، فتمم بناءها في السنة التي توفي فيها وكانت آخر ماشيده من الأبنية، وكان عهده حافلاً بالانجازات في شتى المجالات.

الساعة العمومية من برجها في كاتدرائية الاربعين الارثوذكسية في حمص
الساعة العمومية من برجها في كاتدرائية الاربعين الارثوذكسية في حمص

وقد نُقش على صفحة القبة المتجهة الى الغرب تاريخ بنائها من نظم الاستاذ يوسف افندي شاهين عام 1923 بالنص الشعري التالي:

اثناسيوس مطراننا ذو الفضل من في …….. القلب هذا الشعب بث الغيرة
للساعة الكبرى سعى ببناية……………… ورجال حمص ابرزوا ذي الهمة
فسليم نسطة لمحبة الوطن العزيز……….ابتاعها من ماله واتى بها

ويُذكر ان البناء الداخلي للساعة شكله حلزوني جميل اما ميكانيكها فهو بسيط جداً يعتمد على مانويل موصول بثقالات.
تحتاج الساعة العمومية هذه كل 36 ساعة لاعادة تحضير من جديد، والمحزن انها متوقفة وتحتاج الى اعادة تشغيل حتى تعود للمساهمة مع الساعتين الاخريين في ضبط ايقاع المدينة الجميلة.

المغتربان الحمصيان والمحسنان الكبيران اسعد عبد الله حداد وزوجته كرجية حداد
المغتربان الحمصيان والمحسنان الكبيران اسعد عبد الله حداد وزوجته كرجية حداد

وبالعودة الى الساعة التي تسمت باسم هذه المحسنة السورية وزوجها اسعد عبد الله حداد  العظيمين في حبهما لحمص خاصة وللوطن السوري الام عامة بدأت قصة هذه الساعة في تموز 1951 حين زارت تلك المغتربة السورية الكبيرة مدينة حمص ضمن وفد سوري برئاسة الوزير المفوض في البرازيل آنذاك الشاعر المعروف عمر أبو ريشة، وخلال تلك الزيارة تبرعت هذه المغتربة بمبلغ 30 ألف ليرة سورية لبلدية حمص لإقامة ساعة كبيرة في ساحة جمال عبد الناصر وسط المدينة ورفعت المبلغ فيما بعد إلى 60 ألفاً لاستكمال المشروع، وتم تشييد الساعة  سنة 1958  على نفقة السيدة كرجية وحملت اسمها إلى الآن.

يظهر في الصورة السيدة كرجيه حداد مع رئيس البلدية المهندس عزمي الكسم والاستاذ ساطع الاتاسي والاستاذ شريف الجندي في حفل تدشين الساعة

تتميز الساعة ببنائها الفريد فهي على شكل المئذنة ذات الطراز المربع ولون حجارتها الابيض والاسود، وتأخذ الساعة من الأعلى شكل القبة المربعة ذات الأقواس الأربعة، وكل قوس منها هو عبارة عن باب وفي منتصف الأقواس توجد أقراص الساعة وعددها أربعة، وهي مضاءة بمصابيح مخفية خلف الأرقام تشع باتجاه الداخل ويلاحظ أن بناء الساعة من الحجر الكلسي الأبيض والرخام الأسود، وقد تآكل الرخام الأسود مع مرور الأيام وحاول المعنيون آنذاك تلميع الرخام فلم يفلحوا، فاضطروا إلى دهن الرخام الأسود والإبقاء على الحجر الأبيض بشكله الطبيعي.

ومكانيكية الساعة من النموذج الفرنسي،  تعمل على التيار الكهربائي موصولة بمحرك ربط مصنع محلياً قام بابتكاره الساعاتي “عبد الله كيشي” ووظيفة هذا المحرك ربط الساعة أوتوماتيكياً في حال انقطاع التيار الكهربائي.

وفي الساعة جرس مكون من ثلاثة نواقيس تعمل بواسطة مطرقة موصولة بمحرك كهربائي، نغمته تسمع إلى مسافة 6 كيلومتر.

عائلة كرجية حداد تحملت نفقات صيانة الساعة

وقد تعطلت الساعة بعد أعوام قليلة من تشييدها، فكتب أحدهم في جريدة حمص المهجرية يدعو المسؤولين لإصلاحها فقرأ الخبر ورَثَة كرجية حداد في البرازيل وقاموا بإرسال مبلغ عشرة آلاف دولار للبلدية لإصلاحها معتبرين أنفسهم مسؤولين عن الساعة التي تحمل اسم مورثتهم التي كانت قد توفيت آنذاك وقد تعهد السيد جورج مكوبجي بعد العام 1964 بتجديد الساعة وتمويل أعمال صيانتها الدورية.

طرافة أهل حمص أنقذت الموقف

تعطلت الساعة لمدة عشر سنوات منذ عام 1978 حتى عام 1988 مما أفقد حمص إيقاعها المعتاد وكان هذا التوقف بسبب عدم توفر ميكانيكيين وخبراء يقومون على إصلاح الساعة، وفي تلك الفترة جاء وفد سياحي جاء لزيارة حمص وكان برنامج هذا الوفد يقتضي أن يمر بجانب ساعة “كرجية حداد”،

وهنا لجأ أهل حمص إلى حيلة لا تخطر على بال إنسان حتى يجعلوا الساعة تعمل أمام الوفد الزائر، فجاؤوا بساعاتي وأُجلسوه داخل الساعة وظل يحرك عقاربها كل دقيقة لمدة تتجاوز نصف اليوم حتى مر الوفد فابتهجوا بالساعة دون أن يدروا ما خُبىء بداخلها.

وبعد ذهاب الوفد السياحي بقيت الساعة معطلة حتى جاء الساعاتي (عبد الله كيشي) وهو من عائلة اشتُهرت بتصليح الساعات منذ أكثر من قرن، فتولى إصلاح الساعة وصيانتها معتمداً على خبرته وإمكاناته الذاتية وقد أصلح كيشي الساعة مبتكراً آليات وقطعاً لها بجهوده الفردية ومنها كما يقول “استبدال الإضاءة النيونية النافرة بإضاءة داخلية جميلة، وإضافة جهاز جرس أوتوماتيكي مبرمج بحيث تدق الساعة كل ربع ونصف ساعة وعلى رأس كل ساعة مثل ساعة “بيغ بن” الشهيرة في لندن وحتى هذا اليوم يعتبر هذا الابتكار من الأسرار المهنية الغامضة بالنسبة للخبراء والعاملين في مجال الساعات.

 

 

  • Beta

Beta feature

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *