صفحة مضيئة من تاريخ المسيحية
القديس فلاديمير المعادل الرسل
اعتناق الروس المسيحية
إثر حصار الروس للقسطنطينية في العام 864، أرسل القدّيس فوتيوس إلى كييف أسقفًا وعددًا من الكهنة بقصد زرع بذور المسيحيّة فيها. ولكن البعثة تعثّرت لأسباب عسكريّة وسياسيّة. فيما بعد حاول الروس ثلاثًا أخذ المدينة المتملّكة، خلال الأعوام 911 و944 و971، ولكنهم لم ينجحوا.
وبفضل العلاقات التجاريّة مع كييف أضحى التجّار حملةً للإيمان المسيحيّ. فما إن حلّ العام 945 حتّى وُجدت في كييف رعيّة مسيحيّة تجتمع في كنيسة على اسم القدّيس النبي الياس. ولهذا التواجد المسيحي يعود الفضل في هداية القدّيسة أولغا أرملة الأمير إيغور الذي أصبح حفيدها الأصغر، فلاديمير، أميرًا لكييف في العام 980م.
واقعة اختيار الاديان واعتناق الروس المسيحية الرومية الارثوذكسية
ولم يكن فلاديمير، أول أمره، مائلاً إلى المسيحيّة، ولكنه مال إلى التساؤل في شأن الديانة الحقيقية. وما أن بلغت اهتماماتُ فلاديمير الدينيّة أسماع الشعوب حتى أوفد المسلمون البلغار واليهود الخازار والمسيحيون اللاتين والروم الأرثوذكس مبعوثين إلى كييف يرومون كسب الأمير الكبير إليهم. فقرّر فلاديمير إيفاد سفراء إلى مختلف البلدان التي أتى منها المبعوثون ليقف على هذه الديانات في ديارها.
فلمّا بلغ سفراؤه القسطنطينية تسنّى لهم المشاركة في القدّاس الإلهيّ وفي شتى إحتفالات الكنيسة الكبرى، كنيسة الحكمة المقدّسة (ِAgia Sophia). فكان انطباعهم قويًّا لدرجة أنّهم ذهلوا ونقلوا إلى فلاديمير ما عاينوه على النحو التالي: “لم نعرف ما إذا كنا في السماء أم على الأرض، لأنّه ليس على الأرض مشهد مماثل لما عاينّاه ولا جمال، وإنّنا لأعجز عن التعبير عنه. فقط نعرف أنّه هنا يقيم اللهُ مع الناس، وعبادته هنا تفوق العبادة في أيّ مكان آخر. لا نستطيع التغاضي عن هذا الجمال، ونحن على يقين أنّنا لن نتمكّن، بعد اليوم، من العيش في روسيا بطريقة مختلفة!”.
فلمّا اقتنع فلاديمير بأنّ هذا المجد الذي عاينته السفارة متجلّيًا في كنيسة القسطنطينية لا يمكن إلا أن يكون بهاء الحقيقة قرّر أن يصير مسيحيًّا ارثوذكسيا على دين الروم.
في تلك الأثناء أنهكت الأمبراطور القسطنطينيّ باسيليوس الثاني حربه ضدّ البلغار في العام 987م. فاستعان بأمير كييف الكبير، فلاديمير، الذي عرض مدّه بستة الآف محارب شرط ان يعطيه أخته، أنّا البيرفيرية، زوجة، واعدًا بأن يصير هو وشعبه مسيحيّين. وهكذا كان. فقام باسيليوس الثاني بإرسال أخته يرافقها الأسقف ميخائيل وكهنة عُيّنوا مرسَلين إلى روسيا. فاعتمد الأمير الكبير في يوم الظهور الإلهيّ واتّخذ اسم باسيليوس. وكذلك اعتمد ضبّاطه. وبعد ذلك تمّ الزفاف.
وعلى الأثر شرع فلاديمير في تطهير مدينة كييف من عبادة الأوثان وألقى بتمثال الإله بيرون في نهر الدنيبر على مرأى من الشعب. كذلك أخذ القدّيس ميخائيل السوري الأسقف يكرز بكلمة الله مستعينًا بفلاديمير. وفي يوم العنصرة اعتمد جمهور كبير من الناس في النهر.
وقد كان القدّيس فلاديمير عرّابًا للشعب الروسيّ في معموديته، كما ألغى حكم الموت وسلك في سيرة مرضيّة لله حتّى أطلق عليه شعبه تسمية “الشمس المشعّة”. وبنى الكنائس البهية محل هياكل الأوثان. كذلك أنشأ المدارس لتعليم الشعب وإعداد الكهنة، كما بعث بالمرسلين في كلّ ناحية للكرازة بكلمة الله باللغة السلافية. فأضحت كييف مركز الأسقف المتروبوليت التابع للبطريركية القسطنطينية وله سلطة على كلّ الأرض الروسيّة.
شفاعة القديس تكون معنا، آمين
اترك تعليقاً