ظاهرخير الله الشويري
في نسبه
ظاهر الياس خيرالله
«ولد بين الصخور فاستمد منها قوة العزيمة وصلابة الرأي ومتانة الأخلاق. وأول ما تنشق كان هواء الصنوبر العليل فأخذ منه صفاء الفكر ونشاط العقل وحيوية الجسد. وكحّل عينيه بمرأى صنين فتسامت نفسه الى العلاء ليصبح ندا في تساميه وتشامخه لذلك الجبل الأشم.«بدأ حياته ككل أهل الشوير بين الصخور الصماء فقام يشذبها ويهذبها وينحتها حتى تصبح متلائمة مع المداميك التي يريد أن يشيدها منها… وتهذيب الحجارة ونحتها من قائم بذاته فهو يحتاج مهارة وفناً وذوقاً ومنتهى الدقة اذ ان خطأ واحداً أو ضربة قوية من الشاقوف او المطرقة تذهب بعمل يوم كامل، لذا كان على مقصب الحجارة أن يكون بعيد النظر، بعيد الافق، يعمل وقد حسب لكل ضربة حسابها وما ينتج عنها من خير او شر.
«وهذا الذي بدأ حياته في هذه المهنة عاد وهو شاب في شرخ العمر من العمل الذي بدأ به ليعمل في تهذيب وتشذيب ونحت العقول، فقد ترك الشاقوف والازميل والمطرقة والزاوية والبركار، ليأخذ بيده القلم والكاغد والمسطرة وانخرط في سلك التلمذة ليؤهل نفسه ليصبح معلماً في المدارس بعد أن كان معلماً في البناء والنحت.
بعض من السيرة الذاتية
ثمة صعوبة بالغة في تتبع سيرته وسيرة ابنه، لم يكتب عنهما احد
ما اوردناه عنهما هنا التقطناها بعد جهد كبير بشكل متفرق وليس تقصيرا منا…
«ولد ظاهر في الشوير في سنة 1836 وتعلّم في مدرسة القرية وكان معلمه الأول الاستاذ رزق برباري. وأغلب الظن أن مدرسة القرية كانت في «دير مار الياس شويا» اذ أن التعليم كان أكثره دينياً، لذا نستطيع ان نجزم بأن أغلب التلاميذ كانوا يذهبون لتعلم المزامير وهذا كان من الأعمال العلمية الباهرة. ومدرسة «دير مار الياس شويا» بقيت تعمل حتى سنوات متأخرة في القرن التاسع عشر.
«وفي سن الخامسة كان يقرأ المزامير كرجاً أي بدون توقف او تردد، وهذا يعني انه كان على شيء من الذكاء والفطنة، وفي سن السابعة كان ينظم الصكوك اي انه كان يكتب كتابة لا تشوبها شائبة، وهذا دليل آخر على تفوقه ونشاطه العقلي، والنشاط العقلي من العوامل التي قلما تتغير في الانسان، فالذكي يبقى كذلك طوال حياته وكذلك الخامل الغبي…
«وفي الثانية عشرة من عمره قرض الشعر العامي وله في هذا الباب جولات موفقة وان تكن قليلة مما يدل على شاعرية فذة وابتكار في المعاني.
«وفي سن الرابعة عشرة توفي والده واذ كان أكبر اخوته اضطر ان يتولى اعالة العائلة، فاشتغل في البناء وجعل من هذا الفن مهنة يستعين بها ليعول نفسه وعائلته.
«وقاده عمله في البناء الى بلدة عبيه وكان اذ ذاك في السادسة والعشرين من عمره فعمل في بناء «مدرسة عبيه» التي أسسها المرسلون الأميركيون…
«وعبّ من مدرسة عبيه ما استطاع من العلوم والمعارف، وبعدها هبط الى بيروت فأسس مدرسة فيها وكان «جرجي زيدان» أحد طلابه فيها، ثم انتقل الى «مدرسة الثلاثة اقمار الارثوذكسية» فدرّس فيها مدة من الزمن، وهناك بعض الطلاب الذين لا يزالون أحياء ممن درسوا عليه اللغة العربية وقواعدها ونحوها وبيانها وعروضها، وهم من النوابغ ويروون عن دقته واخلاصه ونشاطه اشياء هي أقرب الى الخيال منها الى الواقع ولكنها الحقيقة بعينها… ثم انتقل الى دمشق وعلّم فيها العلوم والرياضيات في مدارس الآسية الارثوذكسية بعد الفتنة الطائفية وفي عهد البطريرك ايروثيوس .
كاتب البطريرك ملاتيوس الدوماني
وكأنه رحمه الله اراد أن لا يحصر معرفته ونوره في زاوية واحدة من البلاد فقد ترك دمشق وهبط طرابلس ليعلّم فيها ثم التحق بمدرسة كفتون وعلّم فيها ووزع من نوره الشيء الكثير، ثم انتقل الى دمشق البطريركية عندما تولى مطران اللاذقية الطيب الذكر ملاتيوس الدوماني قائمقاما بطريركيا بعد استقالة البطريرك اليوناني اسبريدون وتولى رئاسة القلم البطريركي وامين سر القائمقام البطريركي الدوماني وبقي في منصبه لما تم انتخابه بطريركاً عام 1898-1906 ، وقد وضع كتاب ” الارج الزاكي في تهاني غبطة البطريرك الانطاكي السيد ملاتيوس الجزيل الطوبى والفائق الشرف” مؤلف من 163 صفحة من القطع المتوسط ابعاده 21و5/14 سم ومجلد تجليد مقوى افرنجي ومطبوع في المطبعة العثمانية في بعبدا (لبنان) سنة 1899 وهو سفر جليل بالرغم من صغره ضمنه تاريخ انطاكية المدينة وتاريخ الكرسي الانطاكي المقدس وجدول البطاركة الانطاكيين من بطرس الرسول الى البطريرك ملاتيوس الدوماني، وتاريخ ابرشية دمشق واسماء مطارنتها بدءا من الرسول حنانيا مع اسماء مطارنة المجمع الانطاكي المقدس ووصف حفلة الرسامة والتنصيب والكلمات والخطب والقصائد التي القيت بهذه المناسبة وفق العروض الشعرية مايدل على علو كعبه في نظم الشعر…
وعندما اصبح الطيب الذكر غريغوريوس حداد بطريركاً على انطاكية وسائر المشرق عيّنه استاذاً في دير البلمند وأن الكثيرين من أحبار الارثوذكس الذين لا يزالون أحياء، يذكرون استاذهم ظاهر خيرالله ويشيدون بفضله عليهم.
«ولم يطل به الامر طويلاً حتى عاد الى بيروت وانصرف الى التأليف، ووجد عنده مجالاً للدرس والاستزادة من المعرفة، فدرس الحقوق وأصبح محامياً وبدأ عمله في الدفاع عن المظلومين وما أكثرهم، ولكنه لم يوفق في هذه المهنة لنزاهته المطلقة واضطر الى تركها لأنه كان يستنكف ان يتوكل في دعاوٍ لا يرى فيها حقاً لموكليه ولذا رأى من الأصلح له ولضميره، أن يترك هذا العمل الجديد.
«أما مؤلفاته فكثيرة وليست مطبوعة، والمخطوط منها قد فُقد في ظروف لا مجال لذكرها في هذا المقام. ومن مؤلفاته المطبوعة رسالة «مفعلة» ورسالة «جيد» ومنها «اللمع النواجم في اللغة والمعاجم» وهي مقدمة معجم الطالب القاموس العربي لمؤلفه الطيب الذكر الاستاذ جرجس همام الشويري. والذي قرأ هذه المقدمة يعرف طول باع ظاهر خيرالله في اللغة وفي فلسفتها ويدرك بدون شك منزلته في عالم التأليف والتعمق في التفكير.
اولاده
أمين ويوسف وعفيفة زوجة الدكتور حبيب همام وأمينة سعدالله.
كتابه الاشهر 1898-1899 بمناسبة اعتلاء السيد ملاتيوس الدوماني السة البطريركية الانطاكية وهو بعنوان ” الارج الزاكي في تهاني غبطة البطريرك الانطاكي السيد ملاتيوس الجزيل الطوبى والفائق الشرف”
أمين خير الله
اللغوي: أمين ظاهر خير الله صليبا الشويري.
«أمين بن ظاهر بن خير الله صليبا» (- 1948 م)ولد في الشوير وتعلم على أبيه، وكذلك في مدرسة الشوير. عمل في التدريس كما عمل في الصحافة، وحرر جريدة لبنان لإبراهيم الأسود. ألف كتبا، منها الأزاهير المضمومة في الدين والحكومة و الأرض والسماء من نظمه، كلمة شاعر نظم، في وصف زلزال بأميركا سنة 1906 و دروس الحياة الإنسانية في مدرسة الله النباتية و نغمات الملائكة مجموعة أناشيد.
كلام العلماء فيه:
الإنتاج الشعري: – له أربعة دواوين: كلمة شاعر في وصف خطب نادر: (في وصف زلزال نيويورك) مطبعة جريدة مرآة الغرب – نيويورك 1906، و نغمات الملائكة: مصر 1920، و الأرض والسماء، وتسبيح صهيون: مطبعة الاجتهاد. بيروت 1930. الأعمال الأخرى: – له ثلاث مسرحيات شعرية: نغمات العندليب في استرجاع عود الصليب – مطبعة الاجتهاد. بيروت (د. ت)، وأرينب بنت إسحاق – مطبعة هندية – مصر 1919، والبيان الصراح عن نذر يفتاح – دون إشارة إلى الطابع، ودون تاريخ، و له أربعة أعمال قصصية: مريم المجدلية – نشرت مسلسلة بمجلة النعمة – لبنان 1913، ودروس الحياة الإنسانية، والمرأة ملاك وشيطان: نيويورك 1907، و العلم السماوي في اهتداء قسطنطين.وله مؤلفات تهتم باللغة والنحو والتصريف، وبعضها ذو طابع لاهوتي. شعره ذو اتجاه ديني، أخلاقي، تربوي، يشارك الرومانسية في حفاوتها بالطبيعة، وتجليتها للفطرة، واهتمامها بالطفولة، وهذا يتناسب وبساطة التعبير وسهولة اللفظ، من غير ما تعمق في الفكر، أو حرص على قوة الأسلوب، فضلاً عن الاهتمام بجمالياته، فهذه المنظومات أقرب ما تكون إلى أفهام تلاميذ المدارس.
قصيدة فحول اذا سابقوا سبقو
فحول إذا سابقوا سبقوا
ومهما نحوا مطلبا شوّقوا
بديع البيان بيانهم
وأصل في المنطق المنطق
وقد نسقوا حكمة حكمة
كما الدر بالدر ينتسق
معان هي الخمر خمر العقول
بلفظ هو الزهر زهر الربى
قصيدة فما أوجد المال كي يخزنا
فما أوجد المال كي يخزنا
ونجني في مجتناه العنى
ولا كي يكون أزاهير روض
بمشهدها ندفع الحزنا
ولا باعثا للأذى فالإله
برا كل ما قد برا حسنا
وما هو إلا قليلاً يفيد
قوام البقا غير بعض ثرى
دمشق واهلها نشره في المقتطف في نيسان وتموز 1880
المصادر
1 – خير الدين الزركلي: الأعلام – دار العلم للملايين – بيروت 1990.
2 – يوسف أسعد داغر: مصادر الدراسة الأدبية – الجامعة اللبنانية – بيروت 1983.
3 – يوسف إليان سركيس: معجم المطبوعات العربية والمعربة – مطبعة سركيس – القاهرة 1928.
اترك تعليقاً