كان لأحد الأمهات عين واحده وقد كرهها ابنها لما كانت تسببه له من احراج، فكان يرى شكلها مقززاً، و كانت هذه الأم تعمل طاهية في المدرسة التي كان يدرس ابنها فيها لتدعيمه، و تساعده على أن يكمل دراسته، كان الولد دائماً يحاول أن يخفي عن أصحابه أن تلك الطاهية أمه خوفاً من تعليقاتهم و خجلاً من شكلها.
في أحد الأيام صعدت الام إلى فصل ابنها كي تسأل عنه، و تطمئن على تحصيله الدراسي. أحس الولد بالإحراج والضيق نتيجة لما فعلته أمه، فتجاهلها ورماها بنظرة مليئة بالكره والحقد.
في اليوم التالي أبدى أحد التلامذة سخريةً من ذلك الولد قائلاً له: “يا ابن الطاهية ذات العين الواحدة…” حينها تضايق الولد كثيراً وتمنى لو كان بإمكانه ان يدفن نفسه أو يدفن أمه ليتخلص من العار والخجل الذي يسببه له شكلها…
واجه الولد أمه بعد السخرية التي تعرض لها من زميله قائلاً لها: متى ستموتين و تختفي من حياتي كي أتخلص من الإحراج الذي أتعرض له بسببك؟ فقد جعلت مني أضحوكةً ومهزلةً بين زملائي…!
سكتت الأم حينها، وغادرالولد المكان دون أن يأبه لمشاعرها، كان الولد يكرر ذلك التوبيخ لأمه كثيراً.
بعدما أنهى الولد دراسته الثانوية، حصل على منحة دراسية لإكمال دراسته في الخارج، ذهب و درس و تزوج، وكان سعيداً في حياته بعد عن ابتعد عن أمه، و التي كانت مصدرالضيق الوحيد في حياته.
بعد بضع سنين قررت الأم أن تسافر لترى ابنها وأحفادها ، وقد تفاجئت الأم كثيراً من ردة فعلهم، فقد سخر منها بعض أحفادها، و آخرون خافوا منها و بدأوا بالبكاء فانزعج الابن من أمه، وأمرها بأن تخرج من المكان خوفاً منه على أبنائه، فخرجت دون أن تبدي أي تعليق والحزن يملأ قلبها…
و في يوم من الأيام اضطر الابن للذهاب إلى البلد الذي عاش فيها طفولته مع أمه،و من باب الفضول قرر أن يزور بيته القديم، وما إن وصل أخبره الجيران بأن أمه قد توفيت، لم يذرف الابن أي دمعة، ولم يحرك ذلك الخبر ساكناً فيه!
كانت وصية الأم لأحد الجيران أن يقوم بتسليم اينها ظرفاً إن رآه في يوم من الأيام ، فقام ذلك الجار بتسليم الظرف للابن حينها، ولما فتحه وجد فيه رسالةً كتب فيها:
“إبني الحبيب لقد أحببتك كثيراً، ولطالما أحببت أن تعيش معي، وأرى أحفادي يلعبون من حولي في هذا البيت الذي عشت وحيدةً فيه، وكانت الوحدة تقتلني…
ابني الحبيب في داخلي شيء لم أُخبره لأي احد في حياتي، وستكون أنت الوحيد الذي سيعرفه، فبعدما توفي أبوك في حادث سيارة، أصبت أنت وفقدت عينك اليمنى وتأسفت وتحسرت عليك، ولم أكن أستطيع إن أتصور كيف سيعيش ابني بعين واحدة، وقد يسخر منه الأطفال ويخافون من شكله لذلك
تبرعت لك بعيني!!!
مع حبى لك…
اترك تعليقاً