حمام السوق

قصة مثل: الطاسة ضايعة

قصة مثل: الطاسة ضايعة

الطاسة ضايعة

كلنا يعرف هذا المثل والذي يضرب عند انتشار الفوضى
وعدم تحديد المسؤوليات فما قصة هذا المثل ؟؟

الطاسة وجرن الحمام
الطاسة وجرن الحمام

معروف ان من ادوات الحمام جرن وطاسة الحمام وفي بعض حمامات السوق كان يوجد كراسي خشبية تدعى كراسي الحمام يجلس عليها المستحمون بجاب الاجران وبايديهم طاسات المياه لخلط الماء الساخن بالماء البارد… وغالبا ماتخصص لكبار السن او للاطفال لأن المستحمون في حمامات السوق عادة يجلسون على الارض.

وفي حمامات السوق ايضاً كان يتم توزيع الادوار بين النساء والرجال حيث كان دور النساء من الصباح الى بعض الظهر، اما الرجال فكانوا من بعد الظهر حتى ساعات متأخرة من الليل.وكانت تتولى ادارة فترة النسوان “البلانة” اي مديرة الحمام وتساعدها مفركات… والحال ذاته في وفترة الرجال.

وفي كل حمام كان ثمة اكثر من مدلك يسمونه “المفرك” وكان المفركون والمفركات من البراعة بمهنتهم بمكان، فيقومون بتفريك جسم المستحم الذي يقوم منبطجاً على وجهه بكيس التفريك لازالة الفراكة من ظهره، ويبرع في اخراجها “كفتايل” بحيث ان المستحم يشعر بأن جلد جسمه قد زال نتيجة التفريك العنيف المتقن. وفي الواقع كان التفريك أساسي في ذاك الزمن، لفتح مسام الجسم، وكان المستحم يشعر بنتجة التفريك بالراحة بالرغم من شعوره ببعض الوجع وبأن المفرك سلخ له جلد ظهره، سيما وان معظم الناس كانوا يستحمون كل اسبوعين مرة كما درجت العادة، وقلة من الرجال من كانت تستحم مرة في الاسبوع، بعكس النساء والاولاد الصغار دون سن التمييز فكانوا يستحمون مرة في الاسبوع.

وبعد التفريك يأتي دور التلييف بالليفة يقوم به المستحم بذاته، ويقوم بها المفرك ان طلب الزبون منه ذلك طبعاً بتسعيرة اخرى ومعظم المستحمين يطلبون ذلك لعد استطاعة المرء تلييف ظهره، اما الليفة البلدية فكانت من شعر الليف الابيض المجدول كالكعكة ليتم غسلها بالماء والصابون في الطاسة، وكان يتم وضع الماء الساخن مع رغي صابونة الغار على الليفة عدة مرات فتصبح الماء في الطاسة مشبعة بالرغوة، فيبل المستحم والمفرك دوماً الليفة لتبقى مشبعة بالرغوة ويليف بها جسم المستحم وفي النتيجة يكون جسم المستحم بعد التفريك والتلييف لأكثر من مرة مثل الشوندرة الحمراء.

حمام دمشقي حديث واستراحة المستحمين بعد الحمام
حمام دمشقي حديث واستراحة المستحمين بعد الحمام

هكذا كانت حمامات السوق ولاتزال…وان صارت عند البعض تراثاً لطيفاً يذهبون جماعات الى حمام السوق للمتعة مع كاسة الشاي والاركيلة والبعض مع صحن الفول والتسقية التي تكون اساساً في الحمام وبناء على طلب الزبون، ولكن عند الكثيرين هي ضرورة وعادة مستمرة لاسيما كدمشق وحلب لكثرة الوافدين اليها.
نعود لقصة مثل الطاسة ضايعة

ذات مرة وكان دور الحمام للرجال ليلاً، وكان يغص بالرجال المستحمين،

وكان هناك مدلكان للمستحمين يساعدهما في ذلك بعض الصبية،
وكان كل مدلك يقوم بتدليك مجموعة من الرجال ضمن حصته
في العمل.
فجأة ضاعت طاسة الحمام بين المدلكين والمستحمين…

وبات العثور عليها أمراً مستحيلاً…وذلك لضعف الرؤيا بسبب البخار
الكثيف الموجود في الحمام …فتوقف سكب الماء…وساد
الهرج والمرج…وعمت الفوضى والصراخ في الحمام…وعندها

المكيس يغسل المستحم في حمام شامي
المكيس يغسل المستحم في حمام شامي

صرخ احدهم: “شو صار ياشباب ؟؟؟

فأجابه أخر:
“ضاعت الطاسة ياخال…” تماماً كما لو انقطعت المياه عن الحمام وعلى اجساد المستحمين ورؤوسهم وعيونهم الصابون وليس من ماء لشطفها، والتي مُثِّلَتْ بالمثل الشعبي الشامي:”حمام مقطوعة ميتو…”

بقي المشهد في الحمام نتيجة فقدان الطاسة، كما هو فوضى عارمة وضجيج وصراخ وشتائم.
رجال شبه عراة في الحمام الا من مئزر…وما زالت اجسادهم بحاجة الى تنظيف
بانتظار عودة حد المدلكين الذي ذهب ليبتاع طاسة اخرى… والدنيا ليل ومافي حدا فاتح!!!

وهكذا ذهبت مثلاً:

فمثل “الطاسة ضايعة” مثل مثل “حمام مقطوعة ميتو”

حمام سوق شامي ومقصورة لمستحم يستحم بمفرده
حمام سوق شامي ومقصورة لمستحم يستحم بمفرده

 

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *