القديس برفيريوس في كنيسته بغزة

كنيسة القديس برفيريوس الارثوذكسية في غزة..

مقر النيابة البطريركية الاورشليمية

تاريخ ممتد لقرون وملاذ بكل الازمان

كنيسة القديس برفيريوس في غزة.. تاريخ ممتد لقرون وملاذ وقت الأزمات

 

تعد كنيسة القديس برفيريوس التي يطلق عليها أيضا اسم “كنيسة المقبرة” حيث تحيط بها مقبرة مسيحية، من أقدم الكنائس في العالم، وتعرف محليا باسم “كنيسة الروم الأرثوذكس” وهي النيابة البطريركية لبطريركية اورشليم الارثوذكسية ويرأس النيابة البطريركية مطران يقيم في بناء المطرانية المجاور لها.

ونعد  هذه الكنيسة  واحدة من أقدم الكنائس  في العالم ليس فقط للروم الارثوذكس بل  في كل العالم، وقد بُنيت على الطِّراز  الكلاسيكي الرومي.

 وهي مبنية  منذ بداية القرن الخامس الميلادي على اسم  القديس برفيريوس إلذي نشر بالمسيحيةِفي هذه المنطقة من فلسطين.

تاريخ الكنيسة

يعود تاريخ بناء الكنيسة التي تقع في حي الزيتون التاريخي بغزة إلى عام 425 مسيحية، قبل أن يتم تجديدها عام 1856، وتشملها بعد ذلك أعمال ترميم متلاحقة، كان آخرها في عام 2020،

وتتكون هذه الكنيسة من بهو كبير مغطى بسقف وأقبية متقاطعة  على شكل “جمالوني” (شكل شبيه برأس المثلث)، وترتكز على دعامات حجرية وعلى أربعة جدران بنيت من الحجر الرملي الصلب.

كنيسة11

النقوش والزخارف الدينية تزين جدران الكنيسة

وللكنيسة  التي سميت على اسم أسقف غزة السابق، القديس بورفيريوس، ثلاثة مداخل: واحد غربي وهو الباب الرئيس للكنيسة ومدخل شمالي، إضافة إلى آخر جنوبي، افتتح في السنوات الأخيرة، ويؤدي إلى ردهة علوية افتتحت لاستقبال عدد أكبر من المصلين.

ويتصدر النص التأسيسي للكنيسة المدخل الرئيسي للكنيسة، منقوشاً على لوح رخامي باللغة اليونانية القديمة في ثمانية سطور.

ويعود الهيكل الأصلي لكنيسة القديس بورفيريوس إلى القرن الخامس المسيحي، فيما تم بناء الهيكل الحالي في القرن الثاني عشر، وتتميز  الكنيسة بجدران سميكة غنية بالنقوش والزخارف والأيقونات الدينية الشاهدة على مراحل تاريخية متعددة تعود الى فجر الكنيسة.

وبحسب السيرة الأرثوذوكسية لبناء الكنيسة ، فإن إنشاءها جاء بدعم من الإمبراطورالرومي أركاديوس  في القسطنطينية، بعد أن لجأ إليه القديس برفيريوس  طالبا منه العون لصد اعتداءات وثنيي غزة ضد مسيحييها.

ولقد نجح القديس برفيريوس في الحصول على حماية الإمبراطور ودعمه فوقف المسيحيون بوجه عدوان الوثنيين، وساعدهم الامبراطور اركاديوس بمدهم بالموارد اللازمة لبناء الكنيسة، (بعد أن صدقت نبوءته بأن زوجته ستنجب طفلا كما يقول البعض)، والجدير ذكره ان بناء الكنائس والاديار في كل بلاد الامبراطورية الرومية وخاصة في دائرة الكرسي الانطاكي في سورية الكبرى وفي فلسطين دائرة الكرسي الاورشليمي تم بمعونات من الاباطرة واستمر هذا الامر الى القرنين 10 و11 وتحت حكم الاسلام في اعادة بناء كنيسة القيامة والمهد وبقية كنائس واديار فلسطين.

القديس برفيريوس

القديس برفيريوس اسقف غزة
القديس برفيريوس اسقف غزة

كتب سيرته تلميذه مرقص الشماس. ومن سيرته الأصلية استمددنا معلوماتنا ههنا. أصل القدّيس برفيريوس من مدينة تسالونيكية لعائلة من النبلاء. لما بلغ الخامسة والعشرين من عمره اجتاحت نفسه رغبة إلهية في ترك موطنه والعزّ الذي كانت ترتع فيه عائلته ليقتبل الحياة التوحّدية. توجّه إلى مصر وجاء إلى الإسقيط، موطن الرهبان والنسّاك هناك. وبعد أيام معدودة حُسب أهلاً للثوب الرهباني.

أقام، بين الآباء القدّيسين، خمس سنوات رغب بعدها في زيارة الأماكن المقدّسة في فلسطين. وإذ حقّق ما رغب فيه بنعمة الله تحوّل إلى نواحي الأردن حيث اتخذ مغارة أقام فيها ناسكاً. بقي هناك خمس سنوات أخرى جاهد خلالها جهاداً بطولياً في ساحة الحرب اللامنظورة. لكنه بسبب الجفاف الشديد في تلك الناحية مرض وأشرف على الموت. وبتدبير من الله انتقل بمساعدة بعض معارفه إلى أورشليم.

المرض الذي أصاب قدّيس الله، برفيريوس،

كان تصلّب الكبد. وقد عانى من ارتفاع حرارة البدن بصورة متواترة. ومع أن المرض شمله ووخز أحشاءه دونما هوادة وأخذ يُذيب جسده، فإنه لم يتوان يوماً عن التطواف على الأماكن المقدّسة تبرّكاً. وقد أحنت العلّة هامته وأوهنته فصار يتكئ على عصا. في ذلك الوقت تعرّف إليه تلميذه مرقص الذي كان خبيراً في فن النسخ والكتابة. وقد أُخذ بقوة نفس برفيريوس بعدما لاحظ حالة الوهن التي كان عليها وإصراره، بصورة متواترة، على التجوال في الأماكن المقدّسة. وذات يوم رآه يهمّ بصعود سلّم مبنى الشهادة الذي تأسّس في زمن قسطنطين الملك، ولكن قواه، كما بدا، خانته، فأسرع مرقص الخطى ومدّ لبرفيريوس يد المعونة فأبى الاتكاء عليها قائلاً: “ليس مناسباً لي أنا الذي أجول سائلاً غفران خطاياي أن أستند إلى يد إنسان، عسى الله ينظر إلى تعبي، أيها الأخ، ويُشفق عليّ برأفته التي لا يُنطق بها!” على هذا النحو انصرف برفيريوس في سبيله ليسمع الأقوال الإلهية ويشترك في المائدة السرّية ثم يقفل عائداً إلى مقرّه. كان واضحاً أنه احتقر مرضه ولم يُنؤ تحت وطأته بل سلك بإزائه وكأن مرضه يصيب جسد إنسان آخر. رجاؤه بالله خفّف ثقل حمله عليه. وتوطّدت علاقة مرقص ببرفيريوس فأوفده إلى ذويه في تسالونيكي لتصفية تركته وإعطاء ما يتوجّب لإخوته والعودة بالباقي إليه ليعمل على توزيعه على الفقراء وفقاً للوصية الإلهية. فلما تمّم مرقص رغبة معلّمه عاد محمّلاً بالخيرات إلى أورشليم. وإذ التقاه بالكاد تبينه لأنه بدا قوي البنية حسن المحيّا. فابتسم له رجل الله وقال له: لا تعجب، يا أخي مرقص، إذا ما رأيتني صحيحاً قوياً فأنا الآن أنعم بالصحة بفضل لطافة الرب يسوع الذي يجعل ما هو ميئوس منه قويماً. فمنذ أربعين يوماً، فيما كنت أقيم سهرانة يوم الرب، اعتراني، في كبدي، ألم لا يوصف. وإذ لم تعُد لدي طاقة على الاحتمال خرجتُ وارتميت قرب موضع الجمجمة، في الجلجثة. ومن عظم الألم غبت عن الوعي فرأيت السيّد مسمّراً على الصليب وأحد اللصّين على صليب آخر. وإذ شرعت في الصياح مردّداً كلمات اللص: اذكرني يا رب متى أتيت في ملكوتك (لو42:23)، أجاب السيّد موجِّهاً كلامه إلى اللص الصالح،  ديسماس، وهو على الصليب: “انزل خلّص ذاك المطروح هناك كما خلًُصت أنت”. فنزل اللص وأخذني بين ذراعيه وقبّلني، ثم مدّ إليّ يده وأقامني على رجلي وقال لي: تعال إلى المخلّص. للحال قمت وركضت إليه. فرأيته ينزل هو أيضاً عن الصليب ويقول لي: خذ هذا العود واحفظه. فأخذته ورفعته. في تلك اللحظة عدتُ إلى نفسي. ومن تلك الساعة زال ألمي.

مزايا القدّيس:

وعرض مرقص لمزايا القدّيس كما عرفه. كان رجلاً لا عيب فيه، وديعاً جداً، شفوقاً، موهوباً في تفتيق معاني الكتاب المقدّس، قادراً على الإجابة عن أصعب المسائل فيه. لم يكن ينقصه العلم، بعامة، وله قابلية يُعتدّ بها على إسكات غير المؤمنين والهراطقة. وكان محباً للفقير، يكرم الشيوخ كآباء والشبّان كإخوة والصغار كأولاد له. لطيف المعشر، متّضعاً لا غش فيه ولا ادعاء. سويّ المزاج، خالياً من الهواء، لا يعرف الغضب. لا يذكر شرّ الآخرين في تعاطيهم معه ولا يدع الشمس تغرب على غيظه. بسيط القلب، ميّت الأهواء إلا غيظه على أعداء الإيمان.

+ وزّع ثروته واشتغل:

بالنسبة للثروة التي عاد بها إليه مرقص، عمد برفيريوس إلى توزيعها على المحتاجين، في المدن والقرى والأديرة. كما بعث بمال وافر للرهبان في مصر. أما الغرباء في نواحي أورشليم فأضحى لهم بمثابة إبراهيم جديد. كل أمواله وزّعها ولم يبق لنفسه شيئاً لكي يكون اتكاله على الله كاملاً. لذلك احتاج فخرج وعمل سكّافاً ولم يشأ أن يأكل خبزاً من غير تعب.

+ سيامته كاهناً وأسقفاً:

وسمع عنه بريليوس، أسقف الأماكن المقدّسة، فأرسل في طلبه وسامه كاهناً وعهد إليه مسؤولية حفظ العود المحيي. إذ ذاك تحقّق، بالكامل، الحلم الذي رآه عن الرب يسوع وقوله له: خذ هذا العود واحفظه. كان برفيريوس قد بلغ الخامسة والأربعين من العمر. وقد بقي على سابق نظام حياته لجهة التقشّف والسهر. مضت على سيامته كاهناً ثلاث سنوات توفي في نهايتها إينياس، أسقف غزّة، المسيحيّون هناك كانوا قلّة معدودة. المدينة كانت في غالبيتها وثنية. وإذ لم يتّفق المسيحيون والكهنة في من يمكن أن يخلف أسقفهم الراحل جعلوا الأمر بين يدي رئيس الأساقفة في قيصرية، يوحنا. هذا أعلن صوماً ثلاثة أيام سأل خلالها الرب الإله في شأن الأسقف العتيد فجاءه إعلان أشار إلى برفيريوس المغبوط رجلاً على قلبه. في ذلك  الوقت بالذات رأى برفيريوس حلماً عاين فيه الرب يسوع يقول له: ما كلّفتك به أردده لأني أشاء الآن أن أجمعك إلى امرأة مسكينة لكنها فاضلة فاتخذها وجمّلها لتنسى فقرها. كن غيوراً لها فُيعطى لك كل ما تحتاج إليه من حيث لا تدري. خرج برفيريوس ومرقص ومعهما خادم اسمه باروخاس إلى قيصرية بعد أن سلّم قدّيسنا مفاتيح عود الصليب إلى أسقف الأماكن المقدّسة. فلما وصلوا إلى هناك استقبلهم رئيس الأساقفة يوحنا وأحسن وفادتهم. و في اليوم التالي وصل جمع من مسيحي غزّة فألقوا الأيادي على برفيريوس وجعلوه أسقفاً عليهم عنوة. رد فعل برفيريوس كان أنه بكى بكاء شديداً مؤكداً أنه لا يستحق الأسقفية. وأخيراً رضخ.

+ في غزّة:

وانطلق الغزّاويون عائدين إلى ديارهم برفقة أسقفهم الجديد. ومن حسد الشيطان حرّك ضدهم بعض الوثنين في القرى القريبة من المدينة فعمدوا إلى زرع الطريق بالأشواك والقاذورات الكريهة الرائحة ليحولوا دون وصول القادمين إلى المدينة. لذلك لم يصل برفيريوس وصحبه إلى غزّة إلا بشق النفس. ثم أنه ضرب غزّة والجوار الجفافُ وشاع في المدينة أن السبب هو قدوم  برفيريوس. الوثنيون قالوا أنهم سألوا زفس إلههم فقال لهم أن قدمي برفيريوس مجلبة للفأل السيئ في المدينة. و بعدما رفعوا الطلبات إلى إلههم سبعة أيام لم يحصدوا إلا الريح فانصرفوا خائبين. و ضربت المجاعة المدينة فجاء المسيحيون، وعددهم مائتان وثمانون، و سألوا قدّيس الله الصلاة لأجل المجاعة والجفاف. فلما عرف في روحه إن إصبع الله فيما جرى تلا، والشعبُ من حوله، صلوات جمّة في أكثر من موضع حاملين رفات بعض الشهداء و المعترفين. وكانت هناك كنيسة قديمة خارج المدينة. فتوجّهوا إليها و صلّوا و لما أرادوا العودة ألفوا البوابة وقد أقفلها الوثنيون ولما يشاؤوا فتحها. في ذلك الوقت بالذات أعطى الله غيوماً وبرقاً و رعداً و أمطرت السماء مطراً غزيراً فتحرّك قلب بعض الوثنيين وفتحوا البوابة وشرعوا يعترفون بيسوع إلهاً أوحداً. فشكر برفيريوس والمسيحيون الرب الإله و فرحوا فرحاً عظيماً، ثم دخلوا الكنيسة يتبعهم الوثنيون وعددهم مئة وسبعة وعشرون. هؤلاء ختمهم الأسقف بختم الصليب. وبعدما اشتركوا في سر الشكر عادوا كل إلى بيته. في ذلك الوقت اشتدّ سقوط المطر ثلاثة أيام احتفل بعدها المؤمنون بعيد الظهور الإلهي. وانضم إلى الكنيسة عدد إضافي من الوثنيين، مائة وخمسة عدداً. إلا أن الوثنيين الباقين على وثنيتهم استمروا في تضييقهم على برفيريوس و المسيحيين الذين عانوا الكثير، لكن الرب الإله كان معهم وكانت الصلوات ترتفع ليل نهار ليهدي الإله العليّ الضالين إلى سواء السبيل. و من جملة ما حدث أن باروخاس الخادم تعرّض لضربات الوثنيين حتى ظُنّ أنه مات، لكنه بصلاة رجل الله برفيريوس استردّ عافيته و صار شماساً. كذلك تعرّض للأذّية العديدُ من المسيحيّين حتى أضحت الاضطرابات في المدينة واقعاً يومياً وأمست الحاجة إلى حلّ أمراً ملحّاً.

+ مرقص إلى القسطنطينية

كنيسة القديس برفيريوس الارثوذكسية في غزة
كنيسة القديس برفيريوس الارثوذكسية في غزة

وأرسل برفيريوس مرقص إلى القسطنطينية مزوّداً برسالة إلى يوحنا، رئيس أساقفة القسطنطينية، ليعمل لدى القصر على إقفال هياكل الأوثان في غزّة بعدما تفاقمت الحالة فيها. وقد تكلّلت مهمته بالنجاح وأُوفد إلى غزّة موظف كبير ليعمل على تنفيذ قرار في الشأن المطلوب. ومع أن الموظف أقفل العديد من الهياكل إلا أنه أبقى على أهمها، هيكل زفس، بعدما تلقى من الوثنيين مبلغاً كبيراً من المال رشوة.

+ إيلياس:

كذلك، حدث بتدبير من الله، في ذلك الزمان، إن امرأة وثنية من عائلة شريفة في المدينة حضرتها ساعة الوضع، وكانت حاملاً، فتعثرت ولادتها. وبعدما بذل الأطباء جهدهم لمساعدتها باءت محاولاتهم بالفشل. فاحتار ذووها وأتوا بالسحرة والعرّافين فلم يكن حظّهم بالنجاح أوفر. كانت إيلياس وجنينها في خطر الموت. وإذ اتفق أن مربية إيلياس كانت على الإيمان بالمسيح فإنها رفعت طلبات عديدة من أجلها إلى الرب الإله. وحدث أنها كانت، مرة، تصلّي وتبكي في الكنيسة فلاحظها برفيريوس وسألها عن علّة بكائها. فنظرت إليه وارتمت عند قدميه متوسّلة إليه أن يصلّي إلى الرب يسوع من أجل إيلياس مخدومتها. فلما عرف القدّيس بخبر المرأة بكى هو أيضاً لأنه كان رؤوفاً جداً. ثم بعث بالمربية لتقول لذوي إيلياس أن هناك طبيباً عظيماً قادر على شفاء ابنتهم الوحيدة شرط أن يُقسموا بألا ينكروه وأن يحفظوا الأمانة له بعد أن يقضي لهم حاجتهم. فذهبت ونقلت كلام  برفيريوس بحذافيره فأقسموا بأن يفعلوا ما يطلبه منهم. فوجّهت، إذ ذاك، كلامها بصوت مرتفع إلى إيلياس قائلة: هذا ما يقوله برفيريوس، الكاهن العظيم، الرب يسوع المسيح، ابن الله الحي، يشفيك. آمني به واحيي! للحال تحرّك الجنين في أحشائها وتمت ولادتها بسلام. فاندهش الجميع وهتفوا: عظيم هو إله المسيحيين! عظيم هو الكاهن برفيريوس! في اليوم التالي خرج ذوو إيلياس والعشيرة كلها إلى برفيريوس وألقوا بأنفسهم عند قدميه سائلينه ختمهم في المسيح، ففعل و جعلهم موعوظين ثم أرسلهم بسلام طالباً منهم أن يداوموا على حضور الصلوات والتعليم في الكنيسة. وبعد زمن يسير عمّدهم مع المرأة ومولودها، الذي كان ذكراً، وأسموه برفيريوس. عدد الذين انضموا إلى كنيسة المسيح، يومذاك، كان أربعة وستين.

+ برفيريوس إلى القسطنطينية:

واشتدّ هياج الوثنيين في غزّة لا سيما بسبب اهتداء العديدين منهم إلى المسيح. تضييقهم على المسيحيين كان في ازدياد وتماديهم في الممارسات الشائنة استفحل. كانوا يعاملون المسيحيين كالعبيد ولا يسمحون لأحد منهم أن يأخذ لنفسه وظيفة رسمية أو يفلح أرضه. الولاة كانوا وثنيين. وإذ لم تؤدّ زيارة مرقص الشمّاس إلى القسطنطينية الغرض منها، صلّى برفيريوس إلى الرب الإله وقرّر، على الأثر، أن يذهب إلى عاصمة الإمبراطورية بنفسه. فتوجّه أولاً إلى قيصرية وعرض الأمر على يوحنا، رئيس الأساقفة، وسأله مرافقته. وبعد أخذ وردّ قرّر الأسقفان السفر سويّة رغم أن الشتاء كان على الأبواب. وبعدما استكملا وصحبهما الاستعدادات غادرا بحراً في الثالث والعشرين من شهر أيلول. أول محطة كانت لهما في رودس. هناك سمعا بناسك قدّيس اسمه بروكوبيوس فقرّرا العبور به لأخذ بركته. وكان هذا الراهب منعَماً عليه بموهبة الرؤية. فلما قدما إليه استقبلهما وأكرمهما. وإذ أخبراه بما هما مسافران إلى القسطنطينية من أجله وأنهما سوف يطلبان من الإمبراطور دكّ هياكل الأوثان في غزّة صلّى لأجل نجاح مسعاهما ونصحهما بأن يضعا المسألة بين يدي يوحنا، رئيس أساقفة القسطنطينية، أي الذهبي الفم. وأضاف أن يوحنا ليس في وضع يسمح له بنقل الكلمة مباشرة إلى القصر لأن الإمبراطورة افدوكسيا غاضبة عليه. لهذا السبب سوف يوعز إلى رئيس التشريفات لديها، وهو رجل يخاف الله، اسمه أمانيتوس، بإيصال الخبر إلى الإمبراطورة. ثم أردف قائلاً: وأنتما متى حضرتما لديها وأبدت رغبتها في مساعدتكما فقولا لها: نرجو في المسيح، ابن الله، إن غرت لنا، أن يرزقك طفلاً ذكراً. وهي متى سمعت ذلك منكما غارت بالأكثر وسعت لإنجاح مهمّتكما. وبعدما سمع الأسقفان من بروكوبيوس الناسك كلاماً من هذا النوع صدّقاه وأخذا بركته وانصرفا. وبعد حوالي عشرين يوماً من مغادرتهما غزّة وصل الأسقفان إلى القسطنطينية فاتصلا بالقدّيس يوحنا الذهبي الفم الذي أحسن استقبالها واهتم بأمرهما. وإذ اطّلع على القصد الذي أتيا من أجله رتّب من خلال رئيس التشريفات، أمانيتوس، لدى الإمبراطورة أن يُنقل خبر الأسقفين إليها ويوصلا بها. فلما أتيا إليها أبدت استعدادها لأن تعرض الأمر على الإمبراطور. وبالفعل عرضته فتلكّأ قليلاً لأن غزّة من المدن التي تمدّ الدولة بأموال ضريبية يُعتدّ بها، فإذا ما قست السلطة على السكان في شأن هياكل الأوثان فإنهم سيتفرّقون ولسوف تصيب الدولة خسارةٌ ليست بقليلة من جراء ذلك. فعادت الإمبراطورة واستدعت الأسقفين ونقلت إليهما تحفّظ الإمبراطور، لكنها أبدت أنها لن تترك الموضوع حتى تتمّمه بإذن الله. إذ ذاك قال لها  برفيريوس ما سبق لبروكوبيوس الناسك أن لقنه إيّاه: إننا نرجو في المسيح، ابن الله، إن ساعدتنا في مسألتنا، أن يرزقك طفلاً ذكراً سوف يحيا ويحكم وسوف تفرحين به سنين عديدة. هذا الكلام حرّك أحشاء الإمبراطورة بالأكثر فسألت صلاة الأسقفين ووعدت بتحقيق رغبتهما، وأضافت إنها سوف تُنشئ كنيسة في وسط غزّة، بإذن الله. أفدوكسيا كانت في شهرها التاسع وساعة وضعها وشيكة. وانتظر الأسقفان بضعة أيام كانا خلالها يذهبان إلى القدّيس يوحنا الذهبي الفم وينعمان بكلامه الإلهي الذي كان أحلى من العسل. أخيراً وضعت أفدوكسيا مولوداً ذكراً أسموه ثيودوسيوس، على اسم جدّه، وقد حُسب إمبراطوراً من ساعة ولادته ولُفَّ بالأرجوان. ثم أن الأسقفين رفعا عريضة بناء لإيعاز الإمبراطورة. هذه العريضة استقرّت بين يدي من حمل الإمبراطور الصغير في يوم عمادته، واعتُبر أن ثيودوسيوس الصغير وافق على ما ورد فيها بسبب حركة أبداها من نحوها. وكان ذلك على مرأى من الإمبراطور والإمبراطورة. فلما فاتحت أفدوكسيا الإمبراطور الوالد من جديد بأمر الأسقفين والعريضة التي رفعاها وافق عليها بعد لأي. العريضة تضّمنت طلباً بدك الأوثان وهياكلها وتوفير امتيازات مالية للكنيسة والمسيحيين في غزّة لأنهم كانوا فقراء. بعد ذلك عملت أفدوكسيا على إعداد المراسيم الملكية اللازمة وعيَّنتْ بمساعدة أمانيتوس رجلاً مسيحياً تقيّاً أهلاً لتنفيذ المهمة. وإذ تكلّلت مهمة الأسقفين بالنجاح استودعا الإمبراطور والإمبراطورة عناية العليّ وقفلا عائدين إلى ديارهما مزوّدين بأموال وهدايا قيّمة. ولم تنس أفدوكسيا أن تمدّ  برفيريوس بأموال خاصة لبناء الكنيسة التي وعدته بها في وسط غزّة. كانت عودة الأسقفين في نيسان من السنة التالية.

+ في طريق العودة:

واشتهى الأسقفان، أثناء عودتهما، أن يمرّا، في رودس، ببروكوبيوس الناسك فاعترضهما صاحب السفينة ولم يشأ أن يلبي رغبتهما بحجّة أن الأهوية كانت مؤاتية للإبحار ولا يريد أن يتأخر. وبعدما تقدّمت السفينة يومين هبّت عليها عاصفة هوجاء وأضحت في خطر. وعبثاً ابتهل الجميع إلى الرب الإله. لم تشأ العاصفة أن تستكين. وفي غفوة، بعد ليل صاخب، عاين برفيريوس بروكوبيوس الناسك يقول له: بشّر صاحب السفينة واختمه لأنه من أصحاب بدعة آريوس. أعدده ليلعن تعليم آريوس تستكين العاصفة حالاً. فلأنه آريوسي لم يشأ أن تأتيا لزيارتي في طريق عودتكما. علّمه فيقتبل منك الإيمان الصحيح. فلما صحا برفيريوس أخبر من معه بما شاهد ودعا صاحب السفينة وقال له: أتريد للعاصفة أن تهدأ؟ فأجاب: طبعاً! فقال: إذن اكفر بإيمانك وعُدْ إلى الإيمان القويم! فاندهش صاحب السفينة لأنه لم يُخبر أحداً بمذهبه وأجاب:  إني أرى أن لك علماً بمكنونات القلوب، لذلك أقول لك إني من هذه الساعة أنكر هرطقة آريوس وأسألك أن تعلّمني الإيمان الصحيح. فأخذه الأسقفان وصلّيا عليه وختماه وكلّماه بكلام الإيمان القويم وناولاه الأسرار المقدّسة. في ذلك الوقت بالذات هدأت العاصفة فسارت السفينة في البحر أربعة أيام أخرى إلى أن وصلت إلى مايوما، مرفأ غزّة. تداعى المسيحيون هناك لاستقبال أسقفهم العائد، فانتظموا في موكب يتقدّمه الصليب وأخذوا ينشدون المزامير. الوثنيون ذابت قلوبهم لأنهم سمعوا أن الأسقفين أخذا موافقة الأباطرة على دكّ هياكل الأصنام. ولما وصل الموكب إلى المدينة مرّوا بتمثال من المرمر لأفر وديتي، إلهة الخصب. فاضطرب الروح الخبيث المقيم في التمثال من مرأى الصليب المقدّس وخرج منه. وإذ بالوثن يهوي إلى الأرض ويتحطّم من ذاته. وإن اثنين من الوثنيين كانا في الموضع يسخران من المسيحيين فهشّم التمثال رأس أحداهما وكسر كتف الثاني ومعصمه. فلما رأى وثنيون آخرون ما حدث استشعروا وانظموا إلى موكب المسيحيين ودخلوا معهم إلى كنيسة السلام واقتبلوا الختم. وقد وعظهم  برفيريوس ودعاهم إلى المثابرة على صلوات الكنيسة ثم أطلقهم. كان عددهم تسعة وثلاثين شخصاً. أما يوحنا، رئيس أساقفة قيصرية، فأقام يومين في غزّة ثم عاد إلى دياره.

+ دكّ الهياكل:

بعد أيام قليلة باشر موظّفون مدنيون وعسكريون بتنفيذ الأمر الملكي. قبل ذلك كان قد غادر المدينة عدد من سكانها الوثنيين الذين عرفوا بما هو مزمع أن يكون، لاسيما الأغنياء. كانت في غزّة ثمانية هياكل وثنية. أهمها هيكل زفس الذي كان من أشهر هياكل المسكونة. وقد تمّ هدم الهياكل وإحراقها في عشرة أيام. فقط هيكل المرناون، أي هيكل زفس، احتار المؤمنون والجند كيف يدكّونه لأنه كانت فيه ممرّات سرّية ومخابئ والكّهان سدّوا الأبواب بحجارة ضخمة. لذا دعا برفيريوس إلى الصوم والصلاة عسى الرب الإله يكشف كيفية تطهير المكان. أخيراً، أثناء القداس الإلهي المقام مساء، تكلّم الرب يسوع بولد في السابعة من عمره وعيَّن بالتفصيل كيفية إحراق الهيكل الداخلي لأن نجاسات كثيرة مورست فيه، لاسيما تقديم ضحايا بشريّة. أما الهيكل الخارجي والساحة فُيتركان. ثم بعد تطهير المكان يُصار إلى بناء كنيسة. وقد تكلّم الولد باللغة السريانية. ولما أخذ الأسقف الولد على حدة وسأله من أين جاء بالكلام الذي تفوّه به لم يردّ. وبعدما ألحّ عليه أعاد الكلام بعينه ولكن باللغة اليونانية مع أنه لم يكن يعرف اليونانية لا هو ولا أمّه. وكما أوعز الصبي هكذا كان. كذلك أُخرجت الأوثان من البيوت وحُطّمت وأُحرقت إضافة إلى كتب السحر.

+ مزيد من المهتدين

إثر ما جرى انضم إلى الكنيسة عدد وافر من الوثنيين، بعضهم بدافع الخوف وبعضهم عن قناعة. وقد قبلهم الأسقف جميعاً واهتم بتعليمهم مؤكداً أن بعضهم ولو أتى وفي نفسه شيء من الشك فإن الأيام كفيلة بتغيير قلبه بنعمة الله. حتى ولو كان عدد منهم غرقى الآثام التي ارتكبوها في سابق عهدهم فإن الخلاص يمكن أن يطال ذريتهم.

+ كنيسة جديدة

الاحتفال في الكنيسة بعيد شفيعها القديس برفيريوس
الاحتفال في الكنيسة بعيد شفيعها القديس برفيريوس

وفيما كان الأسقف والمؤمنون محتارين في شأن تحويل ما تبقّى من هيكل زفس بعد إحراقه إلى كنيسة أو إنشاء كنيسة جديدة في الموضع، وصل رسل من القسطنطينية ومعهم رسا من الملكة ورسم للكنيسة التي تريد أن يباشر الأسقف ومؤمنو غزّة ببنائها وكانت بشكل صليب. فتداعى المؤمنون، كباراً وصغاراً، رجالاً ونساء، إلى العمل على إنشاء الكنيسة الجديدة. وقد دكّوا الرخام المتبقي من هيكل زفس وبلّطوا به الطرقات، واستعان الأسقف بمهندس إنطاكي اسمه روفينوس للإشراف على بناء الكنيسة الجديدة. وقد تمّ إرسال الأعمدة والمرمر للكنيسة من القسطنطينية، اثنين وثلاثين عموداً. كما أعدّ الغزّاويون حجارة ضخمة من إحدى التلال غربي المدينة. يُذكر أن جميع المسيحيين عملوا في بناء الكنيسة الجديدة بمن فيهم بورفيروس الأسقف. وحدث بعد قليل من مباشرة العمل أن ثلاثة أولاد دنوا من بئر في الهيكل الوثني. وإذ كانوا يسعون إلى الحصول على بعض الماء منه انكسر بهم الخشب الذي كانوا واقفين عليه وهووا في باطن الأرض. فتسارع المؤمنون إلى نجدتهم وأخذوا ينادونهم فلم يُسمع لهم صوت وكانت البئر عميقة. وحضر بورفيروس الأسقف وأخذ في الصلاة والبكاء سائلاً الرب الإله أن يحفظ الأولاد لئلا يقول الوثنيون عن المسيحيين: أين هو إلههم؟ وبعد سحابة ساعة من الزمن طلب أن يُمَدَّ حبل إلى قعر البئر ونزل أحد المؤمنين فإذا به يجد الأولاد الثلاثة على صخرة سالمين معافين وكانوا في النور فمجّدَ الله ونادى أن الأولاد بخير. ثم أنهم سُحبوا من البئر فكان فرح الكنيسة بعمل الله وشكرُهم له عظيماً. يذكر أن صليباً ارتسم على كل من الأولاد الثلاثة بلون الحمرة. استغرق بناء الكنيسة خمس سنوات وأُطلق عليها اسم أفدوكسيانا نسبة للملكة أفدوكسيا، ووُزِّعت العطاءات على الغرباء والفقراء إثر تدشينها.

+ رقاد بورفيروس:

استمرّ بورفيروس في التصدّي للوثنيين في غزّة والعمل على هدايتهم إلى النهاية. وقد رقد في الرب بعدما خدم أسقفاً أربعاً وعشرين سنة وأحد عشر شهراً وثمانية أيام. وأوصى بتوفير الحسنات للفقراء على نحو منتظم وضيافة الغرباء. كان رقاده في 26 شباط عام 420م.

كم عدد الكنائس في غزة؟

يبلغ عدد الكنائس في غزة 3 كنائس للمسيحيين فحسب (Getty)

كم عدد الكنائس في غزة؟

يبلغ عدد الكنائس في غزة 3 كنائس للمسيحيين فحسب، وهي: كنيسة القديس برفيريوس، وكنيسة دير اللاتين التي يطلق عليها اسم كنيسة العائلة المقدسة أيضًا، والكنيسة المعمدانية. لم تسلم هذه الكنائس من الأضرار جرّاء القصف الذي تتعرض إليه مختلف معالم قطاع غزة في الحرب الدائرة بين الاحتلال وفصائل المقاومة الفلسطينية منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2023.

لم تسلم هذه الكنائس من الأضرار جرّاء القصف الذي تتعرض إليه مختلف معالم قطاع غزة في الحرب الدائرة بين الاحتلال وفصائل المقاومة الفلسطينية منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2023.
قام طيران الاحتلال بقصف كنيسة القديس برفيريوس يوم الخميس الموافق 19 تشرين الأول من عام 2023 

متى تم قصف كنيسة القديس برفيريوس في غزة؟

قام طيران الاحتلال بقصف كنيسة القديس برفيريوس يوم الخميس الموافق 19 تشرين الأول من عام 2023  وهو ما تسبب بارتقاء 18 شهيد من المواطنين الذين يحتمون بالكنيسة لتجنب العدوان على غزة، وخلّف هذا القصف العديد من المفقودين تحت الأنقاض أيضًا.

ملاذ آمن

وعلى مدار سنوات الصراع بالقطاع، لطالما كانت كنيسة القديس برفيريوس ملاذا آمنا يلجأ إليه الفارون من  الاضطرابات الأمنية بالقطاع؛ ففي حرب غزة عام 2014،  فر مئات الفلسطينيين إلى هذه الكنيسة التي تقع بجانب مسجد “جامع كاتب ولاية”، هربا من القصف.

وخلال هذه الحرب، طالت شظايا غارة قريبة مقبرة الكنيسة غير أنها لم تصل إلى بنايتها، وفقا لرويترز.

وقال رئيس أساقفة الكنيسة آنئذ “لقد كان هذا مكانا للرب لفترة طويلة، وإذا سعى الناس إلى الملاذ فمن واجبنا توفيره (..)”.

كنيسة22

الكنيسة تقع بجانب مسجد “جامع كاتب ولاية”

وفي التصعيد الأخير، نزحت عائلات فلسطينية، مسيحية ومسلمة، إلى الكنيسة، بعد أن دُمرت منازل عدد منهم جراء القصف، وبحثا عن ملجأ أكثر أمنا، وفقا لوكالة الأنباء الفلسطينية “وافا”.

وبعد العدوان الصهيوني الأخير، كشف القس، يوسف أسعد، من كنيسة اللاتين في غزة، عن “استهداف الكنيسة، وليس أحدا آخر، ووقعت بالضبط بين مبنى الكنيسة وبيت مهجور، والحفرة الناتجة عن الصاروخ تقع داخل أملاك الكنيسة”.

وأضاف: “قطر الحفرة يبلغ نحو 7 أمتار، والضربة تسببت بانهيار مبنى الخدمات” التابع لهذا المبنى الديني.

ام  مسيحية تبكي ابناءها الذين ارتقوا حين قصف كنيسة القديس برفيريوس
ام مسيحية تبكي ابناءها الذين ارتقوا حين قصف كنيسة القديس برفيريوس

من جهته، قال مجدي جيلدا، الذي كان من بين الأشخاص الذين فروا  إلى الكنيسة بعد اندلاع  أن حوالي 500 شخص كانوا يحتمون في حرم الكنيسة، من بينهم حوالي 80 في مبنى مجلسها، حيث وقع الانفجار.

وكان العشرات داخل قاعة الخدمات بالكنيسة التي تضررت أيضا، حسبما نقلته صحيفة “وول ستريت جورنال” عن مجدي جيلدا.

المتحدث باسم بطريركية الروم الأرثودكس، عيسى مصلح، استنكر استهداف دور العبادة والمدنيين في غزة، كاشفا أن الضربة خلفت 16 قتيلا وعددا من المصابين، إضافة إلى أشخاص لا يزالون تحت الأنقاض.

وندد المتحدث باسم بطريركية الروم الأرثوذكس، ب”القصف الإسرائيلي الذي طال مباني الكنيسة التي تحوي الفقير والمحتاج وكل إنسان يحتاج حماية لكي يعيش”، مضيفا أن “بيوت الله تتعرض للقصف في غزة ولا تمييز بين الحجر والبشر”.

وتابع: “لا نريد استنكارات، نريد عالما غير صامت لإيقاف هذه الحرب المدمرة”، مشيرا إلى أنه “غياب معدات لسحب الضحايا من تحت الأنقاض، وأيضا غيابا شبه كامل لكل الخدمات الأساسية للحياة”.

من جهتها، قالت اللجنة الرئاسية العليا لمتابعة شؤون الكنائس في الأراضي الفلسطينية، إن استهداف أحد مباني كنيسة القديس برفيريوس في قطاع غزة، التي يحتمي بها نحو 500 مواطن فلسطيني (مسلمون ومسيحون)، يؤكد أن “أهداف القوات الإسرائيلية هي المواطنين العزل من أطفال ونساء وشيوخ”.

اسماء شهداء كنيسة القديس برفيريوس في مدينة غزة

الدمار الذي اوقعته الغارة الصهيونية في كنيسة القديس برفيريوس الارثوذكسية في غزة
الدمار الذي اوقعته الغارة الصهيونية في كنيسة القديس برفيريوس الارثوذكسية في غزة

يارا جريس العمش
فيولا جريس العمش
عبد النور سامي الصوري
طارق الصوري
ليزا  الصوري
سهيل رامز الصوري
مجد رامزالصوري
غادة  الصوري
الين عطالله ترزي
مروان سليم ترزي
ناهد ترزي
سليمان جميل طرزي
سناء عطالله العمش
علياء عبد النور  الصوري
عيسى طارق الصوري
جولي رامز الصوري
جورج صبحي الصوري
وسيم عرفات عكيلة

مطران غزة يقيم صلاة الجنازة على شهداء غزة المسيحيين في قصف قوات الاحتلال كنيسة القديس برفيريوس في غزة
مطران غزة يقيم صلاة الجنازة على شهداء غزة المسيحيين في قصف قوات الاحتلال كنيسة القديس برفيريوس في غزة

اختار لها مهندسوها أن تكون في هيئة سفينة، حين كانت السفن تمثل طوق نجاة من مخاطر البر ومن عليه.

كنائس غزة

1- كنيسة القديس برفيريوس الارثوذكسية

تقف كنيسة القديس برفيريوس في حي الزيتون، شرقي مدينة غزة، شاهدا موثوقا على تعايش حصل بين أتباع المسيحية والإسلام، على مر العصور.

وتحفل في داخلها بالايقونات الجدارية والسقفية ونقوش الفريسك التي تزين جدرانها الداخلية فهي تروي بالصورة سيرة القديس برفيريوس الذي تصدى للوثنية في غزة، وعمل على نشر المسيحية، إلى أن توفي فيها، وفيها ما زال قبره قائما حتى اليوم.

وقال مدير العلاقات العامة في كنيسة  القديس برفيريوس، كامل عياد: ” كان مكان هذه الكنيسة يوجد معبد وثني من الخشب تم حرق هذا المعبد وبناء هذه الكنيسة سنة إلى 407مسيحية ولكن بعد وفاة القديس برفيريوس سنة 420 مسيحية كان عمرة 73سنة دفن داخل الكنيسة وقبره موجود شاهد حتى يومنا هذا أجدادنا سمو هذه الكنيسة باسم القديس برفيريوس”.

وتعتبر هي واحدة من بين أقدم كنائس الروم الأرثوذكس في العالم على الإطلاق. وتصميمها المستلهم هو من فن العمارة الكلاسيكية الرومية في بناء الكنائس الارثوذكسية، اذ يقوم البناء على أعمدة الرخام المزينة بالتيجان الكورنثية، وزهرة اللوتس، فضلا عن قريسك وتصوير ايقونوغرافي يجسد بعضا من سيرة النبي موسى، والعهدين القديم والجديد، وحكاية السيد المسيح له المجد.

اهالي الشهداء المسيحيين في كنيسة القديس برفيريوس في غزة
اهالي الشهداء المسيحيين في كنيسة القديس برفيريوس في غزة

هذه الكنسية التاريخية، شهدت أحداثاً جسام وحروب طاحنة، كانت شاهدة عليها على مدى القرون، ورغم أنها ما تزال حاملة لبعض الندوب، فإنها ظلت حتى الآن صامدة، تتحدى عوادي الزمن، وتصرفات الإنسان.

2- كنيسة دير اللاتين 

تقع كنيسة دير اللاتين غزة في مدينة غزة في شارع عمرو بن الجموح، وبجانبها توجد مدرسة تحمل اسم الكنيسة نفسه، وعُرفت هذه الكنيسة كذلك باسم كنيسة العائلة المقدسة، وذلك لأن العائلة المقدسة  مرّت بهذه المنطقة من غزة أثناء ذهابها إلى أراضي مصر هرباً من بطش هيرودس الملك اليهودي وفق تحديد بطريركية اللاتين.

3- الكنيسة المعمدانية 

الكنيسة المعمدانية  للبروتستانت، وهي واحدة من الكنائس الثلاث الموجودة داخل أراضي قطاع غزة.

الوجود المسيحي في غزة

 أسماء العائلات

لا شك بأنّ أسماء العائلات المسيحية في غزة عديدة ولا تقتصر على عائلة أو اثنتين، ولكن بعض هذه العائلات أكثر شُهرةً من بعضها الآخر، ومن أشهر العائلات المسيحية التي تعيش في أراضي قطاع غزة: عائلة خوري، وعائلة عياد، وعائلة الصراف، وعائلة الطويل، بالإضافة إلى عائلة ترزي، وعائلة الصايغ، وتصلي هذه العائلات في كنائس غزة . كما ان هذه الكنائس وخاصة كنيسة القدي برفيريوس تقدم المعونات الغذائية والدوائية الى كل سكان غزة بغض النظر عن الدين والمذهب اذ تشهد اقبالا كبيرا عليها من المسلمين كما في سورية ولبنان والعراق وبقية فلسطين.

 نسبة المسيحيين  وعددهم

مطران الروم الارثوذكس في غزة يرأس احدى الخدم الالهية في كنيسة القديس برفيريوس قبل العدوان الاسرائيلي عليها وعند وقوع الحرب على غزة قال اننا هنا باقون ولو استشهدنا
مطران الروم الارثوذكس في غزة يرأس احدى الخدم الالهية في كنيسة القديس برفيريوس قبل العدوان الاسرائيلي عليها وعند وقوع الحرب على غزة قال اننا هنا باقون ولو استشهدنا

إن نسبة المسيحيين في غزة منخفضة جدًا ولاتزيد عن 0.05% تقريبًا ، ومعظمهم من الرعية الارثوذكسية. ويسكنون داخل قطاع غزة في العديد من الأحياء، ويعملون في العديد من الوظائف الحكومية إلى جانب الصياغة والتدريس وغيرها من الوظائف الأخرى.

يبلغ عددهم فعلياً في القطاع حوالي 1,100 نسمة تقريبًا، وهذا يعني أن عددهم منخفض جدًا مقابل العدد الكلي لسكان غزة المسلمين الذي يبلغ مليوني نسمة في قطاع غزة تقريبًا، وجدير ذكره بأن مسيحي غزة يتعرضون إلى الكثير من الأضرار -كما هي حالة غيرهم- بسبب الاعتداءات المستمرة للاحتلال، وأن حرب “طوفان الأقصى” وتوابعها ادت الى وقوع اضرار كبيرة بمنازلهم ومنشآتهم القليلة ومدارسهم.

 نبذة في اعتداءات الاحتلال على الكنائس في فلسطين

إلى جانب الاعتداء على الكنائس في غزة قام الاحتلال بالاعتداء على الكثير من الكنائس الأخرى داخل أراضي فلسطين، وتتضمن القائمة الآتية بعضًا من أبرز حالات الاعتداء على الكنائس في فلسطين المحتلة:

  • الاعتداء على كنيسة القديس يوحنا المعمدانية 1967: تقعد كنيسة القديس يوحنا المعمدانية في مدينة عين كارم، وفي عام 1967 قام بعض مستوطني الاحتلال بالاعتداء على هذه الكنيسة وسرقة محتوياتها.
  • الاعتداء على الكنيسة الأرمنية للقديس المخلص 1967: شهد عام 1967 الاعتداء على الكنيسة الأرمنية للقديس المخلص من خلال الاستيلاء عليها كليًا وتحويلها إلى ثكنة لجيش دولة الاحتلال.
  • الاعتداء على كنيسة المهد 1967: وفي انتفاضة الحجارة الاولى ايضا حيث اعتصم فيها المقاومون الفلسطينيون إن كنيسة المهد واحدة من أبرز الكنائس الموجودة في أراضي فلسطين المحتلة، وتم الاعتداء عليها من قبل شرطة الاحتلال، وكان ذلك عن طريق دخولها وتناول الخمر أثناء إقامة القدّاس الالهي ، وكذلك تم اجتياحها في انتفاضة الحجارة وتدنيس محتوياتها.
  • الاعتداء على كنيسة القيامة 1971: حاولت سلطات دولة الاحتلال إحراق كنيسة القيامة في مدينة القدس عام 1971 من خلال دخول أحد المستوطنين إليها وتحطيم القناديل الأثرية.
  • الاعتداء على الكنيسة المعمدانية 1982: قامت واحدة من العصابات اليهودية بدخول الكنيسة المعمدانية عام 1982 لإحراقها وإحراق مكتبتها، كما أُعيدت محاولة إحراقها مرة أخرى عام 2007 أيضًا.
  • الاعتداء على كنيسة اللاتين 1998: دخل بعض جنود دولة الاحتلال إلى كنيسة اللاتين في مدينة يافا عام 1998 للاعتداء عليها، وقاموا بإطلاق النار على المصلين في الكنيسة.
  • الاعتداء على كنيسة عمواس 2010: في عام 2010 أقدمت بعض قوات الاحتلال الصهيوني على اقتحام كنيسة عمواس، ولم تراعي هذه القوات حرمة المكان، وإنما دخلت واعتدت عليه.
  • الاعتداء على الكنيسة الرومانية في القدس 2014: قام بعض المتطرفين اليهود بخط بعض الشعارات المسيئة للمسيح على جدار الكنيسة الرومانية في القدس، وكان هذا الاعتداء على الكنيسة خلال عام 2014.
  • الاعتداء على كنيسة الأرمن الأرثوذكس 2021: خلال عام 2021 قام بعض مستوطني الاحتلال بالاعتداء على كهنة كنيسة الأرمن الأرثوذكس  بضربهم ضربًا مبرحًا.
مسيحيو غزة يحتفلون بموسم الصوم الكبير المقدس في كنيسة القديس برفيريوس الارثوذكسية
مسيحيو غزة يحتفلون بموسم الصوم الكبير المقدس في كنيسة القديس برفيريوس الارثوذكسية

مسيحيو غزة

يعود الحضور المسيحي في غزة إلى القرن الرابع المسيحي، ويمثل القطاع موطنا لبعض أقدم الكنائس في العالم، غير أنه بعد الحرب العالمية الثانية وقيام اسرائيل عام 1948، غادر عدد كبير من المسيحيين المنطقة، بحسب بحث لجامعة نوتردام، وهي جامعة كاثوليكية بحثية غير حكومية ، في شمال ولاية إنديانا بالولايات المتحدة.

وبين عامي 2014 و 2021، وفيما ارتفع عدد سكان قطاع غزة من 1.8 مليون إلى أكثر من مليونين، وفقا لما نقله المصدر ذاته عن تقديرات أميركية رسمية، انخفض عدد المسيحيين خلال الفترة ذاتها “بسبب مستويات الهجرة المرتفعة للغاية وانخفاض معدلات المواليد”.

واليوم، يعيش بالقطاع حوالي 1300 مسيحي فقط، بانخفاض من 3 آلاف قبل عام 2007، وفقا للبحث ذاته.

وكشفت دراسة استقصائية أجرتها جمعية الشبان المسيحيين عام 2014 أن 89 بالمئة من السكان المسيحيين في غزة من الروم الأرثوذكس، بينما 9.3 بالمائة من اللاتين، و 1.52 بالمائة ينتمون إلى الطوائف المعمدانية .

تتم زيارة الكنائس في غزة من قبل المسيحيين بشكل منتظم خلال المناسبات الدينية المختلفة، وذلك على الرغم من قلة عدد المواطنين المسيحيين داخل أراضي القطاع، وفيما يأتي بعضًا من أبرز  المضايقات التي يتعرض لها مسيحيو غزة:

  • التعدي بذريعة القضاء على حماس: تقوم قوات الاحتلال بالتعدي على بعض المعالم التابعة للمسيحيين في غزة بذريعة القضاء على حركة المقاومة الإسلامية حماس، وكان من بينها الاعتداء على كنيسة القديس بورفيروس.
  • إخلاء البيوت خلال معركة طوفان الأقصى: خلال معركة طوفان الأقصى قام معظم السكان المسيحيين داخل قطاع غزة بإخلاء بيوتهم والتوجه إلى الكنائس للاحتماء بها، ووصل عدد المسيحيين الذين قاموا بالإخلاء إلى 900 نسمة تقريبًا.
  • أصول المسيحيين في غزة: تعود أصول معظم المسيحيين في غزة -حسب احد اعضاء مجلس وكلاء الكنيسة الأرثوذكسية العربية- إلى المدينة نفسها، وتمتد جذورهم في المدينة إلى أكثر من 400 عام.
  • الظروف المعيشية الصعبة: يواجه المسيحيون في قطاع غزة ظروفًا معيشية صعبة مقارنةً بالظروف التي يعيشها المسيحيون في الأماكن الأخرى من فلسطين، وذلك بسبب الحصار الذي يفرضه الاحتلال على القطاع.
  • الكنائس التي تعمل حاليًا: على الرغم من وجود 3 كنائس داخل أراضي قطاع غزة إلا أن هناك اثنتان من الكنائس العاملة في الوقت الراهن فحسب، وهما: كنيسة القديس برفيريوس، والكنيسة اللاتينية.

 

 

 

  • Beta

Beta feature

  • Beta

Beta feature

  • Beta

Beta feature

  • Beta

Beta feature

  • Beta

Beta feature

  • Beta

Beta feature

  • Beta

Beta feature

  • Beta

Beta feature

  • Beta

Beta feature

  • Beta

Beta feature

  • Beta

Beta feature

  • Beta

Beta feature

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *