غريغوريوس (حداد) مطران طرابلس

من تاريخ الصحافة العربية

من تاريخ الصحافة العربية

تراجم مشاهير الصحافيين العثمانيين خارجًا عن بيروت في الحقبة الثانية

 البطريرك غريغوريوس الرابع

بطريرك أنطاكية وسائر المشرق على الروم الأرثوذكس ومدير جريدة «الهدية» ومحررها سابقًا في بيروت ومؤسس مجلة «النعمة» حالًا في دمشق.
وددت بقائي بين أهلي وإنما

 

رماني زماني بالبعاد من الصغر
فقلت لهم إن تمنع العين عنهم

 

أعوِّضهم رغمًا عن العين بالأثر

***

هو غنطوس بن جرجس بن غنطوس حداد، وُلد بتاريخ غرة تموز ١٨٥٩ في «عبيه» إحدى قرى الشوف بجبل لبنان، فتلقى مبادئ العلوم في مدرستها البروتستانتية التي كانت بإدارة المرسلين الأميركيين، ثم نزعت نفسه إلى العيشة الرهبانية فقصد السيد غفرئيل مطران بيروت ولبنان على الروم الأرثوذكس طالبًا منه الانتظام في سلك تلامذة مدرسته الكهنوتية، فدخلها في ١٠ آيار سنة ١٨٧٢ وكان أستاذه فيها المعلم شاهين عطية، فحاز قصب السبق على أقرانه وكان آية في الذكاء وقدوةً في السيرة الصالحة وغير ذلك من الصفات الحسنة، فأحبه مطرانه المشار إليه وجعله كاتبه الخاص في ٢٤ كانون الأول سنة ١٨٧٥ وهو في السادسة عشرة من عمره، وفي ١٩ كانون الأول ١٨٧٧ اتشح بالإسكيم الرهباني في دير سيدة النورية، وفي ٢٩ آب سنة ١٨٧٩ رقاه إلى درجة الشماس الإنجيلي وسماه غريغوريوس، وأناط به طبع كتاب «البوق الإنجيلي» وإدارة «جمعية بولس الرسول» التي غايتها مساعدة الكنائس والمدارس الأرثوذكسية في جبل لبنان، وقد ألغيت هذه الجمعية بعد قسمة الأبرشية إلى أبرشيتَين وهما بيروت ولبنان، ولما أنشأت «جمعية التعليم المسيحي الأرثوذكسي» عام ١٨٨٣ جريدة «الهدية» تولى صاحب الترجمة إدارتها وتحريرها مدةً طويلة من الزمان.

figure

ميخائيل رومانوف؛ مؤسس الأسرة القيصرية المالكة في روسيا.

وسنة ١٨٩٠ وقع الانتخاب عليه لكرسي مطرانية طرابلس الشام فاقتبل في ٦ آيار الدرجة الكهنوتية، ثم نال رتبة الكهنوت من يد البطريرك الأنطاكي جراسيموس الذي انتقل بعد ذلك إلى السدة الأورشيليمية البطريركية ومات فيها، فساس صاحب الترجمة هذا الكرسي الأسقفي بكمال الغيرة والنشاط حتى أجمعت قلوب الرعية على محبته وإجلاله؛ لأنه أزال بحكمته ما كان قد طرأ من الشقاق في عهد سلفه المطران صفرونيوس نجار وألقى الألفة في قلوب الجميع، فانقادت له الرعية انقياد القطيع وانقلب العداء محبةً والخصام سلامًا، وقد خلد له في هذه الأبرشية آثارًا جليلة بما أنشأه فيها من المدارس والكنائس والجمعيات الخيرية التي تنطق بفضله، وأشهرها مدرسة «كفتين» التي عاشت من سنة ١٨٩٣ إلى ١٨٩٧ وأتحفت الوطن بكثير من رجال العلم في العصر الحاضر. وبعد ستة عشر عامًا من جهاد مستمر في خدمة منصبه المذكور انتدبه أحبار الكرسي الأنطاكي بطريركًا عليهم بكل استحقاق خلفًا للسيد ملاتيوس الثاني، وصباح يوم الأحد الواقع في ٢٦ آب ١٩٠٦ جرى تنصيبه باحتفالٍ عظيم في الكنيسة المريمية الكبرى بدمشق، وهو البطريرك الوطني الثاني الذي تولى هذا المنصب بعد استيلاء اليونان عليه مدة ١٧٥ سنة (١٧٢٤–١٨٩٩)؛ أي من عهد جلوس سلوسترس القبرصي إلى خلع سبيريدون وجلوس ملاتيوس الثاني، وقد أوجب ذلك استياء بطاركة اليونان في القسطنطينية والإسكندرية وأورشليم، فأبوا الاعتراف بانتخابه الشرعي كما رفضوا الاعتراف بسلفه المشار إليه؛ لأنهما من أصلٍ غير يوناني، ولكنهم لم يلبثوا أن بعثوا له برسائل الشركة معهم وأثنوا على مناقبه الشريفة وفضائله السامية، فأرسل له البطريرك القسطنطيني بهذا المعنى كتابًا مؤرخًا في ١٤ آب ١٩٠٩ وجرى مجراه البطريرك الأورشليمي بتاريخ ٢٩ أيلول من السنة ذاتها، وهكذا انفضَّ الخلاف بحكمة صاحب الترجمة الذي زين السدة الأنطاكية الأرثوذكسية بما أوتيه من جزيل الفضل وسمو المدارك.

وما كادت تُلقى إليه مقاليد الرئاسة حتى شمر عن ساعد الجد وباشر أعمال وظيفته بهمةٍ لا تعرف الكلال، وقد وجَّه عنايته الخاصة إلى تعزيز شأن المدارس وترقية المعارف لا سيما مدرسة «دير البلمند» الشهيرة، وأنشأ مجلة «النعمة» التي جعلها لسان حال الملة الأرثوذكسية، وسلم إدارتها لجماعة من أفاضل الكتبة الذين ينشرون على صفحاتها آثارًا أدبية وتاريخية وعلمية ودينية وطائفية، وهو يزينها من حين إلى حين بالمناشير الراعوية والمباحث المفيدة. ومن مآثره أيضًا أنه جدد الدار البطريركية في دمشق على أحسن طرز، وحسن حال الأوقاف ورسم على الكراسي الفارغة أحبارًا من ذوي الفضل والعلم. وفي أواسط سنة ١٩١١ خرج لافتقاد الأبرشيات التابعة لسلطته الروحية ولا يزال مباشرًا تتميم هذه الزيارة الرعوية.

وفي أثناء ذلك دعاه قيصر روسيا نقولا الثاني دعوةً رسمية ليترأس الحفلات الدينية التي تقام بتاريخ ٦ آذار (٢١ شباط على الحساب اليولي) ١٩١٣ في بطرسبرج عاصمة المملكة تذكارًا لمرور ثلاثمائة سنة من نشأة أسرة «رومانوف» وجلوسها على العرش القيصري، وأصدر نقولا الثاني حينئذٍ منشورًا جاء فيه:

إنه بالنظر للعلاقات التاريخية القديمة بين أسلافنا العظام قياصرة الروس وبين بطاركة أنطاكية الشرقيين قد أصدرنا أمرنا القيصري بدعوة غبطة بطريرك أنطاكية السيد غريغوريوس ليترأس الحفلات الدينية بمناسبة مرور ثلاثمائة سنة على أسرتنا رومانوف المالكة التي ستبتدئ في ٢١ شباط ١٩١٣.

فلما صدر هذا الأمر الإمبراطوري اجتمع أعضاء المجمع الروسي الروحاني مع ممثل جلالة القيصر وقرروا ما يأتي:

(١) إن العادة الجارية حتى اليوم في الاحتفالات بخدمة الأسرار الإلهية أن المطارنة ورؤساء الأساقفة والأساقفة والأرشمندريتية يلبسون جميعهم التيجان إذا اشتركوا في الخدمة، ولكن إكرامًا لغبطة البطريرك الأنطاكي ستُتَّبع العادة الشرقية مدة وجوده فلا يلبس التاج غير غبطته. (٢) يذهب وفدٌ خاص من قبل المجمع المقدس إلى أودسا لاستقبال غبطته رسميًّا بالحلل الكهنوتية وبالتراتيل الدينية ومرافقته حتى بطرسبرج، وكذلك في كل محطة يخرج الأساقفة والكهنة لاستقباله حسب الطقوس الدينية. (٣) يجري استقباله في بطرسبرج باحتفالٍ عظيم ويركب أمام عربة غبطته أرخدياكون الكرسي البطريركي حاملًا عكاز البطريركية. (٤) تجري مقابلة غبطته لجلالة القيصر على مثال ما كانت تجري المقابلة بين القياصرة البوزنطيين وبطاركة القسطنطينية، أي أن غبطة البطريرك يلبس المنتية (الوشاح الملكي) وجلالة القيصر في بزته الرسمية. (٥) ينزل غبطته في دير «القديس نفسكي» العظيم ويجلس وقت الاحتفالات الدينية على عرشٍ ذهبي، وقد أرسلت إلى موسكو بدلة بطريركية ذهبية ثمينة جدًّا تخصصت لغبطته. (٦) عند المقابلة القيصرية يعلق على صدر غبطته وسام القديس إسكندر نفسكي من الدرجة الأولى.

figure

رسم كنيسة «سيدة قزان» الكبرى؛ التي احتفل فيها البطريرك غريغوريوس الرابع بالتذكار المئوي الثالث للأسرة القيصرية.

فلبى البطريرك غريغوريوس الرابع دعوة القيصر ولدى مروره بالقسطنطينية قابل السلطان محمد الخامس الذي أهداه الوسام العثماني المرصع، ثم استأنف السفر إلى أودسا على سفينةٍ مخصوصة كانت أعدتها له الحكومة الروسية وحاشيته إلى أودسا، وفي ٥ آذار انتهى إلى عاصمة الروس حيث غصَّ الموقف بألوف من الخلق وفي مقدمتهم ممثلو علية الإكليروس ورؤساء مفوضات المجمع ونائب القيصر ومحافظ المدينة وسيادة المطران فلاديمير، وعند ما ترجَّل أنشد الشعب — وقد حسر جميعه عن رأسه — ترنيمة «إلى أعوام عديدة».

ثم توجه بموكب حافل إلى كنيسة القديس إسكندر نفسكي تتقدم عربته عربة عليها المطران فلاديمير ونائب القيصر، ويتلوها قطار من العربات عليها الإكليروس والأرخديا كون وبيده عكاز غبطته والأرشمندريت حامل الصليب، ثم عربة غبطته الفاخرة التي أُرسلت خاصة من القصر الإمبراطوري لركوبه يجرها أربعة من جياد الخيل، وفي أثرها ياوران من لدن القيصر وبعدها عربات رجال حاشيته، وكانت أجراس الكنائس تقرع احتفالًا بقدومه، وقد استقبله عند باب الدير الكهنة والرهبان بالحلل الكنسية مرتلين وحاملين الشموع والصلبان.

وهناك رحب بغبطته رئيس الأساقفة وقدم له الصليب ليُقبِّله، ثم دخل إلى كاتدرائية الدير وإلى جانبه مطران بطرسبرج ونائب القيصر، وبعد الدعاء لجلالة القيصر وأسرته وشكر رؤساء الأساقفة والأساقفة والرؤساء دخل إلى الهيكل حيث اجتمع بأعضاء المجمع، وبعد ذلك ذهب إلى مقر مطران بطرسبرج وأمامه رهبان الدير تتقدمهم الشمعة والصليب الذهبي الذي أهداه الإسكندر الثالث إلى مطران بطرسبرج وهو مرصَّع بالألماس والياقوت.

وفي الساعة الثالثة بعد الظهر ذهب إلى كنيسة القديسَين بطرس وبولص حيث مدافن أسرة «رومانوف» وترأس حفلة الصلاة بحضور القيصر وبناته ووالدته وكثير من الأمراء والأميرات، وبعد نهاية الصلاة توجه إلى منزل نائب القيصر حيث وفد للسلام على غبطته ممثلًا البطريركَين القسطنطيني والأورشليمي ورؤساء الأساقفة وأعضاء مجلس الأعيان وكبار أعيان الروس.

وفي صباح اليوم التابع جرت في كنيسة «سيدة قزان» الكبرى١ حفلة العيد التي رنَّ صداها إلى أقاصي المعمور، وفي الساعة الثالثة ونصف الساعة بعد الظهر ركب غبطته عربةً فخيمة من عربات القصر الإمبراطوري وإلى جانبه سيادة المطران ألكسندروس والأرشمندريت أنطونيوس والأرشمندريت غفرئيل، وقد ركب الأرخديا كون توما على عربةٍ ثانية وبيده الصليب ومعه المنتيات؛ لأن من العادة الجارية في روسيا أن يلبس علية الإكليروس المنتيات عند مقابلة القيصر بالصفة الرسمية. وقد توجهوا إلى القصر الإمبراطوري واستووا نحو بضع عشر دقائق في بهوٍ فسيح كان يقبل في أثنائها الأمراء والأميرات من الأسرة المالكة للسلام عليهم.

figure

نقولا الثاني قيصر روسيا.

وأخيرًا أقبل رئيس الياوران ودعا غبطته وسيادة المطران ألكسندروس والأرشمندريتين للمقابلة، فلبسوا المنتيات وتقدموا نحو الردهة التي استوى فيها القيصر. ومن العادة ألَّا يدخل عليها أكثر من اثنين فدخل غبطته والسيد ألكسندروس، وكان في الردهة جلالة القيصر والقيصرة وولي العهد ووالدة القيصر وبناته الأربع وبعض أفراد الأسرة الإمبراطورية، وكان القيصر جالسًا إلى عرشه وفي أعلاه صورة العذراء، فرفع البطريرك نظره إليها وانحنى أمامها وتلا ترتيلتها «بواجب الاستيهال» ثم التفت إلى القيصر وسلم عليه بإكرام، فنزل القيصر عن عرشه واستقبله كاشف الرأس وانحنى أمامه، فباركه البطريرك وقبله حسب العادة الروسية في كتفه، وأما القيصر فقبل رأس البطريرك أولًا ثم يده اليمنى وبقي الاثنان واقفين.

وبعد أن هنأه بسلامة الوصول وسمع جوابه كلفه أن يجلس على مقعد إلى جانب العرش، ثم صعد القيصر إلى عرشه وتابع الحديث معه في مواضيعَ مختلفة إلى أن قال له: «سمعت منذ زمان عن عزمك إلى المجيء إليَّ وتمنيت كثيرًا أن أراك، وإني أعرف برك وطهارتك فأرجوك أن تتوسل لله العلي وتصلي لأجلي.»

فقال البطريرك: «إنني رجل خاطئ يا مولاي ولكن فليعطك الرب مثل قلبك وحسب إيمانك ويتمم كل آمالك ويؤيد عرشك إلى الأبد.»، فلما سمع القيصر هذا الجواب المتضمن كلام داود النبي سُرَّ وتخشع وقبل يمين البطريرك مرة أخرى، ثم قدم البطريرك له الهدايا وهي من خشبة الصليب المكرم والميرون المقدس وإنجيلٍ ثمين وأيقونة مع ذخيرة من بقايا يوحنا المعمدان وبلسم وبخور ومن وأقمشةٍ حريرية إلخ. فشكر له القيصر هديته ثم ودعه البطريرك باحترام وانصرف من لدنه شاكرًا هذه المقابلة.

وفي أثناء المقابلة تلا البطريرك خطابًا باللغة العربية وجيز العبارة ترجمه السيد ألكسندروس إلى الروسية، وكان الخطاب مطبوعًا على درج من رق غزال وفي صدره صورة القديسَين بطرس وبولس حتى إذا انتهى من تلاوته قدمه إلى القيصر، ثم سلم كل من غبطته وسيادته على القيصرة وولي العهد وعلى سائر الحضور فكان الجميع يقبلون أيديهما، وقد علق القيصر على صدر البطريرك وسام «القديس إسكندر نفسكي» طبقته الأولى وأهداه صليبًا ذهبيًّا مرصعًا بالماس ليوضع على اللاطية.

وفي ٩ آذار وهو آخر أيام الاحتفالات اليوبيلية قام البطريرك في الكنيسة الكاتدرائية بخدمة القداس الإلهي، ومما يُذكر أنه قرأ الإنجيل الشريف باللغة العربية، كما أنه دعا للقيصر باللغة نفسها، وفي ذلك النهار دُعي مع حاشيته إلى مأدبةٍ كبرى في القصر الملكي حضرها ٢٥٠٠ شخص جلسوا إلى ١٨ مائدة، أما الأواني فكانت من الذهب والفضة والصيني الثمين، وقد جلس القيصر إلى رأس المائدة والقيصرة عن يمينه ووالدته عن يساره ثم أفراد الأسرة المالكة والوزراء، وجلس البطريرك في المركز الأول إزاء القيصر تحيط به حاشيته وسائر أرباب الكهنوت، وكانت لائحة الطعام مكتوبة على رقعةٍ مرسوم عليها نسر وقائدان من الجيل السادس عشر، وقد شرب على المائدة ثلاثة أنخاب: الأول نخب القيصر وقرينته ووالدته، والثاني نخب ولي العهد والأسرة المالكة، والثالث نخب البطريرك ورجال الدين، وكانت المدافع تطلق من القلعة بعد كل نخب والموسيقى الإمبراطورية تُشنِّف الآذان بأطيب الألحان.

وفي أثناء إقامته في روسيا زار أكثر معاهدها الشهيرة فلقي حفاوةً لم يسبق لها مثيل عند جميع الطبقات من العرش القيصري حتى أفراد الشعب، وقد ألهمه الله أن يزور تلك البلاد في أمجد أيامها التاريخية وأعظم أعيادها الوطنية، وعندما حضر جلسةً من جلسات المجمع المقدس أُهدي إليه الصليب المرصع الذي أخرجه المجمع لاستقباله؛ وليُحمل أمامه في الحفلات الدينية، وهو تقدمة من والد القيصر إلى المجمع المذكور. هذه خلاصة ما جرى للبطريرك الأنطاكي الأرثوذكسي في عاصمة الروس من الاحتفالات العظيمة التي يخلد التاريخ ذكرها جيلًا بعد جيل. وعند كتابة هذه الترجمة لا يزال صاحبها مظهرًا للتكريمات السامية التي لم يسبق مثلها لأحد البطاركة أسلافه في القرون الغابرة.

وصاحب الترجمة جميل الصورة، رخيم الصوت، طاهر الذيل، محب للسلام، يتقد غيرةً على صالح رعيته، وهو ضليع في اللغة العربية التي يكتب فيها نثرًا ونظمًا ببلاغة، وقد أحكم بنوعٍ خاص علم الفقه والمنطق والجبر والرياضيات والتاريخ، لا سيما علم الفرائض الذي تلقاه على الشيخ يوسف الأسير في بيروت، وله معرفة باللسان اليوناني وبعض الإلمام باللغتين التركية والروسية، وقال الشعر منذ حداثته، ومن نظمه بيتان أرسلهما من طرابلس إلى الشيخ رشيد نفاع تهنئة بعيد الميلاد وبفاتحة عام ١٨٩٥ وهما:

لمولى قد تسمَّى بالرشيد

 

هنا بالعيد والعام الجديد
فدُمْ بالخير ما وافاك عام

 

وبالإسعاد عيد بعد عيد

ومن ذلك بيتان قالهما في خلال التأبين الذي ألقاه بمناسبة وفاة إسكندر الثالث قيصر الروس:

سقى قبره الدمع السخي وكله

 

سخين فكاد الترب يُحرَق بالدمع
وبرَّد مثواه دعاء خلائقٍ

 

له بينهم طول المدى أجمل الصنع

ومن نظمه أبيات قرظ بها كتاب «آفات المدنية الحاضرة» لمؤلفه جرجي نقولا باز:

ورد الكتاب مبينًا آفاتنا

 

وملافيًا ما فاتنا بمجاز
فاسلم طبيبًا شارحًا ومشرحًا

 

ومعالجًا جرجي نقولا باز
لا زلت بالتوفيق في الدنيا وفي الـ

 

أخرى تنال رضى الذي سيجازي

وفي غرة عام ١٩١٢ وافق وجوده في بيروت زائرًا عند المطران جراسيموس مسرة فأهداه المطران قلمًا ذهبيًّا، فتناوله البطريرك وكتب به أبياتًا ارتجاليةً جاء في مطلعها:

كتبت بالقلم المهدى بلطفكمُ

 

إلى حقارتنا تذكار شكراني
الله يحفظكم يا رافعًا علمًا

 

للفضل والنبل بل يا خير مطران
(المصدر مؤسسة هنداوي)

 

 

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *