ميلاد الرب يسوع ليس عيد “بابا نويل” أو “سانتا كلوز…”

ميلاد الرب يسوع ليس عيد “بابا نويل” أو “سانتا كلوز…”

ميلاد الرب يسوع

ليس عيد “بابا نويل” أو “سانتا كلوز…”

“ولا الشجرة ولا كيس الهدايا…”

يسوع الحبيب اعظم من كل الهدايا…هو هدية الرب الآب الى البشرية وقد قدم لها الرب الابن بشراً سوياً بطبيعتيه الالهية والبشرية عبر كلمة القاها كبير الملائكة جبرائيل الى أطهر بنات الكون مريم العذراء فحملته انساناً كاملاً بدون أي عيب وإلهاً كاملاً ليفتدي البشرية المعذبة بطرد آدم وحواء من الفردوس وكل ذريتهما…

منظر الشيخ الجليل، ذي الّلحية البيضاء، واللباس الأحمر، والحنان يقطر منه، وهو يحمل كيس هداياه إلى الأطفال في عيد الميلا ، منظر جميل، رائع، يأخذ بمجامع القلوب، ويشدّكَ إليه فيدخل إلى النفوس، ويستحوذ على القلوب، دونما استئذان
إنّه يمثِّل المحبة المسيحيّة والعطاء والتضحية.
ولا يقلّ عنه جمالاً، منظر شجرة العيد الخضراء تحتل كلّ بيت مسيحيّ…
وكيف تقلّ وهي المُزركشة والملوّنة بالزّينة والشرائط الكهربائية الخلابة، والمنسّقة بصورة مدهشة، فالكلّ يفتنّ في تجميلها وتنسيقها وتلوينها، ويتباهى بأنها الأجمل في الحيّ والأحلى في البلاد.
فلا يبخل عليها بالزينة تأتيه مستوردة من ايطاليا أو اليابان وبثمن يعلو فوق السّحاب، انّها تحتلّ صدر البيت وتحتل القلوب.
أمّا عن الاحتفالات في الميلاد، ورأس السّنة الميلاديّة ، فحدِّثُ ولا حَرَج، فما من مطربة أو مطرب أو راقصة أو مُتنزّه إلا ويستعد ثم يحتفل بهذه الذكرى !!

يحتفل بمَن ؟ …

لست أدري المهمّ الدّعايات تملأ الفضائيات، والصُّحف والمواقع الالكترونيّة، فالمطربة فلانة ستغرّد بهذه المناسبة، وسيكوْكب إلى جانبها النجم علان صاحب الصوت الجبليّ، وسيكون العَشاء ملوكياً، والجوائز ما لا تخطر على بال، أمّا الحضور فهو مقصور على الأزواج والعائلات…والسَّهَر سيكون ملوّناً، ساهراً، وسيشرب الجميع نخب السّنة الجديدة ونخب بابا نويل، ونخب المطربة التي تلبس ولا تلبس… والراقصة الفاتنة التي تهتز وتهز معها الساهرين السكارى بليلة ميلاد يسوع… ياللأسف…

سهرة حتى السويعات الصغرى من الليل، الى حين يشرق ضوء النهار، ويوم العيد الكل نيام…

وصلوات العيد في ليلة الميلاد يحضرها فقط الفقراء في الكنائس…

وفي كنائس اخرى يحضرها صباحاً بقية الفقراء وأولاد مدارس الأحد…

لأن في ليلة الميلاد الكل مخمور وسكران بنشوة كاذبة، وأموالٌ تُكب للفخفخة مع الاستعداد لها باللباس والماكياج وتسريحات الشعر( والاسعار أكثر من مضاعفة…) والمجوهرات ذات الثمن الخيالي في وقت الجوع والعذاب والفاقة والحرمان…
ستكون ليلة الليالي… )..سهرة الميلاد (وتتلوها بعد اسبوع سهرة رأس السنة.
ليلة ترتسم وتنطبع في الضمير والوجدان…هكذا تقول الدّعاية، وهكذا يُخبّر القائمون عليها، وتفكيرهم ينصبّ فقط في الجيوب والجزادين، والأوراق الخضراء، وتسعر على الدولار واليورو لأنها بالعملة الوطنية تشكل ارقاماً فلكية…
لا يهمّهم الطفل يسوع صاحب العيد، والذي لأجله أنشدت جوقات الملائكة لأوّل مرّة ممجدة الله في الاعالي وناشرة على الارض السلام…
ولأجله فرحت السّماء، وفرحت الأرض، وفرحت الملائكة لأجله، ولأجله فقط…
حقًّا الأمر محزن، ومحزن، وألف محزن …

فالعيد فقدَ لونه وجوهره، فغدا، عيد ميلاد ربّنا يسوع المسيح، هوعيد بابا نويل، وعيد الشجرة المزركشة، وعيد الزّينة والمظاهر والاحتفالات الصّاخبة، أمّا الطفل الإلهي فنسيناه، وتركناه خلفنا برداناً بدون دفء قلوبنا، وما دعوناه إلى بيوتنا، والى احتفالنا في هيكل قدسه وجعلنا قلوبنا للبطر والشهوة، وهو هو صاحب العيد…
ونفتح الهدايا التي صارت السيدة تشترطها على زوجها بالاضافة الى الاولاد لتكون تحت الشجرة في مهزلة ان بابا نويل احضرها ليلاً بعد نزوله من المدخنة، ونشرب نخب فلان وفلانة ونضحك، وننسى أن نعايد السيّد، صاحب العيد، وننسى ان نهديه ولو هدية صغيرة…

هو لا يريد شيئا منّا، لا يريد هدايانا، يريد فقط أن يكون في فكرنا، وفي مغائر قلوبنا ليعطينا الدفء والأمان، يريد فقط أن نقبله في ضمائرنا، وأن نغنّيه ونسبِّح له ونُرنِّم مع الملائكة : “المجد لله في العلا، وعلى الأرض السّلام، وفي النّاس المسرّة”

كما نرتل بكل قشعريرة الايمان:” اليوم يولد من البتول الضابط الخليقة بأسرها في قبضته…”
كثيرًا ما يحضر الطفل الإلهي إلى بيوتنا، فيبقى جانبًا، ولا نلتفت إليه، ولا نهتمّ بحضوره، فيخرج كما دخل بهدوء مكسور الخاطر من جحودنا، والألم يعتصره، متناسين اهزوجة الاطفال:” فلبي مهيأ مفارة رب اعملي زيارة…”
قد يقول قائل للتبرير:”صدّقاً ما رأيناه، وما شاهدناه، فكيف نراه ونشاهده ونحن نتلهى بقشور السهرات والهدايا والتجميل والمجوهرات والعطور، وينسى الأحبّاء أنّ يسوع قد يأتي بثياب طفل صغير لجارنا الفقير او ابن الشهيد والجريح ومكسور الخاطر، وينسى الأحبّاء أنه قد أتى في ثياب يتيم مدّ يده الراجفة فجزرناه…في تلك الليلة الباردة.
أنا أحبّ بابا نويل كما عائلتي، وأحبُّ أن أزيّن شجرة الميلاد في بيتي، ولكنني أموت حُبًّا بربّ الميلاد، ربّ المحبة، الطفل الذي جاء في ملء الزّمن، ليغرّد في مغائر قلوبنا، ويدفئ سراديب حياتنا ونبهنا الى ملايين الأطفال المعذبين في تلك الليلة الخلاصية، ويرفعنا بها إلى الأعالي ، لنرنّم مع جوقات السماء ، ترنيمة ما زال صداها يرنّ في جنبات اليهودية والى أقاصي الأرض… بعدما رددتها اجواق الملائكة ورعيان بيت لحم ومجوس المشرق واطفال بيت لحم الاربعة عشر الفاً الشهداء كما شهداء بلادي سورية والعراق وفلسطين ولبنان وكل الشعوب المقهورة المظلومة…

لكنك ياربي يسوع
ستبقى أنت العيد
ستبقى أنت الفرح
وستبقى أنت الطريق والحقّ والحياة…

 

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *