نبذة في فتنة 1860 ودور الامير عبد القادر الجزائري في حماية المسيحيين

نبذة في فتنة 1860 ودور الامير عبد القادر الجزائري في حماية المسيحيين

نبذة في فتنة 1860 ودور الامير عبد القادر الجزائري في حماية المسيحيين

 

نبذة في فتنة 1860 ودور الامير عبد القادر الجزائري في حماية المسيحيين

احبتي الحضور الكريم امسيتكم مباركة

بهذه المناسبة الوطنية والقومية الغالية، في الذكرى ال60 لعيد استقلال الجزائر الشقيقة…

تطيب لي المشاركة بتكليف وتمثيل وتشريف من صاحب الغبطة البطريرك يوحنا العاشر كلي الطوبى بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الارثوذكس في هذه الفعالية المهمة حول الامير عبد القادر الحسني الجزائري، وغبطته رجل الايمان والعلم والتأريخ والثقافة والأدب…

منذ طفوليتي كنت ولا ازال احب الجزائر وهي بلد المليون شهيد، واحب الامير عبد القادر كونه قائد وطني، ولم اكن اعرف بعد عن مأثرته عام 1860 في مسعاه المبارك لحماية اهلي المسيحيين الدمشقيين ومن لجأ من مسيحيي جبل الشيخ وجبل الدروز وحوران والغوطتين وقرى وادي بردى، الى دمشق وفريق من الدمشقيين الارثوذكس القاطنين في محلة الخراب التجأوا الى دار البطريركية والكاتدرائية المريمية وكان يقدر عددهم بحوالي 6000 لاجىء من الجنسين ومن كل الاعمار قناعة منهم بنجدة الله لهم في بيت الله في آخر وقت، لكنهم جميعاً ارتقوا شهداء وتدمر الموقع واحترق بموجوداته وهم فيه، اضافة الى الوف سواهم في بيوتهم وبقية الكنائس والخانات والدكاكين خلال 14 يوماً تم فيها تدمير وحرق الحي  المسيحي الشرقي الممتد من البزورية والباب الصغير الى الباب الشرقي وباب السلام وباب توما والجورة والقيمرية، فقضى نصف مسيحيي دمشق وهرب الربع الى تلة الاشرفية الدغلية البيروتية كمحطة اولى، ومنها  غادر كثيرون الى التيه العالمي في الاميركيتين ومصر والسودان، اما الربع الاخير فبقي قلة مرتاعة فقدت الاهل والرزق مختبئة تحت ركام البيوت  وفي الآبار والاسيقة والأقبية، ومن حالفه الحظ بحماية بعض الجيران المسلمين الشرفاء…

او ممن اقتادهم جنود هذا الامير العظيم الى قلعة دمشق وكذلك اتباع مفتي الولاية ومفتي دمشق والأعيان الافاضل، لكن كانوا “كمن احتمى  من الرمضاء بالنار”، فكان هناك رعاع بحماية الجنود العثمانيين دورهم استمرار الذبح وهتك اعراض النساء والاولاد  وسبيهم وبيعهم في اسواق النخاسة حتى بلغ سعر السبية فقط 100 قرش… بيد الاكراد…!

وافيد ان نسبة مسيحيي دمشق كانت بين 30% و33% وعدد سكان دمشق بين 100 الف و125 الف نسمة

احبتي الكرام تخيلوا حجم المأساة!!!

الأمير عبد القادر الجزائري
الأمير عبد القادر الجزائري

هذا الأمر المشين حرك انسانية اميرنا المجاهد عبد القادر وحميته الدينية، واميرنا تتعدد وجوهه فهو بالاضافة الى أنه رائد المقاومة التحررية ضد المستعمر الافرنسي، كان مؤسساً للجزائر الحديثة، اديب وشاعر، متصوف، مترفع عن العصبيات والتعصب الديني ، عابر للأديان محب للجميع بشهادة كل الذين عاصروه وهذه الصورة هي التي تبرز اليوم.

“طوشة النصارى”

يستخدم بعض الكتاب عبارة “طوشة النصارى”  في الحديث عن اكبر مجزرة طائفية ذبحت المسيحيين خلال تاريخهم  في الالفين المنصرمين في بلاد الشام!!!

وبرأي يجب استبدال  هذا المصطلح المبتذل، لأنه يدل  على ان المسيحيين كانوا  زعران خارجين على القانون بطوشة او ثورة وتم قمعهم،  بينما البطش طالهم بيد الرعاع وبدسيسة الاتراك، وهم في بيوتهم امتداداً من جبل لبنان وزحلة وراشيا وحاصبيا ووادي التيم، ونحن عائلتنا نكبت في راشيا وحاصبيا وزحلة كما غيرها بلا ذنب ولجأت الى محلة الميدان والتيامنة وساحة الرياشنة والحصابنة…حيث الامان بفضل الامير وجنوده ومشايخ وعقلاء الميدان

ثمة البعض نجا من القتل باعلان اسلامه خوفاً من القتل ولم تسترق نساءه واولاده…

ان هذا الاستذكار للفعل الحميد من قبل اميرنا الليلة وهوواجب علينا نحن ابناء دمشق مسيحيين ومسلمين وهو اقل بكثير من حق الامير العظيم عبد القادر واتباعه، ومفتي الولاية طاهر افندي ومفتي دمشق حمزة افندي دمشق والوجهاء، وسادة محلة الميدان واتباعهم. ولست هنا في تبيان التغيير الديموغرافي الشامل الذي حل بالمسيحيين في محيط دمشق وخاصة قرى وادي بردى والغوطة الشرقية وزملكا ودوما مثالاً  التي افرغت من الوجود المسيحي كما هو معروف الآن، ولكني فقط اسلط الضوء على الامتداد السكني المسيحي والورش والخانات كخان النحاس مثلاً… هذا الوجود الذي كان يبدأ شمالاً من  محيط الجامع الاموي وسوق الصاغة والنوفرة ومحلة البزورية والباب الصغير جنوباً وامتداد الشارع المستقيم ومئذنة الشحم وباب السلام والفرايين والجورة والقيمرية…الى الباب الشرقي وباب بولس…

سياسة ابادة المسيحيين

ونؤكد هنا على ان سياسة الدولة العثمانية قضت بالقضاء على المسيحيين في سورية بقية الامبراطورية العثمانية كلها وتحديدا في القسطنطينية ودمشق ربما بسبب وجود مقر بطريركين للروم فيهما، والعثمانيون كارهون للروم واليونان بمذهبهم الرومي الارثوذكسي، ففي عام 1828 صدر فرمان سلطاني سري الى والي دمشق بالقضاء على المسيحيين في الشام وتحديدا الروم منهم عقابا لهم على قيام اليونان بثورتهم للاستقلال عن الدولة العثمانية، /والروم ارثوذكس على مذهب اليونان/ واجتمع مجلس شورى دمشق وقرر (رفض ايذاء المسيحيين “لأنهم اهل ذمة والنبي اوصانا بمعاملتهم اهل ذمة “ولاعلاقة لهم بروم المورة واليونان) وطار الرد الى السلطان في الاستانة الذي استشاط غيظاً، فامر باعدام بطريرك القسطنطينية غريغوريوس وكان قد انهى لتوه القداس الالهي في عيد الفصح، شنقاً في ساحة دار البطريركية المسكونية، ثم القيت جثته في البوسفور لأنه كان اوضح للباب العالي ردا على الامر القاضي بردع البطريرك لليونانيين عن القيام بثورتهم وبأنه “لاحكم له عليهم ولن يستمعوا اليه”. فكان هذا مصيره.

قضت سياسة الدولة  ووكيلها والي دمشق احمد باشا بالقضاء على المسيحيين الذين سبق لعزيز مصر محمد علي باشا في حملته على بلاد الشام 1831-1840 الذين تعاطفوا مع حملته، وقد منحهم المساواة اسوة بمواطنيهم المسلمين، بعد ان كانوا في ظل العثمانيين مواطنين من الدرجة الثالثة، وممنوع عليهم فتح المدارس و ترميم كنائسهم المتداعية وليس حتى بناء جديدة…!

موقع دار البطريركية الارثوذكسية ومريمية الشام والمحيط مدمره في فتنة 1860
موقع دار البطريركية الارثوذكسية ومريمية الشام والمحيط مدمره في فتنة 1860

ثم اضطرت الدولة مرغمة بعد خروج المصريين ان منحتهم المساواة ذاتها، اضافة الى قوننة نظام المساواة بنتيجة حرب القرم 1856  والضغط  الاوربي وتحديداً الروسي، بما في ذلك الخدمة الالزامية للمسيحيين.

ولكنها سراً اوغرت صدور المسلمين للاقتصاص من المسيحيين الذين صاروا بضغط الاجانب مساوين لهم في الحقوق والواجبات، ولاسيما ان المسيحيين ارباب الحرف والصنائع المميزة ومنهم اغنياء…

بدأت الفتنة في حلب قبل دمشق عام 1850 والقلمون وبعلبك ومعلولا وقتل مطرانها زخريا الطاعن في السن في مدخل دير القديسة تقلا البطريركي، وكانت قد بدأت ماقبل 1845 في جبل لبنان بهجوم الدروز على الموارنة واحترق جبل لبنان برمته وتناول كل المسيحيين، وكان بشهادة المؤرخين المعاصرين بايعاز وتسليح من والي دمشق احمد باشا المذكور، كما احترقت زحلة ودير القمر وبيت مري واقضية حاصبيا وراشيا وصيدا ومرجعيون، ونكب المسيحيون بعددهم ودورهم ومصالحهم وكنائسهم واديارهم وتم ذلك بدعم الانكشاريين للقتلة وتوفير الحماية والدعم والاطعام لهم.

دور الامير عبد القادر ومساعيه لؤاد الفتنة

الحي المسيحي مدمراً في فتنة 1860
الحي المسيحي مدمراً في فتنة 1860

عندما قربت الفتنة من دمشق وضربت الغوطتين ودوما وعربين وحرستا ووادي بردى، طلب اميرنا الاجتماع بزعماء الدروز فوراً، وركب اليهم مع حاشيته وجنوده، واجتمع فيهم واثار حميتهم الدينية من اجل عدم البطش بالمسيحيين وفقا للدين الاسلامي الحنيف “فهم اخوتنا واهلناواهل ذمة” على قوله للمسلمين، وحصل على وعد منهم بذلك.

لكن كما يقول العلامة محمد كردعلي “ان أمر الله كان مقدراً” فضربت الفتنة واشتد سعيرها باشتراك هؤلاء الدروز الذين نصحهم وانذرهم وحصل على وعودهم بعدم الايقاع بالمسيحيين لكن الكارثة وقعت، وقضي على معظم مسيحيي الغوطة الشرقية في زملكا وحرستا وعربين ودوما وفرغت بتطهير ديني، وكان فيها الوجود المسيحي طاغياً، وكذلك في قرى وادي بردى وصولاً الى الزبداني وسرغايا التي أُبيد مسيحيوها.

وبعد اجتماعه الناجح بمشايخ وزعماء الدروز، اسرع فوراً للاجتماع بوالي دمشق احمد باشا ومجلس الولاية ومفتيها ومفتي دمشق وكبار اعيانها وعدد من المشايخ، وكلهم تعاطفوا مع الامير من اجل وقف الفتنة، لكنه لما شاهد ان الوالي امتنع عن ضرب المعتدين، لا بالعكس زاد بتصرفاته واعوانه من الكره للمسيحيين.

حّوَلَ الامير وهؤلاء الافاضل كل اهتمامهم لتخليص ما امكنهم من المسيحيين، اوصى الامير رجاله الاشداء بسلاحهم الكامل ان يحضروهم الى بيته تحت حمايته وايوائه واطعامه لهم( بَّيَّضَ الله وجهه…) وكان منهم تلاميذ مدارس الآسية الأرثوذكسية التي دمرها واحرقها الرعاع فوق رؤوس كادرها الاداري والتعليمي وقضى هؤلاء فيها، وباعجوبة  تمكن ناظر المدرسة ميخائيل كليلة من سوقهم بحماية جنود الامير العظيم  الاشداء مع الكثير من المسيحيين الى بيته في العمارة الجوانية، وبالرغم من حصار الرعاع لبيته احتجا على حمايته للمسيحيين  نراه قد خرج اليهم وانبهم بشدة فغادروا حانقين…

الكاتدرائية المريمية عام 1862 ولاتزال في طور اعادة البناء وبدون سقف
الكاتدرائية المريمية عام 1862 ولاتزال في طور اعادة البناء وبدون سقف

ارخ لهذه الحوادث بيومياتها ودقائقها ودور الامير في حقن الدماء كل من:

– ميخائيل مشاقة الذي جرح جرحا بليغا في باب توما في كتابه “مشهد العيان بحوادث سورية ولبنان”.

– شاهين مكاريوس في كتابه “حسر اللثام عن نكبات الشام”.

– العلامة محمد كردعلي في كتابه “خطط الشام” الجزء الثالث.

– الدكتور اسد رستم مؤرخ الكرسي الانطاكي بكتابه “تاريخ كنيسة مدينة الله انطاكية العظمى”.

– خريسوستموس بابا دوبولس في كتابه “تاريخ كنيسة انطاكية” تعريب الاسقف استفانوس حداد.

– الاب انطون ضو في كتابه “المحاضر الكاملة للجنة التحقيق الدولية في بيروت بين 1860-1862”.

لكن مستنداتنا  الاهم وهي ” الوثائق البطريركية” وخاصة ارشيفات دمشق وبيروت هي التي مكنتنا من تسليط الضوء اكثر وانشاء سيرة العديد من الشهداء وفي مقدمهم القديس يوسف الدمشقي كاهن المريمية  الذي كتبت سيرته وبموجبها أُعلنت قداسته في الكنيسة الارثوذكسية الانطاكية والعالمية، وبقية الكهنة الشهداء الخمسة من اصل سبعة كهنةكانوا رعاة مريمية الشام.

هذه الوثائق التي افادتنا اهداها اصحابها للبطريركية بعد الفتنة بسبب دمار المقر ووثائقه ومخطوطاته عام 1860،وقد صارت طعاما للنيران مع سكان المقر من الاكليروس واللاجئين اليه والمحتمين فيه.

كلمة وفاء وامتنان

ولايمكننا الا ان نذكر بالفضل والعرفان ليس فقط الامير عبد القادر ورجاله الجزائريين الاشداء بل ايضا مفتي الولاية طاهر باشا، ومفتي دمشق اسعد افندي حمزة وبعض المشايخ الاجلاء الذين ساروا مع اتباعهم لانقاذ من بقي من المسيحيين وحمايتهم منهم الشيخ سليم العطار، والشيخ سليم الكزبري، وصالح آغا شور، وسعيد آغا النوري، وعمر آغا العابد والسيد عبد الغني الميداني الذي توجه الى حي الميدان الدمشقي ودافع عن مسيحييه.

في ضوء ذلك وهو نذر بسيط نسأل من هو الامير عبد القادر؟

حشد القوات الاجنبية في ميناء بيروت استعداداً للانطلاق الى دمشق لوضع حد للمجزرة بحق المسيحيين
حشد القوات الاجنبية في ميناء بيروت استعداداً للانطلاق الى دمشق لوضع حد للمجزرة بحق المسيحيين

يعتبر الأمير عبد القادر أشرس من قاوم فرنسا في الجزائر، إذ دامت ثورته 17 سنة كاملة، هزم فيها جنرالات وأرغم آخرين على توقيع اتفاقيات هدنة معه.

لكن الأمير لا يُعرف بمقاومته لفرنسا فقط، بل أيضا بواقعة حماية المسيحيّين في سورية/ التي ذكرنا/ من بطش بعض المسلمين. كما قال موقع” اصوات مغاربية”:

“ولد الأمير عبد القادر سنة 1808 في قرية القيطنة بنواحي وهران، غرب الجزائر. ودرس في زاوية والده، محي الدين الحسني، شيخ الطريقة الشاذلية الصوفية حينها، فحفظ القرآن وتفسيره والحديث والمتون.

سافر عبد القادر اليافع بعدها إلى وهران حيث تعلم التاريخ والفلسفة والرياضيات والأدب العربي وعلم الفلك والطب، على يد كبار علمائها.

كما تعلم استعمال السيف وركوب الخيل، وهو في سن صغيرة، وبذلك جمع بين العلم والفروسية” و كان لهذه المجريات دور في صناعة شخصيته.

​​يصف المختص في تاريخ وفكر الأمير عبد القادر، محمد طيبي، شخصية الأمير عبد القادر بأنها “صوفية صافية، تلقت تعليمها في زاوية للعلم وحملت مشروع إصلاح الجزائر قبل الاستعمار”.

ويضيف طيبي، في تصريحه لـ”أصوات مغاربية”، بأن فلسفة الأمير “لا تتفق مع الحرب، بل هو إنسان يحب السلام، فلقد قال لملك فرنسا وقتها: “احتفظ بجيوشك وتعالوا لنتعاون في العلم والمدنيّة والأخوّة”، وقال أيضا:” لو أنصت لي المسلمون والمسيحيون لجعلت منهم إخوة ظاهراً وباطنا”.

عندما احتلت فرنسا الجزائر سنة 1830 كان الأمير عبد القادر قد بلغ الرابعة والعشرين من العمر، وكان سيداً في قومه بسبب علمه الغزير، لذلك قادهم لاحقا في عمليات تحرير البلاد من الاستعمار.

“كانت أولى معارك الأمير ضد الجيش الفرنسي معركة وهران، تلتها معركة أولاد إبراهيم ثم الغزوات ثم تلمسان، ولم ينهزم أبدا”، يقول أستاذ التاريخ في جامعة وهران، محمد الأمين بلغيث لـ”أصوات مغاربية”:

“كان الأمير يخوض حرب الكر والفر لإضعاف العدوّ، وكان يقطع خطوط الإمداد عنهم ويأخذ أسلحتهم وأحصنتهم، كما أسر آلاف الجنود. بيد أنه أظهر جانبا مميزاً في معاملة الأسرى، حسب الكتابات التاريخية التي رصدت تاريخه”.

ويتابع بلغيث: “فقد استحدث الأمير عبد القادر لائحة خاصة بمعاملة الأسرى، تضمن لهم حسن التعامل وتوفر لهم الغذاء، بل وخصص لهم بعض المال. ويصف المختصون  لائحة الأمير عبد القادر هذه بأنها (وثيقة الأسرى) التي سبقت معاهدة جنيف الدولية.

انتقل الأمير عبد القادر إلى دمشق مرافقاً بمن معه من العائلة والحاشية، وهناك كان على موعد مع قصة في  الترفع عن التعصب الديني.”

يقول الباحث محمد طيبي: “ضرب الأمير عبد القادر مثالا للإنسانية في التسامح بأخلاقه وأفعاله، عندما حمى آلاف المسيحيين (حوالي 11 ألفا) في منطقة باب توما بدمشق من المسلمين والدروز، الذين أرادوا إبادتهم”.

ويستطرد المتحدث ذاته راوياً تفاصيل الواقعة: “آوى الأمير مئات المسيحيين سنة 1860 في بيته وفي بيوت معارفه وحاشيته، ووقف في وجه المسلمين المتشدّدين في دمشق ومحيطها والدروز، فنال احترام الغرب بهذا الصنيع، إذ حظي بإشادة من قادة أميركا وملوك فرنسا وألمانيا وبريطانيا وروسيا”.

​​من جهته، يقول الباحث في التاريخ، محمد الأمين بلغيث، إن “الأمير عمل بثوابته ومبادئه، التي تدعوه إلى حماية الأبرياء مهما كان دينهم”.

“شخصياً أعتبره واحدا من مؤسسي القانون العالمي الإنساني، وواحدا من أصحاب فكرة المواطنة أوّلا قبل الدين وقبل العرق”، يردف المتحدث ذاته، وانا اعتبره كذلك…

ويضيف بلغيث: “لقد كان الأمير مثالا للتسامح ومحاربة التعصب حتى لو كان هذا التعصب صادرا عن أبناء دينه”.

وفي غمرة الحاضر الذي يشهد اعتداءات إرهابية وتنامٍ لنزعات التشدد،  يستحضر الكاتب الصحافي الشهير، روبرت فيسك، واقعة الأمير عبد القادر مع المسيحيين، معلقا عليها بالقول: “لمعرفة المعنى الحقيقي للإسلام، يجب أن ننظر إلى الماضي لا إلى داعش”.

وصف فيكتور هوغو الامير عبد القادر في قصيدة له بقوله:

“هو السلطان الذي وُلدَ تحت النخيل، رفيق الآساد الحمر، الحاج الشرس ذو العينين الهادئتين، الأمير المتأمل الضاري اللطيف، اللطيف الشاحب ذو البرنص الأبيض الذي ينقضْ وقد تعطش للتذبيح، ثم يهوي ساجداً في الظلام.”

اخوتي الكرام

اختم بالقول ان الحديث عن هذا العلم الوطني والقومي والانساني المؤمن لاتكفيه تلك الدقائق الخمس وقد حاولت ادارة الفعالية انقاصها الى ثلاث دقائق لضيق الوقت…!!! بل يحتاج الحديث عن هذا العلم الى وقفات مطولة لاعطائه حقه، ويكفي أنه كان مطرحاً لشهادات اشادت بمناقبيته  وارسل له ملوك فرنسا وايطاليا وروسيا وبروسيا واليونان ورئيس الولايات المتحدة… كتب شكر كانت من حقه لحمايته المسيحيين المنكل بهم بسبب دينهم…

واختم بالتالي بشهادة للمؤرخ شاهين مكاريوس

” انه وُجِدَ في وسط اولئك الوحوش، رجل عظيم المقام…كثير التمسك بفضائل الاسلام، شريف الحسب والنسب، امير ساد بالسيف كما ساد بالأدب، شهد الحروب والأهوال وفعل فيها فِعال الأبطال…علت نفسه عن دسائس الأتراك ومكائد المسلمين وافعال المتوحشين…

هو السيد السند، والفرد الأمجد، المليك الشهير عبد القادر الحسني الجزائري…

دمتم بخير احبتي.                                             د. جوزيف زيتون

 

 

 

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *