مدرسة الثلاثة اقمار ببيروت حيث تعلم

العلامة جرجي نقولا باز البيروتي نصير المرأة

 العلامة جرجي نقولا باز البيروتي نصير المرأة

 

جرجي نقولا باز (1881 – 1959) هو .

النشأة والمسيرة

ولد في بيروت عام 1881  والده نقولا باز من حفدة باز ابن سعد اليازجي واليازجي تعني الكاتب لذلك كان والده نقولا كجده سعد وهو كذلك صار كاتبا ولكنه تميز بنصرة المرأة حيث لقب ب”نصير المرأة”

وهو ابن لعائلة بيروتية ارثوذكسية اصيلة في ايمانها وفي خدمتها لأبرشية بيروت  للروم الارثوذكس وفي مجلسها الملي وجمعيات الابرشية.

تعلم  جرجي في  مدرسة الثلاثة أقمار الارثوذكسية. صار أديباً ومؤرخاً وخاصة في تاريخ الكرسي الانطاكي المقدس واعلامه،  وعمل في الصحافة البيروتية  وعرف بمساندته لقضايا المرأة العربية.

أصدر مجلة الحسناء ودعم قضايا المرأة العربية. ثم أصدر الكتب الثلاثة التالية

  • إكليل غار لرأس المرأة
  • الإنسان ابن التربية
  • المطران بولس الخوري، مطبعة دار الفنون: بيروت، 1948

اصدر مجلة الحسناء وهي مجلة دورية شهرية وقد استمرت لثلاث سنوات 1909-1912 وصنف “تاريخ النهضة النسائية في سورية، وسير أديباتها وأدبائها” لعله ما زال مخطوطا، و (آفات المدنية الحاضرة ) و (الإنسان ابن التربية ) و (النسائيات ) و (إكليل غار لرأس المرأة ) وترجم (الروضة البديعة في تاريخ الطبيعة ) و (الآداب ) مجموعة خطب، و (جان وماري ) قصة مترجمة، و (جبر ضومط ) ورسائل متفرقة في تراجم بعض معاصريه

كتب المحامي علاء السيد في تقديم المجلد الاول للحسناء:

 03-08-2020     4834 مشاهدة

“ربما من غير المعروف أن مجلة الحسناء اللبنانية الشهيرة هي مجلة شهرية قد زاد عمرها على المائة وعشر سنين وانها تأسست أواخر زمن السلطان عبد الحميد الثاني عام 1909 ومؤسسها هو جرجي باز الذي رافق اسمه ، في حياته وبعد مماته، لقب “نصير المرأة”. وهو من مواليد بيروت عام 1881م ـ  وقد كان اصداره لمجلة “الحسناء” بُعيد اعادة الاعتبار الى الدستور العثماني في 20 حزيران 1909م.

ويمكن تبين مواضيع المجلد الأول من الفهرس المرفق.

من كاتبات المجلة في بداياتها : وردة اليازجي ابنة ناصيف وأخت ابراهيم، استير الازهري مويال، وهي لبنانية يهودية، الدكتورة انسطاس بركات اول صيدلانية في لبنان وقد تزوجها باز بعد “زواجها” من مجلته، الأديبة الحمصية سلوى سلامه، أسما سيور، مريم زكا وهي اديبة صيداوية، وماري عجمي الصحافية والاديبة الدمشقية المتفوقة.

ومن الرجال كتب فيها الكاتب خيرالله خيرالله، والطبيب الشاعر نقولا فياض وتوفيق مفرج والصحافي الساخر سليم سركيس وخليل سعد والرسام خليل الغريّب وأمين الريحاني.

قال باز في مستهل افتتاحية العدد الاول: “احسن ما نصدّر به الحسناء حمد ودعاء. الحمد لله وللطبيعة وللأحوال على ما تأهلنا به لخدمة الامة. والدعاء بحفظ القوى وغنم الرضى واحراز الثقة ودوام النعم، لنستطيع الدوام في الخدمة. فقد عزمنا، بعد الاتكال على الله والاعتماد على النفس واستطلاع الآراء ونيل الاستحسان والتنشيط والوعد بالمؤازرة، على انشاء هذه المجلة للجنس اللطيف. لأن سوريا (بلاد الشام) خالية من مثلها على ما لها من المنافع وما لنا من الاحتياج اليها”.

كتب الباحث جان داية عنه في ملحق النهار الثقافي قائلا : باز انخرط في اكثر من محفل ماسوني. في العام 1937 منح محفل “السلام” التابع للمحفل الاكبر الاسكوتلندي جرجي باز “رتبة الفخرية العظمى” وانتمى باز ايضا الى محفل “فخر الدين” وتولى في مستهل 1946 وظيفة كاتم السر. توفي جرجي باز عام  1959م.

– كتب الباحث الاستاذ  جان داية  في ذكرى مرور خمسين سنة على رحيل جرجي نقولا باز

“مسبّع الكارات أسّس “الحسناء” وكان نصير المرأة

يستهل صاحبنا بيانه بمخاطبة ابناء الضاحية بهذه العبارات الادبية النوستالجية: “اول ليلة بتّها في بيتي تذكرتكم. وذكراكم عزيزة عندي. تذكرت مرتع شبابي. محط رحالي عشر سنين. عشّي المشرف على التوت والزيتون والسهل والجبل. اشجاري التي غرستها بيدي وسقيتها بعرق جبيني.

خروبتي التي على حطبها خبزتم ومنزلي الذي فاضت فيه روح ابي. الساقية والمريجة. تلال الجوار وأحراجها. البحر والنواعير. الجمعيات والمدرسة. المنتدى والمرسح. الخطب والروايات. الصيدلية مجمع المستنيرين في كل مساء. تذكرت كل ذلك فتأثرت”. ولم يخل البيان من “تربيح الجميلة” بمعنى انه يدير خده الايسر لمن ضربوه على الخد الايمن: “اؤكد لكم انني اتناسى تجنب البعض عني واساءتهم الظن بي ومقاومتهم لما كنت أود ان اخدمكم به لتوهمهم انني ماسوني او طبيعي وكافر وتذمرهم من حرية افكاري واتهامهم لي بالتغرض للأحزاب السياسية في ما بينهم وتعمد نشر الافكار المضرة بين شبانهم. واغتيابهم اياي ونسبتهم الشر اليّ”. واذا كان مضمون البيان يدل على اصرار كاتبه لاعلان الدور النهضوي الذي يلعبه في مجتمعه وعدم الاكتفاء بما يعلنه الآخرون عنه، فإن الاسلوب يؤكد الجملة القصيرة التي ضمّنها كل ادبياته في عصر شيوع موضة الجمل الطويلة جدا.

وكما لُقّب الريحاني بـ”فيلسوف الفريكة” واسكندر الرياشي بـ”الصحافي التائه” فقد رافق اسم باز، في حياته وبعد مماته، لقب “نصير المرأة”. فاذا كان لقب الريحاني في غير محله لأن إنتاجه متمحور على الأدب لا الفلسفة، فإن لقب “نصير المرأة” حفر وتنزيل كما هي حال لقب “الصحافي التائه”.

امضى باز معظم حياته في العمل والمطالبة بحقوق المرأة في لبنان وعموم بلاد الشام. ومن علامات نصرته الفارقة للجنس اللطيف، اصداره مجلة “الحسناء” بُعيد اعادة الاعتبار الى الدستور العثماني في 20 حزيران 1909. وكان موفقاً في انتقاء الاسم لدوريته، ليس فقط لأن كل امرأة تعتبر نفسها اجمل من جورجينا رزق، بل اولاً لأن “الحسناء” لا تزال تصدر حتى اليوم، وصاحبها الزميل رؤوف ابو زكي يحتفل بيوبيلها المئوي في هذه السنة.

وحيث ان المجلة نسائية، فقد حرص باز أن يذكر على غلافها الخارجي اسماء “نخبة الكاتبات” اللواتي تبرعن لها بمقالاتهن، وهن: وردة اليازجي ابنة ناصيف وأخت ابراهيم، استير الازهري مويال، وهي لبنانية يهودية، الدكتورة انسطاس بركات اول صيدلانية في لبنان وقد تزوجها باز بعد “زواجها” من مجلته، الأديبة الحمصية سلوى سلامه، أسما سيور، مريم زكا وهي اديبة صيداوية، وماري عجمي الصحافية والاديبة الدمشقية المتفوقة.

كتاب نور وأغاثة, جرجي نقولا باز
كتاب نور وأغاثة, جرجي نقولا باز

وحل اسم جوليا طعمة مكان اسم ماري عجمي في العدد الثاني من “الحسناء” الصادر في 20 آب 1909. وربما يعود غياب عجمي الى اصدارها في دمشق مجلة “العروس”. وجوليا التي اصدرت في اوائل عشرينات القرن الماضي مجلة “المرأة الجديدة” هي زوجة رئيس بلدية بيروت آنذاك بدر دمشقية، ووالدة السفير نديم والسيدة سلوى السعيد.

طبعاً، لم يقتصر التبرع التحريري على الجنس اللطيف. فالجنس العنيف كان له حضوره القوي في كل عدد. ومن الذين تبرعوا لباز بمقالاتهم وقصائدهم الكاتب الفرنكوفوني خيرالله خيرالله، والطبيب الشاعر نقولا فياض وتوفيق مفرج والصحافي الساخر سليم سركيس وخليل سعد والرسام خليل الغريّب وأمين الريحاني الذي نشر مقالته الشهيرة “هباسيا” في العدد 7 الصادر في 20 كانون الاول 1909.

تحت عنوان “حمد ودعاء وبيان” قال باز في مستهل افتتاحية العدد الاول: “احسن ما نصدّر به الحسناء حمد ودعاء. الحمد لله وللطبيعة وللأحوال على ما تأهلنا به لخدمة الامة. والدعاء بحفظ القوى وغنم الرضى واحراز الثقة ودوام النعم، لنستطيع الدوام في الخدمة. فقد عزمنا، بعد الاتكال على الله والاعتماد على النفس واستطلاع الآراء ونيل الاستحسان والتنشيط والوعد بالمؤازرة، على انشاء هذه المجلة للجنس اللطيف. لأن سوريا (بلاد الشام) خالية من مثلها على ما لها من المنافع وما لنا من الاحتياج اليها”. ربما قصد باز ان الدوريات النسائية كانت غائبة عن بيروت. “الحسناء” لم تكن باكورة المجلات النسائية عبر الحدود. فقد اصدر “الشوام” في مصر مجلات نسائية من مثل “مرآة الحسناء” لمريم مزهر (اسم مستعار لسليم سركيس) و”فتاة الشرق” للبيبة ماضي هاشم احدى اكرم المتبرعات لمجلة “الحسناء”.

لم يسلم نصير المرأة من انتقادات ومداعبات بعض الزملاء والأدباء.

نشر الاديب خليل تقي الدين بعض اقواله المأثورة في جريدة “الاحرار المصورة” عدد 6 كانون الاول 1927 تحت عنوان “فقاقيع صابون… المرأة… برسم السيد جرجي باز”. ومن اقواله غير المأثورة في نظر باز: “ينبغي عليك قبل ان تحكم على صدق المرأة واخلاصها ان تتثبت من صحة عقلك وسلامته”. اما صاحب الجريدة ورئيس تحريرها جبران تويني، فقد اطلق على باز في احد اعداد جريدته لقب راسبوتين. والجدير ذكره ان الراهب الروسي كان زير النساء الروسيات وبخاصة المقيمات في قصور القياصرة. وخلال تغطيته لاحتفال يوم المسلولين، لم يحصر الروائي والصحافي كرم ملحم كرم تحقيقه في وقائع الاحتفال، بل داعب احد المحتفلين الرئيسيين جرجي باز بكلمات جارحة. استهل كرم تحقيقه المنشور في جريدة “لسان الحال” 1 تشرين الثاني 1934 بقوله: “هذا وجهه! وجه من؟ وجه جرجي باز، الا تعرفونه؟ مسكين جرجي، لقد عاش الى زمن تجاهله فيه الناس. فليس من امرأة تذكره بالخير. وليس من فتاة تضحك له. فكلهن عنه في إعراض. وقد يكون السر في هذا الإعراض، ان صاحبنا شاخ وشاب”. ولما كان باز هو الذي دعاه الى مستشفى المسلولين حيث أقيم الاحتفال، قال كرم: “قد يكون أحسن جرجي لو دعاني الى مستشفى المجانين”. ولم يكن منسوب السخرية الجارحة والسمجة في الخاتمة ادنى مستوى من منسوبها في المقدمة: “كانت الشمس قد مالت الى المغيب. فالتفت اليها جرجي باز وقال: ليتني استطيع تقبيلك كما اقبّل وجوه الحسان. خبيث جرجي. لقد تفوه هو الشيخ المتصابي بهذه الكلمات، ولم يذكر اني الى قربه أنا اللدن العود، واني اولى منه بما قال. على اني أهب له وجه الشمس. فقد تحترق بتقبيل وجه الشمس شفتاه. وليت يحترق لسانه. فننقذ الكون من فلتات هذا اللسان وأذاه”. نشر صاحب الجريدة رامز سركيس التحقيق، ولم ينس ان يذيّله بالاعتذار الآتي: “جرجي باز هو الكاتب النسائي الناضج المعروف برحابة صدره ودماثة اخلاقه. وقد شاء الكاتب مداعبته، فغالى جدا في المداعبة. على انها مداعبة بريئة وإن تكن واخزة، ونحن نعتذر للاستاذ باز عنها إن يكن يرى فيها ما يسوءه”.

لم يكن باز نصير المرأة فقط. كان ايضاً نصير الرجل. يقول في رسالة مؤرخة في 13 تشرين الثاني 1911 وغير منشورة الى الشيخ الاديب والنائب الراحل ابراهيم المنذر: “سلام عليك وعلى ازاهر بستانك وعلى ثماره اليانعات، ثمار العلم والأدب دون التعصب والمذهب”. اضاف وكأنه كتب رسالته في العام 2009: “كيف انت والحرم؟ هل لامس تراب البستان (المدرسة التي كان يديرها المنذر) ومازج مواده، فقلّ الخصب وأجدبت الارض”؟ وقال: “اخبرني نسيب كان مصيّفا في بكفيا وعاد حديثا منها ان مطران الابرشية نهى الطائفة عن تعليم ابنائها عندك… وان الأمر تُلي في الكنائس”. وأخبر باز صديقه في القسم الثاني من الرسالة، انه ودع “من ساعتين الشيخ امين تقي الدين الى مصر (القاهرة) والدكتور نقولا فياض الى الاسكندرية وجميل بك معلوف الى باريز، ومن اسبوعين الريحاني الى اميركا، ومن اسبوع فليكس فارس الى حلب وداود (مجاعص) النور (مجلة “النور” لمجاعص) تذكّرني به كتبه اسبوعياً للعازار (اسكندر العازار) وباترو (باولي الشهيد) والداموري (الشهيد سعيد عقل) والعريسي (عبد الغني العريسي) وحميه. فمن يبقى يا ابا حبيب غير انصار مطرانك”؟ وطرح عليه الاقتراح الآتي: “هل لك بتأليف كتاب يزلزل رواسخ التقاليد الفاسدة البالية لنثير به الأفكار الجامدة، وانا الكفيل بنشره”. وهو طالب المنذر بالكتاب العتيد، لأن كتب “الشميل وفرح انطون والريحاني وجبران لا تكفي لاقامة النيام وكشف حجب العقول”.
ولم تكن دعوة باز للمنذر يتيمة. فقد دعاه في 3 آب 1925 للاشتراك في تأبين “فقيد الشرق العلامة سليمان البستاني بمناسبة وصول جثمانه الى لبنان”. وكان في عداد المتكلمين الشعراء حليم دموس وامين تقي الدين واحمد بك شوقي، اضافة الى مايسترو الاحتفال جورج افندي باز.

وفي المناسبة، فمن النادر ان لا يكون لباز قرص في اي عرس خطابي آنذاك، وعلى سبيل المثال، فقد اشترك الاخطل الصغير وفيليب طرازي وحسن بيهم في تكريم بستاني آخر هو المعلم بطرس، لمناسبة مرور مئة عام على ولادته. وباعتبار ان عدد المتكلمين ثمانية “فقد ارتأت اللجنة ان يكون كلام الخطباء والشعراء مختصرا موجزاً فلا يتجاوز النثر اربعة اسطر والنظم ثلاثة ابيات، عملاً بالمثل السائر: خير الكلام ما قل ودل”. فهل يقتدي شعراء وخطباء 2009 بنظرائهم في احتفال 1919؟

اشتهر مسبّع الكارات بكتابة سير مشاهير لبنان وبلاد الشام. ولما كانت صحافة الامس تختصر السير بعبارتين واحياناً بكلمتي “اجاد وافاد”، فقد رد باز بنشر السير في كتيبات مستقلة. وهكذا احتضنت المكتبات العامة والخاصة عشرات الكراريس التي روت سيرة جبر ضومط وسليمان البستاني وابراهيم المنذر والفرد سرسق واملي سرسق وفرح انطون وماري عجمي وماري يني والاميرة اسما ابي اللمع ونازك العابد ويعقوب صروف والاب لويس شيخو وسليم سركيس وغيرهم. واتسمت السيرة البازية بالكثافة والدقة والمعلومات المجهولة. ولولا باز لما تمكنت من كشف باكورة مقالات مؤسس “النهار” التي نشرها في مجلة “المنار” عام 1905 فضلا عن مقالاته الموقعة بأسماء مستعارة في جريدتي “باريس” و”نهضة العرب” الصادرتين في عامي 1908 و1909.

واذا كان باز ناجحا في الاضاءة على كل شاردة وواردة في الشخصية التي كتب سيرتها، فانه اخفق احيانا في انتقاء بعض الشخصيات التي خصّها بكراريس لمجرد حيازتها المال او الجاه او المنصب الديني الرفيع، لذلك تلقى رسالة توبيخية من صديقه سليم سركيس ردا على احد كتيباته التي ضمّنها سير بعض رجال الدين. قال صاحب “مجلة سركيس” في جوابه المؤرخ في 7 حزيران 1906: “طلبك مني مدهش جدا. لي ابنة عمرها 8 سنوات، والثانية 5 سنوات. لم اعمّدها حتى الآن، لأنني لا اعتقد انه يوجد كاهن من اية طائفة له استحقاق كاف يؤهله لوضع يده على رأسيهما. فكيف تنتظر مني ان اقرظ كتاباً كله كهنة وعن الكهنة. انا مستعد لخدمتك في كل شيء الا ما لفتني اليه بشأن هذا الكتاب. لأنني اكره أن أسعى في عمل مخالف لرأيي”.

وعلى ذكر السيرة، فقد ردت بعض الجمعيات النسائية على تحيات نصير المرأة بتحية مماثلة، فكلفت الاميرة اسما ابي اللمع كتابة سيرته، وربما يعود تكليف الاميرة اللمعية الى ان باز سبق وكتب سيرتها. والطريف ان الكراس الذي صدر في 1 ايار 1930 طبع في دمشق لا بيروت. فهل كانت الكاتبة مقيمة في عاصمة الامويين اسوة ببعض اللبنانيين خلال حقبة الانتداب؟

في سياق سيرة باز، اكدت كاتبتها انه “خدم الانسانية عضواً عاملا في ثلاثين جمعية وعشرين لجنة”. اضافت انه “اشتغل في السياسة حتى اعلن الدستور العثماني. ولما تحفزت سوريا للاستقلال قبل الحرب وبعدها اعتزلها منذ تقرر الانتداب”.

في الواقع، لم يكن دقيقا قول الاميرة ان باز اعتزل السياسة في مستهل الانتداب. ذلك انه اشترك مع نخبة من الصحافيين والادباء والسياسيين من كل الطوائف والمناطق في العام 1920، لتأسيس حزب “الاتحاد الديموقراطي” في بيروت، حيث نص احد مبادئه على الفصل بين الدين والدولة. وكان في عداد المؤسسين والمنتسبين بدر دمشقية وبولس الخولي والاخطل الصغير وامين تقي الدين والطبيب حسن الاسير الذي انتخب رئيسا للحزب. ولم تكن مصادفة اشتراك باز في تأسيس حزب سياسي علماني. فهذا المصلح الاجتماعي نشر عشرات المقالات التي ضمّنها ايمانه بوحدة امته وبفصل الدين عن دولتها. وعلى سبيل المثال يقول باز تحت عنوان “كفى” في مجلة “الحقيقة” البيروتية عدد 5 الصادر في 1 آذار 1906 “كفى تعصباً للدين وانحيازا الى غير يقين”. وعلى ذكر الحقيقة، فإن هذه المجلة التي كان يملكها الشيخ احمد عباس الازهري، حولها ابنه كمال الى جريدة يومية واصدرها فور حلول الفرنسيين مكان العثمانيين، وكرسها منبراً لمعارضة الاحتلال الجديد. وكان باز في طليعة محرريها المتبرعين. واستمرت تلك الصحيفة في الصدور بعد 1920 وهذا يؤكد ان باز لم يعتزل السياسة في ذلك العام. ومن مقالاته في الجريدة المعارضة “الوطنية” التي نشرها في عدد 25 ايلول 1919 وقال فيها: “يكفينا تمصر وتأمرك وتفرنس وتأنكلز… يا ايها الشبان، يا من تدّعون ان كل بلاد هي لكم أوطان، فتهاجرون الى مصر واوروبا واميركا وكل مكان، تاركين وطنا أحرى بمحبتكم اياه من كل بلاد واناسا اجدر بالانتفاع بكم من كل البشر”.
واشتهر باز في كتابة تاريخ الصحافة وبخاصة النسائية منها. وندر ان صدر مجلة نسائية الا ونشر فيها لائحة بالدوريات المماثلة. ولكنه ايضا نشر في مجلة “صوت الوطن” الشويرية حلقات عن صحافيي الشوير وعموم المتن الشمالي.

ومن اعمال باز في الحقل العام اشتراكه في تأسيس اول مجمع علمي في بيروت. وقبل ان يتبادر الى الاذهان ان المقصود هو المجمع الذي تأسس في العام 1928، أسرع الى القول ان باكورة المجامع العلمية اللبنانية يدعى “المجمع العلمي السوري” المؤسس في 1920، وكان الدكتور امين الجميل والد مؤسس حزب الكتائب، مشاركا في التأسيس ولسبب ربما يعود الى اسمه، عتم المؤرخون على اصله وفصله.
يبقى ان باز انخرط في اكثر من محفل ماسوني. في العام 1937 منح محفل “السلام” التابع للمحفل الاكبر الاسكوتلندي جرجي باز “رتبة الفخرية العظمى” وانتمى باز ايضا الى محفل “فخر الدين” وتولى في مستهل 1946 وظيفة كاتم السر.

ومن المؤكد ان قادة المحفلين، لو قرأوا رسالته الى الشيخ ابراهيم المنذر في العام 1911 لترددوا في الموافقة على طلب انتسابه. فقد قال في سياق الرسالة التي اقتطفت بعض ما ورد فيها سابقا: “دعني اسبّ دين اخوانك الماسون والعن الاخلاق في الشرق. فان الداء اخلاقي. وسواء تديّن الشرق او لم يتدين، ما زال الدين مجرد طقوس، والماسونية سبيل ربح” ¶

عن ملحق النهار الثقافي

 

  • Beta

Beta feature

  • Beta

Beta feature

  • Beta

Beta feature

  • Beta

Beta feature

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *